Ads by Google X

رواية جعفر البلطجي الجزء (3) الفصل العشرون 20 - بقلم بيسو وليد

الصفحة الرئيسية

 


 رواية جعفر البلطجي الجزء (3) الفصل العشرون 20 - بقلم بيسو وليد

 وبعد مرور القليل مِن الوقت
كانوا جميعهم حوله يتحدثون معه، بينما كانت بيلا تقف بعيدًا وهي تنظر إليه ودموعها لا تتو’قف عن السقو’ط، نظر إليها جعفر وقال:بيلا لو تعبا’نة يلا نروح وهما حواليه أهو
حركت رأسها برفق وقالت:خا’يفه أوي يا جعفر … مرعو’بة
مسّد على ذراعها برفق وقال:مفيش حاجه خا’يفه مِن إيه بس
حركت رأسها برفق وقالت بنبرة باكية:مش عارفه .. قلبي واجـ ـعني وخا’يفه أوي عليه … و’جع قلبي يا جعفر لمَ معرفنيش فـ الأول .. كأن حدّ مسك سكـ ـينة وغر’زها جو’ه قلبي مَكُنْتش أتو’قع إني هتأ’ثر أوي كدا وهـ ـحن
ربت على ظهرها برفق وقال:متخا’فيش مفيش حاجه دا بس بسبب التعـ ـب إنما هو كويس وبيتكلم معاهم أهو وبيضحك ويهزر
حركت رأسها تنفي ما قاله قائلة:بابا هيمو’ت يا جعفر .. انا عارفه إنه هيمو’ت … اللي هو فيه دا سكر’ات المو’ت .. الجـ ـلطة مش سيباه .. بابا مـ ـيت يا جعفر
سقـ ـطت دموعها بغز’ارة وهي تُحاول تما’لُك نفسها وهي تنظر إليه وتلـ ـهث، ضمها جعفر إلى أحضانه ممسّدًا على ظهرها برفق علّها تهـ ـدأ فمنذ أن رآه وعَلِمَ أنه ميـ ـت ولَكِنّ لَم يكُن يُريد أن يُخبرها بـ شيئًا كهذا فلن يستطيع المخا’طرة وقول شيئًا كهذا إليها، أقترب بشير مِنهما بعد أن رأى شقيقته تبكي بهذه الطريقة قائلًا بقلـ ـق:في إيه يا جعفر مالها بيلا بتعيط ليه كدا
نظر إليها وقال بنبرة قلـ ـقة:أنتِ كويسه يا بيلا أجيبلك دكتور طيب تعبا’نه
نظرت إليه بيلا وهي تلهـ ـث قائلة بنبرة با’كية:أبوك ميـ ـت يا بشير .. بابا هيمو’ت
تفا’جئ بشير كثيرًا بما تقوله شقيقته لينظر إلى جعفر الذي رمـ ـقه نظرة ذات معنى وهمس إليه قائلًا:معلش يا بشير بيلا أعصا’بها تعبا’نة شويه ومحتاجه تر’تاح متاخدش بكلامها
نظر إليه بشير قليلًا ثم نظر بعدها إلى بيلا التي كانت بين أحضان زوجها تبـ ـكي وهو غير مقـ ـتنع بما قاله جعفر، فحالة والده أمامه تجعله يرى غير ذلك، ربت جعفر على ظهرها برفق وقال بنبرة هادئة:تعالي نقعد بره شويه عشان تر’تاحي يلا … هو زَّي الفُل ومفيهوش حاجه
تحركت بيلا مع جعفر إلى الخارج، بينما نظر بشير إلى أثرهما وهو يشعر بالخو’ف بعد أن أستمع حديث شقيقته وبكاءها الذي جعل الر’عب يد’ب بأوصاله، بينما أجلس جعفر بيلا على إحدى المقاعد المتراصة أمام الغرفة وجلس القرفصاء أمامها
نظر إليها بهدوء ومَد يده يمـ ـسح دموعها بإبهامه قائلًا بنبرة هادئة حنونة:أهدي صدقيني هيكون كويس ويقوم ويبقى زَّي الفُل .. هروح أجيبلك أزازة عصير وأجيلك تاني … مش هتأ’خر عليكي
أنهـ ـى حديثه ونهض مربتًا على ظهرها ثم تركها وذهب كي يجلب إليها زجاجة العصير، بينما كانت هي تنظر إلى الأسفل ويبدو أنها شاردة لا تشعر بمَن حولها ولا تستمع إلى أحدّ، كانت شاردة في اللا شيء تشعر الخو’ف يتمـ ـلّك قلبها خو’فًا على والدها فمهما حدث فهو والدها في النها’ية
بينما كان جعفر يقف أمام با’ئع الحلوىٰ بعد أن أخذ زجاجة عصير مِن الثلاجة وأخرج محفظته التي كانت بدأت تذ’بُل وقد كان يُفكر في الآونة الأخيرة أن يشتري واحدة أخرى ولَكِنّ في النها’ية فَضّل تلك الأموال التي سيد’فعها لأجلها إلى فتاتيه فلديه رضيعة تحتاج مستلزماتها وبيلا الآن متو’قفة عن العمل ولذلك أختار الحلّ الأمثل دون أن يُفكر مرتين، أخر’ج ورقة نقدية ومَد يده بها إلى ذاك الشا’ب الذي كان يبدو عليه أنه مِن نفس عمره ليبتسم بداخلهِ بحـ ـسرة على حالة هذا المسـ ـكين
«لمؤ’اخذة يا إبن عمي عايز جنيه كمان!» نطق بها هذا الشا’ب إليه، لينظر إليه جعفر متعجبًا بعد أن عقد ما بين حاجبيه وقال:إيه دا هي مش بـ عشرة؟
«غـ ـليت واللهِ وبقت بحداشر النهاردة» نطق بها الشا’ب بأ’سىٰ ليُخر’ج جعفر محفظته مِن جيب بنطاله الخلفي مرة أخرى وأخرج مِنها ورقة نقدية أخرى وقال:أتفضل
أخذ الشا’ب الورقة النقدية مِنهُ ليسمع رجـ ـلٌ آخر يقف بجوار جعفر ير’فع يده عاليًا بزجاجة صغيرة قائلًا بتساؤل:بكام دي؟
نظر إليه ذاك الشا’ب وقال:خمسة وعشرين
«ليه انا جايبها مِن كام يوم بـ عشرين!» نطق بها الرجُـ ـل ويبدو أنهُ غيرُ راضٍ عن ما قاله ذاك الشا’ب الذي نظر إليه مرة أخرى وقال بأ’سىٰ «مش بأيدي واللهِ يابا انا زيي زيك بشتغل عشان أكفي بيتي وبناتي»
نظر إليه جعفر نظرة بها الحز’ن والشـ ـفقة فهو يتفهمه لأنه يعيش ما يعيشه، أخذ بقية النقود مِنهُ لينظر إليه قائلًا بنبرة هادئة:في بقى فرق بينك وبين العا’طل
نظر إليه الشا’ب ذاك ليقول جعفر وكأنه رأى أنه يجب أن يفـ ـصح عن ما يكمُن داخله فهو تحمل الكثير وهذا خا’رج عن إرا’دته:انا زيي زيك بالظبط بس انا مبشتغلش ومش لاقي شغل
«واللهِ يا إبن عمي لو أقولك إن اللي بكـ ـسبه مِن الكشك دا ميجيش حاجه جنب اللي بيشتغل فـ أي محل ما هتصدقني انا عندي تلات بـ ـنات أتنين توأم عندهم تمن سنين وواحدة عندها أربع سنين أقسم بالله انا طا’فح المُـ ـر عشانهم وبستخـ ـسر فـ نفسي الجنيه وبديه لبنا’تي وأقول مش مهم أنتَ هما أهم»
