رواية الشيخ والمراهقة الفصل التاسع 9 - بقلم سارة علي
” فارس قل شيئا …”
هتفت بها لمار الى فارس الذي اخذ يتطلع إليها بملامح جامدة خالية من أية تعابير…
” فارس …”
همستها بنبرة باكية بينما جسدها يرتجف بالكامل من شدة البكاء …
نهض فارس من مكانه وتحرك متجها خارج الغرفة تاركا اياها لوحدها تبكي بصمت …
حمل فارس هاتفه واتصل بسائقه وأمره ان يطلب من الخادمة ان تجمع ملابس لمار وتضعها في حقيبة كبيرة وترسلها معه …
وبالفعل نفذ السائق ما قاله … وجاء وهو يحمل معه حقيبة تضم كل اشياء لمار الخاصة وملابسها ….
حل الصباح وأخذ فارس الموافقة من الطبيب بإخراج لمار من المشفى …
اتجه فارس الى الغرفة التي تقطن بها … فتح الباب ودلف الى الداخل ليجد الممرضة تساعدها في النهوض …
” فارس ..”
همست بها لمار بنبرة متلهفة بينما اقترب فارس منها وسألها بنبرة باردة :
” هل انت جاهزة لنخرج من هنا …؟!”
اومأت برأسها وهي تجاهد لتقاوم دموعها اللعينة …
” هيا بنا …”
قالها وهو يمسكها من ذراعها ويسير بها خارج الغرفة بل خارج المشفى بأكمله …
أركبها سيارته وركب هو في كرسي السائق خلف المقود وبدا في قيادة السيارة …
أبعدت لمار بصرها بعيدا عنه وأخذت تتطلع من النافذة وهي تمسح دموعها التي بدأت تهطل من مقلتيها بغزارة …
مرت حوالي نصف ساعة لاحظت لمار خلالها بأن الطريق لا يشبه طريق المنزل …
ارتبكت لمار كثيرا وهي تسأله بأعصاب مشدودة:
” لماذا غيرت طريق العودة …؟!”
اجابها دون ان ينظر اليها :
” لن نذهب الى المنزل …”
عادت وسألته بتوجس :
” إلى أين سنذهب اذا …؟!”
” ستعرفين بعد قليل …”
ابتلعت لمار ريقها وأشاحت ببصرها بعيدا عنه بينما اخذ جسدها يرتجف كثيرا من شدة الخوف …
مرت عدة ساعات غفت فيها لمار دون ارادة عنها … اوقف فارس سيارته امام منزل والدها … تطلع اليها بملامح مترددة قبل ان يمد كف يده ويلمس شعرها بأنامل مرتجفة…
لحظات وابتعد عنها ثم اصدر صوتا عاليا أيقظها من نومها … انتفضت لمار من مكانها على صوته لتجد نفسها أمام منزل …
نقلت بصرها بينه وبين المنزل الذي أمامها بملامح مصعوقة قبل ان تسأله :
” ماذا نفعل نحن هنا …؟!”
هبط فارس من سيارته دون ان يجيبها … اتجه وفتح الباب لها ومسكها من كف يدها وأنزلها من السيارة …
قادها نحو المنزل بعدما أمر البواب بإنزال حقيبتها …
وجد عادل يفتح له الباب مرحبا به قبل ان يتغضن جبينه بحيرة من منظر ابنته المرهقة فيسأله بسرعة وقلق :
” ما بها لمار يا فارس …؟! هل هي بخير …؟!”
اجابه فارس وهو يحرر كف يدها من يده :
” انها مجهدة قليلا …”
ثم اشار الى حقيبة ملابسها التي جاء البواب بها :
” هذه حقيبة ملابسها واغراضها …”
” فارس ارجوك …”
قالتها بضعف بينما سأل عادل بجدية :
” ماذا يحدث هنا بالضبط ..؟!”
اجابه فارس نيابة عنها :
” دعها هي من تشرح لك … اتمنى ألا تؤذها … ”
ثم التفت الى لمار التي اخذت تتطلع اليه بنظرات مترجية لكنه لم يبال وهو يقول :
” لمار … انتِ طالق …”
” لاااا …”
صرخت بها ثم ما لبثت ان انهارت باكية بينما تحرك فارس متجها نحو سيارته وهو يجاهد لكي لا يفقد سيطرته ويستدير نحوها …
………………
” وهكذا انتهت حكايتي مع فارس ….”
اغلقت لمار دفتر مذكراتها وتنهدت بصمت ….
