Ads by Google X

رواية الهجينة الجزء (2) الفصل الخامس والخمسون 55 - بقلم ماهي احمد

الصفحة الرئيسية

 

 رواية الهجينة الجزء (2) الفصل الخامس والخمسون 55 

من قال أن الصمت لا صوت لهُ ولا حديث بهِ ، فللصمت حروف لا تُقرأ ، وصوت لا يُسمع ، وحنين لا يُشعر بهِ أحد كصمت “ياسين “بعد أن أنتهى من صلاته أتجه الى مكان سيراهُ الأن بعين مختلفه عين لم يراهُ بها من قبل ، دار “نصير” يبحث بعينيه في المكان عنهُ وكأنه تبخر ولم يعد لهُ وجود ، اتجه ناحيه الكوخ يجلس بجوار تلك النائمه على فراشه يجلس بجوارها على طرف الفراش يمسح بيدهُ على خصلاتها ذات اللون الكستنائي قائلاً بداخله بابتسامه مؤلمه :
_شوفتك سايحه في دمك بالمنظر ده بتعصر قلبي عصر يابنت المهدي ، بس اللي مطمني ومطمن قلبي أني عارف أن دمك من دم المهدي وهتشفي بسرعه يابت أبوكي ، أجمدي الصعب راح واللي جاي كله هيبقى البراح
تركها ورحل جلس على المقعد الخارجي للكوخ ومضات تأتي الى عقله مما حدث لحظات اعادت لهُ ذكرياته قديماً منذ سبعه وعشرون عاماً تقريباً يسرد المهدي لهُ مخاوفه :
_زهره طلعت حامل يانصير مش عارف ازاي بس حملت وطلعت بخلف واللعنه كلها اللي عملتها ، عملتها على طفلي اللي جاي ، خايف عليها من قبل ما تتولد ومصيرها محتوم ، محتوم بالعـ ـذاب والويـ ـل ، والمـ ـوت انكتبلها من قبل ما تشوف الحياه ، انا ممكن أجبر زهره انها تنزل اللي في بطنها
قاطعه باستهجان بقول :
_استغفر الله العظيم أنتَ بتقول ايه يامهدي
_أنا لو بيدي أعمل كده يانصير بس مش قادر ، مش قادر اقتـ ـل طفلي بأيدي وانا متلهف لشوفته في يوم اتمنى يطلع ولد علشان اللعنه ماتتفكش ويفضلوا بالضعف ملعونين
_ولو طلعت بت ، ايه اللي هيحصل ؟
كان هذا سؤال “نصير ” وهو يرتعش بخوف من الاجابه فتابع “المهدي “حديثه يقص عليهِ ما يحدث :
_ المهدي والضبع مش هيسيبوها في يوم وأنا ضعفت ومش هقدر عليهم لوحدي لو جرالي شىء انا مفهم حكيمه على كل حاجه وعارف أن الضبع مش هيسيب بنتي ولا هيطمن الا لما تبقى معاه عشان كده هخللي حكيمه تسيبهاله يربيها هو عمره ما هيأذيها الا لما تتم ال ١٦ سنه عشان اللعنه تتفك والمقصود من ده كله انها تبقى تحت جناح ياسين وانا متأكد ان طول ما بتي قدامه وبيشوفها بتكبر يوم عن يوم تحت عنيه هتخرجه من الضلمه للنور وهتحرك الجانب الطيب اللي جواه ويرجع لعقله من جديد وهيحميها بروحه بعدين
أتت “حكيمه” تتكأ على عكازها تسير بخطوات بطيئه ناحيته لم يشعر بوجودها في باديء الأمر من كثره شروده فأشارت بيدها أمام وجهُ قائله :
_لسه بتسرح كتير زي زمان يانصير
فاق من شروده والصدمه تعتلي ملامح وجهُ من وجودها جواره يردد اسمها بتقطع :
_حكـــيمــه
—————–(بقلمي مآآهي آحمد)——————-
كل شىء أتضح أمام أعين “بدر” بعدما قصت لهُ “غدير” عنه رد “بدر ” على حديثها بسؤاله :
_عشان كده بين الزرع لما كان في رجاله عايزه تأذيكي كان بيتحرك بسرعه كبيره
اقتربت لتصبح واقفه جواره مباشرةً وبدأت الاجابه برفق :
_ايوه ، ياسين سرعته مش عاديه ياسين اصلاً مش عادي
استند على يد المقعد ومن كثره توتره جلس عليه بل والأحرى كاد أن يقع من هول صدمته مما علمه شعرت “غدير ” بالقلق والخوف في عينيه مما سردته لهُ فأضافت :
_ أنتَ خوفت ، ولا مش مصدقني
تحرك نحوها بخطوات ثابته دون عجاله :
_ طريقتك وأنتِ بتحكي تجبرني أني اصدقك ، عيونك مابتحكيش الا الصدق بس أنا لو ماخفتش أبقى عبيط انا واحد عايش بين العجل اتربيت على الحياه العاديه ، حياه عاديه خالص مافيهاش لا هجينه ولا مستذئبين ولا الخاله الحكيمه اللي تبقى أكبرهم سناً وحكمه في نفس الوقت ، أنا واحد طول عمره عايش في الواقع واللي بتقوليه ماشفتوش بس غير في خيال الأفلام والخيال مالوش مكان بينا ، وبعد اللي عرفته ده كله بتسأليني خايف !!
