Ads by Google X

رواية لا يليق بك إلا العشق الفصل الثالث والعشرون 23 - بقلم سماح نجيب

الصفحة الرئيسية

 رواية لا يليق بك إلا العشق الفصل الثالث والعشرون 23 - بقلم سماح نجيب 

٢٣– " دون سابق إنذار "

تحدق كل منهما بوجه الأخرى بصدمةٍ وفزع ، فجسد فؤاد المطروح أرضاً ودماءه التى تسيل من مؤخرة رأسه ، كان مدعاة للخوف والقلق ، فهى فعلت ما رأته صواباً ، بذلك الحل الذى تبادر لذهنها لتبعده عنها ، فهو كان على وشك قتلها. 

أرتخت أصابعها عن بقايا تلك المزهرية التى تحملها بيدها اليمنى ، والتى عملت على تحطيمها على رأس فؤاد ، فولاء بين ثانية وأخرى ، كانت ستكون بتعداد الأموات ، فهو كان يرغب بنحر عنقها ، ولكن جاءت هى لتحول بين وقوع ذلك الأمر

أرتجفت شفتى ولاء وهى تهتف بإسمها :
– ححياء 

نظرت لها حياء بعينان متسعتان ، فهى وعت الأن ما فعلته ، ودمعت عيناها فجأة وهى تقول فى دهشةٍ:

– أانا قتلته 

نزعت هاتان الكلمتان قسراً من جوفها ، ولكن كممت فمها بيديها ، كأنها تخشى نطقها ثانية ، ولكن هى ليست ملامة ، فلو لم تكن فعلت ذلك ، كانت ولاء ستقتل غدراً 

اقتربت منها ولاء وهى تتخطى جسد فؤاد ، فطوقتها بذراعيها وربتت على جسدها لعلها تكف عن الارتجاف ، فهى تعجبت من وجودها بذلك الوقت خاصة أنها رحلت مع زوجها ، ولكن لما عادت لهنا ثانية ؟

فحدقت بها ولاء وهى تقول بتساؤل :
– هو أنتى عرفتى إزاى يا حياء ورجعتى ليه 

زاد إرتجافها أكثر ، كأنها على وشك الإنهيار ،  فهى لم تعود لهنا ثانية  ، إلا لأخذ هاتفها الذى تركته سهوا ، فبعد إنطلاق راسل بالسيارة ، تذكرت أن هاتفها كانت واضعة إياه على منضدة صغيرة بجوار الأريكة بالصالة ، فألحت عليه بضرورة العودة لأخذه ، فعندما أبدى رأيه بأنه سيصعد هو ليأتى لها به ، رفضت إقتراحه وأصرت أنها هى من ستصعد لتأتى بهاتفها 

ولكن قبل أن تتمكن حياء من قول أى كلمة سمعا صوت راسل  يأتى من خلفهما وهو يقول:
– إيه يا حياء كل ده بتجيبى الموبايل بتاعك

أنتفضت الفتاتان بعد سماع صوته فجأة ، فتقدم بخطواته وجحظت عيناه وهو يرى فؤاد مسجى بدماءه على الأرض

لم يمهل ذاته دقيقة أخرى ، بل جثى على ركبتيه بجواره ، فتحسس نبضه ، ليعلم هل فارق الحياة ام مازال حياً ؟

فنظر إليهما وهو يقول :
– هو مين اللى عمل فيه كده وايه اللى جابه هنا

ردت حياء بصوت مصدوم :
– أنا اللى قتلته  أنا اللى قتلته

قبل أن يجدها صارخة ، كان تاركاً مكانه وأمسكها من كتفيها قائلاً بهدوء:
– إهدى يا حياء هو مامتش ولا حاجة هو لسه عايش بس مغمى عليه

أغلقت حياء فمها الذى كان على وشك إطلاق صرخات الخوف ، فدنت منه وقالت وهى تنتحب على صدره بصوت مسموع :

– دا كان هيقتل ولاء كان حاطط السكينة على رقبتها كان هيموتها يا راسل

خرجت إسعاد من غرفتها بعد سماع صوت جلبة بالصالة ، فأرتدت حجابها وهى بطريقها إليهم ، ولم تكن رآت فؤاد بعد 

فقالت بشئ من الخوف ، أن يكون حدث مكروه أثناء نومها :
– هو فى إيه مالكم

رفعت ولاء يدها تشير بسبابتها لفؤاد ، فتتبعت إسعاد موضع إشارتها ، فعندما وقع بصرها على فؤاد المغشى عليه ، أنتفضت وارتدت خطوة للخلف وهى تقول بذهول :

– هو إيه اللى جاب فؤاد ده هنا وقدر ييجى هنا إزاى هو مش كان هربان

كأن بكلمتها الأخيرة ، جعلت راسل يعى على ضرورة إبلاغ الشرطة للمجئ لإلقاء القبض عليه ، فبعد أن هاتف مركز الشرطة ، حث ولاء وإسعاد على الإتيان له بحبل وقنينة عطر وبعض الإسعافات الأولية ، لحين مجئ الضابط

فبعد أن رفع راسل جسد فؤاد من على الأرض ، وأجلسه على المقعد ، أوثق يديه وقدميه جيداً ، ودار حول المقعد وأحنى رأس فؤاد للأمام ليرى الضرر الذي لحق به ، فضمد جرح رأسه ، وأعادها لوضعها الطبيعي ثانية

جلس على مقعد مقابل له ، ونثر من قنينة العطر على محرمة قطنية وقربها من أنفه ، حتى بدأ فؤاد بإستعادة وعيه 

فولاء وإسعاد وحياء ووفاء التى صعدت هى الاخرى بعد مهاتفة راسل لها ، يقفن جميعهن وكل منهن متمسكة بالأخرى ، كأنهن يخشين إستيقاظ وحش ، فهن يحسدنه على تصرفه الهادئ ، كأنه يعمل على إنقاذ مريض بمشفاه

فتح فؤاد عينيه رويداً رويداً ، فوقع بصره على راسل الجالس أمامه وينظر له ببرود ، فعندما وعى وضعه ، أراد ترك مقعده ولكن القيود بيديه وقدميه منعته الحركة

فصاح بوجه راسل وهو يقول بجنون :
– فكنى فكنى بقولك لازم أخلص عليها هقتلهااااااا يعنى هقتلها

لم يكف عن صراخه ، إلا بعدما حطت يد راسل على وجهه بصفعة ، جعلته يدير رأسه للجهة الأخرى ، فصرخ به راسل بحدة مماثلة :

– تقتل مين ياض أنت دا أنا ميكفنيش فيها عيلتك كلها ، ثم أنت اللى جيت لقضاك البوليس جاى فى السكة يعنى خلاص يا حلو وقعت ومش هتقدر تهرب تانى وهتتحاسب على اللى عملته فى حسان دا غير كمان لما يعرفوا محاولة قتلك لولاء يعنى مصايبك كترت والسجن مستنيك ، لولا أن مش عايز اوسخ إيدى كنت عرفت شغلى معاك وعرفتك مقامك وخليتك تتمنى الموت 

