رواية لهيب الروح الفصل الثالث و العشرون 23 - بقلم هدير دودو
فتح جواد الحاسوب الخاص بعصام الهواري ظل يبحث بداخله عن أي دليل من الممكن الوصول إليه لمعرفة حقيقة الأمر وما الذي خلف قتله لكنه تفاجأ مما وجده بداخله في البداية كان هناك جهاز تخزين صغير به فبدأ يبحث في محتواياه لكنه صُدم وشعر بالصدمة التي سقطت عليه كالصاعقة وجد بعض الفيديوهات لرنيم زوجته ومعشوقته لماذا كان يصورها ذلك الحقير؟!
فتح الفيديوهات وتفاجأ مما بداخلها وقف يشاهد ما بهم بأعين متسعة من هول الصدمة مذهولًا من أفعال ابن عمه المريض بالطبع، شعر بالغضب يشتعل بداخله هو الآن مَن يريد قتله بعدما استمع إلى صوت صرخاتها المستغاثة آثر ضرباته المبرحة السادية التي تنزل فوق جسدها بعنف دون رحمة، رأى كيف كان يقترب منها عنوة عنها منتهك جـ سدها بقوة!! رآه وهو يعاملها كالحيوان الذي ليس له قيمة، هي تحملت كل ذلك كيف فعلتها؟! كيف استطاعت تحمل كل ذلك بمفردها؟!!
يرى جسدها وهو يُشوه على يده دون رحمة وهي ضعيفة لم تستطع الدفاع عن ذاتها متلذذًا بضعفها وإهانتها دون الأهتمام بها وبالدماء التي تسيل منها مصطحبة معها صرخات متألمة، كان يقترب منها بطريقة بشعة لتكره جسدها وذاتها هو فقط لم يريد سوى أذيتها ليس أكثر متلذذًا بنظرات الخوف الظاهرة بعينيها، لكنه لما فعل بها ذلك ولماذا كان يصور ما يفعله بعض الأحيان هل كان ينوى نشرهم أم يريد تهديدها والإفتخار بذاته بعد أفعاله القذرة.
وقف في حيرة كبيرة غاضبًا مذهولًا مما يراه ولا يعلم كيف هي استطاعت تحمل كل ذلك بمفردها؟! كيف فعلتها؟! يريد الإنتقام من عصام يود أن يلقنه درس قوى يجعله يعلم كيف تكون الرجولة على حق لكنه لم يعد موجود بعدما رحمه الموت مما كان سيفعله به، قبض فوق يده بقوة محاولًا السيطرة على ذاته بعد علمه بعذابها والآمها التي تلقتها في ذلك المنزل على يد شخص متجرد من الرحمة، شخص مفتقد لمعالم الرجولة ويحاول تعويض كل ذلك بفرض هيمنته وقوته عليها ليستمتع بصرخاتها ويرى وجعها وخوفها منه.
هو بالفعل يستحق الموت شخص كذلك يستحق أن ينال عقابه على يد الخالق دون مغفرة حاول أن يلتقط أنفاسه الغاضبة الحارة بصعداء ومنع ذاته من الذهاب إليها ليعوضها عن كل ما رآته على يده لكنه يريد أن يستكمل بحثه لعله يجد شئ آخر..
تفاجأ بعدة فيديوهات مصورة لبنات مختلفة كان يسلبهم ما يريده دون رحمة ثم بعدها يتركههم محطمين تمامًا بعدما انتهك جسدهم وتركهم بلا روح هل ذلك شخص بالطبع لا هو في الحقيقة شيطان متنكر في هيئة انسان مَن يفعل ذلك سوى الشياطين، لفت انتباهه فيديو آخر وهو لتلك الفتاة التي قُتلت على يده هو يعلم تلك الفتاة ويعلم عائلتها الكبيرة كيف صمتت على موت ابنتهم هناك أمر خاطئ ظل يكرر الفيديو عدة مرات لعله يصل إلى شئ خاصة أن موعد ذلك الفيديو مقترب من موعد قتله.
