رواية مزيج العشق الفصل الثاني والعشرون 22 - بقلم نورهان محسن
الفصل الثاني والعشرون ( حادث مدبر ) مزيج العشق
هناك دائما طرف ثالث في العلاقات
ينتظر الانفصال بفارغ الصبر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أرادت عبور الشارع ، لكن الدموع التي ملأت عينيها جعلت نظرها مشوش ، ولم تلاحظ السيارة التي ظهرت أمامها فجأة.
نظرت إليها و هي تشهق في ذعر وأغمضت عينيها ، تستعد لإرتطامها بها.
قبل ذلك بساعتين
في مكتب مراد
بعد أن أغلق الهاتف مع ياسمين ، ظل يفكر في طريقة سريعة يمكنه من خلالها مقابلتها.
بعد عدة لحظات ، سمع رنين هاتفه مرة أخرى ، وكان المتصل أيضًا ياسمين
اجاب مراد بضجر : ايوه يا ياسمين في ايه؟
ياسمين : ..........
استمع مراد الي ماتقوله بإنتباه ثم هتف بتساؤل و هو يجعد بين حاجبيه : متأكدة من ان اللي عملتيه دا هيعمل مشكلة بينهم؟
ياسمين : ...........
حك ذقنه بتفكير : تمام اقفلي دلوقتي و تابعي اللي بيحصل و بلغيني
اغلق معها و قد خطرت له فكرة متهورة ، و سرعان ما التقط هاتفه مرة أخرى متصلاً برقم الحارس الذي يراقب كارمن باستمرار
مراد بتساؤل : ايوه يا حمدي انت فين
اجاب حمدي مسرعاً : قدام شركة البارون يا باشا مدام كارمن موجودة جوا
تحدث مراد بعد ان تنفس بعمق : تمام اسمع اللي هقوله و نفذه بالحرف ...
حمدي بإذعان لكلام سيده : اوامرك يا باشا
مراد بتحذير شرس : اوعي يحصل غلطة و لو صغيرة يا حمدي .. عيلتك هتكون ثمنها فاهم
هتف حمدي برضوخ لأنه يخافه بشدة ويعرف أنه يمكن أن يؤذيه بسهولة : مفهوم كل اللي طلبته هيتنفذ يا باشا
أغلق مراد الهاتف ونهض يضع في جيبه الخلفي ثم إلتقط سترته من خلف مقعده ، و توجه إلى باب المكتب و خرج من الشركة ، وهرع إلى سيارته يقودها متوجها إلى شركة البارون.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند مراد بعد فترة وجيزة
وصل إلى الشارع الذي تتواجد فيه الشركة ، وظل جالسًا في سيارته يتابع مدخل الشركة بتركيز.
بعد دقائق قليلة سمع رنين هاتفه فأجاب على الفور.
مراد : ايوه يا ياسمين .. حصلت حاجة عندك ؟
ياسمين بثرثرة : مدام كارمن خرجت من المكتب معها شطنتها و شكلهم فعلا اتخانقوا و هي خارجة من الشركة دلوقتي يا باشا
مراد بسأم : خلاص سلام
انهي مكالمته معها ثم اتصل بحمدي ...
مراد بسرعه : حمدي ركز كويس كارمن هتخرج دلوقتي تنفذ اللي قولتو .. و اياك يحصلها حاجة
أومأ حمدي بطاعة كأنه يقف امامه : تحت امرك يا باشا
أغلق الهاتف ونزل من سيارته ، و وقف علي الرصيف وظهره للشركة حتى لا يلاحظه أحد.
في هذا الوقت ، خرجت كارمن من الشركة على عجل و أرادت عبور الشارع ، لكن الدموع التي ملأت عينيها جعلت نظرها مشوش ، ولم تلاحظ السيارة التي ظهرت أمامها فجأة.
نظرت إليها في ذعر و الدماء تهرب من جسدها ، و تتصلب قدميها في الأرض.
تشعر انها لا تستطيع التحرك فأغمضت عينيها بقوة ، وهي تستعد لإرتطامها بها.
شعرت فجأة بيد تمتد من خلفها تشد ذراعيها ، لتسحبها إلى الخلف بسرعة وبقوة ، وتصطدم في صدره القاسي.
مرت بضعة لحظات مبهمة قبل ان تدرك أنها بين ذراعي شخص ما.
فتحت عينيها و هي ترفع وجهها إلى ذلك الشخص الطويل الذي تراه لأول مرة.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في مكتب ادهم
بعد أن ركضت للخارج من أمامه بغضب ، استمر هو في توبيخ نفسه لقسوته تجاهها.
نفخ بسخط من نفسه وتوجه إلى مكتبه ، ثم قام بتشغيل جهاز الحاسوب ليرى ما حدث في مكتب السكرتيرة أثناء الاجتماع.
