رواية ابالسة الانس الفصل الرابع 4 - بقلم هنا عادل
محسيتش غير وانا مفتحة عيني وشايفاها واقفة قصادى بالظبط بينزل من بين شفايفها المقززة مادة لزجة بتلحسها بلسانها الغريب الطويل جدا وقالتلي بفحيح:
– من دلوقتي انا وانتي واحد.
وفجأة اتحولت لبخار اسود ومع صرختي حسيت اني اتكتمت وصدري اتملى نااااااار وكأن فيه حد قلب جوايا مياه نار شوهتني وبتقتلني بالبطيء، اتسمرت مكاني مش قادرة اتحرك مش عارفة وقت قد ايه، حاسة بألم جوة صدري بيموتني بس مش قادرة اعبر او اطلع اللى جوايا بأي شكل، وانا فى الحالة دي سمعت نفسي بتكلم بصوت تخين عن صوتي وبقول:
– هنبدأ باللي فى البيت هنا الاول، علشان نقدر نخلص من كل الباقيين.
انا سامعة الصوت، وشفايفي هي اللى بتتحرك، ومفيش حد تاني معايا فى الاوضة، لكن مش حاسة ان انا اللى الكلام خارج من جوايا، فجأة حسيت اني اخدت نفسي وبرغم اني استنشقت ريحة شياط ودخان غريب مالهوش وجود غير جوايا انا بس الا اني كنت شبه اللى شارب شيشة لحد ما طلعت من عينه وكأن الفحم كان والع جوايا، وحسيت ان فيه سخونية غريبة فى عيني، اتحركت من مكاني وكأني بتحرك بقوة دفع، وقفت قصاد المرايا وشوفت عنيا لونها بيعكس ما بين العسلي والابيض، اه انا عيني عسلي، كان منظرها مخيف وبرغم كده انا ابتسمت، ابتسامة غريبة عليا، مكانتش ابتسامتي، لكن من جوايا فيه طاقة محتاجة تخرج، حاسة ان فجأة اتمليت نشاط عكس اللى عندي فى العادة يعني، حركتي خفيفة جدا وكأني مش انا اللى بمشي، روحت وقفت قدام دولابي فتحته وبصيت له بقرف وعدم رضا، طلعت هدوم وغيرت ولقيت نفسي خارجة من الاوضة بشيل كل السور القرأنية او اي مصحف وحتى سجادات الصلاة شيلتها، وجيبت كيس كبير وحطيت فيه كل الحاجات دي ونزلت لحد مدخل البيت حطيتهم فى برميل الزبالة اللى على باب الشارع بتاعنا، اكيد فى الطبيعي انا كان مستحيل اعمل كده، مهما كان القرف اللى جوايا اكيد مش هتوصل بيا للدرجة دي، لكن انا من اليوم ده وانا كنت بتحرك كأنسان الي، اللي ناعووودي عايزاني اتحرك تجاهه هو ده اللى بيحصل مني، بعد ما وصلت على باب الشارع لقيت همس فى ودني بيقولي:
– يلا علشان نلحق ندفن السحر.
