رواية غيبيات الفيروز الفصل التاسع 9
اللهم إني أستودعك بيت المقدس وأهل القدس وكل فلسطين. اللهم ارزق أهل فلسطين الثبات والنصر والتمكين، وبارك في إيمانهم وصبرهم. اللهم إنا نسألك باسمك القّهار أنْ تقهر من قهر إخواننا في فلسطين، ونسألك أن تنصرهم على القوم المجرمين.
اللهم اشف جريحهم، وتقبّل شهيدهم، وأطعم جائعهم، وانصرهم على عدوهم. اللهم أنزل السكينة عليهم، واربط على قلوبهم، وكن لهم مؤيدا ونصيرا وقائدا وظهيرا. سبحانك إنك على كل شيء قدير؛ فاكتب الفرج من عندك والطف بعبادك المؤمنين.
___________________
الفصل التاسع
كان الجميع يعرفون شجاعه ريحان جيدا و يدركون مهارته الفائقه في القتال،مقابل ناشد...فناشد مسخ لا يفلح في شئ و ليس لديه مهارات قتاليه فهو دائما يختبئ خلف الحراس و لم يحاول أن يقف رجلا لرجلا أمام أحدهما يوما ما.
زفرت ريحانه بحنق توضح له
-كان لازم تعمل كده و كانت رايحه معاه علشان تكمل الخطة اللي رسمناها بس انت اللي وقفتها احنا اللي غلطانين كان لازم نفهم صفا الخطة.
تنهد مطولا و نظر اليهم ثم تركهم و رحل لينظروا في أثره و يردف عصام
-ريحان عمره ما هيتغير عايز كل حاجه تمشي بقرارته مش هيقدر يتحمل ان غيره يخطط.
جائت في هذه اللحظة زينب بعد ما قابلت شقيقها يخرج مسرعا و طلبت منه التحدث و لكن لم يرد عليها. منذ لحظة دلوفها أثارت اعجاب عصام لدرجه ملاحظة نور لنظراته فتوجه مسرعا نحو يقول
-شكرا يا عصام باشا.ياريت تلحقه بدل ما يتهور و يعمل في نفسه حاجه.
اضطر عصام أن يمشي و لكن أصر علي التعرف عليها و بالفعل عرفته علي نفسها فانفرجت أساريره و مضي مسرعا يحدث أخاها أنه أعجب بها.
بعد خروجه استدعي أمير ريحانه في مكتبه لتدارس بعد الأمور و بقيت زينب مع نور الذي تحول الي كائن مخيف حين قام بلوى احدي ذراعيها و لصقها في الحائط يتحدث من بين أسنانه
-عجبك يا ست زينب؟
قطبت زينب جبينها قائله
-مين ده؟
همس بجوار أذنها كفحيح ألافعي
-عصام باشا صاحب أخوكي اللي شكله هيروح يخطبك منه دلوقتي.
شهقت زينب قائله
-ريحان!
كانت تنظر نحو الباب لينتفض نور من خلفه فلم يجده فعلم أنها تراوغه التفت اليها وجدتها فرت هاربه الي الغرفه المقابله انقض عليها قائلا و هو يحاوطها
-بتشتغليني يا زينبو؟
انفجرت ضاحكه
-أصل انت تستاهل بقي أنا هبص لعصام و أسيب نور عينيا.
اقترب منها قائلا
قلب نور و عينيه بحبك و بموت من الغيرة و الواد ده شكله غاوى.
ابتسمت له و كادت أن تتحدث ليبلع حروف كلماتها في جوفه و هو لا يستطع الصبر أكثر من ذلك فهي له منذ زمن.انتهت قبلتهم و هدأت انفاسهم لتتعالي شهقاتها من جديد
-ريحااان
ليبتسم نور بخبث و يقبل عليها أكثر يقبلها قبلات متفرقه و هي تحاول التملص منها و يقول من بين قبلاته
-ريحان مين تلاقيه بيدور علي فيروز و مش بعيد يكون عايز يعمل معاها كده بس هو بارد مش زىى أنا هتجوز علي نفسي و أنا واقف.
