Ads by Google X

رواية بدون عنوان الفصل الثاني 2 - بقلم نورا سعد

الصفحة الرئيسية

 

 رواية بدون عنوان الفصل الثاني 2 - بقلم نورا سعد



استيقظت ورد في الصباح الباكر ونزلت إلى شقة حماتها ، نظرت إلى الصحون المتسخة وإلى بواقي الكفتة المشوية التي أحضرها زوجها بالأمس بعدما صعدت إلى الشقة ولم يكلف خاطره وينادي عليها حتى تأكل معهم.



00:00

Previous
PlayNext

00:00 / 02:18
Mute

Settings
Fullscreen
Copy video url
Play / Pause
Mute / Unmute
Report a problem
Language
Share
Vidverto Player


زفرت بسخرية وهي ترص الأطباق وتخرج زجاجة الصابون فمنذ متى وعائلة زوجها يجعلونها تشاركهم في الطعام فحماتها تتعمد أن تجعلها تعد الأطعمة التي لا تحبها كالسمك المقلي ، والكرشة ، وغيرها من الوجبات التي لا تستطيع أن تضعها في فمها.

قامت ورد بغمس الليفة في الصابون ثم بدأت تغسل الأطباق وهي تبكي بسبب وجع يدها اليمنى الناتج عن ضربات زوجها فوق ذراعها بالأمس.

وقفت تستريح قليلا وأخذت تدلك كتفها الذي يزداد به الألم كلما حركت ذراعها.

شهقت ورد وكاد قلبها يتوقف عندما سمعت صوت خلفها فهي تعلم جيدا أن حماتها لن ترحمها إذا وجدتها تستريح ولا تكمل غسل الأطباق ولكنها تنهدت براحة عندما رأت “فداء” شقيقة منذر الصغرى والتي يلقبها الجميع بأخر العنقود ؛ لأنها هي أصغر إخوتها.


-“اهدي ومتخافيش يا ورد ، ماما ونعمات لسة نايمين ومش هيصحوا دلوقتي ؛ لأنهم ناموا امبارح متأخر”.

ابتسمت لها ورد بوهن فليس هناك أي أحد يعاملها بشكل جيد داخل هذا المنزل سوى فداء صاحبة القلب الطيب والتي تستغرب من انتمائها لتلك العائلة الغير آدمية!!

لاحظت فداء تلك الكدمات في ذراع ورد ونظرت بحزن إلى كثرة الأطباق المتسخة فتوجهت نحو باب المطبخ وأغلقته جيدا ثم وضعت خلفه منضدة خشبية تمنع أي شخص يريد فتح الباب من الخارج.

استغربت ورد من فعلتها فسألتها بتعجب:

-“أنتِ بتعملي إيه يا فداء وبتقفلي الباب ليه؟!”

أشارت لها فداء أن تصمت ثم تحركت وفتحت الثلاجة وأخرجت منها علبة بلاستيكية تحتوي على عدد من أصابع الكفتة بالإضافة إلى علبة صغيرة مليئة بالطحينة.

أشعلت فداء الموقد ووضعت الكفتة داخل طبق من الألومنيوم وتركتها لدقائق فوق النار ثم حملت الطبق بعدما سخَّنت الكفتة ووضعتها فوق المنضدة الصغيرة التي سدت بها الباب وقالت:


-“تعالي اقعدي يا ورد وافطري أنتِ مكلتيش حاجة من امبارح”.

نظرت ورد إلى الكفتة والطحينة بدهشة لاحظتها فداء التي ابتسمت وقالت:

-“منذر راح اشترى امبارح كفتة وفراخ مشويين من عند عمو حمدي وأنا قدرت أخبي الشوية دول عشانك ؛ لأني عارفة أنك بتحبي الكفتة زائد أن الغدا امبارح كان سمك بلطي وأنتِ مكلتيش عشان الحساسية اللي عندك”.

ابتسمت ورد وجلست أمام الطاولة وقالت:

-“كتر خيرك يا فداء ، أنا مش عارفة من غيرك كنت عملت إيه”.

-“بالهنا والشفا يا حبيبتي ، كان نفسي أعين ليكِ فراخ بس للأسف معرفتش”.

قالتها فداء وشمرت ساعديها ثم أمسكت بالليفة والسلكة فنظرت لها ورد بامتنان وهتفت بعرفان:

-“ولا يهمك يا قلبي ، كفاية أوي أنك فكرت فيا وخبيتي شوية كفتة عشاني”.

