Ads by Google X

رواية سدفة الفصل الخامس عشر 15 - بقلم اية شاكر

الصفحة الرئيسية

       

 رواية سدفة الفصل الخامس عشر 15 - بقلم اية شاكر 

غاب عن نظرها وظل صوته يمور برأسها وجملته تتكرر:

“…أنا عمري ما كنت ولا هكون عقابك”

أطبقت راحة يدها على فمها وخاطبت نفسها هامسة:

“يا نهار مش فايت! ده عرفني!”

نفخت الهواء من فمها متضجرة وساخطة على حالها وما وصلت إليه بسبب تهورها وطيشها!

أخذت تُأنب حالها كثيرًا حتى رأت وئام تنزل الدرج وهي تلتفت خلفها بوجل فحاولت نداء الخروج من حالتها تلك واقتربت من وئام قائلة:

” ايه ده إنتِ لسه مغسلتيش الماسك!!”

التوى فم وئام وقالت ببكاء زائف:

“اسكتِ على اللي حصلي… أنا اتحطيت في حتة موقف…”

لم تتحمـ.ـس نداء لمعرفة ما حدث معها كانت تود إخبارها بأنه مهما حدث معها فلن يُقارن بما صدمها به رائد للتو!

قطبت نداء جبينها مستفهمة بنبرة تجلت بها الامبالاة:

“حصل ايه يعني؟”

جذبتها وئام من يدها لداخل البيت وهي تقول:

“تعالي ندخل أوضتي وهحكيلك…”

بقلم آيه شاكر

استغفروا♥️

★★★★

وقف رامي جوارها صامتًا حتى ارتفع رنين هاتفها فقالت:

“ده بابا!”

“ردي عليه”

أجابت ريم على والدها الذي أصر عليها لمرافقته لشيء هام معللًا أن هناك مفاجأة ويتمنى أن تُسعدها، أغلقت الهاتف ونظرت لرامي قائلة:

“بيقولي أقابله عاملي مفاجأة”

ابتسم رامي قائلًا:

“طيب يلا وأنا أوصلك… أنا أصلًا خارج…”

ابتسمت ريم وأومأت رأسها بالموافقة وهي تقول:

“إديني خمس دقائق وهكون جاهزه”

وبعد خمس دقائق بالتمام والكمال كانت تقف أمامه وتقول:

“يلا بينا”

سار أمامها وهو يقول:

“يلا يا مسكر”

ابتسمت كعادتها حينما تسمع تلك الكلمة التي أحبتها حتى أدمنت سماعها منه…

من ناحية أخرى كان صالح عائدًا، وحين أبصرهما يقابلانه تجهم وجهه ومر وكأنه لا يعرفهما وتجلى بعينيه نظرات السخط والغضب عندما سمع أصوات الزغاريد تخرج من بيت دياب…

غـ ـزا الحزن قلب ريم مجددًا وانطبع أثره على ملامحها وعندما لاحظ رامي خاطبها بابتسامة:

“إيه يا مسكر عمي هيقابلك فين؟”

انتبهت له ريم وقالت بجمود:

“هكلمه أهوه”

كاد صالح أن يدلف لبيته لولا صوت آدم الذي شده من مؤخرة سترته قائلًا:

“عمو لو سمحت”

طالعه صالح شذرًا ومازل الغضب يتمشى بين ملامحه، وأزاح يده عن سترته قائلًا بضجر:

“عايز إيه يلا؟!”

اتسعت ابتسامة «آدم» حين رأى عمرو يشير بسبابته لطفل أخر كان قد ثبت حجرًا صغيرًا في قوس مطاطي استعدادًا لإطلاقه، وبسرعة البرق ارتطم الحجر بمنتصف جبهة صالح الذي تأوه وأخذ يفرك جبهته وهو يتلفت حوله مرددًا بغضب:

“مين اللي عمل كده؟”

نظر نحو آدم الذي فر من أمامه وهو يضحك بصخب،

نفخ بحنق وهز رأسه مستنكرًا وهو يلعن الأطفال فهو يكرههم! ليباغته صوت طفل من شرفة بيته:

“عمو أنا عارف مين اللي عمل كده يا عمو؟”

رفع صالح رأسه لأعلى فابتسم الطفل لأنها نجح في جذب انتباهه حتى ينفذ الأطفال باقي الخطة…

وبعد لحظات قليلة شعر صالح بمياة بللت سرواله بعد أن حاوطه ما يقارب من عشرة أطفال يحملون مسدسات مائية مختلفة الأحجام….

