رواية التل الفصل الثالث عشر 13 - بقلم رانيا الخولي
رواية الـتـل
رانيا الخولي
الفصل الثالث عشر
…………………
وفور عودتها للخلف وقعت عينيها على سيارة شرطة تتقدم من المزرعة فينقبض قلبها خوفًا وهي ترى نهايتها تقترب منها
فتضع يدها على فمها تكتم شهقتها
لقد انتهت حقًا وأمام من؟ أمام جواد الذي حرصت على ألا يراها في ذلك الموقف.
عليها الهرب قبل أن يعثروا عليها
أحكمت الحجاب على رأسها وخرجت من الغرفة فتصتدم بياسمين التي كادت أن تتعثر وتسقط فسألتها بقلق
_ ايه يا توليب في ايه؟
ردت توليب بذعر قبل أن تتركها وتذهب
_ الشرطة جاية تاخدني انا لازم أهرب
لم تفهم ياسمين شيء ولم تستطيع الذهاب خلفها لوجود زين معها حاولت ان توقفها لكنها نزلت الدرج بسرعة وخرجت من الباب الخلفي
في الأسفل اندهش جواد من دخول الشرطة لمزرعته فتقدم من الضابط بعد ان ترجل من سيارته وقال بهدوء
_ خير يا فندم في حاچة؟
تحدث الضابط بمهنية
_ احنا اسفين على الازعاج بس في مجرم هرب مننا وشاكين انه يكون دخل المزرعة
فإذا سمحت هندخل نفتش
لم يعترض جواد وسمح لهم بذلك مما جعل قلب ياسمين ينقبض خوفًا على صديقتها
حاولت الاتصال على جواد كي تخبره وينقذها لكنه لم يجيب.
مر الوقت والخوف لا يرحمها حتى أنها حاولت الوصول لآدم لكنها لم تستطيع
ظلت على حالة القلق حتى انصرفت الشرطة فأسرعت إلى جواد غير عابئه بوجود الرجال حوله فنادته بخوف
_ جواد.
انتبه جواد لصوتها فتركهم وتقدم منها يسألها
_ واجفة إكدة ليه؟
تلعثمت ياسمين وتمتمت بوجل
_ هي الشرطة كانت چاية ليه؟
اجاب بهدوء
_ بيجولوا مجرم هرب منهم وشاكين انه دخل المزرعة بس شكله هرب منهم.
انقبض قلبها خوفاً عليها ولاحظ جواد ذلك فسألها بحيرة
_ مالك وشك جلب إكدة.
ازدردت لعابها بخوف ولم تستطع اخفاء الأمر اكثر من ذلك عليهم العثور عليها قبل ان تقع في يد ذلك الهارب فتمتمت بوجل
_ بصراحة زهرة خافت من الشرطة وهربت.
قطب جبينه بحيره وسألها
_ هربت كيف يعني؟ وايه اللي خلاها تهرب.
ازداد انقباض قلبها وقالت بخوف وهي تحثه على البحث عنها
_ مش وقته يا جواد قوم دور عليها لول جبل ما حاچة تحصلها
ازداد انعقاد حاجبيه ونهض مسترسلا حديثه
_ مين البنت دي؟ وايه حكايتها بالظبط؟
_ لما ترجع هحكيلك على كل حاچة بس لجيها لول.
رمقها جواد بغضب ثم ذهب إلى الإسطبل ليأخذ حصانه وينطلق به داخل المزرعة يبحث عنها.
ظلت توليب مختبئة داخل المزرعة وقلبها يهدر بعنف
الظلام حالك من حولها والرؤية ليست واضحة حتى أنها لا تعرف كيف وصلت لذلك المكان
كانت ترتعد خوفاً منهم لذا كان عليها الهرب بأي شكل والاختباء في ذلك المكان المنعزل
اصابها الفزع عندما سمعت صوت الرعد يدوي في السماء حتى صدرت منها صرخة خوف وخاصة عندما بدأت الغيوم تقطر مطرها
قررت العودة إلى المنزل فمن المؤكد أنهم رحلوا الآن
لكن اشتدت الأمطار واصبحت الرؤية غير واضحة وأصبح السير شاقاً عليها
البرودة تشتد عليها والوحل يعيق خطواتها التي لا تعرف وجهتها
انتبهت لصوت صهيل تعرفه جيدًا فانشرح قلبها لسماعه وهمت بمنادته لكن يد قاسية وضعت على فمها تمنعها من ذلك وصوت حاد يغمغم بجوار اذنها
_ إن سمعت صوتك هخلص عليكي
""""""""""""""""""""
انتفضت حياة في نومتها وصدرت منها صرخة خافته عندما سمعت صوت الرعد الذي صدح مدويًا في المكان ونهض وهدان على اثرها وهو يسألها بقلق
_ انتي زينة؟
هزت راسها بوجل حاولت إخفائه وهي تجيب
_ لـ..لا اقصد زينة
صدرت منها صرخة أخرى عندما عادت الكرة
لكن تلك المرة بخوف أشد حتى أنها عادت تلف جسدها بذراعيها دلالة على عدم شعورها بالأمان
تعاطف معها ونهض ليتقدم منها وتمتم بلهجة هادئة
_ متخافيش ده صوت رعد عادي.
اهتزت نظراتها وهي تشدد من احتضان نفسها وانزوت في الفراش
آلمه رؤيتها بتلك الحالة وخاصة أنه لم يستطع فعل شيئًا لها
اشتد صوت صخات المياة حتى أنها تضرب زجاج النوافذ بقوة فتقدم منها عندما لاحظ ارتجافها وقال بحنو
_ خليني انام چارك من غير ما تفهميني غلط، الإنسان لما يلاجي حد چانبه الخوف بيروح ويحس بالأمان
رفعت عينيها إليه لتتقابل أعينهم لحظات قبل ان تصدر منها صرخة أخرى عندما حل الظلام بالمكان اثر انقطاع الكهرباء
لا تعرف كيف وجدت نفسها تتشبث بذراعه وهي تتمتم برجاء
_ متسبنيش.
رد وهدان بلهجته الحانية
_ متخافيش انا چارك ومش هسيبك واصل
اضاء شاشة هاتفه كي يبحث عن شموع فتذكرت هي أمر الفتيات وقالت بقلق
_ البنات وحديهم.
اخرج الشموع وقال بهدوء
_ متخافيش هما متعودين على إكدة لأنها بتجطع كتير وهما لوحديهم.
قام باشعال الشمعة ووضعها بجوارها ثم أخذ أخرى وهو يردف
_ هروح للبنات احطلهم الشمعة وآچي.
عاد صوت الرعد وشحب وجهها من الخوف فنهضت مسرعة
_ استنى هروح معاك
سارت معه ودلفوا غرفة الفتيات فتضيئ هي الكثير من الشموع للاطمئنان عليهم ثم عادوا لغرفتهم
كانت تود أن يظل بجوارها لكنها لم تقوى على قولها
لكن يبدوا أنه علم برغبتها في ذلك فقال بهوادة كي لا يثير حرجها
_ خليني أنام چارك الليلة دي لأن الكنبة باردة جوي.
شعرت بالاحراج لكنها لن تستطيع منعه وخاصة في تلك الليلة الباردة.
اومأت له بصمت وسمحت له بالبقاء بجوارها وأولته ظهرها لتنام لأول مرة براحة واطمئنان.
