رواية انذار بالحب الفصل الثامن 8 - بقلم نور زيزو
وقف أمام غرفة العمليات ينتظر خروج الطبيب ويديه غارقة بدمائها وقميصه الملوث من الدماء، تنهد “زين” بقلق ثم ربت على كتفه بلطف وقال:-
-قوم خلي الدكتور يشوفك يا سُليمان
تمتم “سُليمان” بنبرة خافتة تكاد تخرج من أحباله الصوتية من هول الصدمة:-
-أنا مش هتحرك من هنا غير لما أطمن عليها
تأفف “زين” بحيرة ثم ذهب وحده ، نظر “سُليمان” إلى يديه وهو يُديرها متفحصها وعقله عالقًا هناك باللحظة التى تلقت فيها رصاصة كأنتقام من أعداءه بها، رغم سعادته بأخذ ثأر “ملك” لكن الآن أصبح لديه ثأر جديد مع القدر الذي يكرر نفسه ويسلبه الراحة والأمان كأنه خُلق ليتألم فقط ويسرق منه كل نساءه سواء كانت أخته أو “ملك” أو “نور”، دفء جسدها بين ذراعيه حين هزمتها تلك الرصاصة جعل جسده يقشعر من الأرتباك والتوتر، عندما هرعت إليه مهرولة من الخوف وتشبثت به أنتفض قلبه رعبًا..
فتح باب غرفة العمليات وخرج الطبيب ومعه التورلي الخاص بـ “سميرة” فهرع إليها وقال:-
-طمنى يا دكتور
-الحمد لله خرجنا الرصاصة هنحطها تحت الملاحظة ولو مر 24 ساعة اللى جايين على خير يبقي نطمن
رفع نظره عن “سميرة” ثم سأل بقلق:-
-ونور مراتي اللى كانت معاها
تنحنح الطبيب بأسف ثم قال بهدوء:-
-أدعيلها … عن أذنك
أخذ الممرض “سميرة” إلى غرفتها بعد أن دلف الطبيب من جديد إلى غرفة العمليات مما أثار قلق “سُليمان” أكثر، جلس على المقعد الحديدي أمام الباب فى الرواق ينتظر خروجها وأغمض عينيه حتى غلبه النوم من طول الأنتظار ولأول مرة يرى “ملك” فى منامه مُنذ أن توفي وكانت تبتسم لكنها تركض بعيدًا عنه ومهما ركض لم يلحق بها حتى أختفت تمامًا عن ناظريه، فتح عينيه عندما أيقظه “زين” وقال:-
-أشرب القهوة دى طيب
أخذ كوب القهوة ونظر إليه مُطولًا وتذكر القهوة التى قدمتها “نور” له قبل أن يرحل فوضع القهوة جانبًا لم يقو على أخذ رشفة واحدة منها، فتح باب الغرفة بعد مرور ساعتين وخرجت “نور” هذه المرة وكان أنبوب الأكسجين يحيط بأنفها وفمها فهرع إليها ومعه “زين” ليقول:-
-طمني يا دكتور
-الحمد لله طلعنا الرصاصة بصعوبة لأنها كانت قريبة من العمود الفقري وأى غلطة ممكن تعملها شلل، أن شاء الله تفوق ونطمن أكتر
نظر “سُليمان” إليها وشعرها مبعثرًا حولها وطاقية الطبية لا تخفيه كاملًا، أخذوها إلى غرفتها مع “سميرة”، سار “سُليمان” خلفها مع “زين” لكن أشار أحد الرجال إلى “زين” خلسًا، دلف “سُليمان” إلى الغرفة معها فسأل “زين” بهدوء:-
-فى أيه؟
أعطاه الرجل بتوتر هاتف ثم قال:-
-وإحنا بنقلب مكتب كرم وشقته لاقينا دا فى الخزانة بتاعته
نظر “زين” إلى الهاتف بحيرة وقتله الفضول لمعرفة ما به فقال بجدية:-
-الموضوع مهم يعنى عشان نتكلم فيه هنا؟ شايف دا وقته
تنحنح الرجل بحرج مما سيقوله ثم قال بثقة:-
-الموضوع مهم جدًا يخص ملك