ظل يفكر بعقل مشوش محاولًا أن يستجمع جميع الخيوط ليعلم مَن الفاعل، لكنه حاول أن يفكر بمهارة ودقة أكثر ليصل إلى الأمر خاصة أنه قريب منه بشدة بعدما توصل إلى كل ذلك، فتح هاتفه ليرى ما به لعله يجد شئ آخر يجعله يعلم الفاعل، وها هو الآن قد وجد ما يبحث عنه تفاجأ ببعض رسائل التهديد من عائلة الشافعي لقتله لأبنتهم تمارا هم يهددون بقتله حقًا ثأرًا لحق ابنتهم التي لم تفعل شئ سوى أنها سقطت في براثن ذلك الحقير المريض لكن هناك سؤال قوي يدور بداخله أصبح متأكد من إجابته بعدما رأى جميع الأدلة المخفاه
هل عائلة الشافعي هي من قامت بقتله بالفعل بتلك الطريقة؟! لكن لماذا كانوا يحاولون جعل رنيم هي القاتلة وهي لم تفعل لهم شئ حتى يأذوها؟!
يشعر أن هناك حلقة مفقودة لا يعلمها ولم يستطع الوصول إليها بسهولة، لكنه يشعر أنه سيصل إليها بعد استماعه للحقيقة من رنيم، يود استماع الحقيقة التي رآها ولا يعلم كيف سيتحملها منها؟!
لكنه لا يعلم أيضًا لماذا تخفيها عنه وهي الضحية ليست المذنبة!..
سيعلم كل ذلك عندما يتحدث معها ويستمع إليها..
حذف جميع الفيديوهات الخاصة برنيم زوجته وهو يشعر بالغضب لما حدث لها، وقام بأخذ تلك الأدلة معه مقررًا أن يسلمها ليتم القبض على القاتل، لم ينكر أنه يراه يستحق القتل وإن كان على قيد الحياة كان سيفعلها هو به لكن مهنته وعمليته لم تسمح له بذلك، صدقه في عمله يمنعه من إخفاء الأمر الذي وصل إليه بالفعل قام بتسليم تلك الأدلة كاملة لإستكمال البحث وإظهار الحقيقة كاملة..
يريد الذهاب لها مسرعًا ليعوضها عما رأت، أغمض عينيه بقوة مقررًا بينه وبين ذاته سعادتها وحذف تلك الذكريات السيئة التي رأتها على يده هي لن تستحق سوى السعادة..
❈-❈-❈
في الصباح الباكر..
توجهت جليلة نحو فاروق الذي كان يطالعها بندم وحزن لإبتعادها عنه، اقترب منها مسرعًا بلهفة ولوعة كبيرة تحرق قلبه الذي يحبها بضراوة
:- جـلـيـلـة..
كاد يحتضنها بعشق ضاري حقيقي لكنها لن تدعه يفعلها بعدما علمت الحقيقة تراه الآن شخص غريب عنها ليس زوجها الذي اعتادت على وجوده معها..
قبل أن يواصل حديثه قطعته هي بحدة مبتعدة عينيها عنه ولازالت لم تطلع نحوه شاعرة بالضيق من رؤيته بعدما علمت حقيقته المظلمة وتلقت صدمتها الكبيرة به
:- أنا قررت أن هفضل هنا عشان خاطر سما وجواد ملهمش ذنب أنهم يقعدوا مع واحد زيك متستاهلش حد منهم بس هو ملهمش ذنب يشوفوا ابوهم كدة بس ليا عندي شرط يا توافق عليه يا هاخدهم وامشي واقولهم أي سبب.
ابتسم لكونها ستظل هنا في المنزل بجانبه وهو يلعن ذاته لأنه المتسبب في وجعها تلك المرة خاصة بعد رؤيته لوجهها الشاحب وعينيها الباكية بحزن ولازالت الصدمة تسيطر عليها، حزين لحديثها الذي يخرج منها بوجع وقهر لم يتمنى يومًا أن تشعر به وهمهم يرد عليها مسرعًا بلهفة
:- اكيد طبعا كل اللي عاوزاه هيحصل شوفي عاوزة ايه واعتبريه حصل.
ابتسمت ابتسامة ساخرة وتمتمت بضيق وصوت مختنق حزين بضعف
:- بلاش تمثل وتبين أنك بتحبني خلاص كل حاجة اتكشفت وعرفتها أنا مش عاوزة مديحة وأروى هنا في بيتي وأي حاجة هتقولها متهمنيش ولا عاوزة اسمع أسبابك يا أنا يا هما في البيت دة، ومش هقعد معاك طبعا هقعد في أوضة لوحدي أنا عاوزة ابعد عنك.