❈-❈-❈
ظل جواد يبحث عنها في المنطقة فلم يجد لها آثر حتى يأس وقرر العودة
محال أن تتواجد في ذلك المكان حتى هو نفسه لا يأتي إليه ليلًا من شدة ظلمته
الأمطار تشتد وتعوق الحصان في سيره
استدار ليعود لكنه توقف حينما سمع صرخة مكتومة.
ارهف سمعه لكن لم يعاد مرة أخرى
ترجل من فوق حصانه وتقدم بحذر من الكوخ المتهالك بالجانب الشرقي من المكان فلاحظ حركة خفيفة داخله.
اخرج سلاحه ودنى من المكان بحذر ينظر من أحد جوانبه فيتفاجئ بها بين يدي رجل ملثم كاتمًا أنفاسها ويضع فوهة المسدس على رأسها كي لا تصدر صوتًا
إذًا فهو ذلك الهارب الذي تبحث عنه الشرطة
تسلل من خلف الكوخ وقد ساعده الظلام في التخفي حتى وصل للجانب الآخر خلف ذلك الرجل والذي وجده يهمس بجوار أذنها
_ لو سمحت صوتك هخلص عليه وعليكي.
سمع همهمه مرتعبة منها وكأنها توافقه قوله فظل يسير بهوادة حتى وقف خلفه ووضع السلاح على رأسه وهو يقول بأمر
_ نزل يدك وابعد عنيها.
تراخت يد الرجل عنها عندما تفاجئ بجواد خلفه لكن ما لبث اذا ازدادت حدة قبضته عليها فتخرج منها همهمة تدل على مدى تألمها فعاد يهدر به
_ جولتلك ابعد يدك عنيها بدل ما افرغ المسدس في دماغك.
لم يوافق الرجل على الاستسلام وغمغم بصوت غليظ
_ نزل انت يدك بدل ما افرغه فيها.
_ انت اللي تحت رحمتي ولو ما سبتهاش هطخك ومخدش فيك يوم واحد
حاول الرجل الاستدار بها لكن جواد شد أجزاء السلاح استعداداً لضربه وقال بتهديد
_ حركة تاني ومش هتردد ثانية
زم الرجل فمه بغضب وأرخى قبضته عنها
فتحررت مبتعده عنه وهي تقول بهلع
_ حاسب معاه سلاح.
وكأنها نبهت الرجل بحديثها إذ استدار حينها وفاجئ جواد بضربه اسقطته أرضًا
صرخت توليب بهلع وهي ترى الرجل ينقض على جواد بالمسدس وقد انعاد المشهد أمامها مرة أخرى
لكن قوة جواد البنيانيه جعلته يقاوم وأخذ يسدد الضربات في وجه الرجل بقوة وبسالة وتوليب تشاهد الموقف بهلع.
تتخيله لوهلة والدها ثم وهلة أخرى جواد فانزوت في أحد الأركان والخوف يفعم قلبها
شهقت بفزع عندما استطاع الرجل التحكم في سلاحه وأشهاره في وجه جواد فصرخت بهلع
_ حاسب يا جواد.
لكن صوت الطلقة كانت أسرع وهي تصيب ذراع جواد واستطاع الرجل حينها الفرار
لم تستطيع توليب تحمل إعادة الموقف أمامها فاشتد بها الظلام واستسلمت لأحاطته لها.
نهض جواد وهو يشعر بألم حاد في ذراعه الأيمن فوضع يده عليه يمنع نزيفه.
وقع نظره عليها وهي ملقاه على الأرض فاقده للوعي فزم فمه باستياء على ما وقع به
فخلع عنه قميصه وقام بتمزيقه ولف به ذراعه باحكام ثم دنى منها يرفع رأسها عن الأرض ويربت على وجهها يحثها على الاستيقاظ لكن لا فائدة
خرج من الكوخ ليبحث عن حصانه لكن لم يجده، يبدو انه فزع من صوت الرصاص وعاد إلى الإسطبل، فصوت الرعد يشتد مع هطول الأمطار ولن يستطيع الإنتظار حتى مجيئ أحد إليهم
فدنى منها بعد تردد دام للحظات وحملها بين يديه رغم تألمه وسار بها عائدًا إلى المنزل
الظلام سيد الموقف إلا من ضوء البرق الذي يصدح في السماء لوهلة ثم ينطفئ
والوحل أصبح يعيق خطواته وخاصة قدمه الصناعية فيزداد صعوبة الأمر معه
وذراعه التي يتحامل عليها وهي تضغط برأسها عليه
الألم أصبح غير محتمل والطريق بات طويلاً أمامه ولا آثر لأحد قادمًا لأنقاذهم
ظل يسير رغم المشقة التي يعانيها وقدمه الصناعية اصبحت تضغط على موضع البتر فيشتد معها الألم والوحل يعركل خطواته
وهي مستسلمة تمامًا لظلامها
سقط مرات عديدة فيشتد به الألم عندما يتحامل على جسده كي لا يسقط جسدها على الأرض وقد أصبح شكه يقينًا عندما ضمها لصدره ويشعر قلبه بدقات قلبها الرتيبة ليخبرها بأنها هي
إن اخطأت عينه فلن يخطئ قلبه
شعر برعشة تنتابها وهمهمات غير مفهومة وازدادت وتيرة دقاته عندما وجدها تتشبث بملابسه كأنها تستمد منه الأمان
وكيف يبثها الأمان وهو يبحث عنه معها
نظر إلى وجهها الذي حلم كثيرًا برؤيته وظل يرسم لها آلاف الصور
كيف لم يعرفها عندما رآها في غرفة أخته
وكيف كذب حدسه عندما رآها بجوار خيله
وكيف بات لياليه وهو يحلم بها وهي بجواره لا يفصله عنها سوى جدار واحد
سقط على ركبتيه مرة أخرى فأصيب أحداهما اثر ذلك الصخر الذي وقع عليه وتحامل على نفسه كي لا تسقط منه ويقربها لصدره أكثر كي يحميها من رسخات المطر فيتعرق هو بشدة رغم برودة الجو
نهض بتثاقل والألم مبرح لا يرأف به لكن عليه التحمل كي يعيدها للأمان
يعيدها لذلك المكان الذي حلم به معها وهي تمرح وتطير أمامه كالفراشة
يتخيلها كما تخيلها دائمًا
بعينيها التي تضيئ ظلامه بشموسها الذهبيه
وأهدابها التي نحرت قلبه بحدتها واناملها التي عزفت على قلبه بسنفونية عشقٍ أبدي
عادت إليه من ظن يومًا أنه فقدها للأبد، لن يتركها تبتعد مرة أخرى مهما حدث حتى لو وقف أمام العالم أجمع
لن يتنازل عن حقه في تلك الدنيا
وهي حقه بل أكثر من ذلك لذا لن يتخلى أبدًا.
شدد من احتضانه لها وكأنه يخشى من عدم تكرارها
لا شيء به يرحمه؛ قلبه الذي يهدر بعنف
وذراعه الذي أصبح ينزف بغزارة
وقدمه التي تعركل سيره مع ذلك الألم
أصبح تنفسه ضعيفًا والرؤية أصبحت مشوشة أمامه
لم يعد يستطيع التحمل لكن عليه الوصول بها لبر الأمان
ازدادت الأمطار
وتعثره بدأ في الازدياد حتى تهدى له اصوات آتية من البعيد
فعلم حينها بأن راجله تبحث عنهم
ظل يعافر ويعافر لكن انتهت قوته عند ذلك الحد ووجد جسده يتراخى حتى سقط على ركبتيه
وسحبه هو أيضًا الظلام لدائرته المغلقة..
