Ads by Google X

رواية التل الفصل الثلاثون 30 - بقلم رانيا الخولي

الصفحة الرئيسية

  

 رواية التل الفصل الثلاثون 30 -  بقلم رانيا الخولي 

رواية الـتـل
رانيا الخولي
الفصل الثلاثون 
……..…….

في المشفى 
انقلبت المشفى رأساً على عقب فور دوي صوت توقف جهاز القلب الذي اعلن عن توقفه بعد محاولات كثيرة لعودته للحياة لكنها باءت بالفشل وأعلن عن حالة وفاة حسان الخليلي
لم يستوعب مراد ما سمعه
كيف أن يكون حسان داخل المشفى كل تلك المدة ولم يعلم عن وجوده شيء 
سأل مراد الطبيب الذي كان يتابع حالته
_ كيف يكون حسان الخليلي إهنه ومحدش يدرى.
هز الطبيب كتفيه بحيرة
_ اهله هما اللي رفضوا نعرف حد.
قطب جبينه بدهشة وسأله 
_ أهله مين؟
فكر عادل قليلًا ثم اجابه
_ تقريباً اسمه خالد ومشفتوش تاني بعدها غير النهاردة.
تلاعب الشك بقلب مراد ثم عاد لمكتبه يحاول الإتصال بجواد 
حاول مرة وأخرى لكنه لا يجيب فقرر الاتصال بعامر كي يفهم منه ما يحدث وأين هم من ذلك.
       ______________

دلف عامر منزله وهو يشعر بالسرور لعودة ابنه وزوجته، ويقضي مع عائلته التي لم شملهم بعد طول عناء لحظات حلم بها كثيرًا 
فاليوم سيطمئن على ياسمين مع زوج يستحقها ويأخذ زوجته ويعود مع جواد للمزرعة كي يكون قريباً من والده فرغم كل شيء لن يستطيع الابتعاد وتركه وحيدًا.
دلف المطبخ فيجد زوجته وابنته يتناقران كعادتهما على نوعين الطعام
_ ياالله منك ياسمين ما بيصير هيك لازم تتعملي كل الأكلات راح تعيشي هون لوحدك مع زوچك ولازم انتي بنفسك تعملي هيك شغلات.
نظرت إليها بيأس وقالت
_ يا أمي الله يرضى عليك دي أكلات لبناني متمشيش عندنا هنا لو هتعلم هتكون أكلات مصرية 
_ لا بدي اعلمك كل الأكلات كرمال تكوني ملهمة بكل شي، خلينا نبدأ باللبناني.
_ وبعدهالكم عاد هتفضلوا إكدة كيف ناجر ونجير؟
قالها عامر وهو يتقدم من ياسمين يقبل رأسها وقالت كندا
_ أي عامر بدي اعلمها كل شيء لازم تتعلم هيك شغلات كرمال زوچها زي ما كنت بعمل معك.
ضحك عامر بسعادة عندما تذكر لحظاتهم معًا داخل المزرعة وإصرارها على إعداد الطعام لهما
_ فكرتيني بالأيام دي يلا الله يسامحه اللي كان السبب 
المهم آدم كلمني دلوجت وجالي أنه راچع مع عمته بالطيارة لجل ما يوصلوا على طول وبكرة هنكتب الكتاب إن شاء الله.
ابتسمت كندا بسعادة 
_ يارب تكون زواچة الهنا إلهم .
انتبهوا لصوت هاتف عامر الذي اعلن عن اتصاله فأخرجه من جيبه فيتفاجئ بمراد
اندهش من اتصاله ثم اجاب
_ السلام عليكم 
رد مراد من الجانب الآخر 
_ وعليكم السلام فينك يا عمي؟
اندهش عامر أكثر واجاب بترقب
_ في مصر، خير يا ولدي؟
علم مراد بأنه لا يعرف شيء فوقف حائرًا لا يعرف ماذا يفعل 
_ انا بكلمك من المستشفى، البقاء لله 
انقبض قلب عامر ولم يفهم ما يقوله
_ البقاء لله في مين؟
اندهش مراد أكثر ورد بحيرة
_ انت متعرفش إن الوالد كان تعبان ومحجوز في المستشفى؟
تسارعت وتيرة دقاته ولم يستطيع سؤاله عما إذا كان والده هو المقصود أم لا وأردف مراد
_ مات من ساعة إكدة.