نسيت حياء خوفها فجأة ، فظلت تتأمل زوجها ، وعيناها تفيض هياماً وغراماً ، كأنه بطل أحد الأساطير القديمة ، الفارس النبيل والشجاع ، الذى يعمل على حماية من حوله ، ولا يتوانى عن إظهار شجاعته وإقدامه على تخطى الصعاب ، فلم تخرج من تأملها له إلا على صوت قدوم رجال الشرطة ، فبعد أن تم حل وثاق فؤاد ، وضع الضابط بيديه الأصفاد الحديدية ، وأخذوه معهم ، ولم ينسى أن يلقى نظرة أخيرة على ولاء ، قبل دفع الشرطى له ليتقدمه بالمسير،

فوضعت ولاء وجهها بين يديها وأنهارت قدميها على أقرب مقعد وجدته خلفها ، فهى تحمد الله على أنها مازالت على قيد الحياة ، فتحسست عنقها كإنها مازالت تشعر بنصل السكين البارد على جلدها 

فجلس راسل قريباً منها وهو يقول:
– ولاء أنتى كويسة

قالت ولاء وهى ترمقه هو وحياء بإمتنان :
– الحمد لله يا أبيه لولاكم كان زمانى دلوقتى ميتة

فشدت على يد حياء وأكملت حديثها:
– شكراً يا حياء وأسفة لو كنتى بسببى أترعبتى من اللى حصل

ربتت حياء على يدها وهى تقول بهدوء :
– الشكر لله والحمد لله أنها عدت على خير 

بعد مرور عدة دقائق ، هم راسل بالرحيل ، فبعد عرضه ثانية لمجيئهما معه لمنزله ، ورفضهما المتكرر ، خرج من الشقة تتبعه حياء ووفاء 

وصل بسيارته لمنزله وترجلوا منها ، فسمعوا صوت صراخ الصغيرة أتياً من الداخل ، فركضوا جميعهم لمعرفة ما أصابها ، فوجدوا الخادمة تحاول تهدئتها ، ولكن الصغيرة لا تستمع لها ولا تردد سوى جملة واحدة وهى تصرخ :

– عايزة بابى ومامى وآنا وفاء مليش دعوة 

عادت لتصرخ ثانية ، ولكن هرولت إليها حياء ، وحملتها وهى تحاول أن تهدأ من روعها :

– بس يا حبيبة ماما أنا جيت أهو 

كفت الصغيرة عن البكاء والصراخ ، ووضعت ذراعيها حول عنق حياء وهى تقول بوداعة :

– أنتوا روحتوا فين وسبتونى يا مامى أنا كنت خايفة

مسدت حياء على رأسها ، ووضعت شعرها خلف أذنيها ومسحت وجهها الرطب من أثر بكاءها :

– معلش يا روحى كان عندنا مشوار مهم بس خلاص رجعنا أهو أهدى بقى

لم تكن تشعر بالأمان كاملاً ، إلا بعد أن يقدم أبيها مبرره هو الآخر ، بل يجب عليه أن يصرف حزنها ببعض الحنان ، الذى اعتادته منه دائماً ، فلم يكن هو بحاجة لإستجداء عينيها 

فأخذها بين ذراعيه وهو يقبلها بحنان:

– خلاص يا قلب بابى متعيطيش أنا أسف يا روحى أن سيبتك مش هعمل كده تانى

تلك هى المرة الأولى ، التى تسمعه حياء يقول بها تلك الكلمة " أسف " فهو لا يقدم إعتذاره حتى وإن كان مخطئاً ، ولكن مع صغيرته فالأمر غير ذلك ، فهو أب رائع وحنون ، بل يتخلى عن تصلبه وعناده من أجلها ، فهى تتخيل الآن عندما تصبح سجود شابة ويحين موعد زواجها ، فلا يترك رجلاً يأخذها منه ، فتبسمت حياء على تخيلها ، حتى أثارت إنتباهه

فنظر إليها وتساءل :
– بتبتسمى على ايه يا حياء

أجابته حياء وهى تضحك بخفوت :
– مش عارفة لما شوفتك مع سجود أفتكرت فيلم عريس من جهة أمنية لما عادل إمام كان بيحب بنته أوى ومش عايزها تتجوز وكل ما ييجى عريس يطفشه أهو أنت هتبقى زيه يا راسل مش هتخلى حد ياخد منك سجود

تبسم رغماً عنه بعد سماعه قولها ، فأسرعت وفاء بالرد وهى تقول بإبتسامة :
– نبقى فى يوم فرح سجود نخدره ونخليه ينام على ما يخلص الفرح 

ضحكوا جميعهم على قول وفاء ، ولا ينكر أن حديثهما يحمل بعض الجدية بشأنه ، فهو حقاً لا يتخيل أنه سيأتى اليوم الذى سيأخذها منه أحد أخر حتى وإن كان زوجها ، فهو يهيم حباً وعشقاً بصغيرته ، وربما يتعجب من حوله ، من حبه الشديد لها ، على الرغم من كرهه لوالدتها ، ولكنه لا يأخذها هى بذنب لم تكن مرتكبته ، فهى أولاً وأخيراً إبنته 
________________
لن يكون أمر ترك خالته وإبنتها بهذا الوقت قراراً حكيماً منه ، فهو لايريد أن يخيب أمل ورجاء خالته به ، فهما صارتا بمفردهما الآن ، فزوج خالته بالمشفى ، ولا يوجد رجل بجانبهما الآن ، لذلك لم يتشدد برأيه بأنه يجب أن يعود لشقته ، ولكنه أصر على الإقامة بتلك الغرفة بحديقة المنزل ، فتعجبت خالته من إصراره على ذلك ، وألحت عليه بأن يسكن إحدى غرف المنزل الكثيرة ، ولكنه قابل قرارها بالرفض

فهو لايريد أن يمكث تحت سقف واحد يجمعه بهند ثانية ، وبالأخص لا يريد رؤية وجهها ، فهو صار يمقت رؤيتها ، فما بال لو رآى بعيناه ما فعلته 

سمع صوت طرق على باب الغرفة ، ففتح الباب ووجد الخادمة تحمل طعاماً له ، فقالت وهى تتبسم بتهذيب :

– الأكل يا أستاذ كرم الهانم قالتلى أجبهولك وبتقولك تاكل كويس لولا بس انها تعبانة كانت جبتهولك بنفسها بس هى حالياً زمانها نامت

أشار لها كرم بالدخول ،لتضع الصينية من يدها ، فبعد أن وضعتها بمكان آمن ، وجدها تخرج من الغرفة ، فجلس كرم أمام المنضدة الموضوع عليها الطعام ينظر إليه بنظرات شاردة ، فطال جلوسه هكذا بوضعه المتصنم ، ولكن صوت غمغمة وهمس وصل لأذنيه 

فأرتفعا حاجباه فى دهشة وقال :
– جاى منين الصوت ده 

خرج من الغرفة يبحث عن الصوت ، فتلك الشجرة الكبيرة الموجودة قريباً من المكان ، كان يقف أسفلها شخصان ، لا يعلم من يكونان ، ولكنه أقترب بحرص منهما دون أن يعلن عن نفسه لهما 

