رواية المخادعة و المغرور الفصل التاسع 9 - بقلم منى عبدالعزيز ومروة حمدي
: انا هطلع من بيت اهلي على بيتك يا جلال.
جلال بلهفه اقترب منها: طيب عندي فكرة احنا نطلع دلوقتي على بيتي وبعدين نعمل الفرح زى ما انتي عاوزة.
قالها بنظرة راجيه لها، ملوك ذائبه في نظراته وحديثه وملامح وجهه تائهه لا تقوي على الحديث مشتتة بين الرفض والموافقة تفيق من حالتها على حديث جمال وسارة
معًا لتفصل نظراتها له وتلتفت بخجل تجاه سارة تدعم قرارها.
ـ تاني يا ابيه هو احنا من الصبح بنتكلم في اي.
جلال: مش انتم عاوزين الفرح هعمل اكبر فرح اتعمل في البلد وهعزم الدنيا كلها زى ما انتم عاوزين وبردة وملوك في بيتي.
جمال: بمغزى ترضاها لسارة الناس يقولو انها عملت فرح بعد ما عاشت مع واحد كام يوم في بيته وعملوا فرح يجملوا بيه منظرهم قدام الناس.
سارة: كلام جمال صح يا ابيه، انت كراجل عادى بالنسبة ليك لكن ملوك اكيد الوضع صعب بالنسبة لها.
جلال: قلتلكم ما يهمنيش كلام حد انا كل اللي فارق معايا ملوك متبقاش لوحدها في البيت هنا وخصوصًا، المنطقة تعتبر مهجورة من السكان وغير العملاء اللي دخلين خارجين، لو حد فيهم عرف انها عايشه هنا ممكن يحصل ليها اي وانا بعيد عنها.
سارة: خلاص من الناحية دى متقلقش يا ابيه، انا هفضل معها وكلها اسبوعين تلاته ونعمل فرحكم.
جلال: لاء طبعا لاانتي ولا هي.
ملوك: لو سمحت يا جلال انا عايشه هنا من فترة طويلة كنت لوحدي صحيح الجيران قليلين لكن هنا حسيت بأمان محستهوش، وسط ناس كتير عشت معهم، فلو سمحت وافق على اقتراح سارة.
جلال بضيق: لاء ياملوك.
جمال: عندى فكرة ترضيكم انتم الأتنين، سارة تفضل هنا مع ملوك لحد الفرح ونخلي كام بودى جارد حوالين البيت وعم اسماعيل، يشوف طلباتهم كده تبق مطمن عليهم، وقبل ما تعترض هنركب كاميرات مراقبة في كل مكان وانا وانت هنكون معهم معظم الوقت، ونعمل اعلان بطلب سكرتيرة تساعد ملوك في الشغل وكدا وقت الشغل ما تكونش لوحدها.
ملوك: فكرة حلوة اوى انا موافقة.
سارة: برافوا عليك ياجمال، اي رايك يا ابيه؟
جلال بضيق: موافق بس بشرط، اسبوع واحد ونعمل الفرح لا اكتر ولا اقل..
الجميع: منلحقش نجهز.
جلال مقاطعهم: كلمة كمان وألغي فكرة الفرح نهائي وانا اصلا بتلكك… وبنظرة جريئة لملوك نكست رأسها خجلًا انا كل اللي بهمني ملوك تبق في ببتي من دلوقتي.
سارة: لاء لاء موافقين، مش كدا ياملوك.
ملوك: موافقة اسبوع اسبوع .
ظلوا وقت يتفقون على تجهيزات الفرح وسط اعتراض جلال معظم الوقت، حتى نجحت سارة وجلال في اقناعه ورحل بصحبة جمال، وتوصياته للفتيات التي جعلتهم يتنهدون ويزفرون انفسهم فور خروج جمال يسحب جلال من يده عنوه.
جمال: كفايه كده يا جلال البنات حفظوا كلامك، يلا بالبنات تصبحوا على خير.
جلال بعد ان خطى بقدمه خارج المنزل التفت سريعا ودلف مرة اخري ممسك يد ملوك ويتجه للغرفة لم يعطيها مجال للحديث مغلقا الباب خلفه..
سارة تنظر لأثره ببلاهه تحدث جمال وهي تشير على الغرفة: يوووه ما خلاص اتفقنا على كل حاجه هقولها ايه تاني، انا تعبت اوي النهاردة ومحتاجه اناااام.