تعجب “زين” نطق هذا الرجل لأسم “ملك” دون ألقاب بلا خوف من رئيسه ففتح الهاتف وأعطاه إلى “زين” ليُصدم مما رآه وعقله لا يستوعب ما يراه أو يسمعه، هز رأسه مرات عدة من هول الصدمة ربما يفوق من هذا الواقع الخبيث، خرج “سُليمان” مُتعجبًا تأخر “زين” وقال:-
-فى أيه؟ أيه اللى جابك هنا؟
أخفي “زين” الهاتف وراء ظهره مما لفت أنظار “سُليمان” وخصوصًا ربكة صديقه فقال بحذر ونبرة حادة كالسكين:-
-فى أيه؟ خبيت أيه؟
تنحنح “زين” بقلق فتقدم “سُليمان” بغضب وهو الآن لن يقبل بأى شيء أخر وسحب الهاتف من يد “زين” الذي وضع يده على عينيه بخوف، أتسعت عيني “سُليمان” على مصراعيها حين رأى “ملك” زوجته وحبيبته التى سرقت قلبه ولأجلها هدم كيان “كرم” وبسببها “سميرة” و”نور” الآن عالقة أرواحهم بين الحياة والموت ، جالسة مع “كرم” وتتفق معه على “سُليمان” وأنها مجرد خديعة وفخ صنعه “كرم” له وقد وقع فيه
سمع صوتها تقول:-
-موافقة بس خلي بك دا سُليمان الصياد مش زى اللى قبله وهتضحك عليا بشوية قروش، أنا هتجوزه وهتتحسب عليا جوازة يعنى أقل من مليون مش لاعبة معاك
أجابها “كرم” بجدية موافقٍ على طلبها:-
-ماشي يا ملك مليون بشرط كل تحركاته تكون عندي
تبسمت بخباثة وقالت بمكر أكثر:-
-لا يا عيني المليون دا عشان أوقعه فى حبي وأتجوزه لكن أخباره كل خبر بتمنه ولو مش عجبك شوفلك غيري دا لو لاقيت واحدة عاقلة هتقبل أنها تقرب من سُليمان الصياد بعد ما تعرف هو مين، دا لو شم خبر أنى من طرفك ولا عرف حقيقتي هيقتلني دا أن مدفنيش حية
لم يكمل “سُليمان” التسجيل وقذف الهاتف بعيدًا بغضب ناري وهذه النيران حرقت قلبه كاملًا، لم يتحمل فكرة أنه مجرد دُمية لعبت بها مع هذا الخبيث، شعر وكأن حبه تبخر فى الهواء الآن وتحمل لرماد وكره، أرتعب “زين” والرجل من نظراته وأنفاسه التى علت تشق ضلوعه بعد أن أنشقت رئتيه فى خروجها، خرجت الممرضة من الغرفة بهلع وهى تنادي على الطبيب فألتف إلى الغرفة ودلف مع “زين” ليرى الأجهزة المُتصلة بجسد “نور” تطلق صافرتها فأبتلع لعابه بخوف والآن غضبه يزداد أكثر من “ملك” وسببها هذه الفتاة تصارع الموت على فراش المرض، دلف الطبيب إلى الغرفة بسرعة وأخرجته الممرضة مع “زين” للخارج، ظل ينظر من النافذة عليها والطبيب يصعق صدرها بالكهرباء ينعش قلبها الصغير، أغلق قبضته على الزجاج الحاجز بينهما وبداخله بركان نيران فربت “زين” على ظهره بلطف وقال:-
-هتقوملك بالسلامة يا سُليمان
ألتف “سُليمان” إليه بنظرة نارية ثاقبة فتنحنح “زين” بحرج وخوف منه ثم قال:-
-قصدي سميرة طبعًا
عاد بنظره إلى “نور” هذه الفتاة الصغيرة بعد أن أوقعها القدر فى طريقه الوعور بظلمته ووحشته فقال “سُليمان” بتمتمة:-
-متثقش فى حد يا زين
تبسم “زين” بلطف ونظر إلى “نور” ثم قال:-
-لا أنا واثق فى نور، ملك هى اللى أقتحمت حياتك وفرضت نفسها عليك لكن نور من يوم ما جت وهى بتحاول تهرب منك يا سُليمان، هى معاك بتهديد السلاح من الخوف ودا كفيلة أنى أثق بها وأنت حر تثق أو متثقش دا قرار يرجعلك