فسمع صوت أنثوى يقول :
– أنت عارف البيه الكبير وقع من طوله وراح المستشفى ليه علشان الفضيحة اللى عملتها الست هند دا متصورلها فيديو كمان

رد الرجل المرافق لها وهو يقول بفضول :
– فيديو إيه ده وعرفتى منين الكلام ده ، دا محدش بيخش الدور الفوقانى غير شغالة واحدة منكم أنتوا التلاتة فعرفتى إزاى 

ردت المرأة قائلة بسخرية :
– عرفت يا أخويا من تليفون البيه اللى وقع منه لما طب وقع ساكت ، إحنا لما كلنا شفنا الاسعاف جاية تاخده محدش أخد باله من التليفون غيرى وأخدته وشغلت الفيديو ونقلته على تليفونى كمان أهو خد شوفه

قبل أن يتناوله الرجل من يدها ، كان كرم الأسبق بأخذه من بين أصابعها بقسوة وهو يصيح بإنفعال:
– ايه اللى انتوا بتعملوه ده ، هى دى الأمانة وحفظ أسرار البيوت اللى بتشتغلوا فيها 

لم ينبس أحد منهما ببنت شفة ، فهما يقفان أمامه كالمذنبان ، ففضلا أن ينصرفا بسرعة ، فهما بات يعلمان أن لن يكون عملهما بهذا المنزل ثانية أمراً متاح 

رفع كرم الهاتف ليغلقه ، ولكن وقعت عيناه على ذلك المشهد ، الذى حطم قلبه شر تحطيم ، فهو يراها بوضع لا يصح مع شاب غريب ، لم يرى وجهه ، فلا يعلم أى جرأة أتته ليشاهد مقطع الفيديو كاملاً منذ بدايته حتى نهايته ، يحدق بشاشة الهاتف ، يشعر بعرقه يتصبب بارداً ، فأطرافه متجمدة وعيناه علقت بها الدموع ، فلم تفر من بين جفنيه إلا بعدما أغلقهما ليكف عن مشاهدة تلك الكارثة ، فالشاب أخذ الحيطة والحذر فلا يستطيع أحد معرفة من يكون سواها هى ، فكل من سيشاهد الفيديو ، لن يستطيع أن يعلم من يكون هذا الشاب 

ولكن يكفى ما رآه ، فخرج صوته قائلاً بألم :
– ليه كده يا هند دبحتى قلبى بسكينة باردة ، كنت بتستعرى منى وتخافى تقولى أن أنا ابن خالتك ومخوفتيش وأنتى بتضيعى نفسك يا خسارة وألف خسارة على الحب اللى حبتهولك وطلعتى متستاهليش

عمل على مسح مقطع الفيديو من الهاتف ، وتأكد من محوه بشكل نهائى ، فلا يريد أن يتلصص أحد على بلواهم ، فيكفى ما حدث للأن 

عاد للغرفة وتسطح على الفراش ، وكلما حاول إغلاق عيناه ، يتذكر ما رآه ، فظل يغير من وضعية نومه ، لعله يشعر بالراحة ، ولكنه لم يعثر على تلك الراحة ، فسؤال واحد فقط ظل يطرحه على عقله وهو كيف سينظر بوجهها ثانية ؟

فبعد ليل طويل ، أنبلج الصباح وهو نائماً على أحد المقاعد بالحديقة ، فبعد فشله بالحصول على قسط من الراحة ، خرج وجلس على أحد المقاعد الخشبية ، حتى داهمة النعاس وهو جالس 

فتح رماديتيه بعد شعوره بحركة فى حديقة المنزل ، فلابد أن ساكنى المنزل قد إستيقظوا ، فولج للداخل ليرى خالته إذا كانت ستذهب لرؤية زوجها بالمشفى ليذهب معها

فأثناء ولوجه للداخل تقابل مع هند ، التى بدت على إستعداد لمرافقتهما لرؤية والدها ، فظل كل منهما ينظر للأخر بصمت 

فعقدت ذراعيها أمام صدرها وهى تقول :
– خير حضرتك بتبصلى كده ليه 

– أنتى ليكى عين تتكلمى كمان
قالها كرم وهو يشيح بوجهه عنها ، كأنه يشعر بالإشمئزاز لرؤيتها 

فبفعلته تلك تملكت منها آفتها التى لن تستطيع أن تتخلص منها ، فردت قائلة بغرور كأنها لم تفعل شيئاً يجعلها تشعر بالخزى :

– هو أنت مفكر علشان أنت عرفت كل حاجة يبقى هتكسر عينى يا كرم لاء أنا هند وهفضل هند حتى لو عملت إيه فاهم وأنت ملكش دعوة بيا مفهوم

لم يرى الرد المناسب لها بهذا الوقت ، إلا صفعة صفعها إياها على وجنتها وهو يقول:
– أخرصى بقى وبطلى غرورك ده اللى ضيعك 

وضعت هند يدها على وجنتها وهى تنظر له بذهول :
– أنت بتمد إيدك عليا يا كرم هى حصلت كمان 

فاض الكيل فلم يشعر إلا وهو يجذبها من شعرها بغيظ ، فصرخ بوجهها:
– قولتلك أخرصى بقى مش عايز أسمع صوتك ده نهائى مش كفاية كنتى هتموتى باباكى ايه الجبروت اللى أنتى فيه ده أنتى اللى زيك تخرص خالص 

لا يحركه سوى غضبه وغيظه منها ، فهو عاشق مقهور ، فمن داخله يبكى حسرة وألماً ، فكم كان يكفيه أن يقلع عن حبه لها وتتزوج من غيره ، على أن ينزع حبها من قلبه بسبب كرهه لها والشعور بالإشمئزاز والنفور من رؤيتها 

لم يكف عما يفعله إلا بعد سماع صراخها المتألم من جذبه لشعرها ، فهو يكاد يقتلعه بيده ، فدفعته بصدره لعله يرحمها من هذا الألم الذى تشعر به

فصرخت قائلة برجاء يشوبه الألم:
– كرم سيبنى أنت وجعتنى سيبنى 

– ياريتنى أقدر أوجعك زى ما وجعتينا كلنا بعملتك السودة
بعد أن قال كرم عبارته ، دفعها عنه فكادت تسقط أرضاً وتتعثر بحذاءها ذو الكعب العالي 

فلم تعى كل ما يحدث ، فهل هذا هو كرم الشاب الهادئ الخجول ، الذى كلما كان يراها ، تجده ينظر أرضاً ، والذى كان يخشى لمس يديها أثناء المصافحة ، فهو صار الآن متبجحاً ويضربها أيضًا

وضعت يدها على وجنتها تتحسس سخونتها من أثر صفعه لها ، فكفه العريض ترك أثار أصابعه كاملة على وجهها ، ظل يرمقها ببرود ، فوجنتها التى طالما حلم بأن يلاطفها بالعشق الحلال ، كانت أول ما تلقته منه هو صفعة قاسية 