جمال بضحكات صغيرة متتاليه يربت على كتفها وبهمس.
ـ ياربى ربنا رزقني باخت هبله والكبير العاقل قلب.
بينما في الغرفة يضع جبهته فوق خصتها يلتقط انفاسة بصعوبة ويحدثها بنزق: فرحانه اوي بالفرح اللي بعد اسبوع ومش فارق معاكي حالتي دلوقتي.
نظرت للأرض بخجل يمد يده رفع وجهها لأعلى ينظر لعينها اللامعة وابتسامتها الخجلة ينحني مقبل وجنتها اليمني، وعشان الضحكة الحلوة دى ويقبل الجهة اليسرى وعشان الفرحة اللي في عيونك دى…أنا هصبر الكام يوم دول.
ـجمال من الخارج بصوت عالي جعل جلال ينفس انفاسة بغضب ويشير على الخارج بيده.
ـ فكرني اول حاجه بعد الفرح مدخلش الأتنين دول البيت لمدة سنه.
ضحكة عالية خرجت منها بعفوية تعقيبا على تزمره الطفولي، ليغطي وجهه بيديه… انتي شكلك مش ناويه على خير.
قهقهت بسعادة حقيقية على تعبير وجهه ليزيحها بيديه تجاه التخت محدثها من بين انيابه… نامي ياملوك الله لا يسيئك.
جمال من الخارج… ما كفاية يا حلال البنت نامت مني كتفى خدل ياعم .
جلال يلتفت ملوك: شكلة بيلعب في عداد عمرة.
لتصدح ضحكتها جعلته يسحب الوسادة يضعها على وجهها .. نامي ياملوك وجبيها لبر.
ليصدح صوت جمال مرة اخري… ياعم ارحم حرام عليك انا تعبت.
جلال … جايلك ياعملي الردي. يخرج من الغرفة تحت صوت ضحكتها، وصداها يتردد بين حدرنها وعلى مسامعه ينشد لها قلبه طربًا
بقلم مروة حمدى ومنى عبدالعزيز
: ممددة على فراشها تنظر لسقف الغرفة وابتسامه على ثغرها هائمة لا تستمع الى اي من حديث سارة لها.
ـ ملوك ملوك مالك يابنتي بقالي ساعة بتكلم ومش بتردي.
ملوك كما هي شاردة، تنفست
سارة وهي تلتفت للجهة الأخري… لا انتي مش معايا خالص انا هنام احسن
.
وبالفعل تمددت وثواني وخلدت للنوم بينما ملوك ضجيج قلبها سرق النوم منها تمرر يدها على وجنتاها لتشتعل من جديد وسؤال يراودها.
ـ كيف كانت بكل تلك الطواعية بين يديه، وكيف كانت بكل هذا الخضوع؟ ولما قلبها يكاد يخرج من مكانه من فرط شعورها بالسعادة؟ تحدث نفسها بحيرة
هو اللي انا فيه دا ايه؟
: اعجاب انجذاب حب! لتنفض جالسه… حب طيب ازاي وحازم؟!
عقدت حاجبيها تحاول ان تتذكر اي موقف جمعهم دمعه سقطتّ وشريط مرير من ذكريات منذ قدومها للعيش بمنزل خالها للحظة مغادرتها للشركة والمنزل، ليتردد صدى كلماته
” وانا عشان الضحكة دي ولمعة الفرحه اللي في عيونك انا هصبر”
ابتسامه مع ضحكة صغيرة خرجت من بين دموعها لتعود الاستلقاء على التخت من جديد، تنهيده عميقة خرجت من اعماقها لتستلق على جنبها وعينها هائمه، بذكرى ذلك اليوم متذكرة ادق تفاصيله
تشرد بها، ضحكه عفوية خرجت منها وهي تتذكر هيئتها كيف كانت جالسة بتوتر ممسكه باوراقها بين يديها تقرئها مرارا وتكرارا حتى حفظتها عن ظهر قلب ليصطدم انفها برائحه عطر رجولي اجبر عينها على النظر لأعلى مبعدها عن الاوراق، لتكتم شهققه داخليه وذاك الحائط البشري يمر من امامها بطله وهاله تخطف الالباب عينها تتابع خطواته الواسعة وهو يتحدث بالهاتف غير عابئ بهمهمات الجلوس، لتمتم هي ساخرة من ارتدائه لتلك النظارة السودا التى اخفت عينيه..
