رواية مزيج العشق الفصل الثالث و الثلاثون 33 - بقلم نورهان محسن
الفصل الثالث و الثلاثون (حاجز) مزيج العشق
في الحب لا تطلبي ملكا ً،
فالملوك على رقعة الشطرنج نقطة ضعف ..
في الحب اطلبي رجلا بقوة جيش بأكمله ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما زلنا في قصر البارون
بينما هم مجتمعون في الداخل.
نزلت نادين بغطرسة ، ولفتت أنظارها تلك الضجة في غرفة استقبال الضيوف ، والتي نادرًا ما يدخلوها.
مرت أمامها خادمة كانت قد خرجت لتوها من الداخل بعد أن قدمت بعض المشروبات والحلويات للضيوف.
أوقفتها نادين بإشارة من أصابعها قائلة بتعالي يتخلله الإستفهام : تعالي هنا ايه اللي بيحصل جوا مين اللي قعدين دول يا مروة؟
ردت مروة التي دائما ما تنقل أخبار الجميع إليها قائلة بثرثرة : الله اعلم بس باين كدا انهم قرايب كارمن هانم من الصعيد .. انا فهمت كدا من لهجتهم يا نادين هانم
نادين همست بصدمة ، وتحدثت إلى نفسها بصوت مرتفع قليلا : من الصعيد .. و ايه اللي جايبهم هنا؟
مروة بحيرة : علمي علمك يا هانم
نظرت نادين اليها في إزدراء ، ثم أشارت إليها بتكبر لكي تغادر متمتمة : خلاص يلا روحي انتي شوفي شغلك
بعد أن غادرت الخادمة ، تقدمت نادين إلى الأمام بخفة ، تتنصت من خلف الباب لتسمع ما يقال في الداخل ، ربما تفهم ما يدور من ورائها.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في الداخل
إستطرد بدر حديثه بابتسامة لطيفة تليق به : شوفي يا بنتي عارف انك بتسألي ازاي وصلنا ليكي و ايه اللي جابنا من الاساس .. صدقيني احنا بقالنا سنين بندور عليكي وعلي الست ولدتك عشان نطمن عليكم ونعطيكي ميراثك من نصيب ابوكي بس ماكناش عرفين ارضيكم فين ..
تنهد بحزن وأضاف بشرح : بعد موت محمد الله يرحمه .. ابويا اللي هو جدك تعب اوي وصحته بقت ضعيفه و مابقاش بيفكر ولا علي لسانه غير انه عايز يشوفك و يرجعلك حقك ويستسمحك علي اللي حصل منه زمان .. وعرفنا من الشركة اللي كان بيشتغل فيها ابوكي الله يرحمه عنوانكم القديم لكن محدش هناك كان عارف عنوان سكنكم الجديد
كارمن خفضت عينيها ، وفركت يديها ببعض الحزن، وامتلأت عيناها بالدموع من ذكرى والدها الحبيب.
بدر بعطف : بلاش دموع يا بنتي اهدي واسمعيني
رفعت وجهها ، ونظرت إليه بعينين محمرتين من الدموع المكتومة داخلها قائلة ببحة خانقة : اسمع ايه حضرتك !! انت ماتعرفش بابا كان كل يوم بيبكي علي زعل ابوه منه و لما مرض محدش فيكم حاول يقف جنبه
بدر بأسف : والله يا بنتي ما كنا نعرف حاجة عنكم دا اخويا الكبير واكتر واحد اتقهر علي فراقه كان انا ..
تدخل أدهم في الحديث بحزم ، وهو يحاول السيطرة على أعصابه بالضغط على قبضته ، حينما لاحظ أن كارمن ترتجف ودموعها تنهمر بصمت : أأمر ايه المطلوب مننا بالظبط؟
تنفس بدر بعمق ، حيث تأثر بشدة بدموع ابنة أخته ، واستمر في حديثه : كل اللي طلبه منكم انكم تشرفونا و تيجو معنا الصعيد عشان كارمن تشوف جدها و تتعرف علي عيلتها هناك
حاولت كارمن الاعتراض ، لكنه أوقفها بإيماءة صغيرة : قبل ما توافقي او ترفضي جدك خلاص في ايامه الاخيرة ونفسه فعلا يشوفك وتسامحيه قبل موته بلاش تقسي قلبك زي ماهو قسي قلبه زمان و عاش في ندم سنين طويلة يا بنتي
ربت أدهم على ظهرها بحنان ، فنظرت إليه كارمن تفكر في هذا الموقف الذي وقعت فيه صعب جدا عليها ، وهي في حيرة حقيقية الآن ، لا تعرف ماذا تفعل ، ثم نظرت إلى والدتها التي أومأت إليها لتوافق.
