رواية ملاك يغوي الشيطان الفصل الرابع و العشرون 24 - بقلم مايسة ريان
رفع خالد جسده بصعوبة عن الفراش ..
صفى ذهنه خلال ثوان فهب واقفا على قدميه وهو يقول برعب
– زينة .
بحث عن هاتفه ووجده فى جيب سترته التي كانت ملقاة على المقعد، كانت يده ترتجف وهو يبحث عن الرقم الذي يريد ولكن كل الأرقام التي أراد الوصول الى أصحابها لم يجيبه منهم أحد , زمجر بغضب والرعب يمسك بتلابيب قلبه ..
طلب رقما آخر وكان لأحد الرجال الذين أستعان بهم مؤخرا وسأله على الفور
– هل نفذت ما طلب منك ؟
أكد الرجل أسوأ مخاوفه
– بالطبع سيدي فعلت .
صاح به بعنف
– أين يرسو اليخت الأن ؟
– مازال فى ميناء أثينا .
لم يضيع خالد الوقت .. قطع الأتصال وطلب شركة الطيران ليحجز على أول رحلة الى أثينا وان لم يجد سوف يأخذ طائرة خاصة .. هم يريدونه هناك .. أخذوها لكي يصلوا اليه..
استقل سيارته يسابق الريح وهو يدعو الله أن يصل قبل فوات الآوان .. لأول مرة يلجأ الى الدعاء لله .. يتضرع له كي يساعده .. انسابت الدموع من عينيه وفاضت على وجهه وهو يتفادى السيارات ويضغط على دواسة البنزين أكثر وهو يتمتم
– يا رب .. أنا أستحق أي شئ يحدث لي تكفيرا عن ذنوبي الكثيرة ولكن زينة لا ذنب لها .. أنها لم تفعل شيئا لتستحق شخص مثلي أو ما سوف يحدث لها بسببي .. يا رب .. يا رب ساعدني لكي أصل اليها قبل فوات الآوان .
****
كانت مستلقية على وجهها ويديها ثابتتان بجوارها ..
بدأت تشعر بما حولها ولكنها ظلت مغلقة عينيها تحاول أن تستوعب ما يحدث ولتفهم سبب همدان جسدها .. كما لو كان قد تم تخديرها ..
تأوهت وهي تفتح عينيها وتحاول تحريك رأسها وتدريجيا بدأت تشعر بكامل جسدها .. كانت تقريبا ملقاة في منتصف فراش ما وقدماها متدليتان على الأرض ..
أين هي ؟ .. أنقلبت على ظهرها فأغشى نور مصباح الغرفة عينيها
– خالد ..
ريقها كان جافا فخرج صوتها متحشرجا فجلست بصعوبة تبتلع ريقها
– كلنا بأنتظاره حبيبتي.
أدارت زينة رأسها بحدة الى مصدر الصوت .. كانت فريدريكا تقف في زاوية الحجرة بوجهها الجميل وشعرها الأشقر مشدودا بشدة برباط خلف رأسها وكانت ترتدي سروال من الجلد الأسود يظهر نحافتها الشديدة ..
تذكرت كل شئ .. كانت مع خالد فى غرفة نومهما وأقتحم زوج تلك المرأة ومعه رجال آحرون المكان .. صعقوا خالد بصاعق كهربائي ومن ثم أخذوها وفعلوا بها المثل، صاحت برعب
– أين أنا ؟
ابتسمت لها قائلة
– أنت في نفس المكان الذي سبق وهربت منه من قبل .
أدارت زينة عينيها فى المكان بعدم تصديق .. اليخت مرة أخرى ؟.. وليس هذا فقط .. أنها نفس الغرفة التي قتلت فيها الرجل الذي حاول الأعتداء عليها.
قفزت عن الفراش واسرعت الى الباب وهي تردد بعصبية أقرب الى الهيستريا
– أنا لن أبقى هنا .. لما يحدث لي كل ذلك يا ربي ؟
حاولت فتح الباب ولكنه كان موصدا وقالت فريدريكا ببرود
– لقد تعلمنا من خطئنا السابق .. وسوف تجدين الحواجز أمامك على طول الطريق.
استدارت اليها قائلة بعنف
– ماذا تريدون مني ؟
– نحن لا نريد منك أنت شيئا .. صديقك .. عذرا .. أقصد زوجك هو من نريد .
ثم تأملتها بفضول وتابعت
– وكما هو واضح أنت الطعم الذي سيجعله يأتي خاضعا ورغما عنه سينفذ ما نريده منه .
