Ads by Google X

رواية عشق بين هشيم مشتعل الفصل الثاني 2 - بقلم اية العربي

الصفحة الرئيسية

 

 رواية عشق بين هشيم مشتعل الفصل الثاني 2  -  بقلم اية العربي


مفجعةً هي تلك الليلة التي يختفي فيها ضوء القمر ولم تسطع لها الشمس بعد.
شعوراً مرعباً حين تظن أنك لن تنجو من واقعٍ أليمٍ محتوم . ويبقى للقدر زياراتٍ ومواعيد لا نعلم عنها شيء .
في اليوم التالي
استيقظ صالح مع نداء المؤذن لصلاة الفجر عبر إذاعة القرآن الكريم التي تصدر من المذياع المعلق في غرفته كي يصلي ويشرع في أعماله اليومية .
ترجل من فراشه ناصباً عوده الفارع يستغفر ربه ثم اتجه خارج الغرفة في طريقه إلى الحمام .
خرج بعد عدة دقائق والمياة تتساقط من مواضع الوضوء في جسده ، يحمد ربه ويذكره ويردد التسبيح حتى بات لسانه رطباً
ناداه والده قائلاً بنبرة ضعيفة مجهدة :
– يا صاااالح .
خطى نحو غرفته وتحدث بحنو ونبرة لينة ودودة كالعادة :
– نعم يا أبوي ؟ .
تحدث محمد بوجه شاحبٍ تظهر منه تجاعيد الألم والحزن على فراق الأحبة قائلاً :
– تعالى خد يدي علشان أقف وناولني مية أتوضا واصلي .
انحنى صالح نحوه ثم دثر ذراعه الأيمن أسفل جسده وساعده في النهوض ويده اليسرى تحاوط خصر والده حتى لا يسقط وذلك نسبةً لضعف أوتاره وأعصابه بعدما استسلم هو لهما مرحباً .
تحرك معه نحو الخارج حيث الأريكة المسطحة ثم أجلسه عليها بهدوء واعتدل يردف :
– هروح أچبلك مايه واچي .
تحرك مجدداً نحو الحمام ثم عاد يحمل إبريقاً به ماء وماجور متوسط الإتساع ثم وضعه أسفل قدمي والده وبدأ يصب المياه فوقه ، يوضأهُ بتأني وصدرٍ رحب دون ملل أو كلل ككل يوم .
هو على يقين أن بره نحو والده ما هو إلا بذور ينثرها في أرضٍ طيبة سوف يجني ثمارها مستقبلاً
لا أحد يمكنه تزويدك بلحظةٍ واحدةٍ كلحظات عشتها مع والداك ، لذا فهو خير مستثمر لتلك اللحظات ، يكفيه فقدان والدته الذي فطر قلبه وجعله متعطشاً لغمرةِ حنانٍ تقدم له .
انتهى من وضوء والده ووقف يؤمه ويصليان بخشوع .
بعد وقتٍ جلس يتناول معه الفطور الذي أعدّه بنفسه ، كان فطوراً صحياً يحتوي على خيرات زرعت وحصدت بيده .
توقف يجمع الأغراض واتجه بعد ذلك يبدل ثيابه وخرج من غرفته فوجد والده يجلس يذكر ربه فاتجه يستريح جواره ويردف بحنو وهو يربت على عضلة ساقه :
– هطلع أچمع البلح يا أبوي وأروح السوق أبيعه ، لو احتاچت حاچة أبقى رن عليا ، التَليفون جارك أهو .
قالها وهو يضع الهاتف بجواره ثم نهض يستعد بينما تحدث محمد بإجهاد :
– اطلع يا صالح ربنا معاك يا ولدي ، خد بالك من حالك ، ربنا يكفيك شر ولاد الحرام ، بس الأول ساعدني إما أقوم أقعد برا .
ساعد والده بيدٍ وبالأخرى حمل معداته وتحرك به نحو الخارج .
منزل متوسط تحاوطه الطبيعة الرائعة ، نوافذه تدل على طيبة أهله حيث الروح والرياح الطيبة .
وهناك أريكةٌ جانبية تجاورها طاولة تحمل على رأسها صينية من الألمنيوم وضع بها اثنتان من الأباريق الفخارية ( القُلة ) الممتلئة بالماء .
تقدم صالح من الأريكة وساعد والده في الجلوس في هذا المكان الإيجابي البعيد عن القيل والقال وأحقاد النفوس .
تحرك مودعاً ليبدأ أعماله حول المنزل وعلى مرمى من عيون والده ولكن المسافة بعيدة نسبياً عنه .
اتجه لحظيرة الأغنام الخاصة به والتي كانت على الطرف الخلفي من أرضه فوجد مساعده قد أتى ، ألقى عليه السلام ثم قال بنبرة ودودة محفزة :
– عفارم عليك يا واد يا منعم ، جيت بدري النهاردة ، صليت الفجر ؟
تحدث هذة الشاب البالغ من العمر سبعة عشر عاماً قائلاً بنبرة يشوبها الفخر :
– أيوة يا سي صالح ، صليت وجيت علطول ، ونظفت للغنم وأكلتهم كمان .