فظلت النظرات بينهما غير ودية ، تود لو لديها الشجاعة الكافية بأن تصفعه على وجهه هى الأخرى ، ولكنها تعلم أنها لن تستطيع فعل ذلك ، فاليوم كأنها ترى كرم أخر ، بإستطاعته تحديها وكسر عنفوانها
___________________
ذهبت لغرفة الثياب ، لتنتقى له ثيابه التى سيرتديها اليوم ، فنظرت بتقييم لثيابه المتراصة ، فأنتقت ما ألزمه من قميص وبنطال وسترة أيضاً ، فوضعتهم من يديها لتبحث له عن حذاء مناسب ، فأقتربت من أحذيته ولكن لفت إنتباهها  ، ذلك الصندوق الكارتونى الموضوع بأحد الأركان ، فهى لم تنتبه له قبل الآن ، فربما مربيتها وضعته هنا ، وهو خاص بأوراقها هى 

سحبته من مكانه ، وجلست على الأرض لترى ما به ، فتحت الصندوق فوجدت أوراقاً كثيرة وصور ، ولكن كل ماكان بالصندوق خاص بزوجها راسل ، نظرت للصور بإبتسامة ، فتلك هى صوره منذ طفولته حتى الآن

فكلما رأت صورة وضعتها بجانبها لترى غيرها ، لاحظت بعض الصور و شاب يحمله عندما كان بصغره ، فربما كان هذا الشاب هو شقيقه الأكبر ووالد ميس ، ولكنها لاحظت عدم وجود صورة لزوجها مع والده 

ولكن إحدى الصور لفتت إنتباهها وهى عندما كان راسل بالعاشرة تقريباً تجلس فتاة صغيرة ربما لا يتعدى عمرها السبع سنوات على ساقيه وهو يقبلها ، ولكن تلك الفتاة لا تشبه ميس ، فمن تكون ؟

– بتعملى إيه يا حياء
قالها راسل وهو يلج الغرفة ، يجفف رأسه بالمنشفة بعد خروجه من المرحاض ، فأزاح المنشفة عن وجهه ، ووضعها حول عنقه ، فوجدها تفترش الأرض وتنظر لمحتوى الصندوق الكارتونى

رفعت رأسها ونظرت له قائلة بفضول :
– لقيت الصندوق ده أفتكرت دادة كانت لمت فيه أوراقى بس أكتشفت أنه فيه حاجتك أنت فحبيت أتفرج على صورك

جلس راسل القرفصاء بجانبها وحمل صورة ونظر إليها بحنين وهو يقول:
– الله يرحمك يا وجدى 

صح ظنها الآن ، فذلك الشاب الذى كان يحمله بالصورة هو شقيقه ، فأرادت سؤاله عمن تكون تلك الفتاة التى كانت معه ، فرفعت الصورة أمام وجهه وتساءلت :
– مين البنت دى يا راسل

أخذ راسل الصورة من يدها وتبسم قائلاً بعد رؤيتها :
– دى إيلين النعمانى

عقدت حياء حاجبيها وقالت:
– مين إيلين النعمانى أخت ميس 

حرك راسل رأسه بالسلب وهو يقول:
– لاء دى جدها يبقى ابن عم رياض النعمانى 

فأكمل حديثه وهو يقول ممازحاً :
– دى كانت حب طفولتى الأولانى تصدقى كنت بكتبلها جوابات فى كراسة الواجب ، ولما كنت اتكلم مع بنت غيرها كانت تزعل منى وتخاصمنى وأفضل طول النهار أتحايل عليها علشان تصالحنى بس سابتنى وسافرت روسيا مع مامتها وباباها أصل مامتها روسية وراحوا عاشوا هناك

ذلك الحنين بصوته ، أصابها بالضيق ، فهل نسى أنه يتحدث مع زوجته ، فنهضت من مكانها وهى تقول بتبرم :
– الظاهر كده كنت بتحبها أوى

رفع رأسه إليها ، وجدها تقف تعقد ذراعيها و إمارات الغضب والغيرة تملأ وجهها ، فترك الصورة من يده وإستقام بوقفته يحدق بها 

فتبسم قائلاً بهدوء وتسلية :
– حياء أنتى غيرانة 

كأنه سكب مزيد من مواد الإشتعال ، فتعالت وتيرة أنفاسها ، وأشتعلت عيناها ببريق ساحق ، فقبل أن يرى ثورتها عليه ، كان جاعلاً إياها تبتلع تلك الكلمات التى كانت بطريقها للخروج من بين شفتيها

فأستند بجبينه على جبينها وقال بصوت خفيض :
– معقولة تغيرى من حاجة مر عليها ٢٥ سنة أنا كنت طفل فى الوقت ده حتى إيلين مشوفتهاش بقالى ٢٠ سنة دى زمانها دلوقتى أتجوزت وخلفت ومش فكرانى أساساً

أعاد عناقه ثانية ، لعله يرسخ بعقلها أنه لا توجد أنثى بقلبه الآن سواها هى ، فغمغم وهو يقول بصوت متهدج:
– بحبك وأنتى غيرانة وعينيكى بتلمع خليكى حبينى كده على طول يا حياء

أجاد حيلته ، فأصبحت بين يديه كالماء ، بل أنها الآن تردد على مسامعه عهود الحب ، تخبره بعشقها المطلق له فألتصقت به أكثر وقالت :

– أنا حبيتك أوى لدرجة أن ساعات بحس بالغيرة أنك كنت متجوز واحدة قبل منى ، زعلانة أن سجود مش بنتى أنا منك أنت، كان نفسى تبقى بنتى أنا وشايلة دمى ودمك ، غيرانة أن فى يوم كنت عايش زوج لواحدة غيرى ، حاسة بحبك وقربك ليها وأن ممكن تكون قولتلها كلمة " بحبك " ، كل ما بتخيل الحاجات دى ، كأن فى نار بتقيد فى قلبى ، مش عارفة إزاى بقيت أحس بكل الحاجات دى وإحنا اغلب معرفتنا ببعض الأول كانت خناق وكره ، لكن دلوقتى حاسة كأن بحبك من أول ما عرفت يعنى إيه حب 

– طب ونادر كان إيه بالنسبة ليكى لما كنتوا مخطوبين

قال راسل فجأة ، ينتظرها أن تجيبه ، على ذلك السؤال ، الذى طالما أرق مضجعه ، فهو يعلم أن ماسبق بحياتها وحياته ، قد أنتهى أمره ، ولكن بحديثها الذى حاولت به إيضاح مدى حبها له ، جعله يريد أن يشعر بتفرد مكانته بقلبها ، فإن كانت تغار من ماضيه، الذى علمته للتو ، فهو لم يخبرها أنه يغار هو الآخر من كون أحد غيره كان سيكون زوجها وينعم بامتلاكها

سحبت يديها ببطئ ، وأبتعدت قليلاً عنه ، كأنه بذكر إسم نادر جعلها تخرج من حالة الهيام التى كانت تسيطر عليها وهى بين ذراعيه

فسكتت لبرهة ولكن سرعان ما قالت بعدم إكتراث:
– هبقى كدابة لو قولتلك أن أنا فاكرة إحساسى كان إيه موضوع نادر ده كان زى الحلم وصحيت منه ومش فاكرة معظمه ، بس كل اللى فكراه بداية ظهورك أنت فى حياتى 

تحسس عنقها بأصابعه يمررها بلطف على عروقها النابضة وهو يقول:
– بقى أنا كنت هتسبب فى موتك وكنت بخنقك بإيديا

