رواية عازف بنيران قلبي الفصل السابع والاربعون 47 - بقلم سيلا وليد
بسم الله الرحمن الرحيم
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
عازف بنيران قلبي
البارت السابع والأربعون
العتاب:
كنتُ أنتظرُ تلك اللحظةَ التي ينتهي فيها الخلافُ بـ جملة "علاقتنا وبقاؤنا معًا أهمُ من أي خِلاف بيننا" بينما كنتَ تجاهدُ أنتَ لتُثبت أنني الطرف المُذنِب، كنتُ أعاتبكَ بـ قلبي ولم أنتظر منك إلَّا اللين، وكنتَ تُعاتبني بـ عقلك ولم تنتظر مني إلَّا الهزيمةَ أمامك....
ليلى_البنداري
قبل ساعتين من اختطاف الطفل
اقتربت من فراش صغيرها، حملته بين ذراعيها
-حبيب مامي زعلان ليه، انت جعان..وضع الطفل أصابعه بفمه وبكى بصوته الطفولي
ضمته إلى صدرها وبدأت تتمتم له بعذوبة صوتها، ثم جلست اطعمه..غفى بعد رضاعته، وضعته بمهده وظلت تشدو له بصوتها الناعم
وصل وتوقف لدى الباب يستمع لصوتها المبهج لروحه
شعرت بوجوده، ولكنها ظلت كما هي، خطى إلى أن وصل إليها وجلس بجوارها ينظر لطفله، لأول مرة يدخل غرفته، بعد شهر من ولادته
وضع كفه على خصلاته الناعمة التي تشبه والدته كثيرا
-حبيب بابي مزعل مامي ليه
ثم انحنى يطبع قبلة على جبينه
رفعت نظرها مذهولة من وجوده، ارتجف جسدها عندما اقترب وحاوطها بذراعيه
-وحشتيني مولاتي..رفعت يديها تمررها على وجهه وهي تناظره بأعين مشوشة بدموعها المتحجرة فهمست بصوتا مختلطا بالبكاء
-راكان...امسك كفيها وطبع قبلة مطولة عليه، ثم عانقها بنظراته
-روح راكان مولاته...قالها ثم جذبها يعتصرها بأحضانه
-آسف حبيبي..ليلى أنا اتذكرت كل حاجة..خرجت من أحضانه وعبراتها انسابت بغزارة تبتسم من بين دموعها هامسة
"الحمد لله.. الحمد لله"كررتها عدة مرات، ثم توقفت فجأة تطالعه بتساؤل
-امتى، اتذكرت امتى؟!
احتضن كفيها بين راحتيه، ورفع بصره إليها
-يوم ولادتك..جحظت عيناها تسحب كفها من بين راحتيه، ثم سألته بعدم فهم
-قصدك شهر، فاكر عذابي من شهر ورغم كدا سبتني أتألم واتعذب ..شهر ياراكان، هونت عليك وانت شايفني بموت من بعدك وانت واقف كدا
تراجعت بجسدها بعيدا عنه، وكلامها شقه صدرها، حتى شعرت بعدم قدرتها على الحركة
اتجه إليها وحاوطها بأحضانه
-حبيبي اهدي..رفعت نظرها وهمست
-اهدى..بتقولي اهدي، ارتفعت دقاتها كلما تذكرت يوم ولادتها
-أنا كنت بموت ومكنتش محتاجة غير حضنك، رفعت كفيه تضعها على وجنتيها وأردفت بصوت مبحبوح بالبكاء
-كنت محتاجة دي تربط على قلبي، كنت محتاجة همسة منك تقولي انا جنبك حبيبتي ، بس انت عملت ايه
نهضت كعصفور مكسور، الجناح ظلت للحظات تطالعه بأنين قلبها ثم توقفت تدور حول نفسها كالمجنونة وهي تشعر بفوهة بركانية بصدرها ستنفجر وتحرقها كاملة
نهض وتوقف أمامها لحظة وهي ترمقه بغضب وخذلان بنفس وقت، حتى توقفت جميع حواسه حتى عجز لسانه عن صياغة الحروف ..حاوطها بذراعيه ونظراته إليها نظرات متألمة على حالتها
أشارت بكفيها له بالبعد
-لا ياحضرة المستشار مفكرني هسامحك زي كل مرة ، المرة دي وجعتني اوي، لا تعلم أي جرم ارتكبته ليحرقها بتلك الطريقة
دنت تنظر إلى عيناه مباشرة
-أنا كنت بين الحياة والموت وانت هنا، قافل على نفسك ومحاولتش حتى تيجي لي وتطمن عليا، محاولتش تضحك عليا حتى لو بكلمة وتقولي ليلى اتمسكي عشان ابننا..تراجعت إلى فراش ابنها
-دا اتولد وملقاش أبوه جنبه يحضنه ولا يسميه، دا ذنبه ايه، قولي ياحضرة المستشار ازاي جالك قلب ترتاح وانا بموت هنا ..وصلت إليه وبدأت تلكمه بصدره
-قولي ياحضرة المستشار بأي حق جاي تقولي الولد دا ابنك، ايه دليلك لدا
تعمقت بعيناه والامتعاض باد على ملامحها
-اياك تقرب مني ياراكان، اياك سمعتني، وخليك عايش في دور الأهبل ال فاقد الذاكرة
دنت ورفعت نفسها تهمس بجوار أذنه
-ليلى ماتت لما سبتها بتنزف في المستشفى، روح دور عليها هناك
صمتا مريبا مشحونا بأنفاسهما المرتفعة ونيران صدرهما التي شقت بسبب ما قالته وما فعله
اتجه إليها ثم
جذبها بقوة يحاوط خصرها بقوة واضعا رأسه بخصلاتها
-غصب عني حبيبي..ارتعش جسدها بالكامل من همسه وانفاسه التي بدأت تضرب عنقها
همست بتقطع عندما فقدت سيطرتها
-ابعد لو سمحت..اغمض عيناه يهز رأسه وظل كما هو وتحدث:
-ليلى أنا كنت بموت اوعي تفكري بعدك عني كنت قادر اتحمله، انا محستش بالحياة إلا لما رجعتي البيت..رفع نظره واحتضن وجهها:
-أنا روحتلك المستشفى مرتين، قبل ماتولدي وبعد مااولدتي بيوم، مكنش المفروض احسس حد اني اتذكرت
انزلت كفيه وتراجعت تزيل دموعها ثم هزت رأسها:
-عايزة اقعد لوحدي لو سمحت..بتر حديثهما عندما دلفت والدته ..وزعت نظراته بينهما ثم نظرت الى ذراع ابنها الذي يضم ليلى
-راكان بتعمل ايه هنا، اول مرة تدخل هنا ..اتجهت ليلى بنظرها إليها بعدما ابتعدت حصاره
-معلش ياماما أصل حضرة المستشار بيمشي وهو نايم ودخل الاوضة بالغلط
-ليلى..قالها وهو يجز على أسنانه..ثم سحبها للخارج
-تعالي لازم نتكلم..اتجهت والدته تنظر بغموض
-انت اتذكرت ياراكان، قطع حديثهما
صوت انفجار سيارة بالاسفل..اتجه إلى النافذة ينظر بالخارج..صاحت والدته باسم زوجها
-ابوك تحت يابني...