غادر “زين” المكان تاركًا صديقه يفكر بعقله ومنطقه الدقيق فيما حدث وما سيحدث معه، ولأول مرة هذا الرجل يقف على سجادة الصلاة وبدأ يصلي ويدعو كثيرًا لأجل “نور” هذه الفتاة التى سببها الآن هو يقف أمام الله ويبكي مما أدهشه هذه الدموع التى نزلت من جفنيه لأجل أنثي…
فتحت “سميرة” عينيها فجرًا لتنظر حولها من التعب فرأت “نور” جوارها والأجهزة الطبيبة تحيط بها فذعرت بخوف وحاولت الوقوف رغم جرح خصرها تناديها بقلق:-
-نور
أستدار “سُليمان” الواقف أمام الشرفة مع صوتها وذهب إليها وقال:-
-أنتِ رايحة فين؟ أرتاحي لحد ما أشوفلك الدكتور
عينيها لم تفارق هذه الفتاة فقالت بحزن وتأنيب ضمير:-
-عملوه فيها أيه؟ حرام عليك يا سُليمان أنت السبب … أنت السبب فى كل حاجة؟ ذنبها أيه المسكينة دى
تنهد بهدوء بعد أن سمع كلماتها وضميره يمزقه بالفعل على ما حدث لها وما ألت إليه الأمور فقال:-
-أنا مكنتش أعرف أن كل دا هيحصل يا سميرة؟
جاء الطبيب ليفحص “سميرة” جيدًا فسألته بقلق على هذه الطفلة ليقول:-
-أدعيلها عن أذنكم
___________________________
-ممكن أفهم أنتِ زعلانة من اللى خلفوني أنا ليه؟
قالها “زين” بضيق وهو جالسًا على الرصيف فى الجامعة بجوار “منه” فقالت بضيق ووجه عابس:-
-عشان كذاب دا سبب كافي، وكذبت عليا ومقولتليش أن نور متجوزة قريبك دا
تنهد “زين” باختناق وقلة حيلة من هذه الفتاة ثم قال:-
-يا بنت الناس أنا مال أمي تتجوز ولا تتطلق هى من بقية أهلي
ألتفت تنظر إليه بانفعال وعبوس صارخة بوجهه:-
-بس صاحبتي وأنا سألتك عليها يبقي متكذبش عليا
نظر “زين” لوجهها الغاضب وأنفعالها الزائد فتبسم بعفوية على جمال غضبها وقال:-
-يا ستي مكذبتش ما تهدي بقي أنتِ عايزة تتخانقي معايا وخلاص، كتك القرف بت نكدية صحيح
ضربته “منه” على ذراعه بقوة مُتذمرة على كلماته وتقول بغضب:-
-حسن أسلوبك الدبش دا معايا يا أما متورنيش خلقتك دى تاني ، كتك القرف
وضع يده على ذراعه من ضربتها وقال بعبوس:-
-أنا أيدي تقيلة أمال أنتِ أيه جاموسة، دى مش أيد دكتورة دى أيد راجل ملاكمة
رفعت يدها لتضربه من جديد لكنها توقفت قبل أن تفرغ غضبها به فقالت بهدوء:-
-أنا مش همسك نفسي أكتر من كدة على فكرة ها ، وبعدين أنت جاي ليه من غير نور ها، هي مجتش الجامعة النهاردة ليه ولا جوزها منعها إن شاء الله ….
تنهد بارتباك وقلق من الحقيقة وهو يخفي عنها ما أصاب صديقتها وقال:-
-الواحدة لازم تكون مطيعة لجوزها
رفعت “منه” حاجبها بقلق من توتره وعقدت ذراعيها أمام صدرها ثم قالت بجدية:-
-والله!!!
أقترب قليلًا منها ببسمة خبيثة وقال:-
-ايه أنتِ مش ناوية تسمعي كلام جوزك ولا أيه؟
ضربته على يده بأغتياظ ثم وقفت من جواره وهى تقول:-
-قوم أمشي أنا مش فاضية لك
هرعت من أمامه بخجل ليبتسم على خجلها وذهب إلي سيارته كى يرحل وهو يشعر بإعجاب بدأ ينشب نيرانه بداخله لأجل هذه الفتاة وشعور السعادة الذي يتملكه حين يراها أو يسمع صوتها يزداد يوميًا وكل مرة عن السابقة …………..
