رواية ملاك يغوي الشيطان الفصل الخامس 5 - بقلم مايسة ريان
توقعت زينة من نبيلة أن تتأنق لتظهر أكثر جمالا منها ولكن .. بينما هي ترتدي ملابس كلاسيكية مسائية أنيقة كانت نبيلة ترتدي ملابس كاجوال عبارة عن جينزا عاديا وقميصا فضفاضا وحذاء رياضي قديم فظهر التناقض جليا بينهما وعندما جاء خالد فى الثامنة لأصطحابهما صعد ليسلم على والديها قبل أنصرافهم ووقف متجمدا عند الباب عندما وقعت نظراته على زينة فأحمر وجهها خجلا بالتأكيد مظهرها الجديد قد فاجئه .. لأول مرة تكون أنيقة وراقية هكذا وكانت سعيدة وفخورة بنفسها وقد ساعدتها نبيلة على التزين وقد شكرت لها صنيعها عندما عرضت عليها أيضا أن تصفف لها شعرها .
كان خالد متعجلا على الذهاب ورفض بأدب دعوة أمها لشرب شئ ما قبل ذهابهم وفى السيارة أحست زينة بأن هناك شيئا ما يزعجه فقد كان متجهم ولم يتحدث اليها وكانت نبيلة صامته كذلك وجلست بوداعة فى المقعد الخلفي ورأسها محني لأسفل .. شعرت زينة بعجز غريب يمنعها عن قطع الصمت الموتر للأعصاب بين ثلاثتهم وكانت تتساءل عن سبب هذا …
بعدما خرجوا من منطقتهم وأصبحوا فى الطريق العام قال خالد ببرود وعيناه مسلطتان على وجه نبيلة فى المرآة الأمامية
– أين ؟
تفاجأت زينة من السؤال الذي لا معنى له بالنسبة لها على الأقل ولكنه لم يكن كذلك بالنسبة لأختها التى قالت
– في أي مكان هنا .
أوقف السيارة على جانب الطريق وترجلت نبيلة من السيارة فاستدارت زينة اليها بحدة وقالت
– الى أين أنت ذاهبة ؟
نظرت نبيلة الى خالد نظرة سريعة ثم قالت
– لدي موعد مع صديقة لي .
قالت زينة عابسة
– ولكن أبي يعتقد ..
قاطعتها نبيلة بملل
– يعتقد أبي أنني معك وهذا يكفي .
ثم أبتعدت وهي تشير لهما بيدها .
أستأنف خالد السير فسألته زينة
– كنت تعرف أنها لن تذهب معنا .
قال بهدؤ
– أخبرتني بذلك عندما تركتنا وذهبت لجلب حقيبتك .
قالت بخفوت
– اذن أعدني الى البيت .. سيغضب أبي ان ذهبت وحدي معك .
قال خالد بصبر وهو مستمر فى طريقه
– لا داعي لأن يعرف .
أستدارت اليه بحدة فأبتسم لها ليخفف من حدة الموقف وقال
– أعلم أنك لا تحبين الكذب عليه ولكن ان أعدتك الأن .. ماذا ستخبرينه عن المكان الذي ذهبت اليه أختك .. هه ؟ ستكون المشكلة أكبر حينها أليس كذلك ؟ ثم لا خوف عليك معي .
ومع ذلك ظلت قلقة .. فلو أكتشف والدها أنها ذهبت من دون نبيلة سيغضب منهما .
سألها خالد بهدؤ بعد وقت وقد تخللت نبرة صوته بعض الضيق أستطاعت أن تتلمسه
– لماذا ترتدين هذه البلوزة ؟
تفاجأت زينة من السؤال وأحمر وجهها وقالت
– ألا تعجبك ؟
رد بضيق
– بلى .. لا تعجبني .
الأن أصبحت على شفير البكاء فأبتلعت ريقها وقالت بصوت يختنق
– كنت أظن أنها ..
قاطعها بتوتر وعصبية
– وشعرك .. لا أحبه بتلك الطريقة .