ضحك الأطفال بصخب ليردد أحدهم بصوت مرتفع أثناء فراره:

“عمو عمل بيبي على نفسه”

هتف آدم وهو يركض مبتعدًا وصالح يتبعه ركضًا:

“إيه يا عمو! مش كبرت على الحاجات دي!”

هتف صالح بغضب شديد:

“استني ياض… والله ما هسيبك يابن الـ….”

صاح طفل أخر بضحكات عالية، من خلف صالح:

“أنا عارف دكتور كويس أوي ممكن يعالجك”

انحنى صاح وأمسك صالح عصا غليظة والتفتت للطفل ليضربه لكنه سرعان ما فر من أمامه….

توقف صالح مكانه يلهث ويصرخ غاضبًا وردد:

“اقف هنا يلا…. خد ياض”

وحين أبصر آدم الذي كان متعمدًا أن يريه نفسه، ركض نحوه وقبل أن يصلةإليه سكب أحدهم دلو منوسائل سميك كان ورقًا مذابًا في الماء غطي رأس صالح بالكامل ومر ملابسه…

وقف صالح مكانه يمسح وجهه ورأسه وسط ذهول جيرانه بالشارع لما يحدث له….

رفع صالح بصره وهتف بأعلى صوته:

“يا بن الـ…. أنا عارفك وهجيبك”

استطرد ومازال يمسح ملابسه:

“مش هسيبكم والله لأروح لأهلك إنت وهو”

هتف آدم ضاحكًا:

“إحنا واحد من كل قبيله يا باشا…”

وفر جميع الأطفال بعدما أنهوا خطتهم…

خرج رجل من محله وخاطب صالح:

“معلش يبني متعملش عقلك بعقل شوية عيال”

لوح صالح يده بنزق ولم يعقب على كلمات الرجل وسرعان ما دخل لبيته والغضب يعتريه…

لتقابله والدته فاطمة بأعين متسعة ومذهولة وقالت:

“إيه اللي عمل فيك كده يا صالح!!”

لم يجِب ودلف المرحاض وصك الباب خلفه فسألته:

“إنت وقعت ولا إيه؟!”

تجاهل سؤالها وقال بنبرة يشوبها الحدة:

“هاتيلي هدوم”

********

تجمع الأطفال حول عمرو الذي خطب فيهم:

“كده الخطه نجحت يا رجاله أنا فخور بيكم”

هتف الأطفال في صوت واحد:

“هيييييييه”

ربت عمرو على كتف آدم وهو يقول:

“أنا سعيد بانضمامك للشله بتاعتنا ولو احتاجتنا في أي وقت احنا في ظهرك… من النهارده إنت واحد مننا”

أردف عمرو بنبرة مرتفعة وهو يضع يده على كتف آدم:

“يا رجاله من النهارده آدم واحد مننا”

آدم بزهو:

“شكرًا يا رجاله وأنا كمان ثعيد ”سعيد” بوجودي معاكم….”

ثم أردف بحمـ ـاس:

“تكبير”

ردد الاطفال بنفس الحمـ ـاس وبنبرة هزت الشارع:

“الله أكبر… الله أكبر”

عامر بفرحة:

“يلا يا رجاله بينا نحتفل بعد الانتصار ده… دقــــوا الطبول”

أخذ أحد الأطفال ينقر على وعاء بيده والثاني ينفخ مزمارًا والأخر يغني والبقيه يرقصون ويركضون هنا وهناك أمام البيت….

بقلم آيه شاكر

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ♥️

★★★★

وفي غرفة دعاء كانت تجلس أعلى فراشها وقد أغلقت الباب عليها بإحكام وكانت تتحدث بصوت خافت مع علي عبر الهاتف، وفجأة انفعلت قائلة:

“يعني عاوزني أعملك إيه يا علي؟!”