❈-❈-❈
عقد مراد حاجبيه مندهشًا وسألها
_ شرط ايه؟
أجابت بجمود
_ اعيش لوحدي.
ضيق عينيه متسائلًا
_ تجصدي ايه مش فاهم.
_ أقصد اللي فهمته وده شرطي.
زم فمه باستياء وغمغم بضيق
_ بس احنا اهنه في الصعيد ومينفعش تجعدي لحالك.
ردت نور بنفس الإصرار
_ خلاص يبقى تلتزم بوعدك و تسيبني ارجع القاهرة.
فكر قليلًا في حل ثم قال بتسويف
_ خلاص اصبري لحد ما تجومي بالسلامة وبعدين نكمل كلامنا في الموضوع ده
حاولت الاعتراض لكنه منعها بلهجة لا تقبل نقاش
_ جلت لما تجومي بالسلامة وانتهى الحديت
تركها ودلف غرفته فيجد سلمى جالسة على الأريكة في وجوم
اندهش من حالتها وتقدم منها يسألها
_ مالك جاعدة لحالك إكدة ليه؟
اعتدلت في جلستها وقالت بوجوم
_ مفيش بس خالتو نامت وسهر عند مامتها وانا لوحدي كالعادة.
رفعت عينيها إليه وسألته
_ جبت التحليل؟
اومأ بصمت فعادت تسأله رغم سماعها لما دار بينهم
_ ايه هي؟
_ النتيجة ايجابية.
أخفت آلامها كعادتها ابتسمت بمرارة علقمت حلقها ثم دنت منه لتلف ذراعيها حول عنقه وهي تتمت بثبوت
_ مبروك
أومأ لها وكأن صوته أختفى وخاصة عندما وجدها تطبع قبله خفيفة على عنقه وكأنها بتلك الطريقة تهدئ عقلها الذي يخبرها بأنه لم يعد ملكها ولم تجد سوى تلك الطريقة التي تثبت بها ذلك، هي وحدها من تستطيع فعلها
لكن ما ادهشها وجعل الخوف يأخذ طريقه إلى قلبها انه لم يستطيع التجاوب معها، لم يعد كما كان من قبل يرضخ لها من نظرة واحدة وينعم وتنعم معه بتلك اللحظات
ابتعدت عنه قليلًا كي تنظر لعينه التي وجدت بداخلهما جمود لم تراه من قبل
منذ أن جاءت نور وهم لا يعيشوا تلك اللحظات إلا نادراً حتى لم تعد بها تلك اللهفة ولا قوة المشاعر التي تؤكد مدى شغفه بها
مما جعلها تشعر بالخوف وأنها أصبحت على حافة الهاوية
تحولت نظراتها إلى عتاب وتمتمت بلوم
_ للدرجة دي انت خلاص بعدت عني؟
رمش بعينيه دلالة على مدى استياءه من نفسه لجرحها بتلك الحدة وغمغم بصدق
_ لأ يا سلمى بس دماغي فيها ألف حاچة وعشان إكدة مش جادر اتچواب معاكي، بس اوعدك إني أفوج لنفسي هاخد أجازة من المستشفى ونجضي يومين لوحدينا في المكان اللي يعچبك.
الآن فقط علمت بصدق حديث والدها
لم يعشقها يومًا وكل ما في الأمر انه تزوجها رأفةً بها
سحبت ذراعيها من حول عنقه وارتدت خطوة للوراء وهي تقول بابتسامة باهته تخفي بها كسرتها
_ اللي تشوفه يا حبيبي.
آلمه رؤيتها بذلك الانكسار والتي تحاول اخفاءه عنه مما جعله يسخط من نفسه وهم بالتحدث لكن قاطعه صوت هاتفه
أخرجه من جيبه وتطلع به ليجده اتصال من المشفى، شعر بالقلق عليه ينتابه ورد بهدوء
_ السلام عليكم
_ أيوة يادكتور مراد جواد بيه في المستشفى جاتله رصاصة في دراعه….
لم ينتظر سماع المزيد واغلق الهاتف وهو يسرع بالخروج
_ انا رايح المستشفى.
وكعادته دائما المشفى أهم من كل شيء ويبدو أنه حان موعد الإنسحاب.
❈-❈-❈
انقلبت المشفى عقب دخول جواد وتوليب وقد وصلت حالته حد الخطورة بسبب الدماء الغزيرة التي نزفها
فأسرعت ياسمين إلى مراد الذي وصله الخبر وأسرع إليهم في المشفى كي ينقذ صديقه
فقالت ببكاء يهشم القلوب
_ الحق جواد بسرعة، اخويا بيموت
تحدث مراد بهدوء كي يطمئنها
_ متجلجيش ان شاء الله هيكون بخير
تركها ودلف غرفة العمليات بقلب ملتاع عليه
لكنه اطمئن عندما وجد الرصاصة في ذراعه ولم تصيب اي مكان حيوي
قالت الممرضة
_ المصاب نزف دم كتير أوي والمشكلة إن الفصيلة دي مش موجودة عندنا
اومأ لها مراد وتحدث بثبوت
_ عارف
بدأ بتولي دوره ونزع الرصاصة منه ثم بعدها طلب من الممرضة بسحب الدم منه لتوافق الفصيلة
تمامًا كما حدث من قبل منذ عامين
لم يتركه لحظة واحدة وظل بجواره
رن هاتفه وكانت سلمى التي أرادت الاطمئنان عليه وعلى جواد فطمئنها باقتضاب ثم أغلق الهاتف وظل بجواره
أجبر ياسمين على العودة للمنزل بعد طمئنها عليه لكنها ابت العودة وأصرت لتبقى مع تلك الفتاة التي جاءت معه
بدأ يسترد وعيه
يهمهم بكلمات مبهمة فدنى منه مراد ليطمئن عليه وسأله
_ جواد انت سامعني؟
امسك يده وتابع
_ لو سامعني حرك ايدك.
حرك جواد يده بوهن فاطمئن مراد عليه وقام بتبديل المحاليل له وبدأ جواد يسترد وعيه كاملاً
فتح عينيه بوهن وهو يجوب بها المكان حتى استقرت على مراد الذي وقف ينظر إليه بابتسامة تلاها صوته
_ حمد لله على السلامة ياكبير
ازدرد جواد جفاف حلقه وتمتم بوهن
_ هي فين؟
ادعى مراد الجهل كي يتلاعب به وسأله بدهشة مصطنعة
_ هي مين؟ تجصد ياسمين؟
هز رأسه بتعب وتمتم بألم وهو يفتح جفنيه بصعوبة
_ البنت اللي… كانت معاي.
رد مراد بمزاح
_ انت رچعت للشجاوة تاني ولا ايه؟
لم يتقبل جواد مزاحه وحاول الاستناد على ذراعه كي ينهض فمنعه مراد
_ لأ بلاش حركة دلوجت
على العموم يا سيدي متجلجش هي زينة بس هتفضل يومين إكدة تحت الملاحظة لحد ما تنزل حرارتها
لم يطمئن جواد وأراد أن يراها بعينيه ويتأكد من وجودها
فلن يتركها تبتعد عنه بعد الآن
_ لازم اشوفها بنفسي.