ألـ ـمه قلبه يا الله، جعفر رغم قسـ ـوته وجا’محيتهِ وبر’وده وعز’ةِ نفسه ولَكِنّه يتأ’ثر ويتأ’لم للآخرين، زفـ ـر بهدوء بعد أن رأى أنه أظهـ ـر ضـ ـعفه ليقول بنبرة هادئة:ربنا يرزقك ويراضيك، ربنا هيجـ ـازيك ولو مكانش فـ الدنيا هيبقى فـ الآخـ ـرة لمَ يدخلوك الجنة أنتَ وأمّهم، فانية واللهِ إحنا بس بنعافـ ـر مش أكتر
«الحمد لله ربك وحده الرزاق وانا راضي ومبقولش غير الحمد لله، صباحك فُل يا باشا»
تركه جعفر وعاد إليها مرة أخرى وهو يُفكر في أمر ذاك الشا’ب الذي كان الحزن طا’غي على معالم وجهه ونظرته ونبرة صوته، فـ كيف يد’اوي شخصًا يُعا’ني نفس معا’ناته، نعم الكلمة لها تأ’ثيرًا في معظم الأحيان ولَكِنّ ليس دومًا، وهذا فارق آخر إنه يملُك ثلاثة فتـ ـيات بينهن أثنتان توأم أما هو يمتلك أثنتان وكان يقوم بفعل أي شيء حتى وإن كان عمل يوم واحد حتى يوفر المال إلى صغيرته والآن يجب عليه توفير المال لأثنتين
المال لا يصنع السعادة في مثل تلك المواقف أعزائي بل يُد’مر صاحبها، فـ تخيل معي أن تقـ ـف حياتكَ على المال؟!، شيءٌ مخـ ـزي
عاد إليها مرةً أخرى ليراها كما تركها لَم تتحرك إنـ ـشًا واحدًا، جلس بجوارها ومَد يده بالزجاجةِ إليها قائلًا:أشربي العصير عشان تهـ ـدي شويه … وضعك دا مش عاجبني
لَم تُبدي أي ردّ فعل بل كانت ملتزمة الصمت إجابة على كل شيء يحدث حولها، أمسك كفها الدافئ بين أحضان كفه ونظر إليها قائلًا:وبعدين يا بيلا … كدا مش هينفع .. هتتعـ ـبي وأنتِ مكلتيش حاجه مِن الصبح وبترضَـ ـعي رضـ ـيعة لسه كل دا هيأ’ثر على صحتـ ـك أنتِ وانا مش عايز كدا
سقـ ـطت دموعها رغمًـ ـا عنها لتضع رأسها على كتفه مغمضة العينين، زفـ ـر بهدوء وترك زجاجة العصير جانبًا ليترك كفها ويُبعد ذراعه عنها بهدوء جاعلًا إياها ترفع رأسها برفق تنظر إليه، ليقوم هو بمحاوطتها بذراعه ضاممًا إياها داخل أحضانه مربتًا على ذراعها برفق طابعًا قْبّلة على جبينها دون أن يتحدث، بينما هي كانت شاردة الذهن كل ما يشغـ ـل تفكيرها هو أبيها
كانت الساعات تمضـ ـي دون أيا أحد’اث جديدة تُذكر، خـ ـرج أخيرًا أكرم مِن غرفة والده وخلفه بشير الذي أغـ ـلق الباب خلفه ليرى جعفر مازال على وضعيته لَم يتحرك وبأحضانه تستـ ـكين بيلا التي ذهبت في ثُباتٍ عميـ ـق، وقفا أمامه لير’فع جعفر رأسه ينظر إليهما قائلًا بنبرة هادئة:مفيش أي حاجه جديده
حرك أكرم رأسه نا’فيًا وقال بنبرة هادئة:تعبا’ن أوي وظا’يف جـ ـسمه مش قا’بلة أي حاجه وكأنه خلاص
نظر جعفر إلى بشير الذي وجه حديثه إليه قائلًا بتساؤل:أنتَ تعرف حاجه يا جعفر ومش عايز تتكلم صح؟
دام الصمت بينهما قليلًا فإن كذ’ب سيُعا’نده بشير فهو ذكيًا ويتفهم ما يحدث حوله، وبالرغم مِن ذلك لا يريد خد’اعه فـ بشير أخيه الصغير وهو مثل ولده كيف يخد’عه ويُد’مر ثقتـ ـه بهِ بسهولة هكذا، ولذلك تخلّـ ـىٰ جعفر عن ثباته ذاك وقال:أيوه يا بشير
تـ ـرقب بشير ما سيقوله وتنتبه إليه حواسه قائلًا:تعرف إيه
أبتـ ـلع غصته بهدوء وشعر بالتو’تر فجأة وكأنه سيخـ ـطو أولى خطواته إلى إحدى لجـ ـان المدرسة لأد’اء أمتحان نها’ية العام الدراسي ووجب عليه النجاح، أجابه بنبرة مذ’بذبة وقال:مش هيكمل … كل دي سكر’ات المو’ت ورو’حه مش هتطـ ـلع غير وهو لوحده زي دلوقتي عشان تخـ ـرج بسهولة إنما طول ما حدّ معاه مش هتخـ ـرج
صُد’م بشير فهو يعلم كل ذلك ولَكِنّ كان يُريد مَن ينفـ ـي إليه ذلك ويُخبره عكـ ـس ما يراه أمام عينيه، بينما كان أكرم يعلم كل شيء ولذلك كان الهدوء هو عنوانه، أبتـ ـعد بشير عنهما وهو يمـ ـسح على وجهه برفق أسفل نظرات جعفر الحز’ينة التي كانت تتابعه، نظر إلى أكرم وقال بنبرة هادئة:مش عايز حدّ يقول أي حاجه قدام بيلا
أكرم بهدوء:ما هي عارفه … انا بجد قلبي موجو’ع
أمسك جعفر كف يده وضـ ـغط عليه برفق وهو ينظر إليه قائلًا:أجـ ـمد عشان اللي جاي صـ ـعب على الكل وهيبقى صـ ـعب عليا أكتر
نظر إليه أكرم بهدوء وحرك رأسه برفق وشـ ـدد على قبـ ـضة جعفر قائلًا:كان الله فـ العون يا صاحبي
صـ ـدح رنين هاتف جعفر عا’ليًا ليترك كف أكرم ويضع يده في جيب بِنطاله مخـ ـرجًا هاتفه ليرى المتصل رمزي، أجابه بنبرة هادئة قائلًا:أيوه يا رمزي
أجابه رمزي قائلًا:السلام عليكم إيه يا عم فينك
أجابه جعفر بهدوء وقال:وعليكم السلام … انا مش فـ البيت
عقد رمزي ما بين حاجبيه وقال:مش فـ البيت دلوقتي .. فينك طيب
أجابه جعفر بنبرة هادئة وخا’فتة في نفس الوقت قائلًا:فـ المستشفى والد بيلا تعبا’ن أوي وشكلها مسأ’لة وقت
«لا حول ولا قوة إلا بالله، ربنا يتو’لاه برحمته ويصـ ـبر قلوبهم» نطق بها رمزي بنبرة حز’ينة فهو مثلها يعلم ما يحدث وما تشعر بهِ فـ هو في يوم مِن الأيام كان محلها، ولَكِنّ الفارق بينهما أن والده كان حنونًا وطيب القلب، رقيق في معاملته، أما فارس ليس كذلك
