رواية عازف بنيران قلبي الفصل الخامس والثلاثون 35
ان كان قدري الحب ❣
فحبك اانت يكفيني
وان كان قدري الحياااه
فدقة قلبك تحييني
وان كان قدري دمعة
عين فبعدك عني يبكيني
وان كان قدري لغيرك
فلا غير الموت يكفيني
❈-❈-❈
دنى بجسده لعايده وهو يرمقها بشماتة
-ايه مش تباركي لضرتك يامرات عمي، دار حولها وهو يرمقها بنظرات احتقارية
-طبعا مكنتيش تعرفي، ولا كنتي حاسة بحاجة، ماهو ال زيك هيحس إزاي وانتِ مش فاضية غير للخطط والتكويش على الدنيا
لوح بيديه أمام وجهها واسترسل مكتملا بإحتقار
-واحدة عندها فلوس اد كدا، غير اراضي وعماير، ومش مكفيها، الطمع وما ادراك ما الطمع، لدرجة استخدمت بناتها ووصلت لمستوى أدنى من أي ست منحرفة
هز رأسه يمينا ويسارا مستنكرا فعلتها الشنعاء قائلا:
-انا بكلم مين، واحدة نزلت للحقارة واستخدمت بنتها في القرف عشان شوية فلوس، ياشيخة دا لو اتربوا يتامى أحسن من يكونوا ليهم أم زيك
كانت تطالعه بنظرات صامتة فقط، ملامح جامدة وعقلٌ مشوش لما استمعت إليه منذ قليل، عيناها تتعلق بتلك التي تجلس على الأرضية تضم نفسها، وصلت فرح تقف أمام راكان ونظرت مستفهمة
-ايه اللي بيحصل، وليه حلا قاعدة كدا، قالتها وهي تنظر لليلى التي تحاول جذب راكان
-راكان كفاية بقى ياله..استدار بجسده إليها
-إنتِ مالك بتدخلي ليه، موضوع مايخصكيش، روحي شوفي ابنك
نكست رأسها أسفا وقالت بصوت متقطع
-آسفة، قالتها وتحركت بخطوات متعثرة، كانت تطالعها فرح، فاتجهت إليه
-طبعا انا معرفش ايه ال حصل علشان تتعصب عليها كدا وتهنها قدامنا، بس كالعادة راكان باشا محدش يقدر يقوله لا
وزع نظرات مشمئزة عليهم، حتى توقفت نظراته على حلا قائلا:
-يبقى فكري كويس قبل ماتيجي تتبجحي قدامي، وردا لطعن كرامتي مالكيش عيال عندي، مش دا ابني وجيتي بعين بجحة ووقفتي قدامي وقولتي ابني، وكله صوت وصورة، قربي تاني من البيت وشوفي هعمل فيكي ايه، اتجه بنظره إلى فرح وابتسم بسخرية
-وانتِ ياحضرة خضرة الشريفة متتعديش حدودك معايا، والا هقص لسانك دا، وروحي نضفي نفسك وتعالي يابت علميني الأدب، واه نسيت أفهمك حاجة ياريت تعرفيها لمامي ال شكلها انجلطت ولسانها وقف ابنك مش هياخد أي قرش غير لما يوصل السن القانوني، أنا متكفل بكل ال يخصه، يعني تقدري تقولي حقه انا الواصي عليه، بدل عقلكم الفاسد دا مش رحمني، لوح بيديه إلى حلا قائلا
-اجازة سعيدة مع ضرتك يامدام حلا، قالها ثم تحرك للخارج
عند يونس بالمشفى الخاصة به
جلس بعد انتهاء عملتيه، استمع لطرق الباب سمح بالدخول..دلفت سارة إليه ووقفت أمامه منتظرة حديثه، أشار بيديه ثم مسح على وجهه
– اقعدي ياسارة فيه حاجة عايز اقولهالك ونتفق عليها
جلست منكسة الرأس وتحدثت بصوت متقطع
-عملت ال وعدك بيه، نزلت كليتي مع سلمى وبعدت عن كل المؤمرات الخبيثة، رفعت نظرها إليه واردفت بدموع محتجزة
-وحياة ربنا ماعملت حاجة تانية..نصب عوده وتوقف متجهًا إليها، ثم جلس بمقابلتها وهو يشعل تبغه قائلا
-عارف، أنا متصلتش علشان كدا، عايز اتفق معاكي على اتفاق..فرقت كفيها منتظرة حديثه، كان يتابع حركاتها بهدوء فتحدث
-ايه رأيك تسافري عند بابا امريكا وتكملي تعليمك هناك، انتِ شاطرة مش غبية، واهو هتكوني مع عاليا بنت عمتك وتبعدي عن هنا شوية، مش دا ال كنتِ عايزاه
نظرت بتشتت وتسائلت:
-تفتكر ماما هتوافق انها تخليني أسافر..نفث دخان تبغه ثم طالعها بهدوء قائلا
– ماهو هنعمل لعبة إنتِ هتستفادي وأنا كمان هستفاد، بس قبل أي حاجة، انت من اللحظة دي أختي، يعني مش عايز الهبل بتاعك وبحبك والكلام الفاضي دا..انحنى بجسده يحتضن وجهها ونظر لداخل مقلتيها وأردف ببحته الرجولية
-سارة عايزك تتأكدي ان حب سيلين بيجري في دمي، يعني مستحيل اتجوز وأحب غيرها، حاولت وجربت وفشلت، دي طفلتي ويمكن انتِ عارفة انا وسيلين زي السمك والمية منقدرش نعيش بعيد عن بعض..انسدلت عبراتها وتحدثت بصوت مفعم بالبكاء
-بس انت طلقتها، أزال بإبهامه دموعها وتحدث بهدوء رغم حزنه الكامن بداخل قلبه
-مش معنى كدا اني كرهتها، أنا طلقتها علشان أدبها، اتأكدي لو وصل بيا الحال اموتها علشان متفكرش في حد تاني هعملها ومش هتأخر