ليسمع من خلفه من يصرخ بغضب قائلا
-ده انت ليلتك سوده يا نور النهارده مني.
تقدم منهم ريحان بحماس المحارب يود تفريغ غضبه فيهم
-انتم الجوز محتاجين تتربوا احنا بنواجه حرب كبيرة و انت مكبر دماغك و عمال تبوس يا سيدي.
أظلمت عيناه و اختلط ظلامها بظلال الغابه و هو يرمقهم من بعيد و هم يتبادلون القبلات المحرمه.أظلمت مقلتي نور الحجريتان بالعهود التي قطعها علي نفسه بعدم الاقتراب منها و تضيعيها بجنونه اللانهائى هو مغروم بها و الجميع يعلم ذلك يود السكون اليها.رد بصوت رخيم علي ريحان
-لو ما اتجوزتش زينب بسرعه هخسرها و هخسركم و هخسر نفسي.
ثم تابع بنظرة متفحصه لزينب القريبه منه كمن تختبئ به عن بطش شقيقيها لتتفاجئ من تنبيه
-أن الأوان ان أنا و هي نكون عيله واحده و محدش يقولي مش وقته و ان في حرب و لازم نكسبها الأول.
لم يرد عليه ريحان و لكن سلط أبصاره علي زينب التي كانت ترتعد كمن تقف أمام والدها و ليس شقيقها
-انتي ايه اللي بتعمليه ده يا زينب مش مكسوفه من نفسك.طب هو مجنون تتجنني معاه افرضي عملتي مصيبه مين هيشتالها غيرنا و لا علشان هو ابن صاحب أبوكي.
صاح بها ريحان بعد ما اشتد غضبه عند رؤيتها تبادل نور القبلات
ردت زينب بتوتر و هي تتشبث بكف نور
-عايزة أتجوز نور يا ريحان و بابا و انتم مأجلين الموضوع مع ان المفروض كان يحصل من قبل ما سامر يرجع و حرفيا من يوم ما رجع و الدنيا بتتعقد.
اتسعت حدقه عيني ريحان بصدمه من جرئتها و صراحتها فصاح بغضب و عصبيه فيها
- لا ده انتي اتجننتي يا زينب. مش انتي زينب أختي اللي ربتها مع أبويا.دول بيعتبروني أبوكي و ولي أمرك ده لسه عصام طالبني منك.
ردت عليه بكل ثقه
-أيوه انت فعلا بابا لذلك أنا ديما بقولك يا أبيه و انت الوحيد اللي هتقنع بابا بارتباطنا .احنا فعلا مرتبطين بس ده كله كلام شرعا لا و من حق أي حد يطلبني للجواز.
انتفض نور عندما ذكر اسم عصام و توجه نحو ريحان يدفعه الي الخلف
-خد عندك عصام و أنا مش هلومه هو مش غلطان أعجب بيها زى أي شاب زى ما أعجب بفيروز فاكر انت وقتها كنت عامل ازاي أهو أنا كنت هولع فيها.
استمع كلا من ريحانه و أمير الي شجارهم فذهبوا اليهم ليجدوا الموقف بينهم علي جمر من النار و زينب تبكي و ترتعش نظر أمير الي ريحانه لتأخذها و تخرج.فخرجت بها و هي تبوخها علي ما حدث.و قام أمير بابعاد نور عن ريحان يهدئه قائلا
-اهدي يا نور قلت ليك ميت مرة الأمور دي مش بتتاخد كده. مينفعش يبقي في فرح في ظل الظروف اللي احنا فيها دي انت عايزنا نخسركم؟
-اهدي ؟أهدي ازاي؟انتم خليتوا فيا عقل؟دي بتتخطب. و أنا واقف مش قادر أقول حتي انها خطيبتي و بعدين احنا مش عايزين فرح احنا هنكتب كتابنا.