مشيت من غير ما اعرف ا نا رايحة على فين، وصلت لمكان كده مش بعيد عن منطقتنا، لكن كان زى الخرابة، فاضي ومليان زبالة وكلاب، برغم اني مش بحب الكلاب وبقلق منهم الا اني دخلت وسط الخرابة دي وعلى كوم من الزبالة لقيت نفسي بقعد وشفايفي بتتحرك، مش عارفة ولا فاهمة ايه اللى بيتقال بس سامعة صوتي وهو بيردد كلام غريب مش مفهوم بصوت يقشعر الجسم من الخوف، فى وقت ترديد الكلام حسيت ان فيه حاجة بتسيل على وشي، لمستها بأيدي وحطيت ايدي قدامي لكن انا مش شايفة ايدي اصلا، مع ترديد الكلام لقيت الارض قصادي بتتحفر، مش عارفة ازاي انا كنت شايفة الارض وهي بتتحفر لواحدها ومش شايفة ايديا، وفجأة خرجت من تحت الارض حاجة غريبة جدا، كانت زي حتة الكبدة النية اللى لسة خارجة من بطن حيوان، مديت ايدي مسكتها وكانت سخنة بشكل غريب، وحطيتها بين شفايفي وكأني بنهشها وبعد ما عضيتها فتحت فيها فاتحة بأسناني وطلت من بين هدومي ورقة وحطيتها فى الفاتحة دي، وبصيت لها بعد ما خلصت وبنظرتي ليها رجعت سليمة زى ما كانت والفاتحة اختفيت، حطيتها بأيدي على الارض مرة تانية وشفايفي اتحركت من تاني بتردد تقريبا نفس اللى اتقال، اتدفنت الحاجة اللى كانت معايا دي وكأن مكانش لها اثر، قومت مشيت من مكاني واول ما خرجت من الخرابة دي ببص حواليا وانا حاسة بأن فيه حاجة لسه سخنة على وشي، مديت ايدي تاني على وشي مسحت اللى عليه وببص على ايدي لقيت تحت عيني زى سيل دم احمر، استغربت، تخيلت ان ده ممكن يكون من اللى حصل جوة المكان ده، مسحت ايدي فى هدومي ورجعت مسحت بيها وشي تاني ولقيت نفس اللون ونفس المادة اللى مسحتها، اه عيني كانت بتنزف دم، خوفت لكن هي قالتلي فى ودني:
– اتعودي، دى لحظات حضوري على جسمك.
انا مش عارفة ارد اصلا عليها، انا بستقبل بس، هي اللى بتعمل وهي اللى بتقول وهي اللى بتتحرك وانا مجرد الة هي اللى بتتحكم فيها، رجعت البيت وطلعت على فوق وكان باب خالي مفتوح طبعا، شافتني بسمة وانا طالعة وندهت عليا، بصيتلها ومن جوايا فجأة حسيت بنار قايدة جوايا، صوت ناعودي رن فى ودني وهي بتقولي:
– مش بتحبك، بتتمنى ليكي الأذى، عايزاكي حزينة ومكسورة طول عمرك.
فى نفس اللحظة اللى قالتلي فيها كده طلعتلي بسمة على الباب:
– انتي كنتي فين يابنتي؟ ونزلتي امتى؟ معدتيش علينا ليه؟ دى عمتو جوة.
رديت عليها وكانت اول مرة اسمع صوتي من وقت اللى حصل:
– نزلت شوية، كنت بشحن تليفوني.
بسمة:
– طيب ادخلي، انا بحضر الغدا، تعالي بقى اتغدي معانا.
دخلت فعلا سلمت عليهم كلهم ومن جوايا حاسة انهم كلهم جواهم ليا كره غريب، سيبتهم يكملوا كلامهم ودخلت وقفت مع بسمة اللى ابتديت تعمل الاكل وهي بتقولي:
– ايه الجديد؟
رديت وقولتلها:
– مفيش، انتي ايه الجديد عندك؟
قالتلي:
– مفيش، احمد كلم بابا وعايز ييجي يتقدملي، بس بابا لسه مش واخد قرار.
قولتلها بغيظ:
– عايز ييجي يخطبك؟ بجد؟ غريبة يعني!!
لقيتها بصيت ليا وقالتلي:
– ليه يا هند غريبة؟ اومال هو بيحبني علشان يصاحبني بس ولا ايه؟ ما هو طبيعي كان لازم هييجي الوقت ده.
لقيت نفسي بتغاظ اكتر:
– يابنتي بس انتي لسه صغيرة، وبعدين ده عايز يتحكم فيكي، متكلميش دي ومتقابليش دي، ده كاتم على نفسك وانتي فى بيتك وبيت ابوكي، اومال لما يبقى خطيبك بقى هيعمل معاكي ايه؟
رديت بسمة وقالتلي:
– لاء، مش اوي كده يا هند، هو بس له نظرة فى البنات اللى بتعامل معاهم، مش بيقولي ابعد عن واحدة منهم الا لو كان شاف منها حاجة، وبعدين احنا متربيين سوا يعني وحافظين بعض، مش هتوصل بيه للي انتي بتتكلمي فيه ده.