كمن أراد أن يبدى أسفه واعتذاره بوقت متأخر ، فراح يمحى أثار تلك الذكرى بعناق شغوف ، ولكن تذكرت هى أنهما يجب عليهما الذهاب للمشفى 

فدفعته عنها برفق وهى تقول:
– حبيبى إحنا هنتأخر كده يلا بينا بقى

رآى أنه من غير العادل والمنصف ، أن تكون أوقاتهما سوياً رهناً لتلك الظروف الخارجة عن إرادتهما ، فهو لم يكتفى بعد من وصالها ، فضرب بكلامها عرض الحائط ، وعاد لإستكمال ما رغبت هى بأن ينقطع بهذا الوقت 

فهى لن تستطيع مقاومته ، إذا بلغ الحد الذى ينسى به من يكون غير أنه زوجها ويريدها ،  فراية الهزيمة والضعف أمامه رفرفت بعينيها ، التى أخبرته صراحة أنها لا تريد تركه حتى وإن نطق بها لسانها
______________
يحرك رأسه بحركات رتيبة ومنتظمة ، دليلاً على إنه يعير إنتباهه كاملاً لما يقوله حارسه ، فأحياناً يدير عصاه بين يديه ، وأحياناً أخرى ينقر بها على الأرض ، وهو يستمع للتقرير اليومى لمراقبه نجله الصغير ، فهو لم يكف عن فعل ذلك منذ خروجه من القصر ، أو إذا صح القول هروبه ، ذلك العنيد الذى لن يمنحه العفو والصفح أبداً ، فكثيراً ما يخرجه عن طوره ، ولا يلجمه عنه سوى أنه ولده 

يبخل عليه بمودته ، ولا يجعله يقترب من صغيرته ، فكم كان يرغب بتدليلها كحفيدته ميس ، فسجود أولاً وأخيراً تحمل دماءهما ، حتى وإن كانت تحمل دماء لعينة بجانب دماءهما ، ولكنها تظل بالأخير من نسل عائلة النعمانى 

فختم الحارس حديثه قائلاً وهو يضع من يده ذلك التقرير اليومى المرفق به الصور :
– كده يا باشا قولتلك على تحركات دكتور راسل كلها هو وعيلته وكمان الصور بتاعة مراقبة النهاردة ، وكمان الصور اللى حضرتك وصيت عليها علشان بنته

بطرف سبابته من يده المستند بها على عصاه ، كان أَمراً إياه بالرحيل:
– طب روح أنت

أنحنى الحارس له إحتراماً وترك مجلس رياض ، فبعد خروجه وإطمئنانه أنه صار بمفرده بعد صرف حرسه ، رفع الصور يطالعها الصورة تلو الأخرى 

فتبسم إبتسامة متألمة وهو يقول بقلة حيلة:
– مش عارف هتفضل راكب دماغك لحد أمتى يا واجع قلبى من ساعة ما جيت على الدنيا دى ، عارف أن غلطت فى حقك كتير وأنك مجروح منى ، بس مفيش مرة قلبك حن عليا وأنا بحاول أصلح غلطى معاك ، عشرين سنة يا راسل معيشنى فى عذاب الضمير ، وبقيتى تخرجنى عن شعورى ، كل ما أحاول أصلح اللى بينا تخلينى أرجع تانى رياض النعمانى اللى كرهته ، وبعدين معاك يا أبنى ، مش كفاية وجدى أخوك راح منى 

تلك العبرة الحارة ، التى فرت من عينيه ، حزناً على ما أصابه ، من موت ولده الأكبر ونفور ولده الأصغر ، لم تكن كافية بالتعبير عما يشعر به ، فمن سيراه لا يصدق أنه بذاته ذلك الرجل ، الذى يطيعه الكبير والصغير ، يسعى الجميع لكسب مودته وقربه ، ولا يردون له أمراً أو كلمة ، سوى ذلك صعب المراس ، ولكن لا ينكر أن عناد ولده يروقه أحياناً ، لأنه يذكره بصباه ، فهو كان هكذا عنفوانى ولا يستطيع أحد أن يلجم روحه الثائرة 

توقفت عيناه على إحدى صور الصغيرة ، فرفعها وقربها من فمه يقبلها ، فبالواقع لم يقبلها من قبل ولا أتاح له راسل فرصة التقرب منها ، فهو عندما كان يرسل لهما نقود أو دمى وثياب من أجل الصغيرة ، كان يردها إليه ثانية ، معللاً أنه لا يريد منه شيئاً ، لايريد سوى أن يتركه بحاله وليحاول النسيان أنه يكون ولده

أقتحمت ميس مجلس جدها بغتة ، فوجدته على تلك الحالة ، فأقتربت منه سريعاً لمعرفة ما أصابه ، فجلست بجانبه وهتفت به بإهتمام :
– جدو مالك فى إيه

وضع رياض الصورة من يده ورد قائلاً بهدوء :
– فى حد يدخل كده من غير إستئذان يا ميس 

بشعور المذنب ، أبدت ميس إعتذارها بصوتها الرقيق:
– أسفة يا جدو بس كنت عايزة أتكلم معاك فى موضوع مهم 

نظر إليها رياض وأصغى إليها بإنتباه ، لمعرفة ما لديها ، ولكنه وجد سوزانا تقترب هى الاخرى بعلامات الغضب ، التى نادراً ما يراها على وجهها ، فشعر بوجود أمر جلل ، جعل ميس وسوزانا ، ينظران لبعضهما كأنهما ستتعاركان 

فتغضن جبينه وهو يقول بشعور الغرابة:
– فى إيه مالك أنت وهى حصل إيه

جلست سوزانا وقالت بإمتعاض وهى تشيح بوجهها عن رؤية إبنتها :
– أسأل بنت إبنك المحترمة عملت إيه من ورانا يا عمى 

إجتاح الضيق حواس ميس من قول والدتها ، فردت قائلة بإستياء :
– ماما لو سمحتى متقوليش كده أنتى محسسانى أن أرتكبت جريمة 

لوت سوزانا رأسها إليها وهى تقول :
– أنتى كمان لسه بتقاوحى ومش عايزة تعترفى أنك عملتى حاجة غلط

دب رياض الأرض بعصاه ، لعلهما تكفان عن شجارهما ، الذى لم يفهم منه شيئاً ، فصاح بهما بحزم :
– بس أنتى وهى أنتوا هتتخنقوا قدامى قولولى إيه اللى حصل منك ليها 

صوته الصارم ، جعل كل منهما تلتزم الصمت بالبداية ، ولكنه أشار لميس بالبدء فى الحديث ، فزفرت بخفوت وبدأت تسرد ما كان من أمرها :

– الموضوع يا جدو أن أنا أتعرفت على شاب هو شاب كويس ومحترم وعايز يتجوزنى ، بس أنا اللى كنت حابة أاجل الموضوع لحد ما أستقر بقرار شغلى ، عارفة أن غلطانة أن مصارحتش ماما من الأول ، بس والله يا جدو ما عملت حاجة غلط الموضوع كله كان بس لو شوفته صدفة فى مكان عام أو مكالمة تليفون ، فلما ماما عرفت زعقت فيا جامد وبهدلتنى
وأنا والله كنت ناوية أقولكم 

