Ads by Google X

رواية هواها محرم الفصل الثاني عشر 12 - بقلم آية العربي

الصفحة الرئيسية

   

رواية هواها محرم الفصل الثاني عشر 12 - بقلم آية العربي


بسم الله ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
وَلَقَدْ نَعْلَمُ أنّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُون فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبِكَ وكُن مِنَ السَاجِدِينْ واِعْبُد رَبَّكَ حَتّى يَأْتِيَكَ اليَقِينْ .
ادعِ لغزة كأنّك الوحيد الذي تذكُرها وتتعاهدها بالدعاء..
ادعِ لغزة بيقين أن دعوتك ستقلبُ الموازين
وتدفعُ عنها ضرًّا لا تدركه..
كثفوا الدعوات لأهل غزة
اللهم إنا نستودعك أهل غزة وكل فلسطين ، اللهم
كن لهم عونا اللهم إنا لا نملك لغزة وفلسطين إلا الدعاء
فيارب لا ترد لنا دعاء ولا تخيب لنا رجاء وأنت أرحم الراحمين ،
اللهم انصر ضعفهم فإنهم ليس لهم سواك
الفصل الثاني عشر من ( هواها محرمٌ )
( ثري العشق والقسوة 2)
لستِ جميلة بالقدر الذي يجعلني محدقاً بكِ
بل أنتِ ملكة الحُسن لمملكةٍ شامخةٍ تستخرج الجمال من باطن رؤياكِ
وأنا ذاك الخبيث الذي تسلل لسرقة الجمال فوقع أسيراً لسحر عيناكِ
بقلم آية العربي
❈-❈-❈
أغلق لتوهِ مع صقر يزفر براحة وانتصار وتشفي ، حتى لو لم يسترد هو حقها ولكن يكفيه أنه رُد إليها .
رفع هاتفه بعدما طلب رقمها وعيناه معلقة على غرفتها بينما هو يقف في الحديقة ويستمع إلى رنين الهاتف منتظراً ردها .
تمطأت في نومها ورفعت رأسها قليلاً تنظر نحو هاتفها بنعاس ثم التقطته بصعوبة حيث لم تكن في كامل وعيها بعد ولكن ما إن وجدت اسم ( Mio caro ) حتى نهضت منتعشة تجيب بحماس وحب :
– عمر ؟
– صباح الخير يا مايا ، يالا اجهزي علشان أوصلك الجامعة .
هكذا قالها بترقب فطار حماسها وتبخر انتعاشها وهي تقول بنبرة منهزمة حزينة :
– لا طبعاً يا عمر مش هروح ، أروح إزاي بعد اللي حصل ده ؟
تنفس قليلاً ثم قال بحنوٍ وصوتٍ رخيم :
– طب يالا بس يا مايا اجهزي ومتقلقيش أنا معاكِ ، وحقك رجع وهتشوفي ، يالا مستنيكِ علشان نعدي الأول على عم حمام بتاع عربية الفول نفطر عنده .
أومأت كأنه يراها ثم تحدثت بطاعة برغم القلق الذي يراودها :
– تمام يا عمر .
أغلق معها يتنهد عشقاً حيث توغلت إلى قلبه نبرتها الناعسة التي جعلته يتضخم حباً لها ثم تحرك نحو السيارة ينتظرها .
❈-❈-❈
بعد وقتٍ قليلٍ
يتابع عمله بترقب منتظراً اتصالاً هاماً سيخبره عن مكان ماركو أو أقرب نقطة للوصول إليه .
حتى لو تجرد من ثوب القسوة وتنحى عن أفعال العصابات ولكنه يظل صقر الجارحي ولاسمه وقعٌ يهتز له أعتى الرجال ولهذا فإن سائق ماركو لم يأخذ وقتاً في الاعتراف بمكانه بعدما أخذ وعداً منه بالحماية .
وها هو الاتصال المنتظر من أحد رجاله يخبره بالمكان المنشود .
هب صقر واقفاً يجمع أغراضه ويخطو مسرعاً نحو الخارج ومنه للأسفل وقبل أن يستقل سيارته تفاجأ ببهجت يتوقف أمامه ويترجل متجهاً إليه على الفور متسائلاً بنبرة مترجية وعيناه تتوسل أن يخبره بخبرٍ مطمئنٍ :
– عرفت أي حاجة عنهم ؟
أومأ صقر ليبث فيه الطمأنينة وقال وهو يحثه على التقدم معه :
– أيوة يا أستاذ بهجت وصلت لمكانهم ، يالا تعالى معايا يادوب نلحق نتحرك .
كاد أن يعانق صقر من فرط سعادته وقلبه الذي يصرخ بلوعة لرؤيتها وهو يردف على عجالةٍ متجهاً معه في سيارته :
– طب يالا بسرعة .
استقلا اثنانهما سيارة صقر وانطلق على الفور يقود متجهاً إلى الغردقة .
❈-❈-❈
في الجامعة وقبل بدء المحاضرات
كانت تقف مع صديقاتها وأصدقائها تتباهى بمَ حققته قائلة بتعالي :
– مش قلتلكوا هتترفد ، ماتقدرش أصلاً بعد اللي حصل تخطي باب الجامعة ، علشان تبقى تفكر كويس قبل ما تتحداني .
كان أيمن يطالعها بنظرات شاملة يفكر أي داهية هي فيبدو أنها تتفوق عليه في المكر والانتقام بينما تساءلت إحدى زميلاتها بعدما لاحظت حرجاً عند شفتيها قائلة بتشفٍ خفي :
– بس بردو يا إيمان واضح إنها علمت عليكي أهي .
تحسست إيمان جرح شفتيها والذي لم يكن من قِبَل مايا بل تسبب به شقيقها لذا تملكها الغيظ ونظرت للفتاة شزراً قائلة بتجهم :
– محدش يقدر يعلم على إيمان العدلي واللي يفكر بس يبقى مصيره الرفد زي ما حصل مع الزفتة دي .
لم تكد تنهي جملتها حتى تفاجأت بسيارة عمر تتوقف ويترجل منها عمر متجهاً إلى الباب الآخر يفتحه لتترجل مايا بتوترٍ وارتعاش خاصةً وأن كل العيون تسلطت عليها .
انحنى عمر قليلاً نحو مايا يردف داعماً بهمس :
– ارفعي راسك واهدي أنا جنبك .
نظرت له بعيون لامعة تنتشل منه بعض قطرات القوة والثبات وبالفعل أعطاها لها لذا زفرت بقوة وبدأت تتحرك معه نحو الداخل وسط كل تلك النظرات .
كانت جاحظة تطالعهما بذهول استمر لثوانٍ قبل أن تندفع نحوهما وتقف قاطعة طريقهما وتتحدث كما لو كانت تمتلك الجامعة :
– رايحة على فين ؟ ، ليكي عين تيجي أصلاً ؟ ، يالا خدي الأمّور ده وارجعي مكان ماجيتي إنتِ مبقاش ليكِ مكان هنا .
نظرت مايا لعمر تستنجده فهي لا تعلم بماذا تواجهها وقد شُل لسانها من وقاحة هذه الإيمان بينما توقف عمر يتكتف ويطالعها بعيون ثابتة قائلاً :
– يمكن لسة الخبر موصلكيش بس الحقيقة إنتِ اللي مابقاش ليكي مكان هنا في الجامعة ، إنتِ اترفدتي بشكل نهائي ، ياريت تتفضلي وتبلغي الوالد يدور ليكِ على جامعة تانية تكون بتستقبل ناس معندهاش أخلاق زيك .