_حد يلبس نظارة شمس فى المكتب.
مرت دقائق بعد دلوفه للمكتب وخلفة السكرتيرة الخاصة به، تعاود النظر الى اورقها وسط سخطها وعصبيتها الغير مبررة من حديث من يجاورنها، عن هيئة وجاذبيه صاحب الشركة.
لتمتم ساخرة وهي تنظر بطرف عينها للمتحدثة بجوارها: هما جاين للشغل ولا للشفط.
ترفع عينها وتشير على نفسها مع حديث السكرتيرة لها.
ـ اتفضلي يا استاذة جلال بيه منتظرك بالمكتب.
تتذمر الجالسة جوارها: ايه الكلام دا انا هنا قبل منها وعندي معاد من اسبوع.
السكرتيرة بعمليه: دى أوامر جلال بيه.
لتهب ملوك من جلستها وسط نظرات الجميع تبلع رمقها بتوتر من تلك النظرات الجحيمية التى تكاد تفتك بها تخطوا خلف السكرتيرة تضغط على الاوراق بيدها محاوله استمادة القوة منها.
تدلف المكتب تقف تنظر له ثوان بمكانها لا اراديا تأملته رفع عينه عن جهاز الحاسوب امامه برهه لتعلو لمحه ساخرة على ملامحه اتت لها كتنبيه على حالها وبروح التحدي التي خلفتها تلك النظرة استدعت ثقتها لملمت شتات حالها وانتصبت يشموخ بوقفتها وبنظرة متحديه وخطوات واثقة سارت باتجاهه بعدما اشار لها بالجلوس.
وعلى الجهة الأخري جالس بالسيارة
ضحكة صغيرة خافته وهو يستند بوجنته على قبضة يده، ناظر من نافذة السيارة بشرود، انتبه عليه اخيه الذي يقود السيارة بجواره ليبتسم بسعادة لأخية معاود النظر للطريق متمتمًا بصوت.. والله ما مصدق.
مني عبدالعزيز: مروة حمدي
اما جلال كما هو شارد بتفاصيل ذاك اليوم…
تتسع ابتسامته وهو يضرب بخفه على قدمه متذكر تعليقها على نظاراته.. يهمس لنفسه… حمقاء لا تدري بان تلك النظارة تجعلها يري الجميع بتفحص دون معرفتهم يفهم تعبيراتهم وهيئتهم، من خلال نظراته الثقبة من خلفها، ورغم شذوذها عن جميع من بالمكان وهيئتها المبعثرة لفتت انتباهه لتتسع ابتسامه متذكرا هيئتها وتلك الملابس الغريبة التي كانت ترتديها، تنهد متذكر خوفها وتوترها وكيف تلاعب باعصابها، وخيبه الامل التي اصابته عندما امسك بها تتامله فلأول مرة يفشل في تقيم أحدهم وانها كباقية الفتيات ينبهرن به، كان على وشق طردها من المكتب حين اطالت تأمله ظنًا منه انها تافهة كبقية الفتيات ليصدم من تلك النظرة المتحدية ليشير لها بالجلوس لتسير تجاهه بخطوات واثقة، لينبهر من جدية حديثها وتمكنها من شرح افكارها، طال تأمله بها واخذ عقله يقارن بينها وبين كثيرات ممن تعامل معهم، لينتفض عند تلك النقطة وهو يسال حاله ماذا تخفي خلف هيئتها تلك؟! ليقف من جلسته فوراً مقاطعا اياها… بلاء.
اعتدلت بجلستها على الفراش تذم شفتيها بضيق طفولى: مغرور قبل ما اكمل كان قايل لا ….
بينما هو فى السيارة ابتسم شاردا برد فعلها يومها لا تعى ان لا التى خرجت منه عفوية كانت لقلبه وليس لها..
…..
لتقف بذهول من رده فهي لم تكمل شرحها لتجز على انيابها وهي تنظر له ومن غرورة في وقفته أثناء التفاته للجهة الأخري غير عابئ بها لتنعته بالمغرور وهي تلتقط اورقها وحقيبتها وتهم بالرحيل تتحدث بلا توقف
^ مغرور، ايه لاء دى ؟
بناء علي ايه رفض الفكرة هو انا كنت كملت شرحها.
يلتفت بعصبيه يشير على نفسه يحدثها بذهول… انتي بتقولي الكلام دا ليا انا، انتي مش عارفه بتكلمي مين.
