Ads by Google X

رواية في حي الزمالك الفصل العشرون 20 - بقلم ايمان عادل

الصفحة الرئيسية

  


 رواية في حي الزمالك الفصل العشرون 20 - بقلم ايمان عادل


مُحَاوَلَة 🦋✨🤎

“إلا قوليلي يا أفنان أخبارها أيه صاحبتك اللي كنتي قاعدة معاها في الكافية دي؟” سألت ريماس فجاءة بنبرة خبيثة وقد ارتسمت إبتسامة سمجة على وجهها، نظرت نحوها أفنان بصدمة وقد فتحت ثغرها لثوانٍ قبل أن تُحمحم ثم تُجيبها بثبات قدر الإمكان:

“الحمدلله كويسة، بتسلم عليكي.” سخرت منها أفنان في نهاية الجملة.


“ابقى خد بالك يا خالو أفنان بتصاحب مين، أصل صاحبتها دي بتشرب سجاير.” قالت ريماس بخبث وهي تبتسم ابتسامة جانبية لتتسع أعين أفنان وهي تسبها أسفل أنفاسها قبل أن تُعلق على ما قالته ريماس وتحاول إصلاح الوضع بسرعة مُردفة:

“لا هي مش بتشرب سجاير…”

“أومال أيه…” قاطعتها ريماس بطفولية لتنظر نحوها أفنان بحده ثم تُردف:

“متقاطعنيش أنا لسه مخلصتش كلامي!” كانت نبرة أفنان عنيفة لدرجة أن الجميع ألتفتوا نحوها، أغلقت عيناها لثوانٍ وهي تحاول أن تهدأ مجددًا وتُكمل حديثها بتفسير منطقي:

“هي مش بتشرب في العموم بس أصل يا حرام بعيد عنك يعني إن شاء الله كان متقدملها واحد وكانت الدنيا ماشية كويس وهي حبته وفجاءة قبل الفرح بإسبوعين فسخ الخطوبة من غير سبب وخد حاجته وسافر.”



“أعوذ بالله أيه الفال الوحش ده؟!!!” قالت عمتها بفزع لتبتسم أفنان بإنتصار فلقد تحقق غرضها من الجملة، أن تثرثر عمتها في الحديث فينشغل الجميع عن أمر صديقة أفنان الوهمية والمقهى لكن من داخلها كانت تعلم أن والدها لن يفوت تفصيلة كتلك وأنه سيسألها بكل تأكيد وقد تضطر إلى الكذب بسبب تلك الحرباء التي تُسمى ريماس والتي كانت تشعر أفنان منذ دقائق أنها قد تكون إنسانة جيدة من الداخل لكن ما فعلته الآن جعل أفنان تتراجع عن تلك الفكرة تمامًا، كان والد أفنان هادئًا طوال الحوار الذي دار ولم يتفوه بحرفًا واحد مما جعل القلق يتسرب إلى قلب أفنان لكن والدها حسر الصمت أخيرًا وقال:

“رانيا يلا أنتي والبنات عشان نروح.”

“ليه بس يا أخويا ما لسه بدري أقعدوا أتعشوا معانا.” علقت عمتها بنبرة مُزيفة، يتحاشى والدها النظر نحو شقيقتها ثم يُردف برسمية:

“لا ربنا يخليكي كفاية كده، نسيبكوا بقى تحتفلوا بالمناسبة السعيدة دي كأسرة مع بعضكوا.”

“كلك ذوق يا أحمد والله.” قال زوج عمتها ليبتسم له والد أفنان ويصافحه بود.



“باي يا خالو وهستناك تكلمني اتفقنا؟” أردفت ريماس بحماس طفولي لتنظر نحوها أفنان بطرف عيناها بحدة وازدادت تعبيرات وجهها حدة حينما سمعت رد والدها.

“اتفقنا يا حبيبتي.”

بمجرد أن غادروا منزل عمتها تقدمت أفنان بضع خطوات بحيث تواكب خطوات والدها وهي تقول بغيظ:

“من أمتى يا بابا وأنت بتقول حبيبتي دي لحد غير أنا وميرال وماما؟؟!”

“أيه؟” سأل والدها بعدم فهم لتتسارع خطوات أفنان حتى تقف إلى جانبه تمامًا وتقول:

“حضرتك دلوقتي لسه قايل لريماس حبيبتي، وهي مش حبيبتك اصلًا!!!”

“يالهوي عالغيرة!! ده رانيا مش بتغير عليا كده!”

“مليش دعوة بماما أنا! أنا ليا دعوة أنك بابايا أنا لوحدي!!” أردفت أفنان لتنكزها ميرال بخفة لتحمحم أفنان ثم تُعدل جملتها قائلة:

“بابايا أنا وميرال يعني.”

“عارف يا أحمد ساعات بحس أن ميرال خدت التربية كلها وأني سقطت أربي أفنان.” علقت والدتها بنبر ساخرة ليقهقه والدها بقوة ثم تنظر أفنان نحو والدتها وهي ترفع كتفيها بلامبالاة وتقول:

“والله دي مش مشكلتي، دي مشكلتك أنتي يا ماما تحمليها.” أقتربت منها والدتها لتقرصها في خديها بقوة وسط ضحكات والدها وميرال.

