Ads by Google X

رواية بدون عنوان الفصل السادس 6 - بقلم نورا سعد

الصفحة الرئيسية

  

 رواية بدون عنوان الفصل السادس 6 - بقلم نورا سعد


ظهرت نتيجة الفحص بعد أسبوع وتأكد خيري من حقيقة أن ورد تكون هي نفسها ابنته الضائعة وهذا الأمر ضايق قاسم كثيرا الذي كان يتأمل أن تكون تلك الفتاة محتالة.
-“مالك يا قاسم ، إيه اللي مزعلك ومخليك مهموم بالشكل ده؟”
نطقت فايزة تلك العبارة بتساؤل وهي تجلس بجوار ابنها وتربت على كتفه فغمغم قاسم بحزن:
-“أنا مش مستحمل أشوفها قدامي وخاصة بعد ما اتأكدنا أنها تبقى توأم ياسمين الله يرحمها”.
هتفت والدته بتفهم:
-“أنا عارفة كويس أوي أنك كنت بتحب ياسمين وحزنت جدا على موتها بس ده مش معناه أنك تزعل أن طلع ليها أخت توأم وربنا بعتها عشان تعوض خيري عن فراق بنته التانية ، افتكر كده حالة خيري كانت عاملة إزاي بعد ما ياسمين ماتت وشوف دلوقتي هو بقى سعيد إزاي بعد ما ورد ظهرت في حياته”.
اقتنع قاسم بوجهة نظر والدته فهو يجب أن يحتفظ بمشاعر الضيق لنفسه ولا يظهرها أمام خيري الذي استعاد بهجته وفرحته بعدما وجد ورد أمامه بعد غياب سنوات كثيرة.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
تأقلمت ورد بسرعة واعتادت على وجودها في منزل خيري الذي عاملها برفق ولطف جعلها تحبه بسرعة وتتعامل معه بأريحية وكأنها تعرفه قبل عدة سنوات.
اشترى خيري العديد من الملابس الجديدة من أجل ورد وأخذ يعوضها عن تلك السنوات التي غابت فيها عنه.
-“أنا مش عارفة أقولك إيه بجد يا بابا ، أنا صحيح مش فاكرة حاجة عن حياتي بس مبقتش مضايقة بخصوص الموضوع ده بعد ما شوفت معاملتك ليا وقد إيه أنت بتحبني”.
ابتسم خيري وقبل رأسها قائلا:
-“ربنا يقدرني دايما وأقدر أسعدك يا قلب أبوك ، أنتِ مش متخيلة أنا كنت بعاني إزاي وأنا مش قادر أوصلك ولا أعرف حاجة عنك”.
ربتت ورد على كفه وهتفت بحنو:
-“بلاش تفتكر الحاجات دي ، المهم دلوقتي أن احنا موجودين مع بعض ، هتصدقني لو قولتلك أن أنا حابة أفضل كده ومش عايزة الذاكرة ترجعلي لأني حاسة أن حياتي كانت وحشة أوي قبل الحادثة اللي حصلت معايا”.
سألها خيري بهدوء أخفى خلفه القلق الذي نهش صدره بعدما سمع هذا الكلام من ابنته:
-“مين اللي قالك أن حياتك كانت وحشة؟! هو أنتِ قدرتي تفتكري حاجة من الماضي؟”
هزت ورد رأسها بنفي وقالت:
-“لا مقدرتش بس بيجيلي كوابيس كتير بشوف نفسي فيها وأنا بتهان وبنضرب بشكل بشع أوي”.
تحدث خيري بحزم وهو يمسك يد ابنته بحماية:
-“صدقيني لو فعلا الكوابيس دي حصلت معاك فأنا هندم الناس دي على اللي عملوه فيكِ”.
خرجت ورد بعد فترة وأخذت تسير في الحديقة المشتركة بين بيت قاسم ومنزل خيري.
ظهرت ابتسامة واسعة على ثغر ورد عندما رأت وردات حمراء تزين الجزء الجانبي من الحديقة.
اقتربت ورد من الوردات وكادت تلمسها بيدها ولكن منعها قاسم بيده التي قبض بها على معصم ورد بقسوة:
-“أنتِ إيه اللي جابك هنا وإزاي تتجرأي وتحاولي تلمسي الورد بتاع ياسمين”.
نفضت ورد ذراع قاسم وهتفت بحدة ونبرة حازمة تعبر عن مدى القوة التي اكتسبتها مؤخرا من دعم والدها ووقوفه بجوارها:
-“أنت إزاي تتجرأ وتمسكني بالشكل ده ، شغل الشخط والزعيق بتاعك ده تروح تعمله مع حد تاني غيري ؛ لأن أنا مش هسمحلك تتجاوز حدودك معايا”.