قبل أن يعترض على حديثها تابعت هي مرة أخرى بجدية
:- اعتقد تقدر تمشيهم بقى خلاص مبقاش في حاجة تستخبى ولا لسة فيه اللي معرفهوش عشان كدة هيقعدوا.
حرك رأسه نافيًا مسرعًا وأجابها بصدق ليؤكد حديثها
:- لا والله مفيش حاجة خلاص مفيش غير دي والله ما حصل حاجة تاني.
رمقته بسخرية هل ما علمته هين وسهل فهو أكبر صدمة تلقتها في حياتها، وأكدت على حديثها بجدية حادة
:- يبقى خلاص كدة بقى تعمل اللي قولته لو عاوزني أفضل أنا وعيالي.
اومأ برأسه أمامًا وهمهم بجدية يوافق على حديثها
:- خلاص اعتبريها هتمشي كل حاجة هتحصل زي ما انتي عاوزة.
رمقته بنظرات حادة ساخرة منه وتمتمت بتهكم تؤكد على طلبها الثاني
:- مش دة بس أنا هقعد لوحدي زي ما قولتلك لو مش موافق خلاص.
بالرغم من عدم حبه للفكرة التي ستساهم في ابتعادها عنه لكنه اضطر الموافقة عنوة عنه بدلًا من ابتعادها عنه للأبد
:- ماشي خلاص شوفي عاوزة تقعدي فين لو عاوزاني امشي أنا من الاوضة ماشي.
لم تهتم لحديثه بل تمتمت بجدية محاولة الضغط على ذاتها لترد عليه وتقسو على قلبها المتألم بنيران الوجع والحزن التي رأته على يده
:- مش عاوزة منك حاجة أنتَ تبعد عني وبس.
هناك صراع كبير بداخلها قلبها الطيب وعقلها هناك حزن كبير متواجد في داخلها لا تعلم كيف تتخلص منه أغمضت عينيها بضعف محاولة التمسك بدموعها المعلقة في عينيها لتمنعها من السيل فوق وجنتيها.
سارت بغضب شديد تاركة الغرفة مختفية من أمامه شاعرة بحزن كبير في قلبها الذي يوجد به جرح كبير لا تعلم كيف سيُشفى بعدما علمته، وكأن حياتها بأكملها كذبة كبيرة كانت تعيشها في خداع منه، هو لو كان يحبها بصدق كان لم يفعل بها ذلك، كان سيفكر بها قليلًا ويمنع ذاته من خيانتها وجرح قلبها، لكن ماذا تقول فهو قد خان شقيقه وخدعه هل سيفكر بها كيف تفكر؟! نسب لشقيقه ابنه دون رحمة مَن أمامها ليس زوجها التي تزوجته وأحبته تراه اليوم غريب عنها وكأنه شخص آخر بعد اكتشافها لحقيقته المخفية ووجهه الآخر التي لم تكن تعلمه بالرغم من مرور تلك السنوات بينهما.
كانت تبكي بضعف وخذلان تود الصراخ لتخرج جميع مشاعرها السلبية المتواجدة بداخلها بسببه، تريد الإبتعاد عنه تمامًا لكنها لم تستطع البوح عما بداخلها لأحد..
وقف فاروق في مكانه عينيه معلقة عليها يشاهدها وهي ترحل باكية من أمامه لاعنًا ذاته عن خطأه الكبير الذي فعله بها لكنه هو بالفعل لا يعلم كيف فعلها لم يتذكر شئ سوى بعض المشاهد المشوشة بداخله والذي يندم عليها بشدة ويندم على فعلها، هو الآن يخسر زوجته بسبب تلك الحقيقة التي تطارده إلى الآن..
شرد عقله متذكرًا تلك الليلة التي فقد بها عقل وتسببت في كل ما حدث عنوة عنه
ذهب فاروق منزل شقيقه تفاجأ بمديحة تقف تستقبله بقميص قصير يكشف أجزاء جسدها ابتلع ريقه بتوتر وغمغم متسائلًا بتوتر
:- هـ… هو فين حسن عاوز اتكلم معاه.
ضحكت بطريقة مقززة مرتفعة مقتربة منه لفت يدها حول عنقه وتمتمت بدلع
:- هـو مش موجود أنا بس اللي موجودة منفعكش.