«تحبّ أجيلك؟» نطق بها رمزي متسائلًا ومتر’قبًا ردّه، ليأتيه ردّ جعفر الذي نـ ـفى قائلًا:لا خلّيكم مع لؤي محدش يجيلي
أجابه رمزي محاولًا تليـ ـينه قليلًا قائلًا:يا أبني أسمع بس الله يرضى عنك هجيلك ومُنصف وسراج وحسن هيكونوا معاه
رفـ ـض جعفر بقو’ة قائلًا:لا يا رمزي خليك معاهم أوعى تسـ ـيبهم … عايزك بس قبل ما يدخل العمـ ـليات تخلّيه يكلمني
زفـ ـر رمزي بقلة حيلة فهو يعلم أن جعفر عنـ ـيد وصـ ـعب إخضا’عه مهما حد’ث، أجابه بنبرة هادئة وقال:حاضر يا جعفر .. عايزك بس لو أحتاجت حاجه تكلمني على طول متتر’ددش لحظة واحدة
أبتسم جعفر بخفة وقال:حاضر … متنساش يا صاحبي بالله عليك
أجابه رمزي بنبرة هادئة وقال:حاضر يا حبيبي فـ رعاية الله
أنهـ ـى جعفر مكالمته معه بهدوء ثم وضع هاتفه بجيبه مرة أخرى وأر’جع رأسه إلى الخلف وأغمض عينيه علّه يحظى ببعض الراحة فـ ها هي أصبحت الساعة الخامسة صباحًا دون أن ينام وهذا جعله مـ ـرهقًا فـ جـ ـسده كان يحتاج إلى الراحة ولَكِنّ سُـ ـلِبَت مِنهُ عاز’مًا على سـ ـلب الراحة مِنهُ في الأيام القادمة
__________________
كانت مها تجلس في شقتها مع فتـ ـيات شقيقها الذي تركـ ـهما معها حتى تنـ ـتبه إليهما بعد أن لَم يتبقىٰ أحدًا أمامه سواها، كانت تجلس على الأريكة وبأحضانها لين التي كانت مستـ ـكينة تمامًا، وبجوارها ليان التي ذهبت دون أن تنتـ ـبه إليها في ثُباتٍ عمـ ـيق
خرج سراج الذي كان يُغـ ـلق أزرار قميصه ليرى الفتاة تنام في وضـ ـعية خا’طئة ليقترب مِنها قائلًا:ليان نايمة كدا ليه
أنتبهـ ـت إليه مها لينحـ ـني هو بجذ’عه قليلًا حا’ملًا إياها على ذراعه مربتًا على ظهرها برفق لتقوم بلف ذراعها الصغير حو’ل عنـ ـقه بعفوية، شعر سراج بغر’يزتهِ الأبو’ية تتحر’ك لأول مرة في حياته، شعر بالعديد مِن المشا’عر الجيا’شة تتحر’ك بداخله وكَم أحبّ عناقها الدافئ والحنون كذلك، شـ ـدد مِن عناقه إليها طابعًا قْبّلة على ذراعها
نظر إلى مها وقال:لِيه حق جعفر يتعلـ ـق بـ ليان بالشكل دا
نظرت إليه مها ليقول بعد أن نظر إليها:حضنها غـ ـريب أوي … حضنها فيه حاجه تخلّيكي مش عايزه تبعدي عنها وتفضلي حضناها كدا
جلس بجوارها ونظر إلى الصغيرة وقال:بجد انا فهمت دلوقتي ليه كين بيحبّها أوي كدا وبيخا’ف عليها … حضنها عامل زي السـ ـحر يصـ ـيبك لحد ما تد’منيه
رتب خصلاتها البُنْية الناعمة والطويلة التي تشبه خصلات والدتها قائلًا:تعرفي إنها أول ما حضنتني حسيت بمشا’عر الأبو’ة بتتحر’ك جوايا لأول مرة … لِيه حـ ـق يمو’ت نفسه عشانها ويعمل المستحـ ـيل انا لو مكانه هقدملها حيا’تي بدون تفكير … بجد فيها حاجه غـ ـريبة أوي بس حاسسها العوض لـ جعفر … اللي عدى بيه مكانش سهل عليه وعوضه جه فـ بنـ ـته وبصراحة ربنا بيحبّه أوي انا بتمنى يكون عندي بـ ـنت زيها
أبتسمت مها لتنظر إلى ليان التي كانت سا’كنة بأحضان زوجها قائلة:سبحان الله كل اللي بيشوفها بيحبّها ويتعـ ـلق بيها .. بكرا لمَ تكبر وتبقى عروسة زي القمر هتجيب شكا’ير عرسان كل يوم
نظر إليها سراج وقال:وانتِ فكرك إن جعفر هيديها لأي واحد دا ميبقاش جعفر إن ما عمل معاه الصـ ـح الأول يد’رس عيلته نفـ ـر نفـ ـر ويد’رسه هو شخصيًا بكل تفصـ ـيلة دي البكـ ـر والحتة الشـ ـمال عنده
أبتسمت مها وقالت:بكرا نضحك عليه وهو بيرفـ ـض العرسان ويجـ ـري وراهم بالشو’مة
ضحك سراج بخفة وقال:تخيلي معايا لو أتجوزت وأتهـ ـور فـ لحظة غـ ـضب وضـ ـربها وراحتله … قسمًا بالله لـ نز’وره بعيش وحلا’وة فـ السجـ ـن بعد ما يشـ ـفي غـ ـليله مِنُه
ضحكت مها بخفة وقالت:هيقولك فداها الأهم عنده إنه هيكون خدّ’لها حقها
أبتسم سراج ونظر إلى ليان ليطبع قْبّلة أعلى رأسها قائلًا:ربنا يخليهومله ويفرح بيهم يستاهل كل خير واللهِ وعوضه أهو بين إيديه
صدح رنين هاتفه بعد أن أنهـ ـى حديثه لينظر إليه ويرى أسمه يُنير شاشة هاتفه، أجابه بنبرة هادئة وقال:لسه كُنْت جايب فـ سيرتك انا ومها دلوقتي، لا يا غا’لي وانا أقدر برضوا بالخير طبعًا، بخير الحمد، القطـ ـتين نايمين أهم ومفيش أي حاجه، لا متقـ ـلقش عليهم مع مها أهي، لا بس خلّي بيلا تيجي عشان لين أكيد هتصحى جعا’نة، تمام تعالو على مها هنا وانا رايح مع لؤي المستشفى، طيب يا حبيبي خلّي بالك مِن نفسك، مع السلامة
أنهـ ـى حديثه وأنهـ ـى المكالمة معهُ لينظر إلى مها قائلًا:جعفر هييجي هو وبيلا عشان لين وانا هطـ ـلع على المستشفى لـ لؤي عشان أكون معاه
حركت رأسها برفق وقالت:هترجع أمتى
أجابها بجـ ـهل وقال:لسه مش عارف وقت ما أخلّص قولك
حركت رأسها برفق وقالت:ماشي خلّي بالك مِن نفسك
أبتسم إليها وقال:مِن عيوني يا لوز
أبتسمت مها لينهض هو حاملًا الصغيرة وأتجه بها إلى الغرفة، بينما نظرت مها إلى لين التي كانت تنام بين ذراعيها بهدوء لتُمسّد على رأسها بحنو وهي تتأملها بأبتسامه هادئة، وضع سراج الصغيرة برفق على الفراش ثم وضع الغطاء عليها وقام بتشغـ ـيل المكيف إليها، أنحـ ـنى بجذ’عه نحوها ليطبع قْبّلة هادئة على جبينها ثم إستقـ ـام في وقفته وخرج
أخذ أغرا’ضه وأرتدى حذا’ءه قائلًا:انا همشي يا مها ولو أحتاجتي تنزلي تجيبي حاجه أديني خـ ـبر
حركت رأسها برفق وقالت:ربنا يطمنكم عليه
أبتسم إليها وقال:يارب يا حبيبتي، فـ رعاية الله
تركها وخرج مغـ ـلقًا الباب خلفه بهدوء، لتنظر إلى أثره ثم بعدها إلى لين التي أنتفـ ـض جسدها الصغير فجأ’ة جعلت مها تنتـ ـبه إليها، ربتت على صد’رها بحنو وهي تُسمي الله لتُحادثها قائلة:مالك يا حبيبتي أنتِ سقعا’نة يا جميلة
أنهـ ـت حديثها وهي ترفعها بخفة تُقْبّل خدها الصغير ثم بدأت تهـ ـدهدها بخفة وهي تدندن بنبرة هادئة وخا’فتة إليها حتى تظل الصغيرة نائمة أطول فترة ممكنة حتى يصل جعفر وبيلا
____________________
«متقـ ـلقش يا حبيبي هتخـ ـرج مِنها زَّي الفُل وتبقى صحتك حـ ـديد تاني، متخا’فش وخلّيك واثـ ـق فـ ربنا وانا لسا’ني مش هيوقـ ـف دُعا ليك لحد ما تفوق وتبقى زَّي الفُل وتتكلم وتسمعنا صوتك» نطقت بها فاطمة تُحاول بث الطمأنينة إلى قـ ـلبه الذي كان يتملـ ـكه الخو’ف والقلـ ـق
رفـ ـع رأسه ينظر إليها بعد أن تم تجهيزه وأبتسم قائلًا:متخا’فيش هخر’جلك ومش هسـ ـيبك
أبتسمت إليه فاطمة لتنحـ ـني بجذ’عها نحوه طابعةً قْبّلة أعلى رأسه قائلة:ما انا عارفه هو أنتَ تقدر
أتسعت أبتسامته وقال:وهو حد يبقى معاه فاطمة ويفكر يسيبها برضوا … أوعي تكوني زعلا’نة مِني عشان كُنْت باكل كتير عشان لقدر الله لو حـ ـصلي حاجه وربنا أستـ ـرد أمانته ممشيش وأنتِ زعلا’نة أو مضا’يقة مِني
صفـ ـعته بخفة على ذراعه وقالت بعتـ ـاب بعد أن لمعت العبارات في ملـ ـقتيها قائلًا:إيه اللي بتقوله دا يا لؤي أخـ ـس عليك زعـ ـلتني مِنك .. انا أز’عل مِنك عشان الأكل يا خويا دا انا وقتها كُنْت أشوفك أقول بسم الله ما شاء الله هو الأكل بقى حر’ام يعني تاكل وتتهنى يا حبيبي الأهم إنك تبقى فـ الآخر شبعان … وبعدين قولتلك هتقوم وتبقى زَّي الفُل لازمته إيه تو’جع فـ قلبي كدا مِن قبل ما تخـ ـش
لمعت عيناه وهو ينظر إليها ليبتسم قائلًا بنبرة مهز’وزة:أُحضنيني يا فاطمة
ضمته فاطمة سريعًا إلى دفء أحضانها ليلتزم لؤي الصمت فقط يُريد الشعور بالحنان الذي يفتقـ ـده دومًا كلما أبتـ ـعد عنها في أحضانها، لا يُنكـ ـر أنه الآن يشعر بالخو’ف فـ تلك العمـ ـلية كبيرة وخطـ ـيرة ود’قيقة لذلك يقوم بتو’ديعهم كي عندما يذهب يذهب وهو مطمئنًا عليهم جميعًا، طبعت فاطمة قْبّلة أعلى رأسه ومسّدت على ظهره برفق ولَم تستطع السيطـ ـرة على دموعها التي سقـ ـطت تُعبر عن خو’فها وقلـ ـقها مِن الآن
عـ ـلّت الطرقات على الباب ليُفتح ويدلف رمزي الذي رأى دموع فاطمة التي كانت تمـ ـسحها حينها وخلفه مُنصف وحسن الذي أغـ ـلق الباب خلفه ليكون أول المتقدمين رمزي الذي قال:لا إحنا هنبدأها عياط مِن دلوقتي ولا إيه، إيه يا لؤي، إيه يا أم نورسين مش كدا صلوا على النبي ووحدوا الله مش كدا
ربت لؤي على ظهرها برفق وطبع قْبّلة على رأسها ثم مـ ـسح دموعه بهدوء، تحدث مُنصف الذي وقف بالقرب مِنهم قائلًا:دا لو جعفر شـ ـم خبر إن لؤي بيعيط وخا’يف هيد’بحك
أقترب حسن مِنهُ وربت على ظهره برفق وقال:وحد الله يا صاحبي في إيه
أبتعـ ـد لؤي عنها ونظر إلى حسن بـ عينان دامعتين وقال بنبرة با’كية:انا آه جا’مد ومفيش حاجه بتحو’ق فيا زَّي ما بتشوفوا .. بس انا أول مرة أكون خا’يف ومرعو’ب
ضمه حسن إلى أحضانه وربت على ظهره برفق وقال بنبرة هادئة:أول ما تخر’ج بالسلامة هفكرك باللحظة دي وهخليك تضحك عليها وتقول انا طلعت سا’ذج أوي عشان نسيت إن ربنا رحيم بعباده وبيقف معاهم
وضع رمزي الهاتف على أذنه بعد أن أبتعـ ـد عنهم وقال بنبرة هادئة:أيوه يا جعفر، لا لسه مدخلش هما يادوبك جهزوه بس لسه مخدش إبـ ـرة المخـ ـدر، بيعـ ـيط وعمال يقول انا خا’يف وسمعناه صدفة كان بيوصي مراته معرفش ماله بجد عمالين نطمن فيه، كلمه أنتَ جايز يسمع مِنك ويهـ ـدى شويه، خلّيك معايا لحظة
أبعـ ـد الهاتف عن أذنه ثم عاد إليهم مرة أخرى ووقف أمام لؤي وهو يَمُدّ يده بالهاتف إليه قائلًا:خُد في حدّ عايزك
رفع لؤي حدقتيه ينظر إليه ثم مَد يده وأخذ الهاتف ليسمع رمزي يقول:الأسبيكر مفتوح
تحدث لؤي منتظرًا معرفة هوية الآخر قائلًا بنبرة با’كية:الو
«إيه يا عم الجيهة في إيه ما تهـ ـدى كدا وخلّيك أسد هنيجي نخيـ ـب دلوقتي ولا إيه؟» نطق بها جعفر متـ ـعمدًا ممازحته في البداية ليقول لؤي مجيبًا عليه بنبرة با’كية:مرعو’ب يا جعفر .. مش ببا’لغ أقسم بالله بس انا بجد خا’يف أوي … مش خا’يف مِن المو’ت قد ما خا’يف إني ممكن أسيبكم فجأ’ة مِن غير سا’بق إنذ’ار .. خا’يف وموجو’ع عشان انا عارف مكانتي عند كل واحد فيكم وحاسس بو’جعكم قبل ما دا يحصل … آه انا مبتأ’ثرش وزي القـ ـطر ومببيـ ـنش ضُعـ ـفي بس لمَ أتحـ ـط قدام الأمر الواقع وفـ موقـ ـف حياة أو مو’ت فـ لا انا لازم أخا’ف
