رواية اولاد الجبالي الجزء (3) الفصل التاسع 9 - بقلم شيماء سعيد
٩
أولاد الجبالى 3
الحلقة التاسعة
.....................
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله 🌺
لا تعاتب شخصاً قلبه محطم ..
لا تسأله لماذا تغيرت .... !!
لماذا أصبحت بهذا السواد و هذا السوء ..؟!
هو لا يعلم ..!!؟؟؟
كل ما يعرفه أن بداخله كسور لا تجبر ....
ومن تخاف منه فى الواقع يأتيك فى أحلامك .
.........
وهذا ما حدث لقمر عندما رأت نفسها فى أحلامها تقف بين يدى الله تصلى فريضتها .
ثم فجأة شعرت بأنفاس حارة من خلفها ، فأمتلكها الرعب ولكنها حاولت الثبات ولم تلتفت ولكن الشيطان حمدى لم يراعى إنها تقف بين يدى الله ، فانقض عليها بكل قوته ونزع عنها بقوة حجابها قائلا بصوت جهورى حاد : عملالى فيها ست الشيخة يا قمر وعتصلى !!
_ من ميتى الكلام ده ؟
_ ده احنا دفنينه سوا ، وياما قضينا ليالى متنساش سوا فى الحب والغرام على حساب المغفل براء .
فصرخت قمر متألمة ودب الرعب فى أواصلها وانتفضت جوارحها عند سماع صوت تألفه جيدا من ورائها ، فاهتزت أحبالها الصوتية ليخرج إسمه مهزوزا : حمممممممدى .
فارتسمت بسمة ماكرة على شفتيه مرددا : عيون حمدى ، وحشتينى يا بت ، ووحشتنى أيامك .
_ وأنا چى عشان نرچعها تانى من جديد يا عيونى .
فصاحت قمر :
_ بس أنا دلوك ست متچوزة يا حمدى وميصحش أعمل أكده تانى بعد ما وثق فيه واتچوزنى رغم كل عيوبى اللى مش يتحملها راچل ابدا .
فضحك حمدى وقال متهكما : هو أنتِ عتسمى مسالم ده راچل بعد اللى عمله معاكِ واتچوزك وهو عارف اللى فيها ، ده لا مؤاخذة خرونج .
_ واعتبريه أختك يا قمر ، وعادى حتى لو عرف إننا رجعنا للحب من جديد ، ممكن صوح يزعل هبابة بس أنتِ لما تمثلى عليه إنى ضحكت عليكِ تانى هيسامحك عشان هو جلبه كبير جوى .
فابتسمت قمر مؤكدة كلامه : ايوه جوى جوى .
هو طيب جوى وعيحبنى موت وعيسامحنى ، أنا خابرة .
فابتسم حمدى بمكر ثم مد ذراعيه لها وقال : مش بجولك ، تعالى فى حضنى يا قمر عشان أتوحشتك جوى جوى .
قمر بخجل : وانت كمان يا حمدى ، رغم كل اللى عملته معايا ، لسه جلبى عيحبك ومحبش غيرك يا جلب قمر .
لتسرع قمر لتعانقه بحرارة اللهفة والشوق ، فيشدد حمدى من عناقها ، ثم أفلت إحدى يديه وأخرج خنجـ.را يخفيه فى جيبه .
ثم حدث نفسه : سامحينى بجا ، من كتر حبى ليكِ مش هقدر أشوفك مع حد ولا حتى چوزك .
فمع السلامة يا جمرى ، ثم إنهال عليها بالطـ.عن فى ظهرها ، فصرخت ،فوضع يده على فمها كى لا يفتضح من صوت صراخها العالى .
ثم أخذ يطـ.عنها عدة مرات حتى يروى عطش الإنتقام الذى كان يشعر به منذ القبض عليه حتى هروبه .
حتى سقطت أمامه ميتة ، فابتسم وهو يزيل الد.م من على خـ.نجره : يلا فى ستين داهية ونشوفك بجا فى چهنم .
استيقظت قمر فور رؤية تلك الرؤية وصرخت : لااااا لاااا .
مش عايزة أموووووت .
لا هملنى فى حالى ، لا
ففزع مسالم من نومه واعتدل ليقول لها : مالك يا حبيبتى ، أنتِ تعبانة ولا ده حلم أكيد وحش ؟
_إستعيذى بالله من الشيطان الرچيم كده واتفلى على شمالك تلاته لانه من الشيطان.