تملكها غضب أعمى وهاجت تردف بصياح :
– مين دي اللي اترفدت ؟ ، إنت مجنون ولا شكلك كدة ؟ ، دانا اقفلكوا الجامعة دي .
رفع حاجبيه باستفزاز وقال وهو يشير لها بيده :
– وريني هتعملي إيه ؟
جُنت وهي تلتفت حولها تنظر للعيون التي تطالعها بغضب لذا دست يدها تلتقط هاتفها وتعبث به بيدٍ مرتعشة حتى هاتفت والدها الذي أجابها فقالت ببكاءٍ فيضاني كما لو كان أحدهم تعدى عليها :
– باباااااا الحقني يا بابا ، تعالى لي حالاً عايزين يرفدوني من الجامعة .
صاح سمير هو الآخر حيث كان يجلس خلف مكتبه في الوكالة وانتفض يردف بملامح حادة :
– يعني إيه يرفدوكي ؟ ، ده نهارهم مش فايت ، اقفلي أنا جايلك حالاً .
أغلقت مع والدها تتنفس بسرعة عالية وتطالعهما بحقدٍ واضح وهي تومئ قائلة بتوعد :
– اصبروا عليا بس .
وقف عمر ثابتاً لا يهتز بينما مايا تجاوره لا تعي شيئاً لذا طالعها يردف بحنو مطمئناً :
– متخافيش مش هتقدر تعملك أي حاجة ، تعالي ندخل عند العميد وهتفهمي كل حاجة .
تحركت معه نحو غرفة عميد الكلية حتى اختفيا عن أنظار هؤلاء الذين يقفون متعجبين منهم من يطالع إيمان بشماتة ومنهم من يطالعها بذهول أما أيمن الذي انحنى إليها يردف بخبث ليخرجها من صدمتها :
– يعني إيه يا إيمان اترفدتي ؟ ، أنا مش هقدر أقعد في الجامعة من غيرك .
أجفلت تلتفت تطالعه بجحوظ ثم لفت وجهها عنه تتطلع على الجميع بعقلٍ كاد أن يجن .
❈-❈-❈
كان يقف على المرسى الخشبي المرتكز عنده اليخت يجري عدة اتصالات مع رجاله يخبرهم بتجهيز كل شيء .
أغلق وزفر بقوة ونظر أمامه حيث البحر ، أصبح على بعد خطوةٍ فقط من امتلاكها للأبد ، سيتزوجها ولن يقف مخلوقاً في وجههِ .
لقد خاطر بكل شيءٍ لأجلها وهو على أهبة الاستعداد ليخاطر بحياته وبكل ما يملكه من أجلها ، يعترف أنه أكثر الناس ذهولاً من حالته ، يعترف أنه لم يكن يتوقع يوماً أن يعشق فتاة مثلها ، لقد كان يقابل القليل من المحجبات المسلمات في إيطاليا وكان يستنكرهن ويطالعهن كأنهن منبوذات لتأتي هي وتتربع على عرش قلبه وتخالف كل قوانينه وعاداته وتبدل قناعاته .
استحوذت على كيانه وقلبه وعقله بقوتها وجمالها وشخصيتها الجديدة كلياً عليه .
بات يتعمق أكثر وأكثر فيها ومازال هناك الكثير ليستكشفه بها بعد الزواج لذا فهو أكثر البشر حماساً بهذا الرباط .
رفع يده يتطلع في ساعته ليجد الوقت قد حان لذا التفت يعود إليها ليستعجلها حيث تركها لترتدي ثيابها وتستعد .
وصل إليها ولكنه تفاجأ حيث لم تبدل ثيابها بعد بل ظلت كما هي تجلس على المقعد الجلدي شاردة تماماً حتى أنها لم تنتبه له .
تحرك نحوها يردف ببعض الانزعاج :
– لمَ لم تبدلي ثيابكِ خديجة ؟ ، لقد تأخرنا يجب أن نتحرك الآن .
أجفلت تلتفت له فوجدها تبكي لذا زفر بقوة يقلب عيناه قائلاً بنبرة غاضبة :
– هل تبكين لأننا سنتزوج ؟ ، ألم يتوغلكِ القليل من السعادة ؟ .
زفر بقوة يطالعها لثوانٍ ثم جلس مجاوراً لها ثم انحنى مقترباً منها فانتفضت تبتعد لذا مسح على وجهه يتحكم في غضبه وعاد يطالعها مضيفاً بنبرة لينة :
– دعيني أخبركِ أمراً ، ربما أنتِ إلى الآن تجهلين قوة حبي لكِ ولكنني أقسم أنكِ لن تجدي حباً أقوى منه ، أنتِ احتللتِ كل ما هو داخلي ، أنتِ لا تعلمين كم أتتوق لقربكِ وأتحكم في نفسي بصعوبةٍ بالغة كي أحصل على رضاكِ ومحبتكِ لذا لا تبكِ ، لا تبكِ لأنني يمكنني حرق العالم كله حينما أراكِ حزينة .
كفكفت دموعها وعادت تطالعه بعمق ليتوغل صدق حديثه إليها لذا أسرعت تلقي بطلبها عليه قائلة بثبات :
– تمام لو فعلاً مش عايز تشوفني حزينة بلاش نتجوز بالطريقة دي ، كدة جوازنا هيبقى باطل لأنه هيتم غصب عني وعن أهلى ، لو سمحت يا خالد خلينا نرجع وأوعدك المرة دي حاجات كتير هتتغير وهنتجوز بشكل رسمي بس أنا محتاجة عيلتي معايا .
تلبسته شياطين الغضب مجدداً وهب واقفاً يبتعد قليلاً ويواليها ظهره رافعاً يده إلى فكه يعتصره بقبضته ، على ما يبدو أنه أخطأ حينما شرح مشاعره لها لذا ارتدى سريعاً قناع الخبث وتبدلت نظرته الغاضبة بأخرى ماكرة والتفت يطالعها ويتقدم منها بخطواتٍ مدروسة فباتت تنكمش في المقعد وتباطأت أنفاسها حينما وجدته يقترب ويقيد حركتها بعدما استند بكفيه على ذراعي المقعد وقرب وجهه منها حتى باتت أنفاسه تلفحها ثم تحدث بوعيدٍ كاذب وهو يرى انعكاس ملامحه في عينيها :
– اسمعيني خديجة ، أنا لا يهمني الزواج من الأساس فلا تختبري صبري ، باطلاً أو غير باطل سنتزوج بعد قليل أنا وأنتِ وإلا فلن نغادر هذا المكان أبداً وسأتعامل معكِ كأنكِ زوجتي وأنا أعلم جيداً كيف أجعلكِ تحبيني .
تبحث عن أنفاسها كمن يبحث عن الماء في الصحراء بعدما فرت الدماء هاربة من وجهها حتى بات يحاكي وجوه الموتى .
أما هو فكاد أن ينصاع خلف مشاعره التي تجبره على تقبيلها خاصةً وأن شفتيها ترتعش أمامه كأنها تغريه ولكنه ابتعد عنها كأن ملائكتها صعقته لذا عادت تسترد أنفاسها بقوة وطالعته بغضب تجلى في ملامحها فزاد من اشتهائه لها وابتسم يردف وهو يجلس على المقعد :
– هيا خديجة أم تريدين أن أغير قراري .