خاطبها بنبرة ناعمة:

“مش احنا أصحاب يا دعاء؟”

قالت بقلة حيلة وبنبرة غلفتها السخرية:

“طبعًا أصحاب”

“يبقا ساعديني أقابل نداء وأتكلم معاها مره تانيه”

قالت بنزق:

“هي برده لسه في دماغك يا علي؟”

قال بلوعة:

“بحبها أوي يا دعاء”

ازداد انفعالها أثر جملته تلك وقالت بحدة:

“بس هي مبتفكرش فيك!”

انفعل هو الأخر وقال:

“لكن انا بفكر فيها وهي تستاهل إني أحاول عشانها… بالله عليك تساعديني…”

أخذ صدرها يعلو ويهبط من شدة انفعالها وقد ذهبت جميع أمالها أدراج الرياح كبحت بكائها وقالت بعصبية:

“فوق يا علي نداء ماشيه مع واحد تاني ومن زمان أوي وعمرها ما هتكون ليك”

قالتها كاذبةً عله ينسى نداء ويراها هي! هي التي أحبته وتمنت أن يشعر بها هي التي لم تترك يومًا منذ عام إلا وكلمته واستمعت إليه، مالت إليه لكنه لم يمِل لها…

قال متلعثمًا وهو يهز رأسه كأنه يقلب بها ما تفوهت به:

“و… واحد تاني!!! مش ممكن! إنتِ كذابه”

“أنا مش كذابه دي الحقيقة اللي كنت مخبياها عنك… وهو أخو واحده صاحبتنا… أنا بقولك عشان إنت تهمني… وعشان تنساها… نداء عمرها ما هتكون ليك…”

“وأنا بقولك إنتِ كذابه نداء مستحيل تكون ماشيه مع حد!!”

“إنت حر تصدق أو متصدقش إنت حر”

قالت أخر كلمتين وهي تضغط عليهما فأغلق علي المكالمة دون استئذان فنظرت لهاتفها وقالت بغضب:

“أبو شكلك… غـ ـبي…”

صرخت وهي تلقي بالهاتف جانبًا:

“برده نداء… نداء… نداء”

فكل يوم يزداد مقتها لـ نداء وحقدها عليها، قالت:

“ماشي يا علي”

وعلى الصعيد الأخر كان علي يجلس على مقعد بشرفة بيته، أخذ يُحدق بالفراغ أمامه بتجهم وعقله يستعيد ما قالته دعاء، ثم هب واقفًا وقال:

“مستحـــيــــــل”

بقلم آيه شاكر

استغفروا 🌹

★★★★★

وفي إحدى المطاعم أخذت ريم تلتفت يمنة ويسرة تتأمل المكان وهي تجلس لحالها ووالدها يتحدث عبر الهاتف بعيدًا عنها، انتبهت على صوته حين خاطبها وهو يجلس قبالتها:

“ها تحبي تتغدي إيه يا عروسه؟”

“أتغدى هو أنا لسه هتغدى!!! فين المفاجأة؟!”

قال بابتسامة:

” المفاجأة لسه في الطريق… قدامها ربع ساعه وتوصل”

أومات رأسها وطلبت عصير بعد أن بررت أنها لا تشتهي الطعام…

أخذ ضياء يشرح لها عن سرية ما يود إخبارها به وأنها مفاجأة قد تسعدها لكنها ستصدم آخرين وينبغي أن تظل سرًا بينهما…

أخذت ريم رشفة من العصير ثم وضعته على الطاولة وانحت بجزعها العلوى نحو أبيها قائلة:

“مش بحب المقدمات يا بابا خلينا ندخل في الموضوع علطول! حضرتك بقالك نص ساعه بتكرر نفس الكلام”

قال مبتسمًا:

“معلش زيادة تأكيد”

رفع ضياء هاتفه وكاد يطلب رقم محمد وقبل أن يفعل كان محمد يقف بمنتصف المطعم يجول ببصره في المكان باحثًا عنهما وحين أبصره ضياء رفع يده مخاطبًا إياه:

“محمد… تعالى”

اقترب محمد والإبتسامة تزين مُحياه وألقى عليهما السلام فردت ريم بحياء متحاشية النظر نحوه…

وتفاجئت حين سحب محمد المقعد المجاور لها وجلس معهما ثم خاطبها بابتسامة عذبة:

“ازيك يا ريم؟”

نظرت ريم لوالدها كأنها تستفهم منه عن هوية هذا الشاب وأجابت بنبرة مرتعشة:

“الحمد لله”

محمد ومازال محافظًا على ابتسامته:

“كان نفسي أتعرف عليكِ من زمان… بابا دائمًا بيحكيلي عنك”

تحدثت ريم وهي تشير لنفسها والإستفهام يعلو قسمات وجهها:

“بيحكيلك عني أنا؟ مين باباك! ويعرفني منين؟”

حمحم ضياء وتدخل قائلًا بنبرة منخفضة:

“أنا يا ريم….”