سقط الهاتف من يد عامر وهو لا يستوعب ما سمعه الآن.
كاد أن يسقط لكن يداي ياسمين وكندا أمسكا يده وساعداه على الجلوس على المقعد وسألته كندا
_ شو بك عامر 
سألته ياسمين بخوف
_ مين اللي مات؟

لم يستطيع الرد فقالت كندا بقلق
_ عامر ما تتركنا هيك قول شو في؟
_ صحيلي جواد بسرعة، جوليله لازمن ننزل الصعيد لأن جده مات.
لم يستوعب كلاهما ما سمعاه وخاصة ياسمين التي سألته بعدم استيعاب 

       _________________

لم يستوعب جواد بدوره ما سمعه الآن ونظر إليها بعدم استيعاب 
_ انتي بتجولي ايه؟
هزت راسها بألم
_ مراد لسة مكلم ابوك دلوجت وهو اللي جاله.
عاد جواد لغرفته يبحث عن هاتفه فيجد اتصالات كثيرة من مراد ويحيى 
اتصل بمراد الذي لم يعطيه فرصة للرد
_ ايوة يا مراد ايه اللي بيحصل بالظبط
انتهى مراد من معاينة حسان وقال بثبوت
_ اني معرفتش غير دلوجت إن جدك في المستشفى من فترة طويلة والنهاردة القلب وقف وللأسف مجدرناش نعمله حاچة.

زم جواد فمه دلاله على مدى سخطه عليهم وقال بقوة
_ اوجف اي اجراءات هتتعمل لحد ما ارچع.
اغلق الهاتف ونظر لتوليب التي خرجت من المرحاض وهي تنظر إليه بقلق
_ في ايه يا جواد؟
ضغط على شفتيه يحاول السيطرة على حريق قلبه وقال بأمر
_ چهزي نفسك عشان راچعين التل.
لم يترك لها فرصة لسؤاله عن شيء ودلف المرحاض وأغلق الباب خلفه بقوة

ارتدت توليب حجابها وخرجت تبحث عن ياسمين كي تفهم منها فوجدتها تلملم ملابسها وتبكي بألم، تقدمت منها لتربت على كتفها وتتمتم بتأثر
_ البقاء لله يا ياسمين.
تطلعت إليها ياسمين بألم مغمغمة
_ مش متخيلة يا توليب إني حسان الخليلي يتمحي في لحظة من الدنيا إكدة
ألقت نفسها داخل حضن توليب وأخذت تبكي بحزن
فرغم جبروته وقوته إلا إنها تكمن له حبًا واحترامًا.
لم تجد توليب الكلمات التي تهون بها عليها لذلك اكتفت بضمها وتركتها تبكي حتى دلف جواد وهو يقول بأمر 
_ يلا عشان حچزت طيران.
ساعدتها توليب في تجهيز حقيبتها ثم خرجوا جميعاً من المنزل متجهين إلى المطار 
لم تكف ياسمين عن البكاء اما كندا فلم يرف لها جفن وهي تتذكر قسوة ذلك الرجل وجبروته معها 
لم تسامحه ولن تفعلها وستظل تبغضه حتى آخر رمق لها.

وجواد الذي جلس في مقعده بملامح مبهمة لا توضح شيئاً 
أما عامر فقد كان الندم حليفه لتركه كل ذلك الوقت ولم يسأل عليها مطلقًا 
تركه في يد أحفاد يعلم جيدًا مدى كرههم له
ظل كل واحد بتفكيره حتى وصلوا للبلدة 
وأثناء خروجهم من المطار أمسكت توليب في يد جواد لا تعرف إذا كانت تدعمه أم تطلب منه الدعم 
تطلع إليها بنظرته المبهمة والتي لا توضح شيئاً ثم نظر أمامه بصمت مطبق.
نظر عامر لزوجته وقال 
_ اني اتصلت على السواق  عشان يوديكم القصر وأني وجواد هنروح المستشفى لجل ما نخلص الاجراءات.
تبدلت ملامح كندا وتمتمت برفض 
_ ما بقدر عامر خليني اروح عـ المزرعة افضل.
هم بالاعتراض لكن جواد تحدث بحكمة
_ خليهم يروحوا على المزرعة دلوجت انما ياسمين هتروح تحضر العزا في الجصر.
تنفست توليب الصعداء وقد شعرت بعودة الدماء لوجهها بعد أن رفع عن كاهالها ذلك الحمل الثقيل 
توقفت سيارتان أمامهما فصعدت توليب وكندا وكذلك ياسمين 
والسيارة الأخرى لجواد وعامر
        ______________

