رواية سيد القمر الأسود الفصل الحادي عشر 11
بعد نهاية حفل زفاف حبيبة الأسطوري على عمر الرشيدي ، وإنصراف المدعوين ، وصعود حبيبة إلى جناح عمر ..
دخل عمر إلى غرفة مكتبه بصحبة جيلان وهو يقول بتساؤل :
= خير يا جيلان كنتي عيزاني في إيه ؟
إقتربت منه جيلان ثم إحتضنته فجأة وهي تقول بحزن :
= ليه عملت كده يا عمر .. إيه بتعاقبني على الغلطة اللي غلطها زمان.
سحب عمر يدها من حوله وهو يقول بهدوء :
= جيلان الموضوع ده قديم و خلص وقفلناه من زمان.
سالت دموع جيلان وهي تقول بألم :
= متقولش كده يا عمر أنا بحبك وأنت كمان بتحبني ..
ثم إقتربت منه ولفت يدها حول خصره وهي تبكي :
= أنا غلطت وأستاهل إنك تعمل فيا اللي إنت عايزه .. إلا إنك تتجوز واحدة غيري ، إنت كده بتموتني يا عمر.
أبعدها عنه عمر وهو يقول بسخرية :
= كفاية دموع ودراما يا جيجي أنا قربت أصدق..
ثم تابع بتهكم شديد وهو يبعدها عنه ببرود :
= اللي يشوفك ويشوف الدموع اللي مغرقة وشك ، مستحيل يصدق إنك إنتي اللي سبتيني وروحتي إتجوزتي مليونير عنده سبعين سنة ، لمجرد إني كنت واقع في أزمة مالية كبيرة ، وإفتكرتي إني خلاص إنتهيت.
مسحت جيلان عينيها بإرتباك وهي تقول بإنكسار :
= أنا غلطت .. كنت صغيرة وخفت من الفقر ، أنا مش متعودة على كده ، غصب عني روحت دورت على اللي يقدر يضمنلي إستمرار الحياة اللي إتعودت عليها..
لتتابع بإنكسار :
= بس أنا عمري ما بطلت أحبك ، وحتى لما جوزي كان لسه عايش حاولت إني أرجعلك من تاني ، بس إنت اللي رفضت..
نظر عمر بملل إلى ساعة يده وهو يقول ببرود :
= خلصتي .. بصي يا جيلان عشان نقفل الموضوع ده نهائياً ..
أولا : أنا لما خطبتك وكنت ناوي أتجوزك إنتي كنتي عارفة ومتأكدة إن أنا مكنتش بحبك ، إنتي كنتي بالنسبالي زوجة مناسبة مش أكتر ، ولما إخترتي تبعدي وتتجوزي أنا لا زعلت ولا حتى إديت إهتمام .. علاقة وفشلت مش نهاية العالم.
ثانياً : وده الأهم ، أنا دلوقتي راجل متجوز ومن واحدة بحبها وبعشقها ، و مجرد وجودي معاكي هنا دلوقتي أكيد بيجرحها وبيضايقها ، وده أنا مش هسمح بيه ، بس أنا حبيت أحط النقط على الحروف مرة ونخلص..
ثم إستدار وهم بالخروج وهو يقول ببرود :
= تصبحي على خير يا جيلان ، وياريت تفكري في كلامي كويس ، علشان متخسرنيش كصديق لسه واقف جنبك ، رغم كل اللي حصل بينا زمان ..
ثم غادر وتركها تبكي بحرقة وندم ، وهي تقول بغضب وغرور :
= مستحيل .. مستحيل أسمح لواحدة زي دي تاخدك مني ، ولا أسمح إن حد يقول إنك فضلت الجربوعة دي عليا ،
مبقاش جيلان هانم أبو الفضل إن ما خليتك إنت اللي ترميها بنفسك في الشارع ، وترجع تترجاني من تاني إن أرجعلك.
ثم مسحت دموعها وهي تتناول هاتفها وتتحدث بغضب وتعالي إلى السكرتيرة الخاصة بها :
= أيوة يا أميرة … إخرسي وإسمعيني مش وقت سلامات.. هبعتلك صورة واحدة و إسمها على الواتس ، وعيزاكي تجيبيلي كل تفاصيل حياتها .. اسمها شغلها تعليمها أهلها مين ، كل تفصيلة مهما كانت صغيرة عايزة أعرفها ، والكلام ده يبقى عندي على بكره الصبح .. مفهوم.
ثم أغلقت الهاتف بوجهها وهي تقول بتوعد :
= ماشي يا عمر مش جيلان أبو الفضل اللي تسلم للهزيمة كده بسهولة ..