ابتلع ضياء ريقه بتوجس واستطرد:

“أنا باباه… محمد ابني و… وأخوكي… محمد ضياء العقيد”

طالعت ريم والدها بابتسامة ضائعة وكأنها تظنه يُلقى طرفة ما! وسرعان ما تبددت ابتسامتها وغلفت الصدمة ملامحها حين أدركت جدية ما قاله والدها، سألته بنبرة مرتعشة:

“إزاي؟”

عاد ضياء بظهره للخلف وقال:

“أنا كنت متجوز واحده غير فاطمه والدتك من ٢٦ سنه لكن… لكن توفت من ٣ سنين”

ريم مستفهمة بتعجب:

“وماما عارفه؟”

هز رأسه نافيًا فنطقت ريم بانفعال:

“بس دا حرام… ودي خيانه يا بابا”

رفع ضياء نبرة صوته وهو يقول:

“مش خيانه… وأنا معملتش حاجه حرام! وسألت بدل الشيخ عشره وكلهم قالولي إن الراجل مش فرض عليه يقول لمراته إنه هيتجوز…”

ريم بنفس درجة انفعال والدها:

“كان لازم تقول لماما وهي تختار تعيش معاك على كده ولا لأ”

ضياء بانفعال شديد:

“ملهاش حق تعرف… أنا موفرلها كل احتياجاتها فلوس… أكل.. شرب.. لبس… هتحتاج إيه تاني!”

إحتبست العبرات في محاجرها وهي تنطق بحسرة:

“هتحتاجك إنت!!”

ازداد انفعال ضياء وقال:

“أمك ميهمهاش إلا الفلوس دا غير إنها عايشه معايا من باب ضل راجل ولا ضل حيطه… أمك مبتحبش إلا نفسها يا ريم”

رمقت ريم محمد الذي يجلس صامتًا وينظر للأسفل بهدوء انفعلت ريم قائلة:

“لو سمحت يا بابا متتكلمش عن ماما كده”

ضياء بتهكم:

“ماما! مش ماما دي اللي قفلت الباب في وشك وإنتِ بالبيجامه… بتدافعي عنها ليه؟”

تسارعت أنفاس ريم وأطلقت العِنان لدموعها الدافئة وهي تقول بحشرجة:

“عشان مهما عملت هتفضل أمي…”

كان محمد يتابع ذلك الحوار الساخن بترقب وحين بكت ريم اختلج داخله، سحب منديلًا ورقيًا من أمامه وصوبه لريم قائلًا بحنو يغلفه شفقة:

“ريم عشان خاطري متعيطيش”

مال محمد نحو أذن والده وهمس:

“براحه عليها يا بابا الكلام ده ميتقالش قدامي…”

هدأ ضياء من ثورته التي في غير محلها، وقال وهو يوقع كلماته:

“محمد أخوكي يا ريم”

التفتت ريم تتأمل محمد الذي ابتسم فور التقاء أعينهما وود لو يعانقها ولكن تلاشت ابتسامته حين نهضت ريم على فورها وقالت:

“لكن أنا معرفهوش… بعد إذنك يا بابا عشان رامي مستنيني هنزل أشتري شوية حاجات”

سارت خطوتين ثم عادت وقالت:

“متقلقش يا بابا أنا مش هقول لحد”

ثم انصرفت فقال محمد بقلق:

“بابا أنا هروح وراها لحد ما توصل لـ رامي”