إستمع رياض لحديثها حتى أنتهت منه ، فلم يقاطعها بل جعلها تقول كل ما لديها ، ليستطيع الحكم بذلك الأمر بهدوء وروية 

فحدق بها قائلاً بصوت رصين :
– أنتى عارفة يا ميس أن عمرى ما رفضتلك طلب وكل اللى كنتى بتعوزيه بتطلبيه وبيجيلك على طبق من دهب ، بس أنتى مش محتاجة تخبى موضوع زى ده وأمك خايفة عليكى يعنى ما بتسمعيش عن البلاوى اللى بتحصل اليومين دول ، كان المفروض من الأول خالص تصارحى مامتك وبعدين تعرفينا ولو هو شاب كويس أكيد يعنى مش هنرفضه ، وعلشان كده عايزك تخليه يجيلى هنا هو وأهله مش هو لوحده وييجى أخر الأسبوع علشان أكون فضيت له ومفيش كلام بينك وبينه تانى نهائى لحد ما يجيلى مفهوم يا ميس 

أماءت ميس برأسها بالإيجاب ، فربما عليها التخلى عن تصلبها بقرار عملها الآن ، وتنهى ذلك الأمر الخاص بها أولاً ، فنظرت لوالدتها وجدتها تطالعها بهدوء ، كأنها هى الأخرى تأيد قرار جدها ، فهى تعلم أنها لن تسمح لها بأن يستمر أمرها بالسر ، مثلما كانت تفعل ، فتركت مكانها وذهبت لغرفتها ، أخذت هاتفها واخبرته بما لديها ، فأنهت المكالمة معه على وعد منه بأنه سيكون بالقصر بالموعد المحدد
_______________
وصلا بسيارته للمشفى ، بعدما أوصلا الصغيرة لروضتها ، فترجلا من السيارة ، ومد يده لها ، فوضعت يدها بكفه بإستحياء وهى تسير بجانبه ويراهما العاملين بالمشفى ، حتى وإن كانوا يعلمون أن هى زوجته ، لم يستطيعون فهم تلك الزيجة المفاجئة له ، وهو من كانت تتودد له النساء ، ولكنه لم يعيرهن إنتباهاً 

فمالت إحدى الممرضات على أذن صديقتها وهى تقول :
– أنا هموت وأعرف أتجوز إزاى وهو كان باين عليه أنه هو وميس النعمانى قريبين لبعض أوى ، دا اللى كان يشوف معاملته ليها يقول أنه مستحيل يبص لواحدة تانية بس نقول ايه ما كانت هند الصاوى قبل منها وطلعوا كلهم من المولد بلا حمص وراح اتجوز واحدة تانية خالص

تبسمت الممرضة الأخرى وهى تقول بدهاء :
– أنتى كمان متعرفيش مراته دى كانت خطيبة مين قبل منه

هزت رفيقتها ذراعها عدة مرات لتحثها على إخبارها بما لديها ، فقالت بإلحاح :
– كانت خطيبة مين ها وتعرفيها منين أنتى شوفتيها قبل كده

حركت رأسها بالإيجاب وهى تقول:
– أيوة أعرفها دى كانت خطيبة الدكتور نادر اللى كان شغال هنا فكراه ؟ حتى أنا كمان حضرت خطوبتهم ولسه فكراها وجت هنا المستشفى قبل كده ، أنا الوش اللى أشوفه مبعرفش أنساه بسهولة 

قضمت الممرضة الأخرى شفتها السفلى بدهشة وقالت:
– يا خبر يعنى خد خطيبة دكتور كان شغال عنده

نظرت زميلتها بالورق بين يديها وهى تقول:
– وليه متقوليش أن هى اللى خدته لما شافته وحلى فى عينيها وقالت بدل متتجوز دكتور شغال فى مستشفى زى ده تتجوز صاحب المستشفى نفسها وكده تبقى هى الكسبانة كمان ، طلعت بت ناصحة وواعية كمان مش زينا خيبة

ظلتا تتهامسان ولكنهما لم تنتبهان للواقف خلفهما ، فهو عندما رآى حياء تتأبط ذراع صاحب المشفى ، لم يصدق عيناه أنه رآها ثانية ، فهو كان يفكر أين ذهبت بعد هروبها من المنزل ؟ ليعلم الآن أنها تزوجت 

لم يخرج من شروده إلا على وكز زوجته له بكتفه وهى تقول:
– فى إيه يا شكرى واقف هنا ومتنح كده ليه ولا إيه عجبوك الممرضات يأبو عين عايز يدب فيها رصاصة وديل عايز قطعه

أرتفعت شفته العليا وهو يقول بإمتعاض : 
– فى إيه يا قسمت ممرضات إيه وبتاع إيه دلوقتى دا فى حاجة أهم عرفتها 

زفرت من أنفها بضيق وقالت :
– خير حاجة إيه دى المهمة اللى عرفتها يا شكرى لخص وهات من الاخر مليش دماغك ليك ، وكمان لسه هشوف جنان بنتك علينا 

تبسم شكرى قائلاً بخبث :
عارفةشوفت مين من شوية ومش بس كده طلعت مرات صاحب المستشفى 

ردت قسمت قائلة بعدم إكتراث:
– هتكون مين يعنى اللى شوفتها  السفيرة عزيزة يا أخويا

تبسم ضاحكاً من قولها ورد قائلاً :
– لاء وحياتك دى حياء بنت أخوكى سابقاً وحالياً حرم الدكتور راسل صاحب المستشفى 

أرتفعا حاجباها تزامناً مع فمها المفتوح فى دهشةٍ مما سمعته ، فهى لم تكترث بشأن حياء بعد ذهابها من المنزل ، وكم كانت تمنى نفسها أن تلقى الذل والهوان بقدر تلك السنوات ، التى عاشتها برغد من العيش بكنف أخيها الراحل ، بينما هى عانت الحاجة والفقر ، وأخذت هى حقوق كان من المفترض أن تكون لها 

ولكن أن تسمع الآن أنها تزوجت ولم يكن زوجها سوى طبيب ثرى ، فيكفى هذا المشفى الذائع الصيت كصاحبه 

فما هذا الحظ الذى تملكه تلك الفتاة ؟ 

هكذا ظلت تسأل نفسها بحقد بين لم تستطيع إخفاءه وهى تتفوه بتلك الكلمات :
– بنت المحظوظة هى البت دى إيه حظها دايماً ضارب فى السماء كده ، أنا قولت أنها هربت من البيت وأتجوزت اللى اسمه نادر ده وغاروا لكن إزاى أتجوزت صاحب المستشفى 

– تتجوز نادر إيه هو أصلاً حد شاف وشه من ساعة فتح الوصية وعرف أنها مش بنت أخوكى
قالها شكرى بدون أن ينتبه ، فوضع يده على فمه ، بعدما أدرك زلة لسانه 

فعقدت قسمت حاجبيها وتساءلت :
– إزاى يعنى مش أنت قولت أنك لقيتهم مع بعض وهربوا من البيت يوم ما طفشت 