حاولت النهوض بصعوبة حيث تشعر أن قدماها لا تحملاها وتوقفت تتكتف وتطالعه بقوة برغم ارتعاشتها التي يلاحظها ثم قالت بنبرة حانقة قوية :
– هكلم بابا الأول .
تفحصها قليلاً قبل أن يدس يده في جيبه ويخرج هاتفه ويعيد تشغيله قائلاً وهو يعبث به :
– حسناً خديجة سأنفذ لكِ طلبكِ ولكن لدقيقة واحدة فقط ، أعدكِ أننا سنزوره بعد زواجنا .
هل يتعمد إثارة حنقها هذا المجنون أم ماذا ؟ ، إنها في أشد حالاتها غضباً وعجزاً وتشتتاً وهو يزيدها عليها .
طلب رقم والدها الذي يجاور صقر فنظر لهاتفه ليجده هو فالتفت سريعاً يطالع صقر قائلاً :
– ده هو بيتصل .
أوقفه صقر سريعاً قبل أن يجيب قائلاً بنبرة محذرة :
– تمام رد عليه بس أوعى تعرفه إننا عرفنا مكانهم ، حتى لو دي خديجة أوعى تبين لها .
أومأ بطاعة وأسرع يجيب بلهفة قائلاً :
– ألو .
استمع خالد إلى صوته فقام بمد الهاتف لها وتحرك عدة خطوات يواليها ظهره ويتوقف عند الجدار الزجاجي عينه منكبة على الحديقة بينما أذنه تعمل كأجهزة تصنت دقيقة معها .
تحركت هي تبتعد عدة خطوات وتحدثت بنبرة حزينة منكسرة :
– بابا ؟ ، خالد هيتجوزني دلوقتي ، أنا مش عارفة أعمل ايه ، حاسة إن عقلي واقف .
قبض بهجت على كفه فأومأ له صقر أن يهدأ بينما هي تابعت بقلبٍ منفطر متألم :
– بابا لو سمحت قول حاجة ، قولي أي حاجة أنا مش عارفة أتصرف .
تحدث بهجت وشعور القهر ينتابه قائلاً :
– هو فين ؟ ، خليني أكلمه ، فيه بني آدم يقبل يتجوز واحدة مابتحبوش وكمان غصب عنها ؟ ، هو مفكر إنه هيفلت من عملته دي ؟
لم تستطع منع دموعها من الهطول وهي تقول بهمسٍ وعذاب واعتراف صريح لها ولوالدها لم تستطع قوله أمامه :
– بس أنا بحبه يا بابا .
نغزة اقتحمت قلبه من اعتراف ابنته الذي دوماً تعمد تجاهله وشعر بخيبة أمل تصيبه في مقتل بينما هذا الواقف يواليها ظهره استمع إلى همسها فسحب اعترافها إلى صدره كمن ردت إليه الروح وتجلت على ملامحه ابتسامة نصرٍ زادته وسامة وثقة .
أما هي فأسرعت تكمل وتهز رأسها بالسلب فتتناثر دموعها :
– بس مش عايزة اتجوزه بالطريقة دي أبداً يا بابا ، أنا محتجالك معايا ، بابا أنا خايفة بجد .
انهارت قلاع نصره التي شيدها للتو من اعترافها ليأتي اعترافاً آخر لها يبدد فرحته ، أتخبر والدها بخوفها منه ؟ ، ألا تعلم أن لا أمان لها سوى معه ؟
ظهرت دموع بهجت وتمسك بعقله بين أصابعه فوجد يد صقر تربت على ساقه ويومئ له بصمت ليطمئنه فزفر بقوة وعاد يرفع وجهه وتحدث بنبرة تحمل غموضاً :
– اقفلي يا خديجة .
أغلق الهاتف سريعاً فذهلت وأبعدته عن أذنها تطالعه بصدمة لم تستوعب ما قاله بينما أجفلت حينما وجدته خلفها يردف بنبرة تحمل حناناً مغلفاً بالبرود :
– هيا خديجة تأخرنا .
التفتت تطالعه بعيون تطلق سهاماً محملة بالغضب يستقبلها قلبه كورودٍ منعشة لذا غمزها بعينه وتحدث وهو يضع يديه في جيبيه بتفاخر ومزاح :
– هيا أريني ابتسامتكِ ، يكفيكِ أنكِ ستتزوجين بأشد الرجال وسامةً في إيطاليا جميعها .
ادعى الشرود قليلاً وتابع مدققاً :
– وفي مِصر أيضاً .
لم تكن في حالة تسمح لها بالتغافل عن حزنها والاندماج معه بل أنها اعتبرت مزاحه هذا شيئاً ثقيلاً على عقلها الذي لم يستوعب إلى الآن فعلة والدها ، أيعقل أنه استسلم ؟
❈-❈-❈
استيقظ منذ وقتٍ ولم يحرك ساكناً يردد كلمات شقيقته على عقله منذ أمس ، تيقن أنها تعيش حياة تعيسة وكلما تأكدت شكوكه زاد إحساسه بالعجز والقهر .
ينظر لسقف غرفته بشرودٍ حيث مرت من أمامه هذه السنة الكبيسة بكل ما فيها كأنها فيلماً سنيمائياً يتابعه
فلاش باك ..
قبل عام
كانت تبكي منكمشة في غرفتها بعدما ابرحوها ضرباً قاسياً سواءاً من والدتها أو شقيقها الذي أتى فأخبرته والدته أنها التقت ب يوسف خفيةً .
لم يرأفوا بها وكأنها ليست ابنتهم وما هي إلا شيئاً يحق لهم بيعه وشراءه وتوزيعه كما يريدون .
طرأ على عقلها فكرة دوماً كانت تتردد في التعمق فيها ولكن لم يعد أمامها سبيلاً سواها ، باتت هي قارب النجاة الوحيد لها لذا تحركت تجر جسدها جراً متألمة وزاحفة أرضاً حتى وصلت إلى خزانتها وفتحتها لتعبث أسفل ثيابها وتمد يدها تلتقط هاتفاً اشترته وخبأته لمثل هذه المواقف الحزينة خاصة بعدما تم سحب الهاتف منها .
عادت ترتكز بالقرب من سريرها وقامت بتشغيل الهاتف لتسرع في الاتصال على يوسف الذي أجاب متلهفاً :
– أميرة ؟ ، حصل حاجة ؟
يعلم أنها لا تهاتفه من هذا الرقم إلا في الظروف الطارئة لذا كان يتساءل بقلق فأجابته ببكاء لم تستطع إيقافه :
– خلينا نهرب يا يوسف ، مافيش حل تاني غير كدة ، نهرب ونتجوز واللي يحصل يحصل أنا مابقتش مستحملة .
صدمة ألجمته لثوانٍ قبل أن يردد مستنكراً :
– نهرب إيه بس يا أميرة ؟ ، إنتِ عارفة ده معناه إيه ؟ ، إزاي أحط أهلي في موقف زي ده ؟.
