رواية حواديت سيف (كاملة جميع الفصول) حصريا عبر دليل الروايات بقلم مريم محمود
رواية حواديت سيف الفصل الاول 1
- نورتوا الشقه يا بيه.
حطيت الشنطه على الأرض بتعب من تقلها، عمي أخد منه الشنط وقفل الباب وراه، بدأنا نكتشف الشقه أنا وميار بنت عمي، كانت كبيرة وأحسن حاجه إن هيبقى ليا أوضة لوحدي.
- الأوضة دي حلوة، أنا هاخدها.
- أنا شوفتها الأول يعني أنا اللي هاخدها.
- إحنا هنمثل على بعض؟ أنتِ دخلتِ الأوضة وشوفتيني فيها، جبتي منين إنك شوفتيها الأول؟
- أسلوبك بقى وحش جدًا يا مريم، أخاف تكسفينا قدام الناس في العمارة.
رديت بسخريه - كفاية علينا أنتِ يا ميار، عالعموم أنا هاخد الأوضة دي واللي عندك أعمليه.
بدأت تتخانق وتعلي صوتها لحد ما مرات عمي دخلت علينا الأوضة
- فيه إيه بتتخانقوا ليه؟
وفي ثانية كانت بتمثل دور الضحيه - يا ماما أنا شوفت الأوضة الأول وبقول لمريم إني عاوزة أخدها لاقتها زعقت في وشي زي ما سمعتِ.
كنت لسه هعترض وأتكلم، بس مرات عمي أتكلمت قبلي:- متزعليش نفسك يا حبيبتي، كده كده الأوضة دي كنتِ هتاخديها غصب عن أي حد، واللي مش عاجبه باب الشقه قدامه.
بصتلها لما خلصت جملتها، وكانت بتبصلي بسخرية، رديت بعصبيه:- دي شقة عمي ومن حقي أقعد في المكان اللي يريحني ومحدش يقدر يمشيني من هنا!
بصتلي بتحدي - أنا أقدر لولا بس إني مستكتره أجيب خدامه وأدفع ليها فلوس كنت مشيتك من وأنتِ لسه ١٠ سنين، بس قُلت أوفر القرشين اللي كنت هدفعهم، بنتي أولى بيهم.
حاولت أتحكم في غضبي، غمضت عيني وفتحتها وأتكلمت بهدوء مزيف
- وطالما أنتِ وفرتي القرشين عشان بنتك، سقطت في ٣ ثانوي وليه؟ ودخلت جامعة خاصه وبتعيد في سنة أولى في حين إن دفعتها بقوا في تالته دلوقتي؟
بصولي بغضب، ميار كانت هتتكلم بس قاطعتها بكلامها:- مسمعش صوتك!
وجهت كلامها ليا - وأنتِ، أنا عاوزة على المغرب ألاقي الشقة بتلمع، ولو ملقتهاش متروقه يا مريم أنسي إنك تروحي المعهد أو تاخدي فلوس، أنتِ فاهمه!؟
حاولت أتحكم في دموعي عشان متبانش قدامهم، أخدت شنطتي ودخلت الأوضة التانية وقفلت الباب.
ولأن أنا عايشة مع عمي ومراته بعد موت بابا وماما، وخالي مسافر ومليش حد أقعد عنده، أضطريت إني أقعد في الأوضة غصب عني، زي ما كل حاجه حصلت في حياتي غصب عني!
الفرق بيني وبين ميار سنة، هي أكبر مني بسنة، وأكيد مرات عمي وعمي مش هيرضوا إني أكون أحسن من بنتهم، لو فيه طقم عجبتني وعجبت ميار تبقى ميار هي اللي تاخدها، جبت في ٣ثانوي مجموع كويس يقدر يدخلني كلية مرتاحه، بس ازاي ميار أولى ومش مهم أنا أترمي في معهد سنتين، الأهم إن الست ميار تكون مرتاحه ونفسيتها كويسه.
مسحت دموعي وغيرت هدومي عشان أروق الشقة، لأني لو مسمعتش كلامها هتنفذ اللي قالت عليه، وعملته قبل كده وغبت من المعهد أسبوعين، بعد ما خلصت دخلت على أوضة كانت موجودة في أخر الطرقة، فتحتها وكانت متربه بشكل غريب، كأنها بقالها سنين متفتحتش، وتقريبًا كانت لأصحاب الشقة اللي قبلنا.
- واقفة عندك بتعملي إيه؟
أتخضيت من صوتها اللي فاجأني
- الأوضة دي تقريبًا تخص الناس اللي كانوا قبلنا.
- وأنا أعملهم إيه؟
- مش هنضفها!
- وده من إيه إن شاء الله؟
- إيه لازمتها يا مرات عمي، ما كل واحد عنده أوضة هنعمل بيها إيه!؟
- وأفرضي حد من أخواتي جه يبات أنيمه فين؟
- وأنتِ أخواتك يجيوا يباتوا عشان إيه؟
أتعصبت وصوتها علِي - بقولك إيه أنا صاحبة الشقه دي، واللي أقوله يتنفذ، أنتِ فاهمه!
عمي جه على صوتها وسألنا:- بتزعقوا كده ليه؟
- الهانم بنت أخوك مش عاوزة تروق الأوضة، أقولها حد من أخواتي جه وهيبات تقولي ويبات ليه، البجحه!