اتجه مغادرا إليه، ولكنه توقف لدى باب الغرفة
-ماما خليكي مع ليلى، رفع بصره إليها
-متخرجيش شوية وهرجع، ثم هرول إلى الأسفل
ظلت تذهب إيابا وذاهبا بالغرفة لبعض الدقائق
هزت رأسها وتحركت :
-لا لازم انزل اطمن عليه، مش هقدر استنى هنا ومعرفش عنه حاجة تحت
تحركت سريعا للأسفل وخلفها زينب عندما استمعوا الى طلقات نارية..هرولت تبحث عنه في الأرجاء..وجدته متجها بسلاحه لأحد امنه
-شوف في ايه ومين ال ضرب الحارس، اتحركو..اتجه إلى والده
-بابا حضرتك كويس..أوما اسعد واجابه
-العربية ولعت ليه يابني..ازاي وهي جديدة، تجمع الجميع بحديقة القصر ..
-راكان انت كويس..قالتها ليلى بلهفة وهي تنظر إلى أنحاء جسده
ضمها وهو يومئ برأسه
-كويس حبيبتي، خليكوا هنا هشوف الحارس مات ولا ايه..أمسكت كفيه وتلألأ الدمع بعيناها..قلبي وجعني خد بالك من نفسك..طبع قبلة على جبينها وربت على كتفها ينظر إلى والدته وسيلين التي وصلت بجوار سارة، ادخلوا جوا، لما اشوف ازاي قدروا يدخلوا القصر، قالها وتحرك متجها إلى غرفة أمنه
-ليلى هو راكان رجعتله الذاكرة...تسائلت بها سيلين..كانت عيناها تراقب تحركه في كل الأنحاء ، قلبها يؤلمها بشدة..تحركت متجهة إليه..امسكتها سيلين
-حبيبتي اهدي هو في وسط امنه، وقدامنا اهو
-قلبي وجعني ياسيلين، حاسة فيه حاجة هتحصل
جذبتها سيلين متجهة للداخل
-متخافيش حبيبتي انا عارفة إنك معذورة بعد ال حصل ، بس مقولتيش راكان راجعتله الذاكرة
أطبقت على جفنيها ثم نظرت إليه وهو يتحدث مع أحد الرجال
-لسة معرفني دلوقتي بعد تلات شهور شوفت فيهم وجع سنين
ضمتها سيلين بعدما انذرفت عبراتها وتربت على ظهرها
-حبيبتي عارفة والله انك اتحملتي كتير، أزالت عبراتها وتحركت قائلة
-أنا تعبانة هروح اغير الفستان دا وارتاح ..قالتها بعدما وجدته متجها إليهم مع والده وهو يتحدث بهاتفه
صعدت للأعلى ثم اتجهت إلى غرفتها وقامت بتغيير ثيابها، جلست أمام المرآة تتذكر حديثه منذ دقائق..استمعت إلى ضرب نار مرة أخرى بالخارج، خرجت متجهة إلى الخارج بعدما استمعت الى صوت بكاء طفلها ..نظرت إلى غرفته وجدت بابها مفتوحا واحدًا ما يقفز من النافذة..رعشة قوية أصابت جسدها كصاعقة كهربائية مما جعلها تسرع إلى الأسفل بقدميها الحافيتين وخصلاتها التي تمردت على وجهها، ناهيك عن ثيابها المنزلية، أسرعت حتى وصلت إلى مخرج القصر وهي تبحث بعينها وجدته يقفز من فوق السور في وقت يتبادل به الجميع ضرب النيران مع مجهولين بالخارج..هرولت للخارج حتى وصلت البوابة الرئيسية وهي تصرخ باسم ابنها مرة واسم زوجها مرة.. دقائق وتوقف ضرب النيران..وصلت إلى الخارج بدلوف يونس بسيارته الذي نظر بصدمة إلى حالتها الهسترية من صراخاتها المجنونة وثيابها ماهي إلى منامة شفافة..ترجل من سيارته سريعا حتى لم يغلقها واتجه خلفها يناديها، صرخت وصرخت عندما وجدت الرجل يحمل طفلها ويتستقل السيارة
-راكاااااان..صرخة شقت بها سماء المكان بليله الساكن..استمع الى صراخها، وكأن أجهزة جسده توقفت عن العمل يحاول أن يفهم مابها..اتجه بنظره الى البوابة وجد يونس يتجه للخارج وينادي باسمها..لونت الصدمة تقاسيم وجهه، لحظات كانت كفيلة بتصنم جسده عندما رآها من بعيدا وهي تسرع كالمجنونة..اسرع خلفها ودقات قلبه تخترق صدره
توقفت السيارة عندما اقتربت منها وهي تشير بيديها ..قائلةابني
ظهر بوضوح وهو يصرخ باسمها واسم رئيس حرسه حتى هرولت السيارة مغادرة المكان سريعا..بكت بصراخ وهي تسرع خلفها حتى أنهكت وجثت ساقطة على ركبتيها تتمتم بصوت متقطع
-ابني خطفوا ابني..وصل يونس إليها، خلع جاكتيه يضع على أكتافها محاولا مساعدتها على الوقوف
-مدام ليلى، قومي هنعرف مين دول..نظرات إلى مكان السيارة
-ابني ..ابني ..خطفوا ابني، وصل راكان إليها يهمس باسمها :
-ليلى ..بكت بصوت مرتفع عندما استمعت إلى صوته، ولم تقو على النظر إليه، ظلت كما هي بجسدها الذي تسربت البرودة إلى اعضائه، ولم تشعر بشيئا سوى صورة ذاك المجرم وهو يحمل ابنها ويشير عليها بأن تأتي
-يونس ايه ال حصل ؟!تسائل بها بلسان ثقيل وهو يخطو ببطئ كأنه يتحرك على سيف مدبب بعدما رأى حالة ليلى
هز رأسه بعدم معرفة، ولكنه توقع خطف الولد..وصل راكان إليها،
-ليلى ..قالها عندما حاوطها للوقوف ..ايه ال حصل حبيبتي