رد أمير بتردد
-أنا من الأول كنت حابب انكم تعملوا كده بس ذنبها ايه ريحانه و لا أمك دول ممكن يعملوا فيلم ان ازاي زينب و انت بالذات ميتعملش ليهم فرح.
رد نور بدون تفكير
-مقدرش أعمل فرح يا بابا في ظل الظروف دى و مقدرش أشوفها قدامي بتتخطف و أسكت أنا عارف انكم لا يمكن توافقوا علي أي حد بدالي.
تدخل ريحان بهدوء و جديه شديده
-يا نور.هي ليك و الكل عارف بكده حتي عصام أنا فهمته انك خطيبها.بس مش معني كده مرة أسمع انكم بتبوسوا بعض و المرة دي أشوف بعيني.
-خلاص أكتب كتابي أظن دي حاجه مش ممنوعه و دي ورقه رابحه للكل علي الأقل لو بوسه زى دي تبقي بحلال ربنا و هي كمان تبقي مرضيه.
*************************
علي الجانب الأخر أخذت ريحانه ابنتها زينب و رحلت لكي تعنفها علي ما بدر منها.هاتف امير نورا لكي تلحقها من براثن ريحانه فالكل يعلم غضب ريحانه.أمسكت ريحانه شعر زينب و اليد الأخرى تلولى ذراعها ،ثم استكملت تعنيفها
-ياريت بعد كده لو حب البيه المحترم ابن الأصول يشوفك يبقي يكلمنا و ياخد الاذن لان مفيش شغل تاني في الشركه
-سامر!
نعم ذلك الملعون جاء زائرا لشقيقه والده و شاهد تعنيفها لابنتها بسبب نور.هتفت زينب باسمه بتذبذب،فابتسم بتشفي قائلا
-في مشكله أقدر أحلها يا عمتي؟
التفتت ريحانه نصف التفاته قبل أن تهدر برفض
-شكرا يا سامر.
ثم مالت نحو زينب،تلوح بيدها أمامها بشرح مبسط و ابتسامة مصطنعه أن تصعد الي غرفتها.
دلفت نورا في هذه الأثناء لتجد زينب تفر امامها بحالتها المبعثرة تنظر الي ريحانه و من ثم الي سامر تشعر أنه السبب فيما حل بزينب لتردف
-خير يا جماعه في ايه؟مالك يا ريحانه متعصبه كده ليه يا ختي؟ و مالها زينب و مين اللي بهدلها ان شاء الله؟و انت اللي جابك هنا؟مش عوايدك.
ردت ريحانه رد مبسط فهي لا تريد اثارة الجدل أمام سامر
-مافيش يا نورا.أنا كويسه و زينب كمان. و سامر كان جاي يسأل عليا و مروح. يالا يا سامر مع السلامه سلملي علي ماما لما تتصل بيك.
تضايق سامر من أسلوبها فهي بالفعل تطرده و لماذا لأجل نورا صديقتها و بالطبع لأجل زيدان حيث أنه لا يطيق رؤيته.هز سامر رأسه بعدم ارتياح قائلا
-حاضر يا عمتي. وزى ما قلت ليك من شويه أي مساعده أنا موجود أنا زى ابنك برضه طالما هو قافل علي نفسه من ساعه موت جده. سلام.