ملوك بثقه ممتزجة بسخريه واستخفاف .. انا اجتمعت مع رجال اعمال كتير حتى لو كان فى نيه للرفض وده مش هقول مابيحصلش بس على الاقل نادر بيكون فى مساحه لسماع الاراء والمناقشة للأخر، شغل بيرفكت وبروفيشنال انا بعتذر لنفسي على تضييع وقتي ، عن اذنك.
ليوقفها صوته قبل خروجها.
_انتى رايحه فين ، هو انا اذنتلك تمشى؟!
_التفت نصف التفاته تجيبه.
والله ما تعودتش اكون فى مكان مش مرغوب فيا وخصوصا لما يكون مع حد متعجرف.
همت بالرحيل يوقفها بصوته.
_هتندمى لو خرجتي.
تعطيه ظهرها: انا هندم لو فضلت..
همست لنفسها: مش هاجى على كرامتي تانى.
جلال: بكرة تتمنى معاد علشان بس تعتذري منى وماطلهوش..
ملوك: بكرة مديرتك تجرى ورايا تستني معاد لشركتك ومش هتلاحق.
ضحكه صغيرة باستمتاع يضع يديه داخل جيبه..
_ايه رايك انا هعمل معاكي ديل.
التفت له تناظره بقوه وحاجب مرفوع بكل ثقة.
_موافقة.
_مش تسمعى الاول!
_انا واثقة فى نفسى وف شغلى فاتفضل كفاية تضييع وقت فى كلام قول عرضك..
_لو نجحتى خلال ست شهور انك تقابلينى وتاخدى معاد هعمل معاكى تعاقد لمدة عشر سنين تمسكى فيهم اعلانات كل المجموعه.
فتحت فاهها بصدمه من عرضه الخرافي بالنسبه لها..
_صعب مش كده.
استعادت مرة أخرى ثقتها : بالعكس، على العموم اوعدك خلال شهر كمان بس وقتها ياريت تكون انت قد كلامك…
_مش ملاحظه انك مديه لنفسك حجم كبير عليكى..
قالها بتقليل وهو يشير عليها من أعلى لاسفل لتمر ذكريات محملة بأصوات سخرية مماثله عليها ودون إرادة منها امتلئت عيناها بالدموع لتضع يدها على فاها تكتم شهقة حبيسة راحله من امامه بسرعه..
بينما هو الجمته الصدمه لثوانى لم يتوقع ان يكون الدموع هو رد فعلها يغمض عينيه بهز رأسه بعدم رضا ليحمل أغراضه راحلا خلفها..
عاد من شروده هامسا لنفسه : جننتنى ودموعها هزتنى خطفت قلبى من اول لحظه..
جمال: بتقول حاجه ياجلال.
حمحم معتدلا بجلسته معاودا النظر للنافذة: لا ما فيش حاجه.
ليشرد مرة أخرى بعدما ارسل من يبحث عنها ويعطى له معلومات بخصوصها، عقد حاحببه بضيق عند تذكره أمر تعلقها بابن خالها حازم وقد ذكر بالملف كمعلومة جانبيه متدوالة بشركة حازم للدعاية بين الموظفين، سؤال دق غلى قلبه بقوة.
_هى بتحبه حقيقى! متعلقه بيه، مشيت من هناك ياترى نسيته سابت حتى البيت ممكن يكون حصل ايه؟
شرد لاستسلامها البرئ له وابتسامه حالمه عادت للظهور مالبثت ان اندثرت من جديد وعقله يعمل مرة آخرى.
طب لو لسه بتحبه ال انا حسيته معاها ما بيقولش كده، نظرت عنيها ابتسامتها استسلامها البرئ وخجلها بياكدوا ان انا اول واحد فى حياتها…
جلس ناظرا للامام وبشرود وعقله يجلده: عدى عليك كتير وشفت أشكال كتير وقد ايه بيتلونوا علشان يوصلوا.
كانت حيرته واضحه وبشده على ملامح وجهه التى تتبدل من ثانيه لأخرى أثارت قلق من يجاوره ليساله: فى حاجه يا جلال.
هز رأسه نافيه بصمت وتصميم نوى داخله: الإجابة عندها هى اول حاجه اعملها الصبح.
بينما تلك الملوك كانت تضحك على حالها بخفه عليه وعلى عرضه المجنون وتلك النظرة المتحدية.