حملت حقيبتها وتحركت خارج غرفة نومها لتجد والدتها تحضر طعام الافطار …
” صباح الخير …”
هتفت بها لمار بمرح لتبتسم لها والدتها بسعادة وهي تقول :
” صباح النور … هيا اجلسي على الطاولة وتناولي طعامك …”
اذعنت لمار لكلام والدتها وجلست بالفعل على الطاولة بينما وضعت والدتها طعام الافطار على الطاولة وبدأ الاثنان يتناولان طعاميهما …
” اشعر بالقلق …”
قالتها لمار وهي تمضغ الطعام داخل فمها لتقول والدتها بنبرتها الهادئة :
” لا تقلقي … سوف يضعونك في مكان قريب ان شاء الله…”
ردت لمار :
” لا اظن هذا … من الصعب ان يجعلونني أخدم في مكان قريب …اخاف ان يرمونني في احدى القرى البعيدة …”
ارتشفت والدتها رشفة صغيرة من كوب الشاي ثم قالت بعدها بنبرة مترددة :
” لقد تحدث والدك معي …”
زفرت لمار أنفاسها بضيق وقالت:
” في نفس الموضوع … أليس كذلك …؟!”
اومأت الأم برأسها وقالت:
” نعم … ”
” لماذا لا يفهم بأنني غير موافقة ..”
قالتها فرح بضيق جلي من إصرار والدها و عناده لترد الام بعفوية:
” انه يفكر في مصلحتك …يريد تعويضك عما حدث في الماضي…”
” بهذه الطريقة …بأن يجبرني على الزواج من رجل لا اريده …”
” ليس هكذا …. هو يريد ان تعطي فرصة له … الشاب يحبك للغاية … ”
تطلعت لمار اليها بنظرات غير مقتنعة لتقول والدتها بترجي :
” اعطي فرصة له ….من الممكن ان تغيري رأيك حينها …”
الا ان لمار ردت بعناد :
” كلا … لن أوافق … اخبريه بأن ينسى أمر هذا الموضوع تماما … هل فهمت ….؟!”
ثم حملت حقيبتها ونهضت متجهة خارج المنزل …
……………………..
في القرية …
استيقظ فارس من نومه على صوت ينادي عليه …
ابتسم بحبور وهو يتطلع الى ابنه الذي اخذ يحاول إيقاظه …
نهض من وضعيته المتمددة واعتدل في جلسته قائلا بنعاس :
” صباح الخير …”
اجابه الابن :
” صباح النور أبي … جدتي طلبت مني أن أوقضك لتتناول الافطار معنا …”
تنهد فارس بصوت مسموع ثم قال بنبرة ثقيلة وهو ينهض من مكانه ويتجه نحو الحمام :
” خمس دقائق وسوف تجدني معكم … اسبقني انت الى غرفة الطعام …”
ركض الصغير متجها الى غرفة الطعام ليجد جدته هناك …
” جدتي جدتي ….أبي سيأتي بعد لحظات …”
” تعال هنا يا نور عيون جدتك …”
قالتها صفية وهي تحتضنه وتطبع قبله على جبينه …
اجلسته بجانبها وبدأت تطعمه من الطعام الكثير … دلف فارس بعد لحظات ملقيا تحية الصباح عليهم … اقترب من والدته وطبع قبلة على جبينها ويدها ثم جلس على الكرسي المقابل لها وبدأ في تناول طعامه …
انتهى من تناول طعامه وقال موجها حديثه لوالدته:
” سوف أذهب الى العمل … هل تريدين مني شيئا…؟!”
اجابته الام وهي تحرر الصغير من بين احضانها :
” متى سنذهب الى منزل سالم العمري …؟!”
” أمي لقد تحدثنا بهذا الموضوع مسبقا …”
الا ان الام كانت مصرة على حديثها وهي تكمل :
” يقولون ان ابنته الكبرى تشبه البدر في جمالها … وانا لا اريد ان أضيعها منك …”
” أمي ألا تملي من هذا الموضوع ….لقد تحدثنا به مسبقا …”
نهضت صفية من مكانها مستندة على عكازها ثم تقدمت ناحيته مقتربة منه قائلة بإصرار :
” نعم لا امل …ولن امل حتى أراك مستقر مع زوجة تحبك وتنجب لك الكثير من الاطفال …”
” حينما أجد الفتاة المناسبة سوف أتزوجها فورا … أعدك بهذا …”
” ارجوك يا فارس …وافق على رؤية الفتاة …”
” ارجوكِ انتِ يا امي … اتركي هذا الموضوع لوقته المناسب …”
قطع حديثهما دخول رؤية التي جاءت من بيت زوجها ليقول فارس بسرعة :
” ها قد جاءت رؤية … ستبقى معك اليوم بأكمله حتى لا تملي …”
ثم خرج مسرعا من المكان بينما تقدمت رؤية من والدتها واحتضنتها متسائلة :
” ماذا يحدث هنا …؟! ما به فارس ..؟!”
اجابتها الام :
” نفس الموضوع…”
” امي اتركيه وشأنه من فضلك …”
اومأت الأم برأسها وقالت على مضغ :
” يبدو أنني سأتركه وشأنه بالفعل … فلا حل اخر امامي…”
يتبع…
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية الشيخ والمراهقة) اسم الرواية