كلماته كانت كالمطرقة الصلبة التي نزلت بقوة على قلبها فسحقته أكثر مما هو عليه لتقول بقهر وغضب من بين آلامها :
– أهلك ؟ ، أهل إيه ؟ ، وهما فين من حياتنا يا يوسف ؟ ليه مش عايزين يحسوا بينا ؟ ، إحنا مالنا ومال المشاكل اللي بينهم ، أنا ذنبي إيه ادفع تمن غيرة أمي من مرات عمي ، ذنبي إيه اتعذب بسبب أمور كلها حقد وضغينة ؟ ، هو ده مش حرام ؟ اللي بيحصل لي دي مش ظلم وافترى ؟
مسح على وجهه متألماً ، يعلم تماماً أنها محقة في كل ما تقوله ولكن الذنب الأول والأخير على والدتها وليس والدته ، كيف يوافقها الرأي والخطة وهو يعلم العواقب جيداً وما ستترتب عليه ؟
عاد يتحدث بقلبٍ متألم يحاول تهدأتها :
– ملكيش أي ذنب ، للأسف إنتِ الحسنة الوحيدة والحاجة الحلوة في البيت ده كله ، بس إننا نهرب ونتجوز مش حل يا أميرة ، بالنسبالي ده ضعف .
صمت دام لثوانٍ من كلاهما قطعه هو يضيف بنبرة لينة :
– بصي أنا هتكلم مع بابا النهاردة ولازم نلاقي حل ، أوعدك هلاقي حل .
عادت تتحشرج بقوة وتنتحب وهي تشتكي له آلامها قائلة :
– مابقتش متحملة يا يوسف ، تعبت منهم ، ياسين أخويا جه ولما عرف إني قابلتك ضربني هو كمان .
كور قبضة يده وبغير عمد نطق مسبة لاذعة لذا أغمض عيناه يتحكم في انفعالاته ثم كاد أن يتحدث ولكنه استمع إلى صرخاتها حيث انفتح باب غرفتها وهجم عليها شقيقها بعدما سمعها تهمس بكلماتٍ وتتحدث مع أحدهم .
كانت تصرخ مستنجدة فلم يتمالك نفسه حيث انطلق كالصاروخ متجهاً إلى فيلا عمه القريبة منهم وتحرك بخطواتٍ عبثية مسرعة حتى وصل إلى الفيلا فاقتحمها على الفور وطرق بابها الداخلي بعنف صارخاً بقلبٍ كاد يقفز من صدره :
– افتح يا ياسين ، ابعد عنها لاقتلك .
فتحت له انتصار الباب تطالعه بغضب مشتعل قائلة بصراخ :
– إنت إيه اللي جابك عند بيتي ؟ ، يالا امشي من هنا .
طالعها بغضبٍ مماثلٍ بل أشد واقتحم الفيلا دافعاً إياها بقوة فصدمت جاحظة وأسرعت إليه تقبض على قميصه من الخلف وتوقفه بالقوة صارخة بنبرة كرهٍ واضحة :
– إنت فاكرها سايبة يا همجي يا مختل ، قلتلك اطلع برا بيتي .
كانت تتحرك معه عنوة نحو الدرج وكل ما يستحوذ عليه هو اللحاق بياسين وتلقينه درساً لا ينساه بينما هي تعيق حركته بقبضتها القوية التي يغذيها الكره والغل حتى صرخت تنادي على ابنها من الأعلى مستنجدة به فظهر من أعلى الدرج يطالع يوسف بعيون حمراء وملامح قاتمة دلت على غضبٍ عاصف وهو يقول بنبرة جافة :
– إنت جاي هنا ليه ؟ ، جاي لقضاك ؟
تركت انتصار قبضة يوسف بعدما ظهر بطلها المغوار لتترك لهما العراك فوقف يوسف يطالعه بثباتٍ وغضب قائلاً :
– بتتضرب أختك يا واطي ، بتكسرها يا كلب .
– اضربها اموتها ادفنها بالحيا ملكش فيه ، اختي وانا حر فيها .
هكذا كان رده عنيفاً قاسياً مثله وهو ينزل الدرج ببرود ينافي غضبه بينما أكملت انتصار تقول بقسوة :
– يالا امشي من هنا بدل ما اطلبلك البوليس ييجي يلمك وأوديك ورا الشمس .
ما إن وصل ياسين إليه وجالت أنظاره بينه وبين انتصار فتجمع غضب السنوات والأفعال والكلمات والقهر فيه لذا بدون أي مقدمات قبض على تلابيبه يردف بغل مكبوت :
– تدفنها بالحيا ؟ ، ليه شيطان ؟ ، مش مكسوف من نفسك وإنت عايز تجوز اختك لواحد مابتحبوش يا عديم الرجولة .
تعالت صرخات انتصار وصدحت في المكان مستنجدة وهي تراه يحاول خنق ياسين الذي يجابهه بعنف مماثل واشتد العراك حتى ظهرت أميرة من أعلى الدرج تطالعهما بصدمة وقهرٍ حتى جاء سمير وحسن يهرولان إليهم ويحاولان فض اشتباك الشابان وقد نجحا بصعوبة في إبعاد يوسف عن ياسين حيث تمسك حسن بابنه يعنفه بحدة قائلاً :
– انت اتجننت ، ايه اللي جابك هنا ، امشي قدامي .
بينما تمسك سمير بابن اخيه الذي نفضه واندفع إلى المطبخ يحضر منه سكيناً في لحظةٍ تملك منه شيطانه يحثه على الانتقام وخرج قاصداً يوسف يردف بعيون شيطانية :
– وديني لاقتلك .
لا تعلم أي قوة أتتها بعدما كان جسدها شبه منهاراً حيث باتت تركض وتلتهم خطوات الدرج صارخة حتى وصلت إلى شقيقها تتمسك بيده وتجابهه قائلة بترجي وصراخ وبكاء :
– لاء يا ياسين علشان خاطري أوعى ، خلاص أنا موافقة هتجوز عاطف ، خلاص ارمي السكينة علشان خاطري .
كان ينتفض بين يدي والده الذي يحسه على التحرك للخارج بينما هو لا يتزحزح حيث صرخ بها قائلاً :
– اسكتي يا أميرة وابعدي إنتِ ، يوريني هيعمل إيه الجبان الكلب ده .
التفتت تطالعه بعيون جاحظة وبنبرة قوية صرخت قائلة :
– اسكت إنت .
خارت قواها وظهر ضعفها مجدداً وهي تقول بنبرة منكسرة يائسة :
– اسكت يا يوسف وامشي من هنا ، أنا موافقة اتجوز عاطف .
أسرعت انتصار تستغل موافقة ابنتها وتردف موجهة حديثها إلى حسن تقول بنبرة جعلتها هادئة :
– خد ابنك وامشوا يا حسن وعرفه إن اللي عمله ده غلط كبير أوي ولولا خاطرك أنا كنت بلغت عنه .
طالعها حسن بنظرات حادة ثم عاد لابنه يردف وهو يدفعه نحو الخارج :
– يالا قدامي .
تجمد يوسف مكانه وهو ينتفض كالمذبوح قائلاً بجنون اغتاله من موافقتها على ذاك العاطف :
– مش متحرك من هنا ، أميرة مينفعش تتجوز البني آدم ده .
احتدت ملامح ياسين مجدداً ومازال يقبض على السكين بينما نظر حسن لابنه نظرة قوية لن ينساها ما دام حياً قائلاً بوعيد صارم :
– لو ماتحركتش قدامي حالاً يا يوسف هكون غضبان عليك طول حياتي ومافيش قوة هترجعني في قراري .
كوقوفه على حافة الهاوية وأمامه نيرانٍ مستعرة ولا سبيلاً آخر سواهما ، كلاهما موت وهو على قيد الحياة .