لكن شيئًا ما في الكاميرات لفت انتباهه ، اتسعت عيناه في صدمة شديدة و خوف حقيقي لأول مرة يشعر به ، وركض من المكتب والشركة بأكملها في هلع.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند كارمن
رمشت بعينيها عدة مرات ، لتستعيد تركيزها وأدركت أنها في أحضان شخص غريب ، فصبغت خديها بحمرة الخجل ، وخرجت من حضنه ثم تنحنحت بحرج و هي تمسح دموعها ، وقلبها يكاد ان يتوقف من شدة دقاته بعد أن أحست بالموت الذي كان قريبًا جدًا منها.
تمتمت كارمن بصوت خافت و نظرتها موجهة للأرض : احم انا ....
قاطع أدهم بصياحه كلماتها : كارمن...
استدارت ورأت أدهم يندفع نحوها بخطوات واسعه اقرب الي الركض ، وعندما وصل إلى مكانها بتلقائية شدها بين ذراعيه وعانقها بقوة وخوف شديد ، وكاد قلبه أن يتوقف عن النبض من الهلع عليها ، وفي نفسه يحمد الله على انها لم تصاب بمكروه.
أما بالنسبة لها ، فقد كانت متفاجئة للغاية من تصرفه ، لكنها شعرت بدفء يسري في جسدها ، وهي تجرب عناقه لأول مرة.
تمسكت كارمن به بقوة وأغمضت عينيها ، وهي تسمع نبضات قلبه السريعه بداخل ضلوعه ، ثم اخذت تتنفس بهدوء هي بحاجة إليه الآن ، ولا تستطيع وصف الاحساس بالأمان الذي شعرت به داخل ذراعيه في هذه اللحظة ، رغم أنها كادت أن تفقد حياتها ، و هو السبب.
أخذ نفساً عميقاً قبل ان يخرجها من حضنه ممسكًا وجهها بيديه ، راغبًا في طمأنينة قلبه عليها.
تكلم بسرعه و هو يتفحصها جيداً بعينيه : انتي كويسة .. حصلك حاجة .. في حاجة بتوجعك .. اخدك علي المستشفي
اجابت بهمس مؤكدة : مافيش داعي .. متقلقش انا محصليش حاجة واقفة قدامك اهو
ثم نظرت إلى الشخص الذي يقف أمامهم ، والذي كاد ان يخرج الدخان من أذنيه من الشدة الغضب ، فكل ما خطط إليه و فعله راح هباءاً.
كارمن بإبتسامة مرتجفة و نبرة امتنان : انا متشكرة لحضرتك جدا علي اللي عملته .. لولالك انا كان زماني موت
كان مراد مسحورا تمامًا بابتسامتها البريئة وبأسلوبها الرقيق للغاية ، حيث شعر لأول مرة بضربات قلبه تنبض في صدره بتلك القوة منذ وقت طويل قبل وفاة أعز الناس إليه.
توجهت نظرات أدهم الثاقبة إلى الشخص الواقف أمامهم ، والذي لم ينتبه إلى وجوده بسبب شدة توتره.
شعر أدهم بالغيرة الجارفه تتوقد في قلبه بقوة من ابتسامة كارمن ، وكلماتها المعبرة عن شكرها لذلك الوسيم ، وما زاد جنون غضبه اكثر رده علي كلماتها ، ونظرات الإعجاب اللامعه في عينيه بوضوح اليها ،
و بحركة تلقائية منه وضع ذراعه علي كتفيها من الجنب ، و احتضنها إليه بتملك ، فما هي الغيرة إلا مجموعة من التصرفات الغريبة والأحاسيس المشتعله التي تظهر على الإنسان من دون أن يتحكم بها.
في نفس التوقيت حاول مراد أن ينفض ذكرياته المؤلمة من عقله ، وهو يجمع تركيزه الكامل عندما رأي حركة ادهم و قد فهمها جيدا ، فأراد حرق دم أدهم بعد أن شهد احتضانه القوي لكارمن أمام عينيه ، ممَ جعله يشعر بالغيرة القاتلة منه عليها.
انفرجت شفتي مراد بإبتسامة جذابة جدا قائلا بصدق يشوبه المكر : بعد الشر عنك .. مافيش داعي للشكر و حمدلله علي سلامتك يا انسة
تحدث ادهم بنبرة باردة كالصقيع و هو يشدد علي كلماته : لا اكيد الشكر واجب .. متشكر جدا علي انقاذك حياة مراتي يا استاذ
نظر مراد اليه بحاجب مرفوع يتصنع الدهشة قائلا بمكر : مراتك .. تمام معلش بعتذر ماخدتش بالي لإني ماشوفتش دبلة في ايد المدام
نظرت كارمن لإصبعها في حرج من تلك المحادثة التي كانت تدور امامها ، وأرادت أن تخفف من غضب أدهم الذي أصبح واضحًا عليه من تعقيد حاجبيه.