حاول أن يبتعد عنها قليلًا مغمغمًا بتوتر نتيجة لاقترابها المباغت
:- لـ… لأ طبعا مش قصدي كدة أنا بس كنت عاوز اتكلم معاه عشان مخنوق شوية
جلس بارتباك فوق الأريكة محاولًا تهدئة ذاته وأنفاسه اللاهثة من هيئتها أمامه المربكة لكنها باغتته باقترابها وجراءتها التي ازدادت أكثر وجلست فوق ساقيه تمتمت بدلال زائد
:- وأنتَ بقى ايه اللي مزعلك كدة.
كانت تقترب منه أكثر تمرر أصابعها بين خصلات شعره، لا يعلم ماذا به وما الذي يشعر به الآن لماذا لم يقوى على ابتعادها عنه لأول مرة يشعر بالضعف تجاهها هو لا يريدها لكنه لا يعلم ما به كيف تسحبه هكذا نحوها أجابها بلهجة ضعيفة تزداد توتر
:- مـفيش كنت متخانق مع جليلة شوية وقولت آجي اتكلم معاه.
ارتفعت صوت ضحكتها ترن في أذنيه شاعرًا بأنفاسها الحارة التي تلفح وجهه وتمتمت بإغراء واقترابها يزداد
:- لا هو مش موجود أنا اللي موجودة ودة من حظك عشان أعرف ادلعك واطلعك من النكد اللي جليلة عملته.
ظل كما هو لم يتجاوب معها في البداية يتطلع بذهول ولازال لم يستوعب شئ مما يحدث معه وظلت هي مستمرة في محاولاتها حتى شعرت بنجاح ما تريده وهي ترى الأمور تسير كما خططت لها عندما رأته قد بدأ يتجاوب معها ويقترب منها كما تتمنى، هي الآن داخل أحضان فاروق الهواري حاكم تلك العائلة..
بعدما عاد إلى وعيه وهو يشعر بالصدمة مما حدث ليعلم ما الذي حدث هو يشعر بكل ما فعله لكنه لا يعلم كيف فعلها سألها بدهشة مذهولًا مما فعله
:- هـ… هو إيه اللي حصل إيه اللي حصل وازاي عملت كدة؟
لا يعلم ماذا يتحدث ولا يجد ما يقوله ليشرح فعلته هو لازال تحت تأثير صدمته من تلك الفعلة التي فعلها دون إدراك منه، وجدها تضحك بابتسامة سعيدة وأجابته بدلال وهي تتطلع بلا مبالاه كأن لم يحدث شئ
:- ايه يا فاروق مالك يا حبيبي دي كانت حتة ليلة جامدة.
اقتربت منه ملقية ذاتها داخل أحضانه لكنه دفعها مسرعًا نحو الخلف ونهض ملتقطًا ثيابه يرتديها وهو يقف مصدومًا يتطلع أمامه بذهول لاعنًا ذاته على فعلته النادم عليها، وغمغم بخشونة جادة
:- اللي حصل دة كان غلط… غلط مينفعش يحصل من الأول مكنش ينفع.
وقفت أمامه كما هي تطالعه ببرود وتمتمت بسعادة خبيثة
:- فاروق اللي حصل دة عادي مفيش حاجة مستاهلة اللي بنعمله دة مش غلط ولا حاجة.
صاح بها بعنف متعجبًا حديثها منفعلًا عليها بغضب وصل لأعلى ذروة به
:- لا مش عادي دة غلط، مش عارف ازاي عملت كدة أنا خونت مراتي وأخويا وفي الاخر مش غلط ازاي انتي واعية للي بتقوليه دة جنان.
دفعها بقوة إلى الخلف وهو لازال يشعر بالدهشة من مما فعله، يريد قتل ذاته على ذلك الخطأ الأحمق لكن لا يعلم كيف سيفعلها، وقفت مديحة تتطلع أمامها بسعادة مبتسمة لأول مرة تنعم باقترابها منه كما تتمنى، تتذكر أحداث ليلتها معه بفرحة…
على عكس فاروق الذي لا يريدها بالفعل، لا يصدق كيف خان شقيقه وفعل هكذا، هو يحب زوجته كيف ضعف أمام محاولاتها كل ذلك لا يعلمه لكنه يعلم أنه أخطأ ولم يستطع منع ذاته من الإبتعاد عنها، يراها عا’رية داخل أحضانه مبتسمة بسعادة لتحقيق ما تريده وهي دومًا ترى أن وجودها معه هو الجزء الأربح والأقرب لتحقيق جميع مخططاتها، لكن الذي لم يكن في حسبانها هو حملها الذي تم بعد تلك الليلة وتأكده هو أن عصام ابنه ليس ابن شقيقه، ظلت هي مستغلة ذلك الأمر لتجعله ينفذ ما تريده عنوة عن الجميع لتحقق أطماعها الشيطانية السامة..