راحت فريدريكا تتقدم منها وعيناها تتفحص جسد زينة بطريقة جعلتها ترتعد وتشعر بالحاجة لستر جسدها ..
حمدت الله أنها مازالت ترتدي الثوب الأبيض الذي أصر خالد عليها أن ترتديه تعويضا عن ثوب الزفاف الذي لم يستمتع بخلعه عنها بنفسه كما قال ولم يكن قد حدث بينهما الكثير عندما أقتحم الرجال عليهم غرفة نومهما .
– أتعجب حقا لمدى تأثيرك عليه .. كيف أستطاعت فتاة مثلك اغواء ابليس .
مدت يدها الى شعرها المشعث
– تبدين عادية جدا .. جسدك صبياني نحيف وهو كان يفضل دائما الأجساد الممتلئة في المناطق المعينة.
ابتسمت بشهونية شيطانية وتابعت
– أنت تناسبيني تمام .
أتسعت عينا زينة وجحظتا بشدة وتراجعت الى الخلف وجسدها يرتعد
– أنت .. أنت لا تقتربي مني .
تحول جمال المرأة في عينا زينة الى وجها شيطانيا مثيرا للرعب والأشمئزاز ..
ضحكت برقة وعيناها تلمعان بتسلية
– أنت مثل العصفور الصغير سأكون سعيدة باللعب معك .. نتسلى حتى ظهور رجلنا الوسيم .
ألتصق لسان زينة بحلقها وهي لا تصدق ما هي فيه وما تتعرض له من بشاعة من كانت تظنهم بشرا .. لا يمكن أن يكونوا بشرا ولا حيوانات كذلك ..
فتح الباب من الخارج واصدم بالجدار بعنف ..
وقف خالد بالباب ووجهه يعصف من شدة الغضب ورأى المشهد أمامه وحلله فى لحظة .. جسد زينة المنكمش والرعب والقرف على وجهها وفريدريكا التى وقفت قريبة منها ونظرة صياد منفرة على وجهها فصاح بها بغضب
– أبعدي يديك القذرتين عنها .
ضحكت فريدريكا ساخرة
– لا تكن طماعا هكذا .. دعنا نتشاركها معا فهي تبدو شهية جدا .
وبقصد استفزازه تقدمت من زينة أكثر ولكنها لم تدرك انها بذلك كانت تخرج أسوأ ما فيه .
أمسك برقبتها وجرها اليه فجحظت عيناها وهي تنظر الى الباب فقال بشراسة ..
– لن ينجدك أحدا مني فكما كنتم مستعدين لي كنت أنا كذلك مستعدا لكم .. ثم أدارها بين ذراعيه وقبل أن تنطق بكلمة كان قد لوى رقبتها واستمعت زينة الى صوت كسرها فصرخت برعب ..
تركها خالد لتسقط على الأرض جثة هامدة في نفس المكان الذي سقطت فيه جثة الرجل الآخر .
نظر خالد الى زينة المصدومة وقال
– زينة .. لا وقت أمامنا .. سوف ينفجر اليخت فى أي لحظة حبيبتي هيا بنا .
لاحظت أنه كان يحمل عند دخوله سترة نجاة أسقطها على الأرض أخذها واقترب من زينة وأمرها بعجل أن ترتديها ..
قالت وهي مازالت في حالة ذهول
– أنت قتلتها .
– كانت ستقتلنا معا ان لم أفعل .
أنهى قفل السترة وسحبها الى خارج الغرفة فسألته
– من سيفجر اليخت .
– أنا .. كنت أعلم أنهم عندما يدركون انشقاقي عنهم سوف يسعون للخلاص مني او اجباري على العودة فاستبقت الأمر للتخلص منهم ومن شرهم أولا .. حمدا لله أنني وصلت اليك بسرعة .
أنفجار ضخم وقع فى جزء ما من اليخت جعل جسديهما يندفعان ويسقطان على الأرض وتدحرجت زينة بعيدا عن خالد الذي وقف بسرعة واسرع اليها يحملها على كتفه ويعدو بها الى سطح اليخت وكانت النيران تنتشر بسرعة به ..
صوت انفجار آخر كان أقرب اليهما وشعرت زينة بجسدها يرتفع عن كتف خالد ويطير من فوق حاجز اليخت فى الهواء .. لقد ألقى بها خالد وآخر شئ رأته وهي تهوي الى الماء جسد خالد والنيران تبتلعه بداخلها .. فتحت فمها لتصرخ بأسمه ولكن شئ ما طار واصطدم برأسها في نفس الوقت الذي أرتطم فيه جسدها بالماء المالح .