اقتناع بسمة بأنها تتخطب لأحمد جارنا اللى بيحبها من وهي عيلة غاظني، ازاي هي تتخطب وتاخد اللى بتحبه وانا واخواتي قاعدين كده محدش بيعبرنا؟ لاء وكمان اللى اتجوزوا اتطلقوا!! مش عارفة ده غل جوايا ليها ولا ده بسبب ناعووودي، لقيت نفسي بقولها:
– طيب برضو لو ابوكي سألك استنى لحد ما نعمله اختبار كده، مش يمكن يكون بيمثل عليكي انه مش مع حد غيرك وتلاقيه ماشي مع نص اصحابك اللى بيقولك عليهم لاء دول؟
سابت بسمة اللى فى ايديها وبصيت ليا بتركيز وقالتلي بتوتر:
– لاء يا هند، مستحيل يا شيخة، احمد محترم ومش بتاع الكلام ده، ودايما حاططني انا واخته قدام عينه قبل اي حاجة.
قولتلها بوسوسة شيطان:
– طيب خلينا نخلص الغدا وانا هقولك هنتأكد ازاي، بس لو طلعت انا صح يبقى هتقطعي علاقتك بيه نهائي والا انا اللى هقول لخالي على انكم بتتكلموا مع بعض.
رديت بسمة بأستغراب:
– مالك يا هند؟ انتي ليه متحاملة عليه اوي كده؟ ده انتي مكنتيش بتقولي كده لما كنا بنتكلم عادي من غير ما حد يعرف ولا الموضوع ياخد خطوة رسمي!! ايه اللى اتغير؟
كان لازم ارد عليها من غير تفكير:
– يابنتي كل البنات بتصاحب وبتمشي، وانا قولت انتي بتتسلي لحد ما تلاقي حد كويس ويستاهلك، لكن مدام الموضوع دخل فى الجد…لازم نتأكد ان ده اللى ينفع تفضلي معاه.
بسمة رجعت تكمل اللى بتعمله وهي بتقولي:
– كلامك كأنك متعرفنيش ياهند، هو انا من امتى كنت من الناس اللى بتسلي نفسها بالكلام مع الرجالة؟ احمد ده لو مش من زمان واحنا عارفين اننا هنكون لبعض اكيد مكنتش اتكلمت معاه كل ده، هو لا كلم بنات ولا يعرف غيري، وانا كمان زيه، وانتي اكتر واحدة عارفة ده، مش عارفة ازاي بتقولي عني كده؟
حسيت انها بترمي عليا بالكلام، او اللى جوايا اقنعتني بكده:
– انتي قصدك ايه بأنك مش من الناس اللى بتسلي نفسها بالرجالة؟ انتي بترمي بالكلام عليا يا بسمة؟ عموما انتي حرة، بس انا لو مش متأكدة ان احمد ده خاربها من وراكي مكنتش قولت كده، وانتي حرة.
سيبتها وخرجت وانا عارفة ان كلامي ده هيشتغل فى دماغها ويقلقها، خاصة اني قلبت عليها وهي عارفة اني مش بقلب كده الا لو زعلتن وكان لازم اعمل ده علشان اخليها تيجي تصالحني وتقول:
– عندك حق يا هند، خلاص شوفي ايه الصح وانا معاكي فيه.
برغم انها عارفة اني مش صح فى حياتي، لكن عندها ثقة تامة فى اني مش بتمنالها غير الخير، وانا اصلا قلبي مفيش فيه ذرة خير لأي حد من قبل ناعووودي حتى، وكانت بسمة اول اهدافي برة باب شقتنا.
يتبع……
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية ابالسة الانس ) اسم الرواية