صرخ قاسم بغضب شديد:
-“لا هعلي صوتي عليك ولو وصلت هكسر رأسك كمان ؛ لأن أنتِ اللي بدأت لما لمستِ الورد بتاع مراتي”.
صاحت ورد في وجهه بغضب مماثل:
-“أنا مكنتش أعرف أن الورد ده بتاع ياسمين بس ده مش سبب يخليك تزعقلي كده”.
تركته ورد يحدق أمامه بذهول من طريقتها المستفزة في الحديث وعادت إلى المنزل دون أن تكترث بهذا البركان الثائر الذي اشتعلت نيرانه.
-“ماشي يا ورد أنا هوريك وهعلمك إزاي تتكلمي معايا”.
▪▪▪▪▪▪▪▪
-“أه يا كتفي اللي اتقطم ، أنا مش قادرة أحرك دراعي”.
صاحت “نعمات” بتلك العبارة وهي تضع الممسحة جانبا فهتفت سامية بامتغاض من أفعال ابنتها:
-“وبعدين معاكِ يا نعمات ، كل يوم نفس الأسطوانة ، مرة تقولي أه يا إيدي وبعدها تقولي أه يا رجلي وبعدها تقولي أه يا بطني وبعدها تقولي أه يا كتفي ، بطلي حركاتك دي وخلصي يلا المسح والتنضيف عشان تنشري الهدوم”.
رفعت نعمات صوتها باعتراض:
-“نعم!! هدوم إيه دي اللي هنشرها إن شاء الله ، هو مفيش حد غيري في البيت ده ولا إيه ، خلي بناتك يقوموا يهزوا طولهم ويعملوا حاجة”.
تنهدت سامية بسأم من أفعال ابنتها:
-“ومين فيهم اللي هينفع تعمل معاكِ؟! وفاء وموجودة في بيت جوزها ، وأسماء وفداء بيذاكروا عشان الامتحانات بتاعتهم قربت”.
تملك نعمات غيظ شديد بعدما جلبت والدتها سيرة أسماء التي وافقت سامية على التحاقها بالجامعة رغم أنها لم تكن حاصلة على مجموع مرتفع.
-“أنا كنت جايبة في الثانوية مجموع أعلى من أسماء ومع ذلك أنتِ رفضتي أن أنا أدخل الجامعة وأكمل تعليمي وقولتي اللي مش هتجيب مجموع كلية قمة مش هتكمل علام ولما أسماء خلصت ثانوية والنتيجة بتاعتها ظهرت وقتها أنتِ سيبتيها تكمل مع أن مجموعها مجابش غير كلية أداب”.
خرجت أسماء من غرفتها بعدما سمعت كلام نعمات ووضعت يدها في خصرها وقالت:
-“افتكري يا حبيبتي أن أسماء دي اللي أنتِ دلوقتي بتبصلها عشان دخلت الجامعة كانت بتشتغل أيام الثانوية عشان تساعد أمك في جهازك أنتِ ووفاء على عكس منذر أخوكِ اللي مرضاش يساعد ولا يحط إيده في حاجة وبعدين متنسيش يا أختي أن أنا بشتغل لحد دلوقتي ومصاريف الجامعة والكتب والمواصلات واللبس وكل حاجة أنا اللي بدفعها ومحدش بيصرف عليا مليم واحد وياريت تفتكري كمان أن فواتير الكهرباء والإنترنت اللي أنتِ بتفضلي قاعدة عليه طول النهار أنا برضه اللي بسددها من جيبي”.
لوت نعمات فمها قائلة بسخط:
-“هو أنتِ جاية تعايرينا بفلوسك ولا إيه يا ست أسماء ، لا يا حبيبتي بطلي الأسلوب ده عشان ….”
قاطعتها أسماء ببرود:
-“لا مش بعايرك ولا حاجة ، بس بفكرك أن كل واحد فينا بيساهم في البيت ده بشكل مختلف عن التاني فمتجيش أنتِ تقللي مننا عشان بتمسحي وتنضفي ، وبعدين إذا كان شغل البيت مضايقك أوي كده كنت ساعدي مرات أخوكِ في العمايل واتعاملي معاها كويس ؛ لأنك لو كنت عملت كده كان زمانها دلوقتي مطفشتش وسابتلك شغل البيت كله”.
صاحت سامية بصوت جهوري:
-“خلاص أنتِ بطلوا كلام كتير ، روحي يا أسماء شوفي شغلك اللي المفروض تروحيه كمان ساعة وأنتِ يا نعمات خلصي اللي وراكِ من غير برطمة”.
دلفت أسماء إلى غرفتها حتى تجهز نفسها للذهاب إلى العمل ورأت فداء تنظر أمامها بشرود وحزن ، اقتربت أسماء من شقيقتها الصغرى وقالت:
-“مالك يا حبيبتي فيكِ إيه ، صدقيني الكلام اللي أنا كنت بقوله برة ده أنا قولته عشان أكتم بيه نعمات اللي قاعدة ترخم علينا في الرايحة والجاية”.
هتفت فداء بهدوء:
-“أنا عارفة كويس الكلام ده من غير ما تقوليه يا أسماء ، بس أنا مضايقة أوي من موضوع ورد ومش مصدقة الكلام اللي اتقال عليها من أمك وأخوكِ وأختك”.
تنهدت أسماء وقالت:
-“أنا صحيح مكنتش بتعامل كتير مع ورد لأني أغلب الوقت بقضيه برة في الجامعة والشغل بس أنا كمان مش مصدقة أنها سرقت دهب أمك وبصراحة كده أنا شاكة أن نعمات هي اللي سرقت الدهب واستغلت هروب ورد عشان تلبسها التهمة”.
كادت فداء تتحدث وتخبر شقيقتها بتلك الأشياء التي رأتها في الشقة ولكنها تراجعت والتزمت الصمت.
ربتت أسماء قبل أن تنهض على يد فداء وقالت:
-“سيبك أنتِ دلوقتي من الحوارات دي وركزي في مستقبلك ، أنتِ في كلية صيدلة ولازم تذاكري كويس”.
غادرت أسماء المنزل بعدما انتهت من ارتداء ملابسها وتركت فداء تجلس واجمة الوجه ومغمضة العين.
صحيح أنه مر فترة على اختفاء ورد إلا أن فداء لا تزال غير مقتنعة بحديث والدتها وشقيقتها عن سرقة ورد للذهب وهروبها مع رجل أخر.
-“أنا متأكدة أن منذر عمل حاجة في ورد وده سبب وجود بقعة الدم والكركبة اللي أنا شوفتها في الشقة لما طلعت في نفس يوم اختفاء ورد ، ده غير باب الحمام اللي كان فيه أثار كسر”.
ارتدت فداء ملابسها وتوجهت نحو والدتها التي كانت تشاهد التلفاز:
-“أنا هروح أشتري ملزمة مهمة فيها أسئلة كتيرة ممكن تيجي في الامتحانات وهرجع البيت على طول”.
أومأت سامية وقالت:
-“ماشي يا حبيبتي ، روحي اشتري الملزمة بس متتأخريش”.
-“حاضر يا ماما ، سلام”.
خرجت فداء من المنزل وذهبت إلى قسم الشرطة وأبلغت الضابط المسؤول عن قضية اختفاء ورد بتلك الأشياء التي رأتها في الشقة حتى تريح ضميرها من هذا العذاب الذي ينهش روحها ويجعلها غير قادرة على الاستمرار في الحياة بشكل طبيعي.
-“تمام يا آنسة فداء وشكرا جدا على تعاونك معانا”.
قالها الضابط بجدية مطلقة فهتفت فداء بخفوت وهي تنظر إلى ساعة يدها تتفقد الوقت:
-“أنا ليا بس طلب بسيط وهو أن محدش من أهلي يعرف حاجة عن الكلام اللي أنا قولته ده غير لما تتأكدوا الأول من الموضوع وإذا كان منذر أذى ورد فعلا ولا لا”.
-“أنا مش هسجل أقوالك دي في محضر رسمي غير لما التحريات تخلص ونشوف مرات أخوكِ راحت فين”.
-“تمام ، شكرا جدا يا فندم”.
خرجت فداء من القسم وتركت خلفها الضابط يبتسم بإعجاب على أخلاق تلك الفتاة النزيهة التي قررت أن تشهد بالحقيقة التي من الممكن أن تلحق الضرر بعائلتها.
استدعى الضابط أحد المخبرين ونظر له قائلا بحزم يتماشى تماما مع الشخصية الجادة التي تظهر عليه أثناء تأدية عمله:
-“تفضل ورا منذر طول اليوم ومتخليهوش يغفل عن عينك لحظة واحدة”.
أدى المخبر التحية العسكرية:
-“تمام يا مجدي باشا ، أنا هفضل وراه وأي حاجة جديدة هبلغها لحضرتك على طول”.
تمتم الضابط بصرامة وهو يعيد رأسه للوراء:
-“أنا من الأول مكنتش مستريح للناس دي ودلوقتي بعد الكلام اللي فداء قالته أنا بقيت متأكد أنهم عملوا حاجة في مرات منذر”.


 



google-playkhamsatmostaqltradent