رد شكرى قائلاً بتلعثم :
– اا أنا قصدى يعنى أنتى مشوفتهوش لكن انا أه شوفته ثم يلا نشوف بنتك أحسن ما تكون عملتلنا مصيبة

سحبها من مرفقها ، وهى تحاول أن تزن حديثه بعقلها ، ولكن ربما انشغالها بما تنتوى هبة فعله ، جعلها ترجئ التفكير بهذا الأمر لاحقاً

فأمام إحدى غرف العناية الفائقة ، وأثناء وقوف هبة أمام الزجاج الفاصل بينها وبين زوجها المستلقى على الفراش ، ولا يأتى حراكاً ، بل تسمع صوت صافرات تلك الأجهزة الطبية المتصلة بجسده 

مدت يدها تمسح عينيها ، فشعرت بملمس يد على كتفها ، فألتفتت خلفها ورأت حياء ، فسرعان ما ألقت بنفسها بين ذراعيها وهى تبكى بصوت مسموع

فربتت حياء على ظهرها ، ولم تستطع التحكم بعبراتها ، التى  انسكبت من عينيها حزناً على رؤيتها ورؤية زوجها المصاب 

فقالت بمواساة :
– إهدى يا هبة إن شاء الله هيبقى كويس ربنا يشفيه ويعافيه يارب

– يارب يا حياء يارب
قالتها هبة برجاء طغى عليه صوتها الباكى والمتحشرج ، فأبتعدت عنها ، لعلها تنظر لها جيداً ، فحدقت بها وأكملت حديثها وهى تقول:

– بس أنتى عرفتى إزاى وطمنينى عليكى أخبارك إيه

حاولت حياء الابتسام من بين دموعها وقالت:
– الحمد لله كويسة وعرفت من جوزى اصله هو الدكتور صاحب المستشفى واللى عمل العملية لجوزك ، دكتور راسل

– أنتى أتجوزتى يا حياء وأنا معرفش 
قالتها هبة بما يشبه العتاب 

ولكن أسرعت حياء لإيضاح أسباب عدم إخبارها وهى تقول بصدق :
– أنا والله خفت أقولك وأنتى عارفة مامتك وباباكى كانوا ممكن يعملوا إيه فمتزعليش منى

لم تكن هبة بوضع يخولها أن تجادل بشأن ذلك الأمر ، الذى تعلم أن لديها أسبابها الكافية بتجنب والديها 
ظلتا تتحدثان بعض الوقت ، وكانت راحتها ستدوم لولا مجئ قسمت وشكرى ، فحياء عندما رأته أترجف بدنها لا إرادياً ، كأنها تذكرت فجأة ما كان سينتوى فعله بها 

فتراجعت خطواتها للخلف ، ورآت تلك الابتسامة البغيضة على وجهه وهو يدقق النظر بها ، وهو أتياً خلف زوجته 

فنظرت لهبة وقالت مسرعة :
– طيب يا هبة هجيلك تانى أطمن عليكى 

قبل أن تخطو خطوة واحدة ، كانت قسمت الأسبق بالقول :
– عاش من شافك يا حياء مسير الحى يتلاقى 

رفضت قدميها الحركة ، كأنها تحالفت مع ذلك النفور والكره ، الذى ملأ جنبيها ، فلا تعلم لما تشعر برغبة فى الثأر منهما الآن ، وعلى مسمع ومرآى من الجميع ، فهما هدم حياتها ، وكان ذلك الرجل الخبيث ، على وشك القضاء عليها بخسة ودناءة 

فتبسمت حياء بدون مرح وهى تقول ببرود ، ربما أجادت إكتسابه من زوجها :
– فعلا مسير الحى يتلاقى يا عمتو ولا أقول يا قسمت

قالت قسمت وهى تتبسم بسخرية :
– بقيتى تعرفى تتكلمى وتردى كمان الله يرحم القطة المغمضة اللى كانت بتخاف من خيالها

مدت حياء عنقها للأمام وهى تقول بزهو :
– دا كان زمان حياء دلوقتى بقت حاجة تانية غير حياء اللى تعرفيها أنتى وجوزك عديم الشرف والدين

حدق بها شكرى ، وعيناه تطلق سهام تكاد تنفذ من خلال جسدها وهو يصيح بإنفعال:
– ما تحترمى نفسك يا بت أنتى مش كفاية كنا ساترين عليكى وعلى عمايلك

رآى شكرى راسل يقترب منهما ، فوجدها فرصة سانحة ، لتخريب ما يمكن تخريبه بينها وبين زوجها ، فأكمل حديثه ، كأنه لم يراه :

– مش كفاية كنتى ماشية على حل شعرك مع خطيبك وقفشتكم مع بعض ولما سرك انكشف هربتى من البيت 

شعور الصدمةٍ والدهشةٍ من حديثه المهين ، جعل قدميها ترتد للخلف دون وعى منها ، فلم تشعر سوى بإصطدامها بجسد خلفها ، فإستقبلها بين ذراعيه ، قبل أن تبتعد أكثر 

فأرتعبت من وضعها ، وإستدارت بين ذراعى ذلك الذى إصطدمت به ، ولم يكن أحد سوى زوجها 

فنظرت إليه بعينان على وشك البكاء وهى تقول:
– راسل شوفته بيقول عليا إيه ، أنا أنا والله....

قبل أن تفه بكلمة أخرى ، وضع يده على فمها وهو يأمرها بحزم أن لا تقول شيئاً :
– هششش بس يا حياء 

ظنت أنه صدق حديث شكرى عنها ، فقبل أن يملأ الذهول كيانها ، رآته ينظر لشكرى قائلاً بشعور مبهم :
– الكلام اللى قولته لمراتى ده مش هيعدى بالساهل وهحاسبك عليك وأولهم دى

كور قبضة يده ولكم شكرى بوجهه ، فأختل توازنه وسقط على الأرض ، فلا تعلم قسمت لما شعرت بالخوف من هيئته الشرسة ، فألتزمت مكانها ، بل أنها ألتصقت بالجدار خلفها ، فقبل أن تعم الفوضى وينتبه العاملين بالمشفى ، أخذ راسل حياء من يدها وهو يجرها خلفه ، وولجا للمصعد الكهربائى ، ليهبطان للدور السفلى ، فبعد أن أنفتح باب المصعد ، أخذها وذهب لغرفة مكتبه

أغلق الباب وهو يحاول تنظيم أنفاسه ، فلو لم يكن يخشى حدوث فوضى بالمشفى ، لربما كان تصرفه سيكون أشد حزماً وصرامة مع ذلك الرجل المدعو شكرى

جلست حياء على الأريكة الجلدية ، ووضعت وجهها بين يديها ، فقبل أن تبدأ بنوبة جديدة من نوبات بكاءها التى لا تنتهى ، كان جاذباً إياها وأسكنها بين ذراعيه 

فمسد على رأسها بحركات متتابعة وهو يقول بحنان :
– مش عايزك تعيطى يا حياء ولا تخلى كلام الراجل ده يأثر عليكى أنا عارف أنه بيكذب