قطبت جبينها ورفعت كفيها على وجهه
-لدرجادي بتحبها، أنا بحسدها على الحب دا
تراجع للخلف وانزل كفها من على وجهه، ثم أخرج تنهيدة طويلة متعبة ومهمومة على ماأصاب قلبه فأردف بهدوء رغم نيران قلبه المستعيرة
-وأكتر ياسارة، بعشقها بجنون، مكنتش مستني الفترة دي كلها من غير جواز الا علشانها
مسحت دموعها بظهر كفها واخرجت شهقة منتظرة حديثه:
-سيلين اتخطت حدودها معايا، ولازم اربيها واعرفها تفكر مليون مرة قبل ماتدوس على قلبي
تهكمت سارة مردفة
-غبية متعرفش قيمة النعمة..اطلق ضحكة حتى ادمعت عيناه ورغم الضحكة إلا أن القلب يأن، هدى من ضحكاته وان دلت تدل على وجعه المستميت، ابتعد بنظره عنها
-دا نصيب مش غباء، المهم اسمعيني كويس، وسيبك من غبائها دا، هي مش غبية هي مجروحة وشعنونة، بس مهما تعمل مقدرش اكرهها، دي ساكنة روحي وكياني، فهماني ياسارة متزعليش مني لو سمحتي،
اومأت بعبراتها قائلة
-ربنا يسعدك يايونس، سيلين فعلا تستاهل الحب دا، بس أنا مطلوب مني إيه،
– عايزك تخرجي من هنا عليها، ولو قدرتي تعملي ال هقوله صدقيني هتلاقيني دايما جانبك ومستحيل حد يقرب منك
بالمشفى وخاصة بغرفة نوح
كانت تتسطح بالفراش بجواره، تمسد على خصلاته مبتسمة من بين بكائها، تحمد الله على ماوصل إليه، اهمها وجوده بحياتها تذكرت ذاك اليوم عندما زارها والدها
-انتِ لازم تعرفي نوح عنده ايه، عشان وقت مايدفنوه ميضحكوش عليكي وتعرفي تاخدي حقك..وضعت كفيها على اذنها وصرخت حتى دلفت ليلى إليها تضمها لأحضانها
-أسما حبيبتي اهدي، ظلت تصرخ وهي تهز رأسها قائلة
-نوح عايش نوح مامتش، ضمتها ليلى بقوة تنادي على راكان الذي دلف سريعًا مع الطبيبة
-مالها ايه اللي حصل، هبت واقفة تتشبس بذراعيه
-نوح عايش مامتش صح، هو عايش ياراكان، طمني وقولي جوزي عايش
اتجه بإنظاره إلى والدها الذي انكمش بوقوفه متسائلا
-مين قالك نوح مات، نوح كويس ياباشمهندسة، اطمني، يوم ولا حاجة ويفوق، ثم اتجه بنظره للطبيبة
-ممكن تديها مهدئ، حضرتك شايفة حالتها ازاي، تراجعت للخلف وصوت شهقاتها بالأرتفاع
-لا، عايزة أشوف جوزي، طمنوني عليه، بوجه راسخ من الحزن والألم وقلب مثقل بعلامات الموت اتجهت بأنظارها لليلى
-عايزة أشوف جوزي، وديني عنده ياليلى..وصلت الطبيبة حتى تحقنها ولكنها تراجعت تهز رأسها تحدث راكان
-هشوفه شوية صغيرين بس
-خديها ياليلى خليها تشوفه دقيقة واحدة متخلهاش تطول عنده، بلاش نتعبها أكتر ماهي، همس بها راكان ثم جذب منير العشري والدها وتحرك للخارج، دفعه بغضب
-عارف لو ملمتش نفسك واتهديت هسجنك، مش ناقص قرف، قالها وتحرك للخارج..خرجت من شرودها على همسه باسمها
اعتدلت تنظر إليه
-حبيبي حاسس بإيه..فتح جفونه بتثاقل وتحدث بصوت ثقيل
-راكان مجاش، انخفضت لمستوى نومه واردفت
-لسة، معرفش ليلى كلمتني من ساعتين وقالت انهم جايين، أغمض عيناه وتسائل
-حمزة برة، لو برة نادهولي
نزلت بهدوء واتجهت للخارج..وجدت حمزة جالسًا بجوار زوج لميا اخت نوح فتحدثت
-أستاذة حمزة نوح عايزك..نهض متسائلا
-فيه حاجة، هزت رأسها قائلة
-معرفش ادخل شوفه، أنا هنا لو احتاج حاجة، قالتها واتجهت تجلس بجوار أسامة زوج لميا تطبق على جفنيها
-الحمدلله، الحمدلله، كررتها عدة مرات،
-ان شاءالله هيبقى كويس، قولي يارب
رفعت أنظارها للأعلى هامسة
-ياااارب
❈-❈-❈
قاطعها وصول لميا، ووالدة نوح ناهد
-أسما قاعدة هنا ليه؟! نوح حصله حاجة
هزت رأسها بالنفي واجابت
-لا دا بيتكلم مع حمزة جوا، سبتهم براحتهم
تحركت ناهد تربت على كتفها
-أنا هروح أشوف يحيى وارجعله، وانتِ ارتاحي شوية، متنسيش إنك حامل..توقفت تنظر إليها
-نوح عرف إنك حامل..هزت رأسها
-عرف وكان فرحان اوي..جلست لميا بجوارها
-ربنا يكمل حملك على خير حبيبتي، اتجهت تسأل عن كريم
-كريم لسة مجاش من الجامعة..همست أسما التي أطبقت جفنيها
-كان هنا، وقال هنزل أشرب قهوة تحت
بالداخل جلس حمزة بمقابلته
-عامل ايه النهاردة احسن! تسائل بها حمزة
أومأ برأسه واجابه وهو يطبق على جفنيه متألمًا
-الحمدلله أحسن، نفسي ضيق بس مكان الضرب في ضلوعي
-قادر تحكي لي ال حصل، ولا، لأ