هنا فاقت من صدمتها ونهضت تلكمه بصدره بكل ماوتيت من قوة
-ابعد مالكش دعوة، انت السبب، انت السبب، الولد دا مالكش فيه حاجة، دا ابني انا، انا لوحدي ال اتحملت العذاب فيه، مالكش تسأل في اي حاجة
ارتجفت أوصاله وابتلع ريقه بصعوبة محاولا ابعاد مافهمه
حاوطها بذراعيه ينظر ليونس وانسابت دمعة من عينيه عندما
تلاشت قوتها وهي تهمس باسم ابنها
-ابني عايزة ابني ياراكان، خطفوا الولد ..ابني، قالتها وغمامة سوداء تحاوطها حتى سقطت مغشيا عليها بين ذراعيه
أطبق على جفنيه وهو يحملها ويضمها إلى صدره، ويصرخ بحراسه
-الحقوا العربية بسرعة، عايزها من تحت الأرض
اتجه بها يضمها إلى صدره، وجسده عبارة عن كتلة نارية تريد أن تلتهم مايقابلها..وجد الجميع بالأسفل ينتظرونهم
أسرعت سيلين إلى يونس
-ايه ال حصل..هز رأسه بحزن على ليلى وراكان الذي تخطاهم ولم يرد على أحدًا فكان حزنه والمه كافيا لهدم الكون بما فيه
وصل إلى غرفته..وضعها بهدوء على الفراش، وبدأ يفوقها باستخدام روائحه
-حبيبتي فوقي، ليلى حبي افتحي عيونك ياروحي ..رمشت بعيناها وبدأت تفتحها بتمهل، وصلت زينب وسيلين اللتان ظهر على وجههما الحزن والألم معا
جذبها لأحضانه، وأطبق على جفنيه يقاوم ألم روحه بما يصير معه
حاوطت خصره تهمس له
-راكان عايزة أنام، سبني أنام وخلي بالك ..توقفت عن الحديث فزعة تدفعه
-زين، فين زين..نهضت سريعا من فوق الفراش واسرعت إلى غرفة رضيعها، تبحث بالغرفة كالمجنونة
-ابني فين..زين فين، وصلت زينب وسيلين إليها يجذبوها
-ليلى حبيبتي اهدي، راحو يجبوه
-يجبوه..يجبوه منين حضرتك مصدقة كلامك..ونظرت لأشيائه تضمها وتستنشقها
-انت فين ياقلب ماما، مالحقتش اشبع منك ياروحي
هوت على الأرضية تحتضن اشيائه
-حبيبي كدا تسيب ماما، بكت بشهقات مرتفعة
-ابني بيعيط ياماما، ابني عايز يرضع
❈-❈-❈
كان بغرفته واضعا رأسه بين راحتيه،انسابت عبراته بكثرة عندما فقد السيطرة من حالة زوجته المدمية للقلب، نهض بجسد سُلبت روحه واتجه إليها بعدما فقدت والدته السيطرة على بكائها، وصل إليها
-حبيبتي ، قومي معايا ياليلى متقعديش كدا، وبطلي عياط الولاد نايمين
نظرت بعيناها المغشية بالدموع
-هاتلي ابني ياراكان، انا عايزة ابني، بيعيط ياراكان والله بعيط انا سامعة صوته
ضمها بقوة لصدره ولم يتحكم بدموعه التي أغرقت وجهه، ضمها ثم رفعها وتوقف متجها إلى غرفتهما
-ابعتي ليونس ياسيلين خليه يدلها مهدئ..اومأت وقامت بمهاتفة زوجها
وضعها بحنان على الفراش، يجذب الغطاء عليها
دفعته بغضب وصرخت به
-إياك تقرب مني، انت مالكش دعوة بيه، هو مش ابنك اصلا، مش دا كلامك، كل ال بيحصلي بسببك انت، امشي من وشي مش عايزة اشوف وشك، خليك مثل علينا وقول انك مش فاكر حاجة..اقتربت وغرزت عيناها الباكية بمقلتيه المتألمة
-خبيت علينا عشان ايه، مش عايز تفهمني عشان تحمينا، اهو ابنك اتخطف من بيتك في وسط حرسك بوجودك كمان
دفعته وصرخت كالمجنونة
عملت ايه قولي عملت ايه وهم بيخطفوا ابني، انا ال تعبت فيه، خمس شهور وانا بموت بيه وبحارب في كل الجهات وانت عامل ولا كانك تعرفنا
اقترب منها
-ليلى..وضعت كفيها على اذانها وصاحت صارخة
-مش عايزة اسمع صوتك، عايزة ابني، ابني وبس، امشي من قدامي
نزلت كلماتها القاسية كالصاعقة تفتت قلبه إلى اشلاء، حتى جعلته غير قادرا على التنفس، وشحب وجهه بالكامل
اقتربت زينب بعدما وجدت حالة ابنها المتألمة، وضمتها بين أحضانها
-تعالي ياليلى، بلاش تقولي كلام حبيبتي وتندمي عليه، أنتِ موجوعة
بكت بشهقات مرتفعة
-أنا مش موجوعة ياماما، انا بموت خلي ابنك يرجعلي ابني ياماما
وصل يونس إليهما ..أشارت زينب بهدوء إليه ..تعالي ياليلى..قالتها زينب وهي تجذبها إلى فراشها، ساعدتها على التسطح، اتجه يجذب ملابسها واوقف والدته
-استني ياماما، لبسيها دا..اخذت إسدالا لها وساعدتها بإرتدائها..ثم دثرتها طابعة قبلة على جبينها
-حبيبتي ارتاحي ابنك هيرجعلك..اتجه يونس إليها وقام بحقنها وهي تهذي
-عايزة ابني ياراكان، هاتلي ابني، رجعلي روحي ياراكان
خرج الجميع من الغرفة، وظل هو واقفا ينظر إلى ملامحها الشاحبة بحزن، ود لو يصرخ من أعماقه بكل ما أوتي من قوة على مايشعر به من تفتت روحه
اتجه بخطوات سلحفية وهو يرسمها بعينيه ثم جثى أمامها واضعا رأسه بعنقها