فور عودتهم إلى المنزل جلست أفنان تثرثر بأحداث فيلمًا ما لميرال بينما كانت الأخيرة منشغلة بهاتفها بطريقة غير معهودة، تضحك ضحكات واسعة تُغلق الهاتف لثوانٍ ثم تُعيد فتحه مجددًا.

“ميرال أنتي سمعاني؟”

“همم بتكلميني؟” همهمت ميرال والتي لم تستمع لحديث أفنان الذي استمر لعشرة دقائق تقريبًا لتضم أفنان عيناها بشك ثم تنقض على ميرال كأسد ينقض على فريسته وهي تسحب منها الهاتف ثم تركض بعيدًا.

“يا رخمة أنتي هاتي!!” صرخت ميرال وهي تركض خلف أفنان بينما تقهقه الأخيرة، خرجت والدتهم من حجرتها وهي تُردف بغضب:

“أنتوا اتجننتوا يا عيال ولا أيه؟! ده أنتوا معملتوش كده وأنتوا عيال!!”

“سيبيهم يا رانيا أخوات وبيهزروا مع بعض.”

“هاتي بقى!!” صاحت ميرال فور أن تبعت أفنان إلى داخل حجرتهم، تنظر أفنان إلى المحادثة ثم تشهق وتقول:

“يا كلبة! وأسألك نوح كلمك ولا لا تقولي لا مكلمنيش وأنتوا مقضينها رغي!!”

“هاتي بقى يا رخمة! وبعدين ملكيش دعوة بتفتشي في تليفوني ليه أصلًا!!”

“هي بقت كده يا ميرال؟!”

“اه مش الصبح مردتيش تديني التليفون وقعدتي تقوليلي أني شرفك وهو أختك وحاجات كده!!”

“ششش بس بس أنتي بتقولي أيه؟ ده أنتي عملتي خلط في الأنواع حرام عليكي، وبعدين دي حاجة ودي حاجة يا نادر.”

“يا سلام هو بمزاجك يعني؟!”

“اه بمزاجي يعني.” قلدت أفنان نبرة ميرال بسخرية ثم تمتمت:

“استني استني ده نزل أستوري.”

“طب ما تشوفيها من عندك بقى وبلاش رخامة.”

“لا ما هو أنا ونوح عاملين لبعض Hide من الإستوري عشان أحنا متخانقين، وبعدين ثواني انتوا بتتكلموا عالإنستجرام ليه؟ من قلة الأبلكيشنز التانية يعني؟!”

“أيه ده جو أطفال أوي اللي بتعملوه ده، وبعدين ملكيش دعوة نتكلم فين، اسكتي بقى خلينا نشوف منزل أيه.”

“أكيد طبعًا منزل صورته مع بنت.” أردفت أفنان مُتعمدة إثارة غيظ ميرال وبالفعل نجحت في ذلك حيث ضربتها ميرال بكتفها بخفة وغضب طفولي، أمسكت ميرال بالهاتف وذهبت بعيدًا عن أفنان لتفتح الصورة ببطء شديد وتوتر.

“يا ستي افتحيها وخلصينا أيه جو نبيل الحلفاوي ده!!” علقت أفنان بإستهزاء لكن ميرال لم تُجيبها بل ظلت تتأمل الهاتف بنظرات لم تعهدها أفنان وكأن عيناها على وشك أن تُشع قلوبًا حمراء.

“في أيه؟ بتسبلي للموبايل ليه؟ هي دي آخرتها يا ميرال تحبي شاشة؟!”

“بصي منزل أيه!!!!” صرخت ميرال بحماس وبنبرة غير معهودة لتُغلق أفنان عينيها بقوة وهي تضع كلتا يديها على آذنيها بسبب اختراق صوت ميرال لطبلة آذنها بقوة.

“أوباااا!!!” قالت أفنان فور رؤيتها صورة نوح وهو يجلس في مكتبه بينما يُمسك في يديه ‘المج’ الجديد الذي أهدته إياه ميرال.

“أفنان بصي!!! ده مش بس متصور بالمج بتاعي ده حط الصورة دي عشان جاله سؤال بيقول ورينا صورة آخر هدية جبهالك حد عزيز عليك! يعني هو شايفني حد عزيز عليه!!”

تحدثت ميرال بسعادة لا مثيل لها وقد لمعت عيناها ببريق لم تراه أفنان من قبل لكن قرأت عنه كثيرًا في الروايات، اتسع حدقة العين واللمعة في عين البطلة دائمًا.. لكن بقدر السعادة التي شعرت بها أفنان لرؤية شقيقتها في تلك الحالة إلا أن قلقها قد ازداد ايضًا فماذا إن كان مصير شقيقتها هو ذاته مصير بطلة الرواية التي ينتهى بها الحال بقلبًا مكسور… هل حقًا يعني نوح أن ميرال شخصًا عزيزًا على قلبه؟ هل يُدرك حجم ما فعله بالنسبة لميرال التي تنتظر منه ولو إشارة واحدة… أم أنه يقصد أنها عزيزة عليه كما الحال مع مريم!