بصتله - يا عمي إحنا من ساعة ما وصلنا كل واحد فيكوا دخل يريح من المشوار وأنا بروق في الشقه، ده غير إن اللي فيها يخص الناس اللي قبلنا أعمل بيهم إيه!
رد عليا - خلاص نضفي التراب اللي على الحاجات اللي فيها وأنا هبعت البواب ياخدهم.
خلص جملته ومشي وهي بصتلي بسخريه ومشيت، حاولت أهدّي نفسي، فتحت شباك الأوضة وبدأت أنضف الكراكيب اللي فيها واللي أخلصه أحطه قدام باب الشقه، كان فاضل كيس أسود كبير محطوط في ركن بعيد، حاولت أشيله وكان تقيل!، مأخدتش بالي من مسمار اللي أتشبك في الكيس وطبعًا أتفتح وكل اللي فيه وقع على الأرض!
- ده اللي كان ناقص!
بدأت أفرك في وشي من التعب ووجع ضهري ورقبتي، بصيت على الحاجات اللي وقعت على الأرض، كانت ألبومات صور كتير، وبرڤانات، ومذكرتين!
مسكت ألبوم صور وفتحته، بس مكنش فيه حاجه باينه من كتر التراب، سبته وفتحت برڤان وكانت ريحته تجنن، مسكت مذكرة وكنت هفتحها بس سمعت مرات عمي بتنده عليا
- يا مريم كل ده بتنظفي في الأوضة.
رديت بتوتر - أنا خلصت.
بصيت على الحاجات اللي قدامي وأنا محتاره، وفثواني كنت بدأت أشيل اللي أقدر عليه منهم وأحطه في أوضتي من غير ما حد يشوف، وبما إن الأوضين قريبن من بعض فكان الموضوع سهل عليا.
أخدت شاور وأتغديت وطبعًا غسيل المواعين كان عليا، بعد ما خلصت أخدت كيس الزباله عشان أحطه في الباسكت قدام باب الشقه، خرجِت من الشقه اللي قدامي ست كبيرة، وجميلة، كانت بشرتها بيضه جدًا وشعرها أسود وعيونها عسلي، سألتني بابتسامه
- أنتوا الجيران الجُداد؟
ابتسمت ليها في المقابل - ايوا.
- نورتوا العمارة، إسمك إيه؟
- مريم.
ضحكت - بجد؟
أستغربت - ايوا، ليه؟
- عشان أنا كمان إسمي مريم.
ضحكت بهدوء على الصدفه دي، خلص الحوار الصغير اللي ما بينا وأستأذنتها، وأخيرًا الكل نايم والبيت متروق وهقدر أرتاح ومحدش يطلب مني حاجه.
دخلت الأوضة وريحت ضهري على السرير، وثواني كنت نمت!
عدا أسبوع على نفس الحال، بس المختلف جارتي الجديدة اللي إسمها على إسمي، كنت بستنى عمي يروح الشغل هو ومراته وميار تروح الجامعه عشان نقعد نفطر أنا وهي، شقتها كانت جميلة، زي شقق زمان، فخمة وطراز قديم، بس جميل.
كان فيه حاجه بستغربها لما بدخل عندها، بس ولا مرة حبيت أسألها، كنت بشم ريحة برڤيوم غريبة، شمتها قبل كده بس مش فاكرة فين!، لما كنت بدخل الشقه كنت بحس بالريحه حواليا، لو قعدنا في البلكونه كانت الريحه قريبة مني بطريقة غريبه.
كنت قاعدة بسرح شعري قدام المرآية وببص للاشيء، لفت نظري الحاجات اللي أخدتها من الأوضه اللي جمبي واللي نسيتها خالص، جبت قماشة وبدأت أنضفهم وحاطيتهم حواليا على السرير.
فتحت أول ألبوم، كان فيه صور لولد صغير عنده سنة، وباين على الصور إنها قديمة، لأنها كانت أبيض وأسود!، بدأت أقلب في الألبوم لحد ما خلص ومكنش فيه حاجه زيادة!
مسكت المذكرة ونفضتها من التراب، أول ما فتحتها شميت نفس الريحه اللي بلاقيها في شقة مريم، أستغربت أنا قاعده في الأوضة لوحدي ومرشتش حاجه، حاولت مركزش في الموضوع وبدأت أقرأ اللي مكتوب فيها بصوت عالي، وكل ما أقرأ كلمة كل ما الريحه بدأت تزيد!
- سَمِعْتُ أن المَلائِكة خُلِقَتْ مِن النُور،
ولا يُمكِنَهُم العَيش مَعنا علىٰ الأرض!،
ولَكِنه في التَاسِع مِن فِبراير..
تَحدِيدًا الخامسة فجرًا،
هَبِطَ مَلاكًا علىٰ هَيئَة بَشر،
وتَجسد فيكِ أنتِ يا حبيبتي.
" سيف
١٩٨٠
أستغربت من التاريخ وقد إيه هو قديم، حاولت مفكرش فيه ولا في الريحه اللي مازالت موجوده حواليا، رفعت رأسي وبصيت على المرآه اللي قدامي، بس إستغرابي مكنش يجي حاجه جمب صدمتي من اللي شوفته ورايا!
لقيت رأسي بسرعة عشان أتأكد وكان..
•تابع الفصل التالي "رواية حواديت سيف" اضغط على اسم الرواية