مرت بضع لحظات قبل أن تأخذ نفسًا عميقًا ، لتهمس بصوت خافت : جوزي قدامك يا عمي يعني اذا وافق اسافر معنديش مانع
اعجب بدر بجوابها اللبق الذي يظهر الكثير من تقديرها واحترامها لزوجها ، وأحس بالفخر من تربية أخيه لابنته.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد عدة ساعات في جناح أدهم
كانت كارمن جالسة على السرير ، شاردة في قرارها بالموافقة على السفر غدًا إلى صعيد مصر ، بعد أن شعرت بالفضول للتعرف على أسرتها ، ورؤية جدها الذي ظل عمها يتحدث عنه طوال الجلسة ، ثم عادوا بعد بضع ساعات إلى الفندق بعد أن اتفق عمها مع أدهم على السفر معهم في الصباح الباكر.
لا تنكر انها قد ارتاحت قليلا لعمها ، فهو يبدو حنون للغاية و لكنها قلقة بشأن جدها الذي لا تعرف عنه اي شئ سوا كلام عمها عنه.
هل حقا يريد رؤيتها ويقبل بوجودها كحفيدته الآن ، بعد كل هذه السنوات ؟
غدًا ليس ببعيد وستحصل علي إجابات لكل الأسئلة التي تعصف في عقلها الأن!!
شعرت كارمن بالأمان يحاوطها بوجود أدهم بجانبها ، يساندها ويقويها بقوة شخصيته التي سيطرت على الموقف بشكل كامل ، وفي نفس الوقت أعطها كل الحرية في الرفض أو الموافقة ، وشعرت بالفخر والإعتزاز أمام عائلتها لكونها زوجته.
أدارت عينيها نحو باب الغرفة عندما انفتح ، لترى أدهم يدخل بخطوات هادئة ، ويحمل بين يديه ملك النائمة على كتفه بوداعه.
همس أدهم مبتسمًا وهو يتجه نحو السرير ، ويضع عليه ملك بهدوء حتى لا تستيقظ الطفلة : ملوكه هتنام معانا انهاردة
كارمن بدهشة : بجد .. بس كدا هتزعجك ومش هتعرف تاخد راحتك في النوم
استلقى أدهم بجانبهم على السرير ، وكان يغطّي ملك ويضم اليه كارمن من جانب كتفها : ماتخافيش علي قلبي زي العسل ..
ضحك أدهم ، ليقول بصوت منخفض : دا انا اخدتها من مامتك بالعافية .. بس وجودها وسطنا مهم لسببين
همست كارمن تتساءل بفضول : ايه هما؟
أجاب أدهم بصدق ، وهو ينظر في عينيها : اول حاجة عشان مش عايزك تحسي انك لوحدك انهاردة بعد اللي حصل و عشان انا كمان عايز احسكم جنبي و أدفي بيكم في حضني ..
ثم أضاف ، وهو يغمز لها بمكر : التاني بقي محتاجين نقوم فايقين الصبح بدري و انا مابقتش ضامن سيطرتي علي نفسي .. قدام الجمال دا كله يعني ملك هتبقي درع دفاعي ليا الليلة دي
ضحكت كارمن بخفة عندما فهمت ما يقصده ، وهمست برقة وهي تضع يدها بجرأة على صدره : يعني بعد السيطرة الفولاذية دي كلها علي نفسك طول المدة اللي فاتت .. حبكت الليلة دي تحتاج درع دفاعي لنفسك
همس أدهم ببحة رجولية مثيرة بجوار أذنيها : الاول كان ممكن لانك كنتي بعيدة دلوقتي انتي بين يدي الموضوع مختلف خالص
ازدردت كارمن ريقها بإرتباك من همسه الخطير لها قائلة بصمود ضعيف : طيب روح غير هدومك عشان ننام ورانا سفر الصبح و يوم طويل...