تعجب مراد حقًا من اهتمامه بها وخاصة عندما وجده يصر على النهوض والذهاب إليها
_ طيب استنى اخلي الممرضة تچيبلك كرسي…
قال جواد بإباء
_ لاه مش عايز أنا هجدر أمشي.
نهض من فراشه بمساعدة مراد وشعر بألم شديد يجتاح كامل جسده
لكنه تحامل على نفسه وذهب إليها حتى وقف أمام غرفتها
هم مراد بطرق الباب لكن جواد منعه خشية من إزعاجها وقام بفتح الباب حتى يمكنه رؤيتها من بعيد ويتأكد من وجودها
وقد كان له ما أراد إذ وجدها مستلقية على السرير وغارقة في سبات عميق، ووجهها الملائكي يحكي قصة حزن أرهقت قلبه
أغلق الباب وعاد لغرفته تحت ضغط من مراد وفور ان استلقى على السرير حتى غفى لأول مرة براحة لم يشعر بها من قبل.
❈-❈-❈
في غرفة سلمى
لم يرحمها التفكير والشك بداخلها يزداد ويزداد وهي لا تعرف ما يخبئه مراد بداخله
لقد انتهت عدة نور وتنتظر بفارغ الصبر نتيجة ذلك.
ماذا ستفعل لو حدث ما تفكر به؟
كيف تتحمل مشاركة أخرى في حبيبها؟
وإذا علم والدها بذلك ستكون فرصة ذهبية كي يجبرها على الإبتعاد
لكن هل ستقبل نور بذلك؟
ولما لا وهي مرغمة على ذلك كي تستطيع اثبات طفلها
نظرت في ساعتها فوجدتها الواحدة ليلاً والجميع نيام
خرجت من الغرفة متجهة إلى غرفة نور فرغم كل شيء هي تحب تلك الفتاة صدقًا
طرقت الباب بخفوت كي لا تقلقها إن كانت نائمة لكنها فوجئت بها تفتح الباب
ابتسمت سلمى بحرج وتمتمت
_ مراد هيبات في المستشفى قلت نتسلى شوية مع بعض.
رحبت نور وسمحت لها بالولوج وجلست معها على الفراش
نظرت إلى جوفها الذي ظهر عليه الامتلاء فهي اصبحت في شهرها السادس الآن
كم تمنت أن تحمل هي أيضًا بطفل من مراد
وتعيش ذلك الشعور، لكن إرادة الله فوق كل شيء
_ عاملة ايه دلوقت؟
حاولت نور الابتسام وهي تتمتم بثبات
_ الحمد لله بحاول اكون كويسة
ترددت كثيراً قبل أن تسألها
_ هو انتي ليه عايزة تسيبينا وتفضلي لوحدك؟
لم تحتج نور لذكاء كي تقرأ ما بين السطور لكنها أرادت أن تطمئنها كي لا تبغضها كما فعلت سهر وقالت بمثابرة
_ عشان مش عايزة اخسر حد فيكم.
لم تفهم سلمى معنى حديثها وسألتها بحيرة
_ تقصدي أيه؟
_ انتي فهماة كويس، وجودي وسطيكم هيخلي كل واحدة منكم تغير على جوزها لأني زي ما بسمع في الصعيد ونقرأ في الروايات الصعيدية إن الأرملة بتتجوز أخو جوزها وخصوصاً لو كانوا عايشين مع بعض في بيت واحد
وعشان كدة أنا مش عايزة أخسركم أو أكون سبب في غيره أو مشكلة مع اجوازكم ياريت تكوني فهمتيني لإني مش هوضح اكتر من كدة.
أومأت رأسها ثم قالت بألم
_ هكون صريحة معاكي واقول إني فعلاً قلقت شوية وخصوصاً إني اكتر واحدة ممكن تقلق من الحكاية دي بسبب ظروفي.
ابتسمت بوجع عندما لاحظت حيرة نور وتابعت بحزن
_ أنا مش بخلف ومش هخلف لإني شايلة الرحم
قبل ما مراد يتقدملي كان بابا عايز يجوزني لآسر ابن خالتي لأنه صاحب باباه وبما إن آسر هو الوريث الوحيد فكان موافق جدًا، بس أنا وآسر متربيين مع بعض وهو نفسه كان رافض
وفي الوقت ده كنت عايشة لحبي لمراد كنت
بعشقة بجنون بس هو كان متزمد أوي تقدري تقولي كدة ما دققش فيا إلا لما كتبنا الكتاب
المهم وقتها اكتشفت إني مصابة بورم في الرحم وكان لازم عملية
حسام اخويا عايش في امريكا أخد التحاليل وكلم دكاترة كبيرة هناك وكان ردهم عليه إن سنة بالكتير والرحم لازم يتشال
بابا اصر على جوازي من آسر وانا اصريت على الرفض لحد ما اتفاجئت إن مراد اللي عمره ما حس بيا جاي بيتقدم وعايز يتجوزني
الفرحة مكنتش سيعاني واتمنيت انه كان اتقدم بدري عن كدة اتكلمت معاه وحكتله الحقيقة وهو حس بيا وقالي قدمنا فرصة إننا نخلف
واتجوزنا بعد شهر واستنينا الحمل بس مفيش فايدة لحد ما تعبت أوي والدكتور قال لمراد إن العملية لازم تتعمل في اقرب وقت.
أخذت نفس عميق كي تهدئ به تلك الرجفة التي اصابتها من الذكرى وتابعت
_ وقتها طلبت من مراد أنه هو اللي يعملها
كان صعب عليا حد غيره يعملها
تعبت أوي وشوفت الموت بعنيا بس مراد متخلاش عني ومسبنيش لحظة واحدة وفضل معايا لحد ما خلصت العلاج الكيميائي واتحسنت
لكن الحرمان ده كان صعب عليا أوي لدرجة إني فضلت الموت عن اللي انا فيه
صحيح مراد عمره ما حسسني بعجزي بس هو من حقه يكون أب وإن مكنش دلوقت هيكون بعدين، يعني متقلقيش مني لأني منتظرة حاجة زي دي في اقرب وقت.
لم تجد نور الكلمات التي تصف بها مدى تأثرها بحديث سلمى التي لم تعاملها سوى بكل خير فامسكت يدها وقالت بصدق
_ مين قال إن عمرك ما هتكوني ام؟!
انتي في الحقيقة أم لابن مؤيد اللي لاحظت اهتمامك بيه اكتر من سهر نفسها، واهتمامك بحملي اكتر مني، انتي مش بس هتكوني مرات عمه وخالتو إنتي هتكوني أم ليه لإني مش هقدر بعد ما اخرج من البيت امنعه عنكم هبعته وانا مطمنه إنه في رعايتك انتي.
ضغطت سلمى على يدها بامتنان وقالت بصدق
_ هيكون في عينيه بس وانتي معانا
همت نور بالرفض لكن سلمى منعتها
_ خلينا نأجل اي كلام دلوقت لحد ما تقومي بالسلامة، يلا بقى عشان نعست وعايزة أنام معاكي الليلة دي.
أومأت نور واغلقت النور واستلقت بجوارها.