_انا مش مصدقة انا كنت واقفة قدامه ازاى! انا كنت غير ،انا اتغيرت معاك يا جلال فى كل حاجه.
وضعت يدها على فاها تكتم ضحكتها العالية وشهقتها الفرحة وهى الان فقط انتبهت على حاله وقتها منعتها عصبيتها حينها من رؤيه نظراته اللامعه ابتسامته المتسليه وكأنها تشدو بغزله لا تشدبهّ
عادت للاستلقاء على ظهرها تغطى عيناها بكلتا يديها : ووسيم بكل حالاتك يا جلجل.
رفعت سارة رأسها عن الوسادة تنظر لها باشمئزاز: جلجل، هو ده اخرك فى الرومانسية.
ملوك بخضه: هوو انتى ما نمتيش
ساره: وانام ازاى و صوتك وضحكك وحركاتك وكلامك وهيامك خرم ودنى ،ده انا بو مكنش جلجل اخويا كنت حبيته.
ملوك تلقى عليها الوسادة : بطلى رخامه
ساره محتضنه اياها: انتى مش عارفة قد ايه انا فرحانه، صحبتى واخويا…
ملوك: بجد يا سارة.
سارة: ربنا يتم عليكم فرحتكم يا قلبى.
بقلم منى عبدالعزيز ومروة حمدى
❤❤❤❤❤❤❤
بوقت باكر لذلك اليوم، حازم و عقب وصوله للشركه
بحالته الرثة يخطو متجاهلا النظرات والهمهات من حوله متجها نحو مكتبها الصغير جالسا عليه وعادة أخرى اكتسبها بفراقها، يمرر يده على سطحه يتذكر هيئتها وهى منكبه اغلب وقتها على سطحه تتفحص الملفات
اغمض عينيه بحنين جارف خرج من جوفه كتنهيدة حارقه، وعى لما حوله على ذلك الصوت المتسائل أمامه مناديا عليه…
_حازم بيه، حازم بيه.
اعتدل بجلسته ناظرا لها
_خير.
الأخرى متحمحمه: احم، هو ملوك مش جايه تانى؟
وقف من جلسته بتيه يجيبها : مش عارف.
عقب رحيله اقتربت منها زميلتها: انتى اتجننتى بتسائلى على ملوك.
_يا سلام، بذمتك انتى كمان مش عايزة تعرفى هترجع امتى؟
نظرت الأخرى إلى كل تلك الأوراق بيدها بحسره: انا عايزاها ترجع انهاردة قبل بكرة.
انضمت لهم ثالثه معقبه: كلنا عايزين ملوك ترجع، بس بقولكم ايه يا بنات خدتوا بالكم من التغيير ال حاصل لأستاذ حازم.
الاولى بتحذير وهى تتلفت حولها: هش اسكتي انتى عايزه جيداء تولع فينا.
الثانية بمكر: انا مكنتش متخيله انه بيحبها اوى كده.
الاولى: حب ايه بس ودى حد يحبها بشكلها ده!
الثانية: اومال تفسيرك ايه ان كل يوم لازم يجى ويقعد على مكتبها ده غير عصبيته الغريبة معانا
الاولى بحسرة: حاله زى حالنا الشغل واقف ومتعطل والدنيا واقعه.
الثالثه وهى تخرج هاتفها الجوال: انا مش عارفه شغال اشعارات من الصبح فى ايه مش فاهمه.
الاولى: افتحى نشوف الكلام على ايه نخرج شويه من الهم ال احنا فيه ده.
الثالثه: ده فيديو.
الثانية : انجززى قبل ما يرجع ويفش غله فينا.
شهقة ثلاثيه من فاهن خرجت عقبما مشاهده الفيديو رجل الأعمال جلال المنسي يركع على قدميه بعرض للزواج من ملوك…
ليتحدث الثلاث بوقت واحد: ملووووك.
نظرن لبعضهن بعدم فهم.
الاولى: هو ده بجد!
الثانية: يا بختها يا بختها وانا اقول مرجعتش ليه! اتاريها واقعه واقفة.
الثالثه بهمس: تفتكروا جيداء شافت الفيديو ده!
الاولى: لا طبعا والا كانت الدنيا قامت ومقعدتش.
الثانية بحقد: ياما نفسى اشوق وشها بعد ما مالك علم عليها وسبقها.
الثالثه بمكر: نبعتهولها وكلنا هنتفرج.
داخل المكتب.
وقف أمامه ينظر لذلك المشهد باشمئزاز وهو يراها تجلس ملاصقه للعميل، تتحدث باغواء متلاعبة برابطه عنقه والاخر يلتهمها بعينيه متحدثا بافتتان: انا لو هوافق على الصفقة دى فده علشان خاطر عيوونك انتى يا جيجى.
_صدقنى يا كمال بيه مش هتندم.
يخرج من جيب بذلته كارت يقدمه لها: ده الكارت عليه كل ارقامى البيريفيت بتاعتى مش بيخرج لأى حد ، هستنى منك اتصال.
أخذته منه وبابتسامه تحمل الكثير من الوعود تكاد تجيبه لتنتفض على صوت إغلاق الباب بقوة ، تنظر باتجاهه لذلك الواقف بملامح لا تفسر تقف من مجلسها مرحبه: اهلا حازم بيه.
اقتربت منه هامسه: كل ده تأخير، ليا ساعه بحاول اقنع فيه.
حازم بسخرية مبطنه: ما انا شفت الاقناع بعينى.
لم تهتم لتلك النبرة بصوته وهى تعاود الجلوس برفقته على طاولة الاجتماعات مبتعده عن الاثنين جالسه بالمنتصف مما اثار ضيق الاول ولم يهتم كثيرا الثانى.
بعد التحية المقتضبة المتبادلة بين الاثنين، نظر أمامه لذلك الملف.
ضيق بين عينيه متلمسا اياه يعرفه جيدا ليفتحه بلهفه جليه وعيناه تمر على السطور، ابتسامه مشتاقه لصاحبه الخط رسمت على وجهه بعدما تعرف عليه وهل يخطئه؟ وهو منقذه بكل الاوقات، لقد كانت تلك اخر صفقة عملت عليها ملوك.
ليضيق بين حاجبيه من جديد متسائلا كيف وصل إلى هنا بعدما اخذت هى جميع أوراقها ورحلت حتى هذا الملف بحث عنه كثيرا ولم يجده.
رفع نظره لتلك المتحدثه بالنقاط الأساسية الخاصة بالصفقة يقارنها بما هو مكتوب امامه، لترتسم الابتسامه من جديد ولكن بسخرية مع تذكره لحديث ملوك ودموعها ذاك اليوم واتهامها لجيداء الغير صريح بالتفتيش بين اغراضها.
ليغلقه بهدوء مستندا بيده على غلافه متسلحا بصمته كمستمع جيد لتلك المسرحية الهزلية المعروفه نهايتها بالنسبة له سلفا ولكنه حقا لا يستطيع كتم ضحكاته الساخرة من تلك التى تجمع كلمه من الشرق واخرى من الغرب ، لتفلت ضحكه على تعقيب الاخر لتشزره جيداء بعينيهامستنكره لافعاله الغريبة بالنسبة لها.
كمال: هايل بجد يا جيجى.
حازم بسخرية : اكيد هايل وصفق بخفه.
كمال بخبث: عندك حق وانا لو هوافق فده بس علشان خاطر عيونها.
لتجلس الأخرى بغرور وثقه.
حازم: طالما كده يبقى نختصر ونمضى العقد خلينا نفض المهزلة دى.
كمال: نعم.
حازم بلؤم: قصدى الصفقة الهايلة دى.
قاما بتوقيع الأوراق ورحل الاول وسط نظرات متبادله بينه وبين جيداء واحده متلهفة والأخرى واعده.
ليهز رأسه بعدم رضا معاودا الجلوس على كرسى مكتبه يستند برأسه إلى الخلف ناظرا للسقف لتقترب هى منه بعد إغلاق الباب.
_ايه رايك بقا يا زومى فى جيجي حبيبتك.
التف بنظره له دون ان يعتدل: هايلة يا جيجى، كل يوم بتبهرينى بشطارتك، قد ايه بينتيلى الفرق بينك وبين ملوك.
جيداء جالسه بثقه: زومى انت عارف قد ايه انا بحبك.
التف برأسه لها فى انتظار بقيه حديثها المحفوظ بالنسبه له بعدما أصبح اسطوانه يستمع لها بعد كل صفقة تتم من خلالها.
حازم وقبل ان تكمل اجابها بملل: نسبتك محفوظه يا جيجى.
تقف من مجلسها: ميرسى يا زومى..
تقف من مجلسها تقترب منه ليوقفها بإشاره من يده ولم يستطع إخفاء ملامح الاشمئزاز المرتسمه على وجهه وبحده طفيفة جعلت غضبها يتملك منها: على مكتبك.