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في منزل مالك البارون
دخلت يسر إلى الشرفة الواسعة حيث كان زوجها جالسًا منذ بضع دقائق ، وهي لا تعرف ماذا يفعل في مثل هذا الطقس بالخارج؟
يسر بإستغراب : حبيبي انت قاعد هنا ليه الجو بدأ يبرد دلوقتي؟
حرك مالك رأسه يجيبها بعقل شارد : حاضر حبيبي هدخل دلوقتي
جلست بجانبه قائلة بتسائل : انت كنت بتكلم مع مين من شوية!!
مالك بتفكير : دا ادهم ..
تسألت يسر وهي تلوح بيدها أمام وجهه : ايه سرحت في ايه؟
رمش مالك بعينيه وقال بهدوء : بفكر في اللي طلبه مني
يسر بفضول : طلب ايه!!
اجاب مالك بحيرة : عايزني ابعت حد دلوقتي للصعيد يجيب معلومات عن اهل كارمن هناك
ضاقت عينيها بدهشة : اهل ابوها .. وبمناسبة ايه بيدور عليهم؟
مالك بتفسير : مش بيدور عليهم .. هما اللي راحو لحد عندهم .. عمها وولاده كانو عند ادهم في البيت و قابلو كارمن ..
يسر بإستفهام : و هما عايزين ايه منها!
مالك : عايزنها تسافر معهم تشوف جدها هي و امها .. علي حسب كلام ادهم و هو عايز قبل مايوصلو هناك يعرف كل حاجة عنهم وايه اللي في نيتهم خير و لا شر
يسر بإضطراب : ربنا يستر و يعديها علي خير انا بدأت اقلق
مالك بإبتسامة : خير ان شاء الله و كدا احسن الاحتياط واجب .. انا خلاص اتصلت برجالتنا و زمانهم اتحركو علي هناك
يسر بإبتسامة جميلة : تمام حبيبي ممكن بقي تقوم و ندخل جوا انا تلجت مكاني
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
صباح يوم جديد مليء بالأحداث
في قصر البارون
في جناح ادهم و كارمن
استيقظت بعد أن غفوت لفترة وجيزة من التفكير فيما سيحدث اليوم !!
فتحت كارمن عيناها ورأت أدهم نائمًا ، وملك في منتصف السرير بينهما وهو يعانقها بحماية ، فابتسمت في شكلهم الجميل.
للحظة تذكرت هذا المشهد في نفس الموقف مع عمر اغمضت عيناها و هي تدعي من أجله بالرحمة في سرها ، لولاه ما كانت لتتزوج من أدهم وربما كانت ستبقى ملك محرومة من الأبوة أيضًا ، و حتى لو تزوجت بعد عمر ، فمن يعلم هل كان سيحب ملك بقدر ما يحبها أدهم ، انه لا يحبها فقط هو الذي يعتني بها ويعوضها عن فقدان والدها ويحافظ على ميراثها.
تلألأت الدموع في عينيها بالعاطفة ، أليس هذا سببًا يكفيها لتقع في حبه ، وتسعى وراء إسعاده بكل طاقتها أيضًا؟
من الآن فصاعدا لن تحرم ابنتها من حنانه بل لن تحرم نفسها من نعيم حبه المتدفق ، ستترك مصيرها معه هو من يقودها ، هذه نعمة من الله تدعي أنها تكون قادرة على الحفاظ عليها.