تابعه بنظرات تائهة ومعالم الصدمة تلون وجهه
-ليه هو راكان معرفش مين ال عمل كدا
اقترب حمزة وجلس بجواره على الفراش
-راكان حبس البحيري، وهو بينكر انه ورا دا، وأخد خماستشر يوم احتياطي واخرهم بكرة، يعني لو مفيش دليل قوي هيطلع، ال مخليه لحد دلوقتي، المكالمة التليفونية، وكمان التحليل ال عمله دكتور يحيى، صمت للحظات متسائلا
-هو فعلًا الولد مش ابنك..بلع غصة بطعم الصدأ وابتعد بنظره عن حمزة قائلا
-الحاجات دي مينفعش نتكلم فيها ياحمزة من غير دليل، وبدل راندا ولدت أنا هعرف هل حقيقي ال بابا قاله ولا لا، ورغم اني محبتهاش بس متمناش ال سمعته، صعب تخيل الفكرة، المهم كنت عايزك تجهزلي أوضة بالمزرعة، مش عايز اروح الفيلا عند بابا، مش عايز أسيب بيتي لحد ماأقدر أقف على رجلي تاني
ربت حمزة على كتفه قائلا
-اعتبره حصل ياحبيبي، وكمان الممرضة..رفع كفيه يربت على يديه قائلا:
-عايزك تكتب المزرعة باسم أسما، جهز الورق وهاتهولي، عايز كل حاجة تخلص قبل ماسافر للعملية
اومأ برأسه
-حاضر، هعمل كل ال عايزه، فكر بس في صحتك عايزك تخف بسرعة، متبقاش غلس عايز أعمل الفرح ال بوظته دا
ابتسم من بين آلامه
-ودا كمان عايزك في أقرب وقت تعمل فرح، مالوش داعي التأخير..قاطعه حمزة مستنكرًا حديثه
-أكيد بتهزر صح..قاطعه وهو يرفع كفيه المنغرز به الأبر قائلا:
-لو فعلا بتحبني أعمل الفرح في أقرب وقت ياحمزة، متخلنيش أزعل منك، أنا كويس، وهكون كويس لما أشوفك عريس
دلفت لميا مقاطعة حديثهما
-عامل ايه النهاردة حبيبي..رفع كفه
-تعالي يالولو..اقتربت وانحنت بجسدها تطبع قبلة على جبينه
-ربنا يخليك لينا ياحبيبي..رفع بصره مبتسمًا
-بابا عامل إيه النهاردة؟! ..جلست بجواره
-لسة زي ماهو، بس متخافش بكرة يفوق ويبقى كويس، المهم انك كويس وبابا لما يفوق ويعرف وهيتحسن..دلف راكان رافعًا حاجبه بطريقة مستفزة قائلا بإبتسامة باردة
-قام وهيقرفنا كنا مرتاحين، بس كويس انه قام علشان عندنا حساب متصفاش
التوت زاوية فمه بشبه إبتسامة عابثة
-الحساب لأهل الحساب ياحضرة المستشار، دفع حمزة من جواره وجلس يربت بقوة آلامته على كتفه
-مرحب بسبع البورمبة، كنت وحشنا ياخويا
-لميا سبيني شوية مع حمزة وراكان..احتوت كفيه
-حاضر، بس متتكلمش كتير عشان متتعبش، قالتها وتحركت للخارج
تنفس بتثاقل ثم اتجه بنظره إلى راكان
-عملت ايه مع البحيري، ومين أكدلك انه ورا دا
نظر إليه بحزن
-مش وقته الكلام دا، فوق الأول وخف وبعدين نتكلم
ضغط نوح على كفيه بقوة أنا سامعك
-نوح مفيش غيره، بعد ماباباك راح هدده بال بنته عملته، وبعدين انا مش غبي علشان احبسه من غير دليل، مكالماته كلها عندي، وكمان ..صمت للحظات قائلًا
-اتفاقه مع الناس ال خطفوا أسما قبل كدا، ولسة كل مالتهمة تثبت عليه هنكتشف بلاوي، وايه ال ربطه بقاسم الشربيني
اعتدل واسترسل بإبانة
-التحليل والمقابلة وتهديده الواضح، دي كلها تثبت التهمة عليه
أغمض عيناه رغما عنه واصدر زفرة محملة بزفيره الحار قائلا
-عرفوا ان أسما حامل، ودا جننهم وعلشان كدا حبوا يتخلصوا منك ويتهموتي بموتك بسبب ال حصل بينا، أسما كانت حاجزة عند الدكتور على أساس لما ترجع تروحوا بس طبعا هما سبقوها
أنهى حديثه ونهض يضع كفيه بجيب بنطاله
-يعني من الآخر كانوا بيرتبوا لحاجة تانية لأسما كمان، لولا وجود والدك عند أسما وعرفوا طبعا بالحادثة فبتالي أسما خرجت مع والدك مالقوش وقت لينفردوا بيها
غضب نوح حتى شعر بألم بجسده مما جعله يضع كفيه على صدره من شدة الآلام، اتجه راكان إليه سريعًا:
-نوح اهدى، آسف مكنش قصدي إنك تتعب كدا..اعدله حمزة واضعا ماسك التنفس على وجهه
-اهدى واسحب نفس براحة، ومتخافش، مراتك كويسة، وولادك كمان، واهو راكان محاوط المكان كله بالأمن حتى الدكاترة ال بيدخلوا بعيد عن محل شك..هدأ قليلا وشعر بالنعاس وهو يتمتم
-أسما وولادي أمانة عندكم، أنا بقيت عاجز لحد مارجلي تتعدل
احتضن راكان يصرخ به
-متقولش كدا يلا سمعتني، هتقوم وتوقف على رجلك وهتربي عيالك كمان سمعتني، لازم تقوى علشان مراتك وولادك يانوح بلاش نظرة الضعف دي تاني
انزلقت دمعة شريدة وهو يتحدث بصوت متألم