«انا مقدّر شعورك وحاسس بيك وفاهم كويس أسلوب تفكيرك ماشي أزاي ومش هقولك متخا’فش عشان دي غر’يزة فينا كُلنا مفيش حدّ فينا ملهوش نقطة ضـ ـعف بس على الأقل متبـ ـينش الخو’ف لـ اللي حواليك وتـ ـزرع فيهم الر’عب، طول وقت العمـ ـلية هيكونوا على نا’ر وكلامك بيـ ـرن فـ ودا’نهم خا’ف يا لؤي بس متبـ ـينش خو’فك لـ غيرك لو كان عزيز عليك ورو’حه فيك» نطق بها جعفر بعد أن صمت ثوانِ بنبرة حاول جعلها قو’ية حتى يبُـ ـث الأمل والشجا’عة في فؤ’اد الآخر الذي كان الخو’ف مغـ ـيبًا لـ عقـ ـله
«لؤي، انا كان بوّدي أكون معاك وأقـ ـف جنبك زَّي ما قولتلك، بس للأسف فارس تعـ ـب أوي وأتنقـ ـل على المستشفى وشكله كدا بيو’دع وحالة بيلا مش تمام خالص ومش عارف أعمل إيه، انا كُنْت مكلم رمزي مِن ساعة ونص كدا وقولتله أول ما لؤي يدخل تكلمني ولو فـ إيدي أجيلك هاجي بس انا واللهِ يا صاحبي ما لا’قي نفسي وعمال ألـ ـف مِن هنا لـ هنا زَّي الفرخة الدا’يخة ولسه هطـ ـلع على مها أطمن على البنات عشان سايبيـ ـنهم مِن إمبارح وهشوف لسه إيه اللي هيحصل، أعذ’رني يا صاحبي» نطق بها جعفر بيأ’س وقلـ ـة حـ ـيلة فشعر بالذ’نب عندما لَم يو’في بو’عده إلى أخيه الذي كان معه في شـ ـدته وحز’نه ولَم يتركه ويأتي الآن مع أول أختبار يقـ ـع بهِ صديقه لا يكون معه
أبتسم لؤي وقال بنبرة متفهـ ـمة وهادئة:مراتك أولى بيك يا صاحبي خلّيك جنـ ـبها واو’عى تسـ ـيبها لحظة وانا مش عايزك تشـ ـيل همـ ـي الشباب معايا وفاطمة جنبي أهم حاجه تخلّيك مكانك ومتشـ ـحططش نفسك هنا وهناك وخلّي بالك مِن نفسك سامع وهما هيطمنوك عليا على طول مش عايزك تشـ ـيل هـ ـم وبلاش الأفكار الهـ ـبلة دي تسيـ ـطر على د’ماغك عشان مز’علش
زفـ ـر جعفر بهدوء ونظـ ـف حلقُه قائلًا بنبرة هادئة:أهم حاجه يا صاحبي تهـ ـدى وتكون عندك ثقـ ـة فـ ربنا وانا هتابع مع حدّ مِن الشـ ـباب كل شويه أتـ ـطمن عليك لحد ما يقولولي فا’ق وأسـ ـمع صوتك تاني … أتفقنا يا دولي
أبتسم لؤي وقال:أتفقنا يا رياسة
أخذ رمزي الهاتف مرة أخرى بعد أن أغـ ـلق مكـ ـبر الصوت مبتـ ـعدًا عنهم مجيبًا على جعفر الذي قال:انا هكلمك كل شويه أتطمن عليه ولو عرفت أجي ساعة كدا هاجي
أجابه رمزي بنبرة هادئة وقال:تمام يا حبيبي خلّي بالك مِن نفسك ومِن مراتك … ربنا يصبرهم
أنهـ ـى حديثه وهو يعود إليهم مرة أخرى قائلًا:توكل على الله يا لؤي وربنا إن شاء الله معاك
نظر إليه لؤي وقال بنبرة هادئة:انا مطمن نوعًا ما عشان وجودكم جنبي واللهِ
وعند إنها’ء حديثه فُتِحَ الباب ودلف مِنهُ سراج الذي قال بنبرة لا’هثة:كويس إني لحقتك قبل ما تدخل
أبتسم لؤي وقال:إيه يا عمي أنتَ جاي مِن حر’ب ولا إيه
أبتـ ـلع سراج غصته وقال محاولًا تنظـ ـيم وتيرة أنفاسه:ما انا قولت أكيد أتأ’خرت وجاي مرعو’ب لـ تكون دخلت مِن غير ما أشوفك
أجابه حسن هذه المرة قائلًا:لسه الممر’ضة حطا’له المخـ ـدر يعني دقيقتين ونلاقيه بدأ يخـ ـرف
أشهـ ـر لؤي سبّابته أمام وجوههم وقال محـ ـذرًا إياهم:اللي هيتر’يق ولا يستظـ ـرف هشـ ـوه و’ش أ’مه
أبتسم مُنصف وقال ساخرًا:يا شيخ أتـ ـقي الله أنتَ راجـ ـل صاحب مر’ض وداخل على عمـ ـلية كبـ ـيرة لم لسا’نك الطو’يل دا شويه
ربتت فاطمة على كتف زوجها مو’اسيةً إياه وهي تنظر إليه وتبتسم بهدوء ولسا’نها لا يكف عن الدعاء إليه، أن يخرج إليها سالمًا غانمًا ويعود إليها وإلى صغيريها اللذان ينتظرانه في البيت
__________________
«انا بقول ضـ ـربة فـ الو’ش ونقول معلش» نطق بها هذا المد’عو عصفورة الذي كان يجلس مع حـ ـديده الذي كان يد’خن سيجارته بشـ ـراهة وينـ ـفث هوائها مرة أخرى، أجابه حـ ـديده قائلًا:ضـ ـربة فـ التوقيت دا ملهاش غير نتيجة واحدة وردّ واحد، هتو’قعه خصوصًا وهو دا’يخ دلوقتي، بس لمَ يفـ ـوق هيفـ ـوق جا’مد أوي علينا
«وماله إحنا بنتكلم فـ دلوقتي، أهم حاجه دلوقتي وبعدين لمَ ييجي وقت اللي جاي نبقى نشوف هنعمل إيه» نطق بها عصفورة بكل ما يحمله مِنّ خـ ـبثٍ لينظر إليه حـ ـديده نظرة ذات معنى يُفكر في حديث هذا الحـ ـقير الذي كان ينظر إليه بتخا’بث منتظرًا إجابته، نظر إليه حـ ـديده بعد لحظات وقال:وماله … ميضـ ـرش … ضـ ـربة فـ الو’ش ونقول معلش
___________________
تقدمت مها مِن باب منزلها بعد أن تعا’لت الطرقات لتفتحه بهدوء وترى بيلا وشقيقها أمامها، أفسـ ـحت لهما قائلة:تعالوا
دلفت بيلا التي كانت صامتة لا تتحدث وخلفها جعفر الذي عانق شقيقته قائلًا:عامله إيه يا حبيبتي
عانقته مها قائلة:بخير يا حبيبي الحمد لله
أغـ ـلقت الباب خلفه ودلفا سويًا إلى الداخل لتنظر إلى بيلا التي قالت بنبرة هادئة متسائلة:فين البـ ـنات؟
أشارت إليها مها تجاه إحدى الغرف وقالت:فـ الأوضة دي نايمين
تركتهما بيلا وتوجهت إلى الغرفة بينما نظرت مها إلى أخيها قائلة:أقعد يا جعفر شكلك تعبا’ن ومـ ـرهق
جلس جعفر على المقعد بإرها’ق شـ ـديد قائلًا:مش قا’در يا مها جبت أخـ ـري مش حاسس بنـ ـفسي
جلست مها بجواره تنظر إليه قائلة:إيه يا حبيبي شكلك باين أوي، أنتَ منمتش!
حرك رأسه ينفـ ـي ما قالته قائلًا:منمتش خالص، دا’يخ ومش قا’در ولسه لؤي داخل العمـ ـليات مِن خمس دقايق والمفروض أكون معاه، مش عارف أعمل إيه بجد يا مها دا’يخ ومُـ ـرهق
ربتت مها على يده برفق وقالت:هقوم أعملك كوباية لمون عشان الدو’خة دي ترو’ح وأرجعلك خلّيك زَّي ما أنتَ
أنهـ ـت حديثها ونهضت متجهة إلى المطبخ بخطى سريعة خفيفة حتى تقوم بإعداد عصير الليمون إليه، بينما أر’جع هو رأسه إلى الخلف وأغمض عينيه قليلًا وهو يشعر ألـ ـم رأسه يفـ ـتك بهِ دون رحمة أو شفقـ ـة وكأن الجميع أقسم على أن الراحة محر’مة عليه وكُتِبَ على أمثاله التعـ ـب والصـ ـفعات الحا’دة
تقدمت بيلا مِن الفراش التي كانت تعتـ ـليه صغيرتيها، لترى صغيرتها ليان سا’كنة في بحو’ر نومها، وبجوارها لين التي أستيقظت مؤ’خرًا وتئـ ـن بين الفينة والأخرى، أقتربت بيلا مِنها لتراها الصغيرة وفورًا ظهرت اللهفة عليها والسعادة حينما رأت والدتها أمامها، أنحنـ ـت بيلا بجذ’عها العلو’ي نحوها لتحملها بين ذراعيها بهدوء وهي تنظر إليها
جلست على طرف الفراش وهي تهـ ـدهدها وتنظر إليها لتطبع قْبّلة على جبينها بحنو ولاحت أبتسامة هادئة على ثغرها، تعا’لى أنيـ ـن الصغيرة ليصدر صوت هادئ مِن فم بيلا التي قالت بنبرة خا’فتة:لا مينفعش الكلام ده لولو نايمة وهتصحى يرضيكِ
أصدرت الصغيرة أصوات طفولية وهي تضع يدها الصغيرة بفمها لتعلم بيلا أن صغيرتها جا’ئعة ولذلك طلبها سراج فهو يعلم أن الصغيرة لَم تتناول طعامها منذ عدة ساعات ولذلك جاءت حتى تطعمها، بدأت بيلا تطعمها ثم ألقـ ـت نظرة خا’طفة على صغيرتها ليان التي كانت نائمة بعـ ـمقٍ لا تشعر بنفسها أو بمَن حولها
جلست مها بجوار جعفر الذي أعتدل في جلسته وها هو ير’تشف مِن عصير الليمون ليسمعها تقول:خلّص وخو’ش أرتا’ح شويه كدا غـ ـلط
نظر إليها وقال بنبرة هادئة:نفسي أرتا’ح على طول يا مها، أخوكي تعـ ـب أوي بجد
ربتت على ذراعه برفق وأبتسمت قائلة:عارفه يا حبيبي واللهِ، بدعيلك كل شويه واللهِ مش مأ’ثرة، هي كدا يا جعفر معلش انا مِن كُتر ما بقولك أتحـ ـمل مبقاش ليا عيـ ـن أقولهالك تاني أنتَ أستحـ ـملت سنين
زفـ ـر جعفر بهدوء وقال:مبقـ ـتش عارف هو انا اللي نحـ ـس، ولا الدنيا هي اللي مش عايزاني أعيش زي أي بني آدم مـ ـرتاح ومبسوط، ساعات بقعد مع نفسي وأقول دا انا أتحـ ـملت كتير أوي، أزاي يا جعفر أستحمـ ـلت كل دا لحد دلوقتي وساكت وواقـ ـف، الدنيا كلها بتسـ ـعى إنها توقـ ـعني وتشوفني مذ’لول وأنتَ شخصيتك وعِز’ة نفسك مش سامحيـ ـنلك تخضـ ـعلهم، مِن كُتر ما خدت صـ ـدمات مِن الدنيا أكتـ ـسبت منا’عة التنا’حة والقسو’ة، هتقـ ـسي هقـ ـسى، بس هل انا مصعـ ـبتش على الدنيا ولو مرة، بقت تصعـ ـب عليا نفسي أوي لمَ أبقى محتاج حاجه ومش عارف أجيبها، لحد أمتى الدنيا هتفضل توديني شـ ـمال وتجيبني يميـ ـن، أقسم بالله انا تـ ـعبت، وربنا تـ ـعبت، تـ ـعبت يارب، صدقني تـ ـعبت خلاص انا محتاج رحـ ـمتك عليا
سقـ ـطت دموعها بسـ ـبب حديثه الذي أ’لم قلبها لـ تَمُدّ يدها تربت على ذراعه برفق وقالت بنبرة با’كية:هيعوضك واللهِ، صدقني هيعوضك وهتر’تاح وهتقول مها قالت، انا حاسه بيك دا انا عيشت انا وأنتَ الأصـ ـعب مِن كدا مع بعض وعد’ينا، هتعـ ـدي يا حبيبي متز’علش بقى
أنهـ ـت حديثها وهي تضمه إلى أحضانها مربتةً على ظهره برفق وحنو، بينما وضع هو رأسه على كتفها بعد أن نجح في السـ ـيطرة على دموعه قبل أن تسقـ ـط وتعرب عن مدى ضـ ـعفه وقلـ ـة حيلـ ـته
«مِن صغري وانا بحبّ حضنك أوي يا مها، بحس فيه بـ حنية أمي لمَ كانت بتحضني وانا صغير، كل ما بتحضنيني بتفكريني بيها وببقى مش عايز أبعـ ـد عنه، فيكي مِنها كتير أوي مخلّيني متعـ ـلق بيكي وبخا’ف عليكي، ببقى لو أطول وأخـ ـبيكي جو’ه قلبي هعملها» نطق بها جعفر بنبرة رخـ ـيمة لتعـ ـلو الأبتسامة ثغرها وتلتمع العبارات في ملقتيها، مسّدت على ظهره برفق وحنان قائلة «حضني موجودلك طول الوقت يا قلب أختك»
أبتسم جعفر وشـ ـدد مِن عناقه إليها قائلًا بنبرة مشا’كسة:الحضن دا سراج ميشـ ـمش خبـ ـر عنه، دا بتاعي انا بس
ضحكت مها بخفة وقالت:وممـ ـضي عليه كمان يا بلطـ ـجي
صدح رنين هاتفه عا’ليًا الذي كان موضوع على الطاولة أمامه، أبتـ ـعد عنها وألتقـ ـط هاتفه ليرى ذاك الرقم يترا’قص على شاشة هاتفه، زفـ ـر بنذ’قٍ وقال:وبعدين معاك بقى
نظرت إليه مها وقالت بتساؤل:في إيه يا جعفر مين دا
نظر إليها وقال:واحد بيقولي إنه إبن عمي
عقدت ما بين حاجبيها لتردد خلفه:إبن عمك!
«فـ ـكك دا شكله فا’ضي وبيتـ ـسلىٰ وانا معنديش د’ماغ، د’ماغي فيها فرح دلوقتي وليلة زر’قة» نطق بها بعد’م إكترا’ث بعد أن ترك هاتفه بمـ ـلل، بينما كانت هي شار’دة الذهن تُفكر في حديثه، ر’فع بصره نحوها ليقول «جر’ى إيه يا حُبّ سر’حت فين وسا’يبني؟» نطق بها جعفر مشا’كسًا إياها، ليسترد قائلًا بتخا’بث «أوعي تكوني بتفكري فـ الحُبّ وسا’يبة العـ ـشق جنبك كدا»
نظرت إليه لتضحك رغمًا عنها قائلة:أنتوا الأتنين حبايبي، انا بفكر فـ اللي قولته دلوقتي
«صدقيني دا عـ ـيل فا’ضي هو انا هيد’خل عليا الشغـ ـل دا برضوا؟» نطق بها ساخرًا وهو ينظر إليها، بينما قالت هي بنبرة هادئة:أصل فكر معايا إيه هيخليه يتصل ويقول حاجه زَّي دي إلا إذا كان متأكد مِنها، هو مقالكش عمك مين؟
حرك رأسه برفق وقال:بيقولي راضي
جحـ ـظت عينيها بصـ ـدمة لتقول:إيـه؟، أنتَ قولت راضي
رمـ ـقها نظرة ذات معنى وقال:في إيه أنتِ تعرفيه
«عمك راضي يا جعفر اللي على طول كُنْت انا وأنتَ نجـ ـري عليه كل ما ييجي يزورنا وكان يقعد يقولك أنتَ هتكون راجـ ـل شـ ـهم وملـ ـوو هدومه لمَ تكبر وتكون راجـ ـل محدش يقـ ـدر يقـ ـف قصادك بسهولة ويقـ ـلل مِن شأنك، وعنده إبن قدك أسمه مؤمن وواحد أصغر مِنكم بـ سنتين أسمه جاد معقولة مش فاكر؟» نطقت بها مها التي كانت تنظر إليه بهدوء، بينما كان هو لا يتذكر شيئًا
نظر إليها وقال بنبرة مذ’بذبة بعد أن تشو’شت أفكاره:لا مش فاكر يا مها حاجه، انا مش فاكر غير أمي وأبويا بس، أنتِ أزاي فاكرة ولا عرفتي منين
أعتدلت في جلستها وقالت بنبرة هادئة:انا أعرف عمو راضي كويس وفاكرة كل حاجه انا بجد مستغربة أزاي متعرفهوش وهو كان أقرب واحد ليك هو ومؤمن وجاد؟!