❈-❈-❈
فاق من شروده في تلك الليلة التي كانت بداية اللعنة في تغيير حياته، يندم على فعلته بضراوة هو حقًا لا يريدها لا يريد سوى زوجته جليلة التي يحبها بصدق لكنها الآن ابتعدت عنه بسبب تلك الغلطة التي تطارده لعنتها إلى الآن..
لكنه لم يصمت ويدعها وتذهب من المنزل سيفعل لها ما تريد دون تردد الذي كان يخاف منه قد حدث فلِما سيصمت من الآن، سيجعل مديحة تترك المنزل وينفذ طلبات زوجته من الآن حتى تبقى معه، سيحاول معها لتغفر له عن خطأه لكن كيف ستفعلها هو قد تسبب في خطأ كبير لا أحد يفعله؟! يريد أن بثبت لها أنه يحبها هو حقًا يحبها لم يحب سواها لكنها كيف ستصدقه بعد كل الذي علمته..
هي رأت وجهه المظلم الذي لم تتخيله، رأت قسوة داخل قلبه لا تعلم من أين آتى بها، هو أخفى عنها تلك السنوات حقيقة مظلمة قلبت حياتها بأكملها جعلت تراه بصورة أخرى يستحقها..
توجه نحو غرفة مديحة بخطوات واسعة غاضبة ولج الغرفة بوجه مكهفر فرمقته بتعجب وتمتمت بعدم رضا ودهشة
:- في ايه يا فاروق مالك داخل كدة ليه؟ هو حصل حاجة تاني.
كان يرمقها بغضب شديد هي المتسببة في كل ما حدث لكنه لم يستطع أن يقول ذلك لأنه اشترك معها في الخطأ، كانت نظراته حادة ملتهبة بنيران متوهجة يملأها الغضب وغمغم بلهجة مشددة حادة
:- مفيش حاجة بس أنا شايف أن كفاية قعاد هنا في البيت لحد كده دة بيت جليلة.
طالعته بذهول متعجبة حديثه وتحوله معها المباغت الذي لم تتوقعه لا تعلم لماذا جليلة لم تذهب إلى الآن هي توقعت ذهابها توقعت أن ترحل من المنزل وتترك لها فاروق تعتني به هي وتستطع تحقيق أطماعها الماكرة من خلاله، لكنها لا تعلم لماذا لم يحدث ما توقعته هو الآن يطلب منها الرحيل هي مَن ترحل ليس جليلة، أجابته بضيق حاد تبادله نظراته بخبث شيطاني يشبهها
:- هو ايه اللي امشي دي في ايه يا فاروق من بعد ما عصام ابننا مات وأنا اتفقت أن اقعد هنا وخلاص ولا عاوزني اقعد أنا وأروى لوحدينا.
صاح بها بحدة شاعرًا بلا مبالاه من حديثها الذي أصبح لم يعنيه من بعد معرفة زوجته بالحقيقة وغمغم بعصبية غاضبة مشددًا فوق حديثه
:- لا بقولك ايه الشغل دة كان زمان أنتي مع وجود عصام بردو كنتي لوحدك هو الواد دة كان بيرجع البيت اصلا أنتي هتضحكي عليا دة مكنش بيرجع غير عشان رنيم لما يجيله مزاجه يموت فيها شوية يعني أنتي اصلا قاعدة انتي وأروى لوحدك.
وقفت تحت تأثير الصدمة من حديثه معها بعد تحوله المباغت محاولة استخدام طريقتها وتمتمت بنبرة تهديد واضحة مبتسمة بمكر
:- كويس أنك عارف عصام كان عاوز ايه من رنيم حبيبة ابنك عشان لما جواد يعرف بقى يعرف وقتها أن ابوه السبب وهو اللي حرمانه من حبيبته كل ده وعذابه.
طالعها بضيق وقد ازداد غضبه مقتربًا منها شاعرًا بالدماء تغلي داخله قبض فوق ذراعها بقوة حديدية وثار عليها بحنق
:- بقولك ايه اتعدلي وفوقي لنفسك مش فاروق الهواري اللي هتقفي تهديديه لأ غلطانة أنا أهدد الكل وبعدين ما يعرف جواد هو أنا هخاف.