لتتابع بغل :
= إنت ليا لواحدي ولو مكنتش ليا مش هتكون لحد غيري
ثم نهضت وغادرت لغرفتها بغضب.
قبل قليل..
وقفت حبيبة أمام المرآة تتأمل نفسها وهي تفكر بحزن ،
فعلى الرغم من الثوب الرائع ، وحفلة الزفاف الأسطورية وزواجها من رجل أحلامها ، الذي مازالت تعشقه بالرغم من كل ما فعله بها ..
إلا أنها تشعر بحزن شديد يسيطر على كل كيانها ، فها هي في ليلة زفافها تقف وحيدة وهي تزرف الدموع ، في حين
يستمتع زوجها في الأسفل بوقته مع خطيبته السابقة ، وحب عمره كما يقولون.
مسحت حبيبة الدموع عن وجهها فجأة بحسم وهي تحدث نفسها وتحاول تقوية عزيمتها :
= كفاية بقى دموع يا حبيبة لازم تكوني أقوى من كده ، إنتي عارفة من الأول إنه لا بيحبك ولا بيطيقك ، وكل عمايله معاكي تمثيل ، والجوازة دي كلها كانت علشان خايف على جدته مش عشان دايب فيكي..
ثم إبتسمت لنفسها بمواساة وهي تقوي عزيمتها و تقول لنفسها بإبتسامة مرتعشة :
= إحنا هنقضيها عياط ولا إيه .. ما يقعد معاها ولا يعمل اللي هو عايزه .. إيه أنا صدقت إنه جوزي بجد و غيرانه عليه!!
ثم تنهدت وهي تقول بتعب :
= يلا مفيش وقت .. لازم أستعد قبل ماييجي..
ثم أسرعت بالتخلص من المجوهرات التي كانت تتزين بها وألقتها على طاولة الزينة ، ثم خلعت ثوب زفافها الأبيض و الطرحة والحجاب ، وأزالت الزينة عن وجهها تماماً ، و أسرعت بإرتداء منامتها القديمة الصفراء والكالحة اللون ،
ثم رفعت شعرها لأعلى وقامت بلف شعرها بحجاب صغير ربطت طرفيه لأعلى ، ثم إبتسمت بتوتر :
= أيوة كده أنا بقيت مستعدة..
لترتفع فجأة دقات خافتة على باب الغرفة ، إقتربت حبيبة من الباب وهي تقول بتوتر :
= مين..
- أنا كريمة ياست حبيبة جبتلك اللي إتفقنا عليه..
ثم تابعت بخوف :
- إفتحي خديه بسرعة الله يسترك قبل عمر بيه ما ييجي.
فتحت حبيبة الباب بسرعة ، ثم أخذت منها كيس كبير محكم الغلق وقالت وهي تنظر لخارج الباب بتوتر :
= شكراً يا كريمة ، إمشي إنتي بسرعة قبل ماحد يشوفك..
ثم أغلقت الباب بسرعة وهي تشعر بتوتر شديد.
بعد مرور نصف ساعة ..
دخل عمر إلى الجناح الخاص به بعد أن أنهى حديثه مع جيلان ، و هو يشعر بالتوتر الشديد والخوف من مشاعره القويه التي لا يستطيع السيطرة عليها وتشعره دائماً بالضعف ، وخاصة بعد أن أصبحت زوجته فعلياً.
عمر بتوتر وهو يتخيل تواجدها ونومها معه في نفس المكان :
= لازم تنام في أوضة لوحدها .. الأوض حوالينا كتير .. تنام في أي أوضة منهم ، أنا هكلم حد من الخدم يجهزلها أوضة ..
ثم قطع حديثه وقد تفاجأ برائحة كريهة تملأ الغرفة.
عمر بإشمئزاز :
= يا ساتر إيه الريحة الفظيعة دي!
ثم توقف بصدمة وهو يشاهد حبيبة تجلس على فراش النوم ، و المفروش بمفرش فاخر مصنوع من الحرير الخالص ، نبيذي اللون ومنثور فوقه بتلات من الورود الحمراء الرائعة على شكل قلوب متناثرة.
وقد قامت بوضع صنية طعام كبيرة أمامها تأكل منها بشهية ، وهي تشاهد مسرحية كوميدية قديمة ، وتضحك بصوت مرتفع ، إلا أن ما أثار دهشته وغضبه في آن واحد ، هو نوع الطعام الذي تتناوله..