ابتسمت أكثر وهي تخفض عينيها إلى خاتم زواجها الذي يزين إصبعها ، ثم تنهدت وهي تنظر إلى الساعة واقتربت من أدهم ، وتقبّل خده وتهزه برفق قائلةً بصوت خافت : ادهم يلا اصحي
فتح عينيه بنعاس ، وابتسم بلطف عندما رآها أمامه مغمغمًا بنعاس : صباح الخير
كارمن بإبتسامة : صباح النور .. اسفه اني صحيتك بس انت عارف ورانا سفر
ادهم بحب : احلي حاجة اني افتح عيني و اشوفك قدامي .. عارفه ان شكلك حلو و انتي لسه صاحية من النوم
احمر خديها بسبب كلماته المغازلة التي جعلت قلبها ينبض بلا هوادة ، ثم ابتسمت بمكر وهي ترفع حاجبيها ، مذكّرة إياه بما قاله لها من قبل قائلة بدلال : والنبي صحيح يعني مش منكوشة و شبه العفاريت
ابتسم أدهم و هو يضيق عينيه قليلاً ، وهو يربت برفق على خدها : قلبك اسود اوي مابتنسيش ابدا
كارمن بشقاوة : تؤ مش هنسهالك ابدا .. يلا بقي اتفضل قوم يدوب نلحق نفطر و ننزل علي طول
ادهم بتساؤل : هي الساعه كام دلوقتي؟
أجابت كارمن برقة : سته و نص
تثاءب أدهم وقال بنعاس : محدش بيبقي صاحي من الخدم في الوقت دا .. ممكن نفطر بأي حاجة و احنا في الطريق
كارمن بإعتراض : لا لازم نفطر هنا الاول .. شوف انا هودي ملك لماما زمانها صحيت تصلي الفجر و جهزت نفسها .. هي هتلبس ملك وانا هحضرلنا فطار سريع علي ما تلبس انت
نظر إليها نصف عين قائلا بريبة ، وهو يقرص طرف أنفها : هتعرفي تعملي فطار؟
رفعت كارمن أنفها عالياً وقالت بثقة ، وتكبر مصطنع وهي ترفع سبابتها محذرةً : انا هعتبر نفسي ماسمعتش الجملة دي لمصلحتك
أومأ أدهم برأسه متفقًا وهو يضحك على أسلوبها الفكاهي ، ثم قبلها بحب على خدها ، لتبتسم له بحبور ، وتنهض من السرير وتحمل ملك بحذر وهدوء ، لتخرج من الغرفة.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد بضع ساعات مرت في الطريق إلى قنا
أدارت كارمن رقبتها للوراء للمرة التي لا تعلم عددها ، ونظرت إلى السيارة التي كانت فيها والدتها وطفلتها للاطمئنان عليهما.
أمسك أدهم بيدها ، وقال بهدوء وتعجب : ممكن اعرف ايدك متلجة كدا ليه؟
كارمن بقلق : من التوتر
ادهم بإستفهام : و ليه تتوتري!!
تحدثت كارمن محاولة إطلاق سراح ما يعصف في قلبها حتى ترتاح : غصب عني يا ادهم رايحة مكان لاول مرة في حياتي وهقابل ناس قرايبي معرفش الا حاجات بسيطة عنهم لولا وجودك جنبي انا كانت حالتي هتبقي اسوء من كدا
ضغط أدهم على يدها برفق قائلاً بحنان : الصبح بعد ما صحينا وصلني تقرير عن كل فرد له علاقة بعيلة الشناوي .. جدك راجل طيب و محبوب في البلد .. مافيش منه اي خوف و انا مستحيل كنت هوافق تخرجي من البيت لا انتي ولا مامتك ولا ملك .. واخليكم تروحوا مشوار زي دا قبل ما ابقي متأكد بنفسي ان كل الامور تمام.
ابتسمت كارمن بإتساع ، وقالت بامتنان : ربنا مايحرمناش منك و معلش بقي انا عارفه ان عندك شغل كتير و دلوقتي عطلته عشانا
ادهم بنبرة دافئة : ماتقوليش كدا انتو دلوقتي مسؤلين مني و تهموني اوي
كانت كارمن محرجة من لطفه الزائد معها ، لكنها شعرت بالارتياح من حديثه ، وحاولت تغير مسار الحديث : انت ممكن تنام شوية اكيد ماقدرتش تنام كويس امبارح
ادهم بلؤم : ايه خايفة عليا!
كارمن : طبعا لازم اخاف عليك انت جوزي وواجبي اخاف عليك
نظر إليها أدهم بتمعن : يعني مش عشان بتحبيني؟
همست كارمن بوجه محمر خجلاً : الاتنين واحد
ادهم بتنهيدة : لا يا كارمن الواجب شئ مفروض عليك ممكن بتأديه بضمير لكن مش شرط تحبيه
أسدلت عينيها في حرج من صحة كلامه ، لكنها تخجل من أن تكشف له ما تكنه نحوه في قلبها ، هي ليس بتلك الشجاعة ، خاصة في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها.