رفع رأسه يطالع عيون الجميع حتى استقر بنظره عندها ، ظل يطالعها لثوانٍ مرت على قلبه كدهرٍ كامل أخبرته فيه أن يختار والده فلا راحة لهما سوياً وها هو يطيعها ويخفض رأسه منكسراً وتساقطت دموعه قهراً وهو يتحرك نحو الخارج مع والده من حيث أتى ليتفاجأ في اليوم التالي أنه تم كتب كتابها على ذاك العاطف .
انتهى الفلاش باك .
تجمعت الدموع في عينيه بعدما بحثت عن مزلق ولم تجد فهو مكانه ثابتاً وأخيراً همس لنفسه بنبرة متألمة يغلفها القمع :
– ماتستهلهاش ، إنت أضعف من إنها تحبك .
وأخيراً حرك يده ينفض قطراته ثم نهض يجلس وينظر للأمام وهو يومئ مراراً قائلاً بتعهد :
– هخلصك منه يا أميرة ، ده وعد بيني وبين نفسي ، هخلصك منه .
❈-❈-❈
كانت تبحث عن رقم هاتف نارة أو أي سبيل للوصول إليها فلم تجد إلا عبر رسائل الانستغرام الخاصة بها لذا أسرعت تدون رسالة محتواها
( أزيك يا نارة ، أنا أميرة العدلي ، بنت عمك )
أرسلتها وانتظرت الرد بلهفة خاصة بعدما علمت أن نارة لها تجربة مسبقة في الكتابة والأدب ربما تعشمت في مساعدتها .
كانت نارة في تلك الأثناء تتحدث مع صقر عبر اتصال هاتفي تسأله عن المستجدات متسائلة :
– إيه يا حبيبي وصلتوا ؟ .
تحدث صقر بنبرة هادئة رخيمة وعينه على الطريق :
– لسة شوية يا نارة ، خديجة كلمت أستاذ بهجت ، بلغته إن خالد هيكتب كتابه عليها دلوقتي .
شهقت وتمسكت بفكها ثم قالت بترجي :
– يارب تلحقوهم يا صقر ، أنا قلقانة على خديجة جداً .
زفر قليلاً ثم أومأ مؤكداً :
– ماتقلقيش هنلحقهم .
اطمأنت بثقة قائلة :
– تمام يا حبيبي ، وابقى طمني ، لا إله إلاّ الله .
– محمد رسول الله .
هكذا كان رده قبل أن يغلق فتنهدت وكادت تترك هاتفها لولا اشعار لفت انتباهها من رسالة نصية فضغطت عليه ليظهر محتواها فـ لم تتردد لحظة في محادثتها حيث أرسلت بودٍ ملحوظ
( أزيك يا أميرة ، عاملة إيه ؟ )
ولأول مرة تجد نفسها متلهفة لمراسلتها لذا لم تنتظر ردها بل أرسلت لها رقم هاتفها ودونت
( كلميني فون أفضل )
ما هي إلا ثوان قليلة وبالفعل أعلن هاتفها عن اتصال من رقمٍ غير مسجل فأجابت مطمئنة تقول بنبرة لطيفة حنونة :
– ميرو ؟ ، عاملة ايه ؟ ، إنتِ عرفتي إزاي ؟
نبرتها الودودة كانت كفيلة لتبث الراحة في قلب أميرة التي قالت بود مماثل :
– جوزي بلغني يا نارة ، وبصراحة أنا مستغربة جداً بس بردو مبسوطة جداً بحاجة زي دي ، يعني الراحة اللي حسينا بيها لما اتقابلنا كانت لإننا قرايب .
ابتسمت نارة بسعادة واعتدلت في جلستها حيث دثرت نفسها أكثر في قلب الأريكة بعدما شعرت بالدفء من حديث ابنة عمها وتحدثت بنبرة اعتيادية كأنها تعرفها منذ أمد :
– وأنا كمان مبسوطة جداً وحبيتك جداً وفعلاً من أول ما شوفتك ارتحت جداً للتعامل معاكي .
زفرت تهديء لهفتها ثم أضافت :
– طمنيني بقى عنك وعن أحوالك وهل بتشتغلي أو لاء ، احكيلي كل حاجة .
تفاجأت أميرة من لهفة نارة في معرفتها ولكن لا تعلم لمَ لم ترغب في الإفصاح عن كل ما يتعلق بها برغم أنها تبادلها الحب ، على ما يبدو أن ثقتها في الأشخاص اهتزت لذا فيجب أن تتمهل قليلاً لذا تحدثت بنبرة لينة هادئة :
– أنا كويسة جداً ، مش بشتغل حالياً بس بفكر ، وإنتِ كلميني عنك ، أنا حبيت اتعرف عليكِ أكتر بعيد عن العيلة .
استشفت نارة حزناً مخبأً في نبرتها لذا زفرت ولم ترغب في الضغط عليها بل بدأت تتحدث عن حياتها وتفاصيل عامة عنها وعن شقيقتها مايا وآسيا لتندمج أميرة في الحديث معها الذي أفادها كثيراً في تحسين حالتها المزاجية .
❈-❈-❈
انتهت من تجهيز نفسها وها هي تتحرك بعقلٍ أصابه التعب وتوقف من كثرة أفكاره .
تخطو حتى وصلت إلى الدرج فوقفت تطالعه وهو يقف متكتفاً يطالعها بسعادة تتراقص في عينيه لم تخفَ عنها .
تراها جيداً بوضوع ولكنها في حالة مخالفة تماماً لحالته ، كيف تسعد وهي تنقاد مجبرة على فعل شيء لا تريده أن يتم بهذا الشكل أبداً .
وقفت تطالعه بشرود فتحدث وهو يحرك يده ويشير لها :
– هيا خديجة كفاكِ تحديقاً بي .
توترت نظرتها وبدأت تنزل الدرج بخطوات بطيئة ثم خطت نحوه ورفعت أنظارها إليه قائلة بأنفاسٍ بطيئة :
– طيب ممكن آخر طلب ؟
ضيق عيناه بقلق فهو على يقين أن طلبها هذا لن يروق له فأضافت بنبرة مهتزة :
– لو سمحت ؟ .
زفر يسدل أكتافه ويلتفت للجهة الأخرى لثوانٍ ثم عاد إليها وتساءل بترقب :
– حسناً خديجة ، ماهو هذا الطلب .
سحبت أكبر قدر من الأوكسجين تعزز به رئتيها وتحدثت بنبرة جعلتها ثابتة :
– بعد ما نكتب الكتاب نرجع لعيلتي علطول .
ابتسم ساخراً ثم مال برأسه قليلاً نحوها وتحدث بجرأة وثبات :
– هل تظينيني طفلاً صغيراً خديجة ؟ ، لن نعود إلى عائلتكِ حتى تصبحي زوجتي قولاً وفعلاً ، حسناً .
– بكرهك .
قالتها بعيون متسعة رداً على كلامه فغمزها وقابلها ببرود وثقة متناهية قائلاً :
– لن تستطيعي كرهي بل لن تتوقفي عن محبتي وعشقي لحظةً واحدةً ، بتُ أعلمكِ جيداً خديجة .
– ولهذا أنت تستغل مشاعري لتنفذ مخططاتك بشكلٍ سيء ، أنت حقاً شخصاً سيئاً .