*****
سألتها خالتها
– لماذا رفضت الزواج منه يا جنة ؟ .. أنت تحبيه فلما رفضتيه بتلك الطريقة القاسية .
كانت قد أخبرت خالتها بما حدث بينها وبين حميد
– هو لا يعرف بحقيقة مشاعري نحوه ولن أجعله يعرف أبدا .. هو لم يكن حتى يعرفني قبل أن يراني هنا .. لم ينتبه لي من قبل أبدا .. فكيف يمكن أن أصدق أنه أحبني حقا .. لقد صدته وقلت له لا وذلك هو السبب فى طلبه الزواج مني .. لست غبيه لأصدق .
تنهدت خالتها وقالت
– أعرف أبني وأعرف مساوئه كلها ولكن أؤكد لك أنه هذه المرة صادق .. شئ ما تغير فيه .
– سوف نرى .. الأيام سوف تثبت لنا ان كان قد تغير بالفعل أم لا .. وهل سيعود لفجره وفسوقه أم سيلتزم وينصلح حاله .
كانت من داخلها تدعو أن يكون قد تغير فعلا .. أحبته منذ سنين مراهقتها ولكنه كان مغرورا ومعتدا بنفسه لكي يلاحظ قريبته الصغيرة الغير مهمة .. كان يتألم قلبها وهي تتابع أخباره المشينة التي أمتلئت بها الصحف وسيرته السيئة لدى الناس .
– مهما كان مدى حبي له .. فأنا لن أربط حياتي بشخص سيجعلني أتجرع على يديه القهر .. لي كرامتي التي سوف أصونها مهما كان رأي قلبي فى هذا الأمر .
****
سألها والدها بحزن شديد
– هل مازلت مصرة على الطلاق يا أروى ؟
أبتلعت ريقها وهي ترفع رأسها أمام والدها وكانا بحجرتها فى بيت ذويها
– بلى .. أنا مصرة على الطلاق .
– لقد أعتذر وقال أنه نادم على ما فعله .
– فليندم لنفسه فقط .. لم يعد يعنيني في شئ .
جادلها والدها برقة فهو مثل كل الآباء يكره أن يرى خراب بيت أبنته
– فكري في اولادك .
قالت
– لن يجوعوا ولن يشردوا .. لطالما كنت أربيهم وحدي وهو بعيدا يبحث عن ملذاته .. لن يتغير شئ فى حياتهما فوجوده مثل عدمه بالنسبة لنا .
هز والدها رأسه قائلا
– كما تشائين .. لله الأمر من قبل ومن بعد .
أنسابت دموع أروى بعد خروج والدها .. تبكي حبها .. تبكي كبريائها .. تبكي سنين عمرها التي ضاعت بين الغش والخداع ..
ليس سهلا عليها أن تترك فراس فرغما عنها كانت تحبه ومازالت ولكن ان بقيت معه بعد ما أكتشفته لن تحترم نفسها بعد ذلك أبدا .. سوف تضحي بالبقية الباقية من كرامتها التي أهانها بقصد منه .. هذا غير الغيرة التي تقتلها كلما فكرت وتخيلت أنه كان ينام فى أحضان غيرها من النساء .. آه لو يشعر كل الرجال .. كيف يحترق قلب انثاه وتموت فى الثانية ألف مرة عندما ينتمي وليفها بجسده لغيرها .. لما فعل بها هذا .. قد تتحمل المرأة أحيانا غدر الرجل من أجل الحفاظ على أسرتها واستقرار أبناءها ولكنها أبدا لا تغفر ولا تسامح والجرح الذي شق صدرها بسكين غدره يظل مفتوحا لا تندمل جراحه أبدا .
****
صعد حميد الى القارب لا يعرف اذا ما كان ادم سوف يتقبل وجوده بعد ما حدث بينهما أم لا ؟
عرف من بيدرو ان أدم مازال يرسو بالقارب فى مونت كارلو وانه رفض العودة الى اسبانيا واصر عليه ان يتركه وحده .. وصف بيدرو حاله له بأنه صعب .. حزينا ومكتئبا ولا يتحدث كثيرا .. وقال ان زينة اختفت وان ادم لم يستطع العثور عليها .. اراد حميد ان يكون بجوار صديقه يتحدث معه ويخفف عنه همه ويساعده فى العثور عليها ..