-هم ماكنوش عايزين يموتني ياراكان عايزين يعجزوني بس، معرفش رجلي مش قادرة احركها خالص، حاسس فيها حاجة، اتجه راكان لحمزة
-الدكتور قالك ايه..ارتبك قليلا وحاول السيطرة قائلا
-اعصابه من الضرب مش أكتر، اسبوع ولا حاجة وهيعمل العملية ويفوق
داعب راكان خصلاته بقوة ورسم إبتسامة
-مش قولتلك مش هيقدروا، سمعت مش هيقدروا، انت مش ضعيف..اتجه راكان إلى حمزة الذي جلس واضعًا رأسه بين كفيه، يمنع دموعه فتحدث قائلا
-ماتقوله ياحمزة، قوله انهم مش هيقدروا يكسروا حد فينا، حتى يونس، دا مقدروش على يونس هيقدروا عليك يانوح
نهض حمزة وشعوره بالأختناق يعيق خروج زفراته متجهًا للخارج
-عندي شغل، أنا همشي ويونس هيجي بعد شوية..راقب راكان خروجه مستغربا حالته التي أصبح عليها منذ حادثة نوح..قابلته ليلى، توقفت أمامه مستغربة حالته
-حمزة فيه حاجة، نوح حصله حاجة..هز رأسه بالنفي وأخرج صوته بصعوبة
-لا هو كويس بس عندي شغل، راكان جوا ادخلي..بالداخل
-هي ليلى فين مجتش معاك ولا إيه؟! تسائل بها نوح
وقفت بجوار الباب عندما استمعت لسؤال نوح، وانتظرت إجابة راكان
مكث بجواره مرة أخرى وأخرج تنهيدة حارة واجابه
-عند والدك قالت هتشوفه الأول، رفع نوح نظره يدقق النظر إليه
-مبروك عرفت إنك رجعتها..ابتسم رغم ثورته الغاضبة واتجه ببصره إليه
-تفتكر يانوح بعد الوجع ال شوفته في حياتي، وبعد ماربنا أنعم عليا بيها افرط فيها بسهولة، وضع كفيه يدلك صدره عندما شعر بألما يجتاحه واسترسل
-انا ردتها بعد كام ساعة، مجرد ماقولتلها إنتِ طالق وحسيت انها ممكن متكنش ملكي بعد كدا حسيت ان روحي فارقت جسمي، مقدرتش اتحمل الفكرة ولا أتخيلها، ابتسم واتجه بنظره إليه
-وحياتك هما ساعتين بس ومقدرتش، بس حبيت أأدب نفسي ببعدها وكمان أدبها معايا..ورغم كدا ضعفت ورحت لعندها ومقدرتش
ابتسم نوح وهو يغمض عينيه
-كنت عارف إنك ردتها، بس حبيت ألعب معاك شوية، قالها وذهب بنومه بسبب العقاقير التي أخذها..شعرت بالفراشات تطير بمعدتها من فرط سعادتها حتى وضعت يدها فوق قلبها عندما أحست بارتفاع دقاتها التي أصبحت كالطبول، ونظرت إليه وعيناها التي لمعت بالسعادة، ربت راكان على ذراعه
-مهما تقول هحاسبك بس قوم على رجلك وشوف هعمل فيك ايه ياغبي..ابتسم نوح مابين النوم واليقظة، ظلت نظراته عليه، حتى غفى تماما، هنا حرر عبراته التي اضعفه حالة صديقه هامسًا
-وحياة رقدتك دي لا أخليهم يكرهوا اليوم الل فكروا يقربوا منك فيه، أنا كفاية عليا فراق سليم، مش هقدر أفقد حد تاني منكم يانوح، وقتها هقع بجد، ميغركوش الجسم ال واقف بيضحك ويتكلم قدامكم..آهة خفيضة حررها من بين شفتيه مستندا بظهره على المقعد، واطبق جفنيه حتى شعر بقبلة على وجنتيه هامسة
-وأنا هموت لو حصلك حاجة حبيبي..تلقها بين ذراعيه عندما جذبها بقوة كادت أن تسقط
-حبيبك طول ماانتِ جنبه شديد وقوي، وضعت رأسها بصدره
-زعلان مني، أخرجها يضم وجهها وينظر لليلها الدامس وهو يهز رأسه قائلا
-تؤ، مقدرش أزعل منك..طوقت عنقه وتحدثت بدلال
-يعني لما جتلك المستشفى كنت مراتك، وعاملت فيها دراكولا
اقترب من شفتيها هامسًا
-مش فاكر، هو ايه ال حصل، دنى حتى اختلطت أنفاسهما وكاد أن يلمس ثغرها ولكنها نهضت سريعًا
-إحنا في المستشفى يامجنون..أرجع خصلاته يمسح على وجهه محاولا السيطرة على دقات قلبه فتحدث
– ضيعتي الهيبة ياليلي ..مبقتش بفرق الصح من الغلط..جلست بجواره، واحتضنت كفه
-انت ضيعت ليلى كلها مش الهيبة بس، حاوطها بذراعه
-تدوملي ليلى في حياتي وأضيعها كمان وكمان
وصلت أسما، اعتدل راكان يبتعد عن ليلى ببعض السنتيمترات، اقتربت ونظراتها المتألمة لم تفارقه متسائلة
-هو نام، أجابها راكان
-أيوة الممرضة جت واخد العلاج ونام..اومأت برأسها وجلست بجواره تنظر إليه متسائلة
-عملت ايه في راندا، وليه ماجتش من اليوم اياه
نهض واتجه للنافذة:
-ولا حاجة متشغليش بالك، المهم خلي بالك من نفسك كويس، ومتخرجيش من المستشفى من غير ماتعرفيني، يومين تلاتة الوضع يهدى
❈-❈-❈
اتجهت إلى نوح بنظراته ثم اتجهت له:
-نوح عايز يروح، حتى طلب من حمزة ينقله للمزرعة..