-سامحيني ياليلى، سامحيني حبيبتي، اوعدك هرجعلك ابننا
رفعت كفيها الذي بدأ بتخدره بسبب مفعول المهدئ ووضعت على وجنتيه
-حبيبي عايزة زين، عارفة انك هتجيبه، روح هاتلي زين ياراكان، هاتلي ابننا
طبع قبلة عميقة على جبينها ثم نظر لعيناها
-حاضر ياليلى، هرجعلك ابننا، حتى لو كلفني حياتي ..انسابت عبراتها تهز رأسها رافضة حديثه
-عايزاكم انتم الأتنين، عايزاكم انتم الاتنين..قالتها ثم ذهبت بسبات عميق
تحرك للخارج سريعا، وقام بمهاتفة جاسر الذي كان يغفو على الأريكة ..استمعت جنى إلى صوت هاتفه، تحركت إلى الخارج
-جاسر..فتح عيناه،ثم هب فزعا ينظر إليها
-فيه حاجة، تعبانة..هزت رأسها بالنفي فنظرت الى هاتفه
-تليفونك كان بيرن ..مسح على وجهه، بعدما تنفس بهدوء
-اقعدي عشان مدخويش تاني..جلست بجواره، نظر لتلك الكانولا التي مازالت بكفيها ثم أردف
-رُبى هتيجي دلوقتي عشان تاخدي دواكي..ابتسمت له
-متخافش عليا أنا كويسة، وشوية هروح بيتنا بس مستنية عز لحد مايرجع..وصل جواد متجها إليهما
-جاسر انت لسة هنا، مروحتش ليه يابني..أشار على الأريكة
-نمت يابابا وماحستش بنفسي، ثم اتجه بنظره الى جنى التي اختفت بأحضان جواد وأكمل
-مكنش ينفع امشي قبل مااطمن على جنى..طبع جواد قبلة على رأسها واجابه
-جنى زي الفل ياحبيبي، روح انت عشان مراتك دولقتي قلقانة عليك
قاطع حديثهما رنين هاتفه، ابتسم جواد وأشار إلى الهاتف
-شوفت قولتلك زمانها قلقانة، ومتنساش إنها حامل
اومأ برأسه، وجذب هاتفه ولكن توقف ينظر إلى والده
-دا راكان البنداري، ضيق جواد عيناه، متسائلا
-راكان دلوقتي الساعة اتنين ..اجابه جاسر
-أيوة ياحضرة المستشار
-تمام مسافة السكة واكون عندك، متحاولش تعمل حاجة لحد مااوصل ..انتظر جواد حديثه
-ابنه اتخطف من بيته..أطبق جواد على جفنيه وتألم قلبه عندما تذكر خطف غنى ثم تنهد بحزن قائلا:
-مش هيسبوه فهمته قبل كدا ، وادي النتيجة
قطب جبينه وتسائل:
-ليه عايزين منه ايه، مش اتحكم في القضية، وكمان هم مفكرين أنه لسة فاقد الذاكرة
ربت جواد على كتفه
-خد بالك من نفسك، عشان هما عايزين يبعدوك عن القضية، لازم تشك في كل ال حواليك، بلاش تتهور ياحبيبي ، عارفك ساعات بتتهور، دول مجرمين ياجاسر، والدم عندهم زي المية
تحرك مستديرا إلى الخارج
-حضرتك ال بتقول كدا ياحضرة اللوا، دي أمانة لبلدي، غير وظيفتي، ومسؤولية وعهد علينا ياحضرة اللوا، أسرعت خلفه بخطواتها الثقيلة بسبب مرضها
-جاسر..توقف مواليها ظهره للحظات ولكنه استدار عندما استمع لصوت بكائها
-خد بالك من نفسك، خاف على نفسك وبلاش تتهور وفكر في ال بيحبوك..تراجع إليها وجذبها لأحضانه لاغيا كل شيئا..كور جواد قبضته بعنف بعدما تأكد من ظنونه، استمع لشهقاتها بأحضانه وهمسها
-لو حصلك حاجة ابنك هيتيم خليك فاكر أن فيه ناس ممكن تموت لو حصلك حاجة
أخرجها من حضنه وضم وجهها
❈-❈-❈
-اي يابت ياجنى بقيتي درامية ليه كدا، بابا مشاعره الأبوية هي بس ال خلته يقول كدا ..رفع نظره إلى والده الصامت وتسائل:
-مش كدا ياحضرة اللوا .اقترب منهما، يجذب جنى لأحضانه
-صح يابابا، روح شغلك عشان متتأخرش، اختك مندفعة شوية، مش كدا ياجنى
اومأت دون حديث وتحركت إلى الداخل، انحنى يهمس لها بجوار أذنها
-هجي بكرة اياكي مش الاقيكي، وخفي من شركة الراجل أبو عيون زرقة دا، بغير منه ياجنجنون
قالها وتحرك متجها للخارج
احتضن جواد وجهها
-لدرجة دي بتحبيه يابابا..وضعت رأسها بأحضانه وهمست
-عمو جواد اتصل ببابا عايزة أكلمه وحشني أوي، مش المفروض يرجعوا
ضمها متجها بها إلى الأريكة
-بتهربي من ابوكي ياجنى..مش احنا بقينا اصحاب ، وهتقولي لصاحبك كل حاجة
وضعت رأسها بأحضانه
-أنا تعبانة وعايزة أنام ياعمو ممكن
خرج جاسر متجها إلى قصر البنداري بعدما اتصل بباسم
-عمو باسم ابعتلي قوة لقصر البنداري، ابنهم اتخطف
عند راكان استقل سيارته بعد اتصال حرسه
-العربية كانت قدامنا ياباشا بس فجأة اختفت
ابعتلي اللوكيشن..ثم قاد السيارة بسرعة جنونية والغضب يعمي بصره وبصيرته، كلما تذكر حالتها يشعل بنار تغلي بأوردته، منظر دموعها وحزنها ورجفة جسدها، ناهيك عن صوت ابنه الذي يصم اذنيه يتغلغل بأعماقه وكأنه نصل سكين في أنسجة قلبه ليدمي على طفله
-حمزة فوق كدا واسمع ال هقوله..اعتدل حمزة من نومه يمسح على وجهه
-ايه ياراكان فيه ايه؟!