_ بكت قمر مردفة بحزن : صوح ده شيطان ، شيطان .
ثم أخدت تتأمل فى وجه مسالم ، ودفنت رأسها فى صدره وهمست : انا بحبك جوى يا مسالم ، صدجنى .
_ انا عمرى ما شوفت راچل فى طيبتك وحنيتك وأخلاقك دى .
وصدقنى هفضل طول عمرى شايلة چميلك فوق راسى وهصون عرضك حتى لو فيها موتى وعمرى ما عخيب ظنك فيه بعد اللى عملته معايا .
_ وصدجنى انا عحبك جوى ، ومعاك عرفت يعنى ايه صوح حب حقيقى .
أحبك يا ملكت قلبى ، أحبك بكل كيانى.
وكأن ما خلق الحب إلا لأجلك .
فدعنى أنهل من بحر حبك
ولا تتركني لأهلك .
ثم حدثت نفسها : على قد من أنه طلع حلم ، بس خجلانة منيه ، كيف أعمل أكده وأرجع أخون بعد ما دوقت طعم الحلال وتوبت إلى الله ، يستحيل أعمل أكده ، يستحيل .
فقبل مسالم رأسها بحنو مردفا : وانا خابر ومتوكد يا جلب مسالم من أكده وخابر إنك بجيتى وحدة تانية خالص .
_ وعشان أكده انا عايزك تنسى اللى فات ولا تحطيه فى دماغك وتبطلى تعذبى نفسك أكده يا قمر .
_ ولا حتى تشكرينى عاد ، وعاملينى إنى چوزك وبس اللى عيحبك وأنتِ عتحبيه لنفسه مش عشان عمل حاچة .
تنهدت قمر بحرارة مردفة بندم : ياريت أقدر يا مسالم ، ياريت
عشان طيف الماضى بيلحقنى زى ظلى ، وعامل زى ما يكون وحش بيقرب منى وعايز يموتنى .
_ ونفسى أنساه لكن مش جادرة ، للأسف .
مسالم : ده شيطان عشان ييئسك من رحمة ربنا ويخليكِ حزينة طول الوقت ، فانتِ قاوميه وراضى قلبك الحزين ده وافرحى بحياتك الچديدة وقربك من ربنا سبحانه وتعالى.
قمر : ياريت يا مسالم .
ربنا مسالم على كتفها بحنو وقال : يلا إستعيذى بالله من الشيطان الرجيم وكملى نوم عاد .
إبتسمت له قمر وأجابته : بس هروح الحمام الأول ، مش خابرة طول الليل رايحة چاية على الحمام وبطنى مجلوبة أكده .
مسالم بقلق : ألف سلامة على الچميل ، تلاجيه دور برد عفش ، معلش ، جومى أنتِ للحمام وانا هقوم أعملك شوب لمون أكده يروق بالك ويهدى معدتك .
ابتسمت له قمر بحب مردفة : ربى لا يحرمنى منيك يا جلب قمر .
وعندما قامت قمر من الفراش ووقفت شعرت بإن الأرض تدور من حولها ، فأمسكت برأسها ، ثم لم تشعر بنفسها وهى تسقط أرضا مغشى عليها .
لينتفض مسالم ويصرخ: قمر .
ثم أسرع إليها وحملها بيده المرتجفة من الخوف ، ووضعها على الفراش ، حاول أن يوقظها بنثر العطر على مقدمة أنفها .
فاستفاقت مرددة بضعف : مسالم انت فين ؟
مسالم بقلق : انا إهنه جمبك يا جلبى ، ايه مالك عاد ؟
_ بدال تعبانة أكده جوى ليه مجولتيش أوديكِ للحكيم.
قمر بضعف : مش مستهلة ، واكيد ده شوية برد وعيروحوا لحالهم .
فحرك رأسه مسالم : لا انا قلقان جوى عليكِ يا قمر ، ومش جادر أشوفك تعبانة أكده واسكت .
_ أنتِ خابرة انى مليش غيرك فى الدنيا دى ، ولازم أطمن عليكِ .
قمر : متقلقش نفسك ، انا كويسة وهنام بس شوى وهقوم زى الفل .
مسالم : لا أنتِ مش عچبانى بقالك كام يوم ووشك أصفر ودبلان .
_ بصى انا مش هرتاح غير لما أعرف مالك , وعشان أكده أنا عخبط على الست الدكتورة اللى چمبنا ، تيچى تشوف فيه ايه وتطمنا .