رحل سامر لتنظر نورا في أثره بضيق ثم توجهت نحو ريحانه لتتحدث و ما زال سامر لم يخرج من باب المنزل لتوقفها ريحاتنه تشدد علي حروف كلماتها
-مش عايزة حد يعرف باللي حصل النهارده في المكتب و بالذات زيدان.احنا اللي فينا مكفينا و بالنسبه للبلوى اللي فوق و اللي عندك هنكتب كتابهم
***********************************.
بعد مواجهته لنور و أمير و عودته الي عمله و بمراجعه حديث أمير تذكر الحادث الذي تعرضوا له منذ فترة بمقارنته بحديث أمير معني ذلك أن الأمر مدبر،و الحادث كان ارتجالي،كل ذلك لينتج عنه أن نور كان يتجه الي القيام بليله حمراء مع أنثي مما جعل ريحان يبغضه و يبغض الزواج من شقيقته و لكنه تذكر كلمات والدته جيدا و هي تتحدث مع أهل البنت و هي الصديقه المقربه لابنتها
-مش بدل ما تنتقموا منه و هو مفيش دليل يثبت انه عملها،كنتم ربيتوها و علمتوها تبطل تتبلي علي ولا الناس.
كان ردها صفعه للجميع!ليعلم أن الهمجيه ليست سوى استعراض للقوة،حين يحدث العجز عن الهيمنه الفعليه
انتهي من عمله و عاد الي المنزل
-عامل ايه يا حبيبي؟ ريحان أنا مش عايزاك تربط اللي حصل في المكتب النهارده باللي حصل من فترة.نور برئ و أهل البنت اعترفوا بكده.
قالتها ريحانه بحنو و هي محتضنه ريحان
رد ريحان بعتب
-أنا كويس يا ماما، و فاكر اللي بتقوليه جدا.بس ديما مفيش دخان من غير نار.البنت اللي اتهمتوا في نفسها بقت أكتر صديقه له و ديما بتزوره.
ابتلعت ريقها بصعوبه و أردفت بألم
-يا ريحان دي صاحبة أختك و هي في ضيقه واحد بقي منه لله ضحك عليها و غرغر بيها و نور بيحاول علي قد ما يقدر يرجع ليها حقها.
نظر اليها بعبوس
-يعني ايه و مين الزفت ده و هي مش بترفع عليه قضيه ليها زى ما رفعتها علي نور الكلام مش منطقي يا أمي الغريبه انك دافعتي عنه زى ما يكون انتي عارفه مين اللي عمل فيها كده.
ثم استطرد قائلا
-ماما متخبيش عني حاجه من فضلك أنا مش بابا هتخافي عليه ليرتفع الضغط و لا السكر لا أنا ابنك و بعدين ليه مش بتستغلي مكاني و بتطلبي مني أرجع الحقوق.
-و أنا معرفش مين اللي غلط معاها نور رافض يقول هو مين و كل شويه يقولي هتصرف.المهم سيبك انت من نور و زينب هتعمل ايه مع فيروز؟
صمت و أشاح بوجهه الي الجانب الاخر لتتابع ريحانه بمرح
-أه كده أنا فهمت البت راحت في الوبا اما أقولها تلحق ترسم نفسها طالما بترسمنا كلنا أهو علي الأقل تبقي صورتها ذكرى جميله ليك انت بالذات.
جحظ بعينيه فهو لا يعلم عنها انها رسامه و تلك الموهبه قد تفيده مستقبلا
-يلا قوليلها..قوليلها كمان تبطل تتأمل في ملامحي لأنها متغيرة صعب أثبت علي صورة. و عيب أوى لما تصيع علي ظابط و تقعد تبص ليه علشان ترسمه.
أومأت بلا تردد يذكر ،فتابع موضحا و محددا عن أي زمان يتحدث،فكلاهما جنبا الي جنب و لكن بأرواحهم منذ ثلاثه لأربع أشهر.
-قبل ما أسيب هنا و أروح القاهرة في مأموريه،لما جيت قلتلك اني مسافر، و اني مش عارف هرجع امتي،أ و هشوفك تاني و لا لا،قلت
قاطعته و هي تحفظ ما قالته قبل ما يقرب من احدي عشر شهرا أو يزيد
-قلت لك اللقا نصيب. و لقائك بفيروز بعد ما رجعت نصيب. و لازم تتأكد من كده بلاش تكابر زى أبوك زمان لما كنت نصيبه و كان بيعاند.
***********************
مع نسمات صباح يوم جديد استيقظت فيروز بكسل و نظرت الي الهاتف وجدته يضئ باسمه فهبت واقفه
-يا لهوى هو بيتصل بيا ليه ياربي أنا ما صدقت أخلص منه و ينساني بقي.اوف أكيد طنط ريحانه مش هتهدي الا لما أكون معاه أعمل ايه؟
ارتعبت من الرد عليه و همست بخوف و هي تضغط علي زر الايجاب
-أنا اتصلت عليكي و انت فتحت السكه و قفلتها تاني.تحب أعملها معاك انت كمان و لا سماح المرة دي.أه انت مش أحسن مني يا أبو الشريط الأحمر.
أومأ و بابتسامته اليائسه تتشكل فوق شفتيه، وهو يضيف لكلماتها ما يقصده منها
-كنت بقول انك حكايه و هتعدي، و فعلا عدت من يومين...أنا بس مش عارف ازاي أبوكي مر عليه تلاتين سنه و هو حر بالشكل ده؟
صمتت تستمع اليه بانصات ،تستند برأسها للحائط خلفها، و أشعه الشمس تضرب عينيها فتظهر لمعه مختلطه بشجن في مقلتيها،لتتحدث تبتلع غصه في حلقها باختناق
-أنا كنت فاكرة ان كل حاجه عدت،بس عمرى ما نسيت كل لحظه مد ايده عليا فيها، و لا قرر يعاقبني علشان دافعت عن ماما أو أخويا الله يرحمه،بس بعد ما مات حسيت ان و لا حاجه عدت.
-هي ازاي والدتك ماحكتش ليا حاجه عن موضوع أخوكي ده؟و امتي مات و مات ازاي لا يكون أبوكي قتله ما هو مجرم و يعملها كل ده و كنت هتروحي معاه؟
أردف ريحان بهذه الكلمات و هو يستشيط غيظا،كادت فيروز أن ترد عليه لكنه قاطعها بغضب
-بتفكرى في ايه لسه واحد قتل أخوكي و كان بيعتدي علي أمك قدامك و كان بيضربك.للدرجه دي مفيش كرامه. و متقوليش انه أب ده عديم الانسانيه.
و استطرد بصوت أفزعها
-ساكته ليه؟علشان بتكلم صح؟أيوه انتي معندكيش كرامه كنت مفكر انك واحده بتراعي كرامتها ما أنا كنت قدامك راحه تتفقي مع عصام؟
توترت ثم أردفت برجاء
-كنت عايزاك ترجع تشتغل تاني يا ريحان؟و بعدين ما أنا كنت قدامك و طلبت منك تحميني منه انت كان ردك ايه فضلت ساكت و سرحان.
تحدث بجديه
-خلصانه طالما سكت يبقي موافق نظام سرحاني ملكيش فيه و لا كلية الفنون الجميله لحست مخك و بقت تخلييك تتأملي الناس و هي سرحانه؟
تنهدت فيروز بعمق ثم أردفت قائله
-خمس شهور و أنا بحاول أرسملك صورة و مش عارفه هل انت حزين و لا مرح و لا عصبي و لا حنين و لا عاقل و لا مجنون ملكش كتالوج.
-نعععم.بت انتي بلاش شغل الرسامين المجانين ده.الشغل ده تروحي تلعبيه علي أمي واحده بتاعت عطور و ورد فنانه زيك أنا لا فهماني؟
ردت فيروز بابتسامه خفيفه
-مش بقولك خمس شهور مش عارفه و أهو شخصيه جديده ظهرت أهي مغرور مش مسموح انك تسمع حد و أنا هسيبك كده و مش هبرر ليك حاجه.
عقد حاجبيه بتعجب شديد ثم أردف بسخريه
-و ايه الشغف في رسمي يا فيروز؟ايه وشي هيبقي الراعي الرسمي لمشروع التخرج.يالا يا بت ده انتي لسه ما اتخرجتيش و هتعملي عليا رسامه؟
ردت بحرج واضح و ظاهر في نبرتها
-معلش أصل مش معايا فلوس أكمل أخر سنه. وده اللي دفعني اني أشتغل عندكم في شركتكم بس انت لسه قايل أن أكتر واحده هتفهمني هي ماما ريحانه.
صمت ريحان لعده دقائق ثم أردف قائلا
-لامش هتشتغلي معاها انتي هتكملي السنه اللي فاضله و علي حسابي الشخصي و ممنوع الاعتراض لو اعترضتي انسي انك عرفتيني .
-للدرجه دي مش حابب تشوفني؟
شهق فجأه ا لقد صنعت فيروز من ريحان القوى العضلات قلبا أصبح هشا لا يريد فقدانها!قلب يريد أن يصرخ...يبكي...يشهق في لوعه علي فقدانها...يود خنق عنق والدها المسخ الذي لا ينتهي أبدا أو يقطع عنقه ليصبح بلا رأس
-انتي عايزة ايه؟
خرجت نبرته كنبرة عجوز يائسه ليشعر أن افتقداها يوم سيكون كألف عام
كادت أن ترد عليه لولا اقتحام والدتها صفا عليها الغرفه
-أنا عايزة أعرف طالما الهانم صاحيه بدرى سايبه البيت يضرب يقلب ليها و عماله تتساير في التليفون انتي بجد بقيتي ممله و معندكيش ذوق.
قالتها صفا لفيروز ببعض من العصبيه بعد ما سمعت أنها تتحدث في الهاتف مع أحد
ردت فيروز ببرود و هي تغلق هاتفها لانهائه المكالمه عندما سمع صوت صفا الغاضبه
-مافيش حاجه في البيت تتعمل أنا مظبطه البيت كله قبل ما أنام .أنا مقدرة عصبيتك و انك مفكرة اني بكلم بابا بس اطمني ده ريحان كان بيستجوبني.
ردت صفا بصرامه
-لا مش مفكرة انك بتكلمي أبوكي لأني عارفه ان لا يمكن تجرؤى بس مش علشان مطلعش أبوكي تردي حتي علي ريحان اتلمي يا فيروز.
ابتسمت لها فيروز باستفزاز و أردفت قائله
-خلاص دلوقتي كمان ريحان ممنوع مش ده ريحان اللي انتي مستعده انك ترميني في سكته علشان يوصل لأبويا و يحرقه مالك يا ماما ؟
زفرت صفا في نفاذ صبر قائله
-يا فيروز أنا عمرى ما هرميكي في سكة حد أه عارفه انه بيحبك بس في نفس الوقت متأكده ان زيدان رافضك مش عايزة حد يقول صفا بترمي البت عليه.
ردت عليها فيروز و هي تتجه نحو المطبخ لتقوم بتحضير الافطار
-و لا أنا كمان و لا هو ده حتي رفض اني أشتغل مع أمه و الحجه اني لازم أخلص أخر سنه قالي يعني مهتم الظاهر ان دي أوامر زيدان .
ثم استطردت بحزم
-يالا يا أمي تعالي نفطر و هنزل بعد كده أدور علي شغل بعيد عنهم طالما معنتش لازماهم. و أرجوكي بلاش تعترضي و لا تروحي تقوليلهم.
خرجت صفا من المطبخ و هي تهتف لنفسها باصرار
-بردو هقول يا فيروز لأني مش مش ضمناكي حساكي بتكذبي عليا و بتقولي كده علشان تبعدي عن العيله دي و الحجه كلامه هو اللي عايز كده كان قالي.
***
هي لا تكترث لدنيا تعاندهم،هي تصر في كل مرة ان تضع صوب عينيه حقيقه و وعد،عقد و ميثاق،يتمثل في قول بسيط
-انا جنبك،مهما ان كنتي مين.