لم يتمالك نفسه واردف بصوت مختنق
-خطفوا ابني ياحمزة، قابلني على النيابة، وانا هشوف الأمن وصل لأيه
-تمام ياراكان، ربع ساعة وهتلاقيني في النيابة
وصل بعد قليل إلى المكان المنشود
-العربية هنا اختفت ياباشا..نظر إلى مفترق الطرق ارجع خصلاته بغضب كاد أن يقتلع خصلاته
وصل جاسر إليه:
-فيه ايه، وصلت لحاجة..استند على سيارته واطبق على جفنه متألمًا
-ازاي اخترقوا امني، هتجنن، دا واحد تبعهم وعارف بيعمل ايه كويس
-تفتكر دا شغل مين ياترى
فرك جبينه وعقله كاد أن يذهب منه :
-دا شغل عايدة وأمجد، متأكد متخرجش غير منهم، بس ليه يخطفوا الولد، دا مفيش غير حاجة واحدة، ياإما يساوموني على حاجة كبيرة
المهم لازم تحقق مع فريق الأمن كله ياجاسر، واكيد هنوصل لحاجة
ربت جاسر على ظهره
-طيب اهدى، عشان العصبية دي مش هتوصل لحاجة بيها
كيف يهدأ وشعوربالندم يفترس قلبه دون رحمة، تحرك إلى سيارته، كالطفل الذي يتعلم السير، استقل السيارة وظل جالسًا بها لفترة
ذهب بذكرياته لذاك اليوم
فلاش باك قبل شهرين
توقف يونس أمامه بعدما حجز ليلى بالعناية
-راكان مراتك اتحجزت في العناية، نبضها ضعيف، والجنين حالته خطرة، وممكن نفقد حد من الأتنين
سحب نظره بعيدا عن يونس، وظل كما هو، ثم تحدث
-يبقى نصيب يايونس، سواء الولد ولا هي يبقى نصيبها كدا
صاعقة أصابت يونس كصاعقة برق الشتاء، فجلس بجواره ينظر إليه بعتاب
-دي ليلى حبيبتك يابني، انت عارف يعني ايه ليلى لراكان
تراجع بجسده واغمض عيناه
-قصدك ال دمرتني، وموتت اخويا، ولا قصدك ال حرقت قلبي يايونس، ولا قصدك ال باعتلي ليلة وحملت في كيان
هي دي ليلى يايونس، ليلى ال وقفت قدامي وقالت هتجوز اخوك واشوفك وانت بتتالم كدا
كور قبضته وتحولت عيناه للون الأحمر وتحدث بهسيس
-دي عايزة اموتها بإيدي عشان أبرد ناري
حبس نفسه بداخله الذي تحول كجمرات حارقة كادت تحوله إلى بركان مشتعل
-مش عايزها ولا عايز الولد ال في بطنها
امسكه يونس من أكتافه
-راكان الدنيا اتغيرت بينكم، معرفش ايه ال حصل، بس ال أعرفه انك انت وليلى بقيتوا روح واحدة، هي بتحبك بجنون، وانت كمان بتعشقها، ومبتسحملش عليها حاجة
-كدب يايونس، لو زي ماعشته يبقى كدا، ليلى افقدتني الثقة بنفسي داست على رجولتي وعدت، دي راحت اتجوزت اخويا وهي عارفة ومتأكدة انا بحبها
هز رأسه رافضا حديثه
-انت بس ناسي ياراكان، متحولش تعاملها بالماضي دول اكتر من سبع سنين ياراكان فيهم حاجات كتير مريتوا بها
نهض وصاح بغضب يشير بسبباته :
-مهما ال حصل، دي موتت اخويا، تقدر تجاوبني سليم مات ازاي في حادثة،وانت عارف أنه سواق ماهر، نسيت مسابقاته كلها في السواقة
جحظت أعين يونس وتوقف
-لا ليلى مالهاش ذنب صدقني..دفعه راكان بقوة
-اخرص يلا، بدافع على واحدة خاينة، حتى ولو دي واحدة اتجوزت اخو جوزها بعد ماجوزها مات ، وكمان عملت علاقة مافكرتش تحزن عليه
وضع يونس كفه على فمه وسحبه بعيدا عن حديقة المستشفى، حتى وصل إلى غرفته بالمشفى، دفعه وصاح بصوت غاضبا
-لا دا انت اتجننت، أيوة والله اتجننت يابن عمي، فيه حد بيسب مراته في أخلاقه
ركل راكان كل ما يقابله
-متقولش مراتي، انا مش فاكرها ولا عايز افتكرها، دي واحدة خاينة، موتت اخويا وعملت علاقة مع ابن عمها
صفعة قوية نزلت فوق وجنتيه
-فوق ياحضرة المستشار، وشوف مين يلا لاعب بعقلك، دا انت واحد معندوش عقل، امسكه يهزه بقوة ويصرخ به
-عايز تعرف سليم مات ازاي هقولك
سحب نفسا وطرده ناظر لمقلتيه
-انت السبب، أيوة انت ياحبيبي ، انت ال كنت المقصود به
ايه اتصدمت لا استنى لسة التقيل جاي
تنهد بحزن، سليم بين أيدي ربنا ، بس بدل وصلت لأعراض ياحضرة المستشار
-سليم ال خان ليلى عمل علاقة مع فرح ومراته حامل وكانت هتفقد الجنين لولا رحمة ربنا
تعرف مين ال أنقذها وجابها وهو شايلها كالطفل الرضيع بين أحضانه
❈-❈-❈
لكزه بصدره يدفعه بقوة انت ياحضرة المستشار، لولاك كان زمان امير مات، تحرك واتجه إلى مكتبه واشعل تبغه يرمق راكان المذهول
نفث تبغه يطالعه بسخرية
-ايه ياعم المجهول بسلامته، اكملك واقولك أن فرح عندها ولد غير شرعي من اخوك، وليلى تقبلته عادي، ليلى كانت بتموت في المستشفى وانت مسبتهاش ولا لحظة واخوك مقضيها مع فرح
توقف يونس ووصل إليه ينفث تبغه بوجهه ثم همس بجوار أذنه :
-ليلى رغم كدا قالت سليم ميهمنيش عشان مش فارق معايا يتجوز واحد ولا عشرة، ال فارق معايا هو حبيبي ال خاني قدام عنيا
تراجع بجسده للخلف وحاوطه بنظرات تعميقية استنى لسة الذهول جاي كمان
جلس ورفع ساقيه على مكتبه وظل ينفث تبغه ونظراته تحاوط راكان الذي جلس يفتح اول زر من قميصه عندما شعر باختناقه، رفع نظره وأكمل
-جدك الباشا..صدمة اذهلته ينتظر حديث يونس الذي اومأ برأسه قائلا
-جدك نسيته ضغط على ليلى عشان تطلق منك واخد ابنها وحبسها غير صور مقرفة ركبها ليها مع ابن عمها عشان بس تتطلق منك، وخطف ابوها واختها
-بااااس ..صرخ بها راكان ونهض متحركا للخارج بخطوات تاكل الأرض كالذي يهرب من عدوه
شعر بتأنيب الضمير والمًا كاد أن يفتك برأسه، لم يعلم بمن يثق، الجميع أصبح امامه أعداء، استقل سيارته متجها إلى قصره، دلف يبحث عن والدته وجدها تقرأ بمصحفها
-ماما ..رفعت نظرها إليه
-حبيب ماما ، انت سبت مراتك في المستشفى لوحدها..جثى أمامها ووضع رأسها على ساقيها وبكى كالطفل الصغير بشهقات مرتفعة
-ابنك تعبان وضايع ياماما، مش عارف مين الصادق ومين الكاذب، احتضن كفيها ومازال على وضعه
قوليلي ياماما أنا مين ، انا ضايع
مسدت على خصلاته
-انت نور عيني حبيبي، انت شوية وهترجع تاني زي ماكنت
اعتدل ينظر إليها:
-ازاي اتجوزت مرات اخويا، ازاي قدرت اخد حبيبته
احتضنت زينب وجهه ونظرت لعيناه
-انت مااخدتش حق حد، تألمت لذكرى فقيدها وانبثقت عبرة
-ليلى كانت حقك من الأول، بس النصيب، وحكمة من ربنا كل حاجة بتحصلنا بيكون وراها حكمة من ربنا ياحبيبي
-حقي وهي مراته..لمست وجهه وابتسمت :
-هتخبي على زينب ياراكان، مالمكشوف بان ياحبيبي وعرفت انها حبيبتك، بس اتجوزتها ازاي وليه، دا نصيبك الحلو يابني، ومع الوقت هتفتكر كل حاجة ، بس خليك واثق إن ليلى أغلى شخص عندك
نهض يتخبط بسيره حتى وصل إلى غرفتهما، ألقى نفسه على الفراش وعيناه تتجول بالمكان وذكريات تداهمه
اعتدل سريعا عندما تذكر ولادة أمير..ضغط على رأسه بقوة، ثم اتجه إلى علاجه واخذه، ذاهبا في سبات عميق
بعد يومين خرج متجها الى المشفى، قابله جاسر أمام القصر
-عامل ايه؟!..رسم ابتسامة واجابه
-الحمد لله كويس ؟! فيه حاجة
جلسوا بحديقة القصر، ثم وضع أمامه بعض الصور
-تعرف دول ..امسك الصور وأجابه
-دي نورسين وامجد مالهم
-نورسين خرجت من المستشفى بعد مامدام ليلى حاولت تموتها..أومأ له ثم سأله
-وامجد حكايته ايه ؟!
