رواية انذار بالحب الفصل الثالث 3 - بقلم نور زيزو
ذعرت “منه” مما تراه وهذا الرجل يتقاتل أمامها بسكينه بمهارة ولم تقل مهارة خصمه مثله تمامًا مما أطال العراك بينهما ، السكاكين الحادة تجرح أجسادهما وتتطلق العنان للدماء تسيل من عروقهما، دفع “زين” الرجل بقدمه بقوة فى بطنه ليسقط أرضًا وألتف لكي ينظر إلى “منه” والرجل الذي يقف جوارها فسحبها بخوف من “زين”؛ ليوقفها أمامه كدراعه الواقي من “زين” ووضع المسدس فى رأسها هذه المرة ثم قال:-
-لو قربت خطوة واحدة هقتلها
تبسم “زين” بعفوية وهو يمسح دماء فمه بيده التى تمسك السكين غير مبالي بشيء ثم تقدم خطوة نحوه هاتفًا بثقة:-
-بسرعة، ليه محسسني أنك قابض على مراتي يا غبي
أبتلع الرجل لعابه من الخوف مع تقدم “زين” بينما “منه” تستشاط غضبًا من كلمته وسط بكاءها فلم يكتفي بتوريطها بين أيادي الأشرار ،بل يطلب قتلها أيضًا، أبعد الرجل المسدس عن رأس “منه” وما زال ذراعه يمسكها بأحكام وصوب المسدس نحو “زين” وبسرعة البرق فور تحريكه للمسدس عن رأسها أطلق “زين” سكينه بوجه الرجل ليصيب يده ويسقط المسدس منه، تألم الرجل من السكين المغروس فى يده فسحبها بقوة من يده وركل وجهه بقدمه أقترب ليبدأ عركته مع هذا الرجل الثاني لكن توقف فجأة عند ظهرت سيارة من العدم وصعد بها الرجل وكادت أن تدهس “زين” و”منه” التى يمسكها بأحكام بقبضته فسقط بها أرضًا وهي أسفله، طوي السائق الأرض طايًا من السرعة ثم دفعته “منه” بعيدًا عنها بغضب سافر ودموعها لم تجف بعد فسأل بهدوء:-
-أنتِ كويسة؟
صفعته على وجهه بقوة من الألم الذي يتملكها والخوف الذي أحتلها فكز على أسنانه وهو يعض شفته السفلية بغيظ من صفعتها ووقف قبل أن يرد الصفعة لها وألتف لكي يغادر فجهشت فى البكاء بقوة وصوت عالي، ألتف إليها بتذمر من بكاءها وقال بانفعال:-
-بتعيطي ليه دلوقت؟ مش ضربتني خلاص
أجابته ببكاء وصوت مبحوح غاضبة:-
-عشان أنت حيوان كنت عايزه يقتلنى
أقترب منها من جديد وجثا على ركبتيه أمامها بتنيهدة قوية خرجت من ضلوعه فى وجهها ثم قال:-
-بغض النظر عن لسانك اللى عايز قصه زى أيدك بالضبط بس حقك عليا أكيد ماكنش قصدي يقتلك يعنى أنا كنت بخوفه
رفعت رأسها المحنية للأسفل حتى تتقابل عيونهما معًا، نظر إلى دموعها التى لوثت وجنتيها وكحلها الذي أفسدته هذه الدموع الحارة وشهقتها الطويلة لم تتوقف بعد، تنحنح بحرج من النظر إليها وقال:-
-أيدك ناشفة مش أيد دكتورة دى
رفعت يدها لكي تصفعه من جديد بغيظ أكبر ليمسك يدها قبل أن تفعل وتحولت نظراته التى تتطاير منها الشر وجعل جسدها يقشعر أمامه، قال بحدة صارمة:-
-أنا عدتها مرة لكن المرة الجاية هقطعها ودا بجد ، أنا مبشلش حمل قطع الأيد مرتين وشلته مرة من دقيقتين بالضبط