❈-❈-❈
رواية الـتـل
رانيا الخولي
الفصل الثالث عشر
…………………
وفور عودتها للخلف وقعت عينيها على سيارة شرطة تتقدم من المزرعة فينقبض قلبها خوفًا وهي ترى نهايتها تقترب منها
فتضع يدها على فمها تكتم شهقتها
لقد انتهت حقًا وأمام من؟ أمام جواد الذي حرصت على ألا يراها في ذلك الموقف.
عليها الهرب قبل أن يعثروا عليها
أحكمت الحجاب على رأسها وخرجت من الغرفة فتصتدم بياسمين التي كادت أن تتعثر وتسقط فسألتها بقلق
_ ايه يا توليب في ايه؟
ردت توليب بذعر قبل أن تتركها وتذهب
_ الشرطة جاية تاخدني انا لازم أهرب
لم تفهم ياسمين شيء ولم تستطيع الذهاب خلفها لوجود زين معها حاولت ان توقفها لكنها نزلت الدرج بسرعة وخرجت من الباب الخلفي
في الأسفل اندهش جواد من دخول الشرطة لمزرعته فتقدم من الضابط بعد ان ترجل من سيارته وقال بهدوء
_ خير يا فندم في حاچة؟
تحدث الضابط بمهنية
_ احنا اسفين على الازعاج بس في مجرم هرب مننا وشاكين انه يكون دخل المزرعة
فإذا سمحت هندخل نفتش
لم يعترض جواد وسمح لهم بذلك مما جعل قلب ياسمين ينقبض خوفًا على صديقتها
حاولت الاتصال على جواد كي تخبره وينقذها لكنه لم يجيب.
مر الوقت والخوف لا يرحمها حتى أنها حاولت الوصول لآدم لكنها لم تستطيع
ظلت على حالة القلق حتى انصرفت الشرطة فأسرعت إلى جواد غير عابئه بوجود الرجال حوله فنادته بخوف
_ جواد.
انتبه جواد لصوتها فتركهم وتقدم منها يسألها
_ واجفة إكدة ليه؟
تلعثمت ياسمين وتمتمت بوجل
_ هي الشرطة كانت چاية ليه؟
اجاب بهدوء
_ بيجولوا مجرم هرب منهم وشاكين انه دخل المزرعة بس شكله هرب منهم.
انقبض قلبها خوفاً عليها ولاحظ جواد ذلك فسألها بحيرة
_ مالك وشك جلب إكدة.
ازدردت لعابها بخوف ولم تستطع اخفاء الأمر اكثر من ذلك عليهم العثور عليها قبل ان تقع في يد ذلك الهارب فتمتمت بوجل
_ بصراحة زهرة خافت من الشرطة وهربت.
قطب جبينه بحيره وسألها
_ هربت كيف يعني؟ وايه اللي خلاها تهرب.
ازداد انقباض قلبها وقالت بخوف وهي تحثه على البحث عنها
_ مش وقته يا جواد قوم دور عليها لول جبل ما حاچة تحصلها
ازداد انعقاد حاجبيه ونهض مسترسلا حديثه
_ مين البنت دي؟ وايه حكايتها بالظبط؟
_ لما ترجع هحكيلك على كل حاچة بس لجيها لول.
رمقها جواد بغضب ثم ذهب إلى الإسطبل ليأخذ حصانه وينطلق به داخل المزرعة يبحث عنها.
ظلت توليب مختبئة داخل المزرعة وقلبها يهدر بعنف
الظلام حالك من حولها والرؤية ليست واضحة حتى أنها لا تعرف كيف وصلت لذلك المكان
كانت ترتعد خوفاً منهم لذا كان عليها الهرب بأي شكل والاختباء في ذلك المكان المنعزل
اصابها الفزع عندما سمعت صوت الرعد يدوي في السماء حتى صدرت منها صرخة خوف وخاصة عندما بدأت الغيوم تقطر مطرها
قررت العودة إلى المنزل فمن المؤكد أنهم رحلوا الآن
لكن اشتدت الأمطار واصبحت الرؤية غير واضحة وأصبح السير شاقاً عليها
البرودة تشتد عليها والوحل يعيق خطواتها التي لا تعرف وجهتها
انتبهت لصوت صهيل تعرفه جيدًا فانشرح قلبها لسماعه وهمت بمنادته لكن يد قاسية وضعت على فمها تمنعها من ذلك وصوت حاد يغمغم بجوار اذنها
_ إن سمعت صوتك هخلص عليكي
""""""""""""""""""""
انتفضت حياة في نومتها وصدرت منها صرخة خافته عندما سمعت صوت الرعد الذي صدح مدويًا في المكان ونهض وهدان على اثرها وهو يسألها بقلق
_ انتي زينة؟
هزت راسها بوجل حاولت إخفائه وهي تجيب
_ لـ..لا اقصد زينة
صدرت منها صرخة أخرى عندما عادت الكرة
لكن تلك المرة بخوف أشد حتى أنها عادت تلف جسدها بذراعيها دلالة على عدم شعورها بالأمان
تعاطف معها ونهض ليتقدم منها وتمتم بلهجة هادئة
_ متخافيش ده صوت رعد عادي.
اهتزت نظراتها وهي تشدد من احتضان نفسها وانزوت في الفراش
آلمه رؤيتها بتلك الحالة وخاصة أنه لم يستطع فعل شيئًا لها
اشتد صوت صخات المياة حتى أنها تضرب زجاج النوافذ بقوة فتقدم منها عندما لاحظ ارتجافها وقال بحنو
_ خليني انام چارك من غير ما تفهميني غلط، الإنسان لما يلاجي حد چانبه الخوف بيروح ويحس بالأمان
رفعت عينيها إليه لتتقابل أعينهم لحظات قبل ان تصدر منها صرخة أخرى عندما حل الظلام بالمكان اثر انقطاع الكهرباء
لا تعرف كيف وجدت نفسها تتشبث بذراعه وهي تتمتم برجاء
_ متسبنيش.
رد وهدان بلهجته الحانية
_ متخافيش انا چارك ومش هسيبك واصل
اضاء شاشة هاتفه كي يبحث عن شموع فتذكرت هي أمر الفتيات وقالت بقلق
_ البنات وحديهم.
اخرج الشموع وقال بهدوء
_ متخافيش هما متعودين على إكدة لأنها بتجطع كتير وهما لوحديهم.
قام باشعال الشمعة ووضعها بجوارها ثم أخذ أخرى وهو يردف
_ هروح للبنات احطلهم الشمعة وآچي.
عاد صوت الرعد وشحب وجهها من الخوف فنهضت مسرعة
_ استنى هروح معاك
سارت معه ودلفوا غرفة الفتيات فتضيئ هي الكثير من الشموع للاطمئنان عليهم ثم عادوا لغرفتهم
كانت تود أن يظل بجوارها لكنها لم تقوى على قولها
لكن يبدوا أنه علم برغبتها في ذلك فقال بهوادة كي لا يثير حرجها
_ خليني أنام چارك الليلة دي لأن الكنبة باردة جوي.
شعرت بالاحراج لكنها لن تستطيع منعه وخاصة في تلك الليلة الباردة.
اومأت له بصمت وسمحت له بالبقاء بجوارها وأولته ظهرها لتنام لأول مرة براحة واطمئنان.