-امجد زارها النهاردة مخفي بزي طبيب وكالعادة محدش اتعرف عليه ..الغريب أن أمجد حاول يقتل نورسين لولا الممرضة ال دخلت في آخر لحظة وانقذتها
-عايز أشوف نورسين ياجاسر
نهض جاسر وارتدى نظارته
-تمام ..ياله، وصل بعد دقائق حتى وصل إلى مكانها
دلفت نورسين بعد دقائق ، تجمد جسدها للحظات بعدما وجدته أمامه
-راكان..لحظة صرخات دلفت داخل عقله وصورة ليلى مقيدة
نهض متحركا إليها، تراجعت بجسده تهز رأسها بخوفًا منه
-والله ماكان قصدي ياراكان، والله انا كنت..جذبها من خصلاتها عندما تذكر بعض الأشياء
-حقيرررررة، ثم دفعها بقوة بالحائط، نزف جبينها بقوة
توقف جاسر أمامه
-خلاص ياحضرة المستشار، هي دلوقتي بين أيدي النيابة
-طلعها برة قبل مااموتها، تحركت خطوتين ولكنها توقفت عندما صاح
-فين أمجد يابت..ابتسمت بسخرية وأجابته
-بيجهز نفسه لليلة نارية مع مراتك ياحضرة المستشار
هب من مكانه ولكن توقف جاسر أمامه
-راكان اهدى، فيه حاجة لازم تعملها، ثم اتجه بنظره الى نورسين
-حضرة المستشار فاقد الذاكرة يانورسين، بيحاول يفتكر حتى مش عارف انتِ هنا ليه، قالها جاسر وهو يرمق راكان
ألقى جسده فوق المقعد، بينما ظلت نورسين واقفة تطالعه بذهول مردفة
-يعني أمجد مكذبش، انت مش فاكر حاجة، طيب جتلي ليه
-بناءً على كلامي، ياله امشي من هنا ..قالها جاسر وهو يستدعي العسكري
مسح على وجهه بعنف، واطاح كل ما يقابله على سطح المكتب
-كلاب، وحياة ربي لاندمهم..انحنى بجسده يضرب على المكتب
-عايدة عايزك تراقبها أربعة وعشرين ساعة، اعتدل بجسده
-وحياة وجع قلبي لأدفعهم غالي ...خرج متجها الى المشفى سريعا، وصل إليها
وجد أمام غرفتها والدته تجلس تقرأ بمصحفهاة
-ماما ..رفعت نظرها وعيناها مترقرقة بالدموع، ثم نهضت إليه
-أنا مش هقولك حاول تتذكر ولا هقولك أن ليلى حبيبتك بس هقولك مراتك وابنك في خطر ياحبيبي روح صلي وادعلهم يابني
خرج يونس من غرفتها متجها إلى زينب متجاهله
-هنولدها ..والولد هيتحجز في الحضانة للأسف حالة ليلى مش تمام وفي تلوث في الدم، غير الأكسجين ضعيف جدا، قاطعهم الممرضة
-دكتور يونس المريضة جاهزة للعملية..رمق راكان الصامت وتحرك متجها لغرفة العمليات
انهار عالمه وهوى على المقعد يهز رأسه بعنف، هامسا
-مستحيل، لا العقاب كدا مش هقدر اتحمله..دفع الباب ودلف إليها كانت لا تشعر بشيئا
جثى أمام فراشها واضعا رأسه بعنقها
-ليلى حبيبي لازم تقوي عشان حبيبك انا اسف ياعمري، فوقي حبيبي واتمسكي بالحياة عشان ولادنا
استمع إلى رنين هاتفه
-أيوة يافرح..راكان كلمت بابا ولا لسة
فرح انا دماغي وجعاني ممكن اكلمك كمان شوية، حاضر هكلم عمي
انحنى يطبع قبلة عميقة بجوار شفتيها
-بحبك مولاتي، حبيبك اتذكر ملحمة حبه مولاتي ...لازم تفوقي لمعذبك عشان معذبك هيعاقبك
استدار بعض الخطوات ثم رجع إليها، انحنى يقبل كفيها، ثم مسد على خصلاتها وهمس بجوار أذنها
-زين امانتي عندك ياحبيبة عمري..وحشتيني
تحرك متجها للخارج، وصل بعد قليل واتجه إلى غرفة مكتبه ينظر بالكاميرات، وجد العاملة تقوم بتبديل أدويته
صعد إلى غرفته سريعا
-بتعملي ايه..ارتبكت وأردفت قائلة :
-بنضف الغرفة، مدام ليلى كانت مبتخليش حد يدخلها
صمت للحظات وأردف
-مالهاش علاقة بالاوضة دي تاني..وإياكي تدخل الأوضة دي تاني، لو دخلتها انت هتتعاقبي
ابتسمت قائلة
-حاضر ياباشا.