إقترب منها عمر بشمئزاز وعدم تصديق :
=إنتي بتهببي إيه على السرير ، وإيه القرف اللي إنتي بتكليه ده !
قضمت حبيبة قضمة كبيرة من البصل الأخضر وهي تبتسم بإستفزاز :
= حرام تقول على نعمة ربنا قرف..
ثم تابعت ببرود وهي تقضم قطعة أخرى من البصل ، ثم تلتها بوضع قطعة من الخبز المملوئة بقطع من الفسيخ ، ذو الرائحة النفاذة في فمها ؛
= إستغفر ربنا يا عمر بيه ، أحسن يزيلها من وشك.
عمر بغضب :
= بتاكلي بصل وفسيخ ، وعلى السرير اللي هننام عليه وفي ليلة زي دي !
حبيبة ببرود وهي تضع قطعة كبيرة من الفسيخ في فمها :
=مالها الليلة مش فاهمة ، ماهي ليلة زي أي ليلة.
ثم تابعت بإستمتاع وبرود :
= إمممم .. روعة .. طعمه روعة .. أعملك سندوتش بدل ما إنت واقف تبصلي كده ، ولا إتعشيت مع جي..جي..
عمر بعدم تصديق :
=إنتي مجنونة .. جيجي إيه اللي بتتكلمي عنها ، خلينا في المصيبة اللي إنتي عملاها ، بتاكلي فسيخ وبصل على السرير اللي هننام عليه ، دا إنتي ليلتك سودة.
حبيبة ببرود ولا مبلاة :
= عمر بيه عيب إنت جنتلمان قديم ، ومينفعش تكلم المدام كده ..جي جي تقول إيه !
ثم تابعت بمكر :
= وبعدين إنت زعلان ليه .. قرفان من السرير متنمش عليه ، ولو الريحة مديقاك ممكن تنام في أوضة تانية.
ثم تابعت بإستفزاز :
= أصل بيني وبينك ريحة الفسيخ مبتروحش مهما تعمل بتفضل لازقة ، بس أنا متعودة عليها وبحبها..
ثم أشارت ببرائة زائفة للأريكة الكبيرة :
= وعموماً براحتك لو هتتحمل الريحة ، عندك الكنبة هناك أهيه ، وعليها غطا نضيف روح نام وسيبني آكل ، أنا جعانة ومكلتش حاجة من الصبح.
إبتسم عمر بتوعد :
= بقى كده ..كل الفيلم اللي إنتي عملاه ده ، علشان تنامي لواحدك وأسيبلك الاوضة ..
سحبت حبيبة سكين ضخم من تحت الوسادة وهي تقول بتحذير :
= لا إطمن أنا مش محتاجة أعمل فيلم ولا مسرحية ، ويكون في علمك لو قربت من السرير اللي أنا نايمة عليه حتى لو بالغلط..
ثم أشارت للسكين بتحذير جاد :
= فا دي اللي هتتعامل معاك.
رفع عمر حاجبيه وهو يقول بتسلية :
= لاااا أنا كده خفت خالص و بترعش من كتر الخوف .. حتى شوفي.
ثم مال نحوها فجأة وأختطف السكين من يدها بسرعة شديدة والقاه أرضاً ، ثم رفعها بين ذراعيه وهي تقاومه بشدة ، وإتجه بها إلى الحمام الخاص بالغرفة وألقاها بدون إهتمام في حوض الإستحمام ، ثم ضغط سريعاً على عدة أزرار جعلت الماء يندفع بقوة من كل إتجاه ويغرقها ، وهي تصرخ بغضب تحاول الإبتعاد عن الماء ولكنها تفشل ، وسط ضحكات عمر العالية ، والذي سحب علبة كبيرة من صابون الإستحمام السائل وأفرغها فوقها بالكامل
وهو يقول بتحذير :
= قدامك نص ساعة تاخدي فيهم شاور وتمحي أي أثر للقرف اللي كنتي بتكليه برة.
أغلقت حبيبة الماء وأزالت شعرها عن عينيها وهي تصرخ بغضب :
= أنا حرة أكل اللي أنا عيزاه .. مش عاجبك روح نام في أوضة تانية.
إبتسم عمر و هو يقول ببرود :
= أنا فعلاً كنت ناوي أنقلك في أوضة تانية تكون خاصة بيكي لوحدك .. بس بعد الهبل اللي عملتيه ده هتنامي في أوضتي وجنبي على سريري ، لحد ما أنا اللي أقرر عكس كده.
وقفت حبيبة بغضب بداخل حوض الإستحمام والماء يتساقط من ملابسها بطريقة مضحكة :
= مش هيحصل ..أنا لا هنام جنبك ولا هنام معاك في مكان واحد.
إبتسم عمر بتحدي :
= هنشوف .. ودلوقتي زي ما قلتلك قدامك نص ساعة تاخدي فيهم شاور وتخرجي ، وإلا هضطر أدخل و أساعدك تاخدي شاور بنفسي ..
ثم همس بسخرية أمام وجهها الغاضب :
= وأنا بقى مقولكيش بحب أدي كل حاجه حقها .. يعني ممكن الشاور ياخد ساعتين .. تلاتة .. ممكن للصبح..
ثم غمز بعينه بشقاوة وهو يفتح أزرار قميصه بإيحاء :
= ولا أقولك أنا بقول ناخد مع بعض شاور علشان أتأكد بنفسي ، أن كل حاجة رجعت زي ما أنا عايزها.
صرخت حبيبة به برعب وكادت أن تسقط في حوض الإستحمام وهي تقول بخوف :
= لا متشكرة مش عايزه مساعدة ، أنا هاخد شاور بنفسي ومش هخلي أي أثر لريحة الفسيخ والبصل اللي مديقينك
ثم تابعت وهي تشير لباب الحمام بتوتر وتمسح اثار سائل الاستحمام عن وجهها :
= إخرج إنت بس برة ، وأنا هعمل كل اللي إنت عايزه..
عمر بمرح :
=متأكدة .. أنا ممكن أفضل وأساعدك عادي إحنا برضه في حكم المتجوزين.
أشارت له حبيبة بالخروج وهي تقول بتوتر وغضب مكتوم :
=متشكرة أوي يا عمر بيه ، أنا بعرف أستحمى لواحدي .. بس إتفضل إنت أخرج برة ، هموت من البرد والصابون عمى عيني.
ضحك عمر وهو يقول بمرح :
=ماشي يا بيبة عموماً أنا برة لو إحتجتي لأي مساعدة.
ثم غادر وأغلق الباب من خلفه وهو يدندن بمرح..
خرجت حبيبة من حوض الإستحمام وتوجهت للباب بصعوبة وبطئ خوفاً من إنزلاقها أرضاً ، خصوصاً والماء والصابون يغرقها بالكامل ، ثم أغلقت الباب من الداخل بالمزلاج لتشعر ببعض الراحة ، وهي تقوم بخلع ملابسها إستعداد لأخذ حمام طويل يخلصها من الرائحة الكريهة العالقة بجسدها.
في نفس التوقيت..
اتصل عمر بالخدم وأمرهم بالتخلص من كل أثر للطعام المتواجد بالغرفة ، حتى أنه أمرهم بتغيير حاشية السرير وتبديلها بأخرى جديد من إحدى غرف القصر.
ثم عاد إلى الغرفة بعد أن قام بالإستحمام و تغيير ملابسه إلى ملابس منزلية أكثر راحة ..
فإرتدى شورت قطني أسود اللون و تيشرت رمادي مريح ،
ليجد الخدم قد غادرو الغرفة بعدما إنتهوا من تنظيف الغرفة وفرشها وتعطيرها من جديد ، وقد قاموا بناءٍ على تعليماته
بتحضير مائدة صغيرة ممتلئة بأنواع لذيذة من الطعام.
إقترب عمر من باب الحمام وهو يقول بمرح :
= حبيبة خلصتي ولا محتاجة مساعدة!
وقفت حبيبة خلف الباب و هي ملتفة بمنشفة قطنية كبيرة وقالت بتوتر :
= لاااء ..أنا خلاص خلصت .. بس .. بس ممكن تخرج برة عشان أعرف أخرج أغير هدومي ..
عمر بإستفزاز :
= طيب ما تغيري هدومك هو أنا مانعك.
حبيبة وهي على وشك البكاء :
= عمر .
عمر بحنان :
= عيون عمر..
حبيبة بتوسل :
= عشان خاطر أغلى حاجة عندك أخرج برة ، خليني أعرف أخرج أغير هدومي.
عمر بحنان :
= حاضر يا حبيبة عشان خاطرك هخرج برة .. بس إستني خمس دقايق هعمل حاجة قبل ما أخرج..
إنتظرت حبيبة خمس دقائق ثم إقتربت من باب الحمام وهي تتسائل بتوتر :
= عمر …عمر إنت خرجت!!
إلا أنه لم يجيبها فتأكدت أنه قد غادر الغرفة ، فخرجت بحذر من الحمام وهي تتلفت حولها بتوتر حتى تأكدت من خلو الغرفة ..
أسرعت حبيبة إلى غرفة الملابس التابعة للغرفة ، تحاول إخراج بعض الثياب منها فوجدتها مغلقة ، فحاولت فتحها مرة ومرة وهي تقول بغيظ :
= ماهي كانت لسه مفتوحة إيه اللي قفلها بس..
حتى يأست من فتحها لتقول وهي على وشك البكاء :
= أكيد عمر هو إللي قفلها علشان معرفش أجيب هدوم منها..
ثم تأملت المنشفة التي تلف نفسها بها وهي تقول بخوف :
= أعمل إيه أنا دلوقت مش معقولة هنام عر*يانة كده !
ثم لمحت فجأة بعض الثياب الجديدة قد وضعت بعناية على طرف الفراش.
رفعت حبيبة الملابس في يدها بلهفة لتجد أنهم عبارة عن طقم ملابس داخلية جديد وقميص نوم طويل مطرز من الشيفون الاخضر الثقيل الذي يشبه الفستان في تصميمه.
نظرت حبيبة للقميص بغيظ وهي على وشك البكاء :
= كان لازم أتوقع منه كده ماهو أكيد مش هيعدي اللي عملته بالساهل.
ثم نظرت للقميص برفض وغضب :
= وأنا هلبس البتاع ده إزاي بس ، دا شفاف و مكشوف أوي ، ثم تنهدت بإستسلام وبدأت في إرتداء الملابس بسرعة خوفاً من عودته … بعد إنتهائها وقفت تتأمل برفض نفسها بشعرها الطويل المبتل بالماء ، والمنسدل في موجات ناعمة حول وجهها.
في حين تبرز بسخاء قصة القميص المنخفضة جمال عنقها وكتفيها اللذان يتلئلئان كالمرمر الأبيض ، فينسدل الشيفون الناعم على جسدها برقة ، فيضيق من أعلى فيبرز رشاقة خصرها النحيل ، وينسدل بروعة على ساقيها ليشهد على جمال وروعة قوامها.
لتقول بإرتباك :
= إستحالة أخليه يشوفني كده ، القميص ده مكشوف أوي ، أنا هدخل أنام في الحمام وأقفل عليا من جوه..
فتوجهت بسرعة إلى الحمام إلا أنها توقفت على صوت عمر يقول بإنبهار :
= حبيبة.
إلتفتت حبيبة إلى عمر وقالت بإرتباك :
=أنا … أنا .. هاروح أجيب حاجة من الحمام..
إقترب منها عمر سريعاً ولف ذراعيه حولها وأدارها إليه يرفع وجهها إليه يتأملها بإفتتان :
= الجمال ده كله كنتي مخبياه عني ..
أدارت حبيبة عينيها عنه وقالت بإرتباك وهي على وشك البكاء من شدة الخجل :
= عمر..
قربها عمر بشدة وتملك من أحضانه وهو يقول بعشق :
= عيون عمر.
تجمعت الدموع في عينيها وقالت بصوت مخنوق :
= أنا مش هعرف أقعد قدامك كده .. أنا عايزه البيجاما بتاعتي..
إبتسم عمر وهو يرفع وجهها إليه يمسح دموعها بحنان :
= بس كده ..حاضر يا حبيبتي.
ثم إقترب من عينيها وقبلهم برقة شديدة وهو يقول بحنان :
= بس بلاش دموع .. مش عايز أشوف دموعك دي تاني..
ثم قال بمرح :
=إيه رأيك نتعشى سوى ..أنا خليتهم يحضرولنا حاجة حلوة ناكلها سوى..
هزت حبيبة رأسها برفض وهي تقول بعناد طفولي :
=أنا مش عايزه أكل ، أنا عايزه أغير إللي أنا لابساه ده .. أنا مش هعرف أقعد كده.
إبتسم عمر بمكر ، ثم مرر يده أسفل ساقيها ورفعها بين ذراعيه وهو يقول بمهادنه :
= حاضر هنعمل كل اللي إنتي عايزاه ، بس تعالي نتعشى الأول.
حاولت حبيبة المقاومة بشدة ، والنزول من بين ذراعيه ، إلا أنها فشلت ، لتجد نفسها جالسة على الاريكة الكبيرة المواجهة للفراش و عمر بجانبها يلف يده حولها بتملك وعشق شديد.
حبيبه بغضب :
= ممكن تشيل إيدك من عليا ، إحنا متفقناش على كده..
ثم تابعت بتحدي :
= على فكرة ملوش لزوم كل اللي بتعمله ده ، أنا مش ناسية وفاكرة كويس كل حاجة عملتها فيا.
تجاهل عمر حديثها الغاضب ورفعها فوق ساقيه يتأمل بحب وجهها المشتعل بحمرة الخجل وقال برقة :
= طيب خليني أحاول أنسيكي وأنسي نفسي.
ثم لف يده الأخرى حول خصرها يضمها إليه بعشق شديد وقد إقترب بإفتتان من شفتيها المذمومتان برفض يـ*قبلهم قـ*بل صغيرة عاشقة متتالية وهو يقول بعشق :
= إنسي يا حبيبتي كل حاجة ، وإفتكري بس إنك معايا وليا وعمرك ماهتكوني لحد غيري .
حاولت حبيبة الإبتعاد عنه ، إلا أنها و بدون إرادتها إستجابت لمشاعرها التي تقودها بالرغم عنها ، وفتحت شفتيها بإرتعاش ، لتتفاجأ به يضع في فمها حبة من فاكهة الفراولة الشهية والمغموسة بالشيكولاتة الزائبة ، ثم إقترب من شفتيها بعشق يلتـ*همهم بلهفة وقد ذابت الفاكهة بين شفتيهم.
في فجر يوم الزفاف ..
فتحت حبيبة عينيها وهي تبتسم براحة ، وعقلها المشوش يسترجع أحداث الأمس ويصوره لها كحلم جميل..
لتتوقف عن الإبتسام وهي ترفع عينيها بصدمة فتجد عمر نائم براحة بجانبها ، وقد وضمها إليه بشدة بعد ان أراح رأسها على ذراعه ، وإستقرت إحدى ساقيه أسفل ساقها ، في حين إستقرت ساقها الأخرى فوق ساقه.
فإشتعل وجهها بخجل شديد وهي تدرك الوضع شديد الحميمية الذي وجدت نفسها به ، خصوصاً وهي تَلمح قميص نومها مُلقي أرضاً ، وأنها قد نامت طوال الليل بين ذراعيه.
تملكها شعور قوي بالعار وهي تتذكر بألم كل ماحدث بينهم في الأمس ..
فعلى الرغم من أنه لم يتمم زواجه بها فعلياً ، إلا أن الفضل بذلك لا يرجع لها ، أو لتمنُّعها ، ففي الحقيقة ودون أن تخدع نفسها ، هي كانت دائماً هدفاً سهل له لا تستطيع مقاومته ، أو مقاومة قوة مشاعرها تجاهه فحبها له هو ما يقودها وليس عقلها..
فهمست بداخلها بيأس :
= غبية .. هتفضلي غبية لحد أمتى إنتي عارفة إنه بيتسلى بيكي ، و جيلان حبه الوحيد الحقيقي موجودة معاكي في نفس البيت ، وكلها كام يوم وهيطلقك ويرجع لها يبقى ليه تسمحيله يعمل معاكي كده .. ليه تسمحيله يعملك لعبة يتسلى بيها ويرميها لما يزهق منها.
ثم تنهدت بألم وهي تقرر الإنسحاب من جانبه وإرتداء ملابسها قبل إستيقاظه حتى تحافظ على القليل المتبقي من كرامتها..
فحاولت بهدوء شديد سحب نفسها من جانبه ، ورفعت ساقها من فوقه وهي تكتم أنفاسها ، وهي تراقبه بتوتر حتى نجحت بإبعاد ساقها الأخرى بعيداً عن ساقيه.
فتنفست أخيراً براحة ، وحاولت رفع الغطاء عنها ومغادرة الفراش بهدوء حتى لا تتسبب في إستيقاظه ، إلا أنها تفاجأت به يسحبها مرة أخرى بين أحضانه ، ويلف الغطاء حولها جيداً ، ثم يقبل اعلى رأسها بحنان وهو يريح رأسها من جديد على ذراعه ويدفن رأسه في عنقها بحب..
شفتيه تستريح بهدوء على شريانها النابض وساقيه تلتف حول جسدها تقيدها إليه ليقول وهو مابين النوم واليقظة :
= نامي يا حبيبتي وحاولي ترتاحي قدامنا سفر طويل بكرة.
عقدت حبيبة حاجبيها وهي تقول بدهشة :
= سفر .. سفر إيه ، هو إحنا هنسافر بكرة!!
رفع عمر وجهه وابتسم لها وهو يمرر يده على منحنيات جسدها بتملك عاشق :
= طبعاً هنسافر مش عايزانا نروح شهر العسل ولا إيه..
ثم ضمها بتملك أكثر إليه وكأنه يزرعها بين أحضانه و يقبل عينيها بعشق ويقول بصوت متيم بعشقها :
= ولا أقولك بلاش ننام ، أنا عندي حاجه أحسن نعملها.
إحتجت حبيبة بتوتر :
=إستنى بس يا عمر هقولك على حا…..
ليضمها اكثر إليه وهو يبتلع إحتجاجها بداخله ، يـ*قبلها بعشق ملتهب أذاب إعتراضها ، وجعلها تبادله عشقه بعشق آخر ملتهب.
في الصباح اليوم التالي :
فتحت حبيبة عينيها لتجد عمر مستيقظ ، ويتأملها بإبتسامة عاشقة ، وهو يمرر يده على ملامح وجهها بإفتتان ، ثم مال عليها وقبلها برقة على شفتيها :
= صباح الخير يا كسلانة إحنا داخلين على العصر ، يلا قومي خدي دش وإجهزي علشان كلها ساعتين و هنسافر.
حبيبة بهمس :
= هنسافر فين !
ضم عمر جسدها إليه وهو يبتسم ويقول بحنان :
=بصي يا بيبة ..أنا طبعاً كنت عايز نسافر برة .. أنا بملك برة أماكن حلوة كتير ، وكنت عايزك تشوفيها معايا .. بس جوازنا جه بسرعة وللأسف أنا عندي شغل كتير ومش مستعد أغيب عن الشركة دلوقتي..
حبيبة بتفهم وهي تشعر أنه لا يحق لها مطالبته بأي شئ ، فهي زوجة مؤقتة في حياته :
= عندك حق طالما عندك شغل فشغلك أولى طبعاً.
عمر بلوم :
= حبيبة متقوليش كده إنتي عندي أهم من الشغل ومن الدنيا كلها ، بس غصب عني دي إلتزامات وعقود أنا ماضيها من زمان و أوعدك هعوضك ، بس أخلص شوية الشغل دول ..
ثم مال عليها وقبل كتفها العاري بعشق :
= وبعدين أنا هاخدك معايا الساحل .. هخلص شوية شغل هناك و نقضي أسبوع حلو .. تعويض مؤقت يعني..
ثم قرص خدها برقة:
=ها موافقة!
حبيبة بإبتسامة مرتعشة :
= موافقة طبعاً.
ثم حاولت النهوض ، إلا أن عمر منعها وهو يضمها إليه بعشق :
= رايحة على فين !!
حبيبة بإرتجاف :
=رايحة أخد شاور وأستعد زي ما قولتلي.
ابتسم عمر بمكر :
= بعدين .. لسه بدري قدامنا ساعتين على ميعاد السفر ، أو حتى نتأخر حد له عندنا حاجة!!
ثم قربها منه وبدأ من جديد عزف أنغامه على قيثارة مشاعرها..
بعد مضي بعض الوقت..
وقفت حبيبة تتأكد من لف حجابها جيداً .. وهي تنظر بإعجاب لملابسها الجديدة ، فهي ترتدي فستان كشميري اللون طويل وأنيق مصمم للمحجبات ، ثم ابتسمت لنفسها
وهي تقول بتوتر :
= أنا مش عارفة أصدقه ولا لاء .. خايفة أصدقه أتصدم تاني ، وخايفة مصدقوش وأصده أظلم نفسي وقلبي اللي بيدوب فيه..
ثم تنهدت وهي تقول بإرتجاف :
= طيب أنا مش فاهمة إزاي بيحبني زي مابيقول ، وملهوف عليا زي ما بيحاول يبينلي ، وإزاي ماتممش جوازه مني .. ليه حاطط لنفسه حدود معايا ومبيتجاوزهاش مهما حصل ، مش المفروض أنا مراته وبيحبني ، يبقى ليه بيعمل كده أنا هتجنن ، دا غير علاقته بجيلان اللي معاه في كل مكان ، حتى الأسبوع اللي هنسافر فيه ، هاتيجي معانا بحجة الشغل.
ثم تنهدت وقالت بتعب :
= أنا هعمل نفسي مصدقاه ، وهتجاهل إني عارفة إنه بيحب غيري ، وإني حاجة مؤقتة في حياته ، وهاحاول أعيش وأفرح ، حتى ولو سعادة وفرحة مؤقتة ، أهو يبقى عندي ذكرى حلوه منه ، أعيش بيها وليها.
ليقاطع حديثها مع نفسها إرتفاع رنين هاتفها :
عقدت حبيبة حاجبيها وهي تتأمل الرقم الغريب الذي يظهر على شاشة الهاتف لتقول بإستغراب :
=ألو..
فأجابها صوت رجل غريب على أذنيها :
= مبروك يا حبيبة قلبي ، كان نفسي نكمل رقصتنا إمبارح بس ملحوقة الأيام جاية كتير.
حبيبة بغضب :
=حبيبة قلبك ورقصتنا .. مين بيتكلم معايا !!
صادق بلزوجة وبرود :
=معاكي صادق بيه أبو الدهب معقولة نسيتيني بسرعة كده !
حبيبة بغضب :
= إنت إتجننت جبت رقمي منين ، وإزاي تتكلم معايا بالشكل ده.
صادق بخشونة :
= جبت رقمك من شريف .. ابن عمك .. فكراه!
شحب وجه حبيبة وهي تقول بتوتر خائف
= إيه!!
صادق بمرح :
= إللي سمعتيه ياروح قلبي .. جبت رقمك من شريف ، أصله بيشتغل عندي وأوامره كلها بياخدها مني..
ليقول بتأكيد :
=فاهماني .. أوامره .. كلها .. مني .. ومبيخبيش عني أي حاجة مهما كانت صغيرة ..
جلست حبيبة على طرف الفراش وهي تشعر بالدوار يستولي على رأسها ، فقالت بصوت هامس مرتجف :
= وإنت عايز إيه دلوقت بتتصل بيا ليه !
صادق ببرود :
=عايزك..
حبيبة بصدمة :
= إيه !!
صادق ببرود :
= إللي سمعتيه .. عايزك.. عايزك ليا .. ولواحدي .. قدامك أسبوع تنهي فيه علاقتك بابن الرشيدي ، وتكوني عندي في البيت.
صرخت حبيبة بغضب :
=إنت إتجننت إزاي تتكلم معايا بالشكل ده .. إنت فاكرني إيه !!
صادق بتهكم :
=إهدي يا حبيبة انتي هتعمليهم عليا أنا كمان ولا إيه ، وعموماً متخافيش أنا هتجوزك بعد عدتك ماتخلص وهعملك فرح أكبر من اللي الرشيدي عملهولك..
ليتابع بحدة :
= بس شهور عدتك هتقضيها في بيتي ، وهنعلن خطوبتنا وقصة حبنا للعالم كله ، وأولهم ابن الرشيدي.
حبيبة بصدمة :
= وإنت هتستفيد إيه من كده ، عمر أصلاً مبيحبنيش وجوازتنا دي جوازة مؤقتة ، يعني كل اللي إنت بتعمله ده ملوش فايدة.
صادق بحقد. :
=ملكيش فيه إنتي تنفذي اللي تتأمري بيه وبس وبعدين إنتي غبة ومش فاهمة حاجة .. عارفة يعني إيه مرات عمر الرشيدي وحش أسواق المال اللي بينحني قدامه كبر رجال الأعمال ، تبقى في بيتي وتبقى مراتي ، و بعد أقل من أسبوع على زفافها منه .. دي هتبقى فضيحة الموسم .. فضيحة هتكسره وهتكسر هيبته والهالة اللي بانيها حواليه ، وعاملة منه أسطورة محدش قادر يقرب منها.
حبيبة بغضب :
= أنا مستحيل أعمل كده وأعلى ما في خيلك أركبه ، أنا مبتهددش ولا عندي حاجة أبكي عليها ، حتى لو هتسجن ميهمنيش.
ثم تابعت بشجاعة:
= ولعلمك أنا هقفل معاك وهحكي لعمر على كل حاجة واللي يحصل .. يحصل.
صادق بغضب وغل :
=إسمعي يا بت .. لو الرشيدي عرف أي حاجة .. قبل ما يتحرك خطوة واحدة هكون مصفيه .. ما أنا مش هستنى لما ألاقيه فوق راسي ، و جاي ياخد بتاره مني ، ولعلمك أنا دافع تمن قتله ، وأول ما أقول خلص هيخلص ، وهتبقى حرم المرحوم عمر الرشيدي .. دا لو مخلصش عليكي هو الأول .. ودا طبعاً بعد ما يعرف كل اللي إنتي مخبياه عنه..
ثم تابع بتهديد :
= معاكي اسبوع من دلوقتي ، أسمع خبر طلاقك وتكوني عندي في البيت ، وإلا متلوميش غير نفسك.
ثم أغلق الهاتف وتركها تجلس بذهول...
•تابع الفصل التالي "رواية سيد القمر الأسود" اضغط على اسم الرواية