اقتحم خالد وعدي مكتب مراد عندما رفضت المشفى تسلميهم جسمان حسان بأمر من مراد 
فصاح به عدي
_ انت ازاي تمنعنا ناخد جدنا من اهنه؟
تطلع إليهم مراد بفتور 
_ اني ممنعتش حد كل الحكاية أن عامر بيه هو اللي أمر باكدة، الموضوع ده اني مليش صالح بيه
ازداد غضب خالد أكثر وتحدث بانفعال
_ وهو يادوبك افتكر انه ليه اب يسأل عليه
نهض مراد من مقعده وتقدم منه ليحدثه بمغزى
_ وهو ده بجا اللي چاي يحجج فيه
ضرب على كتفه بقوة وتابع بتهديد مبطن
_ وفي حاچة رايد اعرفهالك، إن في حاچة اسمها آداب استئذان لأن الموضوع ده بيعصبني جوي وانت متعرفش اني لما بتعصب بعمل أيه؟
لم يرتاح خالد لمغزى حديثه ولهذا التزم الصمت أما عدي فقد هدر به 
_ أوعى تفتكر إن عشان ليك نسبة في المستشفى دي هيديك الحج تتصرف كيف ما بدالك فيها….
قاطعه مراد بقوة اجفلتهم
_ كلمة زيادة وهخرچك برة المستشفى خالص وهمنع دخولك فيها واتفضلوا برة عشان چواد كلمني وچاي عشان يستلم جده هو وأبوه
هم عدى بالرد عليه لكن خالد منعه فهو يعلم مراد جيدًا لا يهدد دون تأكيد فانسحبوا بهدوء تاركين مراد ينظر إليهم باستهزاء.

دلف عامر وجواد المشفى مارًا من جوار أولاد عمه ناظرًا إليهم بتوعد ودلف غرفة مراد 
أما عامر فقد تقدم منهم وأمسك بتلابيب خالد وتحدث بغضب
_ لولا إننا في مستشفى والناس عينها علينا كنت عرفتك مجامك صح بس حسابنا هيكون في البيت 
نظر إلى عدى وقال بحدة
_ كنت فاكرك راچل بس طلعت احقر منيه.

خرج جواد مع مراد من الغرفة وتوجهوا لغرفة حسان لكن قدم جواد توقفت على أبواب الغرفة
لا يتخيل هيئة حسان وهو مستلقيً على الفراش دون حراك.
تلك الهيبة وذلك الجبروت لم يتخيل يومًا أن يمحيهم الزمن بلحظة كتلك.
كان يظن دائماً ان ذلك الرجل لن يموت وإذا مات سيكون قبله ولن يرى تلك اللحظة 
نعم ناقمًا عايه ويحمله مسؤولية ما حدث له 
لكن لا يعرف لما يشتاقه تلك اللحظة 
لما يرفض أن يرى حسان الخليلي في ذلك الوضع.
ازدرد لعابه بصعوبة وهو يدلف الغرفة يقدم قدم ويأخر أخرى حتى رآى جسده الساكن على ذلك السرير 
لم يستوعب حتى الآن وعقله يرفض بشدة 
ما يراه أمامه.
يظن الجميع أن كل شيء قد انتهى بموته ولا يعلموا بأن الأمر ابتدى بموته، أو بمسمى أفضل قـ.ـتله.

انتهت الاجراءات وها هو يخرج محمولاً على الأكتاف ويذهب لمسواه الأخير.
 