-ايوة ياهانم، ثم قصت لها ماصار
-طيب اعملي ال هقولك عليه بس لما ليلى ترجع ...اطبق على جفنيه متذكريوم ولادتها
يجلس بغرفة مكتبه ونيران قلبه تحترق ألما على حبيبة الروح وهو عاجز عن وجوده بجانبها..دلفت فرح بابتسامته
-راكان عامل ايه..رجع بجسده للخلف وأجابها
-كويس..عملتي ايه، عرفتي الحقير آسر شغال فين
جلست واطلقت ضحكة
-شغال في دولة عربية، بعد ماقتلوا سليم
هز رأسه ونظر إلى قلمه
-هجيبه متخافيش، صمتت للحظات ثم أردفت ليلى بتولد الولد النهاردة ايه مش هتروح تشوفه
-لا مش رايح ..ومتسأليش في حاجة، قومي روحي عندي شغل، عملتلك ال قولتيه، عشان وقفتي جنبي، ورجعت ا قصر البنداري
دنت منه تطبع قبلة على وجنتيه
-شكرا ياراكان، بجد شكرا على كل حاجة..تعرف انا طول عمري بحبك اكتر واحد في الدنيا
رسم ابتسامة بسيطة واجابها
-لازم تحبيني مش ابن عمك يافرح..استندت على المكتب بظهرها وأردفت :
-بس مش دا الحب ال أقصده..رفع بصره إليها وانتظر حديثها
دنت تحاوط عنقه واكملت
-بحبك حب الحبيب ياراكان، ايه محستش بيا
تراجع بجسده للخلف وصمت يطالعها بغموض ثم أردف
-تعرفي حلوة الفكرة دي..ضيقت عيناها متسائلة
-فكرة ايه؟!
نهض متجها إلى النافذة واشعل تبغه ونظر للخارج
-احرق بيكي قلب ليلى، واعرفها ازاي قدرت تخون راكان البنداري ..اتجهت تقف بجواره وضحكت قائلة
-موافقة..اتجه يطالعها بنظراته ثم أردف :
-بس انا مش بتاع حب يابنت عمي، عشان مترسميش على حاجة
تحركت للخارج وهي تجيبه
-المهم احرق قلب ليلى وبس، توقفت تنظر إليه
-لازم تداوم على ادويتك عشان تخف بسرعة
ابتسم بسخرية واستدار ينظر للخارج ، وكتلة نارية تحرق صدره بالكامل
-متخافيش يافروحة..قامت الأتصال بوالدتها
-ماما، بلاش تعملوا حاجة دلوقتي ، فيه حاجة ممكن تنفع دلوقتي، وممكن كمان بعدها راكان يتجوزني، بلاش تعملوا حاجة، وهو هنا في البيت مرحش لليلى، وزي مافهمته هي المسؤولة عن موت سليم
❈-❈-❈
ابتسم بسخرية على حديثها ثم هاتف حمزة
-حمزة فرح كانت فين قبل ماتيجي
-كانت في الشركة، ورجعت على البيت، مرحتش لأمجد ولا قابلت حد
-لا ياراكان، للأسف مفيش أماكن راحتها من الشغل للبيت
أحس بقبضة تعتصر صدره فتحدث:
-حمزة لازم أشوف ليلى بأي طريقة
اجابه تعالى على المستشفى وهدخلك من غير ما حد ياخد باله ...تحرك متجها إلى سيارته، وجد أحدهما بالخارج يراقبه..مط شفتيه ثم استقل سيارته متجها إلى مزرعة نوح
وصل بعد قليل
-نوح فين ياباشمندسة بتصل بيه مبيردش
أجابته أسما التي كانت تجلس بحديقة منزلها تلاعب أطفالها
-نوح مش عايز يشوفك، ولو سمحت بلاش تتقابلوا في الوقت دا عشان متخسروش بعض..دنت منه أسما وطالعته
-لدرجة دي ياحضرة النايب ليلى طلعت خاينة، دا لو واحد بيكرهها عمره مايتهمها بالطريقة المقرفة دي
اتجه إلى سيارته قائلا:
-يعني صاحبتها هتقولي ايه..فتح باب السيارة ولكنه توقف عندما اردفت
-ليلى لو حصلها حاجة هتفضل طول عمرك تكره نفسك، بتمنى راكان حبيب ليلى يرجع قبل مايقتل ليلى بايده، ويرجع يندم في وقت مابقاش للندم قيمة
تحرك متجها الى المشفى بعد مرواغته لمراقبه، وصل بعد قليل، اتجه أولا إلى الحضّانة
وقف ينظر إليه من بعيدا..كان يونس محاوطه بأكثر الناس خبرة وثقة، توقفت أمامه الممرضة
-عارفة حضرتك، بس ممنوع حد يقرب منه، دا أمر يافندم
أخرج مجموعة نقود واعطاها للممرضة مردفا:
-مش عايز يونس يعرف اني جيت هنا، ماتخافيش انا مش هطول هبوسه بس وامشي، دا ابني على فكرة
اومأت برأسها :
-عارفة حضرتك كويس،ولكن كدا بتأذيني
ربت على كتفها واردف
-وعد دقيقة وهخرج، خلي بالك من الطريق كويس هشوفه بسرعة..
أوقفته الممرضة
-ممنوع يخرج من الحضّانة عنده مشاكل في القلب والأكسجين
دلف إليه وهو يشير بيديه..توقف أمامه يطالعه بحنان، فتح صندوقه وانحنى يطبع قبلة على جبينه
-حبيب بابي،ربنا يباركلي فيك
ظل للحظات ثم تحرك خارجا سريعا متجها إلى غرفتها، وجد سيلين تجلس بجوار والدة ليلى التي تغفو أمام غرفتها
توقفن سيلين متجهة إليه :
-راكان ، بتعمل ايه هنا
-هدخل اشوفها واطلع، بس مش عايزها تعرف، انا عارف انها نايمة ..ضيقت عيناها متسائلة
-ليه مش عايزها تعرف..دفع سيلين وتحرك دون حديث، تحركت خلفه وهي تنظر إلى والدة ليلى الغافية على المقعد
توقف أمامها يطالع شحوبها، تمنى لو يضمها لأحضانه، ولكن مهلا حبيبتي
دنى منها بخطوات بطيئة، وصل إليها ثم انحنى يطبع قبلة على جبينها
-حمدالله على سلامتك ياليلى..قالها وتحرك للخارج سريعا حتى لا يضعف أمامها
back
خرج من شروده على رنين هاتفه
-راكان تعالى على القسم فورا
عند ليلى ..استيقظت من نومها تنظر حولها وجدت والدتها تجلس على المقعد تقرأ بمصحفها
-ماما..اردفت بها ليلى..نهضت سمية متجهة إليها
-حبيبة ماما ، عاملة ايه ياقلبي
نزلت من فوق الفراش بجسد مرتجف
-ابني ياماما،ضمتها والدتها، دلف والدها بعدما استمع لصوت بكائها
ألقت نفسها بأحضانه
-خطفوا ابني يابابا، ابني لسة صغير اوي ..هموت يابابا
ضمها بقوة لأحضانه، بكت والدتها على بكائها
-عايزة راكان، قولوله يجب ابني هيموتوه هو لسة صغير
دلفت زينب بجوار سيلين التي تضم كيان وأمير إليها
-ليلى حبيبتي ولادك مش مبطلين عياط،
هوت على الفراش وبكت بشهقات
-عايزة ابني، ابني بيعيط ياماما، قولوا لراكان خليه يجيب ابني..ارتفع صوت شهقاتها
-عايزة راكان، خليه يجي عشان يجبلي زين
ضمت أشيائه تقبلها وتضمها لصدرها
-ابني حبيبي مالحقتش افرح بيه..جلست زينب بجوارها، جذبتها لأحضانها تنظر إلى عاصم بحزن
-عرفت ليه اخدت مهدأ، كل ماتصحى بتعمل كدا ..اقترب أمير منها، امسك كفيها
-مامي حبيبتي، بابي راح يدور على زين وهو هيجيبه أنا واثق في بابي
خرجت من أحضان زينب تضم ابنها وتبكي بصوت مرتفع
دلف يونس يوزع نظراته بينهم
-مدام ليلى ارجوكي بطلي عياط، متنسيش انك لسة والدة ودا غلط
نهضت سريعا إليه
-اتصل براكان يايونس، عايزة أكلمه..نظر للجميع ..أومأت زينب إليه
امسك هاتفه ..كان راكان بقسم الشرطة
-الاقي أمجد فين يلا
اجابه الرجل:
-والله ياباشا، احنا منعرفش مكانه، امسكه بقوة وقبض على عنقه وتحول جسده لكتلة نارية
-هموتك ياكلب..تحول وجه الرجل للشحوب، فدفعه بقوة حتى نزفت رأسه وبدأ يركله بجميع أجزائه حتى صرخ الرجل
-في بيت مدام عايدة، هو قال هيروح هناك عشان يجيب مدام ليلى
أخرج سلاحه ولحظة وصوبه برأسه
-ليه ياراكان كدا..عارف نتيجة دا ايه
استدار يصرخ بوجه جاسر
-ايه راجلي وخاني مستني اطبطب عليه، فوق ياحضرة الظابط، وأحمد ربنا سبته عايش ساعتين زيادة
استمع إلى صوت هاتفه ..أجاب سريعا بعدما وجده يونس
-يونس ليلى حصلها حاجة ؟!