ابقى كداب ياغدير لو ماقولتش اني مش خايف
أكملت بندم :
_ياريتني ما كنت حكيتلك
تركته تتجه نحو الخارج ثم جذبها اليه من مرفقها برفق يسألها واللهفه تتضح بعينيه :
_ليه بتقولي كده ياغدير ؟
اقترب منها اصبح امامها تماماً وقبل أن تتحرك التقط مرفقها بلطف سائلاً :
_ندمانه أنك حكتيلي
قربه منها أربكها توترت بشده ولكنها حسمت أمرها بقول :
_بصراحه ايوه ، خايفه لا تكون مش قد الثقه اللي اديتهالك احساس جوايا بيقولي اطمنيله وشعور تاني بيقول افرض ماطلعش قد الثقه اللي اديتهاله
انصت لها وأعطاها كامل تركيزه تسترسل حديثها تطالع عينيه بحنان :
_أنا زي ما قولتلك يابدر انا عيشت حياه صعبه وأنتَ اول حد اطمنله بره عيلتي خايفه اتصدم فيك وانا مش حمل صدمات
قالت كلماتها بصدق نابع من فؤادها يستطيع أن يرى أعجابها بهِ في عينيها دون ان تنطقه مما جعل حديثه اسهل :
_أنا عايز اقولك حاجه واحده بس شايفها في عينك لكن ماقولتهاش
هنا طالعته تنظر لعينيه فتابع هو بابتسامه رقيقه :
_أنا معجب بيكي ياغدير هبقى كداب لو قولت اني وصلت معاكي لدرجه الحب بس أنا حقيقي معجب
بيكي وبكل تفاصيلك
تابع بضحكه اثرتها يكمل حديثه :
_بذئابك بقى ، باخوكي اللي بيسمع دبه النمله وهو مابيشوفش بمستذئبينك وبحكاياتك الغريبه ، وعايز اعرف منك اذا أنتِ كمان معجبه بيا زي ما أنا معجب بيكي ولا لاء
ارتبكت من سؤاله صوت دقات فؤادها اوشك على كشف امرها جذبت كفها من كفه برفق تنظر جوارها للخارج بقول :
_المطره وقفت أنا لازم امشي بقى
تركته ورحلت بخطوات واسعه تحت نظراته المستغربه ابتسم يناديها بأسمها بقول :
_غديـــــر ، استني طيب هوصلك ماتمشيش في الوقت ده لوحدك
——————-(بقلمي مآآهي آآحمد)————–
هناك لقاءات لا يمكن ان ننساها ابداً ، لقاءات تخبرنا أن ما علمناه طوال العشر سنوات ما هو الا سوى خدعه وهذا لقاء مميز لأنه لقاء مع النفس ، لقاء منتظر مع ذاته منذ سنين وصل “ياسين ” أخيراً الى وجهته ، يرى كل شىء بوضوح ، أنه هنا داخل مقبرته يجلس على ركبتيه أمام اللوح الرخامي يمرر أصابعه على اسم “عمار ” المطبوع أعلى اللوح يرافقه الحزن والاكتئاب يسترجع أحداث ذلك اليوم المؤلم بقول :
_بيقولوا النسيان نعمه ، بس في حالتي انا نقمه عشان نسيتك خلوني انسى حته مني غصب عني وانا مكنتش عايز انساك واليوم اللي افتكرتك فيه روحت فيه ياعمار ، عمري ما هنسى نظره عنيك وأنتَ بتقولي قوم ، أنتَ بتعمل ايه مش قادر عليه لوحدي ، لو مكنتش سيبتك مع العربي لوحدك ، كنت زمانك عايش بس اقسملك ان وقتها كان غصب عني
تنهد بعمق يبتلع ريقه وكأنه كالأشواك قائلاً :
_ غصب عني حسيت بألم هيفرتك دماغي ، حسيت اني بمـ ـوت وكأن جسمي أنهار وقعت في الأرض مابقيتش حاسس بالدنيا واللي فيها ولاقتني بفتكرك من جديد وافتكرت أمك وهي بتقولي أنا بمـ ـوت و مش عايزه أبني يمـ ـوت معايا ياياسين فوقت لاقيتك بين أيدين العربي ، مالحقتش ، اقسملك مالحقتش انجدك من بين أيديه ، مش مكانك ، مش مكانك تكون هنا ده مكاني أنا
تابع يخرج ما بداخل صدره بأنهيار :
أنا عشت غريب في الدنيا دي بدور على جزء ناقص مني رغم اني مكنتش عارف ايه هو ولما عرفت روحت مني ، والله ياعمار كان غصب عني ، صدقني ، وحياه الأغلى عندك تصدقني
_ كــــداب
رفع وجهُ عالياً بجوار مقبرته ، يستمع اليه وقد ظهر من العدم يكمل بقيه حديثه فتابع هو :
_ايوه كداب مستغرب ليه ، ماتقولش غصب عنك
قال “عمار” أخر ثلاث كلمات ببطىء شديد فأغمض “ياسين عيونه بأحكام قائلاً :
_أنتَ مش موجود ، أنتَ ميت
جلس أمامه القرفصاء بنفس مستوى جلسته يطالعه بتحدي ينطق كلماته ببطىء :
_لاء أنا عايش ، بس عارف عايش فين
اشار بأصبعه على جبهته :
_ جواك ياياسين ، عايش جوه عقلك ومش هخرج منه أبداً ، عشان أنتَ عايزني افضل موجود ، جزء منك رافض انك تصدق اني مش موجود وميـ ـت
وقف وهو يكمل اثناء وقوفه:
وعشان كده هفضل جواك ، وكل اللي قولته ده بلح ، ولا الهوا مش حقيقي أنتَ من جواك اتمنيت اني امـ ـوت عشان خاطرها عشان تبقى معاها
حرب بارده تحدث الأن بينه وبين نفسه يحارب ذاته ، يحارب نفسه ما بين الماضي والحاضر فقاطعه يخبره بلهفه :
_ايوه أنتَ صح ، أنا اتمنيتلك المـ ـوت ، بس ده قبل ، قبل ما اعرف انك أبني ، قبل ما اعرف انك الجزء الناقص مني اللي بدور عليه بقالي سنين وبالرغم من كده ما اذيتكش وانتَ عايش أنتَ اللي كنت بتأذيني أنا قررت قبل الحرب بيوم اني هحميك عشانها ياعمار عشان تفضل معاها ده كان اخر كلام بيني وبينك
قاطعه “عمار ” باستهجان وقد بان الغـ ـضب بنبرته :
_لاء أذتني ، اذتني بوجودك جنبها افتكر كويس ياياسين افتكر كويس يوم الحرب هي اختارت تقف ورا ضهر مين لما حست بالخوف من العربي كنت أنا وأنتَ قدامها
اشار بأصبعهُ عليه :
_بس هي أختارتك ، أنتَ نفسك مكنتش مصدق وبصتلي بنظره مش هنساها أبداً نظره بتقول انك انتصرت عليا وانتصرت بحبها وهي نسيت كل اللي عملته عشانها وراحتلك برجليها رغم انها كانت دايماً بتبقى معايا بس نظره عنيها ليك كانت بتوضح اللي في قلبها لسانها بينطق شىء وعيونها بتقول كلام تاني
اشار برأسه بلا مبالاه بحركه دائريه وهو يكمل بسخريه :
_مش مصدقك ومش هصدقك نتيجه افعالك واضحه قدامك بص ، بص شوف
أشار بسبابته على اللوح الرخامي بعنـ ـف :
_عارف ده اسم مين ، ده أسمي وأنتَ السبب في اللي حصلي ومش ههدى ولا يرتاحلي بال الا ما يتحط اسمك جنب اسمي ياياسين
وضع “ياسين ” يدهُ على رأسه بألم يقبض عينيه بقوه قائلاً بنبره قد أنهكها التعب :
_كفايه ، كفايه ، كفايه ياعمار كفايه أنتَ مـ ـيت ، ياريتك كنت حقيقه ياريتك كنت موجود
ياسين أنتَ بتكلم عمار !!