صعق حميد عند رؤيته لآدم .. الرجل القوي المعتد بنفسه المرفوع الهامة دائما تحول الى شخص ضعيف النظرات واهن الهمه بوجه شاحب وعينان خاويتان نظر اليه وابتسم ابتسامه صغيرة ليس لها معنى وقال
– تعال .. لا تبدو بخير انت ايضا .
سار حميد خلفه الى الداخل وهو يتمتم
– هذا صحيح .
نظر اليه آدم من خلف كتفه وقال
– فراس هنا أيضا .
تسمر حميد في مكانه وشحب وجهه فتابع آدم
– تركته زوجته وهو في حالة يرثى لها .
عبس حميد
– كاميليا ؟
جاءه صوت فراس حادا من الممر المؤدي الى غرف النوم قائلا
– بل اروى .
ثم ضم شفتيه بقوة ثم تابع وهو يتقدم اليه
– اروى ما كانت لتسمح لك بمجرد النظر اليها .
رد حميد بخفوت وهو مطرق الرأس
– اعرف
قال فراس
– وما كانت لتجعلك ترى خصلة من شعرها
– انا متاكد من ذلك .
– اروى ما كانت لتلوث شرفي مع اي رجل .
حدق حميد وآدم فيه بصمت وكانا يعرفان انه يعاني كثيرا خاصة عنما قال بلوعة
– انها مصرة على الطلاق ولن تعود الي مرة اخرى ابدا .
اقترب منه حميد بتردد يخشى ان يرفض مواساته له ولكن فراس كان بحاجة الى من يطيب خاطره وكان حميد الاكثر لينا من آدم ولا يخجل من اظهار تعاطفه …
تعانقا بقوة وقال حميد وبحلقه غصة
– انا آسف .. سامحني يا فراس .. كنت سيئا جدا واظن انني ادفع الأن ثمن اخطائي .
تركهما آدم وحدهما ليتصافيا فاخبره حميد عن جنة
– وجدت اخيرا فتاة جيدة جدا بالنسبة لي .. واظن انني أحببتها اكثر مما كنت اتوقع .. رفضها لي آلمني بشدة اكثر بكثير مما شعرت به عندما رفضتني زينة .. زينة كانت شئ جديد تعلقت به وتعاملت معها على انها جائزة يفوز بها الافضل منا .. لقد غيرت نظرتي للنساء ولكن جنة غيرت نظرتي للحياة كلها .
– انت لا تستحقها .. كما أنا لا أستحق أروى وآدم كان اغبى من فينا .
اعتدل حميد وقال
– سوف نساعده لكي يجدها .
أغتمت عينا فراس وقال
– زينة لم تضيع حتى نبحث عنها
سأل بدهشة
– أين هي اذن ؟
– تزوجت .
– ماذا ؟!!! من؟
– تزوجت من خطيبها السابق .
صرخ حميد باستنكار
– القواد ؟
هز فراس راسه بأسف
– نعم هو .. ونحن السبب .. وجدها بعد ان تخلينا عنها جميعا وتركناها .. عاد آدم للبحث عنها وكانت قد اختفت ولما وصل اليها كانت قد تزوجته .
شعر حميد بمزيد من الغضب من نفسه وحملها الوزر الاكبر لما حدث لها وقال بكدر
– وآدم ..
لوى فراس شفتيه بمرارة
– كما ترى حاله .. يتألم ويتوجع فى صمت .. وينتظر .
– ما الذي ينتظره ؟
– ينتظر أن تعود اليه .
جاء صوت آدم يكمل ما يقوله فراس
– وعدتها ان اظل هنا فى انتظارها .. تستحق ان انتظرها ما تبقى من عمري .
وقف حميد واقترب منه ولم يتردد في معانقته كما فعل مع فراس .
– لن تنتظر طويلا للأسف .. فأنت تستحق أن تعاني وانا لا انوي ان أخفف عنك .
استدار ثلاثتهم الى مدخل حجرة الجلوس وصرخوا بصوت واحد وهم في حالة عدم تصديق
– زينة !!!
كانت تقف أعلى الدرج وقد نحفت كثيرا وكان هناك جرح فى طريقه للشفاء أعلى جبهتها .. وجهها بدا مرهقا ونظراتها كئيبة وقالت
– هل لديكم عمل لي ؟ .. فقد أصبحت وحيدة من جديد .
******
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية ملاك يغوي الشيطان) اسم الرواية