همست كارمن بكذب و هي تبتسم بتوتر : ايوه فعلا اصلي انا نسيت الدبلة في البيت .. متشكرة لحضرتك مرة تانية
تجاهل أدهم هذا الحديث من ذلك الدخيل أمامه ، فوجه حديثه لكارمن قائلا بجدية : ماشوفتيش العربية اللي كانت هتخبطك ؟
هزت رأسها بمعني لا
تدخل مراد في الحديث بثقة : معتقدش ان الغلطة من صاحب العربية لان المدام كانت بتعدي الشارع و هي بتعيط اكيد ماوقفش عشان مايحطش نفسه في مشكلة
ثم واصل حديثه قائلا : المهم انها بخير و اني لحقتها في الوقت المناسب ..
ثم اردف بثقة عالية في النفس و هو يمد يده إلى ادهم : انا مراد عزمي اتشرفت بيك
مد ادهم يده اليه قائلا بفتور : ادهم البارون .. الشرف ليا
ابتسم مراد لكارمن بجاذبية : ميرسي عن اذنكم عندي شغل
ثم ابتسم لأدهم ابتسامة صفراء ، و غادر بهدوء بعد أن أحدث عاصفة عنيفة داخل قلب أدهم.
ادهم بهدوء مفتعل : يلا بينا
نظرت اليه كارمن بدهشة : هنروح فين؟
تحدث أدهم وهو يرفع أطراف أصابعه بلطف ، ويزيح خصلة من شعرها سقطت على عينيها : هنروح البيت عشان تستريحي بعد اللي حصل
أثارها لمسه اللطيف على وجهها و نبرته الحنونه ، وكان قلبها لا يزال ينبض بعد عناقه الدافئ لها
كارمن بخجل : طيب و شغلك ؟
ابتسم ادهم قائلا بحنو : مش ورايا حاجة مهمه .. انتي متأكدة انك مش حاسة بوجع ممكن نروح المستشفي نطمن
كانت سعيدة بداخلها لأنه يخاف عليها ، لكنها لم تنس ما فعله بها منذ قليل ، فأجابت بهدوء و هي تبتعد عن ذراعه : انا تمام يلا نروح
كان يعلم أنها لا تزال غاضبة مما فعله معها ، فسار معها إلى السيارة وركب بجانبها في صمت.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند نادين
كانت تجلس على مكتبها وهي تتصفح مجلة بملل ، وتضع قدمًا واحدة فوق الأخرى ، وتهزها بحركة عصبية.
أضاء هاتفها الموجود على المكتب أمامها بإستلام رسالة.
أخذته تنظر إليه ، لتجد أنها رسالة من جاسوسها في الشركة ، ينقل لها كل ما حدث منذ قليل ، فإبتسمت بشماتة عندما علمت بشجارهما معًا
هامسة بداخلها : مش كانت داستها العربية دي و خلصت منها .. سواق حمار صحيح
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عاد مراد إلى الشركة وكان في قمة غضبه من فشل خطته ، فبدلاً من استغلال الموقف وجذب انتباها إليه ، قربها اكثر إلي هذا الأدهم.
أثناء ذهابه إلى مكتبه إلتقى بحاتم في الممر.
توقف عن المشي عندما صاح حاتم متسائلاً : كنت فين يا مراد؟
اجاب مراد بغضب مكتوم : كنت في مشوار في حاجة حصلت و انا مش موجود
رد حاتم بدهشة من تقلباته الكثيرة هذه الفترة : ايوه طبعا العميل تبع المناقصة الجديدة مستنيك من بدري في مكتبك
زم شفتيه و هو يضرب جبهته بتذكر : اخ .. انا نسيت ميعاده خالص
رفع حاتم حاجبيه قائلا بحيرة : و ايه اللي خلاك تنسي .. دي اول مرة تنسي حاجة في الشغل
قص عليه مراد ماحدث معه قبل قليل
هتف حاتم بعدم تصديق و هو يخبط كف علي كف : انت اجننت رسمي يا مراد .. في حد يعمل كدا افرض كانت اتفرمت تحت عجل العربية
مراد بتذمر : بعد الشر عليها و انا مش عبيط عشان اخاطر بحياتها انا كنت واثق ان حمدي قدها
حاتم بسخرية : و ايه اللي استفادته دلوقتي من استفزازك لأدهم .. كدا ممكن هتخليه يحطك في دماغه و يدور ورانا
مراد بعدم اهتمام و غرور : مايدور انا مفيش حاجة ضدي اخاف منها .. المهم انا هروح اشوف العميل .. بعدين نتكلم .. سلام
حاتم بعجز : ربنا يهديك يا ابني و يكفيك شر دماغك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نهاية الفصل الثاني و العشرون
•تابع الفصل التالي "رواية مزيج العشق" اضغط على اسم الرواية