القت ” مشيره ” بسؤالها من خلفه وهي تقترب منه بخطوات سريعه تضيق ما بين حاجبيها باستغراب
رفع رأسه وقد فقد اي ذرة تعقل به يطالعها بعيونه وقد تحولت الى اللون الاحمر القاتم يقبض على مرفقها بشده يطالعها بنظرات شرسه يوجهها “ياسين” لها تقابلهُ نظرات مشيره وقد دب الرعب بقلبها من لون عيونه المشتعله شهقت من الخوف ومراره ما رأتهُ ومشاعر كُثر فأخبرها بيقين مما يقول :
_عــمــــار ميــــ ـــت
——————( بقلمي ماهي احمد)——————
ثم بعض الأشياء تشعر بوجودها اصبح يزهر حياتك وكأنك وجدت ما يسرك وكأن من بعد العسر يسر كوجود “مارال ” بحياته وقد اصبحت اليسر بعد العسر ، كانوا يسيرون سوياً يحددون وجهتهم الى المنزل بعدما انهى اداء فريضه الفجر ومن ثم رأت “مارال” وقد تلاحمت الأشعه وحل شروق الشمس بأشعته الذهبيه فطلبت منه برفق ببسمه حانيه تجذبه من مرفقه بلين :
_بيدقوس تعالى نقعد هنا شويه في وسط عباد الشمس بلاش نيوح على طول الشيوق هنا يجنن
اعترض ببادىء الأمر ولكنه وافق على مطلبها وقبل ان يتحرك للجلوس القى زميل لهُ بالمسجد السلام وهو يمر بجواره وضعت “مارال ” الوشاح سريعاً على رأسها بحركه عفويه منها عند رؤيته فألقى “بربروس ” السلام رداً عليهٍ وضيق ما بين حاجبيه باستغراب على فعلتها حمحمت ومن ثم نزعت وشاحها بقول :
_بتبصلي كده ليه لاء ماتبصليش كده
ابتسم ابتسامه مكتومه وهو يجلس ما بين الزرع وسط الرقعه الزراعيه قائلاً :
_شكراً لكِ ، اعلم جيداً لما فعلتي ذلك ولكن
لا تغيري من نفسك لأحد يامارال فيعلم ربي اني احببتك حبآ خالص لوجه الله فأنتي هديه ربي لي ووصيه رسوله
_بس أنتَ مش بتغييني يابيدقوس
قالتها سريعاً دون تردد رمقها باستغراب فأكملت تقص عليهِ ماتريد :
_يعني أنا غلطانه يعني لما شوفت الشيخ صاحبك ده معدي فقولت احط حاجه على شعيي عشان ماتتحيجش مني عشان بشعيي وكده
كان سيرد ولكنها وضعت اصبعها على شفاه تمنعه من الحديث وقد تابعت :
_وقبل ما تتكلم انا عايفه ومتأكده اني مابعملش شىء غلط حتى لو بشعيي لأن دي حاجه عاديه انا بس عملت كده عشانك أنتَ ، عشان في ناس هنا تفكييها وحش زي ما أنتَ شايف قييه وايياف هيقولوا بص اللي بيصلي وبيقيم بينا مياته ماشيه بشعيها ازاي
ابتسم على حديثها ابتسامه امتنان وقد طالعها بكثير من الحب ، كانت نظراته كالعاده دافئه ونظراتها بها من الحنين الكثير فقاطع نظراتهم قائلاً :
_ولذلك انا ممتن لكِ على فعلتك هذه
_عد الجمايل بقى
ابتسم كل منهما للأخر وعادت تسأله وكأنها تذكرت شيئاً :
الا قولي صح يابيدقوس هو ليه يعني البنت المسلمه بتتحجب
رد عليها بطلب بعيداً عن السؤال :
_أغلقي عينيكِ
رمقته باستغراب فأصر على طلبه :
_هيا أغلقيهما
اغلقت عينيها ودار بعينيه بالمكان ثم قبض احد مرفقيه بأحكام والأخر وضع بهِ زهره صغيره ومن ثم طلب منها أن تفتح عيونها وقد قام بسؤالها الأتي:
_هيا أخبريني ، ماالذي يوجد بيدي اليسرى
أجابته بسهوله تامه :
_زهيه يابيبيوس
ومالونها ؟
استغربت أكثر من طرحه لأسئلته ولكنها اجابته بقول :
_حميا
_هل تستطيعين التقرب منها واخذها
كان هذا سؤاله فأجابت هي :
_طبعاً اقدي ما أنتَ فاتح ايدك ومافيش أي حاجه تمنعني اخدها
اشار بعينيه يحثها على أخذها ومن ثم أشار على كفه الاخر يكور يدهُ يقبض على ما بداخله بأحكام وبدأ بقول :
_هيا قولي لي ما الذي يوجد باليد الأخرى ولونه واذا استطعتي خذيه من بين كفي
ردت وقد طفح كيلها :
_وأنا هعيف منين يابيدقوس اي اللي في ايدك ولونها هو انا عايفه هو ايه اصلاّ
اشعار بعينيه يحثها على فتح قبضه يدهُ ثم قبضت بكف يدها على كفه تحاول فك قبضته فلم تستطع فعلها أخبرته من بين اسنانها وقد استفزها الأمر :
_مش قاديه افتح كف ايدك يابيدقوس بجد أنتَ محافظ عليها اوي
اشار بأصبعه يخبرها بكلمات سلسله وبسيطه مع ابتسامته الساحره :
_نعم معكِ حق فالمرأه المسلمه حجابها يحافظ عليها من كل سوء لحمايتهن وصيانتهن وأظهار عفافهن ومنع كل فاسق التعرض لهن وقد اكد الله تعالى في سوره الأحزاب
﴿ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾
وبالدليل فقد استطعتي رؤيه الزهره الأولى وكل شىء بها دون مجهود فقد علمتي عنها كل شىء واستطعتي ايضاً اخذها دون موانع ولكن هل علمتي ما بداخل كفي الأخر هكذا هو الحجاب فرض على المرأه المسلمه لحمايتها في المقام الأول من كل سوء فالله أعلى واعلم واذا فرض شىء فهو لمصلحه البشر