-لأ..اجابها راكان سريعًا
-نوح لو خرج من المستشفى هيروح عند الدكتور يحيى، أو عندي، ومعتقدش ان دكتور يحيى هيوافق ان ابنه الوحيد يبعد عنه، فبالتالي اسسي نفسك على كدا يامدام أسما، نهضت حتى وقفت بالقرب منه وتحدثت
-نوح هيرفض، ولو أصريت هيحس بعجزه، وأنا مش عايزة كدا لو سمحت
قاطعهما دلوف يونس
-مساء الخير، مالكم واقفين كدا ليه، إيه نوح نايم..قالها وهو يتوجه لأسما، نهض راكان يمد يده لليلى
-ياله بدل يونس جه، هيفضل مع أسما
اجابته أسما
-هو نايم دلوقتي يادكتور، واسامة موجود هنا، أنا هروح الليلة دي ولميا وأسامة موجودين، تحرك راكان وهو يسحب ليلى قائلا
-خلي بالك يادكتور، جلس يونس يمسح على وجهه بغضب
-مغرور ومتعجرف، يخربيت تناكتك
دكتور يونس، اردفت بها أسما، اتجه بنظره إليها بدخول لميا متسائلا
-فيه حاجة..اقتربت منه قائلة
-مالوش داعي وجودك، كريم واسامة موجودين معانا، شكلك مرهق ممكن تروح ترتاح..رفع يده قائلا
-أنا كويس، مينفعش اسبكم لوحدكم، لحد ماالدكتور يحيى يفوق
-روّح يايونس، إحنا هنا متخافش، وكمان علشان أسما تاخد راحتها فاهمني
اومأ رأسه متفهما ونهض قائلا
-طيب أنا تحت ولو فيه حاجة اتصلي على طول، أمسكت لميا ذراعه
-روح يايونس، نوح كويس واحنا معاه..هز رأسه رافضا وتحرك
-أنا تحت..اتجه للطابق الأسفل حيث غرفة نوح دلف وخلع جاكيت بدلته، وجلس على المقعد يمسح على وجهه شعر بالنعاس يداعب جفنيه بسبب ارهاقه، استمع إلى رنين هاتفه، اتجه يمسكه ابتسم عندما وجدها طفلته، لم يجيبها وتركها للمرة الثانية بالرنين، حتى رفعه وهو ينفث سيجاره
-مالك فيه ايه، ماردتش اعرفي مش عايز أكلمك..انزعجت من كلماته فتحدثت
-بقولك ايه انا مش شغالة عندك، إنت فين؟!
-في مستشفى الكومي، ليه وحشتك، قالها بسخرية
توقفت فجأة غير قادرة على السير من فرط آلمها حتى سحبت نفسًا تنظم ضربات قلبها واهدرت به
-عايزة اتكلم معاك، عشر دقايق واكون عندك
نفث دخانه حتى اختفى خلفه وأجابها
-وماله، تعالي انا في اوضة نوح الاستراحة، قالها وأغلق هاتفه، يرفع قدميه فوق المقعد وقام بإطلاق صفير بسعادة
-قطتي حبيبة قلبي جيتي لقدرك
عند حمزة خرج يتحرك بخطوات متعثرة، يكاد يتنفس بصعوبة كلما تذكر حديث الطبيب
-مش هخبي عليك، الإشاعات بتبين كسر في ضلعين، وكمان الضرب كان شديد في العمود الفقري، يعني ممكن يؤثر بالسلب عن تحركه مرة تانية..استقل سيارته وتحرك، وعيناه المغروقتين حجبت رؤيته وهو يبكي
-معقول هيفضل عاجز، معقول مش هشوفه تاني وهو راكب حصانه، آآه خرجت من جوفه وكأنها تكوي جوفه وشهقات مرتفعة حتى توقف بجانب الطريق يضع رأسه على المقود، عندما فقد السيطرة بالكامل على نفسه، استمع إلى رنين هاتفه
-أيوة يادرة، قالها بصوتًا باكي، شعرت به فأردفت
-إنت فين ياحمزة، ليلى قالتلي شكل فيك حاجة..أنا جايلك انزلي، محتاجك..اتجهت لغرفتها قائلة
-حاضر هلبس وانزلك، وصل بعد دقائق كانت تهبط سريعا بدرجات السلم، هرولت إليه عندما وجدته واقفًا ينظر بضياع حوله، أنظار مشتتة ضائعة، أحس بوجودها، فتح ذراعيه إليها حتى ألقت بنفسها داخل أحضانه، مرغ وجهه بحجابها، يطبق على جفنيه، يتنهد بألمًا قائلا
-انا تعبان أوي يادرة، ومحتاجك أوي حبيبتي
خرجت من أحضانه، واحتوت كفيه
-ايه ال حصل أول مرة أشوفك كدا، فتح باب سيارته وأشار إليها
-اركبي، عايز ابعد من هنا، هنروح شقتنا، هنبات هناك، اتصلي بباكي واستأذني، مش عايز اتكلم مع حد..اومأت برأسها دون حديث واتجهت للسيارة تتحدث مع والدها، وصلا بعد قليل إلى منزلهما الذي جُهز لهما
ترجلا اولا ثم اتجه يسحبها من كفيها متجهين للداخل، دلفوا للداخل وأشعل الإضاءة، ثم توجه وألقى نفسه على الأريكة مغمض العينين
-مش قادر أشوف نوح كدا، أنا تعبان اوي يادرة تعبان أوي، كل مااتخيله ممكن يفضل على كرسي طول حياته
جثت أمامه مضيقة عيناها وتسائلت
-يعني ايه ياحمزة، يعني نوح هيفضل عاجز، وخالتو عرفت الكلام دا
وضع يده على وجهه مبتعدًا بنظراته عنها
-محدش يعرف لسة، ولا حتى راكان، أنا اتفقت مع الدكتور ميعرفش حد دلوقتي، عايزه يفوق الأول وبعد كدا نقوله بهدوء، هو فاكر فيه حاجة في عصب رجله، ميعرفش انه من العمود الفقري اللي اذوه ولاد الكلب
شعرت بدوار حتى اهتز جسدها هامسة
-معقول نوح هيفضل عاجز، وضعت كفيها على وجهها واجهشت ببكاء
-مش قادرة أصدق دا، ليه يعملوا فيه كدا، دا مراته حامل، ياحبيبي يانوح ميستهلش ابدًا كدا