أما بالنسبة له فقد غضب من صمتها وعدم تبريرها لما قالته ، واكتفى بالصمت ولم يجادل في الحديث أكثر ، ولكن من داخله شعر بالضيق لأنه أراد سماع كلمة "أحبك" منها مرة أخرى ، لكنه بدأ يراوده هاجس أنها استعجلت عندما قالت ذلك في المرة الأولى ، وربما ندمت على قولها.
همس بداخله : لحد امتي هفضل حاسس بأن في حاجز بيني و بينك يا كارمن
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
ظهرا
داخل سيارة بدر
حيث يجلس ماجد خلف عجلة القيادة ، وبدر بجانبه ، وزين يجلس خلفه ، وهم على وشك الوصول.
تحدث زين بصوت عالٍ نسبيًا بسبب تيارات الهواء القادمة من النافذة المفتوحة بجانبه : ماجد ماتنساش تنزلني عند المستشفي
بدر بدهشة : معقول يا بني هتروح الشغل دلوقتي بعد المشوار المتعب دا
زين بتفسير : لا يا عمي مش هدخل المستشفي عربيتي سايبها هناك هاخدها و اروح اجيب روان من الكلية
ماجد بمزح : يا عيني علي الشوق مش قادر تصبر لحد لما ترجع لوحدها
زين يلكزه في كتفه قائلا بقسوة متصنعه : ركز في الطريق و خليك في حالك
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد فترة وجيزة امام كلية روان
ترجل زين من سيارته ، ثم سار منتصبا في مشيته بطول قامته ، وعضلاته البارزة ورأسه المرفوع بكبرياء يليق به.
يفتقدها كثيرًا ويتلهف على رؤيتها ، لأن اليومين اللذين أمضاهما بعيدا عنها ، جعلوه يشعر بشوق جارف يقتاد في قلبه لها.
أشتاق لضحكتها وعنادها وطفولتها واهتمامها به.
دخل زين الكلية وأخرج هاتفه من جيب بنطاله للاتصال بها ، لكنه وجده نافذ الشحن منه ، ضرب جبهته بغضب لأنه نسي شحن الهاتف.
بينما كان يتجول بحثًا عن حل للوصول إليها ، سمع صوتًا أنثويًا ناعمًا يهتف باسمه.
رفع رأسه في اتجاه الصوت ليرى امرأة جميلة جاءت نحوه وابتسمت عندما وقفت أمامه وتحدثت بفرح : ازيك يا دكتور زين
زين بتعجب : الله يسلمك .. حضرتك تعرفيني!!
★★★
عند روان
في نفس الوقت خرجت روان من محاضرتها مع صديقتها وذهبا إلى الحمام ، و كان شارد عقلها قليلاً ، تفكر أنها تود العودة إلى المنزل بفارغ الصبر ، فقد أرسل لها زين رسالة في الصباح بمجيئه اليوم ، لكنها حاولت الاتصال به كثيرا بعدها ، لكن هاتفه مغلق ولم ترغب في إزعاج والدها والاتصال به ، لتسأل عن زوجها.
صاحت رنا أثناء تعديل كحلها في المرايا : انتي يا زفته بكلمك ماتردي!!
انتبهت روان من شرودها قائلة بانزعاج : ايه يا بت براحة بتزعقي كدا ليه؟
رنا بثرثرة : ما انا بكلمك و انتي في دنيا بعيدة اعملك ايه عشان ترودي
روان بنفاذ صبر : اخلصي عايزة ايه يا رغاية؟
رنا بتعجل : ابدا يا اختي خطيبي سمسم كلمني و هو مستني برا هخرج له انتي شكلك مطولة في الحمام
روان بضحكة ساخرة : خلاص اطلعيلو يا عصفورة الحب ماتشغليش بالك بيا
رنا : تمام باي يا مزة
خرجت روان بعد قليل في طريقها إلى بوابة الكلية ، لكنها فوجئت برؤية زين هناك ، وكانت سعيدة للغاية وكادت أن تتجه نحوه ، لكنها إنصدمت بسيدة جميلة تردد باسمه وتتقدم نحوه ، ثم بدأوا في الحديث ، كأنهم يعرفوا بعضهم البعض منذ فترة طويلة.