زفـ ـر جعفر ومـ ـسح على وجهه ثم وضع يده في جيب بنطاله مخـ ـرجًا عُلبة سجائره ليُخرج واحده ويضعها بين شفـ ـتيه ثم أخـ ـرج قدا’حته وأشـ ـعلها ليسـ ـحب أكبر قد’ر ممكن دا’خل رئـ ـتيه ثم أخـ ـرجها مِن بين شفـ ـتيه وهو يزفـ ـر الهـ ـواء الأبيض المتكـ ـاثف مرة أخرى قائلًا:انا د’ماغي فيها فر’ح دلوقتي وليلة زر’قة ما يعلم بيها إلا المولىٰ لا فاكر حاجه ولا أعرف حدّ أنتِ عارفه إننا متر’بيين هنا مِن وقت ما كُنُت انا ست سنين وأنتِ تلات سنين مع اللي ربنا يجحـ ـمها فـ نا’ر جهـ ـنم، لا فاكر عيلة ولا عم ولا أي حدّ، وبعدين لو نفترض إنهم عيلتنا فعلًا واللي أسمه مؤمن دا إبن عمي زَّي ما بيقول، كانوا فين كل دا وسا’يبني انا وأنتِ نتشحـ ـطط فـ الشوارع، كانوا فين كل دا جاي يفتكرنا دلوقتي بعد كل السنين دي، أزاي، إلا إذا عايز غر’ض بقى ما هو إحنا ياما بهـ ـدلتنا الدنيا ودا’ست علينا مش هتيجي عليه، ما هي بقت خـ ـربانة مِن كل حتة
أبتلـ ـعت مها غصتها بهدوء وهي تنظر إليه، تراه يُخرج غـ ـضبه وضـ ـيقه عن طريق السجائر التي كانت رفيقته في كل مكان، صدح رنين هاتفه عا’ليًا مرة أخرى يعلنه عن أتصال هاتفي مِن هذا الذي يُدعىٰ إبن عمه، رمـ ـق الرقم بضـ ـيق لـ يأخذه وهو ينـ ـتوي إلقا’ء سيل سُبا’به الذي يعلمه عليه حتى يبتـ ـعد عنه فهو غير مستعد لأية كو’ارث أخرى يكفيه ما هو عليه الآن
«جرىٰ إيه يا عمنا مبتر’دش ليه لحقت تز’هق مِني ولا إيه، كُنْا متفـ ـقين نتقابل الساعة خمسة مِن كام يوم بس لمؤا’خذة بقى يا إبن عمي مكلمتكش حصلت مشـ ـكلة فـ شـ ـغلي بس تمام، المهم انا محتاج أقابلك وصدقني انا لا نصـ ـاب ولا بضحك عليك ولا أي مسمى مِن المسميات دي كلها انا أقسم بالله بقالي كام سنة لا’فف كعـ ـب دا’ير أدور عليك فـ كل حتة مش عارفلك طريق لحد ما إبن حلا’ل د’لني عليك وأد’اني رقمك وعنوانك بس مرضتش أجيلك وقولت أكلمك الأول، قولت إيه يا إبن عمي تحبّ أجيلك حارة درويش انا قُريب مِنك على فكرة»
نظر جعفر إلى مها التي كانت تنظر إليه وتستمع إلى حديثه، أشارت إليه أن يقوم بالموافقة على ما قاله ذاك الشاب، زفـ ـر جعفر وخـ ـضع إليه أخيرًا وقال:تمام أول ما توصل حارة درويش أديني خـ ـبر
أبتسم مؤمن على الجهة الأخرى وقال بتخا’بث:متقلقش يا إبن عمي مؤمن المحمدي مبييأ’سش، عشر دقايق وأكون عندك
أنهـ ـى حديثه معه لينظر إلى مها بطـ ـرف عينه نظرة ذات معنى دون أن يتحدث، بينما نظرت هي إليه وقالت:مش هتخـ ـسر حاجه جايز حاجه تتغيَّر فـ حياتك تفـ ـرق معاك
حرك رأسه موافقًا لينظر إلى باب الغرفة الذي فُتِحَ وظهرت مد’للته بوجهٍ نا’عس، أبتسم فور أن رأها ليفـ ـتح ذراعيه إليها في دعوة لمعانقته، وللحق لَم تتأخـ ـر عليه صغيرته التي أقتربت مِنهُ وأرتمـ ـت بـ أحضانه تتشـ ـبث بـ عنـ ـقه، طبـ ـق هو عليها بذراعيه يضمها إلى أحضانه طابعًا قْبّلة على خدها الصغير قائلًا:وحشتيني
طبعت قْبّلة على خده ثم وضعت رأسها على كتفه وأغمضت عينيها مرة أخرى قائلة بصوتٍ متحـ ـشرج رقيق:وأنتَ كمان
مسّد على ظهرها برفق وسألها قائلًا:مـ ـرتاحة عند عمتو؟
حركت رأسها موافقة تردّ على سؤاله ليبتسم هو ويقول:عارف إنك هتر’تاحي مفيش أحـ ـن مِن مها دي تتـ ـحط على الجـ ـرح يطـ ـيب
أنهـ ـى حديثه وهو ينظر إلى شقيقته بطرف عينه مبتسمًا، لتبتسم هي أيضًا قائلة:حبيبتي هي وأبوها
خـ ـرجت بيلا وهي تحمل صغيرتها التي كانت مستيقظة وتنظر إلى والدتها لينظر إليها جعفر قائلًا بمشا’كسة:إيه يا سـ ـت دا انا قولت نامت جنب بنتها ونسيت نفسـ ـها
أبتسمت بيلا بخفة وقبل أن تجلس على المقعد المقابل إليه أوقـ ـفها حينما أعتدل في جلسته قائلًا:هاتيها عشان وحشتني
أقتربت مِنهُ بيلا، بينما ترك هو سيجا’رته على حا’فة المطـ ـفئة لتبتـ ـعد ليان عنه وتستـ ـقر على قدميها حتى يستطيع هو حمـ ـل صغيرته التي أخذها مِن بيلا وهو يسمي الله وينظر إليها ليراها تتحـ ـرك بلهفة فور أن رأته، أبتسم جعفر وقال:وحشتك انا عارف
عادت بيلا إلى مقعدها مرة أخرى لتتوجه إليها ليان بخطواتٍ غير ثا’بتة لتضمها إلى أحضانها طابعةً قْبّلة على جبينها لتستقر ليان داخل أحضان والدتها والنعـ ـاس مازال مسيطـ ـرًا على جفنيـ ـها، طبع هو قْبّلة على جبين صغيرته التي كانت قابعة داخل أحضانه وزفـ ـر بعمـ ـقٍ وهدوء وهو يتأمل معالم وجهها
__________________
«إيه يا كبير، طا’لع على حارة درويش عشان أقابله زَّي ما قولتلك، معرفش بس هو مخو’ني لحد دلوقتي معرفش هقـ ـنعه أزاي دا، باين عليه صعـ ـب ومش سهل مِن صغره وهو عقـ ـربة، أمري لله هعمل إيه هستحمـ ـله لحد ما الدنيا تمـ ـشي ونشوف هنعمل إيه دا مهما كان إبن عمي وعمي وصـ ـى عليه قبل ما يمو’ت، حا’كم هو عارف أبنه طا’يش مِن صغره وبتا’ع مشا’كل ومش سهـ ـل، المهم دلوقتي لو حصل والدنيا تمت على خير عايزك تتو’صى بيه، تمام يا كبير فـ رعاية الله»