اعتدل جالسًا، يسحبها لتجلس بجواره، ثم احتواها بذراعيه
-درة متوجعيش قلبي، أنا مخنوق، مش قادر اتكلم مع حد، ملقتش غيرك افضفض معاه، مش قادر اعرف يونس وراكان، بلاش اوجعهم دلوقتي، معرفش ردهم هيكون ايه
احتضن وجهها ونظر لمقلتيها
-متخلنيش اندم اني قولتلك، عايزك تقويني اتحمل الكام يوم دول، لحد مايسافر ألمانيا ويعمل فحوصات كاملة، وقتها اكيد كلهم هيعرفوا، بس حاليا محدش ناقص وجع، شايفة راكان ومصايبه من كل حتة، ويونس وطلاقه، يعني محدش متحمل وجع تاني، اوعديني حبيبي محدش يعرف حتى والدتك، واياكِ تعرفي ليلى
وضعت رأسها بأحضانه وبكت بشهقات
-مش قادرة استوعب كلامك ياحمزة، براحة عاليا لو سمحت
❈-❈-❈
عند راكان وليلى بالسيارة
ضمها بذراعيه واضعة رأسها بصدره، تشاهد بعض صوره مع نوح وحمزة ويونس ويتحدث عن كل صورة عن تلك الأيام التي قضوها ب عامهم الجامعي
وصلت السيارة إلى منزل المزرعة فنظرت حولها ثم اتجهت بنظرها إليه
-حبيبي جايبنا هنا ليه..طبع قبلة على كفيها وتحدث ببحته الرجولية
-عايز انفرد مع مراتي شوية، إيه بلاش..التمعت عيناها بالسعادة، فترجلت من السيارة، استمعت لصوت الرعد بالسماء فابتسمت
-شكل الجو هيمطر، حلو أوي، حاوط خصرها متحركًا للداخل، وغمز بطرف عينيه
-حلو عشان تلاقي ال يدفيكي..دلفت للداخل وجدت المنزل محاط بالأمن كاملا فتسائلت
-هو لسة معرفتش مين ال دخل البيت ولا إيه
دلف للداخل ومازال محاوط خصرها
-دول مش عشان كدا، عادي ماهو القصر عليه أمن..توقفت أمامه
-لا اكيد فيه حاجة تانية، البيت مفهوش حاجة..اتجه يشعل المدفأ
-اطلعي غيري هدومك يالولة، ومتشغليش بالك، فيه طقم فوق يارب يعجبك، وأنا هجز السفرة عشان جعان جدا، واطمن على أمير
لاحت على ثغرها إبتسامة متلاعبة فاقتربت تطوق عنقه متسائلة
-ياترى ايه المناسبة، لاوكمان فستان، دا ايه المفاجأة الحلوة.وضع اصبع يمسح أنفه ثم أمال يزيل حجابها حتى انسدل شلال خصلاتها الفحمية التي جمعها على جنب، وقام بفتح سحاب فستانها مقتربًا يهمس بجوار اذنها عندما شعر برجفة جسدها
-اطلعي فوق وإنتِ تعرفي..رجفة قوية سارت بجسدها عندما لامست انامله عنقها، فاستدارت بخطوات أقرب إلى الركض رغم تعثرها وأنفاسها تتصارع، ظلت نظراته تراقب مغادرتها، حتى اختفت متجهًا إلى المدفأة
دلفت للداخل وجدت غرفتهما مزينة ببعض الشموع بالروائح العبقة، تحركت متجهة حتى وصلت إلى الفراش وجدت رداء حريري ناعم باللون الأحمر، يصل ما فوق الركبة، عاري الصدري، ذو حملات رفيعة ويوضع بجواره حذاء بكعبًا مرتفع من نفس اللون وبه بعض الأربطة التي تلف حول الساقين..أمسكت تلك الورقة التي يكتب بها
-قدامك ربع ساعة، عايز اشوف مولاتي بطلتها الجذابة، متتأخريش، لقد تعذب القلب وذاب
اكتفت بتنهيدة حالمة تضع كفيها على موضع نبضات قلبها العازفة بعشقه، تحركت متجهة للمرحاض، دقائق وخرجت تجلس أمام مرآتها وقامت بوضع بعض اللمسات التجميلية الخفيفة، ارتدت حذائها وجمعت خصلاتها للأعلى حتى ظهر جمال عنقها ترتدي ذاك العقد الذي اهداها إياه منذ زمن
ألقت نظرة أخيرة على نفسها بالمرأة، وتحركت بالهبوط، كان يقوم بإشعال الشموع ذات الروائح التي جعلت المكان يحلو بمكان العاشقين، استمع لكعب حذائها،ورغم دقات قلبه التي أجزم انها ستخرج من صدره من لهفته ب النظر لصفحات وجهها إلا أنه مازال يواليها بظهره، وقفت خلفه ببعض الخطوات تنظر لظهره، كان يرتدي قميصه الأبيض ويقوم بثني ذراعه، ناهيك عن زره الأول الذي تركه مفتوحًا فظهر جسده الممشوق الذي تعشق كل مايميزه به، اقتربت وهي تخطو بنعلها حتى شعر بأنها تخطو فوق قلبه الذي أصبح كفوهة بركانيه لم يصمد سوى الإستدار ورؤيتها ليشبع روحه بجمال طلتها
استدار بهدوء حتى تعانقت نظراتهما، كما تعانقت دقت قلبيهما، دنى منها وسار نحوها بخطوات متمهلة عندما توقفت فقد جعلت أنفاسه تتعثر بصدره بكل ماتحمله من أنوثة
أمسك كفيها ثم طبع قبلة مطولة عليه، وهو ينظر لبريق ليلها الساحر، قربها منه وبحركة دائرية جعلها تلتف حول نفسها تتطاير بفستانها القصير ورغم قصره إلا أنه كان واسعًا فطار حولها كاشفًا ساقيها المرمر، وخصلاتها التي تطايرت بعشوائية على وجهها، أطلقت ضحكة ناعمة عندما شعرت بالدوار
-راكان دُخت هقع..حاوطها يضمها بقوة لصدره
هامسا بعذوبة وجمال اللحظة بينهما