لا تعرف تحديدا ما تشعر به ، هل هو غليان في رأسها شديد الحرارة ، أو حريق في صدرها ، أو ربما كلاهما معًا ؟
بالكاد خطت خطوة إلى الأمام للوصول إليهم ، لكنها سمعت صوتًا يناديها.
★★★
عند زين
زين : حضرتك تعرفيني!!
قالت بتفسير : ايوه طبعا حضرتك مش فاكرني انا رحاب محي اخت عائشة محي .. كانت زميلة ليك في الدفعه و كنت بشوفك كتير لما بروحلها الكلية
قال زين مبتسمًا بخفة ، وهو يضع يديه في جيب بنطاله : ايوه افتكرت صحيح انتي طالبة هنا في الجامعة
رحاب بضحكة بسيطة : لا انا حاليا معيدة هنا .. انت ليك حد هنا معانا في الكلية
زين بنفس الإبتسامة : ايوه مراتي هنا في تانية تجارة
رحاب بنبرة رقيقة : تمام يا دكتور مبسوطة اني شوفتك عن اذنك لازم امشي
بالتزامن مع رحيل رحاب ، لاحظ أن روان تقف على بعد مسافة منه ، فابتسم لها بشوق ، لكن ابتسامته اختفت واستبدلت بعبوس شديد عندما رأى شابًا طويل القامة يقترب منها ، ويتحدث معها.
★★★
عند روان
.... : لو سمحتي
نطقت روان عيناها مثبتتان على زين و من تقف معه : نعم
....بأدب : انا اسف جدا علي اني وقفت حضرتك .. انا ياسر مجدي كنت معاكي في المحاضرة و كنت محتاج منك خدمة
نظرت إليه روان وهي متوجسة ، فماذا يريد منها قائلة بحذر : أأمر اقدر اساعدك في ايه!!
ياسر بحرج : بصراحة في شرح فاتتني من غير ما اكتبه فلو تسمحي تديني دفتر المحاضرات بتاعك اكتب للي فاتني و ارجعه ليكي مع زميلتك رنا هي بنت خالتي بس للاسف مالحقتهاش شكلها مشيت
تنهدت بابتسامة هادئة : و لا يهمك اتفضل وانا هبقي اخده منها المحاضرة اللي جاية
قال ياسر بامتنان وهو يأخذ منها دفتر الملاحظات : متشكر و ممنون ليكي جدا علي ذوقك
....: كل الشكر دا عشان دفتر محاضرات
كانت على وشك الرد عليه ، ولكن قاطعها ذلك الصوت الحاد الذي تميزه عن ظهر قلب ، وشعرت بخفقان قلبها يزداد عندما استدارت لتجده يقف خلفهم بوجه صارم.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في منزل الحج عبدالرحمن
ولج الجميع إلى الداخل ، وكان كل قلب ينبض بطريقة مختلفة عن الآخر.
مزيج من المشاعر المتضاربة بين الخوف والقلق والحزن والفرح.
ظهرت حياة من خلف الخادمة و هي تهلهل بفرح : يا الف مرحب بالغاليين حمدلله علي السلامة
التفت إليها ماجد وقال لها بتعب : عمتي و النبي انا سايق بقالي ساعات وعايز اكل جعان وانا هموت من العطش
وبخته حياة بيأس : يا ولد اهمد شوية و عايز تشرب المطبخ عندك روح و سيبني اسلم علي الناس
أضافت بابتسامة وهي تنظر إلى وجه كارمن ومريم واقتربت منهما وقبلتهما بمودة : منورين و الله .. انا حياة ابقي عمتك يا كارمن
كارمن بإبتسامة : اهلا بيكي يا عمتي
حياة بود : منورة والله يا ست مريم الدنيا نورت بمجيتكم
مريم بإبتسامة : ان شاء الله تعيشي يارب و اسمي مريم علي طول من غير ست
حياة : ماشي يا غالية
ثم أضافت وهي تنظر إلى أدهم : اكيد انت يا ولدي جوز بنت اخوي مش كدا
ابتسم ادهم بإحترام : ايوه انا .. اتشرفت بيكي يا حجة حياة
حياة ببشاشة : ربنا يعزك يا ابن الاصول .. مايصحش نفضل نتكلم واحنا واقفين كدا اتفضلو الجماعه جوا
أمسكت كارمن بيد أدهم ، الذي كان يحمل ملك على كتفه ، وهم يدخلون الي المندرة ، ابتلعت لعابها و هي تري رجلاً عجوزًا جالسًا على كرسي ضخم في وسط الغرفة ، تظهر عليه الهيبة على الرغم من تقدمه في السن.