أومأ ضياء مؤيدًا وحدق أمامه بشرود في حين تبعها محمد ليطمأن عليها…

بقلم آيه شاكر

صلوا على خير الأنام ♥️

*******

غادرت ريم ولم يكن رامي بانتظارها كما قالت لكنها أرادت أن تختلي بنفسها قليلًا…

ولم تشعر بـ محمد الذي تتبع أثرها، وبعد أن اطمئنت لإبتعادها مسافة عن المطعم جلست على أقرب مقعد حجري قابلها وانفجـ ـرت باكية لم تكن تفهم حقيقة مشاعرها هي لم تكن حزينة لأجل والدتها كما أظهرت بل دب الرعب في قلبها وخصوصاً بعد جملة والدها:

“…الراجل مش فرض عليه يقول لمراته إنه هيتجوز…”

وأخذت تتسائل هل يمكن أن يتزوج رامي عليها دون أن يخبرها! وقد تعيش وتمـ ـوت دون أن تعرف كما فعل والدها!

جال صوت رغدة أختها في أذنها وهي تقول:

“رامي مش بيحبك وبكره يطلـ ـقك ويـ ـرميكِ…”

تبعها صوت ضحكات رغدة كأنها تسخر منها وحضر لمخيلتها نظرات صالح ومؤمن المتهكمة تزامنًا مع تردد جملة والدتها الحادة:

“لو اتجوزتي ابن شيرين يبقا أنا مش أمك! متنادينيش ماما!”

ثم جملة والدها مرة أخرى:

“الراجل مش فرض عليه يقول لمراته إنه هيتجوز…”

وصوت رامي الحاني:

“إيه يا مسكر…”

ثم صوت رغدة:

“عيال عمك دياب مبيعرفوش يحبوا حد…”

انفعلت وازداد بكائها وهي تردد:

“بس بقا… كفايه… كفايه…”

كان أخر صوت تردد في أذنها وهي منهـ ـارة بالبكاء محمد وهو يقول بنبرة حانية:

“ريم عشان خاطري متعيطيش”

حاوطت رأسها بكلتا يديها وتشوشت الرؤية أمامها فأغلقت جفونها ولكن قبل أن يُغشى عليها وتسقط التقطتها يديه….

بقلم آيه شاكر

لا حول ولا قوة الا بالله 🌹

★★★★

كانت نداء ترتدي حجاب الصمت وهي تجلس قبالة وئام التي تسرد لها ما حدث للمرة التي لا حصر لها ونداء تسمعها دون تعقيب حتى خرجت من صمتها قائلة بنزق:

“حكيتيلي الموقف مية مره يا وئام… ما خلاص بقا!”

عقبت وئام بحسرة:

“أنا اللي مضايقني إنه مكنش هيعرفني لولا رائد إللي ظهر فجأة وقال بعلو صوته… وئام! بتعملي إيه هنا يا وئام؟… متخيله نطق اسمي مرتين في نفس الجمله!”

نداء بضجر:

“معلش”

هبت وئام واقفة وقالت بتبرم:

“معلش!! إنتِ مش حاسه بمشاعري وأحاسيسي أنا…. أنا عايزه أعيط”

أطلقت نداء تنهيدة طويلة ثم قالت بهدوء:

“أومال أقولك إيه!! بصي خليكِ زيي اعملي نفسك مش واخده بالك… متفكريش كتير”

عادت وئام تجلس مكانها وكادت تكرر نفس الجملة بحسرة:

“أنا بس اللي مضايقني إنه….”

قاطعتها نداء وهي تكمل الجملة التي حفظتها بسبب كثرة تكرارها، هتفت ساخرة:

“مكنش هيعرفني لولا رائد إللي ظهر فجأة وقال بعلو صوته… وئام! بتعملي إيه هنا يا وئام؟… حفظت أنا الجمله دي”

طالعها وئام بغيظ وهي تشير لنفسها قائلة بعبوس مصطنع:

“إنتِ بتسخري مني يا نداء!…”

قاطعهما هيام حين فتحت باب الغرفة في سرعة وقالت من خلف ضحكاتها:

“شوفتو عيال الشارع عملوا إيه في صالح!”