رفعت يدها بعفوية الى شعرها وأحتاجت الى قوة ارادة كبيرى لتمنع دموعها عن الأنهمار .. يبدو أن خالد قد شعر بأنه ضايقها وجعلها تعيسة فقد أوقف السيارة على جانب الطريق مرة أخرى واستدار اليها قائلا بندم
– أنا آسف .. لم أقصد أن أحزنك .. أنظري الي .
كانت مطرقة الرأس لتخفي الدموع التى بللت رموشها .. أمسك ذقنها ليرفع وجهها اليه وقال برقة
– أنا حقا آسف .. أحيانا أصبح فى مزاج سئ عندما لا تسير الأمور كما أريدها .. كما أنني أحب أن أراك على طبيعتك .. لا تتلوني وتتشبهين بأحد آخر فأنت جميلة دون الحاجة الى كل ذلك .
أبتلعت ريقها وهزت رأسها وحاولت أن تبتسم فابتسم لها مشجعا
– أنت جميلة فى كل الأحوال .
شعرت بالراحة قليلا وقالت بخفوت
– أنها فى الحقيقة ليست لي .
قال بجفاء وقد تصلبت ملامحه
– أعلم أنها ليست لك .. فقد رأيت أختك ترتديها من قبل .
أحمر وجهها أكثر وقالت
– لقد أستعرتها منها .. أردت أن أكون مميزة الليلة من أجلك .
سمعته يأخذ نفسا عميقا وقد اشتدت أصابعه على ذقنها وقال
– أنت مميزة فى كال الأحوال مهما كان ما ترتديه وقد أخبرتك بهذا من قبل .
وعندما أستأنف القيادة كانت زينة غير قادرة على كبت أبتسامة السعادة التى أرتسمت على وجهها .
****
توقف خالد بالسيارة أمام بناية شاهقة تطل على النيل فسألته زينة
– لماذا توقفنا هنا ؟
مرت لحظات ظنت أنه لن يجيبها ولكنه قال أخيرا
– هنا تسكن أمي وزوجها .
عادت زينة تتأمل البناية بنظرة جديدة وتسأله بحذر
– ولماذا نحن هنا ؟
ابتسم شاردا
– فكرت انك ربما تريدين رؤية بيتنا .. أنت لم اسأليني أبدا عنها .. أين توجد أو كيف تبدو ؟
جف حلقها ومرت رعشة برد فى أوصالها وشعرت به فجأة غريبا عنها .. وخطيرا أيضا .
– لا .. هذا لا يصح .
أدار وجهه اليها ببطئ ولم تنبئ ملامحه عن شئ وللحظات مرت كان يتفرس فى وجهها بشدة
– هل أنت خائفة مني ؟
أنكرت بسرعة
– لا ولكن ..
قاطعها بهدؤ
– ولكنك شاحبة … أنت خائفة .
قالت بصدق هذه المرة
– مرتبكة وقلقة ربما .. لا أعرف .. أنت تريدني أن أصعد معك الى شقتك وهذا أمر غير لائق فماذا تتوقع أن تكون ردة فعلي .
أدار وجهه ونظر أمامه وقد عاد الى صمته وبدا وكأنه يفكر وانتظرت بقلق .
عاد لينظر اليها برقة وقال
– ألا تثقين بي ؟
أصبحت فى حيرة من أمرها .. وقد وجهت لنفسها نفس السؤال .. هل تثق به لدرجة أن تأتمنه على نفسها وتتوقع منه أن يحترمها ويصون شرفها .. هل تعرفه بما يكفي لكي تمنحه مثل هذه الثقة اللامحدودة ؟
– زينة ؟
أبتلعت ريقها بصعوبة وحدقت فى وجهه ولمحت نظرة اشفاق تمر عبر نظراته قبل أن يتابع بحزم
– أنتظر ردك .
لا تعرف ما دفعها لهذا ولكنها وجدت نفسها تقول وعيناها القلقتان أسيرتان لعينيه
– بلى .. أثق بك .
أتسعت ابتسامته وتألقت عيناه بفرح وعاد فى تلك اللحظة الشاب الذي أسر قلبها
– اذن هيا بنا .