❈-❈-❈
ظل جواد يبحث عنها في المنطقة فلم يجد لها آثر حتى يأس وقرر العودة
محال أن تتواجد في ذلك المكان حتى هو نفسه لا يأتي إليه ليلًا من شدة ظلمته
الأمطار تشتد وتعوق الحصان في سيره
استدار ليعود لكنه توقف حينما سمع صرخة مكتومة.
ارهف سمعه لكن لم يعاد مرة أخرى
ترجل من فوق حصانه وتقدم بحذر من الكوخ المتهالك بالجانب الشرقي من المكان فلاحظ حركة خفيفة داخله.
اخرج سلاحه ودنى من المكان بحذر ينظر من أحد جوانبه فيتفاجئ بها بين يدي رجل ملثم كاتمًا أنفاسها ويضع فوهة المسدس على رأسها كي لا تصدر صوتًا
إذًا فهو ذلك الهارب الذي تبحث عنه الشرطة
تسلل من خلف الكوخ وقد ساعده الظلام في التخفي حتى وصل للجانب الآخر خلف ذلك الرجل والذي وجده يهمس بجوار أذنها
_ لو سمحت صوتك هخلص عليه وعليكي.
سمع همهمه مرتعبة منها وكأنها توافقه قوله فظل يسير بهوادة حتى وقف خلفه ووضع السلاح على رأسه وهو يقول بأمر
_ نزل يدك وابعد عنيها.
تراخت يد الرجل عنها عندما تفاجئ بجواد خلفه لكن ما لبث اذا ازدادت حدة قبضته عليها فتخرج منها همهمة تدل على مدى تألمها فعاد يهدر به
_ جولتلك ابعد يدك عنيها بدل ما افرغ المسدس في دماغك.
لم يوافق الرجل على الاستسلام وغمغم بصوت غليظ
_ نزل انت يدك بدل ما افرغه فيها.
_ انت اللي تحت رحمتي ولو ما سبتهاش هطخك ومخدش فيك يوم واحد
حاول الرجل الاستدار بها لكن جواد شد أجزاء السلاح استعداداً لضربه وقال بتهديد
_ حركة تاني ومش هتردد ثانية
زم الرجل فمه بغضب وأرخى قبضته عنها
فتحررت مبتعده عنه وهي تقول بهلع
_ حاسب معاه سلاح.
وكأنها نبهت الرجل بحديثها إذ استدار حينها وفاجئ جواد بضربه اسقطته أرضًا
صرخت توليب بهلع وهي ترى الرجل ينقض على جواد بالمسدس وقد انعاد المشهد أمامها مرة أخرى
لكن قوة جواد البنيانيه جعلته يقاوم وأخذ يسدد الضربات في وجه الرجل بقوة وبسالة وتوليب تشاهد الموقف بهلع.
تتخيله لوهلة والدها ثم وهلة أخرى جواد فانزوت في أحد الأركان والخوف يفعم قلبها
شهقت بفزع عندما استطاع الرجل التحكم في سلاحه وأشهاره في وجه جواد فصرخت بهلع
_ حاسب يا جواد.
لكن صوت الطلقة كانت أسرع وهي تصيب ذراع جواد واستطاع الرجل حينها الفرار
لم تستطيع توليب تحمل إعادة الموقف أمامها فاشتد بها الظلام واستسلمت لأحاطته لها.
نهض جواد وهو يشعر بألم حاد في ذراعه الأيمن فوضع يده عليه يمنع نزيفه.
وقع نظره عليها وهي ملقاه على الأرض فاقده للوعي فزم فمه باستياء على ما وقع به
فخلع عنه قميصه وقام بتمزيقه ولف به ذراعه باحكام ثم دنى منها يرفع رأسها عن الأرض ويربت على وجهها يحثها على الاستيقاظ لكن لا فائدة
خرج من الكوخ ليبحث عن حصانه لكن لم يجده، يبدو انه فزع من صوت الرصاص وعاد إلى الإسطبل، فصوت الرعد يشتد مع هطول الأمطار ولن يستطيع الإنتظار حتى مجيئ أحد إليهم
فدنى منها بعد تردد دام للحظات وحملها بين يديه رغم تألمه وسار بها عائدًا إلى المنزل
الظلام سيد الموقف إلا من ضوء البرق الذي يصدح في السماء لوهلة ثم ينطفئ
والوحل أصبح يعيق خطواته وخاصة قدمه الصناعية فيزداد صعوبة الأمر معه
وذراعه التي يتحامل عليها وهي تضغط برأسها عليه
الألم أصبح غير محتمل والطريق بات طويلاً أمامه ولا آثر لأحد قادمًا لأنقاذهم
ظل يسير رغم المشقة التي يعانيها وقدمه الصناعية اصبحت تضغط على موضع البتر فيشتد معها الألم والوحل يعركل خطواته
وهي مستسلمة تمامًا لظلامها
سقط مرات عديدة فيشتد به الألم عندما يتحامل على جسده كي لا يسقط جسدها على الأرض وقد أصبح شكه يقينًا عندما ضمها لصدره ويشعر قلبه بدقات قلبها الرتيبة ليخبرها بأنها هي
إن اخطأت عينه فلن يخطئ قلبه
شعر برعشة تنتابها وهمهمات غير مفهومة وازدادت وتيرة دقاته عندما وجدها تتشبث بملابسه كأنها تستمد منه الأمان
وكيف يبثها الأمان وهو يبحث عنه معها
نظر إلى وجهها الذي حلم كثيرًا برؤيته وظل يرسم لها آلاف الصور
كيف لم يعرفها عندما رآها في غرفة أخته
وكيف كذب حدسه عندما رآها بجوار خيله
وكيف بات لياليه وهو يحلم بها وهي بجواره لا يفصله عنها سوى جدار واحد
سقط على ركبتيه مرة أخرى فأصيب أحداهما اثر ذلك الصخر الذي وقع عليه وتحامل على نفسه كي لا تسقط منه ويقربها لصدره أكثر كي يحميها من رسخات المطر فيتعرق هو بشدة رغم برودة الجو
نهض بتثاقل والألم مبرح لا يرأف به لكن عليه التحمل كي يعيدها للأمان
يعيدها لذلك المكان الذي حلم به معها وهي تمرح وتطير أمامه كالفراشة
يتخيلها كما تخيلها دائمًا
بعينيها التي تضيئ ظلامه بشموسها الذهبيه
وأهدابها التي نحرت قلبه بحدتها واناملها التي عزفت على قلبه بسنفونية عشقٍ أبدي
عادت إليه من ظن يومًا أنه فقدها للأبد، لن يتركها تبتعد مرة أخرى مهما حدث حتى لو وقف أمام العالم أجمع
لن يتنازل عن حقه في تلك الدنيا
وهي حقه بل أكثر من ذلك لذا لن يتخلى أبدًا.
شدد من احتضانه لها وكأنه يخشى من عدم تكرارها
لا شيء به يرحمه؛ قلبه الذي يهدر بعنف
وذراعه الذي أصبح ينزف بغزارة
وقدمه التي تعركل سيره مع ذلك الألم
أصبح تنفسه ضعيفًا والرؤية أصبحت مشوشة أمامه
لم يعد يستطيع التحمل لكن عليه الوصول بها لبر الأمان
ازدادت الأمطار
وتعثره بدأ في الازدياد حتى تهدى له اصوات آتية من البعيد
فعلم حينها بأن راجله تبحث عنهم
ظل يعافر ويعافر لكن انتهت قوته عند ذلك الحد ووجد جسده يتراخى حتى سقط على ركبتيه
وسحبه هو أيضًا الظلام لدائرته المغلقة..