شجعه صالح وتحدث مرشداً :
– ايوة إكدة ، عايزك يوم أجازتك تشوف مصلحتك زين وتصحى بدري تصلي فرضك ، أوعاك تضيع يوم أجازتك في النوم وتقول براحتي ، متفرطش في أي ساعة من عمرك يا منعم ، وأهم حاچة هو علامك .
تحفز منعم وابتسم بينما تابع صالح ممازحاً وهو يتحرك ليرى أغنامه التي تبدو في حالة جيدة :
– عال عال ، شكلهم عيحبوك قدي .
تحركت يدي منعم تدلك فراء إحدى الأغنام قائلاً بتباهي :
– يبقى بيفهموا صُح يا سي صالح .
ابتسم صالح وتحرك بينهم ثم التفت يعود للخارج قائلاً :
– الله يعينك يا منعم ، يخلصوا واكلهم وتاخدهم حوالين الأرض شوية لإن أني ورايا شغل ومشاوير تانية .
تحدث منعم بحماس وهو يعدل من وضعية قبعة رأسه قائلاً :
– عنيا يا سي صالح أني ليا بركة غيرهم .
غادر صالح متجهاً إلى النخيل كي يبدأ بقطف ثمار البلح البوحي الشهي والذي أصبح يشتهر هو بزراعته ومذاقه لدى التجار .
فيبدو أن العبد الصالح الطيب ترث ثماره الطيبة والصلاح منه .
꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂꧂꧂꧂
بعد وقتٍ وفي سوق البلدة .
كانت تخطو بين الطرقات بعباءتها السمراء وحجابها الأسمر وخفها الأرضي لتشتري أغراض المنزل .
فأحياناً تقرر الهرب من تسلط والدتها وحقد وقسوة أشقائها وجمود والدها بهذه النزهة من وجهة نظرة
فهي تعشق انتقاء الطعام بيدها ، هذا يشعرها بأنها ذات مسئولية وأهمية في هذه الحياة القاسية ، كما أنها تسترق ساقيها وتذهب لأحدى محلات الملابس وأدوات التجميل كي تبتاع ما يلزمها وتخفيه للوقت المناسب .
وبرغم لباسها المحتشم إلا أنها محط أنظار معظم من هنا ، يعرفونها ويعرفون هويتها جيداً ، باتوا لا يتعجبون من تسوقها بنفسها ، فهي ابنة جابر السيوفي الذي يسهل عليه إرسال رجاله للتسوق بدلاً عنها ولكن المقربون من تلك العائلة يعلمون جيداً أن المدلل هنا هما شقيقيها وليست هي ، وبرغم ذلك فهم يرونها نجمةٌ صعبة المنال وذلك نسبةً لتكبر والدها وشقيقيها وقسوتهم في التعامل مع عامة الناس .
جمالها ينبعث من روحها وهالة الطاقة الإيجابية التي تحيط بها تجعلها مرغوبة كقطعة حلوى نادرة وثمينة لم يتذوقها الناظر ولكنه على يقين بجودة تذوقها لذا فالوصول إليها مكلفاً جداً .
وقفت عند بائع المخبوزات تضع ما يناسبها في الكيس الورقي متجاهلة أمر تلك النظرات الخبيثة التي تتفحصها .
هذا المدعو فارس الذي مر من هنا أثناء طريقه ليصدف برؤيتها وتبدأ عيناه تتعاون مع عقله الخبيث لتنسخ خيوط الانتقام والشر والمتعة كما نوى .
توقف خلفها بينما هي منشغلة مع البائع ثم تحدث فجأة بنبرة يشوبها المكر :
– كيفك يا وردة .
انتفضت من أثر صوته البغيض والتفت له تناظره بضيق ثم تحدثت بامتعاض وملامح غاضبة عندما عرفته :
– أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، خير يا فارس واقف ورايا إكدة ليه ، وبتناديني بإسمي ليه يا رفيق أخويا .
قالتها ضاغطة على أحرفها ربما خجل من طريقته ولكنها ظنت به خيراً وهو السوء بذاته لذا حاول الاقتراب منها قائلاً بجرأة ونظرةً تلاعبية ماكرة :
– فيه إيه يا وردة الليالي ، أني قولت أسأل لتكوني محتاچة خدمة ولا حاچة ، زي ما قلتي أني رفيق أخوكي وهو غالي على قلبي وانتِ كمان غالية .
اتخذت خطوة للوراء وتجهمت ملامحها وهي تقول بنبرة حادة تغلفها الجدية وعينيها تطلق شرارتٍ محذرة :
– يبقى تلتِزم مكانك وملكش صالح بيا ، ولو شوفتني في أي مُكان متتكلمش معايا ولا تُنطق اسمي واصل .