شعرت فجأة بأنها أسيرة .. فقد قبضت أصابعه على أصابعها بقوة كا لو كان يمنعها من الفرار …
أغلق باب المصعد ببطئ فى وجهها فتوقف قلبها عن الخفقان لحظة بدء صعوده … وأمسك بها الهلع ولكنها حاولت مداراة مشاعرها .. أرادت أن تخفي ما يعتمل فى نفسها من قلق ولكن هذا لم يستمر طويلا فقد أنطلق صوتها حادا
– حتى وان رفضت .. هذا لا يعني أنني لا أثق بك .
ترك يدها وابتعد عنها حتى يستطيع رؤية وجهها والتفرس به فقالت بلا حول ولا قوة محاولة أقناعه بوجهة نظرها دون أن تجرحه
– ماذا سيعتقد الناس عندما نصبح وحدنا بالداخل .. هذا أمر يجب أن تأخذه فى عين الأعتبار أنها سمعتي .. هذا أولا وثانيا .. ثالثا والأهم .. أبي سيغضب منا وستتغير نظرته اليك وربما يرفض أرتباطنا .
– ومن سيخبره ؟
رفعت حاجبيها بدهشة وقالت بصدق
– أنا بالطبع .. هل تخيلت أنني سأخفي عنه هو وأمي أمر كهذا .. أنني ذهبت معك لرؤية الشقة التي سوف نتزوج بها ؟
حدق فى وجهها للحظة فتح باب المصعد خلالها ولم تتوقع زينة ردة فعله فقد أنفجر ضاحكا وبشدة حدقت فيه بدهشة لا تفهم سبب ضحكه ولكنها شعرت بالراحة فهو لم يغضب منها على الأقل .
وكانا فى السيارة منطلقين فى طريقهم من جديد
– أنت لست غاضبا حقا ؟
– لا لست غاضبا ..
ثم نظر اليها مبتسما
– أقتنعت بوجهة نظرك .. فأنت مقنعة جدا فى الواقع .
أبتسمت زينة بفرح فقد رضخ لمشيئتها ولم يصر عليها لترى الشقة وضغط على زر الهبوط ومن وقتها وهي تكاد تطير من الفرح والراحة معا
– آه شكرا لك .
ضحك مرة أخرى وقال
– تشكرينني ؟
– نعم .. فرأيك بي يسعدني .
****
أوقف خالد السيارة فى موقف سيارات تابع لملهى ليلي أنيق يقع فى شارع هادئ فسألته
– لماذا توقفنا هنا ؟
– أتفقت مع نبيلة أن تنتظرنا هنا فلا يجوز أن تعود كلا منكما بمفردها .
كانا قد تناولا العشاء فى مطعم الفندق الذي تعمل به وكانت مفاجأة لها أن يأخذها الى هناك .
سألته زينة بحدة
– نبيلة هنا ؟
– هنا تعرفت على أختك .
قالت بغم
– هنا ؟
قاطعها أقتراب رجلين فى بذلات رسمية بعضلات مفتولة يبدوان كحراس شخصيين بادرهما خالد بالقول
– لن أنزل .. الأنسة ناني بالداخل .. أخبراها أننا هنا .
وبأشارة متعجرفة من يده كما لو كان يملك سلطة عليهما عادا الى الملهى طائعين .
لم تجرؤ زينة على كسر الصمت تخشى أن تسأل وتخشى أكثر من اجابته
– أنا مضطر للسفر من جديد وعندما أعود سوف نرتب للزفاف .. وسيكون كل شئ جاهز حينها .
– ولكني أريد أولا ان ..
قاطعها بحزم
– الشئ الوحيد الذي يجب أن تعرفيه هو أنني أنوي أن أبدأ حياة جديدة معك .. جديدة بكل شئ .. سأتخلى عن الكثير من أجلك .. ماضي لا أستطيع تغييره ولكن مستقبلنا سيكون شيئا آخر .
الوعد فى كلامه والصدق فى عينيه جعلها تؤنب نفسها على قلة ثقتها به وبحبهما ولكنها معذورة فعلاقتهما حديثة جدا وهي مازالت لا تعرفه ولكن ما يشفع له أنه لم يكذب عليها ولم يدعي الصلاح أبدا .