قالتها بلغته وبعجزٍ وصلت إليه أمام تصميمه فهز رأسه وعاد يفرد كتفيه واضعاً يداه في جيبيه ثم تحدث بصدق :
– نعم هذا ما أفعله بعدما حاولت الوصول لكِ بكل الطرق الممكنة والغير ممكنة ولكن والدكِ هو من وضع أمامي الاختيار الأخير لي ، لا تلوميني خديجة لأنني عاشقٌ بل لومي والدكِ لأنه يدعي أنه عقلاني ذو فضيلة ثم يرفض زواجنا دون سببٍ مقنعٍ وينعتني أنا بالمختل .
رفعت سبابتها تردف على الفور بنبرة تحذيرية لا تقبل أي إهانة لوالدها :
– متقولش أي كلمة وحشة على بابا ، لما تبقى أب هتفهم موقفه كويس .
رفع حاجبيه يومئ باستمرار وهو يشير بيديه نحو اليخت قائلاً بتأكيد على حديثها :
– هذا ما أسعى له الآن ، أريد أن أصبح أباً في أقرب وقت ، والآن ستسيري معي أم أحملكِ عنوة ؟ ، حقاً أتمنى أن ترفضي السير .
ابتلعت لعابها وخالفت ظنه وهي تتحرك نحو اليخت أمامه فابتسم عليها وخطى يتطلع عليها ويزفر أنفاساً معبأة بالعشق .
وصلت إلى نهاية المرسى وتوقفت حائرة حيث المسافة بين المرسى واليخت لا تسمح لها بتجاوزها فابتسم بمكر لنجاح خطته وقفز هو بمهارة داخل اليخت ثم مد لها يده يردف بنبرة خبيثة عاشقة :
– اعطيني يدكِ .
باغتته بنظرة تحذيرية ولتتحداه ارتفع الأدرينالين في جسدها الذي قرر القفز مثله ولكنها لم تفلح حيث تعثرت قدمها اليمنى فاتسعت عيناها حينما اقترب جسدها رغماً عنها ساقطةٌ فوقهُ على أرضية اليخت .
صرخ متألماً من ظهره الذي ارتدت وهي فوقه جاحظة لا تستوعب للحظات أنها تتمدد فوق جسده وعيناها تتعمق في عينيه .
انتفضت تهرول ناهضة وتقول وصبغة الحمرة عرفت طريقها إلى وجنتيها :
– أنا أسفة ، إنت السبب ، منك لله .
حاول النهوض بملامح وجهٍ منكمشة وهو يتمسك بضلعه قائلاً بنبرة متألمة ومرحة في آنٍ واحد :
– تكسرين ظهري وتدعين علي يوم زواجنا ؟ ، كم أنتِ سيئة مثل والدكِ ، ولكن هذا لن يمنعني عنكِ الليلة .
تكتفت مجدداً تطالعه بغيظ ثم تحركت تبتعد عنه واتجهت تجلس على مقعد من المقاعد البيضاء المرتصة يميناً ويساراً فتحرك إليها قائلاً :
– تعالي معي للأعلى لا تجلسي هنا بمفردكِ ، هيا .
كانت تود الرفض ولكنها وجدت نفسها تطيعه وتقف تتجه معه للطابق الثاني وتجلس أمامه بعدما اتجه هو مكان القيادة ليبدأ رحلته .
❈-❈-❈
وصل الجامعة بسيارته وترجل يخطو داخلها نافشاً أكتافه بتكبرٍ وملامحه متجهمة غاضبة متوعدة .
ما إن لمحته ابنته حتى ابتعدت عن أيمن على الفور وأسرعت تهرول نحوه وتجهش في البكاء قائلة باستفاضة :
– شوفت يا بابا اللي حصلي ، إنت لازم ترجعلي حقي .
لف ذراعه حول كتفها وتحدثت بنبرة حادة متعجرفة :
– هيحصل ، وقدام الجامعة كلها ، هما مفكرين إن كل الطير اللي يتاكل لحمه !
نظر إلى أيمن فانسحب قلب الآخر حينما طالعه ولكنه تحدث بجمود :
– روح قول للعميد ييجي يكلمني هنا .
تجمد للحظات بعدم استيعاب ثم أومأ عدة مرات والتفت يخطو نحو غرفة العميد ليناديه .
بعد دقيقتين خرج العميد وكلاً من عمر ومايا كما تم استدعاء حرس الجامعة وتجمع جمهوراً ضخماً من الطلبة والمعيدين .
توقف العميد يطالعه بضيق من هذه الفوضى التي يقصدها قائلاً باستفهام :
– خير يا حاج سمير طلبت تشوفني .
سلطت عين سمير على مايا التي تقف تجاور عمر منكمشة على نفسها يطالعها بنظرة شرارية كادت تخفيها ثم عاد بنظره إلى العميد متسائلاً بهمجية :
– البت دي إزاي تدخل الجامعة وإزاي إنت تقبل بحاجة زي دي بعد ما سبّت بنتي ؟
تحدث العميد برتابة وثبات وثقة بعدما طمأنه صقر وقدم له ضمانات قائلاً :
– اللي حصل واللي معظم الطلاب أكدوا عليه إن بنتك كانت بتخطط هي وزميلها علشان يوقعوا زميلتهم بأي طريقة وهي اللي جمعت زمايلها حواليها وقعدت تجيب في سيرة زميلتها وفي الآخر لما مايا اخدت رد فعل هجمت عليها وضربتها ، والكل شاهد بكدة .
جن جنونه ولم يصدق هذه المسرحية من وجهة نظره لذا قال باندفاع :
– هو ده الفيلم اللي طبختوه مع بعض علشان ترفدوا بنتي ؟ ، دفعولك كام يا مربي يا فاضل .
احتدت نبرة العميد وبرزت عروقه من شدة الغضب وقال موبخاً :
– اخرس ، طلعوه برا حرم الجامعة هو وبنته ، من هنا ورايح ملهاش مكان وسطنا بمَ إننا جامعة بيندفع لها زي ما بيقول .
تحرك حرس الجامعة نحو سمير الذي هاج يحاول إبعادهم عنه ولكنهم تلقوا الأمر وأصبحوا يجروه خارج سياج الجامعة وتتبعه ابنته ببكاء وخزي ستوصم به دوماً تحت أنظار الجميع وأولهم أيمن .
نظرت مايا إلى عمر بدهشة وسعادة تراقصت في عينيها فابتسم لها فتساءلت :
– عملت كدة إزاي .
زفر بقوة واختفت ابتسامته قائلاً بنبرة هادئة :
– الحقيقة مش أنا ده صقر اللي اتصرف .
تعلقت بذراعيها في ذراعه تضع رأسها عليه قائلة بهيام وسعادة غير مبالية بالجموع :
– بس إنت اللي واجهتهم ، أنا بحبك أوي يا عمر .
تحمحم بحرج وقال بمشاعر مختلطة من الحب والانزعاج :
– يابنتي ميصحش كدة احنا في الجامعة .
ابتعدت عنه تبتسم بملامح بريئة وماكرة في آنٍ واحد ثم قالت بفخر :
– إيه يعني كلها أيام ونكتب كتابنا وتبقى جوزي .
– لما ابقى جوزك .
هكذا قالها بنبرة لينة رخيمة ثم ابتعد قليلاً عنها يتحرك نحو العميد الذي وقف يتحدث مع أحد المعيدين وتحمحم قائلاً :
– متشكر يا دكتور ، حضرتك كنت متعاون معانا وكان لازم أشكرك .