التفتت للبائع تناوله النقود ثم نزعت مشترياتها وغادرت تخطو بثقة وشموخ ووقف هو يتابعها ويغزل أفكاراً تجعل من عقله منزلاً للشيطان فهو بالأساس يضعها في عقله منذ زمن وزاد انتقامه على شهوته ليكوّنا معاً رغبةً ملحةً في تنفيذ خطته .
وصلت إلى بائع الخضروات والفاكهة التي تفضله وتحدثت بوجهٍ بشوش منافي لملامحها قبل قليل قائلة :
– كيفك يا عم حميد ، أخبارك إيه يا راجل يا طيب .
ظهر حميد من خلف أقفاص بضاعته يبتسم لها قائلاً بسعادة :
– كيفك إنتِ يا بتي ، مشوفتكيش من زمان .
تحدثت وعينيها تدور حول بضاعته الطازجة قائلة :
– مخرجتش من آخر مرة كنت عندك يا راجل يا طيب ، المهم أخبار البضاعة إيه ، وفين البلح البرحي بتاعي ؟
مد يده ينزع عدة أكياس ويناولها إياهم حيث وضعت أغراضها جانبها والتقطت منه الأكياس لتبدأ في انتقاء ما تريده منه بينما هو تحدث بترقب :
– على وصول يا ست البنات ، النهاردة اتأخر شوية بس زمانه چاي .
أومأت وانشغلت في فحص الخضروات لتنتبه له دون أن تلتفت وهو يقول بترحاب مبهج :
– أهو وصل أهو ، اتأخرت ليه يا صالح يا ولدي .
كانت تواليه ظهرها بينما هو ترجل من دراجته البخارية والتفت يجلب أسبات البلح ويناولها للعم حميد ويبرر قائلاً دون النظر لمن تقف :
– حقك عليا يا عم حميد ، الحمد لله قدر ولطف بس كنت هخبط في عربية رامي السيوفي وأني چاي ع الطريق ، الجدع طاير كانه مهواش ماشي على الأرض ومش مراعي إن فيه ناس ماشية .
غمزهُ حميد بطرف عينه كي يتوقف عن الحديث وهو يشير برأسه تجاه وردة التي التفتت تنظر له بسودويتاها بعدما انتبهت لاسم شقيقها ليتجمد مكانه وتلجم الصدمة لسانه ، لا يصدق أنها هنا وأمامه وتنظر له بعينيها التي كانت دوماً بطلة أحلامه وصحوته .
لم يسعفه جسده ولا لسانه ولا حتى عقله عن أي حركة أو كلمة .
أما هي فتعجبت من تحديقه بها وتوترت نظرتها وأفاقت على حمحمة العم حميد وهو يردف مدافعاً :
– معلش يا وردة يا بتي ، صالح ميعرفش إنك واقفة .
انتبهت على حالها وتحدثت وهي تنظر له قائلة :
– هو مغلطش يا عم حميد ، واضح إن الغلط على أخوي .
نظرت نحوه مجدداً وتجاهلت موقف شقيقها لعلمها أن ليس بيدها حيلةً ثم نظرت لأسبات البلح البوحي الأصفر الشهي الذي تعشقه ومدت يدها تنزع ثمرةً من عودها ثم رفعتها أمامه تلوحها وتحدثت بترقب :
– ينفع أدوقها ؟
كانت سجيته الصمت والتأمل ليعنفه لسان حاله ويجبره على التحدث أخيراً قائلاً بسعادة جعلته يردف دون وعي من مجرد حديثها معه :
– البلح كله ملك يدك يا ست الصبايا .
توردت وجنتيها خجلاً وتحدثت بهدوء :
– تسلم .
التفتت تنظر نحو الخضروات ورفعت يدها نحو فمها تقضم البلحة وتتلذذ بتذوقها ووقف هو يستعيد ما حدث للتو بذهولٍ وفرحةٍ خففت من على عاتقه عبء اليوم وشقائه .
رؤيتها الآن كانت بمثابة نسمة طيبة رطبة في يومٍ حار مجهد التفت حول جسده فأنعشته كلياً وجعلت قلبه محلقاً في سماء عشقها .
وقف العم حميد يتحدث معه عن سعر البلح وجودته وانتقت هي ما تريده ثم التفتت تناوله الأكياس قائلة :
– احجز لي بقى سبَت من ده يا عم حميد وهبعتلك سعد ياخد منك الحاچة .
تحدث الرجل بترقب :
– على راسي يا ست البنات بس متعوقيش عليا علشان نص ساعة وهقفل المحل علشان مسافر القاهرة كمان شوية .
كان يتابعها وهي تتحدث ويتوغل حبها لأعماقه أكثر حتى تحدث برتابة :
– مالوش لزوم تبعتي حد يا ست الصبايا أني هوصلهملك على البيت الكبير ، اتفضلي إنتِ اسبقيني وسيبي كل حاچة هچبهالك .