جذبت الهاتف من يونس سريعا
-راكان..كور قبضته بقوة وأغمض عيناه من صوتها الذي شق صدره فأجابها بصوت متقطع
-أيوة حبيبتي..ابنك بيعيط ياراكان رجعه، ابني وحشني حبيبي ، راكان ياله ارجع بزين انا مستنياكم، ياله حبيبي عشان أضمه لصدري وحشتني ريحته اوي ..مش انت عملت كدا عشان تحميه، طب اهو اتخطف وانا هموت عليه، خليهم يرجعوه وياخدوني مكانه، ولا أقولك هروح اعيش خدامة عنده
آلمه حديثه وكأنها غرست خنجرا بصدره،لم يستطع منع دموعه التي تأثرت بحديثه فتحدث :
-حاضر ياليلى هجبلك زين، هرجع بابننا حبيبتي بس بطلي عياط عشان زين لما يرجع مش يلاقكي عيانة
مسحت دموعها وجلست تبتسم
-طيب مش هعيط، بس انت متتأخرش،انا واثقة فيك حبيبي، ياله متتأخرش
-حاضر ..همس بها وانهار عالمه حتى شعر بإنسحاب الأرض من تحت أقدامه
هوى على المقعد وضعف الجبل وانهارت قوته أمام الجميع حتى بكى بشهقات أمام جاسر الذي ألمه قلبه عليه، تركه مع ضعفه وخرج من المكتب، قابله نوح وحمزة
-ايه وصلتوا لحاجة..تنهد بألما واجابهم
-شقة عايدة احتمال يكون أمجد فيها، هجهز القوة ونقتحم المكان ..دلف نوح إليه
وجده جالسا يضع رأسه بين راحتيه ..خطى إليه
-راكان .رفع رأسه وأزال عبراته ونهض متجها إلى سيارته
عند ليلى جلست بشرفتها بجوار أسما وسيلين اللتان لم يتركونها ، دلفت درة إليهما بعصير الليمونادا ،
-ليلى اشربي دا ياقلبي..وضعت كفيها على أذنها تبكي
-بيعيط صوته في وداني، بيعيط، حبيبي عايزني
ضمتها اسما تبكي على بكائها
-مش راكان وعدك يجيبه ياقلبي، ممكن نهدى وشوية هيدخل بيه، رفعت نظرها وابتسمت من بين دموعها
-حقيقي ياأسما، راكان هيلاقيه
مسحت أسما عبراتها وضمت وجهها
-من امتى راكان قالك حاجة ومعملهاش..هزت رأسها وابتسمت
-أيوة هو هيجيبه وخصوصا هو اتذكر كل حاجة مستحيل يتخلى عن ابنه، هو كمان خايف عليه
استمعت إلى رنين هاتفها..أسرعت إليه ظنا أنه زوجها
-ليلى..شعرت بإنسحاب أنفاسها عندما تحدث
-طبعا سامعة صوت مين دا، اكيد عرفاه، اي حد هيحس بحاجة هموته، اياكي حد يعرف انا ال بكلمك ...اتجهت أسما ودرة إليها
-راكان دا ياليلى..بدأ قلبها يدق بعنف من صراخ ابنها، فرسمت ابتسامة تهز رأسها
-اه بيقولي عرفوا مكان زين..انسابت دمعة وتحدثت
-أيوة سمعاك ..مفيش حد..قالتها بعد تحرك درة وأسما للشرفة ظنا أنه راكان
-قدامك ربع ساعة وتكوني في المكان ال هبعته، توصلي هناك هكلمك واقولك تعملي ايه دا لو عايزة ابنك، اي غلط وحياة حبي ليكي ياليلى لأموت ابنك من غير مايرفلي جفن
هزت رأسها سريعا
-حاضر..انا هنزل فورا، بس وحياتي ياأمجد ، بلاش تأذيه ومستعدة اعملك كل ال تطلبه وعد
ابتسم بحبور واردف.
-راكان لو عرف هموت ابنك..تحركت وهي تتحدث بالهاتف
-لا وعد وحياة ربنا محدش هيعرف حاجة، بس ابني مش تأذيه
-تمام ياليلى، هستناكي حبيبتي
ونتجوز وناخد ابننا نربيه مع بعض
-حاضر انا جاية لعندك..تحركت متجهة إلى سيارتها
توقف يونس أمامها :
-رايحة فين يامدام ليلى
ابتسمت له وأردفت :
-راكان كلمني وقالي لقي الولد وقالي أقابله عشان هناخده ونبات في بيت المزرعة
ابتسم يونس واردف:
-مبروك رجوع الولد، كنت متاكد راكان هيوصله
تحركت سريعا واستقلت سيارتها بسرعة جنونية متجهة إلى امجد
•تابع الفصل التالي "رواية عازف بنيران قلبي" اضغط على اسم الرواية