Ads by Google X

رواية ملاك يغوي الشيطان الفصل التاسع عشر 19 - بقلم مايسة ريان

الصفحة الرئيسية

    

رواية ملاك يغوي الشيطان الفصل التاسع عشر 19  - بقلم مايسة ريان

فى العادة لا ينتظر فراس أن يفتح له السائق باب السيارة ولكن هذه المرة أنتظر .. أراد أن يستجمع شجاعته ويستعد لمواجهة واقعه لأول مرة ..
في هذا البيت الكبير توجد حياته الحقيقية .. الحياة التى ما برح يتجاهلها وينكر حقوقها عليه .. كان لابد من صفعة ليفيق .. كان لابد من مقارنة الخبيث بالطيب أمام عينيه ليتعرف على الفرق
– حمدا لله على سلامتك يا شيخ .
أبتسم فراس للسائق الفلبيني الهرم والذي كان يعمل لدى عائلته منذ عقد من الزمن , نزل من السيارة وربت على كتفه
– سلمك الله يا أخي .
فتح باب البيت وهبت ريح فتخيلها وكأنها ريح الجنة تهب فى وجهه تبعها صياح ولديه وهما يقفزان على الدرج الرخامي ..
تلقاهما بين ذراعيه ووجد الدموع لأول مرة تملأ عيناه .. حمدان البالغ من العمر تسعة أعوام والذي يشبهه كثيرا يكاد أن يصبح طوله الأن ونجد ذو الخمس سنوات والذي يشبه أمه أكثر أقصر قامة وأقل وزنا لهذا رفعه وحمله بذراعه اليسرى وضم حمدان بذراعه اليمنى وقبل رأس كل منهما وهو ما زال يستنشق رائحتهما وعندما رفع وجهه رأى أروى .. زوجته تقف وأبتسامة هادئة على شفتيها .. كان معظم جسدها متواريا خلف الباب تضم خمارها بأصابعها أسفل عنقها فقد كان السائق يجلب الحقائب من السيارة , أنزل نجد وقال لهما مازحا
– هيا أجلبا الحقائب فالرجل العجوز يحتاج للمساعدة .
أسرعا لتنفيذ أمره بحماس وسعادة واضحين .. وشعر فراس بالذنب فهو لا يعطيهما الكثير من وقته .. دائما مسافر يجري وراء الأعمال .. والنساء .
أفسحت له أروى الطريق ليدخل ولكنها تفاجأت عندما مال على جبينها وقبله .. أرتجفت أنفاسه .. أن لها نفس رائحة طفليه .
قالت بصوت يغلب عليه الخجل
– حمدا لله على سلامتك .. لقد عدت مبكرا عما قلت .
قال وهو يحيطها بذراعه ويسير بها الى الداخل
– آه نعم .. أنتهيت مبكرا .
سألته بحيرة
– أنتهيت من ماذا ؟
توقف ونظر اليها مبتسما
– أردت أن أمضي بقية أجازتي معك ومع الأولاد .. هذا كل شئ .
أبتسمت أروى بسعادة وقد تألقت عيناها بفرح طفولي كولديها وكان قد انزلق الخمار عن رأسها وأستقر على كتفيها ليكشف عن شعرها الحريري الأسود الطويل , سحب فراس الخمار وألقى به بعيدا ورفع يده وجعل اصابعه تتخلل خصلات شعرها وهو ينظر اليه بتأمل ويده الأخرى تجوب على وجهها بدءا من حاجبيها المقوسين بشعيرات ناعمة لا أثر فيهم للوشم فوق عينان واسعتان برموش طويلة تعطيهما سحرا كان غافلا عنه .. لمس طرف أنفها الصغير حتى وصل الى شفتيها والتى أنفرجت متأثرة بلمساته .. كانت شفاه مكتنزة شهية .. وتساءل بعجب كيف كانت تجذبة الشفاه المنتفخة صناعيا .. أروى لم تكن تضع سوى الكحل بعينيها .. ولكنها تبدو أجمل من أى أمرأة تختبئ تحت طبقات وطبقات من مساحيق التجميل .