الجميع حوله
منهم من جاء بدافع الواجب ومنهم بدافع الأجر والثواب ومنهم من جاء كي يشمت به
ومنهم من تعجب لأمر الإنسان يعيش حياته أما ميسر او مخير وبالنهاية يكون مجبر على الاستلقاء داخل ذلك المكان الموحش.
رفض جواد مساعدة احد له بحمل جده ووضعه في مكانه المنشود
فرغم كل شيء لن يسمح أن يكون جده حملاً ثقيلاً على أحد.
وها هو يتركه كحال الجميع ويرحل
لأول مرة يشعر بالضعف لأول مرة يشعر بالوحدة وكأن جده من كان يستمد منه القوة والصلابة
أراد أن يعود إليه ويظهر ضعفه أمامه ويطلب منه السماح لتركه بين يدي تلك الوحوش
تذكر حينما طلب منه العودة وكأنه لا يأمن غدره ويود أن يتحامى به وكيف خذله ورفض العودة إليه 
نعم أخطأ وظلم وهو اكثر من عانا بظلمه لكن قلبه الآن يسامحه
لا يتذكر سوى حاچته إليه 
      _______________

عادوا إلى القصر ليقيموا العزاء وقد عاد فايز وزوجته عندما علموا بالأمر 
وكذلك كندا وتوليب الذين ذهبوا مجبرين كي يكونوا بجوارهم في تلك اللحظة 
كندا تعلم جيدًا مدى تعلق زوجها بوالده رغم كل شيء فعله معهم ولذلك وافقت على الذهاب ورؤية تلك المرأة التي شاركت في تعذيبها وحرمانها من أولادها.
لكنها اليوم تدخل بكبرياء وتجلة
وقفت أمام كريمة التي بادلتها النظرات بأخرى حاقدة ناقمة وقالت بتشفي
_ البقاء لله كريمة اول ما چواد ابني خبرني قلت ما بيصير لازم اعمل الواچب واعزيكي انتي كنة ها البيت الأرملة والمطلقة ولا شو رأيك؟
_ چاية تشمتي في الموت؟
هزت كندا رأسها بنفي 
_ لا ها الشئ ما بيصير فيه شماته، الشي الوحيد اللي چاية اشمت فيه زي ما بتقولي هو انتي كريمة
تقدمت منها خطوة أخرى وتابعت
_ چاية اعرفك إني بقيت صاحبة ها القصر زيك لااا أكتر بكتير منك، الارملة والمطلقة ما إلها شي إنما انا بما إني كنة ها القصر فأحب اقولك انك ضيفة عندي والضيف له واچبه واحترامه، وأكون صريحة أكتر انا كنت رافضة إني ارچع لـ ها القصر بس بعد ما شوفتك قررت أرچع واعيش هون مع بنتي وكنتي.
تظاهرت بالتذكر وتابعت
_ اه نسيت اقولك إن چواد راح يرچع القصر من ها اليوم راح نتچمع متل الأول يا كريمة خانو.
تركتها كندا وجلست على احد المقاعد تأخذ العزاء وكريمة تنظر إليها بحقد أعمى 
لم تتخيل أن تعود غريمتها وأن تتبجح بموت حسان الخليلي 
التزمت الصمت مجبرة فهي حقًا ليست في موضع قوة ولا احد يعرف ما تخبئه وصية حسان.