“طبعًا أنتي حد عزيز عليه وعلى الناس كلها وأي واحد في الكون ده كله يتمنى أنه يتعامل معاكي وأنك تحبيه.”

“بجد يا أفنان؟” سألت ميرال بنبرة أقرب إلى الهمس وهي تتحاشى النظر إلى عين أفنان بينما تعبث بأصابع يدها.

“عندك شك في كده؟”

“أصل يعني ساعات بحس أني مش مميزة.. سواء شكلًا أو شخصية، يعني أنتي مثلًا شخصيتك قوية ودمك خفيف فبتحذبي أي حد بيتعامل معاكي، مريم مثلًا أحلى مني شكلًا وكمان شاطرة في شغلها، ده حتى ريماس تعليمها وأسلوب كلامها بيخلي الجنس الخشن ينجذب ليها.”

“الجنس الخشن ازاي يعني؟”

“عكس الناعم.”

“اسكتي يا ميرال اسكتي الله يرضى عليكي عشان أنتي بتقولي أي كلام أصلًا، مبدأيًا كده أنتي أجمل واحدة فينا ومش بقول كده مُجاملة أو عشان أنتي أختي، وهقولك عمتًا أسباب عشان متفتكريش أني بقول كده وخلاص، أولًا أنتي أرق مني بكتير..
كملامح وشك أو نبرة صوتك يعني بجد رقيقة جدًا وكيوت، ثانيًا شاطرة جدًا ومميزة في شغلك يعني عايزة أيه أكتر من أنك عرفتي تشتغلي في مجالك على طول الحمدلله، ثالثًا أنك شخصية متفاهمة ومتسامحة على عكسي مثلًا..” صمتت أفنان لثوانٍ وهي تبتلع ريقها ثم تُكمل:

“يعني أنا مثلًا مش بعرف أنسى ولا أسامح غير بصعوبة كبيرة، وكمان مبقدرش أتقبل وجهات النظر أوي أنتي عارفاني طبعًا.. فكل دي مميزات عندك أنتي بس ومش عند أي واحدة فينا وكمان يا ميرال كل واحد فينا ليه شخصية مميزة حتى الناس أمثال ريماس بيبقى عندهم مميزات للأسف يعني، بس الفكرة أن مش كلنا بنقدى نظهر الجانب الجميل ده من شخصيتنا لكن أنتي بتقدري.”

انتهت أفنان وهي تأخذ نفس عميق بعد أن تحدثت لمدة طويلة بصورة متواصلة، لم تُعلق ميرال على ما قالته أفنان بل نظرت نحوها بحب وحنان وقد لمعت عيناها بالدموع قبل أن تهم لتضم أفنان بقوة في عناق دافئ وهي تُتمتم:

“أنا بحبك أوي بجد! معرفش حياتي كانت هتبقى عاملة ازاي من غيرك ربنا يخلينا لبعض.”

“وأنا كمان بحبك أوي، أوعي بقى هتفطسيني وبعدين سيبيني أنام بقى عشان عندي تدريب الصبح إن شاء الله.” أردفت أفنان وهي تبتعد عن ميرال وتذهب إلى سريرها بينما تُمسك بهاتفها لتقوم بضبط المنبه كي تستقيظ في ميعاد التدريب لكن قبل أن تُغلق الهاتف جاءتها رسالة من رحيم محتواها الآتي:

“عندي Meeting ‘اجتماع’ مهم بكرة أحتمال حد تاني يشرحلكوا، هحاول أتصرف وأشوفك قبل ما تمشي يلا Goodnight.” قرأت الرسالة لكنها لم تُجيب بل زفرت بضيق وهي تتمتم:

“يادي النكد.”

“حصل أيه؟”

“رحيم مش هيدخلنا بكرة عشان قال أيه عنده ميتينج وزفت!”

“طب ما الراجل مشغول ولا هو هيسيب شغله ويقعد جنبك يعني! المهم مقولتليش أرد على نوح أقوله أيه؟”

“في أيه بالضبط؟”

“عالصورة اللي هو منزلها.”

“وتردي ليه هو وجهلك كلام أساسًا؟ ده منزل صورة عادي، أتقلي يا ميرال.”

“بقالي أكتر من اتنين وعشرين سنة تقلانة يا أفنان أتقل أيه أكتر من كده!!!”

“طب خلاص أبقي أعملي reply ‘رد’ بكرة مش دلوقتي.”

“ماشي، تصبحي على خير.”

“وأنتي من أهله.”