كان يتحدث ولا ينظر نحوها بعدما وعى على حاله ، يخشى عليها من عينيه ونظرته ، يعلم أنها جوهرةً ثمينةً النظر لها سيأثره خلف قضبان الحرمان واللوعة في بعدها .
أعجبت بشخصيته التي تحيطه وتحدثت معترضة بهدوء :
– لا متتعبش حالك ، أني هروح وأشيعه علطول .
تحدث بنبرة صارمة لا تقبل نقاش :
– اتفضلي إنتِ بس يا ست الصبايا وملكيش صالح عاد .
تنفست بعمق ثم أومأت وخطت تغادر بعدما ودعت العم حميد وانتظرها حتى غادرت وبدأ يُحَمّل أغراضها ويضعهم في حامل موتوره ثم استلم حساب البلح من التاجر وصعد موتوره ينطلق بعدها إلى وجهته براحة أذابت تعبه .
꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂꧂꧂
في غرفة عادل الذي كالعادة يستيقظ متأخراً .
كانت عيناه مغلقة وملامحه ناعسة حيث بدأ يتململ ويتقلب في الفراش باحثاً بيده عن زوجته دعاء .
انتفض من نومه حينما لم يجدها جواره واتسعت عينه ينادي بحدة وصراخ :
– دعاااااء ، إنتِ يابت ! ، مش قولتلك ميت مرة متقوميش من جاري طول ماني نايم ؟
لم يأتيه صوتها فاحتقنت ملامحه وانفلتت منه سبابٍ وهو يترجل متمتماً بحنق :
– يخربيت أبوكِ أنتِ كمان الواحد معرفشي يرتاح ولا ينام زين في البيت ده ، باينه حد باصص لك في أم الچوازة دي يا عادل .
تحرك نحو الحمام وفتحه ليتفاجأ بخلوه فتأكد من شكوكه لذا تملكه الغضب حتى بات كطفلٍ شرسٍ تعلم انتزاع حقوقه بالقوة ودون حكمة .
فتح باب غرفته وتحرك للخارج ثم نزل الدرج ينادي بصوتٍ حاد قائلاً :
– دعاااااء ، إنت يابت .
هرولت تلك الجميلة من المطبخ تنظر له بضيق مردفة بتوتر :
– نعم يا عادل فيه إيه عاد عتصرخ ليه إكدة .
وصل إليها ونظر في يدها فوجدها تعد الفطور وتتمسك بسكين التقطيع فرفع عينيه إلي عينيها يردف باستنكار :
– إيه اللي في يدك ده ؟
تحدثت موضحة وهي تلوي فمها بضيق من تملكه وسطوته عليها التي باتت تخنقها :
– عتكون إيه يعني ، دي سكينة .
ضحك بخبث واقترب منها يردف بجرأة وتقمع :
– لا يا شيخة ، فكرتها قصافة ، مش المفروض إن يدك دي تكون ملفوفة على رقبتي طول ماني نايم ؟ ، إيه اللي خلاكي تقومي من سريري وتنزلي إكدة من غير ما أعرف ، وتدخلي المطبخ ليه عاد إنتِ مالك ومال الطبخ والحديت الماسخ ده ، إنت إهنة شغلك كله ليا أني وبس ، لما ابقى أمشي من البيت اعملي اللي إنتِ عايزاه .
تحدثت بضيق وملامح حزينة من حديثه الذي يحطم كبريائها :
– بس أني زهقت يا عادل ، وانت يا إما نايم يا إما ….
زاد غضبه من نطقها لهذا الحديث بتلك الطريقة وتحدث يردد جملتها بفحيح وعيون متفحصة لملامحها وتفاصيلها :
– زهقتي ؟ ، زهقتي من إيه ؟ ، بعمل حاچة عيب ولا حرام ؟ ، اظبطي كلامك زين بدل ما أظبطلك نفوخك ده .
قالها وهو يشير بسبابته على عقلها فترنحت قليلاً بينما جاءت من خلفه شريفة دون سابق إنذار وتحدثت بنبرة مملة ظهرت معالمها وهي تقول :
– بطلوا حديت ماسخ مالوش عازة ، الخدم عيسمعوكوا .
لم تتغير ملامحه بل زفر بلا مبالاه بينما هي التفت تنظر نحو دعاء وأردفت بجمود :
– روحي يا دعاء كملي تجهيز الفطار عقبال ما وردة تيچي .
تحدث معترضاً بنوعٍ من الأنانية :
– وهي بنتك راحت فين يا أما ، أني عايز مرتي دلوك .
نظرت لإبنها بغيظ وتحدثت معنفة :
– هناكلها ولا إيه يا ولد بطني ؟ ، مرتك هي اللي نزلت تساعد لحد ما اختك ترجع من السوق .
تحدث وهو يتجه عائداً لغرفته ويسحب زوجته معه قائلاً بامتغاض وتجهم :
– عندك البت تساعدك لحد ما تاجي بنتك ، مرتي أني عايزها في كلمة .