صمتت لثواني تفكر بما قاله منذ قليل ، اقترب منها هامساً بأذنها :
_لماذا الصمت هكذا ؟
هزت كتفها تخبره ببراءه :
_هقول ايه ؟
تحدثي بأي حديث تحدثي بأي لغه تريدين فصمتك هذا يربك قلبي المسكين بعدما وقع بحبك
وصار معذب لسنين
تحدث بربروس ببسمه واضحه على شفاه تزيد من وسامته رأت بسمته فانفرجت تقاسيمها وهي تقول :
_ضحكتك دي هتجنني ، شوفت عيفت اعالج البؤس اللي كان على وشك من شويه ازاي
هز رأسه نافياً يخبرها بعيون محب صادقه :
_لا ، اذا اردتِ أن تعالجيني من البؤس فيجب عليكِ حذف الهمزه
ابتسمت بخجل وقد غزت الحمرا وجهها وهي تقول
_بطل يابيدقوس
ابتسم من خجلها يسترسل حديثه بوجه ضاحك
لماذا ؟ ليس بعيبٍ ولا حرام ، ألست بزوچك
طالعت الجوار بخجل واقتربت من أذنه هامسه تحدثه بنفس لغته :
_حسناً ، فوالله وبعقد الهاء عندما يغلق علينا الباب سأقـ ـتلك بقـ ـنبله لا نون لها
——————–(بقلمي ماهي احمد)—————-
ألقى “ياسين” كلماته على مسامعها ولكنه لم يؤثر بها ، كل شىء صار بلا معنى عند رؤيتها لعيونه التي قد تحولت الى اللون الأحمر القاتم كلماته موحيه ولكنها تجاهلته وسألت بارتباك:
_عيونك حمرا كده ازاي
قبض بعينيه وقد أعاد عيونه الى لونها الطبيعي وبدأ بقول :
_ماردتيش عليا
ليه كذبتي عليا السنين اللي فاتت دي كلها ، ليه فهمتيني أن عمار عايش وممـ ـاتش
لا مفر ، علمت بأن الكذب سيزيد التعقيد صمتت لثواني في محاوله منها لأيجاد مخرج جذبت مرفقها من قبضه يده فقد ألمتها قبضته تحاول التبرير :
سيب أيدي ، ايدي هتتكسر في ايدك حرام عليك
حرر يدها من كفه يتابع نظراتها المرتبكه ، صرخ بها يحثها على القول :
_أنطقــــي
تابعت بعينين وقد اتخذت من تمثيل الصدق وشاحاً ، وحقا لقد برع تمثيلها وهي تتحدث بحزن:
_حاولت أقولك كتير ياياسين ، حاولت أتكلم معاك واقولك انه ميـ ـت من أول يوم عرفتك فيه وأنتَ مكنتش مديني فرصه حاولت أعالجك كتير بس مجرد أن فكرة أن عمار يبعد عنك كانت مستحيله ، حاولت اشرحلك بس مانفعش عارف ليه ؟
بدا وجهها شاحب للغايه وهي تتابع بقول اسبابها :
_علشان عمرك ما قولتلي أسباب عمرك ما دخلتني في حياتك عملت معاك كل حاجه نومتك مغناطسياً ، اديتك أدويه ، حاولت اعالجك حتى من غير ما تحس بس لما كان بيبعد عنك كنت بتبقى عامل زي المجنون ، فاكر ، فاكر لما كسرت الكوخ على اللي فيه لمجرد أني واجهتك وقولتلك بتكلم مين أنا مش شايفه حد
نعم ماتسرده لهُ قد حدث بالفعل ، حاولت علاجه ببادىء الأمر ولكنها فشلت بمحاولتها في المره الأولى وعندما نجحت حاول تركها والعوده الى دياره فبدأت بوضع حبوب المخدر بداخل مشروبه حتى يزيد تعلقه بهِ بعدما ادركت بأنه سيتركها اذا علم بحقيقه مـ ـوت عمار ، تركها ورأته يتجه ناحيه اللوح الرخامي من جديد فلحقت بهِ بخطوات لم تكن متزنه أبداً فابتلعت ريقها بتوتر زاد بقوله لها :
_ لما ، لما دخلت عندك الكوخ اول مره شوفتك يامشيره وأنقذتك أنتِ حلفتيني بحياة عمار قولتي وحياة عمار ماتسبنيش ازاي ، ازاي عرفتي أني بكلم واحد اسمه عمار مع أنك كنتِ لسه أول مره تشوفيني
التقطت انفاسها بصعوبه وبدأت بسرد ما حدث تلك الليله بقول :
_انا دكتوره نفسيه ، شوفتك وانتَ بتكلم نفسك ونطقت اسم عمار وقتها بصيت حوليا مالقيتش حد قدامي ، بس بالرغم من كده بتكلم الفراغ عرفت حالتك من لحظه ما شوفتك وانا اهل جوزي
هيقـ ـتلوني لو كنت مشيت وسيبتني وقتها ، قولتلك وحلفتك بحياه عمار عشان انقذ حياتي من المـ ـوت
جحظت عيناه مما يسمعه وانكمشت تقاسيمه فأكملت حديثها مسرعه :
_بس ، بس وحياة ربنا حاولت اعالجك حاولت ومعرفتش أو ماقدرتش بقيت احطلك الدوا في الشيري كولا ولما صوره عمار بقت تبعد عنك ومابقاش ييجي في خيالك اتجننت وكنت عايز تسيبني وترجع بلدك ، او بالأصح ترجعلها
_روحتي بطلتي تعالجيني لما فكرتي اني هسيبك
ثبتت نظراتها أمام سؤاله واستدارت لهُ تجاوبه بالحقائق :
_أيوه بطلت اعالجك ، بطلت احطلك الدوا اللي يخليك ماتشوفش عمار تاني بس ما سألتش نفسك مره واحده ليه أنا عملت كده ؟
رد عليها رد قوي أسكتها :
_علشان أنتِ انانيه مابتفكريش غير في نفسك وبس
لمع بريق في مقلتيها وهي تصحح :
_لاء علشان بحبك
اخبرته بما أدهشه ، او أصدمه بالمعنى الحرفي ، طالعها بذهول وقد أعتلت الدهشه تقاسيمه وهو يقول :
_بتحبيني !!