قمر : بس الوقت متأخر جوى يا مسالم ، ده الفچر على آذان .
مسالم : لا ديما أسمعها فى الوقت ده عتصحى ولادها ، عشان المدارس .
هروح أخبط عليها .
ثم ذهب مسالم ووقف أمام شقتها ثم طرق الباب وتراجع للوراء فى خجل ، فأسرعت صفاء لإرتداء إسدالها سريعا لتعلم من يطرق الباب فى ذلك الوقت المتأخر وعندما رأت أنه جارها مسالم ،فتحت الباب وظهر على وجهها القلق مرددة : مسالم خير فيه ايه ؟
مسالم بحرج : آسف يا ست الدكتورة بس مرتى قمر تعبانة شوى وكنت عايزك تشوفى مالها ؟ وتطمنينى عشان جلبى مشغول عليها جوى .
فابتسمت صفاء مردفة : حاضر ثوانى أجيب شنطتى وجاية وراك .
لتفعل ما أرادت ، ثم ولجت إلى قمر
_ خير يا ست قمر مالك ؟
قمر بخجل وصفت لها ما تعانيه ، فابتسمت صفاء مرددة : أكده .
طيب خلينا نشوف .
فوضعت سماعتها على قلب قمر ،لتبتسم بفرحة عندما سمعت صوت دقات قلب مختلفة .
لتتأكد أن قمر حامل وقلب جنينها ينبض بالحياة .
صفاء ببشاشة وجه: ألف مبروك يا قمر ، الف مبروك يا مسالم مرتك حامل .
فتعلق نظر مسالم بعين قمر فى فرحة لا تستطيع الكلمات أن توصفها.
مسالم : بجد يا دكتورة ؟
صفاء : ايوه بچد وفى شهرها التانى على ما أظن ، ويلا من بكرة تاخدها وتابع عند دكتورة نساء عشان توصيها على نفسها والجنين وتتطمن أنت عليها .
ها نفسك فى ايه ، اكيد ولد صوح ؟
كل الصعايدة عيحبوا الولاد !
مسالم : لا عتصدجينى لو جولت نفسى فى بنت ، تكون شبه قمر أكده ، وفى حنيتها .
عشان أنا اتحرمت من امى بدرى وعايز بت تكون فى حنية أمى .
وعايز أسميها كمان شمس ، عشان أكده أكون جمعت فى بيتى الشمس والقمر مع بعض.
فضحكت صفاء مرددة : واكده انت الوحيد اللى تعيش فى النور عشان عندك الشمس والقمر واحنا لأ عاد .
فضحك مسالم وأجابها : كيف ده ، ده حضرتك النور كله .
صفاء بإمتنان : تعيش يا مسالم ، وربنا يجومها بالسلامة .
ثم اسنتأذنت للعودة لبيتها .
أوصلها مسالم إلى باب الشقة ، ثم عاد لقمر يضمها بحب ويقبلها بشوق مردفا : مبروك يا أم العيال .
قمر بفرحة : الله يبارك فى عمرك يا أبو العيال يا غالى .
_فرحان يا مسالم إن عيكون حداك عيال منى ؟
ابتسم مسالم وأجابه : كل كلام الدنيا مش عيوصف فرحتى يا قمرى.
ياااه ، عستنى اليوم اللى أشوف فيه جطعة منى ومنك جدام عينى ، وأحفظها فى جلبى وأجفل عليها برموشى ، عشان مش عتحمل فيها حتى ريح تصبها .
***
لم يغمض جفن لحمدى طوال الليل من التفكير ، وطال إنتظاره لشروق الشمس من أجل الإستعداد للترحيل والهروب .
فحدث نفسه : يكش يا واد عمى تطلع راجل صوح وتنفذ كل اللى أتفقنا عليه بالملى وميحصولش ولا غلطة ويعدى الموضوع بسلام أكده من غير دم كتير .
_ يااااه نفسى أوى فى اللحظة اللى أشوف فيها السما والحرية بعيد عن السجن وأرفه ده ، خلاص جربت أشق خلجاتى منيه .
_ ثم لمعت عيونه بالشر مردفا : وبس أرستأ نفسى أكده وأضمن إن الحكومة بطلت خلاص تدور عليه وساعتها أفوق للخاينة الدون " قمر" وأعرف أندمها كيف على اللى عملته معايا وأشرب من دمها.
لتمر اللحظات بعد ذلك كالدهر عليه ، ثم وجد الجميع حوله يستعدون للترحيل ، فابتسم واستعد سريعا بقلب منشرح يطالع من حوله بنظرات طويلة وكإنه يقول لهم : هتوحشونى يا ولاد المركوب .
ثم أختلس النظر إلى حمدان الذى كان ينظر له الأخير بريبة من تصرفاته وشك أنه بالفعل سينفذ ما أخبره به .
فحدث حمدان نفسه : سيهرب من قدر الله إلى قدر الله .
ولو علم العبد ما فى الغيب ، لأختار الواقع .
_ بس خليه يعرف بنفسه حمدى ، ويرجع إهنه تانى ، والله أعلم ممكن ميرچعش كمان ويفارق الدنيا كلها وإكده يبقا ريح واستريح .
ليخرج بعدها حمدى إلى عربة الترحيلات ، وقد أوشكت الساعة المحددة فى الإقتراب .
وعلى الناحية الأخرى إستعد زرارة مع رجلين آخرين لتلك المهمة واعدوا لها العتداد من السلاح وسيارة مغلقة محصنة نوعا ما ، دون ارقام حتى لا يتبعها أحد من أفراد الشرطة .
_ ثم أخذوا طريقهم نحو المكان الذى حدده لهم حمدى على الطريق السريع ووقفوا على جانب الطريق فى انتظار العربة التى تنقل المساجين .
_ كانت كل لحظة تمر على حمدى فى الغربة ،تثير أعصابه ثم يحاول بكل جهد أن يكبت ويستكين حتى لا يشك به أحد .
_ وعندما وصلت العربة للطريق المنشود ، هب واقفا وزاغت عينيه من ذلك الشباك الصغير من عربة السجن .
ليأمره العسكرى بغلظة : إتنيل أجعد يا زفت يا جطران يا حمدى ، أنت فاكر نفسك فى رحلة هتبص من الشباك إياك .
فطالعه حمدى بعين حمراء كالنارة المتأجأة وحدث نفسه : ماشى ، هانت بس .
فجلس وبعد لحظات توقفت العربة فجأة فانقلب المسجاين على بعضهم البعض ، فحاول حمدى التماسك والإنزلاق من بينهم .
وسمع أحد العساكر يقول بفزع :يا ليلة مش فايتة .
_ ليتسمع حمدى لصوت إطلاق النار فصاح بفرحة : ايوه أكده ، سمعنى واشجينى.
_ صوب النار زرارة على الضابط المسئول عن نقل المساجين فارداه قتيلا ، أما العساكر فاستسلموا بعد موت قائدهم خوفا .
ليفتح أحدهم باب العربة بعد ما أمره زرارة.
لتنشرح أسارير حمدى عند رؤيته قائلا بفرحة : طلعت قدها وقدود يا واد عمى ، تعيش يا اخوى .
ثم نزل سريعا وعانقه بحب .
زرارة : مش جولتلك ، أنا جدها وجدود .
وبعون الله ، عتلاجينى يدك اليمين فى كل حاچة .
حمدى بإمتنان : ده عشمى فيك يا واد عمى .
والتفت بعد ذلك إلى باقى السجناء الذى كانوا فى حالة هلع وخوف لا يعرفون ما يصعنوا .
فحدثهم حمدى : اللى عايز يچى معايا ويكون من رچالتى يچى يا رچالة ، والشغل معايا بيچيب دهب .
_ ولى عايز يهرب لأى مكان براحته .
_ اما اللى راضى بحياة السچن والأرف يخليه عاد .
فنظر الجميع إلى بعضهم البعض بتفكير ، وقرر إثنين الهرب مع حمدى واثنين هربوا إلى مكان آخر .
وبقى آخرين عقلاء قال بعضهم الآخر : لااا انا مش هقضى اللى باقى من حياه هربان، انا أخلص اللى عليا واطلع واعيش بحريتى مش خايف أحسن .
حمدى : طيب على أكده ، بينا يا رچالة ، قبل ما الحكومة تشم خبر .
لينطلق حمدى معهم نحو بيت تمام الذى أعد له غرفة مجهزة أسفل منزله وشاركه بها ذلك الرجلين ( بهير وعزام ) .
وعندما انطلقوا ، سارع أحد العساكر بالأتصال بمديرية الأمن ليقص ما حدث ، ليصدر بيانا سريعا بالبحث عن الهاربين والأمر بعربية إسعاف لحمل جثة الضابط الشهيد .