صعد وتركها تلوك فمها عليه ولكن هي اعتادت على تلبية رغبات ولديها حتى في الخطأ ، دوماً دونت موافقتها على ظلمهما وقسوتهما ، ولما لا وهي المرضعة الأساسية لتلك القسوة .
في الخارج وصلت وردة ووقفت أمام باب المنزل الخارجي تنتظر هذا الصالح الذي أتى وتوقف أمامها وتحدث باحترام دون رفع عينيه عليها قائلاً :
– ادخلي إنتِ يا ست البنات وشيعي حد من الحرس ياخد الطلبات مني .
أومأت له وتحدثت ممتنة :
– ماشي يااااا ؟
رفع نظره فجأة وكأن عيناه خانته وأرادت رؤيتها قبل أن يغادر ليحتفظ بهيأتها ويردف لسانه بنبرة يغلفها الحنين ظهرت حينما قال :
– صالح ، اسمي صالح يا ست الصبايا .
ابتسمت له وتابعت :
– شكراً يا صالح ، تعبتك معايا النهاردة .
مسح حبات العرق التي تكونت على جبهته بظهر يده فيبدو أن جسده ينصهر وتحدث بود برغم توتره :
– تعبك راحتي يا ست الصبايا .
تعجبت من طريقته برغم أنه يغلب عليه الشهامة والمروءة والاحترام ، تعجبت من نظرته لها وحديثه الحنون معها ولقبه لها ب ست الصبايا
قررت الدخول وترك الأفكار جانباً وأنزل هو الأغراض وناولها ل المدعو سعد وغادر بعدها يفكر في هذا اليوم الذي سيدونه في دفتر يومياته على أنه أسعد أيام حياته .
꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂꧂꧂
في اليوم التالي
عاد عادل من عمله مساءاً يخطو داخل القصر .
يتمتم بخفوت وحنق كلمات غير مفهومة وذلك نسبةً لوجود جابر الذي يطالعه بغضب متسائلاً :
– راجع بدري ليه يا عادل ؟ ، مش معادك الساعة عشرة تسلم أخوك ورديتك وتعاود ؟
زفر واستغفر ثم أردف بقمع :
– أخوي مين يابا ، هو ابنك ده نافع في حاچة واصل ، ده عيل خايب والغريب أحرص منه على أملاكنا ، وبعدين أني لساتني عريس چديد ومينفعش أرجع متأخر واهمل مرتي كل ده لحالها ، كلمه إنت وقوله يروح الأرض يشوف مصلحته لإن أني لو كلمته همسك فيه ، الغفير قاعد هناك بس بردك ابنك لازم يروح لاحسن الحرامية كتروا أوي النواحي دي وكلهم اصحابه .
تحرك يصعد غرفته وهو ينادي بصوتٍ حاد ويردف بنبرة آمرة :
– بت يا نهال ، جهزي صينية الوكل وطلعيها بسرعة .
لم يتفوه جابر ببنت شفة ، كان هذا منذ زمن حيث كانت كلمته تجلجل المكان ولكن الآن لم تعد كلمته مطاعة سوى على ابنته والخدم ، فهذان المدللان تملكهما الجمود والقسوة وانتزع منهما احترام الوالدين ويعود الفضل في ذلك له ولزوجته ولحب البنين والتفرقة في المعاملة .
دس يده يخرج هاتفه من جيبه ليهاتف ذاك ال الذي، أجاب بعد ثواني قائلاً بضجر :
– خير يابا .
تحدث جابر باقتضاب وغضب :
– فوق وكلمني زين يا خايب الرچا ، من إهنة ورايح لو حالك متظبطش معايا أني هيبقالي تصرف تاني واصل ، هنچيب الغريب يحرس مالنا إياك ؟ .
نفث دخان سجارته ونفخ معه متأفأفاً يردف بانزعاج وملامح مقتضبة يغطيها الممل قائلاً :
– عايز إيه إنت دلوك ؟ ، متصل تعكنن عليا ليه ؟ ، ما عندك ولدك الكبير هو مافيش غير الزفت رامي .
تحدث جابر بصوتٍ حاد غاضب جاءت على إثره زوجته ليحاول استعادة رباطة جأشه وسلطته قائلاً بجمود وقسوة افتقدها معهما منذ زمن :
– ايوة مافيش غير الزفت ، ودلوك تقوم من الخرابة اللي إنت قاعد فيها وتسيبك من الشوية المقاطيع اللي معاك وتروح تشوف مصالحنا وتبيت هناك ومشوفش خلقتك النهاردة إهنة ، وهكلم الغفير وأعرف منيه إنت هناك ولا لا ، ويويلك لو قال مچاش ، وقتها هتعرف صُح مين هو چابر السيوفي ، هوريك قسوتي بصحيح يا ولد چابر وانسى إنك تاخد مني مليم بعد إكدة ، ومافيش طفح هيچيلك كيف كل مرة علشان بعد إكدة تعرف تكلم أبوك زين .