التقط أنفاسه باحتدام منفعلًا بها واستكمل حديثه بحدة مشددة
:- اللي قولته يحصل تمشي من هنا أنتِ وأروى ترجعي بيتك وحقكم هيوصل كل شهر غير كدة ملكيش حاجة عندي.
دفعها بقوة إلى الخلف مما جعلها تسقط فوق الفراش الذي خلفها لكنها لم تصمت نهضت مرة أخرى تقف قبالته وصاحت بضيق شاعرة بهدم كل ما كانت تسعى إليه
:- لأ يا فاروق اللي ليا عندك مش حق كل شهر اللي بينا كتير وكتير اوي دة احنا كان بينا عيل ولا هو عشان راح بس اتفاقنا زي ما هو مراحش أروى لازم تاخد حقها وتجوزها ابنك وأنا هفضل هنا جنب بنتي دة اتفاقنا وأنا مش هسمح إنك ترجع فيه.
رمقها ببرود دون اهتمام لحديثها لأول مرة يقف دون أن يخشى تهديداتها بعد معرفة جليلة بالحقيقة كاملة وأجابها بلا مبالاه مبتسمًا
:- اللي بينا كان غلطة مجرد غلطة كان سببها العيل اللي بتقوليه وأهو راح فعلا يبقى خلاص مفيش بينا حاجة غير حقك أنتي وأروى وخلاص اتفاقنا خلص بمعرفة جليلة للي حصل زمان وأروى بكرة تتجوز مش هتقف دي لسة صغيرة الكلام خلص على كدة.
وقفت تطالعه بخيبة أمل وعدم تصديق كاد أن يذهب بعد انتهاء حديثه الذي آتى إليه وإنهاء الأمر بأكمله لكنها منعته بضيق وتمتمت منفعلة بضراوة
:- لأ يا فاروق اللي بينا مخلصش على كدة ولا عمره هيخلص وأروى هتتجوز جواد أنت وعدتني بكدة نفذ كلامك بقى.
وقف ببرود دون أن يبدي رد فعل رد عليها فقط دون اهتمام ساخرًا من حديثها
:- بس خلاص جواد اتجوز ومراته حامل يعني مفيش طلاق فقولي لبنتك أن خلاص كدة تشوف مستقبلها احسن وجهزي نفسك عشان تمشي وترجعي بيتك.
لم ينتظر حديثها وسار بشموخ نحو الخارج يلعنها سرًا ويلعن ذاته الذي كان يستمع إلى حديثها عنوة عنه بعض الأحيان لكنه الآن قد تخلص من كل ذلك جعلها تعلم بحقيقتها في تلك العائلة والتي ستُعامل على أساسها..
بينما مديحة وقفت تتطلع على أثره بغضب متوعدة له، عقلها يثور عليها الآن تفكر فيما ستفعله وعقلها يتردد به حديثه هو الآن متمسك بوجود رنيم بسبب حملها، ويتخلى عنها لأجل وجود جليلة، هي لن تسمح للأمور أن تُترك من قبضتها لن تخرج في النهاية خاسرة كل ذلك وتتحطم جميع مخططاتها وأحلامها بامتلاك جميع نفوذ تلك العائلة والتحكم بها، مقررة الإنتقام من حديثه ستجعله يندم على ما تفوهه لها الآن، عليها تحقيق ما تريده مسرعة..
بدأت تفكر في مخططاتها بعقل ماكر ذو تفكير شيطاني، مقررة فعل أي شئ لأجل تحقيق ما تريده لكن عليها أن تفعل ذلك مسرعة قبل انتهاء اليوم وتمسكه بفكرة ذهابها، ابتسمت ابتسامة ماكرة خبيثة بعدما علمت ماذا ستفعل في سبيل تحقيق ما تريده؟!..
❈-❈-❈
كانت رنيم تجلس في غرفتها بقلق بعدما فشلت جميع محاولاتها للإتصال بجواد لأول مرة يغلق هاتفه دون أن يرد عليها، حاولت أن تطمئن ذاتها وتهدأ ثم خرجت لتسأل عنه والدته لعله يكون قد تحدث معها.