بعد انتهاء العزاء تقدمت نعمة التي بعثها جواد للقصر هي ووالدتها كي يبقوا بجوار توليب وكندا 
_ ست توليب جواد بيه خلاني اطلع الشنط في الأوضة لو رايدة ترتاحي شوية
قالت ياسمين 
_ اطلعي ارتاحي انتي هو العزا خلص ومفيش داعي تفضلي جاعدة إكدة.
وافقت توليب وصعدت معها الغرفة لعدم شعورها بالراحة في ذلك المكان
ولكن فور دخولها للغرفة ازداد شعورها بالنفور من ذلك القصر وتلك الغرفة خاصة 
تود ان تعود لمنزلهم في المزرعة وينعموا بدفئه لكن برودة ذلك المكان تجعلها تشعر بالاختناق 
لكن عليها التحمل قدر الإمكان لأجل زوجها
فتحت الخزانة فوجت ملابسها قد وضعت داخلها وكذلك ملابس جواد
قامت بتبديل ملابسها وأخذت هاتفها كي تخبر والدها ووالدتها بامر العزاء 
فقد تناست ذلك الأمر
انتبهت على دخول كريمة دون ان تطرق الباب فنهضت توليب قائلة
_ أظن إن الافضل تخبطي الأول قبل ما تدخلي.
تقدمت منها كريمة وهي تنظر إلى منامتها التي اظهرت مدى جمالها وقالت بغيرة
_ وانتي بجا اللي هتعرفيني ادخل اوضة بنتي كيف؟
اجفلت توليب إثر معرفتها لكنها استطاعت اخفاءها وقالت بثبات
_ معدش اوضة بنتك دي اوضتي انا واللي يدخل فيها يدخل باستئذان.
انفعلت كريمة من ردها ودنت منها أكثر وهي تقول بحدة.
_ اوعى تفتكري إن وجودك إهنه هتمحي بيه ذكريات بنتي
شمس هتلاجيها معاكي في كل مكان
أشارت على الغرفة وأردفت
_ الاوضة دي بنتي اللي اختارتها على ذوقها وحتى الفرشة اللي نايمة عليها دي بنتي نامت عليها جبلك 
بسريرها ومرايتها ودولابها كل حاچة فيها بنتي سابت ذكرى فيها حتى جواد هي اول زوجه وأول واحدة يلمسها ويخلف منها انتي بس اخرك تاخدي اللي تركته وراها.
كانت توليب تنظر إليها بجمود وملامح لا تظهر تلك النيران التي استطاعت تلك المرأة أن تشعلها بداخلها لن تسمح لها بالتشفي بها فقالت توليب بثبوت
_ وانا راضية باللي بنتك سابته وكفاية عليا إني اول حب في قلب جواد 
أنا اللي حبها في الوقت اللي كانت بنتك زوجه ليه وهو مجبر عليها 
أنا اللي لمسته ليا لمسة كلها حب ورضى مش مجرد تراضي وخلاص 
انا اللي مستعد يحط الدنيا كلها بين ايديا عشان ابتسامة حب مني مش العكس ابداً.

استطاعت أن تحقق مبتغاها واشعلت النيران في قلب كريمة والتي كشرت عن انيابها وهي تكشف عن شعرها و تقول بتوعد
_ وحياة ده وما يبجى على حرمة إن ما طلعتك من البيت ده زي ما طلعت حماتك من جبليكي.
ابتسمت توليب باستفزاز وتمتمت بتروي
_ عادي أعلى ما في خيلك اركبيه، واتفضلي بقا عشان جوزي زمانه راجع ويا دوب الحق اغير هدومي.
إن كانت النظرات تقـ.ـل لكانت توليب غارقة بدماءها الآن 
خرجت من الغرفة وتركت توليب تنظر إلى الغرفة باختناق
لما فعل بها ذلك؟
لما قبل عليها أن تسكن تلك الغرفة التي سكنها مع زوجته الأولى
نظرت إلى الفراش وهي تتخيل اوقاتهم معًا.. 
المرآة التي وقفت امامها تتزين له
والخزانة التي كانت تضم ملابسهم معًا
هل كانت تختار ملابسه كما تفعل هي؟
هل كان يختار لها ملابسها وتتغنج عليه كما تفعل هي؟
اغمضت عينيها تحاول جاهدة اخراج تلك الافكار من رأسها 
هي وحدها حبيبته، لم يعشق قبلها ولن يفعل بعدها فليس هناك بعد 
هي له وهو لها ولن تسمح بشيء يعكر صفو حياتهم 
لن تتخلى ابدًا مهما حدث ومهما قيل لها 
عليها التحمل لأجله
جلست على المقعد وشعور غريب يجتاحها 
تارة تشعر بأنه حنين لمنزلهم بالمزرعة وتارة اخرى لأوقاتهم التي قضوها في رحلتهم وتارة أخرى بالهرب من ذلك القصر وإجباره على العودة لحياتهم داخل منزلهم.
أنتفضت توليب فور إن سمعت خطواته خارج الغرفة وأسرعت إلى الفراش تتظاهر بالنوم كي لا يرى عذابها 
أغلق الباب فور دخوله وأخذ ينظر إليها وهي تتظاهر بالنوم
يبدو انها غير راضية عن حياتها داخل القصر وهو أيضًا لكن فُرض عليه البقاء وعليها مساندته.
اخذ ملابس له ودلف المرحاض كي يأخذ حمامًا باردًا يهدئ تلك النيران المشتعلة به ثم خرج يندس بجوارها آخذًا إياها إلى صدره كي ينعم بدفئها واغمض عينيه ليغرق في سبات عميق.
فتحت عينيها عندما لاحظت تنظم انفاسه وأخذت تنظر إليه نظرة اشفاق يغلفها العتاب
هي تعلم جيدًا مدى بغضها لذلك المكان وتعلم أيضًا أن هناك سبب خلف عودته وأخفاه عنها.
نظرت لخصلاته المبللة والتي كحاله دائمًا يتركها هكذا تبلل الوسادة أسفل رأسه
وضعت أناملها على وجهه ترسم خطوط ملامحه بحب ثم تمتمت بخفوت
_ مش هسيبك لحظة واحدة حتى لو رميت نفسك في النار هرمي نفسي وراك.
      ________________