****
لم يكن الوقت متأخرا كثيرا عندما أعادهما خالد الى البيت وهناك ترجلت نبيلة من السيارة وصعدت الى البيت تاركة زينة وحدها مع خالد فى السيارة
– كما أتفقنا .. عندما أعود من السفر سأجد حلا مع والدك وربما أستطيع أقناع أمي بالمجئ لزيارتكم .
قالت
– تعلم أنني لا أهتم بعائلتك .. أنت فقط من يهمني .. ولكن أبي يهتم لكي يطمأن علي فأنا أمانة عنده كما يقول .
– وستكونين أكثر أمانا معي .
– كم ستغيب فى سفرتك هذه ؟
– حوالي الشهر أو أكثر قليلا .
شهقت .. لقد ظنت أنه سيسافر لبضعة أيام .. أسبوع على أقصى تقدير كما حدث من قبل ولكن شهر ومازالا فى بداية علاقتهما !!! كان ذلك كثيرا
كسى الحزن وجهها فقال
– أعلم .. أنا أيضا يصعب علي فراقك خاصة الأن ولكن هذا العمل كنت قد أتفقت عليه قبل لقائي بك وأعدك أنها ستكون المرة الأخيرة .. عندما أعود سنتزوج على الفور .. لن أنتظر .. سيكون منزلنا قد تم تجهيزه من كل شئ وسوف أحضر لك ثوب الزفاف معي من أوروبا .. أنتظريني وثقي بي أرجوك .. لا أريد غير ثقتك .
هزت رأسها ايجابا فتبدد القلق من على وجهه وأبتسم لها أبتسامته المدمرة التى تخطف الأنفاس وتابع
– تستطيعين تقديم أستقالتك من عملك منذ الأن فأنت لن تكوني فى حاجة الى العمل بعد الزواج .
كل هذا كان كثير على عقلها ليستوعبه .. فراحت تهز رأسها موافقة على كل شئ يقوله وعندما همت بمغادرة السيارة أستوقفها
– زينة .. قد لا أستطيع الأتصال بك بأستمرار .. ولكن كلما سنحت لي الفرصة سأفعل .
– مع السلامة .
ودعته والدموع تكاد تخنقها فقال برقة
– لا تبكي .
– آسفة ولكني سأشتاق اليك .. لا تتأخر .
أبتسم لها بحنان
– سأعود بأسرع ما يمكنني .
ثم خرجت من السيارة وأشارت له بيدها مودعه .
****
– لم أتوقع أن يأخذك خالد الى هناك .
– وأنا أيضا .. لقد عاملنا الزملاء فى المطعم هناك بطريقة رائعة وخاصة مستر عماد .
لقد ظهرت الدهشة على نبيلة عندما عرفت بأنهما تناولا العشاء فى الفندق وظلت شاردة طوال الطريق الى البيت ولم تعلق على الأمر .
– لا أقصد الفندق ..أقصد الملهى .
نظرت زينة الى نبيلة بوجوم وكانتا قد بدلتا ملابسهما استعدادا للنوم
– آه ذلك المكان ؟
قالت نبيلة بجمود
– أعتدنا ان نلتقي فيه مع الأصدقاء .. أقصد أنا وخالد .
ثم أشاحت بوجهها وتابعت
– عذرا فأنا لم أتخيلك ترتبطين بشاب عابث مثله .
ردت زينة بتثاقل
– وعدني بأن يتغير.
رمقتها بطرف عينيها بنظرة ساخرة وسألتها بأشفاق ساخر
– وصدقته ؟
– نعم .. فأنا أثق به .
هزت نبيلة كتفيها ثم أندست بفراشها ولم تقل شيئا
أستلقت زينة على فراشها بدورها وعقلها مشوش .. أستدعت وجه خالد فى رأسها .. نظرات عينيه الحانية والصدق الذي شعرت به فى صوته وهو يعدها بأنه سيتغير من أجلها
ثم تمتمت لنفسها بصوت منخفض
– نعم .. أنا أصدقه .