تنفست بغضب راحله من امامه ليعود هو إلى شروده بالسقف وقبل ان تخطو خارج المكتب وصل لها اشعار رسالة لتقف بمكانها تفتحها بفضول لتتسع عينيها وفاهها لتلتف بسرعه جهه حازم بظهرها لتغلق فاهها وتضييق عينيها لهيئته الشارده وهو ممسك بملف الصفقة يستنشقه يقربه إليه وابتسامه بلهاء على وجهه..
: تنظر إلى شاشه الهاتف تاره وله تاره
تحدث نفسها بغيظ…
بقا مالك تقع مع واحد زى ده! بس يا ترى مين جلال المنسي ده!
سريعا بحثت عن اسمه لتتسع عينيها بصدمه وبهمس مسموع لها وليس له..
بقا ملوك تتجوز ده وانا أقع مع الغبى ده ال لحد دلوقت ما اخدتش حتى خطوة رسمى!!
زفرت بغيظ تعاود النظر له وهو الشارد لتقع عينيها على الكارت بين يديها تقرأ الاسم مرة ثم مرة ثم تنظر لحازم وكانما عقلها عقد مقارنه سريعه لتخرج من المكتب رافعه الهاتف على اذنها فى انتظار الإجابة من الطرف الاخر وقد ااتت اسرع من المتوقع يجيبها.
_جيجى، خلتينى استنى.
_وانا مهنش عليا اخليك تستنى اكتر من كده
_انهارده فى حفلة عندى على اليخت مخصوص عشانك.
_وانا موافقة.
: رحلت بخطوات واسعه نحو مكتبها ليبتسم الثلاث فتيات على ملامحها عقب مرورها من أمامهم.
الاولى: شايطه
الثانيه: نار.
لم تكد تتحدث الثالثه: لتمر أمامهم بحقيبتها مرة أخرى للخارج لتخرج وراها بسرعه مناديه عليها
_جيداء ، جيداء على فين؟ انت ناسية ان فى اجتماع مع الصفا كمان ساعه
جيداء داخل المصعد تضغط على ازراره: لا مش ناسية وابقى بلغى الغبى ال جوه انى مستقيله.
: مع اختفاءها خلف باب المصعد ركضت الأخرى نحو مكتب حازم بسرعه ودون ان تطرق على الباب دلفت تلتقط انفاسها بصعوبه…
_الحق جيداء يا حازم بيه.
وكانما على ذكر اسمها افاقته ليعود لاشمئزازه مرة اخرى: مالها.
_مشيت.
_احسن
: الأخرى ببلاهه: دى بتقولك انها مستقيله.
_عملت خير..
بلجلجه: وشركه الصفا!
بانتباه يعتدل بجلسته: مالها!
فى اجتماع كمان ساعة، هنتصرف ازاى؟! وكده لا جيداء ولا ملوك موجودين
حازم بحده يقف من مكانه: نعم! وانتوا لازمتكم ايه فى الشغل! يعنى علشان ملوك وجيداء مشيوا نقفلها احسن!
الثالثه: يا افندم…
بحده يقاطعها: فهمينى انتوا بتاخدوا مرتبات على ايه بالظبط؟؟ اسمعى كل واحد يشوف شغله والا يعتبر نفسه مرفوض ومن هنا ورايح انا بنفسى هراجع ورا ملفات الموظفين وال مش شايف شغله ومقدمش حاجه جديدة للشركه مالهوش مكان هنا.
هزت رأسها بالايجاب تتسأل بتلجلج: طيب وبالنسبة لشركه الصفا هنأجل معادها!
حازم: لا وليه التأجيل؟ هاتى ملف الصفقة الخاصة بيها واجمعيلى كل المعلومات الخاصة بمنتجاتهم فى أخر خمس سنين
الثالثه تهم بالتحرك: حاضر يا افندم.
يوقفها وهو يخرج أوراق من درج مكتبه: وعايز اخر اعلانتهم نفذنهالهم
الثالثه: حاضر.
يوقفها من جديد: تروحى قسم التصميم وتقوليلهم عايز منكتات مبداية سريعه ومقترحات للدعاية.
الثالثة: بس كده مش هيلحقوا يجهزوا حاجه فى الوقت القصير ده.
حازم رافعا عينه عن الاوراق: ازاى يعنى والشركه كلها ان انهاردة فى اجتماع.