عاد مراد من العزاء فيجد المنزل في سكون تام
تقدم من الدرج ليصعد غرفته لكنه تفاجئ بحركة داخل المطبخ
تقدم منه فيجد نور واقفة أمام الموقد 
حمحم كي لا يفزعها فالتفتت لتنظر إليه بحيرة 
_ دكتور مراد في حاجة؟
هز رأسه بنفي وتحدث بروية
_ لا اني بس كنت راچع من برة لقيت صوت في المطبخ جولت اكيد انتي.
اخفضت عينيها باحراج راقه هو وجلس على المقعد قائلاً 
_ بس لو مفيهاش اساءت ادب ممكن تحضريلي حاچة خفيفة إكدة لأني مأكلتش من الصبح
_ بس انت كدة هتستني ربع ساعة على الاقل عشان انا بعمل بيتزا ولسة داخله الفرن.

_ نستنى ايه المشكلة 
جلس يراقبها وهي تتحرك داخل المطبخ وتضع الأطباق أمامه 
ثم تقدمت من الفرن لتخرج ما بداخله فتقدم منها كي يخرجه بدلاً منها كي لا تأذي حالها 
فتتفاجئ به خلفها وكاد القالب أن يسقط من يدها وربما يصيبه فحاولت تفاديه بمسكه جيدًا لكنه ابعدها فيسقط أرضًا وتتناثر محتوياته
_ أ…أنا..أسفة 
قالتها نور بارتباك بسبب قربه منها ومالت لتلتقطها لكنه منعها 
_ بتعملي ايه سيبيها، المهم انتي كويسة؟ أمسك يدها يتأكد من عدم اصابتها لكنها سحبتها بإحراج 
_ اه كويسة، ثواني هعملك حاجة غيرها.