-توقعي وأنا موجود، مش عيب حبيبي تغلطي في جوزك..طوقت عنقه تنظر لشمسه
-تؤ، مش جوزي بس حبيبي وروح كياني..وضع جبينه فوق خاصتها يحبس أنفاسه، ويسحب أنفاس عطرها يضغط بقوة على خصرها
-حبيبك ضاع في ليلك ياليلة قلبي…رفعت نفسها وطبعت قبلة بجانب شفتيه
-حبيبي أحسن راجل في الدنيا كلها، وعلشان كدا هيقولي ايه المناسبة السعيدة دي
رفع سبابته يتلمس شفتيها قائلا
-النهاردة عيد جوازنا ياحياتي، أول عيد لحياتي كلها، اول مرة أحس فيه بسعادة حقيقة، من سنة زي النهاردة، رويت قلبي العطشان وروحي التايهة بوجودك بجانب قلبي، لدرجة دي ناسية أجمل يوم في حياتي
ابتعدت تبلع ريقها بصعوبة، ولمعت عيناها بالعبرات تنظر إليه بأسف
-آسفة والله نسيت، مش موضوع نسيت، موضوع نوح اصلا، مكنتش،..بدأت تتمتم بعض الكلمات ولم يفصلها الا بحركة أجفلتها عندما وجدت شفتيها محتجزة بين خاصتيه في قبلة ناعمة، قبلة شغوفة، عاشقة لروحيهما، رفعت ذراعيه تحاوط عنقه ..ابتعد عنها طلبا للهواء، ألقت بثقلها على جسده، حينما فقدت القدرة على الوقوف فكان أكثر من مرحب يضمها لصدره كما يضمها لروحه قائلا
-أنا عندي اليوم دا يوم ميلادي ياليلي، يوم سعادتي على الأرض، رفعت كفيها تلمس وجنتيه وتنظر لعيناه
-حتى لو مقربناش من بعض فيه، دفن وجهه بحنايا عنقها
-مين قالك السعادة بتكون في الأجساد، السعادة بتكون بتقارب الأرواح، السعادة بقرب حبيبك منك بأي شكل حتى لو مجرد نظرته اللي تدل على حبه، تمسحت بصدره من كلماته الشافية لروحها فهمست بإسمه
-راكان أنا بحبك أوي، رفعها من خصرها متجهًا للمائدة التي أعدها، وبها جميع الأطعمة التي تحبها
-راكان مش بيحبك ياليلي، راكان عايش علشان انتِ موجودة بحياته، إبتسامة رضا فقط اشعرتها بكينوناتها وانتمائها له
نظرت للمائدة مشدوهة ثم تركت ذراعه تدور حولها قائلة بإبتسامة
-إيه دا كله، اوعى تقولي انك ال طبخت..جذبها بقوة حتى ارتطمدت بصدره العريض ينظر لمقلتيها التي تشبه ظلام الليل قائلا
-يعني عشان عارفة ماليش في المطبخ بتتريقي
رفعت اناملها الرقيقة وسط خصلاته مردفة
-ربنا يخليك ليا..قالتها وفجأة وجدت نفسها بالهواء عندما رفعها بين ذراعيه قائلا:
-حاولت أصبر لحد ماناكل، بس حضرتك نو إحساس.. قهقهت وهي تحرك ساقيها بالهواء
-وحياتي ياراكان عايزة اكل الأكل قبل مايبرد، يرضيك مراتك حبيبتك تنام جعانة، ماهو أنا لو طلعت فوق وحياتك ماهنزل تاني
توقف بعد عدة خطوات، وانزلها بهدوء متسائلا
-جعانة..دنت تحاوط خصره
-ابنك ولا بنتك معرفش جعانة ولازم تاكل دلوقتي..سحبها متجها سريعًا للمائدة
– جلس وأجلسها بجواره، يحاوطها بذراع ويطعمها بذراعه الأخر
كانت تراقبه بنظراتها الحالمة فأردفت
-انت مبتحبش الجمبري، ولا أي نوع سمك، جبته ليه ..وضع بعض فصوص الجمبري بفمها قائلا
-لازم أحبه، بدل بتحبيه، مفيش حاجة بتحبيها محبهاش..ابتسمت برضا وتوقفت تجلس على ساقيه واستدارت تطعمه كما يفعل معها،
لم يشعرا بالوقت وهما يجلسان يتحاوران في مواضيع عدة، حتى انتهيا متجهة للمرحاض عندما شعرت بالغثيان يجتاح جسدها
تحرك خلفها سريعا عندما وجدها تتحرك
-ليلى رايحة فين..رسمت ابتسامة قائلة
-هروح اغسل ايدي وراجعة، قالتها وتحركت سريعا..قامت بإخراج مافي معدتها التي آلامتها بشدة، هي لم تريد حزنه ولم ترفض الطعام رغم نفورها من رائحته..شعرت بالوهن الشديد، فجلست بأرضية المرحاض حتى تستعيد نشاطها، وتحجرت عبراتها عندما شعرت بإنتزاع ليلته التي حاول أن يخرجها من حزنها بسبب نوح، شعرت بوجوده خلفها، فحاولت النهوض سريعًا حتى لا يشعر بآلامها، ولكنه انحنى يحملها متجهًا لحوض الغسيل وقام يغسل وجهها وعنقها بالكامل ..أغمضت عيناها تضع رأسها بعنقه مردفة بصوتها الباكي
-آسفة، نزعت الليلة، حملها ويضمها لصدره بقوة كأنها أغلى مايملك
-فداكي مليون ليلة ياروح راكان..صعد لغرفتهما، ووضعها بهدوء على الفراش، وقام بخلع حذائها ودثرها
-هنزل أشوف حد من الرجالة ال تحت ياخد الأكل علشان يتعشوا، أنا دفيت الأوضة كويس مش هتبردي..أمسكت كفيه وهمست
-متتأخرش ..أمال يطبع قبلة على جبينها مردفًا
-مقدرش أتاخر، قالها وتحرك للخارج..شهقة خرجت من فمها تضع كفيها على فمها
-مكنش المفروض اتعب، أعمل ايه دلوقتي، نزلت متجه تبحث عن هاتفها كان جسدها يأن ألمًا حتى شعرت بإرتجاف ساقيها بسبب التقيئ، فرجعت تجلس مرة أخرى، كانت تريد أن تعمل شيئا يسعده..