الأخرى بحرج: اصل اصل دى اول مرة نتعامل معاهم.
حازم: وايه المشكلة.
الثالثه: احنا مش عارفين هى يتنتج ايه اصلا ولا الإعلان عن ايه؟
حازم ذاما لشفتيه: طيب ال قولته يتنفذ خلال ساعه ولو ده محصلش الطقم كله مرفوض وناس جديدة هتتعين تكون بتعرف شغلها كويس.
: برجفه وخوف من حديثه هزت راسها راكضه للخارج تعلن كل من يقابلها بآخر القرارات وكانما دبت الحياة بهم ليركض كل واحد باتجاه كخليه نحل.
وبالداخل عاد للجلوس مرة أخرى على مكتبه يضرب بيده على سطح المكتب: غبى غبى حتى الموظفين ال عندك عودتهم على الإهمال وأنهم يعتمدوا على ملوك…
أطلق زفير عال ناظرا للامام: انا لازم اتغير انا مش هفضل كده مستنيها ولا مستنى وحده زى جيداء تمشيلى شغلى انا مكنتش كده !
شرد لأيام عمله الاولى حدث نفسه بعتاب: يعنى علشان صفقة ولا اتنين راحوا منى اقف واستسلم بالطريقة وارمى حملى كله على بنت زي ملوك وكمان انكر عليها فضلها..
عادت مواقفه معها من جديد يستنكر حاله وكانما افيق للتو: ايه ده؟ ايه ال انا عايش فيه ده! وحقها ازاى ماما عملت كده.
تذكر والدته وهى تقتنع اباه بتلك الحيلة التى
لاستيلاء على ارثها من المنزل وكالعادة وقع لها.
نظرا أمامه يحدث نفسه بصوت مسموع: لسه الوقت قدامى وكل حاجه هترجع لوضعها الطبيعى وأولها انا، ابقى حازم، العاشق لشغله منتظرش حد يعملى شغلى وهبدأ من اللحظه دى؛
امسك بالملف بين يديه يعاود الجلوس وبسمه صغيرة. عرفت طريقها على ذكره لها.
_وهبدا من هنا من أفكارها ال كتباها هنا وعمولتها هتوصلها و
: يقف من مجلسه ينزع جاكت بدلته يشمر عن ساعديه معادو الجلوس يفتح جهاز الحاسوب أمامه منكبا عليه…
: لم يرفع راسه الا بعد سماعه لطرق على الباب ودلوف السكرتيرة تبلغه العملاء، لياذن لها بدخولهم.
بعد السلام والتعارف ومناقشة عامه عن المنتج بثقه وقف يشرح مخططاته عن الحملة الاعلانيه وقد نال على اعجابهم وتم ابرام الصفقة وتوقيع عقد مبدأي بعده اعلانات.
بعد خروجهم يكاد يطير من السعادة وهو يقبل العقد..انا فرحان وعايز افرح معايا الدنيا كلها ماما وبابا وملوك يا ترى هتكون رد فعلهم ايه؟
مسك الهاتف ليعيده لمكانه مرة أخرى..
لا مش هينفع فى التليفون، انا عايز اشوف الفرحه فى عنيهم بنفسى …
هبط صاعدا لسيارته متحركا باتجاه منزله يصدح صوت هاتفه معلنا بوصول اتصال..
يجيب سريعا لياته صوت أمه الغاضب لتختفى ابتسامته مستمعا لها.
_ازاى ، جيداء تسيب الشغل وما تبلغنيش؟ من وقت البت دى ما مشيت وانت حالك مش عجبنى، انا لازم اشوف حل لاستهتارك ده قبل ما تضيع الشركة…
نظر للعقد بجانبه بطرف عينه مغلقا الهاتف دون حديث يحرك المقود بالاتجاه الاخر محدث نفسه…
_انا متأكد ان محدش هيفرحلى قدها…
بعد قليل توقف أسفل البنايه أثناء رحيل سيارة من جانبه ، ينظر للبنايه ولساعه يده بتردد..
_مش عارف اطلع ولا استنى الوقت اتاخر.
أطلق تنهيدة عالية : الأحسن انى استنى هنا كده كده انا مش عايز ارجع البيت دلوقت خلينى هنا واول ما الشمس تطلع.
بابتسامه صغيرة تابع: اروحلها
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية المخادعة و المغرور) اسم الرواية