عاد يجلس على مقعده وهو ينظر إليها بحيرة
اقتحمت حياته وقلبتها رأسًا على عقب وجعلت ذلك القلب الذي لم يعرف الحب يومًا يهيم بعشقها
وهي أيضًا مهما حاولت إخفاءه فيبدو واضحًا عليها.
ظل يراقبها حتى انتهت أخيرًا ووضعت الطعام أمامه على الطاولة 
ثم جلست قبالته وقالت بمرح كي تخفي به ارتباكها
_ دوق بقا وقولي رأيك.
تطلع إلى الطعام أمامه وقال بمزاح
_ اجول رأيي في ايه؟ في البيض بأنواعه مثلًا؟
زمت فمها بغيظ وغمغمت 
_ انا عملت كدة عشان عارفة إنك بتتعشى حاجات خفيفة بس لو عايز حاجة تقيلة هتاكل أحلى أكل من ايديا.
ابتسم مراد لطريقتها في الحديث وأنها تهتم بما يفضله وقال بمكر
_ وبما إنك خابرة إن عشايا خفيف، خابرة ايه تاني؟
ارتبكت نور وتهربت قائلة
_ ثواني هعملك القهوة.
نهضت مسرعة وشرعت في عمل القهوة ووضعتها على الموقد فتتصلب في مكانها عندما وجدته خلفها يمد يده ليغلق المقود ويتمتم بجوار أذنها
_ بس انا مش بشرب قهوة في وقت متأخر زي إكدة.
ازدردت لعابها بصعوبة وهي تشعر بانفاسه تلفح عنقها ويده تلمس يدها كي يديرها بين ذراعيه وتطلع لعينيها التي اهتزت نظراتها بوجل وتمتم بغيرة محبة وهو ينظر لخصلاتها التي تركتها متحررة دون حجاب 
_ وبعدين ينفع تخرچي من اوضتك وانتي كاشفة شعراتك إكدة؟
ازداد ارتباكها أكثر وتمتمت برهبة 
_ انا عارفة إن مؤيد نايم وانت مش هترجع دلوقت فعشان كدة خرجت من غير طرحة.
ابعد خصلاتها عن وجهها ليضعها خلف أذنها وغمغم برغبة وهو ينظر لعنقها الذي كانت تخفيه بخصلاتها
_ متعمليش إكدة تاني والحجاب ميتجلعش غير في اوضتنا.
رمشت بعينيها مرات متتالية ورددت بدهشة
_ اوضتنا؟
أومأ لها بوله
_ اه اوضتنا من بعد النهاردة، انا اديتك فرصة تتقبلي الوضع بس انتي اللي معاندة.
اخفضت عينيها بأسف وتمتمت باقتضاب 
_ مينفعش.
سألها بحيرة وهو يحتويها بعينيه 
_ ليه؟
تجمعت العبرات داخل عينيها وهي تتذكر ما تعرضت له 
_ صدقني انا مبقتش إنسانة طبيعية قسوة الحياة خلتني حطام مش أكتر، مبقتش بعترف بوجود الحب من أساسه ولا عاد عندي قلب يحب وفوق كل ده سلمى متستاهلش مني كدة.

تأثر مراد بدموعها وتمتم بثبات 
_ ومين جال إن الحب مش موجود؟ لأ موجود ومنجدرش ننكر بس الحب بيبقى موجود بين الزوجين فقط قبل كدة بيبقى وزر حتى لو اكتمل بالچواز بيبقى بدايته غلط فينتهي برضه بغلط
 وبالنسبة للثقة مش أي حد ندهاله لازمن يكون حد يستاهلها.
محق في كل كلمة نطق بها وكم أرادت ان يعود بها الزمان كي تغير ذلك المصير الذي وقع عليها
لكن حينها لم تكن لترى مراد ولا تعلقت به بذلك الشغف.
_ للاسف كلامك صحيح وعرفته متأخر أوي
_ وكل شيء خلقناه بقدر، مكتبلك إنك تبجى أرملة أخويا وتيجي البلد واشوفك وتشوفيني.
تاهت في عينيه التي ترى فيهما حب ولهفة لم تراهم من قبل 
كان ينظر إلى محياها بعشق جارف ودقات قلبه تهدر بعنف 
تطلع إلى عينيها التي تخفي بها عشقها له وشفتيها التي تود ان تنطق بالكثير لكنها مترددة 
لا يبالي فقد علم من عينيها ما يحتج عليه عقلها فلم يعد يطيق صبرًا 
مال عليها بتروي يلثم ثغرها بتروي وهدوء كي لا تنفر منه 
اما هي فقد كانت تتخبط في مشاعرها فعقلها يأبى ما يحدث ويتمرد على قلبها ومشاعرها الذان يطالبانها بالغوص في بحور ذلك العشق الحلال دون خوف 
دون شعور بالخزي من نفسها 
استسلمت لذراعيه التي تقربها منه لكن عقلها لم يتركها وظل يذكرها بما مرت به فأخذت العبرات تتجمع بعينيها حتى تساقطت على وجنتيها 
ابتعد عنها مراد عندما لاحظ دموعها وتطلع إليها بشغف وغمغم بصوت أجش
_ متخافيش يا نور انا بحبك.
انتهت مقاومتها عند تلك النقطة وتاهت معه في دوامة عشق لم تشعر بمذاقها من قلبها
ولم ينتبه أحد منهم لتلك التي تنظر إليهم بدموع قهر وألم ……

  •تابع الفصل التالي "رواية التل" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent