رواية سدفة الفصل الثاني عشر 12 - بقلم اية شاكر
“شوفت بعينك… حيث كده بقا إبنك لازم يصلح غلطته يا دياب”
هزت نداء عنقها يمنة ويسرة ونطق لسانها وكأنها لا تتحكم في عضلاته وبصوت متحشرج:
“يا لها من سدفه… سدفة… سدفــــة”
غضن رشدي جبينه وقال مستفهمًا:
“سدفة!!! يعني إيه؟!”
الحلقه ١٢
#رواية_سدفة
قهقه رائد وشاركه والده دياب حتى سعل، فقال رشدي رافعًا إحدى حاجبيه:
“بتضحكوا على إيه؟! بتضحك على إيه يا عقيد!!”
لم يجب دياب وظل يقهقه هو وابنه فأكمل رشدي ساخرًا:
” هتمـ…وت من الضحك يا راجل ويقولوا الله يرحمه كان طيب مات من الضحك… فكل ما نفتكرك نضحك”
قال رشدي أخر جملة وانفـ..جر ضاحكًا وهو يصفع كفًا بالأخر وكأنه ألقى نكتة، فضحكت نداء هي الأخرى على طريقة والدها وهو ينثني ويقف من شدة الضحك…
نظرت نداء لـ رائد الذي احمر وجهه من شدة الضحك وقالت بسخرية ومن خلف ضحكاتها:
“هتمـ…وت من الضحك يا رائد”
ثم سمعت «نداء» أصوات ضحكات ريم وهيام ووئام التي ارتفعت فجأة ولكنها لم تراهن حولها إلا بعد أن فتحت جفونها فاصتدمت عيونها بعيونهن الدامعة من كثرة الضحك…
وثبت جالسة وهي تبدل نظرها بينهن وهن يجلسن حولها على الفراش منهمكين بالضحك ظلت مشدوهة للحظات حتى تذكرت ذلك الحلم الغريب فانتفض قلبها وهربت الد**ماء من جسدها خشية أن تكون قد هذيت بأي هراء وهي نائمة، سألتهن بلجلجة:
“بتضحكوا على إيه؟!!”
“كنتِ بتضحكي وإنتِ نايمه ”
قالتها وئام من خلف ضحكاتها فابتلعت نداء ريقها وسألتها بقلق:
“قـ… قولت حاجه؟!”
عقبت هيام:
“الصراحه قولتِ كتير يا نداء”
ضحك ثلاثتهمن مجددًا وكانت نداء في قمة إحراجها فربما نادت باسم رائد أو رياض أو رامي، تُرى ماذا قالت ليضحكن هكذا!!
كبحت «ريم» ضحكاتها لتقول:
“صوت ضحكتك إللي كان فظيع يا نداء”
أخذت وئام تُقلد ضحكات نداء وهي ترفع رأسها لأعلى:
“هع هع هع هع هااااع”
انخرط ثلاثتهن بالضحك مجددًا وقالت هيام بضحك:
“وكنتِ بتقولي سدفه… سدفه… وأخر حاجه قولتيها هتموت من الضحك يا رائد”
ثم حاولت هيام بطنها وهي تقهقه بلا توقف…
وضعت نداء يدها على وجهها بإحراج وأخذت تتذكر ذلك الحلم بداية من دخولها للمطبخ ودلوف رائد خلفها وحتى إطلالة والدها مع دياب من خلف بابه وكامل حديثهم وضحكاتهم وفجأة انفـ…جرت نداء ضاحكة وهي تردد:
“كان حلم غريب أوي بجد”
هيام بضحك:
“أنا بس عايزه افهم يعني ايه سدفة وليه رائد أخويا هيمـ….وت من الضحك؟”
ارتفعت ضحكاتهمن جميعًا،حتى كبحت نداء ضحكاتها وقالت بابتسامة مغلفة بالخجل:
“اسكتوا بقا يا جماعه!! ألااااه”
أخذت وئام تسخر منها وتقلد ما كانت تردده:
“سدفه… سدفه.. هع هع هع هع هااااع”
واكملت هيام بضحك:
“هتمـ…وت من الضحك يا رائد”
زمت نداء شفتها وكرمشت ملامحها وهي تقول بتبرم:
“والله انتوا رخمين… بــس بقـــا!!”
لم يتوقفن عن الضحك فظلت نداء توزع الضـ…ربات عليهن وهن يسخرن منها ومن ضحكاتها تلك! حتى تناهى لسمعهن صوت ضحكات دياب المخطلته بالسعال، ورشدي الذي يخاطبه قائلًا:
“هتمـ..وت من الضحك يا راجل ويقولوا المرحوم كان طيب مات من الضحك”
تذكرت نداء تلك الجملة فقد قالها والدها في الحلم عقدت جبينها وسألتهن في ترقب ولهفة:
“هي الساعه كام دلوقتي؟!”
هدأت نوبة الضحك التي انتابتهن، وتنهدت ريم وهي تمط ذراعيها من أثر النوم قائلة:
“لسه الفجر مأذن حالًا”
جلست «نداء» على طرف فراشها وأخذت تحك رأسها وهي تُحدق بالفراغ وتردد:
“يعني ممكن تكون رؤيه!! أصل بابا قال نفس الجمله اللي قالها دي في الحلم بردو”
اعتدلت هيام في جلستها وقالت بحمـ…اس:
“احكيلنا بقا الحلم الكوميدي ده”
طالعتها «نداء» لبرهه وهي تتذكر تفاصيل الحلم وكللمات رائد ونظراته فانتابتها قشعريرة وانتفضت بارتباك، وثبت قائمة وغيرت دفة الحوار قائلة بنبرة مرتعشة:
“يلا… يلا نصلي الفجر مع بعض جماعه”
هرولت نحو المرحاض وقبل أن تدلف سمعت صوت ريم وهي تقول:
“الله! مش لما تحكيلنا الحلم الكوميدي ده!”
ودون أن تلتفت نداء لوحت بيدها في الهواء بضجر ولم تُعقب، فضحكت وئام وقالت وهي تغمز بعينها لـ هيام:
“بتحلم برائد!؟”
ريم قاطبة حاجبيها:
“يعني إيه؟!”
أخذت«هيام» تدندن وهي تتمايل بحمـ…اس:
“بحلم بيك أنا بحلم بيك…”
صفقت وئام ووثبت تقفز بفرحة وهي تغني:
“وبأشواقي مستنيك”
ضحكت «ريم» عليهما بينما وقفت نداء خلف باب المرحاض تسمع صوتهما وتضع يدها على قلبها المرتجف وهي تتذكر «رائد» ونظراته مذ لقاء بينهما وحتى تلك اللحظة، فرددت بندم:
“كانت غلطه واحده عملتها بدون قصد جابتلي وجع القلب”
قد يكون خطئها واحد لكنه أودى بقلبها، كان أشبه بعقدة تحفظ سلسلة متلاحمة وحين انفكت انفرط العقد بالكامل….
فقد تجاوزت حدودها حين حدثته كصديق ولكن لم لا تجوز الصداقة بين شاب فتاة؟! هكذا سألت نفسها ثم اومأت وهي تُجيب حالها دون نطق، الله خلقنا وهو الأعلم بحال قلوبنا وهو القائل في كتابه:﴿….ولا متخذات أخدان….﴾ والخدن أي الصديق
رددت بصوت هامس:
“مغلطتش لما سميتك عقابي… إنت عقابي”
بقلم آيه شاكر
استغفروا ❤️
★★★★★★
صلى «رامي» الفجر قبل تمام الشروق وحمل كتابًا ليقرأه فرماه «رائد» بنظرة جانبية وقال بجمود:
“اخرج اقرأ بره عشان أخواتك نايمين”
ترك «رامي» الكتاب جانبًا ورنى من أخيه ثم قال هو يقف قبالته:
“عايز أتكلم معاك شويه”
استلقى رائد على فراشه وولاه ظهره وهو يقول:
“طفي النور يا رامي عايز أنام”
نفذ صبر رامي فثار عليه قائلًا:
“تصدق بالله خساره فيك إللي كنت هقولهولك”
لم يعقب رائد ولم يلتفت له، فرمقه رامي لبرهة وهو يفرك ذقنه ويفكر فهو يعرف مفاتيح أخيه، تنحنح وقال في دهاء:
“على فكره نداء بتحبك”
وقبل أن يلتفت رائد أغلق رامي ضوء الغرفة وخرج وهو يبتسم بخبث وخاطب نفسه:
“أنا عارف هجيبك ازاي يا رائد”
جلس «رائد» يفكر بكلمتي أخيه ثم صك أسنانه بغيظ فقد فهم ما يريده ذلك الأحمق لن يفلح تلك المره وقرر ألا يُحدثه على أى حال!ا
ترددت الكلمات في رأسه مجددًا فزم جفونه ثم ردد:
“اممم… يمكن نداء قالته حاجه أو لاحظ حاجه وعايز يقولهالي”
هز رأسه يمنة ويسرة لينفض الأفكار من رأسه وقال بانفعال:
“حتى لو فيه حاجه برده مش هكلمه..”
أوما مؤيدًا نفسه ثم عاد يستلقى على الفراش فأخذت جملة أخيه تمور في رأسه ”نداء بتحبك” فنفخ بحنق ونهض لخارج الغرفته يبحث عن أخيه ضـ…اربًا بقراره عرض الحائط…
بقلم آيه شاكر
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين 🌹
★★★★★
“تعالي معايا يا ريم عايزه أعمل سندوتش جعانه أوي”
قالتها «نداء» فمازلت قلقة أن يتحقق حلمها ذاك، وتخشى الخروج بمفردها من الغرفة فالتقى برائد ويتحقق الحلم!