ابتسامة إرتسمت علي شفتي الحاج عبد الرحمن عندما رآهما يدخلان ، وتعرف على كارمن التي وقفت بجانب زوجها و تبدو مرتبكة.
حياة بإبتسامة : الجماعه وصلو يا ابوي .. اتفضلو البيت بيتكم
وقف الحج عبدالرحمن مستقيما علي عكازه و تحدث بصوت اجش : يا اهلا و سهلا نورتو المكان
ذهب إليه أدهم يسير بثقته المعتادة ، وبجانبه كارمن التي اكتسبت الثقة منه أيضًا.
تحدث ادهم بهدوء ، وهو يصافحه : بنورك يا حج عبدالرحمن انا ادهم البارون جوز حفيدتك
الحج عبدالرحمن بوقار : يا مرحب بيك يا ولدي يارب السكة ماكنتش طويلة عليكم
ثم أردف بحبور محدقًا فى كارمن : تعالي يا كارمن انا جدك
كانت كارمن تنظر إليه بشيء من القلق ، لكنه تلاشي عندما شعرت بالحنان في صوته
تركت يد أدهم تلقائيًا وذهبت إليه ، ليعانقها لطف و محبة كبيرين ، وشعر وكأن ابنه الغالي قد عاد إليه من جديد.
سقطت دمعة واحدة من عينيه بتأثير قوي : الحمدلله ان ربنا مد في عمري وشوفتك قبل ما اموت يا بنت ولدي الغالي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند زين و روان في الجامعة
.... : كل الشكر دا عشان دفتر محاضرات
كانت على وشك الرد عليه ، ولكن قاطعها ذلك الصوت الحاد الذي تميزه عن ظهر قلب ، وشعرت بخفقان قلبها يزداد عندما استدارت لتجده يقف خلفها بوجه صارم.
ابتلعت لعابها ثم قالت بابتسامة متوترة ، بعدما لاحظت وجه زين المتجمد الذي كان يقف بجانبها ولف يده على ظهرها لتكون قريبة منه ، لتقدمهما لبعضهما البعض : احم دا دكتور زين جوزي .. و ياسر زميلي وقريب صحبتي استلف مني دفتر المحاضرات
زين ببرود : وهو مافيش غيرك ياخد منه الدفتر
حدقت روان في وجهه بصدمة من رده الوقح ، الأمر الذي أحرج بالتأكيد هذا الشاب المسكين الذي يقف كطالب يوبخه معلمه لفشله في الامتحان.
قال ياسر بحرج ، وشعر أنه إذا مر المزيد من الوقت أثناء وقوفه مكانه ، فإن هذا الأسمر الشرس قد يدق عنقه ، حيث أن مظهره لا يوحي بالخير : زي ما انت شايف حضرتك الكل مشي .. عموما متأسف و شكرا مرة تانية يا مدام روان و بعتذر لك يا استاذ زين لو عطلتكم بالاذن
هتفت روان في زين بإستنكار بعد رحيل ياسر : ممكن اعرف ليه اتعاملت بالطريقة دي معه؟
نظر إليها زين بغضب و تحدث ساخرا بصوت خفيض ، حتى لا يجذب الأنظار من حولهم ، وكان قلبه يغلي من ذلك الأحمق الذي جعلها تبتسم له بغير حق : المفروض اصقفلكم وانا شايفك واقفة بتضحكي معه .. يلا امشي قدامي علي العربية مش عايز اتهور عليكي وسط الناس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نهاية الفصل الثالث والثلاثون
•تابع الفصل التالي "رواية مزيج العشق" اضغط على اسم الرواية