في صباح اليوم التالي اتجهت أفنان للشركة كالمعتاد وقد صدق رحيم فيما قاله فمن قام بعملية الشرح للجزء النظري هو شخصًا آخر غيره وغير نوح والجزء العملي كذلك، وفي ذلك الوقت كان رحيم يجلس بالفعل في أحد الإجتماعات الهامة من أجل الشركة وبينما كان أحد الموظفين يقوم بشرح مُخطط ما على ال Projector، كان عقل رحيم في مكانًا آخر… شعر بحُزن مفاجئ حينما أدرك شيئًا ما وهو أن مدة التدريب على وشك الإنتهاء!!!

هذا يعني أنه لن يرى أفنان مجددًا!!! فلقد كان السبيل الوحيد للتحدث إليها ورؤيتها هو تدريب الشركة لكن الآن هي ستختفي من أمام ناظريه.. ستعود إلى الجامعة وسوف تنساه تمامًا وكأنه لم يكن، ولعلها تقابل فتى في مثل عمرها أو يكبرها بعام أو اثنين وتقع في غرامه!

“أيه رأي حضرتك يا دكتور رحيم…”

“رحيم؟”

“أنا متأسف جدًا.. ممكن تعيد آخر جزء تاني؟ أنا بس مُرهق شوية ففصلت.”

“طبعًا يا دكتور رحيم كنت بقول….” أعاد ما كان يقوله مجددًا ليُحاول رحيم جاهدًا أن ينتبه هذه المرة.

“أنت دماغك مسافرة خالص النهاردة، الناس كلها خدت بالها.” وبخه أنس بعد انتهاء الإجتماع وهو يجلس أمام رحيم الذي كان جالسًا على مكتبه وقد أعاد ظهره نحو الخلف على الكرسي بينما يُعيد خصلات شعره الناعمة نحو الخلف.

“أيه ده أنت خدت بالك؟”

“خدت بالي؟ مصر كلها خدت بالها يسطا، القكة منكدة عليك ولا أيه؟” سأل أنس بإستنكار وبنبرة ساخرة لينظر نحوه رحيم بإشمئزاز ثم يُردف بإنفعال:

“قطة؟ ما تحسن ألفاظك يا حيوان أنت!”

“وهو أنا شتمتها!!”

“لا بس الطريقة اللي بتستخدم بيها الكلمة دي مش بتبقى محترمة وأنا مقبلش أنك تقول عليها كده!!”

“ششش بس اسكت أيه ده في أيه يا عم هتديني درس في الأخلاق؟! حقك على أهلي، الزفتة اللي اسمها أفنان زعلتك في حاجة؟!” سأل أنس بنفاذ صبر وهو يزفر بضيق لينظر نحوه رحيم بحده قبل أن يقذفه بُعلبة المناديل الورقية والتي كانت مُوضوعة داخل عُلبة سوداء فاخرة ليتآوه أنس حينما اصطدمت بكتفه.

“هي دي الأخلاق والرجولة؟ بتضربني عشان ست أفنان؟”

“أنت ليه محسسني أنك مراتي وأني بخونك؟ ما تنشف كده يا أنس وكفاية دراما please ‘من فضلك’.”

“أنا ماشي سلام.”

“كابتن مش ملاحظ أننا في شركة وشغل وممكن اخصملك باقي اليوم لو مشيت وكده؟”

“ياه يا رحيم ده أنا بهزر معاك يا أخي…” قاطع حديثهم رنين هاتف أنس ليُخرجه من جيب بنطاله وينظر طويلًا إلى اسم المُتصل وتتوتر ملامحه ولا يُجيب بل يُعيد الهاتف مجددًا إلى جيبه لكن ينظر نحوه رحيم بشك وهو يسأله:

“مين اللي بيتصل بيك يا أنس؟”

“ها؟ محدش… ديه تيتا.”

“تيتا الله يرحمها بتتصل بيك ازاي يعني؟ ماتصعش عليا يا أنس وقولي مين بيكلمك.”

“طب من غير تهزيق ماشي؟”

“على حسب… اخلص!”

“مونيكا.”أعترف أنس وهي يُمسك بيد الكرسي خاصته إستعدادًا لأن يركض من المكان في أي ثانية.

“تاني يا أنس؟ هو أنت مبتحرمش يا ابني؟!”

“المرة دي بتكلمني عشان الشغل والله.” أقسم أنس بنبرة طفل يجلس في جلسة إعتراف أمام والدته والتي تُمسك بفردة من ‘الشبشب’ في يدها كتهديد.

“وأما هو كده مردتش عليها ليه؟”

“ما هو أنت قولتلي مكلمهاش فقولت مردش قدامك عشان متعمليش حوار وأنا مصدع أساسًا.”

“أنس حبيبي… You have 3 seconds to run ‘أمامك ثلاث ثواني لتهرب’ وإلا هزعلك.”
حينما سمع أنس ما قاله رحيم ورأى الغضب الكامن داخل عيناه استقام من مقعده بكل هدوء قبل أن يهرول نحو الخارج وفي طريقة اصطدم بأحدهم، لم يرى رحيم من حتى سمع صوت شجار:

“ما تفتح يا أعمى أنت!!”