صرخت به غاضبة بعد أن جذبت يدها من قبضته بقوة مُتحاشية النظر إليه قائلة:-
-أنت زبالة كمان عشان ماشي وسايبني فى المكان دا لوحدي فين رجولتك يا منعدوم الرجولة يا أبو قلب حجر أنت؟
تحاشي النظر إليها وهو يقضم شفته السفلية بأسنانه من الغيظ محاولًا كبح غضبه قبل أن تفلت أعصابه عليها ويفقد سيطرته على فتاة برقة البسكويت ستكسر من أقل شيء، وقف من مكانه أمامها مباشرة وقال:-
-أنا قولت لسانك عايز قصه، قومي
مد يده إليها لتنظر إليها مُطولًا ثم وقفت وحدها مُتجاهلة مساعدته تمامًا ثم قالت:-
-شكر مش عايزة حاجة من متحجر قلب زيك
قوست شفتيها للأسفل بحزن ووجه عابس وسارت أمامه ليظل يمشي خلفها ببطيء على وتيرة خطواتها الهادئة حتى صعدت لسلالم الجامعة وعبرت الطريق ، ذهب حيث سيارته الفخمة وأنطلق ليمر من أمام الجامعة ورأها واقفة على الطريق تنتظر سيارة الأجرة بملابسها وتحاول أخفاء أتساخ الملابس بحرج من نظرات الجميع، أقترب منها وأوقف سيارته أمامها لتتسع عينيها على مصراعيها من جمال سيارته وفخمتها التى تظهر ثراء هذا الرجل فقاطع شرودها بحديثه الموجه إليها من النافذة قائلًا:-
-أركبي يا أم أربعة وأربعين لسان
ظلت تحدق به بخوف وأقتربت من النافذة ووضعت يديها عليها بجراءة وأشمئزاز ثم قالت:-
-عشان تخطفني زى نور مش كدة، على فاكرة أنا لسه مغيرتش رأي وهتطلع على البوليس
تبسم بخبث شديد ثم أخرج هاتفها من جيبه لتتسع عينيها ولا تعرف متى أخذه فتبسم “زين” وهو يتذكر عندما سقط عليها وأستغل الفرصة ليسرق الهاتف منها فقال بعفوية:-
-أتفضلي بلغي تحبي أوصلك للقسم بنفسي
ضربت سيارته بقدمها من الغيظ بطريقة طفولية أضحكته ثم قال بجدية قاطعًا ضاحكاته بعبوس متحولًا:-
-هتركبي ولا أمشي ومفيش تليفون
نظرت حولها بقلق وتردد ثم فتحت حقيبتها وأخرجت منها قلم ودونت نمرة سيارته على يدها قبل أن تصعد فضحك أكثر على غباءها، أغلقت باب السيارة بعد أن جلست جواره وقالت بحيرة لم تفهم أمره:-
-بتضحك على أيه؟
قاد سيارته وتركها على وضع القيادة بدون سائق ليتحكم نظام السيارة بالقيادة دون الحاجة إليه ، ألتف لكي يسحب يدها بقوة ووفتحها ثم قال:-
-أصل أنا واخدك كلك هتستفادي أيه من نمرة العربية ، يعنى لو قتلتك مش هيصعب عليا قطع أيدك أو غسلها مثلًا
رمقته بصمت وتملكها الخوف لبرهةٍ، أيمكنه قتلها حقًا وتذكرت مهارته فى القتال وكيف هزم رجلين بسكينه حتى فرا الإثنين منه هربًا، سحبت يدها منه بخوف وعقدت ذراعيها أمام صدرها بقلق ونظرت إلى النافذة، تبسم وعاد يمسك مقودة السيارة ليقودها هو بسرعة تتجاوز السرعة المحددة وتهور، رن هاتفه باسم “سُليمان” لينظر إلى “منه” بقلق فرفض أستقبال الأتصال وقال:-
-تحبي أوصلك فين يا أم ……