أنفجرت وقد أتى انفجارها على هيئه بكاء وصراخها بهِ:
_اعمل نفسك مش فاهم ولا عارف ، مع انك ذكي كفايه وعارف انا ليه جنبك السنين اللي فاتت دي كلها وبعت الكل واشتريتك
بانت على تقاسيمه الذهول بعدما التحمت الأعين وهي تسترسل :
_بعد وفاة جوزي اتقدملي كتير عشان بس في يوم ابصلهم مافكرتش ماكنتش بوافق ليه ؟
رد بثبات يحاول استدعائه :
_عشان مش عايزه تتجوزي عايزه تفضلي حره زي ما كنتِ بتقوليلي
بان وجعها وهي تصرخ :
_مافيش ست مش عايزه تعيش في ضل راجل يحميها ياياسين ، بس ، بس ضل راجل هي بتحبه وبتحس بالأمان معاه ، لما كنا هناك في المانيا كنت بتخاف عليا وبتحميني كان اهتمامك بيا زايد اضعاف ما بتهتم بيا هنا
_ده مكانش حب يامشيره انا وانتِ صحاب ، بس مابحبكيش انا كنت فاكر ان احنا صحاب
_أحنا مش صحــــــاب
قالتها على هيئه صرخه تدوي بالمكان وتحدثت دموعها بدلاً عنها تقترب منهُ قائله :
_عمرنا ما كنا صحاب ، أنا كل ده مستنيه أنك تيجي تكلمني وتعترفلي بحبك ليا لما اقف جنبك واساعدك قولت اكيد هيحس بيا وهيحس باللي عملتوا عشانه قولت البنت اللي في مصر دي اكيد كان وقت وعدا مش اكتر لأنك كنت بتتجنب تجيب سيرتها ولما جيت اتجوزتها قولت اكيد عشان يحميها ما البنت دي اللي عمار كان بيحبها واللي اكدلي أني متأكده انك مادخلتش عليها ولا قربت ناحيتها في يوم كل ده وانا متحمله ، متحمله عشان اسمع منك كلمه بحبك يامشيره عشر سنين وانا مستنياها منك ومستعده استنى عشره زيهم لو هتقولهالي في يوم
ورد هو بما اوجعها :
_الراجل لما بيحب مش هيستنى عشر ثواني عشان يعترف للي بيحبها مش عشر سنين يامشيره كان لازم تعرفي ده لوحدك انا لو كنت حسيت من ناحيتك بأي حاجه كنت اعترفتلك من زمان ومكنتش هسيبك لوجعك ده كله بس انا طول عمري كنت صريح معاكي ، طول عمري بقولك أنك زيك زي بربروس وعلي جدعه ووفيه وبتقفي في ضهري ماكذبتش عليكي ولا اديتك امل في يوم
اقتربت منهُ بألم ، فاستدار ينظر بجانبه حتى لا تلتقي عيناه بعينيها تحدثت دموعها قبل اي شىء أدارت وجهه بكفها ببطىء لينظر لها تسأله وهي انفاسها تتعالى تطالع عينيه السوداء كسواد الليل بقول :
_يعني مافيش أمل أنك تحبني في يوم ؟
زاد قربها منه تنتظر الجواب تمسح بظهر يدها على وجنتيه بحب تصرح بما تعلمهُ منذ سنين مضت تقول بنبره حانيه مبطنه بالحب :
_أنا عارفه أنك مخبي عني كتير عشر سنين وأنتَ زي ما أنتَ مابتكبرش ، من اول ما شوفتك وأنتَ مابتتغيرش ، قوتك وأنتَ بتشيل الشنط ، طريقه أكلك لما بتبقى جعان وبتحاول تداري جوعك مهما أكلت بتفضل برضوا جعان عينيك اللي اتغير لونها وقت عصبيتك حاجات كتير اوي بشوفها فيك ومابحاولش حتى أسأل عنها ولا افهمها عارف ليه عشان اللي بيحب مابيشوفش غير الحلو في اللي بيحبه وبس
اقتربت منهُ اكثر قبضت على كفيه تضع يدهُ على خصرها تعالت انفاسه من كثرة قربها واعطته أذن بالقرب منها اقتربت من شفاهه وكانت على وشك تقبيله ولكنه عاد خطوه للوراء يبتعد عنها باشمئزاز ورد بما أشعل الغيظ في فؤادها :
_لو جو الرخص ده شيفاه هينفع معايا تبقي حماره وستين حماره كمان يامشيره عشان انا غير اي حد عرفيته قبل كده ، أنتِ عارفه احنا فين احنا وسط ميتين
واكمل برده الساخر :
_طب احترمي حتى وجودهم لا يطلعولك
ونجح بكلماته لأبعادها عنه يسترسل بقول :
_أنتِ هنا جنب عمار اللي فضلتي سنين توهميني انه عايش بس عشان افضل جنبك ومارجعش ، فاكره بطريقتك دي هبقى ملكك ومعاكي أنتِ اه نجحتي في ده لكام سنه براڤو ، بس خسرتيني للأبد يامشيره بسببك انا عشت بعيد عن عيلتي سنين
_تبعد عن عيلتك ولا عنها عن اللي صاحبك كان بيحبها
تقصد بقول صاحبك” عمار” فهي حتى الأن لا تعلم
صله القرابه بينهم وزاد وجعه بقولها :
_اللي كانت بتحب صاحبك وعشرة عمرك ودلوقتي بتحب فيك يلا ما التاني مـ ـات والحي ابقى من المـ ـيت هتفضل السنيوره تزعل عليه لحد امتى وماصدقت انك عرضت عليها الجواز وفي لحظه وافقت ، على كده بقى المرحوم اللي احنا واقفين قدام تربته وضعه ايه معاها
بان الغل في نبرتها تتابع بحده تشير على فؤادها بأصبعها :
_بتقول عليا انا رخيصه اومال هي تبقى ايه ، الرخيص في الحوار ده هي مش انا على الاقل انا مابصيتش لصاحب عمر حبيبي وعملت نفسي اني عايزه امـ ـوت نفسي من فوق الجبل ياحرام واتصل بيك على اخر لحظه عشان تلحقني وتتجوزني دي مكيده وأنتَ وقعت فيها وشمس الحربايه عرفت تجيبك ازاي
كور كفه في محاوله بائسه منه للتماسك حتى لا يتهور أكثر من ذلك ويقوم بأيذائها يستدعي كل ذرة ثبات لديهِ بقول :
_الرخص اتخلق للي بيرمي لحمه للغريب وبيشحت الحب اللي رافضه يامشيره ماتخلقش لشمس
كلماته موحيه تضربها في مقتل ترى الاصرار في عينيه وهو يتدارك الموقف يدافع عنها بكل ما امتلك من قوه بقول :
_الرخص عمره ماعرف طريق شمس ،