****
خبت فرحة زينة بحبها الوليد عندما تعرض والدها لوعكة صحية ولازم الفراش وقال الطبيب بعد أطلاعه على التحاليل والأشعة أنه يحتاج الى عملية بالقلب لوضع دعامات للشرايين وأصر الطبيب عليهم أن يعجلوا بأجراءها والا سيظل يتعرض لهذه النوبات التى ستكون نهايتها سيئة . وكانت العمليه تكلف مبلغا كبيرا من المال وهم لا يملكون من هذا المال الى أقل القليل .
فور أنصراف الطبيب أختفت نبيلة فى حجرتها وقد وجدتها زينة تبكى بحرقة فوق فراشها فأسرعت اليها تحيطها بذراعيها
– ماذا بك يا حبيبتى ؟
حاولت نبيله دفعها عنها ثم عادت وأستسلمت للنحيب مرة أخرى بين ذراعيها فقالت زينة بحزن
– أنت حزينة من أجل أبى ؟ .. ان شاء الله سوف تجرى له العملية ويكون بخير .. لا تبكى .. أنت تحبينه بشدة .. أعرف .. كلنا كذلك يا حبيبتى .
وانسابت دموعها بدورها
قالت نبيلة بمرارة وهى تحاول الأبتعاد عن ذراعيها مرة أخرى
– نعم أحبه .. لكنه يفضلك علي .
قال زينة بقلب مثقل
– أنت مخطئة .. أنه يحبك وأكثر مما يحبني .
نظرت اليها نبيلة مجفلة شاحبة الوجه فتابعت زينة
– ان كان يحتد عليك أحيانا فهذا من شدة خوفه عليك .. كل أب يفعل مثله
وقفت نبيلة وراحت تجفف دموعها وهى تقول بصوت مرتجف
– معك حق .. مرضه أثر في بشدة وجعلنى أشعر كم كنت أنانية وكم أتعبته معى وهو مريض .
نظرت اليها زينة مشفقة على حالها
– لا يجب أن تفكرى بتلك الطريقة حبيبتى .. المهم الأن أن نفكر كيف ندبر له مصاريف العملية .
قالت نبيلة بعد لحظات وقد لمعت عيناها
– أنا لدي حل .
سألتها زينة بلهفة
– حقا .. وما هو ؟
– أحد معارفى وجد لى عملا على يخت سياحى لمدة أسبوعين .. كمضيفة براتب خمسة آلاف دولار ولكن وكما تعلمين فقد أستنفدت كل أجازاتى ولن يسمح لى بأخذ أجازة لمدة شهر كامل .
ذهلت زينة من قيمة المبلغ وقالت
– حقا ؟ .. كل هذا المال من أجل أسبوعين فقط ؟
ثم سألتها وقد تذكرت المكالمة الهاتفية التى تلقاها خالد وهم عائدون من الساحل الشمالي وكان من سيدة تدعى فريدريكا تمتلك يختا تقوم بعمل رحلات سياحية على متنه
– من وجد لك هذا العمل .. خالد ؟
نظرت اليها نبيله بتوتر
– وما علاقة خالد بالأمر ؟
أخبرتها زينة عن تلك المكالمة التى أستمعت اليها فأبتلعت نبيلة ريقها وقد أزداد توترها وقالت
– نعم .. خالد من عرض علي هذا العمل ولكن كان ذلك قبل خطبتكما .. وكنت قد رفضته لأن أبي كان سيرفض ولكن بعد ما حدث فكرت أن أقبل .
ثم نظرت الى زينة وقالت بتصميم
– لكن أنت من يجب أن يذهب بدلا منى .
قالت زينة بذعر تقريبا
– أنا ؟
– لا أحد غيرك .. هذا المبلغ سيساعد فى عملية أبى .. وأنت تستطيعين بسهولة الحصول على أجازة أو تقديم أستقالتك ففى كل الأحوال سوف تتركين العمل قريبا .