طالعه العميد بود قائلاً بتريث :
– أنا واقف مع الحق ، وكنت عارف إن مايا مش هي اللي افتعلت المشكلة وأهو زمايلها اعترفوا وكل حاجة بانت وقرار الرفد اخدناه كلنا كمجلس إدارة الجامعة بعد ما محمد بيه ضمن لنا إن الراجل ده ميحاولش يعملنا مشاكل هنا في الجامعة .
أومأ عمر والتفت يطالع مايا التي أتى إليها بنتان تحبانها وتظهر فرحتهما لعودتها وتقفان تعبران عن سعادتهما ، عاد يلتفت للعميد قائلاً بتروٍ :
– مرة تانية متشكر ، عن إذنك .
تحرك وتركه وانفض الجمع بينما اتجه هو إلى مايا يردف بلين :
– يالا ادخلي محاضراتك وخلصي وكلميني وأوعي تطلعي برا الجامعة لوحدك .
تنبهت لنبرة التحذير في حديثه فقالت بتوتر :
– ليه يا عمر ؟ ، إنت قلقان من حاجة .
أخفى عنها قلقه من ذلك السمير وابنته وقال بابتسامة هادئة :
– ولا أي حاجة ، بس بغير عليكِ ، يالا ادخلي .
أومأت والتفتت تتحرك نحو الداخل ولم تقتنع بإجابته .
أما هو فزفر والتفتت يتطلع حوله فوجد البعض قد غادر والبعض يتحدثون بهمس عما حدث .
باغت أيمن بنظرة قوية فعاد الخوف يتسرب إليه فيبدو أنهم وضعوه في رأسهم لذا فليجد خطة بديلة لينجو بنفسه أو ليحول هو الآخر من تلك الجامعة ويذهب خلف الوحيدة التي تصدق أحادثه الملتوية .
التفت عمر وتوجه نحو السيارة يستقلها ويقود عائداً إلى وجهته .
❈-❈-❈
يقود سمير وتجاوره ابنته والغضب يكاد يفجر السيارة من كلاهما .
يتحدث بوعيدٍ عاصف :
– وديني لاعرفهم هما الاتنين ، الواد والبت دول لازم يتربوا ، أنا غلطان إن استهونت بيهم .
أيدته قائلة بحالة هستيرية صاخبة :
– أيوة يا بابا لازم يتربوا ويترموا تحت رجليا بعد اللي عملوه فيا قدام الجامعة كلها .
لكزها بقوة في كتفها يردف بقمع وتوبيخ :
– واللي اتعمل فيا مش على بالك يا بنت ال … ، وبعدين مين الواد اللي الزفت العميد قال عنه ده .
توترت نظرتها لثوانٍ قبل أن تردف بخبث تتقنه من بين دموعها :
– أنت صدقتهم يا بابا ، دي خطة علشان يبرروا رفدهم ليا .
زفر وتطلع أمامه ويقود متوعداً عمر بأشد انتقام .
❈-❈-❈
بعد حوالي ساعة
وبعد أن ابتعد ماركو تماماً عن الجبل المنحوت به ذاك المنزل .
رسى اليخت أمام مرسى إحدى شواطئ مدينة الغردقة .
التفت يطالعها ليجدها شاردة تفكر فاتجه يجلس قربها فابتعدت عنه فاقترب أكثر فابتعدت فابتسم بتسلية وقال :
– ساعةً واحدةً فقط وسأريكِ كيف تبتعدين عني .
تعالت وتيرة أنفاسها وبللت شفتيها التي جفت لتتحدث بحدة وغضب تملك منها :
– هتندم ع اللي بتعمله ده .
– وليكن .
تعجبت من بروده وأبعدت نظرها عنه تلتفت تطالع المكان من حولها وتفكر ترى هل يمكنها الهرب؟ ، مالت قليلاً تنظر للمسافة بين اليخت والمرسى لتجدها بعيدة ولكن ستحاول ، ليبتعد فقط وستحاول أن تهرب في أقرب فرصة .
انهارت آمالها وهي تستمع إلى نبرته وهو يقول ويطقطق أصابعه بتسلية :
– تفكرين في الهروب ؟ ، تحسبين المسافة بين اليخت والمرسى لتقفزي وتهربي مني وتركضي إلى والدكِ الذي سيتجه بكِ على الفور إلى الشرطة وستلقي القبض علي بتهمة الاختطاف وحينها ستكون فرصتي للعودة لسابق عهدي .
فجأة اسودت عسليتاه وتبدلت ملامحه لتصبح مخيفة وهو يقول بصوتٍ خافت يشبه ملامحه :
– وأنتِ لا تعرفين بعد ماذا كان ماركو يفعل عندما لا يحصل على ما يريده .
هزت رأسها بذهول ولم يتملكها الخوف بل تملكها شيئاً من اليأس وهي تردف بنبرة يغلفها التوسل :
– أنت لن تعود ماركو السابق أبداً ، لن تعود أليس كذلك ؟
– الأمر متوقف عليكِ خديجة ، وسواءً كنت ماركو أو خالد فأنا لا يمكنني أذيتكِ ، أنتِ فقط التي لا يمكنني مساسها بسوء .
لم يُرِحْها حديثه بل أنه يحمل تهديداً مبطناً لذا رفعت كفها في وجهه تردف بعيون مغلقة يائسة :
– حسناً ، حسناً ، سنتزوج .
عادت تطالعه وتضيف :
– أين هو ذاك المأذون ؟
دس يده يخرج هاتفه من جيبه ونهض يطالعها ويطلب رقم أحدهم ثم قال :
– أرسل تلك المرأة .
ضيقت عيناها متعجبة ولكنه ابتسم يغمزها قائلاً :
– جلبتُ لكِ خبيرة تجميل ، ستبدين أجمل عروسة .
– لن أضع شيئاً على وجهي .
قالتها بإصرار تجلى في عينيها ونبرتها فزفر بضيق لثوانٍ ثم عاد يطالعها قائلاً :
– كما تريدين ، وأنا أيضاً أرى أنكِ لستِ بحاجة تلك المستحضرات ، تبدين ملكة الحُسن والجمال .
لفت وجهها عنه تخفي نبضة راقصة راودتها عنوةً من كلماته برغم كل أفكارها السلبية بينما هو عاد يطلب نفس الرقم ويخبره بعدم جلب تلك السيدة ولكنه طلب منه شيئاً آخراً بالإيطالية لم تفهمه جيداً .
❈-❈-❈
وصلت مع والدها إلى المنزل واتجهت على الفور نحو غرفتها توصد بابها خلفها وتتناول هاتفها تحاول الاتصال بـ أيمن الذي لم يُجب من المرةِ الأولى فعاودت اتصالها فأجاب بنبرة تحمل لهفة كاذبة :
– إيمي حبيبتي عاملة ايه ؟ ، أنا مش فاهم إيه اللي حصل وإزاي يرفدوكي علشان خاطر البنت دي ؟ ، أنا هكمل هنا إزاي من غيرك ؟
استطاع إخماد غضبها منه ولكن غضبها من تلك المايا قائماً كما هو فقالت بنبرة عدائية :
– إنت لازم تساعدني يا أيمن ، لازم انتقم منها على اللي عملته فيا النهاردة .
توغله القلق وجلس على مقعد في كافتريا الجامعة يتحدث بهدوء :
– اهدي بس يا إيمي البنت دي شكلها واصلة هي وأهلها مش زي ما كنا مفكرين .