شمس اللي لما ببصلها بستغرب ازاي كل المعزه دي ممكن تكون جوا قلبي ليها أنتِ ممكن تكوني عارفة اني بعزها بس متعرفيش انا بعزها قد ايه انا الدنيا كلها اخدت مني كل حاجه بس رزقتني بيها مكنتش اعرف اني بعزها اوي كده غير لما لاقيت نفسي بعيط في نص الليل عشانها ، عشان خايف اخسرها زي ما خسرت اللي قبلها النظره في عيونها بتساوي عندي الدنيا ومافيها عشان عيونها دول حبايبي يامشيره
وقبل أن تقاطعه اكمل هو وقبض على مرفقها بقوه وقد احتدت نبرته بقول :
_مش عايز أشوف وشك تاني أحمدي ربنا انك قابلتيني في سنين عرفت الرحمه طريق لقلبي فيها يا اما كان زمانك مدفونه حيه في قبر من دول من بكره تلمي هدومك وتمشي ولو شوفتك في طريقي مره تانيه هنزع الرحمه من قلبي بشوفتك يامشيره
كلماته تجلدها تسمعهُ بألم وهو يدافع بقوه عن أمرأه غيرها ، لا تعلم كم احبها ولن تعلم كيف يحبها .. نعم يقول على الحب فقط معزه إذاً وكيف يكون أذا اعترف بحبها ، وكأنه مقسوم نصفين نصف يريد الأعتراف بحبها والأخر يمنعه عن فعلها
———————( بقلمي ماهي أحمد )————–
هناك اعترافات تصيبنا بالعجز كذلك كانت حالته تماماً حين تواصل “يزن” مع الطبيب المعالج عبر تطبيق الواتساب لأجراء بعض الفحوصات فاستعلم “يزن “منه عن حالتها الصحيه المتدهوره بقول :
_للأسف حاله ساره في تدهور تام يااستاذ يزن من بعد ما بقت توقف العلاج ومابقيتش تاخد جرعه الكيماوي وكل شىء رجع زي الاول واكتر
تيبس للحظات يعيد قراءه ما بعثه لهُ الطبيب ، لم يستطع منع سؤاله يبعث لهُ برساله نصيه اخرى :
_ازاي ما بتاخدش جرعتها أنا اللي بوديها بنفسي وارجع اخودها من قدام المستشفى انا اللي بديها العلاج بأيدي كل يوم
بعد ثواني رد عليه الطبيب قائلاً :
_دي حاجه تقدر تسألها هي ، بس أنا متأكد من معلوماتي
أغلق هاتفه وظل صدى كلماته يتردد في أذنه خرج من غرفته يبحث عنها بأرجاء المنزل حتى وجدها أخيراً بغرفتها تقف أمام المرآه تمشط خصلاتها بحزن تطالع اسنان المشط وما بينهُ من خصلاتها المتناثره عليهِ بشكل عشوائي وما ان سمعت صوته يناديها بالخارج حتى أخفت المشط سريعاً تلقي بخصلاتها بصندوق القمامه ردت عليهِ بصوتً عالِ نسبياً وهي تقول :
_أنا هنا يايزن
اجبر نفسه على الأبتسام أتى ومعه كوب من الماء ، والدواء الخاص بها يحثها على أخذه بقول :
_العلاج ياساره جيبتهولك في معاده
مدت كف يدها تشير برأسها بالموافقة بقول :
_تمام هاخده
وضعت كبسوله الدواء بداخل فمها وتجرعت كوب الماء من بعده ابتسم لها يعطيها ظهره قائلاً :
_انا هطلع اشوف دكتور علي فين
وما أن خرج حتى أخرجت الدواء من فمها تضعه بصندوق القمامه تابع هو ما تفعله عند وقوفه مقابل الباب وصدم عند معرفته بذلك طالعته بذهول عند رؤيته وقد رأها تلقي بدوائها بداخل الصندوق فنطق هو من بين شفتيه سؤاله بدهشه من فعلتها
_طب ليه ؟
——————-( بقلمي ماهي احمد)—————-
وجودها معهُ بنفس المكان بل وجواره على نفس الأريكه أربكه جعله يخرج الكلمات بشكل متقطع من فمه وقد ابتلع ريقه بتردد وقبل أن تنطق سريعاً برر لها :
_أنا حاولت ، حاولت أبعد عن ياسين وشمس زي ما أمرتي زمان بس وعزه جلال الله ياحكيمه شمس رجليها اللي جابتها ليا لوحدها ما كان ليا يد في مجيتها هنا
أعتدلت بجلستها تطالعه بنظرات محتده وقد اتكأت بكفيها على عكازها تسأله :
_طب وياسين هو كمان جه هنا لوحده ولا أنتَ اللي جريته ليك
فرد عليها بصدق بما بث الذعر بداخل قلبها :
_لاء ، ياسين أنا اللي حاولت معاه عشان أنفذ وصيه المهدي وكنت بحاول اعرف منه اخبار عن شمس وبالرغم من أنه كان فاقد ذاكرته والضبع كان مسيطر على عقله بس كلام المهدي طلع صح وجود شمس جنبه حرك جواه الجانب الطيب ومنع الضبع انه يخلص عليا
_ومرتك قدرت تخلصها من الضبع هي كمان ولا دفعت تمن أن ياسين يبقى جنبك
قصمت جملتها الأخيره ظهره ، نظر للأرضيه نادماً على فعله وكان جوابه كلمه واحده وهي:
_دفعته
بغض نفسه وبشده على فعلته منذ سنين مضت وفكرته هي بما يحاول نسيانه بقول :
_أنتَ بعت المهدي زمان للضبع وهو اللي كان فاكرك
صحبه ياما قولتله ده بشر مشاعره بتحركه بلاش تأمنله على سرك يامهدي ، بلاش تعرفه كل شىء بس هو كان بيدافع عنك ويقولي ده صاحبي اللي مهما حصل لا يمكن يبعني عنده يمـ ـوت روحه ومايبعنيش
بتر نصف العباره ، بتر حديثها مدافعاً عن نفسه بدليل نطقته هي بلسانها قائلاً :
_أديكي قولتيها اهوه ، شايفه قولتي ايه ياحكيمه ، المـ ـوت عندي أحسن من أني ابيعه ياحكيمه بس هما مكانوش هيمـ ـوتوني أنا ، كانوا هيقـ ـتلوا نجاح مرتي لو مكنتش قولتلهم أن زهره حامل لو مكنتش عرفتهم مكانها كانوا قتـ ـلوها وقتها ، نجاح كانت بتحبك دي كانت اقربلك من نفسك ماقدرتش اشوفهم وهما حاطين السلاح على ضهرها
نطقت وقد وصل ضيقها الى الذروه :