أغلق الهاتف بعدها وجلس يتنفس بقوة وصدره يعلو ويهبط لتأتي من خلفه تلك التي استمعت لحديثه وتجلس مجاوره له ثم تحدثت بتقمع وعتاب :
– عتكلم ابني إكدة ليه يا جابر ، هو كان غلط في إيه يعني ؟ ، الواد لساته شاب ومن حقه يعمل اللي هو عايزه ، وبعدين مهو بيروح شغله برغم إنه إبن چابر السيوفي يعني المفروض يكون سلطان زمانه .
نظر لها بحنق وتحدث بعدما نفذ صبره وقوة تحمله قائلاً :
– مهو ده اللي حُصل ياختي ، ولادك الاتنين بقوا خايبين مافيش منهم منفعة لإنهم ولاد چابر السيوفي ، طلعوا سلاطين زمانهم صُح يا شريفة يا بنت مرعي القللي افرحي بيهم قوي .
قلبت عينيها بضيق بينما هو نهض وتحرك يغادر فلم يعد يطيق الجلوس جوارها .
تحرك نحو البوابة ثم فتحها ينادي بصوتٍ عالٍ على الغفر فجاؤوا مهرولين يقفون أمامه وينتظرون أوامره فقال بجمود وهو يستند بكفيه على عصاه :
– محدش منكم يطلع من القصر واصل ، ولا حد منكم يروح يوصل حاچة لرامي في الأرض ، مفهوووم ولا أقول تاني .
أومأوا جميعهم يرددون بطاعة :
– مفهوم يا حچ جابر .
دلف رافعاً رأسه عالياً بعدما قرر معاقبة ابنه ، خطى متوجهاً إلى غرفته بعدما رمقها بنظرة حانقة بينما هي تعجبت من حالة الغضب التي أصابته والتي لم تراها منذ زمنٍ لذا قررت تهدأة الأوضاع قليلاً .
تناولت هاتفها وطلبت رقم رامي لتتحدث معه وتطمئن عليه ، لطالما كان هو مدللها مهما بلغت أفعاله .
لم يجبها فحاولت مجدداً فقام بإغلاق هاتفه لذا بات عقلها يصور عدة سيناريوهات بشعةٍ لتتآكل قلقاً وهي تحاول الوصول له أو لأحدٍ من رفاقه ولكن لا جواب يأتيها يهديء لهفتها .
꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂꧂꧂
كانت وردة تجلس تتصفح هاتفها وتتحدث مع صديقتها عليا التي تلى تواصل معها منذ الجامعة .
تدون لها الكلمات ببعض الود بعدما انتهت من أعمالها المنزلية حينما دلفت عليها شريفة تردف دون مقدمات بنبرة متعجرفة :
– بت يا وردة ، قومي ألبسي عبايتك دلوك ، أپوكي زعل أخوكي وزعقله وتليفونه اتقفل ، أني قلقانة عليه قوي .
اتسعت عينيها وهي تعتدل في جلسها وتحدثت باستنكار :
– أقوم ألبس كيف وأدور على مين ، عيل صغير هو إياك ؟ ، إنتِ عارفة الساعة كام دلوك يا أما ؟
زفرت بضيق وتحدثت بحدة معنفة :
– لساتها تسعة يا مقصوفة الرقبة والناس كلها رايحة وچاية ، ووطي حسك لأبوكِ يسمعك ، قومي عاد انهضي غيري هدومك وجهزي حالك ، هو دلوك راح ع الأرض روحي اديله الوكل وخليه يفتح تليفونه ويحدتني وتعالي ، يالا عاد .
تشبثت برأيها وقالت بجدية وهدوء :
– لو عايزة تطمني عليه شيعي وراه سعد أو روحي إنتِ .
نظرت لها بغضب وغيظ وتحدثت وهي تلكزها في كتفها بقوة :
– سعد مين دي ده اللي أشيعه ؟ أبوكي نبه عليهم ممنوع حد منهم يطلع ، وبعدين أروح أني كيف هيعرف إني طلعت وهو دلوك شايط وأني معايزاش أزودها ، إنما إنتِ محدش عياخد باله إنك خرجتي ، الوقت بدري لسة روحي وتعالي بسرعة قبل ما نتأخر .
لم تتزحزح وردة ولا تتقبل فكرة خروجها كي تبحث عن هذا الرامي لتبدأ والدتها في استعمال طريقة فعالة وتبدأ بالعزف على أوتار عاطفتها قائلة وهي تجلس جوارها وتدعي قلة الحيلة والحزن قائلة :
– طول عمره مدوخني إكدة ، بس هعمل إيه يعني يا ناس ، قلبي معايطوعنيش أقسي عليه ، وأني خبراه زين لما حد بيزعله وبيهينه ، وبعدين ده يا حبة عيني مداقش لقمة من إمبارح الصبح وعمال يشرب في دخان وزفت من غير وكل ، أني خبراه زين معايكلش غير من يدي ، علشان خاطري يا وردة قومي شوفيه وأديله الوكل الهي يطمن قلبك يا بتي .