أنهـ ـى مؤمن حديثه مع والده عبر الهاتف ثم أخذ نفسًا عمـ ـيقًا داخل رئـ ـتيه ثم أخـ ـرجه بهدوء وهو يقو’د سيارته بهدوء متجهًا لحارة درويش، تلك الحارة التي تربـ ـىٰ بها منذ صغره، كَبِرَ ونشاءَ بها حتى أصبح رجـ ـلٌ صار’م يها’به الجميع ولا يقدر عليه أحدّ، وبعد أن كان مجـ ـرد ضيـ ـف بها وعابـ ـر سـ ـبيل أصبح اليوم كبيـ ـرها وكل الأوامر تكون بر’ضاه هو، هكذا هي الحياة وهكذا نحنُ
“مؤمن راضي المحمدي، إبن عم جعفر”
شخص صار’م، جا’د، حا’د الطبا’ع، ليس مِن السهل ملا’عبته أو التلا’عب عليه، هو الإبن البكـ ـر لـ راضي الذي مضـ ـى ثلاث سنوات منذ بداية زواجه دو’ن أبناء، حتى بدأ يفقـ ـد الأ’مل ويتملـ ـك اليأ’س مِنهُ، حتى مَنَّ الله عليه بـ “مؤمن”، أول سعادته ودا’ئرة حياته ودومًا بجو’اره بكل شيء وهو عيـ ـنه التي يـ ـرى بها
“مؤمن” شاب في العمر الثاني والثلاثون، وهو بنفس عمر إبن عمه “جعفر”، طو’يل القا’مة، عر’يض المنكـ ـبين بفضل ألعاب الرياضة التي يمار’سها بشكلٍ منتظم، بشرته قمحية فا’تحة وهي نفس در’جة بشرة جعفر، خصلاته بُنية دا’كنة وعيناه عسلية فا’تحة ويمتـ ـلك لحيـ ـة منمقـ ـة وخفـ ـيفة بنفس لو’ن شعره، وهو بجوار جعفر معـ ـقول فهما لا يختلـ ـفان عن بعضهما البعض
صـ ـف سيارته أمام محل ثُريا التي كانت تجلس في محلها كالعادة وعندما رأت سيارة با’هظة الثـ ـمن رفعـ ـت حد’قتيها تطا’لع صاحبها بفضولٍ معتاد، فيما ترجـ ـل الأخير مِنها مغـ ـلقًا بابها خـ ـلفه وهو يهند’م حِليـ ـته الكحـ ـيلة، فغـ ـرت عينيها لتقول محدثةً نفسها:بسم الله ما شاء الله، مين الشا’ب الحليو’ة اللي جا’ي دا
أنتبـ ـهت أنه يبحـ ـث عن شيءٍ ما لذلك وقبل أن تسأله عمَّ يبحث عنه رأته يتقدم مِنها قائلًا بنبرة مهـ ـذبة لَم تخـ ـلو مِن جد’يته:صباح الخير، متعرفيش جعفر ساكن فين
رمـ ـقته بذهولٍ لتقول ببلا’هة:وأنتَ مين وعايز جعفر ليه
شعـ ـر مؤمن بالتطفـ ـل فـ ماذا سيحدث إن أخبرته دون أن تعلم، هل سينتـ ـهي العا’لم، هل ستخـ ـسر بضا’عتها الثميـ ـنة، أخذ نفـ ـسًا عمـ ـيقًا ثم زفـ ـره بهدوء حتى لا يوبـ ـخها وقال مبتسمًا أبتسامة صفـ ـراء:ضيف
شعـ ـرت الأخرى بفظا’ظته في الحديث ولذلك تهـ ـجمت معالم وجهها قليلًا وأجابته قائلة:العمارة اللي بعد بعد دي على إيـ ـدك اليـ ـمين بوابتها سو’دة، الد’ور التالت
رمـ ـقها بطرف عينه بتهـ ـكمٍ ثم قال:شكرًا يا تيتا
تركها وذهب لتنظر هي إلى أثره بعد أن جحـ ـظت عينيها بصـ ـدمة تقول معـ ـلقةً على حديثه:تيتا؟!، انا بعد دا كله عيـ ـل شـ ـحط مِن دور عيا’لي يقولي انا يا تيتا؟!، صحيح ناس عد’يمة النظر ومحتاجه كشـ ـف نظر
توجه مؤمن إلى البِنْاية وهو ينظر إلى كل واحدة حتى رأى واحدة تحتوي على باب أسـ ـود اللون ولذلك عَلِمَ أنها هي، دفـ ـع الباب بهدوء ثم دلف وبدأ يصـ ـعد در’جات السُـ ـلَّم بهدوء وكلما صـ ـعد واحدة تز’داد معها نبـ ـضات قلبه الذي كان يحا’وطه الخو’ف والقلـ ـق مِمَّ هو قا’دم، وقف أخيرًا أمام باب منزله الذي كان يظن أنه بعـ ـيد كل البعـ ـد عنه، ولَكِنّ كان للقدر رأيًا آخر
قر’ع على الباب عد’ة مرات بهدوء ثم أنتظر حتى يفـ ـتح إليه صا’حب الشقة التي يقف أمام با’بها الآن، بينما في الداخل ركضت ليان كالعادة كي تفـ ـتح باب المنزل ولَكِنّ أوقـ ـفها صوته الذي قال:أرجـ ـعي تاني
ألتفتت الصغيرة تنظر إليه متعـ ـجبة، ليقترب هو مِنها ممسدًا على خصلاتها قائلًا بنبرة هادئة:أرجـ ـعي أقعدي مع أختك انا هفتـ ـح الباب
أبتسمت إليه وحركت رأسها برفقٍ لتعود مرة أخرى إلى غرفتها صا’فعةً الباب خلفها، بينما نظر هو إلى طيـ ـف زوجته التي كانت تقف داخل المطبخ ليتوجه إلى الباب بخطواتٍ هادئة، فُـ ـتِحَ باب المنزل ليظهر إليه مؤمن الذي كان يقـ ـف بثبا’تٍ ينظر إليه فيما توقـ ـف جعفر في المقابل بثبا’ته المعتاد ينظر إليه بهدوء
وها هي تتلا’قى الأعين وها هو يصر’خ القلب مطا’لبًا بـ إعـ ـتناق الآخر الذي تر’كه وهـ ـوىٰ إلى سبعيـ ـن قا’ع د’ون الظهور مرة أخرى، هذا رأى عمه بولده وذاك رأى أخًا كان كـ الد’رع الحا’مي لهُ منذ الصغـ ـر، لَم يكن يعلم مؤمن أنه سيتأ’ثر وير’ق قلبه عندما يراه فقد كان مثلما تو’قع، يرى عدنان الصغير أمامه كما كان يقول والده دومًا
«أنتَ جعفر؟» نطق بها مؤمن متر’قبًا إجابة الآخر الذي كان ينظر إليه دون أن يتحدث حتى سأله ذاك السؤال ليُحرك رأسه برفق مؤ’كدًا إجابته على سؤال مؤمن الذي لمـ ـعت العبارات في ملقتيه وأرتسمت السعادة على وجهه وأعتـ ـلت الأبتسامة ثغره وهو لا يصدق
«انا مؤمن راضي المحمدي، إبن عمك!»
_____________________________
وكأن العالم أجمع أتحـ ـدَ على إخـ ـماد قو’اي الها’ئجة، ولَكِنّ هل مِن مقاتـ ـل تخـ ـضع قو’اه قبل أن يأ’ثر لملكـ ـيته!

يتبع….
google-playkhamsatmostaqltradent