_وبعد ماقولتلهم ما برضوا ضـ ـربوا عليها نـ ـار وفضلت مشـ ـلوله طول حياتها يعني عاشت عيشه الميـ ـتين يانصير
انتفض واقفاً من مكانه يسرد لها الحقائق :
_اللي حصل خلاص حصل ضعفت وقولت خوف على اللي مني مش عليا سيبت بيتي وحياتي وفضلت عايش في الكوخ ده سنين ياحكيمه عشان ماتعرفليش طريق قلبك اسود مابيسامحش مع أنك لو فكرتي فيها ولو شويه ، هتعرفي ان كل ده قدر ومكتوب وكل اللي حصل كان لازم يحصل قولت على مكان المهدي او ماقولتش كان هيحصل المهدي كان عارف ده كويس علشان كده وصاني اني اقرب من ياسين وعرفت ازاي ابقى الركن الهادي اللي بيقوله كل مشاكله حتى والضبع كان مأثر عليه ، كنت بعرف اخبار شمس منه وحننه عليها كتير أنتِ بنفسك ماعرفتيش تعملي ده أنا بس ياحكيمه اللي قدرت اعمله
كان هذا جوابه ومبرره لها ولكن كانت هي الأسرع تقف أمامه ناطقه بقول :
_ومين قالك أني مش عارفه مكانك من سنين وعارفه كل اللي بتعمله عشان تقرب شمس من ياسين من وقت ما اديت دفتر ياسين لشمس وانا عرفت نيتك حبيت تقربهم من بعض وتعرفها حياته قبل ما تتولد كانت عامله ازاي حتى وهو مش موجود ، ده غير اللي أنتَ كتبته بخط يدك عن ياسين وياسين ماكتبهوش عرفتها كل شىء عنه من غير مجهود حركتك عجبتني وعرفت أنك لسه ذكي زي زمان يانصير
وفي خضم هذه المواجهه الشرسه خرجت
“شمس ” من الكوخ تستند بكفيها على جدرانه الرؤيه أمامها مشوشه بالكاد تستطيع سماعهم نطقت كلماتها من بين شفاهه بصعوبه تحاول اخراج الكلمات بقول :
_انتوا بتقولوا ايه ؟
انتبها وتوقفا حين قالت جملتها طالعها الأثنان في أنٍ واحد وقد اعتلت الدهشه وجوههم نطقت الخاله من بين شفاهه بعدم تصديق :
_شمس
التقطت انفاسها بصعوبه تلتقطها بين ذراعيها ، وقد اعتلت الدهشه ملامحها عند رؤيتها هكذا استفسرت بعينيها قبل لسانها عما حدث فنطق “نصير”بما طمئنها ولو قليلاً :
_ماتقلقيش ياسين شال الرصاصه وهتشفى بسرعه دي بيجري في جسمها د م المهدي
اسندتها تعيدها الى فراشها مره أخرى تغوص بنومها من جديد جلست جوارها تمسح بأصابعها على شعرها بحنان تسأله عما حدث بذعر واضح بمقلتيها أجابها ومعلوماته تكاد شبه معدومه قائلاً :
_معرفش حاجه ياحكيمه كل اللي اعرفه ان ياسين جابها امبارح بالليل مضـ ـروبه بالنـ ـار ، جابها وعالجها وقبل ما اتلفت مكانش موجود ، بس اللي متأكد منه انه هيرجعلها من جديد
تبادلوا النظرات ، هل قال مضـ ـروبه بالنـ ـار من تجرأ على فعلها وخصوصاً داخل قريتهم لم تكن سوى نظرات مصدومه لا يصاحبها الا الاندهاش
صمتت لثواني تغلى الدماء بعروقها تفكر لثواني ووجدت شفاهه تنطق ما يدور بداخل عقلها :
_ أكيد فريد الكلب اللي عملها مافيش غيره
——————(بقلمي ماهي احمد)——————-
الوضع متأزم للغايه هي على وشك الموت ، ما زال يقف أمام غرفتها بثبات يحاول تدارك الموقف الذي اقدمت على فعله بعد القائها بالدواء في صندوق النفايات رأى الذعر في مقلتيها عند رؤيته وقد كرر سؤاله وهو يسير ناحيتها بقول :
_بتعملي كده ليه انطقي ياساره
قبض بكفيه على ذراعها بأحكام وهو يكمل بوجه مكفهر :
_مغفلاني وانا فاكر أنك بتاخدي علاجك وبتحضري جلساتك ، بتاخديني على قد عقلي وبتوافقيني وانا بقولك نروح نعمل التحاليل ، أنتِ عايزه ايه ، عايزه تحرميني منك ليه ؟
تجمعت الدموع في مقلتيها وهي ترجوه :
_كفايه يايزن ، أنتَ مش فاهم حاجه
حررت ذراعيها من كفه تراجعت للخلف تجلس على طرف الفراش تحت نظراته المستفسره تكمل وعبراتها الساخنه تتسارع على وجنتيها :
_مش فاهم يعني ايه شعرك يقع والألم مابيخفش ، مش فاهم يعني أيه لما شعور بنت تتحول من بنت لراجل زيي زيك
قبضت بكف يدها على أطراف شعرها فأصبحت كميه كبيره من خصلاتها بباطن كفها تسرد له عن مخاوفها بقول :
_بص ، شوف شعري بيقع بقيت اخاف اسرحه وابقى قرعه
اتجهت ناحيه الخزانه بخطوات واسعه تخرج قطعه قطنيه تمسح ملامحها بعنف :
_حواجبي دي انا اللي برسمها كل يوم قبل ما اصحى عشان خلاص شعر حواجبي وقع
التقطت رموشها الصناعيه على اعلى جفنها تلقيها بوجهه صارخه بقهر على حالها :
_شايف حتى رموشي مابقيتش موجوده ، ده غير الوجع طول الليل ببقى بكتم نفسي كل يوم واعض في المخده عشان ماتسمعليش صوت وانا بتألم وتيجي في يوم تزهق مني وتسيبني
جلست على المقعد المقابل تواجه ” يزن” بنظراتها وهي تؤكد :
_ أنا كده كده ميـ ـته يايزن وخصوصاً اني وصلت للمرحله الرابعه يبقى ليه أعيش الأيام اللي فضلالي وسط الحقن والمستشفيات والعلاج ليه اسيبلك ذكرى وحشه كل ما تفتكرني لما ممكن اسيبلك ذكريات جميله نعيشها سوا
دبت القشعريره في جسده ودافع مسرعاً عن حقه الذي تسلبه منه عنوه اتجه ناحيتها يجلس القرفصاء يحاوط كفيها برفق وقد طالعها بقول :
_أنتِ حقي ، ليه عايزه تاخدي مني حقي ياساره ، لما تكملي علاج هيبقى في امل انك تخفي في يوم لكن لما توقفي