___________________________
جلس “سُليمان” أمام الطبيب يفحص جروحه ويغير الضمادات عن ظهره التى بدأت تشفي كليًا ورغم مرور أسبوع تقريبًا ما زالت “نور” فاقدة للوعي، تنهد بهدوء من الحزن الذي خيم على قلبه كأنه فقد جزءًا من روحه بغيابها، يشعر كأن الغُربة تمزقه بدونها ولأول مرة يجتاحه الشعور بأن وطنه الذي لطالما بحث عنه فى الحياة جاءه بفتاة، قد عثر على وطنه الذي سينتشله من غربته وقساوتها لكن هذا الوطن مهدد بالرحيل عنه، عاد إلى غرفة “نور” ليراها كما هى، لم تفتح عينيها بعد، سحب المقعد وجلس جوارها يتأملها وهى تشبه الملاك الجميل فى نومها وشعرها الأسود يزين وجهها القمري، رأي تعابير وجهها تشتد وعقدت حاجبيها وبدأت يدها تتشنج فمسكها بلطف بين راحتى يده ويقول:-
-أهدئي يا نور، أستنيني لما أجبلك حقك أنا لسه مجبتلكيش حقك متمشيش وأنا مديون ليكي، إياكِ تعمليها أنا متعودتش أكون مديون لحد، أجبلك حقك الأول يا نور، دا أنا قبلت منك اللى مقبلتوش من حد وقولت عيلة أوعي تعملي زى العيل المرة دى وتزعلي وتمشي، أكبري مرة واحدة وتحملي المسئولية يا نور ……
توقف عن الحديث عندما ضغطت بيدها على قبضته ثم فتحت عينيها لينظر لها بأريحية فرأت وجهه أول شيء أمامها لتُتمتم بصوت مبحوح يكاد يخرج من ضلوعها بصعوبة:-
-أتاخرت ليه يا سُليمان
أجابها بنبرة هادئة وعينيه تقابل عينيها فى لقاء طويل مفعمة بالشوق ونار الأنتظار تحرقهما:-
-معلش حقك عليا
أخذت نفس عميق بصعوبة أكتر وجسدها ينتفض فقال مُتابعًا الحديث:-
-أهدئي أنا هشوف الدكتور
ظلت مُتشبثة بيده بأحكام وقالت بحزن ولهجة واهنة بينما عينيها تجمعت بها الدموع اللؤلؤية:-
-أنا كنت هموت من الخوف يا سُليمان
ربت علي يدها بلطف ثم قال:-
-متخافيش ، طول ما أنتِ مراتي وأنا هنا متخافيش من حاجة يا نور
تبسمت رغم تعبها ودموعها وقالت بلطف برئ:-
-أول مرة تنادينى بأسمي يا سُليمان
تنحنح بحرج ثم ترك يدها بتوتر وخرج للطبيب؛ ليخبره بأنها أستعادت وعيها.
فحصها الطبيب جيدًا وجعلها تحرك قدميها وأناملها ليطمن على حركتها ثم غادر الغرفة يتركها مع “سميرة” التى جاءت على مقعد متحرك مع “زين” من الفحص والأشعة لتبتسم بسعادة عندما رأت “نور” أستيقظت وضمتها بسعادة فتشبثت بها “نور” بأحكام وقالت ببكاء:-
-أنتِ كويسة صح؟
أومأت إليها “سميرة” بنعم فجهشت “نور” بالبكاء خوفًا على “سميرة” وهى تتذكر جيدًا كيف وقفت أمام هؤلاء الوحوش لاجلها ولحمايتها؟، ربتت “سميرة” على يديها وجففت دموعها، تركهما “سُليمان” معًا وخرج مع “زين” وهو يقول:-
-عايزك تشوف لي محامي شاطر وماكر يا زين، أنا عايز محامي يغلب عامر ونيللي ، أنا مش هخليهم يطلعوا بجنيه واحد من حق نور أنا وعدتها أرجعلها حقها كله
أومأ “زين” له بنعم ثم قال بجدية:-
-أنا عرفت اللى وصل المعلومة لكرم أنك أتجوزت ، الخائن اللى بدور عليه
نظر “سُليمان” له بجدية صارمة ليقول “زين” بهدوء:-
-مرمي فى المخزن خليت الرجالة عدمه العافية
أومأ له بنعم ثم خرج “سُليمان” فى طريقه إلى المنزل وبمجرد دخوله شعر بثقل على قلبه و”ملك” تركت ذكرياتها فى كل مكان هنا والآن بات يكره كل شيء يحمل ذكرى لها، الغدر والخذلان والخديعة يمزقوه أربًا، رجفة القلب ورعشة اليدين، الأيام الباهتة والوحدة التى تجتاحه رغم تكتظ الناس حوله، تساءل متى سيطوى صفحفات الألم والخذلان من كتاب حياته؟ ، ليتها سرقت ماله وهربت دون أن تسرق قلبه وعقله معًا، دخل إلى غرفته وبدأ يجمع كل شيء يتعلق بها صورها وملابسها وكل ما يخصها وألقي بهم أمام المنزل ليري وشاح “نور” الملوث بدمه فأخذه من بين الملابس ووضعه حول عنقه كأن يستمد منه الآمان والقوة ، أخرج قداحته وعبوة السجائر ليشعل سيجارته ووضعها بين شفتيه ينفث دخانها ثم ألقي بالقداحة على أغراض “ملك” يحرقها جميعًا كما حرقت قلبه بمكرها وكذبها…….