توجهت إليها رأتها تجلس بوجه حزين شاردة تفكر فيما حدث دون أن تنتبه لوجود رنيم التي اقتربت منها متمتمة بهدوء لتطمئن عليها بعدما رأت حالتها
:- طنط حضرتك كويسة في حاجة تعباكي؟
فاقت من شرودها منتبهة لها وابتسمت أمامها ابتسامة حزينة عنوة عنها، تعلم رنيم مغزي الأبتسامة جيدًا تلك البسمة التي تحملت بين طياتها حزن ووجع، قهر وضعف كانت دومًا تفعلها أجابتها جليلة بهدوء ونبرة حزينة
:- لأ يا حبيبتي أنا كويسة متقلقيش تعالي أنتي اقعدي ارتاحي عشان الحمل وطمنيني عنك.
احتضنتها رنيم بحنان شاعرة بحزنها الذي لم تعلم سببه لكنها تعلم أنها حزينة وعليها أن تقف بجانبها مثلما كانت تفعل معها فهي لم ترى الحنان ولا تشعر به سوى منها كانت دومًا تدافع عنها، ابتسمت جليلة لفعلتها وربتت فوق ظهرها بحنان متمتمة بهدوء مؤكدة حديثها
:- والله يا حبيبتي كويسة متقلقيش عليا اقعدي بس انتي ارتاحي.
جلست بجانبها كما طلبت منها وتمتمت تسألها بقلق لم تنجح أن تخفيه عنها
:- طنط هو جواد مكلمكيش عمالة اتصل بيه مش بيرد وبيقفل عليا هو على طول بيرد.
طمأنتها جليلة بحنان مبتسمة لاهتمامها وقلقها عليه
:- لا يا حبيبتي متقلقيش هو جواد على طول كدة طول ما عنده شغل فتلاقي عنده شغل مهم شوية وهيكلمك لما يفضى المهم حبيب تيتة عامل ايه طمنيني عليه.
مررت يدها فوق بطنها برقة وسعادة لم تتخيل أنها تشعر بذلك الشعور التي ظنت حرمانها منه للأبد، لكن الآن ابنها ينمو بداخلها تشعر به أجابتها بابتهاج فرحة
:- الحمدلله كويس متقلقيش عليه.
ربتت فوق يدها بهدوء وتمتمت بتعقل وفرح
:- خلي بالك على نفسك متتخيليش أنا فرحتي بالحمل دة قد ايه من زمان وأنا نفسي اشوف عيال جواد.
ابتسمت رنيم بسعادة وتمتمت بحنان
:- ربنا يخليكي لينا يا طنط وتربيه زي ما ربيتي جواد خلتيه أحسن واحد في الدنيا.
ابتسمت لها جليلة داعية ربها أن يحفظه لهم وتحمل ابن جواد بيديها كما كانت تتمنى ظلت تتحدث معها محاولة رنيم أن تقضي على حالة الحزن التي تشعر بها..
❈-❈-❈
كان جواد في ذلك الوقت يقف مع الظابط المسؤول عن القضية يتابع التحقيق مع عائلة الشافعي الذين ينكرون كل ذلك، غمغم بجدية تامة وعملية
:- الإنكار مش هيفيدكم الافضل انكم تعترفوا لأن احنا متأكدين أن الرسايل التهديد مبعوتة من عندكم.
أجابه حسين الشافعي والد تلك الفتاة التي قُتلت على يد عصام دون رحمة لمجرد عصيانها عليه وأردف يرد عليه بحدة
:- ايوة احنا اللي بعتنا الرسايل دة حد قتل بنتنا وكنا هنعملها بس محصلش.
غمغم الظابط مرة أخرى أخرى منفعلًا بغضب
:- كان المفروض تيجو تبلغوا وحق بنتكم كان هيرجع بالقانون مش كدة كان زمانه بيتعاقب على اللي عمله فيها وفي غيرها.
لم يقتنع والدها بذلك الحديث وتمتم يرد عليه بجدية غاضبًا هو الآخر متذكرًا ابنته التي حُرم منها
:- احنا قادرين نجيب حق بنتنا من غير لجوء للقانون، كنتوا فين وهو بيقتلها وكأنه معملش حاجة لا احنا مش قليلين عشان نسكت على حقنا ونستنى غيرنا يجيبه.
ظل التحقيق معهم مستمر لم ينكر جواد شعوره بالشفقة والحزن لحال والدها وجميع العائلة لفقدانهم لابنتهم.