بترت جملته تجذب كفها من يده بعدما وقفت تبتعد عنه :
_والله ما هيحصل يايزن افهم بقى انا كده
كده ميـ ـته مافيش حد وصل للمرحله الرابعه وكمل وعاش ، أنا موقفتش علاج غير لما عملت تحاليل وعرفت ان حالتي بتسوء مابتتحسنش لو كنت اكتشفت المرض بدري كان هيبقى في امل لكن خلاص ، خلاص يايزن كل حاجه بتروح
احتضنها وبشده تمسك بها لا يتركها وقد نطق بكلمه واحده :
_ماتسبنيش
تمسكت بهِ وقد ابتل قميصه بدموعها ، حاوطته بذراعيها وكأنها تخشى ضياعه منها وقد نطقت بقول :
_أنا مش عايزه اسيبك ، بس غصب عني لازم اسيبك
توقفت الأرض الأن بكلماتها ، هذه اللحظه وهذه الكلمه يشعر وكأن جسده ستفارقه الحياه اذا فارقته هي
——————–( بقلمي ماهي احمد)—————-
كان الصمت ثالثهما أثناء عوده ” غدير وبدر ” الى المنزل بعدما رفضت ركوب الدراجه من خلفه رفع طاقيه چاكيته على رأسه قائلاً بمزاح :
_هتفضلي ساكته كده كتير
توقفت عن السير تطالعه وقد اختلطت الحده بنبرتها :
_هقول ايه ؟
لاحظ الحده بصوتها هذه المره كمش حاجبيه مستفسراً :
_مالك ياغدير من ساعه ما طلعنا من المحل وأنتِ متغيره ، كل ده عشان قولتيلي ، وطالما خايفه اوي كده قولتيلي ليه
_معرفش
اجابتهُ ودموعها تحرق وجنتيها من كثرة الندم فجاهدت تخبره بصوت مبحوح :
_كنت عايزه احكي لحد ومش عارفه حاكيتلك ليه ، لو اي حد عرف الكلام ده بره العيله هتبقى مصيبه ، عيلتي اللي عيشت سنين بحلم بيها هتدمر ، ياسين مش وحش يابدر ، ياسين ده احلى حاجه في كل الحاجات ، أنتَ ماتعرفش هو ضحى بأيه وبيعمل ايه علشانا ، انا بس حسيت اني وحيده معنديش حد احكيله انا راهنت نفسي انك هتطلع كويس وحاكيتلك وخايفه أخسر الرهان يابدر
لانت تقاسيمه يمسح دموعها من على وجنتيها برفق يخبرها ما يطمئنها بقول :
_ مش عارف وعدي ليكي هيبقى كافي ولا لاء ، بس اوعدك ياغدير أنك هتكسبي الرهان
بان الصدق من خلال نبرته ، حديثه طمئنها ولو قليلاً وبدأ يسرد لها ما بداخله أيضاً :
_تعرفي أني عمري ما جربت شعور العيله أبداً
اكملت سيرها وقد اكمل هو يسير بجوارها :
_أنا اصلاً ماليش حد في الدنيا غير خالتي اللي ربتني بعد امي وابويا ما اطلقوا وكل واحد اتجوز ومابقاش عايز يربيني خدتني هي وربتني عشان مابتخلفش
اتسعت عينيها قائله :
_خالتك !!
_بصي هي مش خالتي اوي يعني بس انا بقولها خالتي ، ماليش غيرها هي اصلاً كانت جارة امي وكان كل ما جوز امي يديني علقه على اتفه الأسباب ، تجري تخبيني عندها وطبعا تسيبني عندها باليومين تلاته ولا تسأل لحد ما في مره لاقيتهم سافروا من غير حتى ما اعرف وقطعت كل صلتها بيا ومن يومها وانا عايش مع خالتي وهي اللي ربتني لحد ما تعبت ومابقيتش قادره تخدم نفسها بس انا اللي بخدمها دلوقتي وعمري ما هنسى جميلها في يوم ربتني وعلمتني وعاملتني على أني ابنها واكتر
تنهدت بألم وهي تقول :
_الأم اللي تربي مش اللي تخلف وترمي يابدر
خرجت منه تنهيده حاره يشير برأسه موافقاً ينظر أمامه فسألته مستفسره :
_سكت ليه
اصطنع نبره شبه باكيه :
_خايف ، خايف تطلعي اسرار العيله بره وتقولي لحد هتبقى مصيبه أنتِ ماتعرفيش خالتي دي طيبه ازاي خالتي دي أحلى حاجه في كل الحاجات
علمت أنه يقلد نبرتها ساخراً ابتسمت بضحكه واسعه تضربه على كتفه بخفه :
_والله ، بقى أنا بعمل كده
أشار برأسه بالموافقه وقد بانت الضحكات بكلماته قائلاً :
_بصراحه أه ، أوڤر اوي
ضحك الأثنان معاً ودون أن يشعروا وجدوا أنفسهم على أعتاب المنزل أشارت بأصبعها على المنزل بقول :
_الظاهر كده ان احنا وصلنا
نظر “بدر” حوله متأملاً المكان :
_اي ده هو احنا وصلنا بسرعه ولا البيت اللي قرب
وقبل ان ترد فقد ظهر “حسان” من العدم يقف أمامهم يرد بنبره حاده :
_كنتِ فين ياغدير
حمحم “بدر ” في محاوله منه اعطاء بعض الهدوء :
_هي بس كانت عجلتها بايظه فـ
بتر حديثه بغلظه :
_أنا مسألتكش أنتَ أنا سألتها هي
تهكمت تقاسيمها تجاوبه :
_في أيه ياحسان بتتكلم كده ليه محسسني اني عامله عمله ليه ؟
اعاد كلماتها ساخراً :
_محسسك!!
يعني لما تفضلي بره طول الليل واستغليتي أن البيت والع والدنيا شايطه ومحدش هيسأل عنك وتقعدي بره طول الليل ده يبقى اسمه ياهانم يامحترمه وراجعه مع واحد غريب مانعرفهوش
علا صوته فأصبح الجميع يطالعه مزامنهً مع عوده بربروس ومارال فقد سمعوا الصوت من بعيد أتى “بربروس “مهرولاً :
_ماذا حدث ؟
صمت الجميع عن الكلام دون “حسان”الذي نطق بنبره حاده قائلاً:
_تعالى يابربروس تعالى شوف الهانم كانت فين
صاحت “غدير ” تنقذ نفسها قائله :
_انا معملتش حاجه غلط
لاء عملتي
أصر “حسان” وبشده على حديثه وتابع بقول :
_لما ماتبقيش طول الليل جوه البيت وترجعي مع واحد غريب الصبح تبقى عملتي ، اللي بتعمل كده في القريه بنسميها ********

google-playkhamsatmostaqltradent