فتحت فداء صنبور المياه وأخذت تغسل الأطباق وتقوم بجليها وسط اعتراض ورد ولكنها صممت على إتمام الغسيل بمفردها حتى لا يتأذى ذراع ورد أكثر من ذلك.

لم تتوقف مساعدة فداء على غسل الصحون بل قامت أيضا بتنظيف المنزل ومسح الأرضية والسلم واستغلت استغراق والدتها وشقيقتها في النوم وقررت أن تعد الغداء.

أخرجت فداء حبات العدس البني الذي نقعته في المياه ثم ألقت المكرونة في المياه الساخنة واستطاعت خلال أقل من ساعة أن تنتهي من تحضير الكشري والصوص الخاص به.

استيقظت سامية من النوم وذهبت إلى المطبخ بعدما التقط أنفها رائحة البصل المحمص.

ضربت سامية صدرها وصاحت بأعلى صوتها:

-“نهارك أسود ومنيل يا ورد القرف أنتِ ، إيه اللي خلاك تطلعي الكشري وتعمليه من غير ما تستأذني مني وتشوفي أنا ناوية أتغدى إيه النهاردة!!”

أسرعت فداء بالإجابة بعدما حضرت من غرفتها وانتبهت إلى توتر ورد الملحوظ:


-“أنا يا ماما اللي قولتلها تعمل كشري على الغدا ؛ لأني بقالي كتير مكلتوش ونفسي هفت عليه النهاردة”.

ابتسمت سامية بحنان لابنتها وقالت:

-“إذا كان كده ماشي ، أنا كنت مفكرة أنها اتهبلت في عقلها واتصرفت من دماغها من غير ما تشاور حد”.

خرجت سامية من المطبخ وأيقظت نعمات ثم جلس الجميع بعدما عاد منذر من الخارج وتناولوا الطعام.

دقت الساعة العاشرة مساءا فصعدت ورد إلى شقتها وزفرت بضيق بعدما رأت منذر الذي صعد خلفها فوجوده في المنزل يخيفها ويجعلها تشعر باختناق وانقباض رهيب في ضربات قلبها.

حملت ورد علبة المرهم حتى تضع منها فوق الكدمات ولكن أمسك بها منذر بعنف وقربها منه وقال:

-“قلبتي خلقتك ليه أول ما شوفتيني طالع وراك ، محسساني أنك شوفتي عفريت”.

تمنت ورد بداخلها أن يختفي زوجها وترى بدلا من عفريتا فرؤيته لن تخفيها مثلما يخيفها منذر بوجوده.

ابتعلت ورد ريقها ثم سألته بهدوء وحذر:

-“أنت طالع تجهز نفسك عشان هتروح تسهر النهاردة مع أشرف مش كده برضه؟”

وكم تمنت أن تكون الإجابة بنعم ولكن خاب أملها عندما نفى زوجها هذا الأمر قائلا:

-“لا مش رايح في أي حتة ، أنا ناوي أقعد النهاردة عندك مانع؟!”

هزت ورد رأسها بسرعة خوفا من بطشة:

-“لا معنديش اعتراض ولا حاجة ، أنا كنت بسألك عشان لو عايزني أجهزلك هدوم للخروج”.

تحسس منذر ذراعها المتورم بشكل من الحدة واقترب منها أكثر ولكنها أبعدته عنها وأخبرته أن لديها عذر يمنعه من الاقتراب منها وهذا الأمر أشعل فتيل غضبه أكثر فأمسكها من شعرها هادرا بلهجة غاضبة:


-“كتك نيلة وأنتِ بني أدمة نكدية ووشك فقري ، الله يخربيت الساعة اللي اتجوزتك فيها ، كان يوم أسود ومنيل”.

لم تستطع ورد أن تتمالك غضبها واندفعت الكلمات من فمها وكأنها قذائف مدفعية:

-“هو فعلا كان يوم أغبر ومهبب ؛ لأني اتجوزت فيه واحد شمام ومقرف زيك وبتاع مخدرات ونسوان”.

تعجب منذر من قوتها المفاجئة ومن ردها الذي زلزل كيانه فمنذ متى وهي تعلم عن علاقاته بنساء أخريات؟!