نداء مستفهمة:

“صالح مين؟”

أجابت وئام:

“أخو ريم…”

أخذت هيام تقص ما حدث وما رأته وانخرطا في الضحك حتى نادتهن شيرين وسلمت كل واحدة مهمة اثنتان ستقـ طعان الخضروات والثالثة وهي هيام

خرجت لشراء بعض المتطلبات…

وبعد دقيقة هتفت شيرين:

“روحي يا وئام طلعي الشاي ده لـ رائد وصاحبه”

وئام بابتسامة صفراء:

“لا والله أنا مش هينفع أطلع خالص”

رمقتها شيرين بغضب قبل أن تقول بصرامة:

“هو إيه اللي مش هينفع!!! أنا مش هكرر كلامي تاني شيلي الصينيه طلعيها لأخوكي”

زفرت وئام بقـ ـوة وهي تحمل الصنية وترمق نداء التي تُطالعها بنظرات متهكمة وتكبح ضحكتها التي تبدلت بابتسامة سمجة تجلت على ملامحها…

ربتت نداء على كتف وئام وهي تقول بخفوت:

“قلبي معاكي معلش”

رمقتها وئام بحدة وهي تقول متضجرة:

“إوعي يا به”

وبعد خروج وئام اتسعت ابتسامة نداء أكثر وهي تتخيل حالتها تلك! حتى باغتتها شيرين قائلة:

“يا نهار ابيض دي نسيت السكر… معلش يا نداء روحي طلعيه”

وقفت نداء حائرة حتى أشارت لها والدتها الحازمة بعينها لتفعل ما طلبت شيرين لذا أخذت وعاء السكر وصعدت الدرج وهي تتمنى أن تقابلها وئام….

على نحوٍ أخر وقفت وئام جوار رائد بعد أن سلمته الشاي وتنهدت بارتياح حين لم تجد يحيى الذي كان ينادي آدم من الشرفة، أخذت تتفقد الزينة التي شرع يحيى في تحضيرها ولم ينتهي بعد…

وانتبهت على صوت رائد الذي يمسك أذن عامر بحدة مرددًا:

“والله يا عمرو لأقول لبابا على اللي عملته… لازم أخليه يعلقك عشان قلة الأدب دي!”

“سيب وداني يا أبيه أنا مش عمرو أنا عامر… وعمرو هو اللي خطط لكل ده!… أنا اللي حكيتلك يا أبيه”

تدخلت وئام وهي تحاول جذب عامر من يده:

“سيبه يا رائد ما هو بصراحه صالح يستاهل اللي حصل”

عاد رائد يضغط على أذن عامر وهو يخاطب وئام:

“اسكتي يا وئام متتدخليش…”

دلف عمرو للشقة فجذبه رائد باليد الأخرى وهو يقول:

“أهلًا برأيس العصابه… تعالالي يا سابق سنك”

صاح عمرو:

“اه وداني يا أبيه أنا معملتش حاجه دا العيال اللي عملوا”

وئام:

“خلاص بقا يا رائد سيبهم”

عمرو وعامر في نفس الصوت:

“وداني يا أبيه…”

أطل آدم برأسه من فتحة الباب فابصره رائد قال:

“تعالى… تعالى…”

دلف آدم للشقة وهو يُبدل نظره بين عمرو وعامر وأصوات استغاثتهما ترن بأذنه:

“وداني… سيب وداني يا أبيه”

آدم بضحك:

“حرام عليك يا أبيه سيب ودانهم… بدل ما تطول أكتر ما هي”

التفت رائد ينادي يحيى فخرجت وئام من الشقه مسرعة قبل أن يراها!

أطل يحيى وهو يتفقد المكان فقد ظل بالشرفة كي لا يراها! تنحنح يحيى وقال:

“ايه يا غالي…”

رائد ومازال ممسكًا بأذنا عمرو وعامر ومشيرًا برأسه نحو آدم المبتسم:

“هات المتـ ـنمر الصغير ده احبسه هنا…”

اقترب يحيى لفك عمرو وعامر من بين يدي رائد وهو يقول:

“إوعى كده سيب العيال يا عم…”

وحين أفلتهما يحيى من يد رائد ركض الأطفال الثلاثة للخارج…

فهدر رائد وهو يركض خلفهم:

“استنى يا عمرو…. استنى يا….”