*****
كان محمود على وشك مغادرة المنزل ، وتودعه نهلة فحاصرها بذراعيه واقترب منها بشدة ليقبلها .
فأبعدته عنها بخجل مردفة : عيب أكده يا محمود ، أمك تشوفنا عاد .
فضحك محمود مرددا ما قالته ساخرا : أكده وأمك .
اه لو سمعتك ماما ، اللى بتحبك عشان تتعلم منك الإتيكيت .
فضحكت نهلة مجيبة له : أنا بحس إنى مربوطة من لسانى مع الست والدتك يا محمود ، وعطلع الكلمة من طرف لسانى بالزج إكده ومش حساها ولا ليها معنى عندى .
_ لكن معاك انت بحب أكون على طبيعتى ولا تحب أكلم معاك زى ما بتكلم معاها .
فحرك رأسه محمود بنفى : لا أنا حبيتك حبيتك زى ما أنتِ كده يا قلبى.
فخليكِ على طبيعتك اللى بحبها ، ويلا بقا سلام عشان متأخرش .
فدعت له نهلة : ربنا معاك يا جلبى أنا .
ثم رن هاتف محمود ليجيب على الفور : أهلا سيادة اللواء
اللواء مصطفى : أنت فين يا سيادة المقدم ، ليه مش موجود على مكتبك .
محمود بحرج : فى الطريق أهو يا فندم .
اللواء مصطفى: طيب أسرع عشان فيه مصيبة ، لو متحلتش أعتبر نفسك مفصول عن العمل أنت وبراء باشا اللى إجازته خلصت ولسه حضرته موصلش .
_ بس ماشى خليه عنده لانى محتاجه هناك دلوقتى وحضرتك هتحصله .
اتسعت عين محمود مرددا بدهشة : أسافر الصعيد ، طيب حضرتك فهمنى اللى حصل .
اللواء مصطفى : فيه أن اللواء محمد كلمنى عن هروب واحد اسمه حمدى فى القضية اللى كنت حضرتك بتباشرها قبل ما تنتقل القاهرة ، هرب أثناء ترحيله بمساعدة ناس يعرفهم من خارج السجن وراح فيها الظابط المسئول عن ترحيله للأسف .
تفوه محمود بصدمة : حمدى هرب ، بس كده يا فندم حياة الشاهدة على القضية "قمر " فى خطر ولازم يتعين لها حراسة فورا .
اللواء مصطفى: أتصرف يا محمود مع القادة هناك وبلغنى بلى هيحصل ، انا ورايا مصائب وأشغال هنا .
ثم اغلق الخط فى وجهه .
نهلة بفزع : فيه ايه يا محمود ؟
محمود : فيه أن إنسانة بعد ما الدنيا بدئت تضحكلها شوية ، هتغدر بيها وممكن تروح فيها بسبب انسان عماه رغبة الانتقام عن الحق .
نهلة بعدم فهم : بتكلم عن مين انا مش فاهمة حاچة ؟
محمود : مش وقته أفهمك يا نهلة ، أدخلى أنتِ دلوقتى وحضريلى شنطة سفر لبلدكم ، عقبال ما أروح المديرية ،أتابع الموضوع وأكلم براء أشوف هنتصرف إزاى ؟
نهلة : وأنا هنزل معاك مش هسيبك أبدا .
محمود بقلق : لا أخاف عليكِ، المجرم ده مش سهل ابدا .
نهلة بتصميم : لا لازم أسافر ، مش هجعد اهنه وأحط ايدى على خدى عاد ، أنا مش عطمن غير لما أكون معاك .
محمود : وأمى هتعمل ايه لوحدها ومين يسليها بالدروس بتاعتك .
نهلة بداعبة : وانا مالى يا أخويا جبلها سلاية بالكهربا ولا أجولك هتلها سيلينا تهوى على روحها عقبال ما نرچع .
فضحك محمود : ماشى كلامك يا نهلتى حضرى نفسك وربنا يستر .
ابتسمت نهلة وودعته ثم ولجت للداخل تحضر إحتياجاتهم وفى قلبها فرح للعودة إلى موطن أصلها الذى سيظل فى قلبها مهما بعدت عنه .
وفى الطريق أتصل محمود على براء ، ليبلغه بالأمر .
فلم يعطى براء أى أنفعال وكأنه لم يقل شيئا ولم يهمه الأمر.
فتعجب محمود بقوله : إيه يا براء ، هو مش بكلمك وبقولك الزفت حمدى هرب وقمر دلوقتى فى خطر .
فأغمض براء عينيه بألم متذكرا ما فعلته قمر وعشقيها حمدى معه ، تلك الخائنة التى تم تابت الف توبة ، ستظل فى عينيه خائنة الى أخر العمر ولم يصفو لها ابدا .
فالإنسان للأسف لا يسامح رغم ضعفه ، أما الله عز وجل فيصفح رغم قوته ما أعظمك يا الله .
ثم تحدث ببرود بعد زفير حار أطلقه منفثا به عن غضبه : ما يولعوا فى بعض عادى ، وأنا مالى .
_ مليش انا فى القضية دى يا محمود ، الله يخليك ، بعدها عنى ، انا ما بصدق أنسى شوى اللى حوصل .
_تجوم تشعل النار فيه من چديد ، الله يسامحك واتصرف بعيد عنى .
طعنتى فى قلبى وشرفى ، لا لا لن أسامحها أبدا
أنا ما قدمت لها غير كل حب وما قدمت لى غير كل ألم
محمود بحرج : أنا أسف يا براء , بس بعيد عن اى حاجة ، ده شرف المهنة ، وواجب علينا حمايتها مهما عملت ، وواجب برده نتحرى وندور على المجرم ده ، قبل ما يرتكب اى جريمة تانى .
_ غير كده وكده حضرتك مكلف بالعملية إجبارى، يعنى مفيش اى داعى للأعتذار ، فهمنى .
وضع براء يده على رأسه ونظر أمامه بوجوم وحيرة ، وزاد ترى تعابير وجهه من بعيد فتتعجب ويصيبها القلق ولكن لا تدرى ما يحدث ، فتركت وليدها مع ملك تهدهده ، فينام على صدر تلك الحنونة .
لتقترب هى من براء فتسمع قوله عبر الهاتف : خلاص يا محمود ، هتزفت وأشوف فينه ويا ويله منى ، عشان أكده فتح على نفسه نار چهنم لما يقع فى يدى .
_ أما اللى ما تسمى ، فده هيكون مهمتك أنت ، مليش دخل فيه .
محمود بتفهم : تمام يا براء ، ربنا يعدى المأمورية دى على خير .
_ وبقولك أنا خلاص قدامى نص ساعة وهرجع أخد نهلة ونبدء مشوارنا الصعيد .
وعايز أطلب منك طلب معلش .
براء : أمر يا محمود.
محمود : عايز أهل بيتك يستضيفوا نهلة عندهم ، عشان أى مكان تانى فى البلد فى الظروف دى مش هتكون أمان وهخاف عليها .
_ بس قولى هتكون فيه مشكلة أو إحراج للجماعة ؟
ابتسم براء قائلا بسخرية : يا هلا بمرات أبوى .
دى غالية علينا كلنا ، وفى مجام أمنا كمان .
فتجهم وجه محمود وتلون وجهه بحمرة الغضب قائلا بغيظ : براء أرجوك ، مش قولت ياريت تنسى الموضوع ده إنها كانت مرات أبوك ، ليه مش بتحترم مشاعر.
_ وغيرتى على مراتى يا أخى !
ثم أستطرد بقوله :
_ ولا أقولك خلاص ، هتصرف انا وأحطها فى اى مصيبة واقفل عليها .
_ ربنا يسامحها قولتلها تقعد ومصممة تيجى معايا ، تقولش طالعين رحلة .
فضحك براء : بس بس أعصابك ومعلش يا عمنا معدتش أكررها تانى .
_ متزمزجش بجا وعديها عاد .
_ ،وتعال بس وهاتها وهعملك أحلى عصير ليمون ليك وللبرنسيسة نهلة .
_ ده اكيد بانة أتوحشتها كتير يا أخى .
محمود بصدمة :باااااااانة .
لااااااا
أنا مش مستغنى عن مراتى يا جدع
فضحك براء قائلا : ليه عاد ، دى باااانة بلسم.
محمود : أنت هتقولى !
وللحكاية بقية
نختم بدعاء جميل ❤️
"ذَهَبَتْ السَّبْعُ العِجَّافُ
(2016 - 2023)
وَسَتَبْدَأُ سَبْعُ سُنْبُلَاتٍ خُضرٍ بِإذنِ اللَّهِ."
ام فاطمة ❤️ شيماء سعيد
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية اولاد الجبالي ) اسم الرواية