ثم ذهب إلى المخزن ووجد هذا الخائن لم يتبقي به أنش واحدة ليضربه بها أو يعاقبه فكان مجرد نفس يدخل لرئته فى جسده الذي يشبه الجثة على الأرض فتنهد بهدوء ثم قال:-
-أرموا فى أى داهية تأخده عشان يكون عبرة لكل واحد يفكر يخون سُليمان الصياد
___________________________
خرجت “نور” من المستشفي بعد أسبوع بصحبة “زين” وأحد الرجال لتصل سيارة “سُليمان” الذي رأي “زين” يدفع الكرسي الذي تجلس عليه فتنحنح بحرج غيورًا من أقترب رجل غيره إليها وترجل من سيارته بجدية وتقدم للأمام وبمجرد وصوله حملها على ذراعيه عن المقعد فنظرت “سميرة” عليه ووجهه العابس كأنه يغار من دفع “زين” المقعد لزوجته، تنحنحت “نور” بحرج من فعلته أمام الجميع فهمست له بلطف وخجل:-
-أنا قادرة أمشي
لم يجيب عليها وتابع سيره حتى وصل إلى السيارة ليفتح له أحد رجاله الباب المجاور للسائق ووضعها عليه ثم صعد بمقعد السائق وركبت “سميرة” مع “زين” فى سيارته وعادوا للمنزل، رآها تفرك فى السيارة بعدم أريحية ليصف سيارته جانبًا فنظرت “نور” إليه بتعجب، أقترب “سُليمان” منها قليلًا وضغط على زر المقعد ليعود للخلف قليلًا حتى تستريح فتنحنحت بحرج وشعرت بأرتباك ورجفة قلبها من قربه، تحاشت النظر إليه مُسرعة بخجل جعل وجنتيها تتورد كالفراولتين، قاد سيارته من جديد لتقول:-
-ينفع نروح البنك دلوقت؟ أنا مش قادرة أصبر
أومأ إليها بنعم وأتصل على المحامي الذي رشحه “زين” ووصلوا للبنك فقابلت “نيللي” هناك مع “عامر” ، تنحنحت بحرج وتوقفت عن السير بقلق، أخذ “سُليمان” يدها ووضعها فى ذراعه ثم همس إليها قائلًا:-
-متخافيش أنا معاكي
هزت رأسها بنعم وتقدمت معه بخطوات بطيئة وهى ما زالت مريضة، بعد أن تحقق البنك من هويتها فأخذها الموظف إلى مكان الخزينة ووقفت “نيللي” بجوار “عامر” تنظر فى صمت على الخزينة حتى فتحها الموظف ليجدوه صندوق أخر فقالت “نور” :-
-فين مفتاحه؟
أجابها الموظف بجدية ونبرة هادئة:-
-أنا معنديش مفاتيح تاني، اللى أعرفه أن والدك قال أنك الوحيدة اللى هتعرف الباسورد دا
نظرت للصندوق جيدًا ولم يكن مغلق بمفتاح، بل بأرقام سرية تنهدت بهدوء وبدأت تفكر فى أرقام تكن مهمة بينها وبين والدها أو ما يخطر على بال والدها ليجعله رقم سري فقال “سُليمان” بهدوء:-
-جربي عيد ميلادك
كتبت 12/12/ 2002م ولم يكن الرقم المطلوب فكتب تاريخ زواج والدها من والدتها ولم يكن صحيح فأغمضت “نور” عينيها بتعب شديد من التفكير ثم دونت رقم أخري ليُفتح الصندوق هذه المرة فتبسمت “نور” بسعادة وفتحته لتُدهش مما رآته حقًا ونظرت إلى “سُليمان” بصدمة ألجمتها وجعلت جسدها يتشنج مكانه كأنه جمد كالثلج، أستشاطت “نيللي” غيظًا مما رآته ونظرت إلى “عامر” ……………………
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية انذار بالحب) اسم الرواية