“أفنان؟!” همس رحيم وهو يستقيم من مقعده ويتجه مُسرعًا نحو الخارج.

“صاحبك الأعمى ده كان هيخبط فيا لولا أني صديته لا وكمان مش عاجبه أني بقوله يعتذر!” صاحت أفنان بغضب شديد وهي تنظر نحو أنس بحده ليأتي رحيم ويقف بالقرب منهم ويُردف بلطف:

“أنا بعتذر بالنيابة عنه، وأنت يا بني آدم ما تفتح!”

“لا مش قابلة الإعتذار أنا عايزاه هو اللي يعتذر عشان هو اللي غلط مش أنت.”

“ما خلاص بقى أنتي عاملة حوار على أيه وهو أنا ضربتك بالنار يعني؟!” علق أنس بإستنكار ليزداد غضب أفنان أكثر وهي تضم قبضتها بقوة وتحاول التماسك كي لا ترتكب جريمة.

“خلاص حقك عليا أنا متزعليش، سيبك منه!” أردف رحيم بنبرة لطيفة وهو يقف حاجزًا بين أفنان وأنس لتنظر نحوه أفنان لثوانٍ قبل أن ترتخي معالم وجهها الغاضبة وتُردف بهدوء:

“ازيك يا دكتور رحيم عامل أيه؟”

“دي ملبوسة يا عم أيه الجنان ده!” قال أنس بإندهاش وهو ينظر إلى الفتاة الرقيقة التي تتحدث إلى رحيم والتي كانت أشبه برجال العصابات قبل دقيقة.

“أنا كويس الحمدلله أنتي أخبارك أيه؟” سألها رحيم بنفس النبرة الهادئة ذاتها بينما يُشير بيديه الموضوعه خلف ظهره لأنس بأن يرحل، فهو يعلم جيدًا أنه إن تفوه أنس بحرفًا آخر فلن تتردد أفنان في قتله في التو واللحظة.

“كويسة أو كنت كويسة يعني قبل ما بيه يخبطي ويعكنن مزاجي.”

“هو أكيد مش قصده يخبطك هو مشافكيش أكيد.”

“ليه إن شاء الله هو أنا شفافة؟”

“لا عشان أنا قولتله أنه قدامة ٣ ثواني ويمشي من قدامي وإلا مش عارف هيكون رد فعلي أيه… عمل حاجة يعني في الشغل عصبتني فهو خرج بسرعة ومخدش باله بس هي دي كل الحكاية.”

“عارف يا رحيم لو الناس كلها بتتكلم بهدوء وذوق زيك كده الحياة هتبقى أحلى بكتير، خلاص هسامحه المرة دي عشان خاطرك بس المرة الجاية وحياة أمي ما هحله!” كان ينظر نحوها رحيم بإنبهار وخجل فهو لم يتوقع أن تغازلة بالطبع إن اعتبرنا أن تلك مُغازلة لكن انتهى به الأمر وهو يضم حاجبيه بإندهاش وعدم فهم، كيف لتلك الفتاة أن تتحكث بنبرتين مختلفتين تمامًا في الجملة ذاتها وكأنها تتحول إلى شخصًا آخر.

“خلاص سيبك منه بقى وركزي معايا، بصي أنا عايزك تذاكري كويس وتراجعي على كل الشرح القديم ولو في حاجة خش فاهماها اسأليني تمام؟”

“تمام بس ليه يعني؟ ده لسه بدري على إمتحان الكورس.”

“بدري؟”

“اه.”

“طب بصي في ال Date في الموبايل كده.” نفذت ما طلبه لتنظر نحو هاتفها ثم تنظر نحوه ببلاهة.

“ف أيه بقى؟”

“التدريب خلاص قرب يخلص…” تحدث رحيم بنبرة أقرب للهمس وقد فاح منها الحزن، لتنظر نحوه أفنان طويلًا وقد شعرت بغصه في حلقها قبل أن تُعلق بنبرة مرحة:

“معقول؟ الوقت عدى بسرعة أوي… يعني التدريب كان لطيف أوي فمحستش بالأيام وهي بتجري.”

“ده أحلى تدريب أحنا عملناه هنا في الشركة… وأكيد هنعمل تدريبات تاني السنة اللي جايه تاني إن شاء الله وطبعًا هنبلغكوا لأن أنتوا أولى الناس بالتدريب عشان احنا Already أتعملنا معاكوا وعرفناكوا.” أومئت أفنان وهي تنظر نحوه ببلاهة وهي لا تدري لما تحولت نبرته إلى تلك الرسمية الشديدة بعد أن كان يتحدث بنبرة دافئة وهو ينظر إلى داخل عينيها، ابتلعت أفنان الغصة التي في حلقها لترد على ما قاله برسمية ايضًا مُردفة:

“تمام يا دكتور رحيم شكرًا لحضرتك، بعد إذنك.” سارت مبتعدة عنه لخطوات سريعة بينما زفر هو بضيق قبل أن يعود إلى مكتبه ويُغلق الباب بقوة.