اتقنت دور المسكنة ونجحت في تغيير قرار ابنتها التي تنهدت وأغلقت عينيها لثوانٍ ثم أومأت لها بصمت وبرغم صعوبة تقبلها للأمر إلا أنها قالت :
– خلاص يا أما قومي جهزي الوكل وأني هلبس وهحصلك .
ربتت على ساقيها ونهضت تسرع نحو الخارج بعدما وافقت ابنتها واتجهت صوب المطبخ لتحضر الطعام .
بعد وقتٍ كانت تخطو خارج حدود القصر وتحمل في يدها أكياس الطعام .
بدأت تسير في البلدة واطمأنت قليلاً حينما وجدت بعض المارة من النساء تجولن .
ابتعدت عن الطرق العامة حتى وصلت لحلقة الأراضي الزراعية الخاصة بعائلتها والتي لم تكن بعيدة عن أرض محمد والد صالح ومنزله .
بدأ الخوف ينهشها حيث يعم الظلام في المكان إلا من بعض الأنوار الآتية من البلدة .
كان في هذا الوقت قد وصل رامي إلى المخيم المنصوب في الأرض ومعه فارس وجمال بعدما قضوا نصف سهرةً قطعها اتصال والده .
كان قادراً على رفض طلبه ولكنه خشى حقاً تنفيذ تهديده خاصةً وأن تلك الطريقة كان يستعملها معه منذ وقتٍ طويل وها هو يعود إليها .
تحدث فارس بملامح تخفي حقداً ووعيداً قائماً :
– هنروح إحنا بقى يا رامي ، يالا يا جمال .
تحدث رامي بحنق وهو ينظر حوله حيث لا يوجد هنا سوى الغفير وقال بنبرة بغيضة :
– عتروحوا ليه ؟ ، ما تطبقوا معايا إهنة ، هنكمل سهرتنا إهنة .
تحدث فارس معترضاً يردف وهو يشير نحو معدته :
– لاه ، أني جعان وهروّح أكل لقمة ، وبعدين أبوك مبيطقنيش ولو عرف إني جيت إهنة هيعملي مشاكل ، هتاجي معايا يا جمال ولا قاعد معاه ؟
سأل موجهاً حديثه لجمال الذي تحدث معترضاً يردف بضيق :
– لاه جاي معاك طبعاً ، وهو يعني عمك جابر كان بيطيقني ؟ ، ده يشوف العمى ولا يشوفنا ، يالا بينا .
ودعا رامي وغادرا عائدان إلى بيتيهما يسيران وسط الأراضي الزراعية ويغتابانه بحقد وتوعد كالعادة وخاصةً المدعو فارس الذي ينتظر اللحظة المناسبة لتنفيذ مخططه .
أما رامي فقد دلف عمله إلى المخيم الذي ينصب فقط في أوقات جني المحاصيل بعدما ناوله الغفير سلاحه واتجه للجهة الأخرى من المكان .
꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂꧂꧂
كانت قد اقتربت من موقع شقيقها التي تعلمه مسبقاً ، الخوف يتملكها ولكنها تطمئن نفسها أن الأمر سيتم وستعود على الفور .
ولكن فجأةً رآها فارس الذي تجمد مكانه ولم يصدق ما تراه عينيه هنا ، برغم الظلام الذي يحيط المكان إلا أنه علم هويتها جيداً حيث لكز جمال في ذراعه وتحدث مشيراً بوجهه صوبها :
– واد يا چمال ، إنت شايف اللي أني شايفه صُح ؟
دقق جمال نظره صوب ما يشير وتحدث بذهول :
– وه وه ، مين دي اللي چاية إهنة دلوك ؟ .
تحدث فارس بخبث والفكرة أصبحت تتقافز مهللة داخل عقله الفارغ وقال بنبرة تشوبها الدناءة :
– دي وردة أخت رامي ، چاية لقضاها برجليها .
قطب جمال جبينه وتساءل مستفسراً :
– وردة ؟ ، وإيه اللي جابها إهنة دلوك ؟ ، وإنت ناوي على إيه يا فارس ؟ ، اوعى تكون لساتك عتفكر في اللي قولته قبل إكدة ؟
لكزه يردف وهو يخطو نحوها بخبث وحذر :
– هتعرف بس تعالى معايا ونفذ اللي هقولك عليه كله .
قاربت على الوصول وهي تذكر ربها ولكنها استمعت لصوت أحدهم يتبعها ، ارتعبت من أن تلتفت حولها لذا زادت من سرعة خطواتها وتعالت وتيرة أنفاسها وهي تسرع والصوت يقترب من خلفها فلم تجد مفر إلا الالتفات والمواجهة ورؤية هذا المتتبع .
جحظت عينيها من رؤيتهما وقبل أن تصرخ كان فارس ينقض عليها ويكمم فمها ويقيد حركتها قائلاً بفحيح مرعب وملامح شيطانية بغيضة :
– صوتك لو طلع هيكون أخر يوم في عمرك .