رفعت عيناها إليه وهى تقول بصوت مهزوز :
– دا بيفترى عليا يا راسل دا هو المجرم اللى كان حاول يعتدى عليها وضربته وهربت من البيت قبل ما يعمل فيا حاجة وحصل واتقبض عليها وأنت شوفتى فى القسم ، أنا عارفة أن مرضيتش أقولك إيه السبب وقتها بس مكنتش حابة ابقى مكسورة قدام حد بس وحياة حبى ليك هو ده اللى حصل 

تصلب جسده على الفور ، بعد سماعه ما كان ينوى ذلك الرجل أن يفعله بها ، فأبعدها قليلاً عنه وهو يقول بعينان متسعتان بغضب عارم :

– بقى هو كان هيعمل فيكى كده وغلاوة بنتى ما هسيبه وهجبلك حقك تالت ومتلت منه وهندمه ندم عمره

– راسل متتهورش وتعمل حاجة تضر تفسك بيها

قالتها حياء بخوف ، فإن كانت تعلم مدى حنانه وعطفه على من حوله ، ولكن تلك النظرة بعيناه تراها لأول مرة ، كأن وحش أستيقظ بداخله ، ولا تعلم هل يجب عليها أن تشعر بالخوف أو بالأمان ؟ ولكن لم يكن خوفها على شئ إلا عليه من أن يتسبب لذاته بضرر ، ربما هما بغنى عنه بحياتهما  
_______________
ضيق عينيه وهو جالساً يراقبها منذ ما يقرب من النصف ساعة تقريباً ، فهى زرعت الحديقة بأكملها ذهاباً وإياباً ، ولا يعلم كيف لم تشعر بالتعب ، والحديقة شاسعة وربما أصاب قدميها التقرح وهى تسير هكذا حافية وبدون حذاء 

فتارة تمد يدها وتقطف وردة وتنزع أوراقها تباعاً بشرود ، وتارة أخرى يراها تشير بيدها كأنها تحدث أحد أمامها ، فما الذى أصابها ؟

لم ينتظر دقيقة أخرى فخطا بخطواته تجاهها ، وأمسكها من كتفيها ليجعلها تكف عن الحركة ، فهتف بها بقلق :
– غزل مالك فى إيه جرالك إيه النهاردة أنتى مش حاسة بوجع فى رجلك كده وأنتى ماشية حافية 

أحنت غزل رأسها ونظرت لقدميها ، فهى لا تنتعل حذاء ، فهى لم تنتبه لهذا ، إلا بعد أن جعلها معتصم تنتبه لحالها 

ولكنها لم تقول سوى عبارة مبهمة :
– هو ممكن اتنين يبقوا عندهم نفس الشامة يا معتصم وفى نفس المكان

قطب معتصم حاجبيه قائلاً بغرابة:
– مش فاهم حاجة وهم مين دول اللى عندهم نفس الشامة تقصدى إيه 

أغمضت عينيها وحاولت أن تستنشق أكبر قدر من الهواء ، لعلها تهدأ من عواصف أفكارها ، فأرادت صرف تفكيره عما قالته ، فحدقت به متسائلة :

– سيبك من الكلام ده وقولى عملت ايه مع البنت فات كام يوم وأنت مقولتليش حاجة جديدة مش قولت هتروح تعرف رأيها

سحب معتصم يديه من على كتفها ، وتهدلتان بجانبه ورد قائلاً بشعور قوى بالإحباط :
– بقالى كام يوم اروح المحل ألاقيه مقفول وأروح البنك يقولولى واخدة إجازة مش عارف فى إيه تكنش بتتهرب منى يا غزل

رفعت غزل يدها ، ووضعتها أسفل ذقنه ، لتجعله ينظر لها ، فحاولت الابتسام بوجهه وهى تقول:

– إيه التشاؤم ده ما يمكن الله أعلم فى حاجة حصلت أصبر على رزقك يا معتصم مش هتلحق من دلوقتى تحط إفتراضات من دماغك بلاش سوء ظن 

– وما بتقوليش الكلام ده لنفسك ليه يا غزل

صدحت تلك الجملة من فم عاصم ، الذى ولج لتوه ، فهو لم يخبر الخادمة بمن يكون هو ، فهى لو كانت ستعلم بمجيئه ، فلن تجعل قدميه تخطو خطوة واحدة داخل القصر ، ولكن ربما بحيلة بسيطة ، إستطاع الدخول للحديقة بعد علمه أن سيدة القصر جالسة بحديقته

شقت الدهشة شفتيها ، فخرج حديثها متلعثماً :
– اا أنت جيت هنا ليه ودخلت لحد هنا إزاى يا عاصم 

رد عاصم قائلاً بتفكه :
– دخلت من الباب هدخل منين يعنى يا غزل

أقترب معتصم منه ، فجذبت غزل ذراعه لتجعله لا يقترب أكثر منه ، فهتفت به بأمر حازم :
– معتصم سيبنى معاه شوية 

عندما حاول معتصم فتح فاه للإعتراض ، رفعت غزل يدها تشير له بالانصراف ، فعلى الرغم من ذلك ، مازال لديها سلطان الأمر عليه وأحيانا على عمران 

تركهما معتصم ، ولكنه لم يبتعد كثيراً ، فبإمكانه رؤيتهما بوضوح من مكانه الجالس به ، ولكن هاتفه الذى لم يكف عن الرنين جعله يلج لداخل القصر 

مدت غزل يدها وغرزتها بين خصلات شعرها وأعادته للخلف وهى تقول بلامبالاة :
– خير إيه اللى جابك أنت إيه حكايتك يا عاصم مرة تجيلى الفندق ومرة تجيلى هنا

حركة يدها وخصيلاتها المتمردة التى سرعان ما عادت تحيط وجهها ، ذهبت بالبقية الباقية من تعقله ورزانته بكبح جماع نفسه المشتاقة إليها ، فلم يكن رده على ما قالته ، سوى عناق أختزن حرارته بداخله منذ ما يقرب من أثنى وعشرين عاماً 

كاد يزهق أنفاسها ، فتلك النيران يجب أن تطالها هى الأخرى ، لتدفع ثمن جرريتها بحقه وهجرها له طوال تلك الأعوام

كلما حاولت دفعه عنها ، تجده يحكم سيطرته عليها أكثر ، فعظامها على وشك الكسر من ضغطه ذراعيه 

نجحت أخيراً بدفعه عنها ، بعدما شعرت بأنفاسها تكاد تتلاشى فوجهها صار محتقناً بالدماء ، وعيناها ساخطة لما فعله بها 

فصرخت بوجهه قائلة بحدة :
– إنت مجنون إزاى تعمل كده وتقرب منى بالشكل ده أنت أتجننت يا عاصم

أمسك ذراعها وهزها بشئ من الضيق ، كلما تذكر تصريحها الغبى بأن فواز خطيبها ، فقال من بين أسنانه المطبقة بغيظ عظيم :

– وفيها إيه يعنى لما أقرب من مراتى فيها مشكلة دى كمان يا غزل هانم يا حرمى المصون
________________
يتبع...!!!!!!!
أنار الله دروبكم وأسعد قلوبكم وفرج كروبكم ورزقكم سعادة الدارين ❤️❤️❤️


  •تابع الفصل التالي "رواية لا يليق بك إلا العشق" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent