رواية ملاك يغوي الشيطان الفصل العاشر 10 - بقلم مايسة ريان
أستيقظت زينة أثناء الليل دون أن تعرف سبب أستيقاظها ..
كانت الغرفة مضاءة بنور القمر فجعلها هذا قادرة على الأبصار ..
لمحت على المنضدة الموضوعة بجوار الباب صينية عشاء .. لابد وأن أحدهم قد أحضرها وهى نائمة ولكنها لم تكن جائعة أكثر من حاجتها الى النوم والراحة وتفضل العودة الى النوم , تكورت وحضنت نفسها بذراعيها تلتمس الدفئ فهناك لسعة برد قد تكون هى التى ايقظتها من نومها فنهضت عن الفراش وتلمست طريقها الى الخزانة ووجدت بداخلها غطاءا صوفيا مطويا فأخذته وتلحفت به وبسرعة سرى الدفئ فى جسدها وغرقت سريعا فى النوم من جديد . وعندما أستيقظت فى المرة الثانية .. كان نور الصباح موقظها هذه المرة دفعت عنها الغطاء وطوحت قدميها الى الأرض فآلمها الجرح وشد عليها فوقفت وهى تأن .. وجدت علبتى دواء فوق صينية العشاء فتناولت قرص من كل علبة ثم تركتهما على المائدة الصغيرة وحملت صينية العشاء التى لم تمس وخرجت الى المطبخ وتركتها هناك وبعد أن غسلت وجهها فى الحمام الصغير بجوار حجرة الجلوس صعدت الى السطح ..
كان القارب يشق طريقه فى الماء بسرعة .. وقفت زينه تمسك بحاجز المركب رافعة وجهها الى أشعة الشمس المشرقة لتسمح لها بأن تداعب وجهها بأشعتها الدافئة وخامرها أحساس جميل بالحرية وأنها تطير مع الهواء والذى يجعل شعرها يرفرف وراء رأسها .
******
قررت زينه أن تجعل من نفسها مفيدة فهى ليست ضيفة هنا على أية حال فقامت بترتيب المقاعد على السطح ثم نزلت الى المطبخ لتنظيفه .
بالتأكيد بيدرو هو من يقوم بعملية التنظيف فهى لا تتخيل السيدات الأنيقات المرفهات يقومن بأعمال مثل التنظيف والطبخ , وعندما انتهت زينه من ترتيب المطبخ بدأت بتحضير ما ستحتاج اليه لأعداد الفطور .. كانت قد أخذت دورات تدريبيه فى العمل بالخدمة فى المطاعم واكتسبت بعض الخبرة من عملها فى الفندق فلم تحتار أثناء تحضير ما ستحتاج اليه لأعداد طعام الأفطار وهى على معرفه بأنواع وجبات الفطور التى يفضلها الأثرياء وطريقة أعدادها .
نزل ادم الى حجرة الجلوس آتيا من السطح ودهشت زينه فقد ظنت أنهم جميعا نيام وبنظرة سريعة منه فى المكان فهم ما قامت به وقال بجفاء دون أن يلقى عليها تحية الصباح
– اذا كنت ستقومين بتحضير طعام الأفطار فاجعليه لأربعة أشخاص فقط .. السيدات هنا لا يستيقظن باكرا .
هزت رأسها بطاعة فتابع بلهجة تحذير
– وأنتبهي .. لا يجب أن تميلى على حاجز المركب بتلك الطريقة التى فعلتها منذ قليل .. من حسن حظك أنه يسير بسرعة بطيئة فلو كان بسرعته الطبيعية لسقطت فى البحر وما أنتبه اليك أحد .
أنهى جملته ثم تركها وصعد الى السطح مره أخرى , لقد رآها فى الوقت الذى كانت تظن نفسها وحيدة , كان يجب أن تعرف أن هناك من هو مستيقظ فالمركب لا يقود نفسه .
كانت زينه منهمكة فى تحضير الفطور عندما استيقظ حميد وفراس وألقيا عليها تحية الصباح ببشاشة مما رفع من معنوياتها قليلا بعد معاملة آدم الجافة لها .
وضعت الأطباق أمامهم على المائدة التى حضرتها على السطح وكان بيدرو قد أنضم اليهم , أثنى فراس وحميد على الطعام كثيرا فى حين أكتفى آدم بهزة رأس لم تفهم منها شيئا وشكرها بيدرو وأبتسامة سعيدة على وجهه فقد خففت عنه بعض من عبئ العمل الذى كان يقوم به فأبتسمت له
– نحن جميعا نشرب القهوة ثقيلة ومن دون سكر .
أجفلها صوت آدم الحاد وجعلها تعود الى المطبخ حانقة .. انه حتى لم يدعوها لمشاركتهم الطعام مثل بيدرو .. هل لأنه يراها أقل منه مقاما ؟ صنعت لنفسها شطيرة وكوب شاى قبل أن تحضر القهوة فلينتظر قليلا فهى ليست خادمته وان كانت قد تطوعت ذوقيا منها لتحضير الفطور فليس معناه أن يعاملها كخادمة .. ولكنها عادت وفكرت أنها لا تستطع الأعتراض فهى هنا متطفلة عليه وعلى أصدقائه ويجب أن تدفع ثمن أقامتها .
وجدت آلة لصنع القهوة السريعة وكانت قد وضعت الأكواب فى الصينية وبدأت بصب القهوة عندما فوجئت بحميد يقف أمام البار ويبتسم لها أبتسامة ساحرة كان من الممكن أن تتأثر بها لولا أنها تعرف حقيقته جيدا , قال
– هل تحتاجين للمساعدة ؟
ردت بسرعة كانت فظة
– لا .. شكرا لك .
رفع حاجبيه بدهشة وكانت قد أنتهت من صب القهوة حين قال بجدية
– انت لا تحبيننى أليس كذلك ؟
أرتبكت وقالت دون أن تنظر اليه
– أنا أسفه ان كان قد وصل اليك هذا الأنطباع منى .. أنا لا أكرهك سيدي .
قال بصراحة
– كنت تختبئين فى حجرة أدوات الغطس عندما كنت مع كاميليا هناك .. لقد رأيتنا وسمعتنا ولا ألومك ان أخذت هذا الانطباع السئ عنى .. ولكنك تظلميننى .
دهشت زينة من أستخفافه بما فعل بصديقه فأستفزها لترد عليه
– أظلمك ؟.. كنت تخون صديقك مع زوجته وتقول اننى أظلمك ؟
– ولماذا لا تقولين انها زوجة خائنة قامت بأغواء صديق زوجها .
ردت وهى مصدومة من رده
– وانت هنا برئ مغلوب على أمرك أليس كذلك ؟
دهشت عندما ضحك بمرح وقال بأبتسامة صبيانية
– لست بريئا جدا فى الواقع .. فأنا ضعيف أمام النساء ولست معتادا على رفض دعوة صريحة من أمرأة جميلة .
– وماذا عن صديقك أليس له أى أعتبار لديك ؟
هز كتفيه بأستخفاف وقال
– هو الملام .. من يتزوج أمرأة مثلها ويعرف عنها ما يعرفه لماذا يلوم الأخرين اذا ما أخذوا ما يعرض عليهم .
ابتئس وجه زينة فرقت نظرات حميد ومال على البار قائلا
– صدمت من كلامى أليس كذلك ؟ .. انت صغيرة وبريئة .. وآسف لأن أخبرك ان الحياة ليست كما كنت تظنينها .. وأعتقد أن تجربتك الأخيرة خير دليل على ذلك .
ثم مد يده ولمس يدها بأنامله فأجفلت وسحبت يدها بسرعة فاصطدمت بأحد أكواب القهوة فأنسكب بعض من السائل الساخن على أصابعها فصرخت , أسرع حميد الى جانبها وأمسك بيدها المحترقة وهو يتمتم بعبارات الأسف
– أنا آسف حبيبتي لم أقصد أجفالك .
جاء صوت ادم باردا كالثلج من خلفهم
– ما الذي يحدث هنا ؟
اخبره حميد دون أن يستدير اليه
– لقد أحرقت القهوة يدها .
دخل ادم الى المطبخ نافذ الصبر مزيحا حميد عن طريقة بفظاظة واخذ أناءا عميقا وملئه بالثلج .. كانت حركاته عنيفة وسريعة وجعل زينة تنكمش وتنسى الألم فى أصابعها كما أبتعد حميد عن طريقه بدوره , فقال له ادم بحدة
– فراس ينتظر القهوة .. ألم تقل انك آتى لأخذها ؟
تمتم حميد بخفة متجاهلا فظاظته معه
– نعم فعلت .
ثم صب فنجانا آخر بدلا من ذلك الذى سكب وحمل الصينية وصعد بها الى السطح تاركا زينة تحت رحمة من لا يرحم .
وضع ادم الأناء فى المجلى وملئه بالماء ثم سحب يد زينة بقسوة لا داعي لها ووضعها فى الماء المثلج فشهقت من برودتها وصعدت الدموع الى عينيها وقالت محتجة بعد لحظات
– هذا يكفي لقد تجمدت أصابعي .
تركها لتجفف أصابعها بمنشفة ورقية ووقف ينظر اليها للحظات ثم قال
– أرجو أن تمر الأيام القليلة التى سوف تقضيها معنا من دون مشاكل .. وهذه المرة أنا لا أنصحك .. بل آمرك بأن تبتعدى عن طريق حميد .. فلا تظنى أنه رجل يكتفى بالنظرات البريئة .. فهو يسعى وراء أى شئ يرتدى تنورة حتى وان كانت مكنسة .. وأوامرى تلك تشمل بيدرو كذلك .. فهو شاب وحيد بيننا وصغير وسريع التأثر .. فأرجو منك أن تقللى من ابتساماتك التى تقومين بتوزيعها يمينا ويسارا من دون سبب .
أنهى كلامه وأنصرف كعادته دون أن ينتظر ردها وشعرت زينة أنها بدأت تكرهه .
****
تلك الفتاة أثارت غضبة بأكثر من طريقة منذ معرفته بها ..
وان صح أستنتاجهم وكانت قد أنهت حياتها بأن ألقت بنفسها فى البحر يكون هذا رحمة بها نظير ما كان سيفعله بها عندما يراها .
أستقبلته فريدريكا بالعناق
– حبيبي تأخرت .
– أنه العمل .
أجابها بكلمة واحدة وهو يحل ذراعيها عن عنقه ويتفادى شفتيها التى كانت تطالب بشفتيه فهو ليس بمزاج لهذا , تأففت فريدريكا وهي تلحق به الى داخل الصالون الصغير التابع لليخت
– ماذا فعلتم ؟
كان زوج فريدريكا قد لحق بهما ووقف صامتا بجوار الباب , أجابته
– كل شئ على ما يرام .. الوفاة سجلت على أنها حادث .. فقد الرجل توازنة واصطدمت رأسه وهذا الى حد ما حقيقة ما حدث .. زوجة الرجل بعد حوار صغير بيننا وافقت أن الشكاوى القضائية قد تضر بسمعة عائلتها .. وبالطبع أضطررنا أن نودع ضيوفنا مؤقتا .
هز رأسه مستحسنا ثم قال
– والفتاة ؟
تقدم زوج فريدريكا الى الداخ وتناول فردة حذاء عن المنضدة ورفعها أمام وجه خالد
– هذا ما تبقى منها .. وجدناه فى الماء .
مط خالد شفته بأمتعاض .. موتها سوف يكون عقبه وسوف يتم تأجيل زواجه من زينة .. غلى حقده عليها من جديد أثناء حياتها وبعد موتها .
قال زوج فريدريكا بسخريته المقززة للنفس
– ولكن أحبرنا .. لم تعتاد على أرسال فتيات بريئئات الى هنا ودائما ما تحتفظ بهن للمزاد .. فما الذي تغير هذه المرة .
رفع خالد أحد حاجبيه بسخرية
– بريئة ؟؟ من قال ذلك ؟
– هي من قالت ذلك .
– لا تشك أبدا .. مهمتي أن أتأكد من أنهن لم يعودوا كذلك .
فتح الباب وخرج وهو يفكر .. سوف يقوم بالأتصال بزينة لكي يعرف منها مدى معرفتها بمكان أختها ومن ثم يحاول أن …
ظهرت نجلا فجأة أمامه وصاحت فى وجهه بأنفعال
– أنت لن تتركها تفلت بفعلتها هذه أليس كذلك ؟ .. سوف تعاقبها لمخالفتها أوامرك.
أكمل خالد طريقه مزيحا اياها من أمامه وهو يقول ساخرا
– أعدك انه عندما نجد جثتها سوف أمثل بها من أجل خاطرك .
– لا .. ليست زينة من يستحق التمثيل بجثتها .
توقف خالد بغتة وللحظة أغلق عيناه بقوة وسحب نفسا عميقا قبل أن يستدير مواجها نجلا
– من قلت ؟ .. زينة ؟ .. وما علاقتك أنت بزينة ؟ .. ما دخل زينة بالأمر هنا ؟
ترقرقت الدموع فى عينا نجلا فقد تأثرت بالفتاة التى أرتكبت جريمة قتل ومن ثم ألقت بنفسها فى البحر لكي تحافظ عل شرفها
– لأن زينة من كانت هنا .
للحظات شل عقله عن التفكير واشتعلت به النيران ثم عاد بخطوات سريعة الى الصالون , تفاجأت فريدريكا بمظهره المتوحش
– ما أسم الفتاة التي كانت هنا ؟
أسرع زوج فريدريكا وتناول جواز سفر كان على المنضدة بجوار فردة الحذاء وناوله له وهو يحدق فى وجه خالد بفضول وكذلك فريدريكا .
وقعت عيناه على صورتها وفقد وجهه كل نقطة دماء به .. رفع خالد وجهه ونظر الى فريدريكا وقال بهدؤ قاتل
– ليست هذه هي الفتاة التى أرسلتها اليك .
– الفتاة الأخرى لم يكن من الممكن استخدامها .. أرتنا ما يثبت أنها حامل وقالت أن أختها على أستعداد لأن تحل محلها وقد وجدناها مناسبة خاصة وأنها من طرفك كذلك .
نزل كفه بصفعة قوية على وجه فريدريكا التى ترنحت الى الخلف وهي تشعر بالذهول ولم يتحرك زوجها نحوها بل تراجع الى الخلف بهدؤ ووقف يتابع ما يحدث بنظرات حادة .
تحرك تجاهها بوحشية
– لماذا لم تتصلي بي .. كيف تسمحين لنفسك أن تتصرفي بأمر كهذا دون علمي .
– لم يكن الأتصال بك ممكنا وأنت تعرف ذلك .
صفعها مرة أخرى وبقوة أكبر جعلتها تصرخ , توتر زوجها ولكنه ظل فى مكانه وقد استدار اليه خالد وقد خطف الحذاء وضغط عليه بقوة قائلا
– هل هذا فقط ما وجدتوه ؟
هز رأسه ايجابا فقال خالد وعيناه مشتعلتان بلون أحمر كالدم
– أجمع لي البحارة .. جميع من باليخت بلا أستثناء .
لن يسلم أبدا بحقيقة موتها الا اذا رأى جثتها بأم عينيه .. وقتها فقط سيحرق الأخضر واليابس ولن يرحم أحد .
****
كان فراس الأفضل من بين الجميع .. طيبا وبشوشا ومضيفا كريما عرض أن يأخذ زينة فى جولة على القارب للتعرف عليه ولأنه لم يكن ضمن قائمة الممنوع عليها التعامل معهم قبلت بعرضه ولكنها لاحظت أنه تجنب أخذها الى كابينة القيادة حيث المقر الدائم لآدم .. وبرر لها ذلك بقوله
– ان آدم لا يحب أن يحوم احدا حوله وهو يعمل .
وشرح لها نظريا كيف يقومون بالأبحار بالمراكب الشراعية الحديثة وضحك عندما سألته
– أين الحبال التى تربطون بها الأشرعة ؟
صحح لها معلوماتها البدائية قائلا
– الاشرعة الحديثة مصنوعة من ألياف الكربون حتى تظل مثبته بالصارى مثل الأجنحه وهى تكون متصلة بأسلاك ويتم التحكم بها أليكترونيا عن طريق وحدة تحكم مركزية ويكفى شخص واحد فقط للأبحار بمركب شراعى بهذا الحجم حتى دون الحاجة للتواجد وراء الدفة .. سأريك اياها مرة .
– فى وقت لا يكون فيه السيد آدم هناك .
ضحك فراس وقال
– هذا صحيح .. حتى نحن أصدقاءه أحيانا نجد صعوبة فى التعامل معه .
سرت زينه بالوقت القليل الذى خصصه لها فراس فقد تجاهلها الجميع ماعداه وفى المساء قامت زينة بمساعدة بيدرو فى تحضير العشاء وأبدى الشاب سعادته برفقتها
– أنا سعيد بأنك هربت على مركبنا .. فأحيانا كثيرة كنت أشعر بالملل وحدي .
سألته زينة وهي تناوله قنينة الزيت التى طلبها
– من أين أنت تحديدا .. أسمك اسباني ولكنك تتحدث العربية جيدا .
– أنا نصف مغربي من جهة أمي ونصف اسباني من جهة أبي … والدي كانا يعملان لدى أسرة السيد حميد وهي من الأسر المغربية العريقة ويتنقلون ما بين اسبانيا وموروكو وهكذا تقابل والدي وتزوجا .
ابتسمت زينة وقالت
– وهل هذا القارب ملك للسيد حميد ؟
– لا أنه ملك للسيد آدم .. ولكن حميد هو من رشحني للعمل معه بعد أن أنهيت فترة تطوعي بالبحرية الأسبانية وتقاعد القبطان علي الذي كان يعمل هنا قبلي .. سيد حميد أراد أن يساعدني فأنا مقبل على الزواج .
– تهانئي لك .
– شكرا .. وقد وعدني أن يجد لي عمل دائم عندما تنتهي الرحلة .
دهشت زينة من الحب والأحترام الذي ظهر فى كل كلمة قالها بيدرو عن حميد وهذا يخالف وجهة نظرها عنه .. فهي تراه فاسقا بلا أخلاق .. وكما أمتدح حميد ذم فى شقيقته جليلة
– أنها متعجرفة على عكس بقية عائلتها .
وأخبرها وقد أخفض صوته وهو يقول
– لقد كانت متزوجة من أميرا اسبانيا .. اعلن اسلامه وتزوجها ضد رغبة عائلتها فقد كان يكبرها كثيرا فى العمر وما سمعته من والدي أنه كان يعاملها بطريقة سيئة جدا وقد مات منذ عامين فعادت لتقيم مع عائلتها .
وهنا عرفت زينة لماذا قدمها لها فراس على أنها أميرة .
ودون أن تسأله عن المزيد تطوع بيدرو فى اخبارها عن بقية الموجودين ..
– الثلاثة أصدقاء دراسة .. آدم شخص جيد وهو رب عمل غير متطلب ولكنه يعاني من مشكلة مع مزاجه أحيانا .. فعندما يغضب يثور كالبركان ويصير مرعبا .. لقد تسببت فى تعطل محرك القارب فى اليونان فكاد أن يقتلع رأسي .
أتسعت عينا زينة بخوف فضحك قائلا
– لا تخافي .. تجنبي فقط اغضابه وستكونين بخير .
ثم أخبرها عن فراس
– أنه كريم جدا .. طيب ومتواضع الى أقصى حد على عكس زوجته .. أرى أنه يستحق من هي أفضل منها .
أبتسمت زينة بحزن .. فكاميليا تشبه كثيرا نبيلة ومن على شاكلتها فسألته
– ونيكول .. أنت لم تخبرني شيئا عنها .
قال ماطا شفته السفلى
– أنها ليست سيئة جدا .. لطيفة ولكنها تسير خلف السيدتين ولا تتحدث كثيرا .. ولا أظن أن السيد حميد سيحتفظ بها معه لمدة طويلة فهو دائما ما يغير صديقاته بوقت قصير .
قالت بدهشة
– يغيرها ؟ .. ظننته يحبها .
أبتسم لها بأشفاق
– أنه لا يحب أحدا لمدة طويلة .
بالطبع لا يحبها والا ما كان أستجاب لأغراء كاميليا .. وأرادت أن تسأله عن علاقة آدم بجليلة ولكنها أمتنعت فتابع بسرور معيدا كلامه الأول
– أنا سعيد حقا لأنك هربت على متن قاربنا .
أبتسمت له بكآبة وقالت
– أخشى أن أقول لك أنني لن أرافقكم فى رحلتكم وأنني سأترككم فى المرفأ القادم .
رأت خيبة الأمل على وجه الشاب ولكنها لا تريد أن تعطيه أملا زائفا ولا أعطاء مثله لنفسها حيث أنها تتوقع أن يطلبوا منها الرحيل عند أول فرصة .
أنضمت زينة اليهم أثناء تناول طعام العشاء لهذه الليلة بناء على دعوة من فراس وقد أعارتها نيكول بنطال جينز وتى شيرت وكانت هى من أعارتها الملابس السابقة أيضا , شكرتها زينة وهي تأخذهم منها فضحكت لها نيكول وقالت
– ان أحتجت لأي شئ أطلبيه ولا تخجلي مني .
أعجبت زينة بنيكول وشعرت بأنها مختلفة عن كاميليا وجليلة حتى وان كانت لا ترضى عن طريقة حياتها وطبيعة علاقتها بحميد .. أن تنام معه فى غرفة واحدة كالأزواج وهم ليسوا كذلك .. وكان الأغرب هو تقبل الباقيين لتلك العلاقة على أساس أنها شئ طبيعي ..ولكن وبمجمل الأشياء السيئة التى رأتها وأكتشفتها فى هذا العالم ما كان يجب أن تصدمها هذه الأمور .
لاحظت أثناء تناولهم للعشاء أن نيكول قليلة الثقة فى نفسها وعندما تشارك برأيها فى أمر ما كانت تنظر بتوتر فى وجوه الاخرين لتعرف ردود أفعالهم على ما قالت … فربما تجد نفسها دخيلة على زمرة من مجتمع لا تنتمي اليه حقا .. وفكرت زينة بأسف عليها وهي ترى فيها أختها نبيلة .. أنها مجرد شئ للمتعة بمقابل .. ولكن مقابل ماذا ؟ .. المال ؟.. العيش برفاهية لبضعة أيام ؟ .. صعب أن تصدق أنه من أجل الحب ثم نظرت الى كاميليا التي أظهرت ببراعة وبما لا يدع مجالا للشك أن ليس هناك أحد فى هذا الكون أهم لديها من زوجها .. أنها حقا ممثلة بارعة .. وهنا أيضا لا يوجد حب .. حب مع خيانة لا يجوز .. أنتقلت عيناها للحظة الى جليلة .. ونظراتها الحادة مسلطة على آدم البارد المتصلب الذي لا يلين .. وهذا أيضا ليس حبا فلا يوجد رقة فى النظرات بل صراع ارادات .. ربما يكون الأمر فقط رغبة فى الأمتلاك .