بالأسفل جلس يشعل تبغه وينفثه بحزنا كلما تذكر حالتها وسقوطها على الأرض بتلك الطريقة يجعل قلبه يتألم، حبها يجري بعروقه مجرى الدم، بل عشقه عنيف بدرجة تخطت انفجار فوهة البركان..انتهى وصعد للأعلى وهو يحمل بعض المشروبات الدافئة
دلف بهدوء وجدها تجلس بإنتظاره، تعلقت نظراتهما بإبتسامة متسائلا
-لسة صاحية فكرتك نمتي..هزت رأسها
-معرفش انام بعيدة عن حضنك..وضع الذي بيديه وجلس بجوارها يضمها لأحضانه
-لسة تعبانة..حاوطت خصره تهز رأسها بالنفي
-بتعب لما بتبعد عني، رفعت رأسها تنظر لعيناه
-زعلان مني مش كدا..لم تجد سوى عزفه الأثير على خاصتها يخبرها بأنها تتغلغل بداخل روحه، فليس ليلة هي التي تحكي عشقه لها..أنهى قبلته مسترسل بعينان تهيم عشقا بجمال عيناها، يلامس وجنتيها
-هزعل منك ليه، أنا زعلان على تعبك دا، وأنا واقف عاجز ومش عارف اعملك حاجة..
وضعت كفيه على أحشائها تحركها وابتسامة عذبة تشق ثغرها تنظر لعيناه
-دا أجمل تعب، لو التعب دا هيتعبني أنا عايزة اتعب على طول، كفاية بس يكون روح حبيبي جوا..
رعش قلبه من كلماتها، وشعر بنفسه كطالب مجتهدا فاز بالتخرج، فلقد كرمته حبيبته بتكريم مغلف بدقات قلبها، دنى منها مسلط نظراته على شفتيها التي تورمت ولف خصرها بذراعيه يقربها منه وصدره يعلو ويهبط كلما تذكر كلماتها، واضعًا رأسه بعنقها وأنفاسه تتثاقل شيئا فشيئا، خرج من أحضانها ونظراته التي تحاكي وتطلب الكثير والكثير، حتى شعرت به، فدنت هامسة
-كل سنة وانت في حضني ياحبيب عمري، ماكان عليه سوى أن يعقد علاقة منفردة، ليأخذها لعالمه الساحر الخاص بهما وحدهما، خاطفًا أنفاسها وروحها لجنة عشقهما
❈-❈-❈
بالمشفى عند يونس وصلت سيلين، قامت بالطرق على باب الغرفة، دلفت للداخل عندما لم يجيبها أحد، وجدته يخرج من المرحاض عاري الصدر، ولم يرتدي سوى بنطالا واسعا
صرخت به مستديرة تضع كفيها على وجهها
-ايه قلة الأدب دي، انت متعرفش اني جاية
جلس كما هو ووضع قدميه فوق الطاولة قائلا
-ايه حران، هو انتِ كمان مش حرانة، استدارت كالقطة الشرسة ودفعته بصدره بقوة تجز على أسنانها
-انت واحد حقير يايونس، ومتفكرش اني هصدق لعبتك الحقيرة انت وبنت عمك المحترمة، أنا مسحتك من حياتي، تتجوز ولا متتجوزش ميهمنيش
نهض يجذها بقوة حتى أصبحت بأحضانه بالكامل، وهمس بجوار اذنها
-انتِ ماضي ومسحته ياسيلي هانم، مفيش مسرحية ولا حاجة، أنا وسارة هنتجوز قريب، فانتِ بح، كان فيه منه وخلص، مبقتيش تعنيلي
ركلته بقدمها، واستدارت تلكمه صارخة به
-ميهمنيش حتى لو فرحك بكرة، ضربت على صدرها بقوة وانسدلت عبراتها
-انا بكرهك وبكره قلبي ال كل مرة بدوس عليه وبيسامحك، اقتربت منه ونظرت داخل مقلتيه
-اقسم بالله يايونس لامحيك من حياتي، ومن اللحظة دي انت ماضي ومسحته باقذر مساحة،
جن جنانه فالان الألم بداخله متحدا مع غضبه من كلماتها التي أشعلت فتيل نيرانه، حتى شعر بغيرته المجنونة ولم يرى سوى نظرات ذاك المدعو يعقوب اليها، حتى دفعها بقوة على الفراش يحتويها بجسده ولم يشعر بحاله وهو ينقض عليها كالحيوان المفترس يقتنص كل مايقابله
بفيلا النمساوي
كانت تتسطح على بطنها تشاهد بعض الماركات العالمية قاطعها رنين هاتفها
-حضرة المستشار مع الباشمهندسة في بيت المزرعة ياهانم..هبت تجلس على الفراش
-إمتى الكلام دا..أجابها الرجل
-من حوالي ساعتين وأكتر، من الساعة تسعة طلعوا من المستشفى على بيت المزرعة
-لسة جاي تقولي يامتخلف، فيه حد تاني معاهم
تحرك الرجل عندما شعر بحركة خلفه، ولم يكمل حديثه عندما اختطف هاتفه، من يده
-امشي قدامي ياحيوان، قالها بهاء وهو يسحبه متجها للداخل
عند عايدة اتجهت كالمجنونة عندما فقدت السيطرة بعدما وصل جلال واعترف أمامها
-أيوة ابني، من حقي يكون عندي ولد، نسيتي إنك رفضتي تخلفي بعد البنات، ونسيت إنك زوجة وأهم حاجة تخططي إزاي تتخلصي من زينب، نسيتي ياهانم ان جوزك له حق عليكي
اتجهت كالمجنون وهي تمسك سلاحه إلى زينب، توقفت أمام زينب وأسعد تصرخ فيهما
-فين الولد ال جه هنا النهاردة
عند راكان وليلى
جلس بجوارها يراقب كل حركة حتى انفاسها، يمسد على خصلاتها ويزيحها بعيدًا عن عينيها
فرد جسده ومازالت نظراته تعانقها هامسا بالقرب منها
-معقول الحب يغير الإنسان كدا، ابتسمت من بين نومها هامسة له
-بحبك أوي..جذبها لصدره واضعا رأسها فوقها ومازالت اناملت تتخلل خصلاتها مجيبا عليها
-وأنا بعشقك اوي اوي
بالمشفى عند نوح
كان الجميع نيام، دلفت إحدى الممرضات متجهة إلى محلوله وغرزت تلك الأبرة بمحلوله واتجهت للخارج سريعا، إلا أنها اصطدمت به، نظر إليها بنظرات جحيمية
-أنتِ مين وبتعملي ايه هنا
•تابع الفصل التالي "رواية عازف بنيران قلبي" اضغط على اسم الرواية