لبت ريم طلبها وخرجت من الغرفة تتأبط ذراعها وأخذت «نداء» تحكي لها بصوت خافت عن حلمها عدا تلك اللحظة الرومانسية التي تخللته!
بينما جلس وئام وهيام تعبثان بهواتفهما بعد أن طلبتا منهما أن يجلبا معهما الطعام….
وقفت «نداء» بالمطبخ تُحضر السندوتشات وتحكي لـ ريم التي تقف خلفها تستمع وتضحك دون تعليق، وحين رأت ريم رامي يجلس بمفرده بالشرفة انسحبت في هدوء واتجهت صوبه تاركةً نداء تُحدث نفسها وتضحك كالمجنونة…
من ناحية أخرى كان «رائد» يمر أمام المطبخ فسمعها تردد بضحك:
“عشان كده بقا كنت بقول هتمـ…وت من الضحك يا رائد…”
توقف عاقدًا جبهته باستغراب، ودلف خطوتين لداخل المطبخ بينما هي تنهدت واستندت بكلتا يديها على رخام المطبخ ودون أن تنظر نحو ريم واستطردت بأسى:
“تخيلي الصدفه دي! أنا قابلت رياض الله يرحمه من خمس سنين وأنا معرفش إنه ابن صاحب بابا… أكيد كنتِ تعرفي رياض!”
صمتت نداء لبرهة وهي تتذكر ذلك اليوم وحوارهما وقالت باستفهام:
“تفتكري معناها ايه يا لها من سدفة رائعة اللي قالها لي دي؟!”
استدارت خلفها تنظر لريم التي سكن صوتها! فصُدمت حين وجدته ينظر نحوها والذهول يعلو ملامحه فاستدارت مجددًا ووضعت يدها على قلبها الذي كان يتواثب خلف أضلعها!
وحين تذكرت ذلك الحلم استدارت مرة أخرى ونظرت نحو باب المطبخ فلم يكن له باب من الأساس!!
ابتلعت ريقها بارتباك وهي تُطالع رائد الذي مازال على حالته يُطالعها والصمت يقتات عليه! والدهشة تحتـ..ل كل ذرة فيه، فارتجفت نداء وتركت الطعام مهرولة خارج المطبخ وجسدها يختلج…
هز «رائد» عنقه وكأنه يغربل ما سمعه من كلام في رأسه ثم ردد بشدوه:
“يا لها من سدفة رائعة!! مش ممكن!! معقوله هي؟!”
كاد قلبه يقفز خارج صدره من فرط انفعاله أطلق قدميه نحو أخيه فبالطبع كان يحاول إخباره شيئًا بشأن هذا القبيل…
★★★★
وقفت «ريم» جواره وهو يستند بمرفقيه على سور الشرفة مُطالعًا الحديقة في شرود، قالت بابتسامة ونعومة:
“صباح الخير”
التفت لها بكامل كيانه وارتسمت الإبتسامة على ملامحه وهو يقول بصوته الرخيم:
يا صباح السكر على المسكر”
أشاحت بصرها عنه ووقفت تنظر للحديقة أمامها قائلة بنزق مصطنع:
“بطل بقا تقولي كده وخصوصًا قدامهم”
أطلق تنهيدة حارة وقال بلوعة وهو يتأملها:
“لا أستطيع فكلما رأيتُك شعرتُ بمذاق السكر في فمي”
رمقته بنظرة جانبية وعقدت ذراعيها أمام صدرها وهي تقول بسخرية:
“بتبالغ أوي”
نظر أمامه وقال بتنهيدة:
“مش ببالغ… بحبك”
وقعت كلمته تلك على قلبها كالصفعة، وكأنها كانت تسير مطمئنة وصدمها أحدهم فهوت أرضًا حتى وإن كانت تعلم أنه يحبها لكن لوقع تلك الكلمة أثر هز كيانها! كادت أن تنهره عن قولها الآن ولكن قبل أن تنطق خرج رائد للشرفة مندفعًا وتجاهل وجودها موجهًا كلامه الحاد لـ رامي:
“إنت شكلك اتجننت رسمي”
ظنت أنه ربما سمع ما قاله رامي ولذا ينهره! فابتلعت لعابها وتركتهما على استحياء ودلفت للبيت وقلبها ما زال يقرع بعنـ…ف أثر كلمة رامي “بحبك…
ارتبك رامي، وبدل نظره بين أخيه وطيف التي غادرت دون كلمة، ثم وجه نظرات حادة لـ رائد وقال بصرامة:
“متغلطش يا رائد”
غرس رائد عينيه بعيني رامي وهو يقول:
“إنت قولت لـ نداء إيه؟!!”
تلعثم رامي:
“قـ… قولت ايه؟! مقولتش حاجه”
رائد بانفعال:
“متستعبطش محدش يعرف اسم رياض ده غير أنا وإنت!”
أسترسل ساخرًا:
“مش ده البطل اللي إنت كتبته في الروايه على أساس إنه أنا وقولت هنكمل الروايه من وحي خيالنا!”
صمت رائد هنيهه ثم سأله مترقبًا:
“إنت اكتشفت إن نداء دي هي نفسها البنت الصغيره اللي قابلتها من خمس سنين صح؟!… عرفت إزاي؟! وإيه الي حصل؟!”
كان «رامي» يُطالع أخيه بنظراتٍ مدلهمة وقد لاذ بفقاعة من الصمت، ورائد يقف مترقبًا وقد حاوطته هالة من القلق المشوب بالفضول، ينتظر من رامي كلمة ليروي ظمأه ولكن طال صمت رامي فهدر به رائد:
“انطق يا عم… هو أنا هشحت منك الكلام؟!!”
قال رامي بتخبط:
“أ… أ… أنا قولتلها إن الأنسيال بتاع أخوياو… وإنه مات بـ… بس كنت لسه هكمل و… وهي مدتليش فرصه”
حاوط رائد رأسه بيديه وقال:
“لأ أنا مش فاهم حاجه!! عرفت ازاي إنها نفس البنت اللي قابلتني و….”
قاطعه رامي وأشار للمقعد على يمينه وهو يقول في رصانة:
“اهدى وأقعد هفهمك كل حاجه…”
جلس «رامي»على المقعد وجلس رائد قبالته وبدأ رامي يحكي له بداية من الأسورة التي رآها حول معصمها إلى قراءتها لما كتبه بدفتره..
فعقب رائد بتهكم:
“يعني مفكرتش تحكيلي مثلًا يا رامي!”
مال رائد بجزعه العلوي نحو أخيه واستطرد مستفهمًا:
“هو إنتِ مالك يا رامي؟ ليه بتخبي عني كل حاجه مع إني بحكيلك كل حاجه!!!”
رامي مبررًا:
“يبني كنت بتأكد من الحوار وبعدين الأنسيال ده عمرك ما كنت هتتعرف عليه أنا اللي أعرفه لأن أنا إلي كنت شاريه وإنت كنت أعمى وقتها؟!”
ران عليهما صمتٌ ثقيل عاد رائد يجتر ذكرياته حيث تلك الأيام العصيبة التي كان يتخبط في ظلامها، وتذكر تلك الأسورة التي اشتراها رامي ليهدياها معًا لوالدتهما وأخيرًا تذكر ذلك اليوم الذي قابل فيه نداء ودلته على طريق لم يركن إليه وأضاءت له شعاع جديد تعلق به، حين قالت له:
“أنا أسمع إن السحر ممكن يعمي ويجنن ويمـ..وت كمان”
حينها رد عليها بأنه لا يُصدق في مثل تلك الخرافات ولكنها خلقت له طريقًا جديدًا يسلكه، وقد كانت سببًا في انشاله من العتمة كم تمنى أن يراها أو يقابلها مجددًا! حتى يأس وظن بأنها كانت مجرد طيف ساعده وأفل للأبد ولن يلتقيها مرة أخرى بل لم يتوقع أبدًا أن يسوقها القدر إليه بتلك الطريقة!
ابتلع ذكرياته المؤلمة عندما انتبه لـ رامي الذي مازال يبرر ما فعله قائلًا:
“مكنتش عايز أشغلك يا رائد”
أطلق رائد ضحكة كالزفرة وقال بتهكم:
“لا الظاهر إنك اعتبرتني موتت زي بطل روايتك إلي موتته!!…”
نظر «رائد» في عمق عيني أخيه وكأنه يخترقه وأردف معاتبًا:
“وبعدين مقولتليش ليه إنك موتت البطل!! مش كنا مقررين إننا هنكتب الروايه دي سوا…”
أطرق رامي بصره أرضًا وضغط شفتيه معًا في ندم فمجددًا يتسبب في فجوة بينه وبين أخيه! وربما لن تلتئم ولن يغفر له رائد تلك الكَرة كسالفيها! وكما توقع تمامًا فقد وثبت رائد وقال في حزم:
“من هنا ورايح لا عايز أعرف عنك حاجه ولا هقولك عني حاجه..”
اندفع رائد لخارج البيت فناداه رامي:
“رائد… استنى… يا رائـــــد”
لم يتوقف رائد ولم يلتفت إليه فوقف رامي يزئر بعصبية ولوح بقبضته في الهواء وهو يصرخ في غضب مغمغمًا:
“طول عمري بزعله بغبائي… يارتني قولتله…”
ثم نفخ في حنق وداخله يعصف بالمشاعر المتضاربة، فأحيانًا يشعر بالغيرة من رائد فهو يعلم بانجذاب ريم ناحيه وتفضحها نظراتها! ولا يدري لمَ يعاقب أخيه وهو بلا ذنب لكنه يجاهد ليقاوم مشاعره تلك ولم يستطع البوح لـ رائد عن أجيج صدره، والصمت يجر الصمت فلم يعد يخبره بأي شيء….
بقلم آيه شاكر
صلوا على خير الأنام ♥️
★★★★★
كم نحزن عند إدراكنا أن من نحكي له أدق مشاعرنا هو شخص لم نعرفه وكتاب مغلق التصقت أوراقه ببعضها كي لا نقرأها بل لم يدع لنا غير عنوانه علنا نخمن محتواه! فنتوقف لنسأل أنفسنا لمَ فتحنا له كتابنا؟! لا أحد يستحق أن يقرأ محتونا غيرنا! فلا أحد يؤتمن…
وقف رائد قبالة البحر يضع كلتا يديه بجيبي بنطاله دار في مخيلته كل ما حدث له من صعوبات مر بها خلال حياته حتى شعر بغصة تتلوى في حلقه ابتلعها، أخذ يتنفس في هدوء وينفض الأفكار السلبية المتقدة في رأسه مرددًا:
“الحمد لله…. أنا راضي يارب والله راضي”
أطلق تنهيدة طويلة واستدار عائدًا للبيت فلا يريد أن يشعرا والديه بأي شيء هم في عطلة ولا يريد تنغيصها عليهم…
كان «رامي» مازال يجلس بالشرفة مطرقًا رأسه في وجوم شارد الذهن يفكر فيما حدث قبل قليل
انتبه لـ رائد الذي دلف للبيت فوثب قائمًا كاد أن يتأسف لأخيه ويظهر ندمه لكن رائد خاطبه في برود:
“ياريت متقولش لـ نداء حاجه يا رامي…”
“مش هقول حاجه بس….”
رفع رائد يده مقاطعًا إياه عن أي تبرير فقد سئم من تبريراته وحواراته تلك! قال رائد بحزم:
“مش عايز اي تبريرات كفايه يا رامي لو سمحت وياريت متحسسش ماما وبابا بأي حاجه..”
أومأ رامي بيأس ورماه رائد بنظرة تشع حدة ثم تركه رائد ودلف للبيت فأغلق رامي جفونه بأسى وتنهد زافرًا بندم….
★★★★★
كان آذان العصر يدوي في الأرجاء وهي تسير لحالها تمضغ العلكة وهي تتحدث مع نداء عبر الهاتف قائلة بنزق:
“إنتِ حره يا نداء أصلًا هو خساره فيكِ”
دوى بأذنها صوت نداء الحازم:
“دعاء متتكلميش في الموضوع ده تاني عشان بجد هنزعل من بعض”
عقبت دعاء بضجر:
“طيب ماشي سلام يا نداء”
قالتها دعاء وحركت رأسها مستنكرة وهي تغلق الهاتف وتضعه في حقيبتها ثم تكمل سيرها في رتابة…
“دعاء… دعاء…”
توقفت عن السير والتفتت أثر صوته فوقف علي قبالتها قائلًا بابتسامة أعجبتها:
“ازيك يا دعاء عامله إيه؟”
في البداية ارتبكت وتلعثمت فلم تعتد على الحديث مع أي شاب، سرعان ما تداركت حالها وحيته بابتسامة عذبة:
“الحمد لله ازيك يا علي؟”
رد باقتضاب:
“الحمد لله… مـ… مفيش أخبار عن نداء”
أطلقت دعاء تنهيدة بائسة وقالت:
“والله يا علي حاولت أكلمها بس هي رافضه الموضوع”
سألها متلهفًا:
“طيب ليه! أكيد قالتلك ليه!”
أومأت دعاء قبل أن تقول بسذاجة:
“عشان سُمعتك سبقاك وكنت مصاحب نص بنات البلد”
أطلق علي ضحكة خافتة معقبًا:
“كلنا بنغلط احنا بشر”
قالت بفلسفة:
“وعشان احنا بشر برده صعب نغفر”
أطرق وهو يزم شفتيه، ثم رفع بصره وقال مغيرًا الحوار:
“طيب إنتِ رايحه فين كده؟!”
أشارت خلفها وقالت في ارتياب:
“كـ… كنت نازله أتمشى”
سألها مغضنًا حاجبيه:
“لوحدك؟!”
أومات وهي تقول بمكر:
“أمممم… لوحدي”
“طيب تسمحيلي أتمشى معاكِ ونتكلم شويه؟”
ابتسمت بانتصار فقد كانت تنتظر ذلك العرض، هي كانت ذاهبة لبيت عمتها ولكن لا بأس ستغير وجهتها لأجله، أما هو فكان يظن أنها سبيل سيسلكه عله يستطع الوصول لقلب نداء!
وعندما طال صمتها سألها بريب:
“عايز أتكلم معاكِ شويه أ… أنا بعتبرك زي أختي”
ردت بحبور ورغبة جامحة وبابتسامة:
“أكيد طبعًا.. يلا بينا…”
سارت جواره وركبا سيارة الأجرة مبتعدين عن القرية وأخذ يحدثها عن نفسه وعن حياته وعن حبه لـ نداء وسألها أن تساعده للفوز بقلبها فشعرت دعاء ببعض الغيرة من صديقتها الحمقاء التي ترفض حب شاب رائع كـ علي وودت دعاء لو يهتم بها أحدهم كما يفعل علي مع نداء…
وبعد.وقت طويل قصته برفقته عادت دعاء لبيتها بعد أن تبادلا أرقام الهواتف ليتواصلا معًا، بدلت ثيابها وهي شاردة الذهن تفكر فيما حدث اليوم، وبينما هي تجلس على فراشها تتذكر كلامه ومدحه لها وابتسامته الندية، ونظراته، ارتفع رنين هاتفها معلنًا عن اسم علي فاتسعت ابتسامتها وأجابت على الفور وبعدما حيته قال:
“أنا اتصلت أطمن عليكِ وصلتِ البيت بالسلامه ولا لسه”
ابتسمت وأجابت برعونة:
“الحمد لله وصلت… شكرًا يا علي”
قال بصوت رخيم سحرها:
“مفيش شكر بين الأخوات وخصوصاً لو أخت زي القمر زيك”
اتسعت ابتسامتها فلا شك وأن مشاعرها الكامنه ستبدأ في التحرك، فقد أظهر لها فيض اهتمامه، وهو يعلم غريزة الأنثى فقلب أي أنثى يميل لمن يهتم لأمره..
تحدثت معه طويلًا وكأن يومها كان بعنوان «علي»..
بقلم آيه شاكر
لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم 🌷
★★★★
أسدل الليل وشاحه الأسود فخيم على الأفق، وقفت «ريم« تُطالع النجوم المبعثرة في صفحة السماء من نافذة غرفتها فلم تخرج من غرفتها اليوم بأكمله تسللت دمعة منها ولم تشعر بها إلا بعد أن وصلت لزاوية فمها، أخذت الأفكار تطيح بها ومجددًا تستسلم لهواجسها وتضعف كم تخشى قلبها سريع التقلب، فكيف تقلب قلبها من حب رائد لـ رامي بتلك السرعة؟!
فكلما تذكرت حال قلبها واضطرابه ورامي ينطق بكلمة ”بحبك” وقارنته بحاله عند سماع صوت رائد هو الأخر! تحتار وترتبك ويختلج داخلها تتسائل ما بها وما أصابها، أتحبهما الإثنين؟! وكيف ذلك!؟
فقد اعتبرت رامي سندًا لها، فهو الرجل الذي تشعر جواره بالأمان والطمأنينة ولكنها أيضًا تابعت رائد لأعوام وتمنت لو يراها ويشعر بها فقد كان طيفه يزين لياليها، نسجت في خيالها أحلامًا عده وتمنت رفقته.
ففي كل ليلة كانت تدعو الله أن يقربه منها ويقرب رامي من أختها «رغدة»، سخطت وكأنها تعاتب الله على قضائه وأخذت تتسائل لمَ لم يستجب الله دعائها؟! فقد كانت تدعوه بيقين وحسن ظن!
ارتفع نشيجها وسخطها يزداد وقلبها ينتكس فهي تعلم ما مصير الدعاء؟ وقد قرأت سالفًا أن دعاء المؤمن لا يُرد، في حديث شريف قال صلى الله عليه وسلم:
«ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذن نكثر، قال: الله أكثر وأطيب.»
وقبل تمام انهيارها تداركت نفسها وتراجعت، أخذت تستغفر الله ثم تنهدت ورددت وهي تنظر للسماء:
“سامحني يارب على ضعفي وهواني… يارب قدر لي الخير وأرضني به… اللهم اكفني بحلالك عن حرامك وأغنني بفضلك عمن سواك”
ثم زرفت المزيد من العبرات الدافئة لتنهمر على وجنتيها علها تغسل قلبها…
مسحت وجهها بكلتا يديها وعقدت أمرها ستجبر قلبها على حبه! لن تقبل أن تكون كأختها!
ستتزوج من رامي على أي حال، فيكفيها أنه يحبها والبيوت لا تُقام على الحب بل على المودة والرحمة والإحترام….
رددت:
“هحبك يا رامي”
★★★★★★
مرت الأيام والبعض يستمتع والبعض يتيه ويتخبط في مشاعرة والبعض الأخير يضع الثلج على قلبه ليُهدأ من حرارة مشاعره ويكمنها…
كان رائد يتجنب الجلوس في نفس المكان الذي يجلس به رامي وأيضًا يتجنب رؤية نداء..
وريم تقترب من رامي وتجلس معه معظم وقتها وتقنع قلبها به…
وتقرب الفتيات من بعضهن ونشبت بينهما علاقة صداقة وكأنها هيام ووئام تحاولان تقريب رائد من نداء بأن تتحدثان مع رائد عن نداء ومع نداء عن رائد لكن خاب رجائهما فكل منهما يتحاشى التعامل مع الأخر فقررتا التفكير في خطة ما فتلك ليلتهم الأخيرة بالأسكندريه وسيعودون لبيوتهم صباح اليوم التالي…
وفي تلك الأيام كانوا يخرجون جميعًا للبحر في عصر كل يوم ثم يعودون فيجتمع بعضهم مساء والبعض يقبع في غرفته…
وفي مساء اليوم
كان الجميع في الحديقة يستمتعون بالهواء العليل والفتيات يجلسن بردهة البيت في حين رائد الوحيد القابع داخل غرفته….
نادهن دياب ليستمتعن بالجو في الحديقه فخرجن وجلس الجميع يتسامرون فسأل رشدي:
“اومال فين رائد؟!”
رد عامر:
“في أوضه”
دياب:
“بيعمل ايه!!! روح ناديله يا عمرو”
ضحك عامر وهو يردد بسماجة:
“أنا مش عمرو أنا عامر”
دياب رافعًا حاجبية:
“ناديله يا عامر”
صاح عمرو ببرود:
“أنا مش عامر أنا عمرو”
ضحك الجميع فعقبت شيرين:
“من ساعة ما سمعوا فيلم كده… وهما مزهقينا بالشكل ده”
وبعد دلوف الصغيرين للبيت وثبت نداء في سرعة لتهرب قبل أن يأتي رائد معلله بأنها ستدخل المرحاض ولكن باغتها ظهور طيفه أمامها والثلاث أطفال يركضون حولهما خلف بعضهم ويضحكون بجزالة، ازدردت ريقها وتسمرت قدميها بالأرض للحظات، ثم حاولت السيطرة على حالها وكادت أن تمر جواره في هدوء إلا أن أحد الأطفال دفعها فتعثرة وكادت تهوى أرضًا لولا أن التقطها رائد بين يديه لتتعانق نظراتها ويتوقف الزمان للحظات وها هي تتكرر تلك المشاعر التي انتابت قلبها في الحلم، وكأن الحلم يتحقق ولكن بأجزاء منفصلة!
سرعان ما انتبه رائد لما يحدث وساعدها لتعتدل واقفة ثم تنحنح بحرج وهو يحك رقبته، فمال رشدي على أذن دياب وقال هامسًا:
“ابنك لازم يصلح غلطته يا دياب”
قهقه دياب ضاحكًا وهمس هو الأخر:
“ارحمني يا رشدي”
بينما هرولت نداء لغرفتها وهي تتعثر في خطاها من شدة الإرتباك، نظرتا وئام وهيام لبعضهما فغمزت لها هيام بخبث…
جلس رائد جوارهم والنظرات تحاصره فأطرق رأسه في خجل ولم ينبس ببنت شفه…
مر الوقت سريعًا وهم يتبادلون أطراف الحديث وانقضى الليل سريعًا…
في الصباح وقبل تمام الشروق كان جميع أفراد البيت خارجين للبحر ليسلمون عليه قبل رحيلهم إلا هيام التي رفضت الخروج، وكانت نداء تغط في نومها وابى نادر أن يذهب معهم، وأيضًا رائد الذي قرر انتظارهم هنا بالبيت ليلملم أشيائه قبل الرحيل…
دلفت دينا لغرفة ابنتها وقالت:
“اصحي يا نداء أخوكِ هنا أهوه خلي بالك منه… وإحنا ساعه وراجعين”
قالت نداء بصوت ناعس:
“ماشي بس طفوا النور”
“يا بنتي قومي عشان أخوكي مش راضي يجي معانا”
قالت نداء بنزق:
“ماشي يا ماما هقوم أهوه”
مر نصف ساعة وقد سرق النوم جفون نداء وفجأة تذكرت نادر فوثبت وأخذت تناديه ثم نفخت بحنق فهي تعلم بأنه لن يسمعها فهو أصم!
ارتدت حجابها وخرجت من غرفتها بأعين ناعسة وأخذت تبحث عنه لم تكن تعلم بوجود هيام ورائد بالبيت وتظن أنها بمفردها…
بحثت في كل البيت ثم فتحت غرفة رائد وأخوته وظلت تدور بعينيها في أرجاء الغرفة دلفت خطوتين متجهة صوب المرحاض وقبل أن تفتحه باغتها انغلاق باب الغرفة فهرعت صوبه تحاول فتحه ولكنه الباب لا يُفتح لكن من أوصده من الخارج!
شهقت بصدمة ثم أطبقت يدها على فمها وهي تتذكر ذلك الحلم فلابد وأن رائد سيخرج من المرحاض الآن! ليتحقق كل حلمها العجيب!
شهقت مرة أخرى حين تخيلت أنه قد يخرج عاريًا لذا هرولت وطرقت باب المرحاض هي تنادي:
“حد هنا!!”