قاطعه صرخات وئام _تلك التي كانت تقف خارج الشقه وأمام السلم مباشرةً ليتسنى لها الاستماع لما يحدث_ دفعها عامر وهو يهرب وعن طريق الخطأ، لتعثر على الدرج تزامنًا مع صعود نداء بوعاء السكر الذي ارتفع عاليًا أثر اصطدام وئام بها، وباءت محاولتها بأن تسند على أي شيء بالفـ ـشل فأخذت السلم كر وفر ككرة مطاطية تتدحرج على درجاته وقد تبعتها كرة أخرى وهي وئام مع تناثر حبيبات السكر عليهما كالألئ البيضاء…

ولم يشغل تفكير وئام أثناء ما يحدث سوى يحيى وأنها سيراها أيضًا بتلك الحاله، لترتطم أخر شيء بجسد نداء التي أغلقت أعينها غائبة عن الوعي…

تجاهلت وئام ألم جسدها حين رأت حالة نداء وصاحت:

“نـــداء”

وفي نفس اللحظة كان رائد مشدوه يشاهد ذلك المشهد الذي لم يستغرق سوى لحظات بأعين متسعة وجواره يحيى الذي هدر به قائلًا باستغراب:

“إنت هتقف مبلم! أنزل شوفهم….”

★★★★★

بين كل فترة وأخرى تضعنا الحياة أمام مفترق طرق لكننا لا ندرك أي الطريقين أفضل إلا حين نسلك أحدهما لنهايته وقتها إما أن نقفز فرحًا لإختيار هذا الطريق أو تصـ ـرخ روحنا ندمًا على اختيارنا ونتمنى لو نعود أدراجنا ولكن يبقى العمر اتجاه واحد ذهاب بلا إياب…

فتحت ريم جفونها لتبصر محمد الذي حاوطها بيده وطفق يضع العطر النفاذ أمام أنفها حتى انتبهت..

انتفضت وابتعدت عنه رُغم أنها لم تستعد كامل توازنها، هتف محمد بلهفة:

“أنا كنت همـ ـوت من القلق عليكِ…”

لاذت بالصمت فاستطرد:

“عمري ما اتحطبت في الموقف ده”

لم تعقب فنهض ووقف قبالتها ثم سألها:

“إنتِ كويسه يا ريم ولا نروح مستشفى؟”

قالت باقتضاب:

“كويسه… شكرًا لحضرتك”

صمت قليلًا وقال:

“ريم إنتِ هتعـ ـاقبيني على غلطه مليش إيد فيها”

سندت رأسها بيدها ولم تعقب فصمت قليلًا ثم نظر أمامه مسترسلًا:

“بابا كان دائمًا بيوريني صورتك ويقولي إنت وريم شبهي وشبه بعض أوي… وكان دايما يحكي عنك… حتى ماما الله يرحمها كانت بتحبك ونفسها تشوفك بس ملحقتش…”

خرجت من صمتها وسألته:

“مـ ـاتت إزاي؟!”

قال بألم:

“كانـ ـسر”

استرسل:

“قبل ما تمـ ـوت قالتلي… لو في يوم قابلت ريم وأنا ملحقتش أقابلها… سلملي عليها… الله يرحمها وحشتني أوي”

قال أخر جملة بلوعة وباغتته عيناه بدمعة لاحظت ريم فرارها من بين أهداب جفونه…

أخذت ريم تُحدق به وتتامل ملامحه التي تشبهها إلى حد كبير، ثم مدت يدها بتردد وربتت على ظهر يده فابتسم والحـ ـزن عالق بين عينيه، سرعان ما سحبت يدها وكأنها لُـ ـدغت للتو…

صمتت قليلًا وهي تنظر أمامها ثم التفتت له قائلة:

“أنا كتب كتابي النهارده”

“ما أنا جاي عشان كده”

التقت عينها بعينيه وابتسما لبعضهما قبل أن يدنو منها ويضمها وتضمه بحرارة فقد نمى بقلبها شعور بالحب والدفء وكأنها تربت معه وتعرفه منذ نعومة أظافره، وها قد رُزقت بأخ حنون ويمتلك قلبًا صافيًا بعد كل تلك الأعوام!

وكان هناك عيون تتابع ما تفعله ريم بذهول، بعد أن التقطت لهما العديد من الصور….

  •  يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية سدفة ) اسم الرواية 
google-playkhamsatmostaqltradent