قاطعته بضيق شديد من تلقيبه لها قائلة بأنفعال بعد أن ألتفت إليه:-
-أسمي دكتورة منه
أندهش من حزنها على الرغم من لسانها السليط، سألته بجدية:-
-نور فين؟
-تعرفيها منين؟
قالها بجدية لتقول بهدوء:-
-من زمان ، من ساعة ما كانت فى الإعدادية، والله أنا أكتر حد عارفها ومتأكدة أنها مأذتكش في أى حاجة ، نور متعرفش تأذي حد هي بتتأذي من اللى حولها بس
أوقفها عن الحديث رنين هاتفها برقم “نيللي” فنظرت إليه بتعاسة وقالت بأختناق:-
-أدي أول أذي فى حياتها… ألو
فتحت مكبر الصوت ليسمع “زين” صوت “نيللي” الغاضب وهى تصرخ بأنفعال كادت أن تفقد أعصابها من أختفاء “نور” خصيصًا أنها مفتاح الحصول على المال:-
-هى فين؟ لسه مكلمتكيش يا منه ولا أنتِ مخبية عليا ماهو محدش هيديرها عني غيرك، دى عبيطة ومتعرفش تعمل حاجة انتِ اللى بتخططي وتدبري كل حاجة
نظرت “منه” إلى “زين” بسخرية وقالت بحدة:-
-معرفش يا طنط هى فين؟ وخلى بالك أنا هطلع على القسم وهقدم بلاغ عن أختفاء نور والبوليس بقى يشوف مين اللى له مصلحة يخبيها ولا يعمل فيها حاجة
أرتعبت “نيللي” من كلماتها وقالت بتعجل:-
-أنتِ مجنونة هخبييها ليه وأنا أكتر واحدة محتاجة ليها، أنا طردتها بس من البيت والجيران كلهم يشهدوا على دا، أنا حرة مش عايزة أربي واحدة أبوها فضلها عليا خلاص اللى كان بيربطني بيها مات لكن معملتش فيها حاجة يا عيني ، روحي دوري على صاحبتك فى الشقق شوفيها كانت تعرف مين ومصاحباه وعشان كدة رافضة تتجوز
صرخت “منه” بها بانفعال شديد قائلة:-
-أخرسي، نور أشرف منك ومن ألف واحدة من عينتك دي، نور أتربت فى بيت أمام جامع مع جدها مش زيك فى الشوارع وعمومًا أنا عارفة هدور على صاحبتي فين؟ وقسمًا بالله لو طلعتي عملتي فيها حاجة ما حد هيقف لك غيري
أندهش “زين” من جراءة هذه الفتاة ورغم معرفتها أن “نور” معه لكنها تتحدي هذه المرأة التى لا يعرف عنها شيء لأجل صديقتها، أغلقت “منه” الهاتف ونظرت إليه بضيق قائلة:-
-أنا عايزة أشوف نور، لازم أطمن عليها
صمت قليلًا ولا يعرف ماذا يفعل فقال بجدية:-
-أحكيلي الأول حكايتها وبعدين أخليكي تشوفيها
تنحنحت “منه” بحيرة مُترددة فى التُحدث مع هذا الغريب عن صديقتها لكنها لا تملك خيار سوى الحديث، بدأت تتحدث بهدوء قائلة:-
-عايز تعرف أيه؟ بنت مسكينة كانت عايش مع أسرتها وبابا الراجل الصناعي اللى عنده ورشة عربيات لحد ما والدتها أتوفت وباباها أتجوز نيللي بعدها نور راحت تعيش مع جدها أمام جامع لحد ما ربنا أفتكره من خمس سنين ووقتها كان كاتب شقته باسم نور حفيدته الوحيدة لكن باباها كان عايز فلوس يكبر الورشة وباع الشقة ورجعت تعيش مع مرات أبوها وحقيقي ست لا تُطاق متعرفش حاجة عن الرحمة بس نور تحملت قالت تتخرج من الطب وأهو هتبقي دكتورة وتقدر تعتمد على نفسها لحد ما باباها أتوفي من قريب وكتب كل حاجة لمراته وأديك زى ما سمعت طردتها من البيت
أستمع “زين” إليها وشعر بصدق يلمس قلبه من حديثها، أوقف سيارته جانبًا ثم ترجل منها وأغلق الباب وأتصل على “سُليمان” أخبره بما علم به عن هذه الفتاة التى يهددها بالقتل فى حين أنها لا تعرف شيء عنه وكل ما فى الأمر مجرد قدرها جمعها به فقال:-
-أنا دورت كتير البنت مالهاش أى علاقة بكرم مجرد طالبة فى الطب حلمها تبقي دكتورة يا سُليمان ، البنت دى ذنبها الوحيد وقدرها السئ هو اللى جمعها بيك فى مكان غلط
نظر “سُليمان” لهذه الصورة التى يحملها فى يده بعد أن وصلته على المنزل وكانت لـ “نور” تحتضنه جدًا حين أغمي عليه فى الطريق ووجهها مشوه بشيء حاد ومكتوب عليه بالدم سأرسل لك هدية جديدة، تحدث بجدية قائلًا:-
-تفتكر يا زين؟
أومأ إليه بنعم فتحدث “سُليمان” قاطعًا لكل تفكير وحديث “زين” قبل أن يبدأ قائلًا:-
-قدرها اللى جمعها بيا أو حتى كرم البنت دى مستحيل تطلع من بيتي يا زين غير جثة هامدة
أغلق الهاتف دون أن يترك مجال للنقاش فنظر “زين” إلى “منه” الجالسة بالداخل تحدق به كأنها تنتظر الجواب فتأفف بضيق ثم صعد إلى السيارة بوجه عابس وقال:-
-أوصلك فين؟
نظرت “منه” له بأستغراب ثم قالت:-
-مش هتوديني لنور
-مينفعش ، على الأقل دلوقت مينفعش
قالها بهدوء ثم فتح هاتفها بأصبعها بالقوة رغمًا عنها وهى تتألم وتقاومه ثم حذف صورته نهائيًا ومن سلة المهملات أيضًا وأعطاها الهاتف ثم قال:-
-لما يسمح الوقت هتلاقيني عندك أو هتلاقي نور نفسها
لم تفهم شيء من إصراره فقالت بحدة:-
-صدق اللى قال متثقش فى وعود الرجالة
ترجلت من سيارته غاضبة فى منتصف الطريق ليرحل “زين” دون أن ينتظر أو يمنعها بل أنطلق بسيارته بسرعة جنونية كأنه تخلص منها نهائيًا، تذمرت “منه” منه وطلبت بهاتفها سيارة أجر من التطبيق الخاص بالسيارات وعادت إلى منزلها….
_________________________________________
وصل “زين” إلى المنزل غاضبًا وحين دلف إلى المكتب تحدث بضيق من تصرف “سُليمان وقال:-
-هتأذي بنت بريئة يا سُليمان متخليش كرهك من البنات يعمك و…..
توقف عن الحديث عندما رأي الصور منثورة على المكتب ومترصدًا ظهر الآن خلف هذه الفتاة، أبتلع كلماته بدهشة وأخذ أحد الصور من فوق المكتب فى يده ينظر بها لا يستوعب ما يراه، بل مصدومًا مما يراه الآن وتذكر ما حدث مع “منه” وكيف هدده الرجل بقتل هذه الفتاة التى لم تظهر سوى دقائق معه لكن هذه الدقائق القليلة كلفتها حياتها وعرضتها للخطر والآن صديقتها لا تقل خطرًا عنها …………
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية انذار بالحب) اسم الرواية