في المساء…
في المنزل الخاص بعائلة الهواري وقفت مديحة مع بعض السيدات التي جعلتهم يدلفون الباب الخلفي للمنزل حتى لا يراهم أحد تمتمت واحدة منهم بطمع
:- اهو يا ست هانم جينا على طول زي ما قولتي.
اومأت مديحة لهم بغرور وتمتمت بقسوة ومكر
:- المهم البت لما تيجي مش عاوزة اسمع صوت أنا هبقى جوة مش عاوزة حد يحس بحاجة والبت متطلعش سليمة من تحت ايدكم لا هي ولا اللي في بطنها وهتاخدوا اللي عاوزينه.
توجهت مديحة نحو الداخل ببرود وأشارت لأحدى الخادمات بمكر تمتمت الخادمة بخوف متراجعة عن تلك الفكرة
:- يا ست هانم بس لو رنيم هانم قالت عليا أن انا السبب انتي عارفة هيحصلي ايه.
أجابتها مديحة بثقة تامة وغرور وهي مبتسمة بتسلية
:- مش هتلحق تقول هي اصلا متعرفكوش لسة وانتي مش هتكوني موجودة قدامها تاني..
ذهبت الخادمة نحو غرفة رنيم وتمتمت باحترام تخفي نواياها وأهدافها الطامعة
:- رنيم هانم جواد بيه تحت مستني حضرتك في الجنينة بيقول عاوزك.
ابتسمت رنيم بسعادة وسارت مسرعة نحو أسفل لتراه لكن استوقفتها سما بمرح
:- ايه دة في ايه مالك نازلة مستعجلة كدة ليه.
أجابتها بابتسامة سعيدة وهي تود استكمال طريقها إلى أسفل مسرعًا
:- مفيش دة جواد تحت عاوز يشوفني هنزله.
ابتسمت سما هي الأخرى في وجهها وتركتها تذهب له خرجت باحثه عنه معقدة حاجبيها بدهشة وهي لم تراه ولم تجد أحد لكنها تفاجأت بمَن يجرها ويضع يده فوق فمها مانع خروج صوتها ساروا بها نحو الباب الخلفي حيث لا يوجد أحد وبدأوا يسدوون لها بعض الضربات القوية حاولت أن تدفعهم بعيد عنها محاولة الدفاع عن طفلها حتى لا تفقده مرة أخرى مثلما حدث معها من قبل، بكت عينيها بضعف شاعرة بعجزها للمرة الثانية عن حماية طفلها يصدر عنها آنين خافت وهم يكتمون صوتها..
خرجت سما تبحث عنها تفاجأت بعدم وجود جواد قطبت جبينها بصدمة وتوجهت نحو الحارس متسائلة بقلق
:- هي رنيم هانم خرجت؟
أجابها الحارس باحترام وعملية وهو يتطلع أرضًا
:- لا يا سما هانم محدش خرج.
قطبت جبينها بصدمة وتوجهت نحو الداخل تبحث عنها، رأتها واحدة من السيدات فأشارت لهم مسرعة ليذهبوا خوفًا من أن تراهم تركوا رنيم دون أن يكملوا ما آتوا إليه رأتهم سما واستمعت إلى صرخة رنيم المرتفعة عندما تركوها لكنها لم تستطع أن تلحق بهم اقتربت من رنيم مسرعة بقلق
:- ر…. رنيم انتي كويسة؟!
لم تستطع رنيم أن ترد عليها كانت فقط تبكي على طفلها خوفًا من أن يكون قد حدث له شئ وفقدته أخدت سما تهتف بأسم والدتها بضعف وهي خائفة هي الأخرى، اجتمع الجميع على صوت سما وتفاجأوا بهيئة رنيم الملقاه أرضًا باكية ومتألمة بضعف، وقفت مديحة تتطلع نحوها بسعادة مرتسمة فوق وجهها..
أسرعوا يطلبون الطبيب وهم يشعرون بالخوف عليها خاصة بعد رؤيتهم لدموعها والدماء التي تسيل منها. لكن مديحة كانت على عكس الجميع ترى نتيجة مخططاتها بسعادة متمنية أن تفقد هذا الحمل لتسهل مهمتها في ابتعادها عن جواد لتجعله يتزوج من ابنتها كما تخطط ونفذت بتلك السرعة بعدما اهتاج عقلها غضبًا لاستماعه حديث فاروق المتمسك بها زوجة لابنه بدلا من ابنتها..
❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈
يتبع…
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية لهيب الروح ) اسم الرواية