انتهزت فرصه خروج والدتها للعمل و ذهبت لتقابله
-ها قولتي ايه؟مصممه برضه تشتغلي عند أمي و تسيبي السنه اللي فاضله .عموما براحتك أنا مش بحب أجبر حد علي حاجه خصوصا لو الحد ده غريب عني.
صمتت فيروز عده دقائق بعد ما قاله كيف يريد استكمال دراستها و بنفس الوقت يعلمها أنها غريبه بل هو الغريب يهتم و يدعي عدم الاهتمام.قطع تفكيرها صوته
-كملي يا فيروز أحسن من شغلك كده مش هتثيرى الشك و هيفكر انك بعدتي عننا و هيشيلك انتي و والدتك من حساباته لكن طول ما انتي قريبه هيبقي صعب يقع.
شعرت بسخريته منها فردت بضيق
-ما هو أنا علشان أكمل لازم أشتغل علشان يبقي معايا فلوس.أنا لو عايزة أكمل مش هستني أمر عسكرى لا منك و لا من زيدان أبوك و لو علي البعد هبعد.
رد عليها بجمود
-انتي شايفه نصيحتي ليكي أمر عسكرى خلاص سميها زى ما تسميها بس انتي مش قدامك بديل غير كده و هتعمليه غصبن عنك أنا أقدر.
ردت بتعجب
-طب و هتقدر ازاي انت لا أبويا و لا أخويا و لا جوزى أعتقد دول تلات أفراد ممكن يتحكموا في حياة أي بنت انت و لا واحد من دول .
صرخ في وجهها بغضب
-ملكيش فيه أنا لما أقول أقدر يبقي أقدر أنا ممكن أخليكي تعملي اللي في دماغي و انتي كمان راضيه و مبسوطه و بعدين متنكريش انك فرحانه.
شهقت بخوف ثم ردت بنبرة تحمل في طياتها الرعب منه
-أه فرحانه و أنا هنكر ليه أنا بس كان نفسي أعرف ايه الغرض من القرارات دي و مين اللي وراها لأن لو اللي وراها والدك فأنا برفض .
تعجب من خوفها المفاجئ منه لكنها كانت من داخلها تبتسم و تحدث نفسها قائله بخبث
-بقي بتزعقلي يا ريحان طب قابل بقي فاكرني أمك ريحانه لما كانت بتخاف من جيمس بوند أبوك لا انسي يا بابا لا أنا ريحانه و لا انت زيدان.
لاحظ شرودها فقال
-تقدرى توافقي علي القرار و انتي مرتاحه لأ، ده صوت دماغي و حذارى يا فيروز تلفي من ورايا و تروحي تتفقي مع عصام و لا نور .
توترت ليستطرد قائلا
-و امي كمان بلاش تاخديها حجه علشان تتكلمي مع عصام و لا نور و لا أي حد غيرهم ابتديت أحس لو ليكي سكه مع سامر هتكلميه هو كمان.
ثم أكمل بصرامه
-يالا أنا اتأخرت كتير و انتي كمان بلاش والدتك تاخد بالها انك بتخرجي من وراها و تسود عيشتك مش انتي خارجه من وراها بردو ؟
نهضت و قبل أن ترحل مدت يدها تصافحه بامتنان
-شكرا علي كل حاجه بتعملها معايا سواء هيكون ليك مصلحه من وراها أو لوجه الله .شكرا علي وجودك في حياتي أنا و ماما. و اللي بتعمله ده هيكون دين في رقبتي.
هز رأسه بصمت و شرود ثم بدأ في الاطلاع علي الأوراق التي سقطت من حقيبتها عندما قابلت والدته و عصام و نور للاتفاق و قامت والدته باعطائهم له.
*******************************
•تابع الفصل التالي "رواية غيبيات الفيروز" اضغط على اسم الرواية