ترددت زينة للحظات ثم قالت بتردد
– ولكن .. هل سيوافق خالد أو أبى على ذلك العمل وخاصة وأن به سفر ؟
أمسكت نبيله بيديها بقوة باصرار وهي تضغط على أسنانها
– لا يجب أن تقولى لهما الحقيقة .. ستقولين لأبى أنك ستسافرين الى فرع الفندق فى العين السخنة لسد عجز الموظفين هناك أو لمزيد من التدريب .. وخالد مسافر لمدة شهر ويمكن لأكثر من ذلك فقد تعودين قبل عودته .
– أستطيع أخباره بالحقيقة .. سيكون هذا أفضل من الكذب عليه وهو بالتأكيد لن يعترض خاصة عندما يعرف عن حالة أبى .. وسوف يكون مطمئنا علي لأن أصحاب العمل أصدقاء له .
صاحت نبيلة فى وجهها بغضب أجفلها
– غبيه .. لو قلت له سيعتقد أننا ندفعه ليتكفل هو بعملية أبى .. وكما تعرفين .. أبى عزيز النفس وسينظر الى الأمر على أنه اهانة له وسيرفض بالتأكيد .
أطرقت زينة تفكر .. نبيله معها حق .. سيرفض والدها نقود خالد .. لقد غضب بما فيه الكفاية عندما أخبرته أن خالد يرغب فى التكفل بكل مصاريف الزواج وجهازها أيضا وقال لها
– هل تريدين أن أظهر بمظهر العاجز أمام نسيبي وأنني غير قادر على تجهيز بناتي ؟
أمتقع وجهها حينها وحاولت الدفاع عن نفسها قائلة
– لا يمكن أن أقصد شيئا كهذا .
قال بوجه متجهم
– كانت أمكما تقوم بتجهيزكما منذ أن كنتما طفلتين .
أعترضت زينة
– ولكنه جهاز نبيلة .
– أنه لمن تتزوج فيكم أولا .. ولأن نبيلة الأكبر كنا نعتقد أنها من ستتزوج أولا .. لهذا فهو لك .
*****
عندما أصبحت زينة على متن اليخت شعرت بالخوف ..
فقد كانت ذاهبة الى المجهول وستصبح وحدها بين أناس غرباء وسط اللامكان ولكنها حاولت أن تتشجع من اجل والدها .. لقد أخذت نبيلة المال بالفعل وهي مجبرة على أداء عملها نظير ذلك المبلغ الكبير .
لقد وافقت السيده فريدريكا على أٍستبدالها بأختها عندما ذهبتا لمقابلتها فى الفندق بالأسكندرية .. أولا تحدثت معها نبيلة وقد صعدت اليها فى غرفتها من دون زينة التى أنتظرتها فى البهو ومن ثم أتصلت بها فصعدت اليهم .. فوجأت زينة من شكل المرأة وعمرها فقد كانت تتخيلها متوسطة العمر ولكنها وجدتها صغيرة فى أواخر العشرينات من عمرها تقريبا وشديدة الجمال .. ذلك الجمال الأشقر وكأنها لوحة فنية وليست حقيقية وفكرت بغيرة أن خالد يعمل معها وقد ضايقها هذا ولكن ما أراحها قليلا أنها رأت شخص قدمته لها على أنه زوجها .. لم يكن يقارن بخالد بالطبع فقد كان نحيفا أمهق بنظرات وجدتها زينة منفرة وخبيثة وهو يتفحصها وكأنها سلعة ما ووجدت فريدريكا مهتمة برأية فى أن تأخذ مكان نبيلة فى العمل وجاءت موافقته بهزة متعجرفة من رأسه .. كان يتحدث العربية ولكنها فشلت فى تحديد جنسيته .
وبعد أن تمت الموافقة سلمت لهما زينة جواز سفرها ووقعت على بعض الأوراق الخاصة بالعمل وعادت الى القاهرة مع نبيلة التى غادرها الحماس فجأة وأصبحت عصبية خاصة عندما أسرت لها زينة قائلة
– نبيلة .. أنا خائفة .. لا أعرف ما هو المطلوب مني عمله هناك بالضبط .
****
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية ملاك يغوي الشيطان) اسم الرواية