لم تعد زينة تشعر بالراحة وهى بينهم وكانت تتمنى لو أنها تناولت طعامها بمفردها أو بصحبة بيدرو .
رفعت رأسها مصادفة لتجد أن كل من ادم وحميد وفراس ينظرون بأتجاهها وأدركت أنها قد توقفت عن الأكل وغرقت فى أفكارها الكئيبة بطريقة لفتت الأنظار اليها وقال لها فراس مبتسما بأشفاق
– لماذا لا تأكلين ؟ .. ألم نعدك أننا سنساعدك للعودة الى بلدك سالمة .
أبتسمت له ممتنه وعادت لتهتم بطعامها
******
جلس خالد لأكثر من نصف ساعة يحدق في ملابسها الممزقة بين يديه والملطخة بدماءها لقد أمر جميع العاملين لتفتيش كل ركن فى هذا اليخت حتى عثروا على تلك الملابس .. كان يمنع بصعوبة دموعه من الأنهمار ..
لقد جاء اليوم الذي تجعله فيه امرأة يبكي من أجلها .. كان وهو ينظر اليهم يتخيل ما حدث لها على يد ذلك الرجل .. مزق ملابسها واعتدى عليها .. أغتصبها والدماء خير دليل على ذلك .. سوف لن يرحمهم جميعا وأولهم نبيلة .. سوف يذيقها من العذاب ما يجعلها تتمنى الموت على ذلك .. ولكن أولا يجب أن يجد زينة .
عاد لينظر الى عبدالله المقيد أمامه على مقعد فى غرفة المحركات والكدمات تغطي وجهه والدماء تنزف من أنفه وجانب فمه
– أعرف انك آخر من ترك اليخت فى تلك الليلة .. فهل هربتها معك ؟
لم يقل عبدالله شيئا وظل ينظر اليه بتحدي لقد تحمل الضرب المبرح من رجاله رافضا أن يعطيهم أي معلومة عنها لقد قرر أن يحمي تلك الفتاة ولو على حساب حياته
– أنا لا أريد أذيتك لو كنت أنقذتها حقا .. بل سأكافئك ولكن أخبرني الى أين أخذتها؟
هز رأسه قائلا
– لن أخبرك .. أنها فى آمان بعيدا عن أمثالك فأتركها لحالها .
أغلق خالد عينيه وابتلع غصة .. أنها بأمان بالفعل بعيدة عن هنا ولكنها ليست بخير .. ليس بعد ما حدث لها .
– أنت مخطئ … لم أكن السبب فى وجودها هنا .. زينة تكون خطيبتي وكنا سنتزوج قريبا .. وتأكد من أنني سأنتقم لها ممن تسبب فى وجودها هنا .
– قالت أنك وأختها خدعتماها للمتاجرة بها .
عاد يغلق عيناه بألم .. بالطبع هذا ظنها به بعد ما عرفته عنه .. بالطبع هي الأن تكرهه بعد أن عرفت حقيقته .
عاد ليسأله
– هل هربتها على متن ذلك القارب الشراعي الذي ذهبت لأصلاحه ؟
صمت عبدالله من جديد ولم يرد ووقف خالد صارخا فيه بغضب
– الشئ الوحيد الذي يمنعني عن قتلك لصمتك هذا هو مساعدتك لها فى الوقت الذي لم أكن فيه موجودا لفعل ذلك بنفسي .
ثم وقف معتدلا وتابع
– سأتركك ترحل .. من أجلها فقط .. وأنا سوف أجدها بطريقتي .. وتأكد من أنه لن يرتاح لي بال حتى أفعل .
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية ملاك يغوي الشيطان) اسم الرواية