سألته بأنفاس مبهورة
– ماذا بك ؟
– أظن أنني أشتقت اليك .
توقع أي شئ ردا على جملته الا أن يرى الدموع تلمع بعينيها التي كان يتغزل فيهما منذ قليل فسألها بقلق
– هل قلت شيئا ضايقك ؟
أبتلعت ريقها وحاولت رسم أبتسامة على شفتيها
– بل قلت الشئ الذي دعوت الله كثيرا أن أسمعه منك .
ضمها اليه ليمنعها من رؤية تأثره وأحساس الذنب الذي نخزه .
****
أستيقظ حميد من نومه على صوت نافذ الصبر يقول
– أستيقظ يا عديم النفع .
عديم النفع ؟ فتح عينيه بدهشة ورأى فتاة صغيرة الحجم ترتدي قفطانا مغربيا تكاد أن تغرق بداخله وكانت تدور فى الغرفة .. ترفع شيئا وتضع شيئا وشعرها البني القصير بخصلاته الملتوية يقفز خلف رأسها الشامخ وكأنه متحمس مثلها .. رفع جسده مستندا على كوعيه وهو يتابعها غير قادر على النطق .
أستدارت اليه أخيرا وكانت قد أنتهت من تجهيز مائدة طعام صغيرة قرب النافذة .. نظرت اليه بما يشبه الأحتقار وقالت
– الساعة أصبحت الثالثة من بعد الظهر وأنت مازلت نائما .. من قال عنك رجل أعمال ظلمك والله .
شعر بألم فى ضلوعه عندما سحب نفسا ليستعد للصراخ بوجهها وبدلا من ذلك تأوه متألما وسقط على الوسادة فقالت الفتاة بأستياء ساخر
– يا لك من مسكين .. يبدو أن من ضربك قد أجاد عمله جيدا .
لم يتحمل أكثر من ذلك فعاد ليجلس مستقيما متجاهلا آلامه قائلا بحدة
– من أنت .. خادمة جديدة ؟
مطت شفتيها ورفعت رأسها بشموخ
– أنا خادمة يا قصير النظر ؟
رمشت عيناه بسرعة متفاجئا ويشعر بالغيظ من وقاحتها وطول لسانها ولكنه تريث ليتأملها بروية وشعر بأنه يعرفها من مكان ما ..
– من أنت ؟
ردت بحدة وقد أعتبرتها أهانة لأنه لم يعرفها
– أنا جنة .
قال ساخرا
– وماذا بعد ؟ منذ متى وأنت تعملين هنا .. لأنه سيكون آخر يوم لك بالعمل اليوم .
زمت شفتيها بغضب وقالت بحدة
– أنا لست خادمة لديك .. أنا أبنة خالتك يا عديم النفع يا قصير النظر يا قليل الأدب .
لقد طفح به الكيل فصاح بها غاضبا
– أخرجي من هنا .. هيا .
أنتفضت مجفلة من صوته ولكنها مع ذلك أستدارت ببرود وسارت بهدؤ الى الباب وقالت وهي تشير بيدها بلامبالاة الى المائدة
– كل .
ثم أغلقت الباب خلفها بهدؤ مثير للأعصاب
ظل حميد جالسا فى الفراش لبعض الوقت مذهولا وغاضبا .. من هذه الأعصار الذي هب فى وجهه فجأة ؟ .. ثم شعر بالحنق وهو ينزل عن الفراش .. كيف تجرؤ أمه على دعوة ضيوف وهي تعلم بحالته وبمزاجه المضطرب ..
لقد عاد من مونت كارلو الى المغرب بصحبة جليلة ولم يستوعب حقيقة ما حدث بالفندق الا بعد أن أستقر فى البيت ليفهم سبب شجاره مع آدم ..كان سكيرا ومعظم الأحداث قد طارت من عقله ولكن ذكرى وجود زينة معه فى الغرفة كانت تبدو غريبة .. فماذا جاءت لتفعل عنده فى غرفته ؟ وكان ذلك هو السبب الذي جعل آدم يهاجمه بتلك الطريقة ويضربه ..
عرف كل شئ فى الصباح عندما أخبرته جليلة وهي سعيدة بنفسها كل ما قامت بالتخطيط له لتفصل بين آدم وزينة .. كان يتمنى لو تترك زينة آدم وتلجأ اليه ولكن ليس بتلك الطريقة .. لا يريد أن يخسر صديقه الذي اثبت بموقفه هذا أنه يحبها .. ما كان آدم ليؤذيه بتلك الطريقة الا اذا كان قد تألم لوجودها معه فى غرفته لذلك فقد تشاجر مع جليلة شجارا كبيرا وأمرها بأن تعود الى اسبانيا وتبقى فى بيت العائلة هناك .. ولم تستطع أن ترفض أمره فهو بحكم وجودها فى المصحة النفسية لوقت طويل خرجت على مسؤليته كواصي عليها وهو قادر على اعادتها بكل سهولة وهذا ما كان يهددها به دائما كلما أفلت عيارها وعاد هو الى المغرب رغبة منه فى البقاء وحده ولكن أحلامه لم تتحقق فقد فوجئ بأمه هنا .. جاءت لحضور زفاف قريبا لها .
تناول كوب الشاي المصنوع على الطريقة المغربية وأرتشف منه القليل ثم تركه على المائدة وذهب الى الحمام .
****
لا تصدق زينة ما يحدث لها ..
لقد عادت من حيث بدأت .. فوق ذلك اليخت مجددا ..
أفاقت من أغماءتها لتجد نفسها فى فراش واسع مريح فى حجرة ذات سقف منخفض وعرفت أين هي ؟
قفزت عن الفراش وأسرعت الى الباب يسيطر عليها الذعر بابشع صوره .. فتحت الباب لتسقط مرة أخرى بين ذراعي خالد فتراجعت الى الوراء وكررت
– لا .. ليس أنت مجددا .. أرجوك أتركني اذهب .
كان وجهه متجهما بشدة ولكنه لم يقترب منها وأكتفى بمد يده اليها قائلا بهدؤ
– لا تخافي يا زينة .. أنا لن أؤذيك .
هزت رأسها وقالت باكية
– بل ستؤذيني .. لقد سبق وأذيتني بالفعل .
أنزل يداه الى جانبه بأحباط
– صدقيني لم أتسبب بوجودك على ذاك اليخت وما كنت لأفعل بك شئ كهذا أبدا .. لقد أردتك زوجة لي .
قالت بلهفة وجسدها يرتعد
– أتركني اذهب اذن .. ان كنت تقدرني كما تقول لايجب أن تبقيني فى مكان كهذا .. أليس كذلك ؟
– أنه ليس يخت فريدريكا يا زينة .. أنه يخت آخر ليس به غيري أنا وأنت .. أطمأني.
فقالت وهي تسير بحذر الى الباب
– سأعود الى الفندق .. لي اصدقاء سيكونون بأنتظاري .. سنتقابل ونتحدث فيما بعد .
وصلت الى الباب ولم يمد يده ليوقفها ولكنه قال
– صعب أن أتركك تذهبين الأن .. لقد أبحر بنا اليخت وأبتعدنا كثيرا عن مونت كارلو .
تجمدت فى مكانها وتابع
– لا تخشي شيئا .. أنت فى أمان معي .
أسرعت الى النافذة وأزاحت الستائر .. كان يقول الحقيقة .. كان اليخت مبحرا بالفعل
كان كابوسا يتكرر وتعيشه من جديد وللمرة الثانية تفقد وعيها .
****
لم يشعر فراس بمثل هذا الشعور من قبل ..
لأول مرة يستمتع بالبراءة .. تغويه الرقة .. ويثيره الخجل ..
كان دائما يعتقد أنه لن يحصل على الأكتفاء الا بين أحضان أنثى مجربة وأنها الوحيدة القادرة على ايصاله الى قمة المتعة .
نظر الى أروى التى كانت تنام بوداعة ودعة وشعرها الناعم الطويل مسترسلا كحجاب حول رأسها مغطيا كتفيها العاريين .. بدت كالملاك فى نظره .. ابتسم ..
كم عام مر عليهما وهي زوجته .. كم مرة نام معها ونتج عن ذلك طفلين ؟.. فكيف يشعر اذن بأنها أول مرة لهما معا ؟ ..
ذلك لأنه كان معها بقلبه وعقله وبكل أحاسيسه .. لم يتعامل معها كتأدية واجب .. لم يعاشرها هذه المرة وخياله سارحا فى نساء غيرها .
أراد أن يمد يده اليها ويتلمسها ولكنه يخشى أن يوقظها .. وبعد لحظات لم يستطع أن يمنع نفسه أكثر من ذلك .. فهو يريدها .. يريد أن ينظر فى عينيها وأن يحتضنها ويستمتع بقربها .
فتحت أروى عينيها الناعستين وأبتسمت لفراس وهي تجذب الغطاء عليها بخجل
– ألم تنام بعد ؟
داعب وجنتها بأصابعه
– كنت أستمتع بالنظر اليك .
تألقت عيناها بفرح وقالت مازحة
– وكأنك لم تراني من قبل .
– أشعر أني هكذا فعلا .
نظرت اليه بحيرة فتابع
– ما الذي يحدث معك ؟ .. هناك شئ متغير بك .
جذبها اليه بغته جعلتها تجفل ثم تضحك
– أرجو أن أكون قد تغيرت للأفضل .
أحمر وجهها وقالت وهي تتلمس لحيته الخفيفة بخجل
– أكاد أجزم أنني لا أعرفك .
مسح على شعرها بحنان
– حسنا .. أمامنا بقية العمر لكي أعرفك على نفسي من جديد .
****
فتحت زينة عينيها ورأت خالد جالسا الى جوارها يطل عليها بوجهه الرجولي الجميل ونظرة قلق فى عينيه .. أنها بالطبع مشاعر كاذبة ومخادعة مثله .. كانت قد فتحت عينيها ولكنها لم تتحرك ولم تتحدث وظلت تنظر اليه بنظرات فارغة
– زينة ؟ .. أنت نائمة منذ يومين وهذا غير طبيعي …
نائمة منذ يومين ؟ منذ يومين وهي هنا .. لقد ضاع أي أمل لها اذن .
– يجب أن تأكلي أو تشربي شيئا .. تحدثي الي أرجوك .
ولكنها لم تفعل فتابع
– أعرف أنك تكرهينني وأن ما عرفتيه عني ضايقك .
صرخ عقلها فيه بغضب .. ضايقها كلمة لا تصف ما شعرت به حقا .. أنه قواد .. يتاجر بأعراض النساء .. يخدع الفتيات أمثالها وامثال أختها ويدفع بهم الى طريق الرذيلة والفجور .. ضايقها ؟!!!
– لقد بحثت عنك كثيرا .
بحث عنها ليعيدها الى العالم القذر الذي هربت منه .. أخبرتها نجلا أنه لا يرحم من يخالف أوامره وهي خالفتها عندما أفسدت خطته بشأنها .. لم يكن يستطيع أن يسمع صوت عقلها لذلك تابع وكأنها لم تقل شيئا
– كان قد مر ثلاثة أيام على أختفاءك عندما أستطاع أحد الوصول الي وأطلاعي على ما جرى .
نعم لأنك رئيسهم ويرجعون اليك فى كل شئ ..