قبض بقسوة أشد على شعرها الذي كان يمسك به ويشده بيده منذ بداية الحديث ثم زمجر بصوت جهوري جعلها ترتجف بين يديه:

-“وأنتِ عرفتي منين موضوع النسوان ده ، انطقي وقولي أحسنلك ، اوعي تكوني بتفتشي في موبايلي؟”

لم ينتظر منذر أن تمنحه إجابة لسؤاله فقد أمسك بها من ذراعها بعنف وأخذ يكيل لها الضربات ولم يستمع إلى توسلاتها فقد وصل إلى أقصى درجات غضبه الذي تخطى حواجز العقل والمنطق.

حاولت ورد أن تبعده عنها ونجحت بالفعل في ذلك وركضت بسرعة نحو الحمام وأغلقت الباب خلفها بالمفتاح ولكن زوجها رفض أن يتركها وشأنها فأخذ يطرق الباب بعنف أفزعها وهو يصيح بلهجة قاسية للغاية:

-“افتحي الباب أحسنلك وإلا هموتك وهشرب من دمك”.

ابتعدت ورد عن الباب وانكمشت على نفسها وهي تردف باستعطاف ظنت أنه قد يليِّن قلب هذا الوحش الذي يعتقد أن إظهار الرجولة يكون بضرب النساء والتطاول عليهن:

-“بالله عليك يا منذر متأذنيش ، أنا معنديش مشكلة ولا معترضة على موضوع الستات اللي أنت مصاحبهم ، دي حياتك وأنت حر تعمل فيها اللي أنت عايزه”.

ساد الصمت لدقائق فتنهدت براحة معتقدة أنه قد ذهب وصرف نظره عنها ولكنها صرخت برعب حين أسقط زوجها باب الحمام بالقرب منها ثم أمسك بها واستكمل ضرباته لها وكأنه مدمن يأخذ جرعة راحته من ضرب زوجته التي لا حول لها ولا قوة.

لم يتوقف منذر إلا بعدما سقطت ورد أرضا والدماء تخرج بغزارة من رأسها وتزامن هذا الأمر مع صعود والدته إلى الشقة حتى تمتع بصرها بمظهر ورد وهي تصرخ تحت قبضة ابنها.

لطمت سامية خديها عندما رأت الدماء وقالت:

-“يا نهار أسود ومنيل أنت عملت إيه يا منذر؟!”

حاول منذر إيقاظ زوجته ولكنها لم تستيقظ فشعر بالخوف بعدما رأى سكون جسدها وهتف بصدمة:

-“دي شكلها ماتت يا أمي!!”

ازداد لطم سامية لخديها وهي تنظر إلى جسد ورد الذي يفترش الأرض بلا حراك وقالت:

-“يا دي المصيبة السودة اللي حطت على دماغنا ، هنعمل إيه دلوقتي في البلوة دي؟!”

جلست على كرسي الصالون وأخذت تفكر في طريقة تُخرج بها منذر من تلك الكارثة:

-“احنا لازم نشوف حل يخلصنا من الزفتة دي بشويش ومن غير ما حد يعرف ونروح في ستين داهية”.

لاحظت نعمات تأخر والدتها في الأعلى وانعدام صوت صراخ ورد فصعدت إلى شقة منذر حتى تتفقد ما يحدث وتفاجأت بمنذر ووالدتها يجلسان بجوار جثة زوجة شقيقها.

أخذت نعمات تفكر مع والدتها في وسيلة لإنقاذ منذر من حبل المشنقة الذي سوف يكون بانتظاره إذا افتضح أمره.

تحدثت سامية وهي تفرك جبينها:

-“احنا لازم نخلص منها بطريقة متخليش أي حد يسأل عليها أو تشكك الناس في غيابها”.

وكأن عقل نعمات كان ينتظر سماع تلك الكلمات حتى يعطيها فكرة مناسبة لإخراجهم من تلك الورطة:

هتفت نعمات بحماس:

-“أنا لقيت الطريقة المناسبة اللي تخلصنا من البلوة دي”.

سألتها سامية بلهفة:

-“قولي بسرعة أنتِ بتفكري في إيه يا نعمات؟”

ابتسمت نعمات بخبث ثم بدأت تسرد على والدتها وشقيقها تلك الخطة التي سوف تريحهم وتخلصهم من تلك الورطة التي حلت فوق رؤوسهم.

يتبع….


google-playkhamsatmostaqltradent