فور مغادرة أفنان لمقر الشركة هاتفها رحيم فهو لم يُخاطر بإضاعة المزيد من الوقت دون تفسير لما فعله، أجابت أفنان على الهاتف ببرود تام.

“نعم.”

“أنا عارف أن تصرفاتي مش مفهومة، بصي وأحنا فوق وبنتكلم في واحدة من مديرين الشركة وجروب من البنات اللي بيتدربوا كانوا ماشيين من وراكي وأنا كان لازم اتكلم بالطريقة الرسمية دي عشان محدش يفهم غلط وأنتي تضايقي.” حاول رحيم تفسير ما حدث وكانت نبرته صادقة لكن أفنان لم تتأثر كثيرًا بما يقوله وأجابته بإقتضاب:

“مش متضايقة ولا حاجة.”

“والله؟ ده صوت واحدة مش متضايقة؟”

“والله أنا أدرى بصوتي منك يعني.”

“عالعموم أنا قولت أشرحلك عشان متزعليش و Sorry لو كنتي اتضايقتي.. هقفل بقى عشان عندي Meeting ‘اجتماع’.”

“سلام.” أردفت بفتور قبل أن تُغلق الخط دون انتظار ردًا منه، لا تدري لما يُشعرها رحيم بالإضطراب فهو يكون لطيف في اوقاتًا كثيرة ثم فجاءة تتحول نبرتة إلى نبرة باردة الأمر الذي يزعجها كثيرًا لكن في الوقت ذاته هو سريع الإدراك حينما يُخطئ ويعمل سريعًا إلى إصلاح الموقف والإعتذار.

في طريق عودة أفنان إلى المنزل وادخل عربة الأجرة ‘الميكروباص’ كان السائق قد أشعل مُشغل الأغاني على أغنية تنتمي لفترة التسعينيات، أغنية من النوعية التي تُعيدك خلال ثوانٍ إلى تجمع عائلي في أحد شواطئ المصايف المصرية الأصيلة وهنا تذكرت أفنان على الفور كيف كانت تلهو برفقة نوح ومريم وميرال شقيقتها.. كانوا جميعهم صغار ولم تُخلق بينهم أية مشاكل لكن الآن فقد انقطعت علاقتها بنوح تقريبًا بعده مرور تلك السنوات أختفى أخاها وصديقها المُقرب.. والأحمق لم يحاول حتى إصلاح الأمر، تنهيدة عميقة صدرت من أفنان بحزن وهي تستمع إلى كلمات الأغنية بحنين شديد إلى الماضي…

في مساء ذلك اليوم جلست أفنان في حجرتها لتدرس قليلًا وتحاول إسترجاع المعلومات التي تعلمتها منذ بداية التدريب لتقتحم ميرال الحجرة فور عودتها من العمل بعنف أشبه بطريقة أفراد مكافحة المخدرات.

“أفنان عرفتي اللي حصل؟”

“بسم الله الرحمن الرحيم أنتي طلعتي أمتى؟ وبعدين لا معرفتش في أيه عالمسا؟”

“ريماس حددت معاد الخطوبة… هيبقى الأسبوع اللي بعد الجاي.” زفت ميرال الخبر لأفنان لتتسع عينيها وتترك ما في يدها وتنظر نحوها وتُردف بإستنكار:

“يا ربي عالإستعجال!! معرفش دماغهم فيها أيه بجد، يعني هيلحقوا أمتى يحجزوا قاعة وتجيب فستان وميك أب لا ثواني… هيجيبوا الشبكة أمتى أساسًا؟”

“بيقولوا لبابا أن الواد اللي متقدم ده صاحب باباه عنده محل مجوهرات كبير فهيروحوا يشتروا منه.”

“طب كويس ربنا يوفقهم بقى في اللي بيعملوه ده لو كان خير يعني…”

“أكيد خير هو الجواز بقى شر أمتى؟”

“أكيد مبتكلمش عالجواز في حد ذاته يا ميرال صباح الفل، ولا حتى بتكلم عن طريقة الجواز دي في العموم ما عادي جدًا أن حد يتقدملي عن طريق بابا أو ماما ونتقابل ونتكلم ونتعرف ومش لازم نبقى لوحدنا خالص لا نبقى في مكان عام ومعانا أهلنا اللي بتكلم فيه إن بأي منطق أنها تتخطب لواحد متكلمتش معاه كلمتين على بعض لا قدام أهلها ولا من وراهم حتى!” فسرت أفنان وجهة نظرها ببعض الإنفعال لتنظر نحوها ميرال بعدم إقتناع وتُردف:

“أنتي عايزة تفهميني أنك خايفة أوي على ريماس يعني؟”

“بغض النظر عن ريماس كريماس لكنها في النهاية بنت زينا وإنسانة برضوا، هي إنسانة مستفزة اه بس إنسانه.”

“سيبك من ريماس والحوارات دي، مالك ضاربة بوز ليه؟”

“عشان حاجتين ليهم علاقة برحيم.”

“أيه ده معقول سألتك وجاوبتي على طول من غبر ما أقعد أقولك لا بجد مالك وفضفضي والحاجات دي، أحييكي أنك مبتحرقيش بنزين كتير والله.” علقت ميرال بمزيج من الدهشة والسخرية، لم تُعلق أفنان على حديثها بل بدأت تسرد سبب ضيقها.

“بصي اولًا رحيم طريقته بتتغير معايا قدام الناس أو يعني زي ما قولتلك قبل كده ممكن مثلًا يجيله مكالمة فيقلب وشه ويكلمني ببرود وأنا الموضوع ده بيضايقني جدًا بجد.”

“شكله هيطلع توكسيك ولا أيه؟”

“معرفش… المهم ده سبب، السبب التاني أن التدريب خلاص بيخلص وأني مش هشوف رحيم تاني.”

“ليه هو مهاجر ولا أيه؟!” سخرت ميرال من أفنان بالإضافة إلى ضحكة صغيرة سمجة.

“هنستظرف؟ هنستظرف.” كررت أفنان كلمتها بصيغة السؤال مرة وبصيغة التأكيد مرة آخرى بنبرة ساخرة وهي تُلقي الوسادة على ميرال ثم تُضيف:

“التدريب هيخلص وأنا هرجع الكلية تاني بعد الأجازة هنتقابل فين بقى إن شاء الله؟ عند أمي.”

“مش عارفة… لو ليكوا نصيب تتقابلوا هتتقابلوا.”

“خلاص كده؟”

“اه أومال أنتي فاكرة أيه.” علقت ميرال بجملة مقتبسة من أحدى الأفلام الكوميدية.

“طب شوفي طيب نوتفيكشن المسدچات اللي بتجيلك من نوح.”

“يا سلام لو كل واحد يخليه في حاله بجد.” تمتمت ميرال وهي تُمسك بهاتفها وفي الوقت ذاته كانت تُمسك أفنان بهاتفها ايضًا وتبحث عن شيء ما بتركيز شديد.

“بحاول أدور على أكونت رحيم عالفيس بوك بس مش عارفة أوصله… أنا أصلًا معرفش أسمه رحيم أيه ولا أعرف كاتب اسمه ازاي، كل واحد بيكتب اسمه بالإنجليزي بطريقة غير التاني.”

“ابقي اسأليه.”

“أيه العبط ده لا طبعًا.”

“خلاص لو بيلبس ID ‘بطاقة تعريف الهوية’ شوفي اسمه باباه أو عيلته.”

“لا برضوا مش بيلبس ID، بس مش مشكلة هحاول أتصرف في الحوار ده.” أردفت أفنان وهي تُلقي الهاتف بعيدًا وتُعيد الإمساك بالأوراق التي أمامها لتنظر نحوها ميرال بتملل ثم تقترح الآتي:

“بقولك أيه ما تسيبك من المذاكرة دي وتعالي ننزل نتمشى شوية.”

“ننزل نتمشى فين؟ وبعدين أنتي معاكي فلوس أصلًا؟”

“هنتمشى فين مثلًا؟ هو أحنا لينا غيرها… الزمالك طبعًا وبعدين معايا فلوس ملكيش أنتي دعوة.”

“طب ماشي هقوم أشوف هلبس أيه.”

“شوفيلي معاكي طيب.”

“ينفع ألبس البلوزة الزهري بتاعتك؟” صمتت ميرال لثوانٍ وهي تنظر نحو أفنان ببلاهة.

“خلاص لو مش عايزة بلاش.”

“لا ليه يعني… عادي أكيد، أنا هلبس البلوزة البني والطرحة الكافية.”

“ما شاء الله مبدلين مع بعض هنجيب للناس حول.” علقت أفنان بسخرية وهي تنظر طويلًا إلى الثياب، كادت أن تُبدل رأيها لكن في النهاية قررت ارتداء ثياب ميرال على سبيل التغير.

“قولتي لماما أننا نازلين؟”

“اه، قولتلها أول ما جيت.”

“ما شاء الله ده أنتي مخططة من بدري.”

“حاجة شبه كده، يلا بقى عشان نلحق نرجع.”

غادرت كلتاهما المنزل واتجهتا إلى حي الزمالك ليجلسوا داخل مقهى لطيف سويًا.

“ناكل ولا نشرب؟”

“أنا عن نفسي هشرب Ice coffee ‘قهوة مثلجة’ وأنتي؟”

“هطلب عصير مانجا.” أشارت ميرال للنادل ليأتي ويأخذ طلبهم، بعد مرور بضع دقائق فوجئت أفنان بأحدهم يسحب الكرسي ويجلس أمامهم على الطاولة.

“أيه ده؟!! أنت أيه اللي جابك هنا؟!” صاحت أفنان بصوتًا مُرتفع فور جلوس نوح على الكرسي وقبل أن يتفوه بحرفًا واحد أمسكت بحقيبتها وأستقامت من مقعدها وهي تُضيف:

“أنا ماشية!”

“أهدي بس وأقعدي ومتفرجيش الناس علينا!” بالنبرة المُرتفعة ذاتها تحدث نوح بحده بينما حاولت ميرال أن تجذب ساعد أفنان لتحثها على الجلوس مجددًا لكن الأمر لم يُجدي نفعًا بل ازداد سوءًا.

“أنت متتكلمش معايا بصيغة الأمر أنت سامعني! وأنتي سيبي دراعي أنتي كمان!!”

“طيب لو سمحتي من فضلك وطي صوتك يا أفنان وأقعدي نتكلم زي الناس الكبيرة العاقلة ممكن.”

“وأنتي طبعًا كنتي متفقة معاه يا ست هانم صح!” وبخت أفنان ميرال التي نظرت نجوها بقلة حيلة وشعور بالذنب ثم نظرت نوح الذي نظر لها بنظرة تعني ‘سيبك منها’ ساد الصمت لبضع ثوانٍ بينما يتأمل نوح أفنان وقد انتبه أنها ترتدي اللون الزهري، لونه المُفضل! لاحظت ميرال لمعة عيناه تلك فشعرت بغصة في حلقها قبل أن تحمحم وتقول:

“نوح اتفق معايا أني أعمل كده عشان هو عارف أنك هترفضي تقابليه، أنا مش قاصدي أزعلك أو اضايقك أكيد.”

“للدرجة دي مش طايقة تشوفيني؟”

“أومال كنت فاكر أيه؟ أنت مُدرك للي أنت عملته وقولته ولا أنت مبتفهمش ولا أيه؟!”

“مبفهمش.. وحمار وغبي وأكتر من كده كمان لو تحبي، أنا عارف أني غلط غلطة كبيرة بس أنتي متعرفيش أنا ليه عملت كده!”

“مفيش أي مبرر للقرف اللي أنت قولته ده يا نوح، وأنا عمري ما هنسالك الكلام اللي أنت قولته ده… أنت جرحت كرمتي وأهنت شرفي وحاجة متطلعش من واحد جاي من الشارع مش من ابن خالتي وأخويا اللي متربين سوا!!”

كانت نبرة الخذلان والعتاب تُغلف حديث أفنان، كانت كلماتها كالسهام التي تخترق قلب نوح فقد تضاعف شعوره بالندم لكن أسوء جزء في حديثها هي كلمة ‘أخويا’ كانت ميرال تجلس في منتصف العتاب ولا تدري ماذا تقول لذا أكتفت بالصمت ومراقبة الوضع.

“أنا مُدرك لكل ده كويس… بس برضوا أنتي…” حاول نوح أن يجد مُبررًا لما فعله لكن أفنان قاطعته على الفور بحده مُردفة:

“مش عايزة مُبررات لأن مفيش أي مبرر للي حصل ده.”

“أنا خايف عليكي منه! وشايف اللي أنتي بتعمليه ده غلط ومؤذي ليكي.”

“وأنت بصفتك أيه تدخل في حياتي وتصرفاتي يا نوح؟ أنا كبيرة كفاية أني أبقى مُدركة للوضع اللي أنا فيه ولتصرفاتي، أنا مش العيلة الصغيرة اللي كنت بتدافع عنها لما حد ياخد منها الحاجة الحلوة، أنا خلاص دخلت في العشرينات أنت مُدرك؟”

“أنا أسف.”

“أسفك مش مقبول يا نوح… أنت خزلتني.” أتسعت أعين نوح بعد جملتها الأخيرة… فهو يعلم أنه مُخطئ وبشدة لكن شعوره بأنه قد خزلها يحرق قلبه.

“طب أعمل أيه عشان تسامحيني؟”

“معرفش، ما هو أنا غالبًا مش هسامحك أصلًا.” تفوهت أفنان ليضرب نوح جبينه ويزفر بضيق لتقاطع ميرال ما يحدث بنبرة هادئة محاولة تلطيف الأجواء:

“بقولكوا أيه أنا هقوم أضبط الطرحة، أرجع ألاقيكوا اتصالحتوا.”

“ماشي متتأخريش لحسن أختك ممكن تضربني.” علق نوح بنبرة ساخرة لتقهقه ميرال فتنظر نحوهم أفنان بجدية ثم تقول:

“أنتوا بتضحكوا ليه دي حقيقة، أنا أحتمال أعمل كده فعلًا.”

“ها برضوا مش راضية تصالحيني.” أردف نوح بنبرة حنونة يحاول إستمالة قلب أفنان بينما يُبدل مكانه ليجلس على كرسي ميرال بحيث يُصبح أقرب من أفنان، تُشيح أفنان بنظرها بعيدًا عنه وتنظر نحو الخارج من خلال الشرفة الزجاجية الكبيرة للمقهى لتجد شاب وفتاة يسيرون بالقرب من المقهى وفجاءة توقف الشاب وأقترب قليًلا من شرفة المقهى من الخارج ليتأمل أفنان ونوح بحدة قبل أن يبتعد عن المكان سريعًا…

يتبع..


google-playkhamsatmostaqltradent