تلوى وجهه بما يشبه الألم وقال بصوت جعلته المشاعر المضطربة أجشا أكثر
– فى البداية أعتقدت أن نبيلة هي التى كانت متورطة فى ذلك الحادث فلم أبالي كثيرا بها وركزت على حل المشكلة أولا .. تركت العمل الذي كنت أقوم به ولحقت باليخت في اليونان وهناك عرفت أنها كانت أنت .
رفعها بين ذراعيه يضمها اليه دون أي مقاومة منها وقال متأوها
– لا تعرفين بما شعرت حينها .. كدت أفقد عقلي خاصة وأن كل الشواهد كانت تؤكد أنك ربما تكونين قد ألقيت بنفسك فى البحر فقد وجدوا حذاءك فى الماء .. مرت علي ساعات كانت سوداء مريرة ….
ثم سب نبيلة بلفظا نابيا وتابع
– من حسن حظها أنها كانت بعيدة عن يدي والا كنت قتلتها ولكن ليس قبل أن أذيقها من العذاب الذي كنت أشعر به .
شدد من ذراعيه حولها وهي عاجزة عن دفعه أو الأبتعاد عنه .. كانت كالمشلولة وعقلها وحده من يستمع ويفكر ولكن جسدها كان خاضعا مستسلما
– وقبل أن ينتهي الغواصون وفرقة البحث التى جلبتها من العثور على جثتك .
توقف للحظة وشعرت زينة بدقات قلبه تضطرب تحت أذنيها وكأن فكرة العثور عليها ميته كانت تفزعه
– وجد أحد البحارة ملابسك فى حجرة المحركات وكان عليها دماء .
نشج بقوة فظنت أنه كان يبكي وسألها بصوت منخفض متردد
– هل كانت دماءه هو .. أم كانت .. دماءك أنت ؟
أشتدت ذراعية أكثر فشعرت بأن عظام قفصها الصدري ستتداخل وتتحطم .. وكأنه يريد صهرها بين يديه
– هل سلبك براءتك ؟
فهمت زينة ما عناه بدماءها .. وفكرت بمرارة أنه يتعذب لأنه لم يكن هو من فعلها أولا
– قولي لا أرجوك .. قولي أنك لم تسمحي له .
وعندما لم ترد حل يده من حولها وتلقف وجهها بين كفيه يقول بشراسة مخيفة وقد عيل صبره من صمتها .. ذكرها بآدم فى تلك اللحظة .. فكلاهما يذكرها بالأخر.
– أخبريني والا أضطررت لأن أتأكد بنفسي .
لمع الذعر في عينيها فهي لا تستبعد أن يفعلها خاصة مع تلك النظرة الشيطانية التي أشتعلت في عينيه
كل ما أستطاعت ان تفعله زينة هو أن تهز رأسها نفيا فتوقفت أنفاسه وبرقت عيناه وقال بلهفة
– لم يفعل ؟ .. أنت كما أنت صحيح ؟
عادت لتهز رأسها ايجابا .. فضحك .. ضحك براحة وسعادة وعاد ليضم رأسها الى صدره ولكن برقة هذه المرة
– لو كنت وجدته حيا لقتلته .. لا تعرفين كم شخصا أردت قتله من أجلك .
أنتفض جسدها وهي تستعيد مشهد الرجل الميت .. كانت ذكرى أستطاع عقلها أن يدفنها بعيدا حتى أنها كانت قد قاربت على الأعتقاد بأن هذا لم يحدث معها قط .
تابع خالد سرده لما حدث
– أصبح لدي أمل عندما وجدوا ملابسك .. أنك على قيد الحياة وأنك أستطعت الهرب بطريقة ما .
فكرت زينة بذعر .. عبدالله .. ماذا فعلوا به ؟ .. وما قاله خالد تاليا جعل الدماء تتجمد فى عروقها
– لم يكن صعبا التوصل لآخر شخص غادر اليخت .. ذلك الرجل كان عنيدا وأصر على حمايتك حتى آخر نفس .