❈-❈-❈
عقد مراد حاجبيه مندهشًا وسألها
_ شرط ايه؟
أجابت بجمود
_ اعيش لوحدي.
ضيق عينيه متسائلًا
_ تجصدي ايه مش فاهم.
_ أقصد اللي فهمته وده شرطي.
زم فمه باستياء وغمغم بضيق
_ بس احنا اهنه في الصعيد ومينفعش تجعدي لحالك.
ردت نور بنفس الإصرار
_ خلاص يبقى تلتزم بوعدك و تسيبني ارجع القاهرة.
فكر قليلًا في حل ثم قال بتسويف
_ خلاص اصبري لحد ما تجومي بالسلامة وبعدين نكمل كلامنا في الموضوع ده
حاولت الاعتراض لكنه منعها بلهجة لا تقبل نقاش
_ جلت لما تجومي بالسلامة وانتهى الحديت
تركها ودلف غرفته فيجد سلمى جالسة على الأريكة في وجوم
اندهش من حالتها وتقدم منها يسألها
_ مالك جاعدة لحالك إكدة ليه؟
اعتدلت في جلستها وقالت بوجوم
_ مفيش بس خالتو نامت وسهر عند مامتها وانا لوحدي كالعادة.
رفعت عينيها إليه وسألته
_ جبت التحليل؟
اومأ بصمت فعادت تسأله رغم سماعها لما دار بينهم
_ ايه هي؟
_ النتيجة ايجابية.
أخفت آلامها كعادتها ابتسمت بمرارة علقمت حلقها ثم دنت منه لتلف ذراعيها حول عنقه وهي تتمت بثبوت
_ مبروك
أومأ لها وكأن صوته أختفى وخاصة عندما وجدها تطبع قبله خفيفة على عنقه وكأنها بتلك الطريقة تهدئ عقلها الذي يخبرها بأنه لم يعد ملكها ولم تجد سوى تلك الطريقة التي تثبت بها ذلك، هي وحدها من تستطيع فعلها
لكن ما ادهشها وجعل الخوف يأخذ طريقه إلى قلبها انه لم يستطيع التجاوب معها، لم يعد كما كان من قبل يرضخ لها من نظرة واحدة وينعم وتنعم معه بتلك اللحظات
ابتعدت عنه قليلًا كي تنظر لعينه التي وجدت بداخلهما جمود لم تراه من قبل
منذ أن جاءت نور وهم لا يعيشوا تلك اللحظات إلا نادراً حتى لم تعد بها تلك اللهفة ولا قوة المشاعر التي تؤكد مدى شغفه بها
مما جعلها تشعر بالخوف وأنها أصبحت على حافة الهاوية
تحولت نظراتها إلى عتاب وتمتمت بلوم
_ للدرجة دي انت خلاص بعدت عني؟
رمش بعينيه دلالة على مدى استياءه من نفسه لجرحها بتلك الحدة وغمغم بصدق
_ لأ يا سلمى بس دماغي فيها ألف حاچة وعشان إكدة مش جادر اتچواب معاكي، بس اوعدك إني أفوج لنفسي هاخد أجازة من المستشفى ونجضي يومين لوحدينا في المكان اللي يعچبك.
الآن فقط علمت بصدق حديث والدها
لم يعشقها يومًا وكل ما في الأمر انه تزوجها رأفةً بها
سحبت ذراعيها من حول عنقه وارتدت خطوة للوراء وهي تقول بابتسامة باهته تخفي بها كسرتها
_ اللي تشوفه يا حبيبي.
آلمه رؤيتها بذلك الانكسار والتي تحاول اخفاءه عنه مما جعله يسخط من نفسه وهم بالتحدث لكن قاطعه صوت هاتفه
أخرجه من جيبه وتطلع به ليجده اتصال من المشفى، شعر بالقلق عليه ينتابه ورد بهدوء
_ السلام عليكم
_ أيوة يادكتور مراد جواد بيه في المستشفى جاتله رصاصة في دراعه….
لم ينتظر سماع المزيد واغلق الهاتف وهو يسرع بالخروج
_ انا رايح المستشفى.
وكعادته دائما المشفى أهم من كل شيء ويبدو أنه حان موعد الإنسحاب.
❈-❈-❈
انقلبت المشفى عقب دخول جواد وتوليب وقد وصلت حالته حد الخطورة بسبب الدماء الغزيرة التي نزفها
فأسرعت ياسمين إلى مراد الذي وصله الخبر وأسرع إليهم في المشفى كي ينقذ صديقه
فقالت ببكاء يهشم القلوب
_ الحق جواد بسرعة، اخويا بيموت
تحدث مراد بهدوء كي يطمئنها
_ متجلجيش ان شاء الله هيكون بخير
تركها ودلف غرفة العمليات بقلب ملتاع عليه
لكنه اطمئن عندما وجد الرصاصة في ذراعه ولم تصيب اي مكان حيوي
قالت الممرضة
_ المصاب نزف دم كتير أوي والمشكلة إن الفصيلة دي مش موجودة عندنا
اومأ لها مراد وتحدث بثبوت
_ عارف
بدأ بتولي دوره ونزع الرصاصة منه ثم بعدها طلب من الممرضة بسحب الدم منه لتوافق الفصيلة
تمامًا كما حدث من قبل منذ عامين
لم يتركه لحظة واحدة وظل بجواره
رن هاتفه وكانت سلمى التي أرادت الاطمئنان عليه وعلى جواد فطمئنها باقتضاب ثم أغلق الهاتف وظل بجواره
أجبر ياسمين على العودة للمنزل بعد طمئنها عليه لكنها ابت العودة وأصرت لتبقى مع تلك الفتاة التي جاءت معه
بدأ يسترد وعيه
يهمهم بكلمات مبهمة فدنى منه مراد ليطمئن عليه وسأله
_ جواد انت سامعني؟
امسك يده وتابع
_ لو سامعني حرك ايدك.
حرك جواد يده بوهن فاطمئن مراد عليه وقام بتبديل المحاليل له وبدأ جواد يسترد وعيه كاملاً
فتح عينيه بوهن وهو يجوب بها المكان حتى استقرت على مراد الذي وقف ينظر إليه بابتسامة تلاها صوته
_ حمد لله على السلامة ياكبير
ازدرد جواد جفاف حلقه وتمتم بوهن
_ هي فين؟
ادعى مراد الجهل كي يتلاعب به وسأله بدهشة مصطنعة
_ هي مين؟ تجصد ياسمين؟
هز رأسه بتعب وتمتم بألم وهو يفتح جفنيه بصعوبة
_ البنت اللي… كانت معاي.
رد مراد بمزاح
_ انت رچعت للشجاوة تاني ولا ايه؟
لم يتقبل جواد مزاحه وحاول الاستناد على ذراعه كي ينهض فمنعه مراد
_ لأ بلاش حركة دلوجت
على العموم يا سيدي متجلجش هي زينة بس هتفضل يومين إكدة تحت الملاحظة لحد ما تنزل حرارتها
لم يطمئن جواد وأراد أن يراها بعينيه ويتأكد من وجودها
فلن يتركها تبتعد عنه بعد الآن
_ لازم اشوفها بنفسي.