لم تستمع لتهديده بل حاولت بكامل قواها دفعه وهي تتلوى بين يديه وتصرخ بصوتٍ مكتوم بفعل يده التي كممت فمها ولكنه قد تملك منه شيطانه وتضاعفت قوته وأحكم عليها قائلاً بنبرة آمرة حادة لهذا الواقف متجمداً من فعلته :
– اتحرك يا چمال هتفضحنا بنت ال*** دي .
أسرع الأخر يقيدها معه وهو يردف بخوف تجلى على ملامحه :
– عتعمل إيه يا فارس هتودينا في داهية الله يخربيتك .
تحدث والشر يتطاير من ملامحه قائلاً بحدة :
– هما اللي هيروحوا في داهية ومعيعرفوش يرفعوا راسهم تاني ، خصوصي رامي الكلب ده .
بات يجرها معه ويسحبها بين الأراضي وساعده في ذلك جمال الذي يتبع أوامره وهي تصرخ وتحاول مستنجدة ولكن لا مفر الآن فحتى صوتها يحكمه جيداً هذا الوحش بيده .
لتشعر أنها على وشك الموت بحق ، تحاول الفكاك
من قبضة هذا البغيض وتتخيل أسوأ الأمور دون جدوى .
ظل يسحبها بقوة وعقله المريض ينسج أفكاراً شهوانية لذا انحنى يهمس لها وهو يقيدها :
– كل ما هتقاومي هتجننيني أكتر ، أني النهاردة يا قاتل يا مقتول وهاخد اللي في بالي من زمان قوي .
ظلا يسحباها وهي تبكي وقاربت قواها على التخلي عنها بينما عقلها يناجي ربه بالخلاص حتى لو كان الموت ، باتت تتمناه الآن لا تصدق انقلاب الأمور من السيء إلى الكارثي في لمح البصر ، دوماً آمنت بالمعجزات وانتظرت العوض من ربها ولكن حالتها الآن وأفكارها مغطاه بسماء اليأس التي تمطر عليها قهراً وضعفاً ورعباً حاد .
لمح تلك الحظيرة التي تبتعد نسبياً عن منزلٍ صغير فابتسم بانتصار وهو يشير نحوها قائلاً لشريكه :
– هناخدها هناك .
أومأ له وظل يجرها وبالفعل وصل إليها ليجد بابها سهل الفتح فلم يفكر كثيراً حيث أدخلها بها يلقيها أرضاً بقوة ويتبعه جمال الذي يقف يطالعها بجمود استحوذ عليه بعد أن تحكم به شيطانه المماثل .
شرع فارس في إخراج نصلاً حاداً من خصره وهو يفتحه أمام عينيها الجاحظة وجسدها المنتفض بعنف ليردف بوعيد وغل :
– صوتك لو طلع رقبتك هتطير ، ولو نطقتي حرف بعد إكدة هنقتلك بردك ، دا أني بستنى اللحظة دي من زمن ، أخوكي لينا عنديه حساب تقيل أوي ولازماً ناخده .
نظرت لهما بحسرة وهي تهز رأسها بينما انعقد لسانها وانسحب قلبها فلم تعد تشعر به يضخ الدماء بل جفت دماؤها وهي تراهما يقتربان منها .
صرخت وردة صرخة أتت من أعماقها مستنجدة ليسرع إليها يكمم فمها وأسرع الآخر يقيد حركة جسدها وهو تتلوى بعنف وتصرخ في كفه دون جدوى .
كانا قريبان جداً منها أحدهما فوق رأسها يقيد ذراعيها للأعلى والآخر مرتكزاً جانبها وقريباً جداً من وجهها حيث نظر لها نظرة أرعبتها وتحدث بفحيح مرعب وهو يلصق وجهه منها :
– محدش هيلحقك مني ، الليلة أني هاخد اللي نفسي فيه من سنين .
اعتلاها لتصرخ ولكنه كان كوحشٍ مفترسٍ جائعٍ اصطاد غزالةٍ شاردةٍ لا حول لها ولا قوة خاصة والأخر يساعده في تقييدها .
كانت تصرخ بين قبضته وتحاول بكل أعضائها منعه من مساسها لا تتخيل أن هذا الحقير سيتعدى عليها وسيستحل أعز ما تملكه ، الموت أهون ، تقطيعها إرباً أهون .
أما هما فكانت كل محاولاتهما في تقييد حركتها .
يحاول هو تقبيلها بجنون وشهوةً تتحكم به فتقوي رغبته وتزيد قوته في خضوعها وامتلاكها وعندما قارب على التحكم بها حيث مزق ثوبها الخارجي وكاد يحصل على مبتغاه لم يجد نفسه إلا وهو يرتفع فجأة في الهواء ثم يقذف بعيداً عنها ليرتطم بالجدار الخشبي متألماً كأنه سقط من السماء .




google-playkhamsatmostaqltradent