ولم يخب ظنها فقد رد رائد:
“أيوه…”
التوى فمها لأسفل متظاهرة بالبكاء، ثم قالت بنبرة مرتعشة:
“ابقى إلبس هدومك قبل ما تخرج”
فتحت نافذة الغرفة علها تقفز منها قبل خروجه، لكنها وجدتها تُحاط بالحديد، أخذت تستغفر الله وتنظر لأعلى قائلة:
“يارب… يارب استرها يارب”
كان رائد يغتسل بالمرحاض ارتدى ثيابه متعجلًا وخرج فقد عرف صوتها ولكن كان يُكذب حاله!
تفاجأ بكونها بالغرفة والباب مغلق! هدر بها:
“إنتِ بتعملي إيه هنا؟!”
ابتلعت ريقها وقالت في ارتباك:
“كنت بدور على نادر هنا و… وحد قفل عليا الباب باين..”
رائد متعجبًا:
“نادر وهيام لسه خارجين دلوقتي… مين قفل الباب؟!”
رفعت نداء كتفيها لأعلى تزامنًا مع مط فمها وهز رأسها يمنة ويسرة، حاول رائد فتح الباب ولم يستطع طرق عليه كثيرًا ونادى بصوت مرتفع عل أحد يسمعه ولم يجبه أحد!
حمل هاتفه وطلب أرقامهم واحد تلو الأخر وكان يسمع دوي بعض الهواتف بالخارج والبقية لا يجيبون…
زفر بنفاذ صبر وجلس على الفراش قائلًا بقلة حيلة:
“دلوقتي يجوا ويفتحولنا”
نداء بلجلجة:
“هو إنت هتقعد؟!!”
قال بتهكم:
“عايزاني أعمل إيه يعني؟!”
نفخت بحنق وجلست هي الأخرى على طرف الفراش الأخر وساد الصمت بينهما وهو يعبث بهاتفه ويحاول مهاتفتهم كل دقيقة وما من مجيب.
كانت نداء تتابعه بطرف خفي أرادت أن تستدرجه وتتحدث معه فقد اشتاقت لحديثه اشتاقت لـ رائد الذي كان يُحدثها كل يوم وها هو أمام عينيها وتتظاهر بأنها لا تعرفه، يبدو شحيح الكلام تتمنى أن يفتح معها أي حديث فقد أهلكها الشوق!
حانت منه التفاتة نحوها فوجدها تحملق به فقال بتنهيدة وكأنه متضجر:
“استغفر الله العظيم يارب”
أشاحت بصرها للإتجاه الأخر وداخلها يختلج، قالت لفتح حوار:
“شكلهم هيتأخروا؟!”
لم يجيبها فاردات خلق حوار أخر لذا خلعت الأسورة التي لم تُفارق معصمها كانت تنتظر أن تلتقي بـ رامي مجددًا لتسلمه إياها! لا تعلم لمَ لم أعطها لهيام أو وئام!
نهضت واتجهت صوبه وقفت قبالته ومدت يدها بها وهي تقول:
“اتفضل دي وقعت من اخوك رياض وأنا لقيتها”
أخذها من يدها وأغلق عينيه وهو يتحسس الأسورة، ولاذ بصمت ثقل عليها فقد ظنت أنه سيسالها عن رياض وكيف قابلته أو يتفاجئ! لكنه لم يبدِ أي رد فعل مما أزعجها فوقفت أمام النافذة تُطالع الحديقة أمامها وتشعر بغصة تتلوى في حلقها حتى أنها كادت أن تبكي ولكنها تماسكت…
وقف رائد وضع الأسورة على المكتب ثم أخذ يلملم ملابسه وأشيائه في حقيبته وهو يقول:
“اعتبري الأنسيال ده بتاعك… تمام؟!”
قالت دون أن تلتفت نحوه:
“لـ… لأ أنا كنت بدور على صاحبه…”
تنهدت واستطردت بنبرة تخنقها العبرات:
” أنا قابلته مره واحده واتكلمنا كتير وأخر حاجه قلهالي جمله مفهمتهاش ”
تنهدت وقد سألت منها دمعة وهي تردد:
“يا لها من سدفة رائعة”
صمتت لبرهة وأغلقت جفونها لتعصر الدموع المعلقة بين أهدابها، قالت بصوت متحشرج:
“الله يرحمه… مع إني مقابلتهوش إلا مره بس أثر فيا أوي…”
اتجه رائد نحوها وسألها:
“إنتِ بتعيطي؟”
أطلق ضحكة خافتة وهو يردد:
“نداء روقي كده فيه ايه؟! يا بنتي مماتش والله… اهدي؟!”
لم تكن تبكي لأجل رياض قدر ما تبكي لتجاهل رائد لها، نظرت لـ رائد وسألته والدموع تبرق في عينيها:
“مـ…ماتش!… اومال هو فين؟!”
أشار لنفسه وهو يقول بابتسامة:
“قدامك أهوه”
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية سدفة ) اسم الرواية