تضخم غضبها وكرهها وقالت بغل واضح وتوبيخ :
– يعني إيه الكلام ده ، هتسيب حقي ؟ ، ماشوفتش حبيبها عمل إيه علشانها ؟ ، ولا أنا بحب عيل ؟ .
مسح على وجهه يسبها سراً ثم عاد يتحدث من بين أسنانه بهدوء ظاهري :
– عيب الكلام ده يا ايمان ، إنتِ متعرفيش أنا ممكن اعمل إيه علشانك .
– اثبتلي ، شوف خطة نعملها وننتقم منها هي وحبيبها ده علشان ناري تبرد .
قضم فمه يفكر ثم زفر قائلاً :
– تمام ، خلينا نتقابل ونفكر سوا .
– ماشي هشوف حجة أقولها لهم واخرج أقابلك .
أغلق معها وزفر يفرد ظهره على المقعد ويفكر في خطة بديله يخدعها بها فهو لا يستطيع توفير مصاريفه من دونها .
❈-❈-❈
تجلس منذ أن جاء بها إلى تلك الغرفة تطالع هذا الفستان الأبيض بشرود .
اختار لها فستاناً لا يمكنها مقاومة النظر إليه حتى وإن قاومت فلآلئهُ تجبرها على النظر له عنوةً .
ولكن حاجز الحزن عالياً يمنعها من الوصول إلى الفرحة ، كيف يمكنها الفرح وهي ستتزوج بتلك الطريقة ودون وجود عائلتها .
أجفلت حينما سمعت طرقاته على الباب يقول بنبرة تستطيع سماع سيمفونية السعادة بها :
– يا خديجة لقد وصل ذلك المأذون .
تهاوى قلبها للمرة التي باتت لا تعلم عددها وهمست بارتعاش :
– تمام خارجة .
تحرك عائداً لأعلى اليخت حيث يجلس المأذون الذي يشعر بالضيق والقلق خاصة مع تلك الأجواء وهذان الرجلان المجاوران له .
تحدث المأذون موجهاً حديثه إلى ماركو قائلاً بنبرة متوترة :
– فين العروسة يابني اتأخرت ليه ؟ ، هي مش موافقة ع الجواز ولا إيه ؟
احتدت نظرة ماركو له بينما تحدث بنبرة باردة متجاهلاً حديثه كله :
– جهز أوراقك يا شيخ .
تحمحم المأذون بحرج وبدأ يجهز أوراقه بقلق انتابه وهو يفكر أن عليه فعل شيء ولكن كيف .
بعد عدة دقائق توقف صقر بسيارته بالقرب من المرسى الذي تلتف حوله عدة يخوت .
نظر إلى بهجت المتلهف وقال بتروٍ :
– يالا يا استاذ بهجت .
ترجلا سوياً وتحركا نحو المكان ليبدأ بالبحث عن اليخت المنشود بحذر .
خرجت خديجة من تلك الغرفة دون أن ترتدي ذلك الفستان واتجهت إليه فوجدته يقف بالقرب من الباب ينتظرها فتعجب يقطب جبينه قائلاً :
– لمَ لم ترتدي فستان الزفاف خديجة ؟
هزت رأسها وتحدثت بدموعٍ معلقة وتقريع :
– مش عارفة ألبسه لوحدي ، المفروض ماما كانت تبقى معايا .
لمح طفلة صغيرة حزينة تتلبسها فمر الندم على عقله كغيمة لم تمطر بل أسرعت شمس قسوته تسطع ليقول بنبرة باردة مبطنة بالحنو :
– ما رأيكِ أن أساعدكِ في ارتدائه ؟
– مش هلبس فساتين أنا كدة كويسة .
قالتها وهي على وشك الانهيار فـ هز منكبيه ومط شفتيه باستسلام وأخرج يده من جيبه يشير لها أن تتقدمه حتى وصلا إلى السطح واتجهت تجلس في مكانٍ منفرد ولكنه قريباً من المأذون الذي تأكدت شكوكه بينما تحدث خالد بنبرة جليدية :
– ابدأ يا شيخ يالا .
لم يكد يتحدث حتى وجدوا من يقتحم المكان فتأهب جسد خالد وألجمته الصدمة قليلاً واعتلى الغضب ملامحه ثم أخفاه ببراعة ووقف يفرد ذراعيه في ترحيبٍ كاذبٍ قائلاّ بمغزى :
– أخي ؟ ، هل جئت لتحضر زفافي على من أحبها ؟ .
تعمق صقر في عينيه وقد فهم مغزى كلامه فبات يطالعه كأنه يعتذر منه قبل أن يشير بنظرته للرجلين الشاهدين ليسرعان في القبض على خالد وتقييده تحت أنظاره الجاحظة وهو يتلوى ويحاول الفكاك من قبضتهما مردفاً بتوعد وصراخ :
– ابتعداااا ، ابتعدا وإلا قتلتكم جميعاً .
تحدث صقر ناظراً لتلك المتجمدة تطالعه برعب قائلاً بحدة :
– يالا يا خديجة قومي .
أجفلت على صوته الحاد تطالعه بصدمة ثم عادت بنظرها إلى خالد الذي ينتفض ويحاول الفكاك من قبضتي الرجلين القاسيتين وهو يحذرها بعينه ولسانه قائلاً بنبرة قوية مرعبة :
– إياااااكِ خديجة ، إيااااكِ أن تفعليها أنتِ بي .
وقفت متجمدة مكانها لا تعلم أتتحرك أم لا ولكنها وجدت والدها يظهر من خلف صقر ويطالعها بعيون ملتمعة مشيراً لها بيده فطالعته بحنو ولهفة حررت ساقيها ودبت في جسدها الروح وجعلتها تركض نحوه وترتمي بحضنه وتبكي فبادلها يحميها بين ضلوعه قائلاً بقلبٍ باكٍ وصوتٍ حنون :
– اهدي ، اهدي يا حبيبتي أنا هنا .
التفت له صقر يردف بنبرة قوية ثابتة :
– خدها في عربيتي وارجعوا حالاً يا أستاذ بهجت .
أومأ بهجت وتحرك يغادر بها تحت صياح خالد ومحاولة فكاكه البائسة حيث طرحاه أرضاً كي يتحكمان في تقييده بعدما كاد أن يحرر نفسه منهما برغم قوتهما .
غادر بهجت مع ابنته واتجه صقر نحو خالد وانحنى إليه قائلاً بحدة :
– إهدأ أيها الغبي ، ستتزوجها ولكن بشكلٍ يليق بها .
نظر إليه نظرة حاقدة متوعدة لأول مرة يطالعه بها قائلاً من بين أسنانه بتوعد :
– لن أرحمك صقر ، أقسم لن يمر ما حدث بسلام .
زفر صقر ونهض يقف قائلاً للرجلين بثبات غير عابئٍ بتهديده :
– إوعوا تفلتوه دلوقتي.
نظر نحو المأذون وابتسم له قائلاً :
– مافيش كتب كتاب يا شيخ خد دفترك واتفضل .
أومأ المأذون براحة وجمع أغراضه وتحرك يغادر ووقف هو يتنهد ناظراً إلى خالد الذي استسلم لتقييده باستسلامٍ مرعبٍ لا يبشر بخيرٍ قادم .

 




google-playkhamsatmostaqltradent