وهنا دبت القوة فى أوصالها فأنتفضت مبتعدة عنه وصاحت بصوت بالكاد خرج من حنجرتها
– عبدالله .. ماذا فعلتم به ؟
أبتسم وهو ينظر الى ملامح وجهها بشغف
– أشتقت لسماع صوتك .
قالت بتوسل
– أرجوك .. قل أنك لم تؤذه .. كان طيبا معي وساعدني .
لاطف وجنتها بأصابعه
– أعلم .. وهذا ما شفع له عندي .. قدرت له ما فعله من أجلك ولكني كنت فى حاجة لمعرفة مكانك وأين ذهب بك ؟
كررت
– هل تأذى ؟
قال متبرما بعصبية
– لم أقتله ولكنني أضطررت لأذيته قليلا ليخبرني بمكانك .
أرتجفت شفتيها بمرارة وقلبها يتألم من أجل الرجل الشهم الذي وقف بجانبها
أراد خالد أرجاعها الى ما بين ذراعيه ولكنها كانت قد تمالكت نفسها فنفرت منه وتراجعت بعيدة عنه ..
قال لها متوسلا
– لا تنظري الي بتلك الطريقة حبيبتي .. ضعي نفسك فى مكانى .. كان هو الوحيد القادر على أخباري بمكانك .
– وهل فعل ؟
– لا .. أخبرتك أنه كان مصرا على حمايتك ولكني أستنتجت أنه ربما هربك على متن ذلك القارب الذي ذهب لمعاينته خاصة عندما علمت أن من كانوا عليه عرب وصاحبه مصري .
ثم عبس وهو يتابع
– كان تتبع ذاك القارب يبدو سهلا في البداية ولكنه لم يلتزم تقريبا بخط سير واضح كما أنه قارب شراعي خفيف وسريع .
تساءلت زينة بذهول .. هل كان يطاردهم طوال الوقت .. وماذا عن برنامج رحلتهم السياحية وزبائنهم والفتيات ؟.. هذا غريب لتصدقه .. ثم خطر هاجس على راسها فقالت بصوت مرتعش من الرعب
– هل ستسلمني للشرطة ؟
أبتسم بتجهم
– نحن لا ندخل الشرطة فى أعمالنا .
سألته بذهول
– والرجل الذي مات .
رد بجفاء
– ورثته كانوا أكثر من سعداء بخبر وفاته كما أنهم عائلة معروفة فى بلده والفضائح ستؤثر عليهم خاصة لو أنتشر له فيديوهات جنسية مشينة .
راقب ذهولها فتابع بقسوة
– على هذا الأساس تقوم أعمالنا ونستمد نفوذنا .. سجلت الوفاة على أنها حادث قدري .
ثم زفر بقوة وتابع برقة
– وهو كان كذلك بالفعل .. أنت لم تقتليه عن عمد .. لم توجهي له طعنة بسكين أو أطلقت عليه رصاصة .. فقد أتزانه وسقط فاصدمت رأسه ثم مات .. نهاية القصة .
تلفتت حولها بضعف
– أريد ماء .
بسرعة ناولها خالد كوب عصير من فوق صينية طعام رأتها زينة لأول مرة موضوعة على منضدة بجوار الفراش ..
بعد أن أنتهت من شرب العصير حاولت الوقوف عن الفراش وقالت
– يجب أن تعيدني .. أنا لن أبقى هنا .. أين حقيبتي .
ظل خالد جالسا كما هو على الفراش يتابعها بنظره وهي تدور حول نفسها تبحث عن حقيبتها وتابعت تقول
– أين حقيبتي ؟
قال بهدؤ
– فى خزانة الملابس .
أسرعت الى الخزانة وفتحتها وفوجأت برؤية ملابسها القديمة التى كانت قد تركتها على اليخت الآخر متراصة بداخلها
– زينة أنت لن تذهبي الى أي مكان بدوني .
أستدارت اليه بحدة وقالت بغضب
– أنا لن أبقى معك .
أكفهر وجهه وقال
– للأسف لا خيار لديك .

google-playkhamsatmostaqltradent