تعجب مراد حقًا من اهتمامه بها وخاصة عندما وجده يصر على النهوض والذهاب إليها
_ طيب استنى اخلي الممرضة تچيبلك كرسي…
قال جواد بإباء
_ لاه مش عايز أنا هجدر أمشي.
نهض من فراشه بمساعدة مراد وشعر بألم شديد يجتاح كامل جسده
لكنه تحامل على نفسه وذهب إليها حتى وقف أمام غرفتها
هم مراد بطرق الباب لكن جواد منعه خشية من إزعاجها وقام بفتح الباب حتى يمكنه رؤيتها من بعيد ويتأكد من وجودها
وقد كان له ما أراد إذ وجدها مستلقية على السرير وغارقة في سبات عميق، ووجهها الملائكي يحكي قصة حزن أرهقت قلبه
أغلق الباب وعاد لغرفته تحت ضغط من مراد وفور ان استلقى على السرير حتى غفى لأول مرة براحة لم يشعر بها من قبل.
❈-❈-❈
في غرفة سلمى
لم يرحمها التفكير والشك بداخلها يزداد ويزداد وهي لا تعرف ما يخبئه مراد بداخله
لقد انتهت عدة نور وتنتظر بفارغ الصبر نتيجة ذلك.
ماذا ستفعل لو حدث ما تفكر به؟
كيف تتحمل مشاركة أخرى في حبيبها؟
وإذا علم والدها بذلك ستكون فرصة ذهبية كي يجبرها على الإبتعاد
لكن هل ستقبل نور بذلك؟
ولما لا وهي مرغمة على ذلك كي تستطيع اثبات طفلها
نظرت في ساعتها فوجدتها الواحدة ليلاً والجميع نيام
خرجت من الغرفة متجهة إلى غرفة نور فرغم كل شيء هي تحب تلك الفتاة صدقًا
طرقت الباب بخفوت كي لا تقلقها إن كانت نائمة لكنها فوجئت بها تفتح الباب
ابتسمت سلمى بحرج وتمتمت
_ مراد هيبات في المستشفى قلت نتسلى شوية مع بعض.
رحبكمت نور وسمحت لها بالولوج وجلست معها على الفراش
نظرت إلى جوفها الذي ظهر عليه الامتلاء فهي اصبحت في شهرها السادس الآن
كم تمنت أن تحمل هي أيضًا بطفل من مراد
وتعيش ذلك الشعور، لكن إرادة الله فوق كل شيء
_ عاملة ايه دلوقت؟
حاولت نور الابتسام وهي تتمتم بثبات
_ الحمد لله بحاول اكون كويسة
ترددت كثيراً قبل أن تسألها
_ هو انتي ليه عايزة تسيبينا وتفضلي لوحدك؟
لم تحتج نور لذكاء كي تقرأ ما بين السطور لكنها أرادت أن تطمئنها كي لا تبغضها كما فعلت سهر وقالت بمثابرة
_ عشان مش عايزة اخسر حد فيكم.
لم تفهم سلمى معنى حديثها وسألتها بحيرة
_ تقصدي أيه؟
_ انتي فهماة كويس، وجودي وسطيكم هيخلي كل واحدة منكم تغير على جوزها لأني زي ما بسمع في الصعيد ونقرأ في الروايات الصعيدية إن الأرملة بتتجوز أخو جوزها وخصوصاً لو كانوا عايشين مع بعض في بيت واحد
وعشان كدة أنا مش عايزة أخسركم أو أكون سبب في غيره أو مشكلة مع اجوازكم ياريت تكوني فهمتيني لإني مش هوضح اكتر من كدة.
أومأت رأسها ثم قالت بألم
_ هكون صريحة معاكي واقول إني فعلاً قلقت شوية وخصوصاً إني اكتر واحدة ممكن تقلق من الحكاية دي بسبب ظروفي.
ابتسمت بوجع عندما لاحظت حيرة نور وتابعت بحزن
_ أنا مش بخلف ومش هخلف لإني شايلة الرحم
قبل ما مراد يتقدملي كان بابا عايز يجوزني لآسر ابن خالتي لأنه صاحب باباه وبما إن آسر هو الوريث الوحيد فكان موافق جدًا، بس أنا وآسر متربيين مع بعض وهو نفسه كان رافض
وفي الوقت ده كنت عايشة لحبي لمراد كنت
بعشقة بجنون بس هو كان متزمد أوي تقدري تقولي كدة ما دققش فيا إلا لما كتبنا الكتاب
المهم وقتها اكتشفت إني مصابة بورم في الرحم وكان لازم عملية
حسام اخويا عايش في امريكا أخد التحاليل وكلم دكاترة كبيرة هناك وكان ردهم عليه إن سنة بالكتير والرحم لازم يتشال
بابا اصر على جوازي من آسر وانا اصريت على الرفض لحد ما اتفاجئت إن مراد اللي عمره ما حس بيا جاي بيتقدم وعايز يتجوزني
الفرحة مكنتش سيعاني واتمنيت انه كان اتقدم بدري عن كدة اتكلمت معاه وحكتله الحقيقة وهو حس بيا وقالي قدمنا فرصة إننا نخلف
واتجوزنا بعد شهر واستنينا الحمل بس مفيش فايدة لحد ما تعبت أوي والدكتور قال لمراد إن العملية لازم تتعمل في اقرب وقت.
أخذت نفس عميق كي تهدئ به تلك الرجفة التي اصابتها من الذكرى وتابعت
_ وقتها طلبت من مراد أنه هو اللي يعملها
كان صعب عليا حد غيره يعملها
تعبت أوي وشوفت الموت بعنيا بس مراد متخلاش عني ومسبنيش لحظة واحدة وفضل معايا لحد ما خلصت العلاج الكيميائي واتحسنت
لكن الحرمان ده كان صعب عليا أوي لدرجة إني فضلت الموت عن اللي انا فيه
صحيح مراد عمره ما حسسني بعجزي بس هو من حقه يكون أب وإن مكنش دلوقت هيكون بعدين، يعني متقلقيش مني لأني منتظرة حاجة زي دي في اقرب وقت.
لم تجد نور الكلمات التي تصف بها مدى تأثرها بحديث سلمى التي لم تعاملها سوى بكل خير فامسكت يدها وقالت بصدق
_ مين قال إن عمرك ما هتكوني ام؟!
انتي في الحقيقة أم لابن مؤيد اللي لاحظت اهتمامك بيه اكتر من سهر نفسها، واهتمامك بحملي اكتر مني، انتي مش بس هتكوني مرات عمه وخالتو إنتي هتكوني أم ليه لإني مش هقدر بعد ما اخرج من البيت امنعه عنكم هبعته وانا مطمنه إنه في رعايتك انتي.
ضغطت سلمى على يدها بامتنان وقالت بصدق
_ هيكون في عينيه بس وانتي معانا
همت نور بالرفض لكن سلمى منعتها
_ خلينا نأجل اي كلام دلوقت لحد ما تقومي بالسلامة، يلا بقى عشان نعست وعايزة أنام معاكي الليلة دي.
أومأت نور واغلقت النور واستلقت بجوارها.
❈-❈-❈
همهمات خافتة خرجت من ذلك المستلقي على الفراش في غرفة العناية المركزة فتسرع الممرضة بحقنة بمادة جعلته يعود مرة أخرى لسباته.
•تابع الفصل التالي "رواية التل" اضغط على اسم الرواية