رواية التل الفصل الثالث والثلاثون والاخير 33 - بقلم رانيا الخولي
رواية الـتـل
رانيا الخولي
الفصل الأخيرة
………………….
وضع جواد ابنه في فراشه ودلفت توليب المرحاض
ابدل ملابسه قبل ان تخرج وجلس على الفراش فينتبه لهاتفه الذي رن مظهرًا رقم ام نعمة
اندهش من اتصالها فقد كانت معه منذ قليل
اجابها بحيرة
_ خير يا أم نعمة في حاچة؟
ردت بارتباك
_ هي ست توليب چانبك؟
ازدادت حيرته اكثر ونظر إلى المرحاض قائلاً
_ لا في الحمام خير؟
التزمت الصمت قليلًا ثم قالت بخوف
_ بصراحة أني شوفت الست كريمة بتطلع من چيبها ازارة صغيرة اكدة وبتفضيها في الغلاي اللي كونت بعمل فيه الاعشاب لست توليب واني شوفتها بالصدفة واستنتها لم مشيت ودلقتهم وعملت غيرهم.
انقبض قلب جواد خوفاً لكنه رد بثبات
_ طيب خلي عينك عليها وحاچة توليب انتي اللي تعمليها بنفسك.
_ من غير ما تجول انا هخلي بالي زين.
اغلق الهاتف فور ان وجد توليب تخرج من المرحاض ومازالت تلك القبضة تحتل قلبه
اخذ ينظر إليها وهي تقف امام المرآة تمشط خصلاتها
ماذا لو لم تنقذها ام نعمة، ماذا لو ضاعت منه، كيف يعيش بدونها
يبدو أنه أخطأ عندما جاء بها لذلك القصر
لكنه أيضاً كان يخشي عليها وأراد أن تكون أمام عينيه تلك الفترة العصيبة
ماذا يفعل الآن
فإن سلمت تلك المرة فربما لن تسلم الأخرى
انتهت من تمشيط خصلاتها ثم تقدمت من الفراش لتنام بجواره
لكنها اندهشت عندما لاحظت وجومه وسألته
_ جواد في حاجة؟
انتبه لها ورد بنفي
_ مفيش
قطبت جبينها بحيرة
_ اومال مالك؟
رد جواد بانفعال
_ جولتلك مفيش
ثم اولاها ظهره وتظاهر بالنوم
اندهشت توليب من انفعاله لكنها التزمت الصمت واستلقت في جانبها وهي تنظر إليه بحيرة.
أما هو فلم يستطع النوم تلك الليلة وظل يراقبها ويفكر كيف يستطيع حمايتها وكيف يتعامل مع تلك المرأة وأولادها
لن يستطيع أن يبلغ عنهم رغم افعالهم الدنيئة ولا يستطيع أيضاً تركهم يتمادوا في أفعالهم
عليه ان يضع حل تلك المهزلة وينقذ زوجته من بطشهم.
_______________
ظلت كريمة تزرع غرفتها ذهاباً وإياباً تندهش كيف لم يتفاعل السم معها
هل لاحظها احد وابدل المشروب؟
هزت راسها بنفي فهي واثقة بأنها كانت وحيدة في الغرفة
إذًا لما لم تتأثر بمفعوله؟
ربما لم تتناوله او سكب منها
لن تستسلم وإن فشلت تلك المرة ستكررها
_______________
في منزل حازم
دعى وائل على العشاء وسعدت سلمى بمجيئ أطفاله والذين عوضاها عن تلك الوحدة التي غلفتها منذ طلاقها
لاحظ وائل تعلقها بالاطفال وتعلقهم هم أيضًا بها فقال حازم بسعادة
_ تعرف إني اول مرة أشوف سلمى مبسوطة كدة؟
تطلع إليها وائل بروية وقال بثبوت
_ هي برضه اللي مرت بيه مكنش سهل اي واحدة مكانها كانت هتنهار ومش هتقدر تتحمل.
أيد حازم حديثه قائلاً
_ فعلاً مرت بظروف صعبة أوي وخصوصاً حرمنها انها تكون أم بتبقى اصعب حاجة على الست.
سخر وائل من حديثه وقال
_ على أساس إن طليقتي لما اتنازلت عن ولادها مقابل حريتها مكنتش ست؟
_ ده لأن اختيارك كان غلط من الأول
مكنش ينفع تتجوز واحدة متحررة وتقيدها بمبادئ رجل شرقي طبيعي انها هتتخلى عن كل شيء مقابل حريتها.
أومأ له بتأكيد
_ عندك حق.
عاد بنظره لسلمى وتابع
_ بس المرة دي انا واثق في أختياري بس يارب توافق.
فهم حازم تلميحه وقال بمغزى
_ والله كله وشطارتك.
نظر إليه بتحدي وقال
_ هنشوف.
لم تتقبل سلمى فكرة ذهابهم فقالت لوائل
_ ايه رأيك تسيبك من قصة الحضانة دي وتجيبهم عندي الصبح ولما ترجع تاخدهم.
اعجب وائل بتلك المبادرة لكنه قال بمغزى
_ بس انا مش عايز اتعبك.
هزت راسها بنفي
_ مفيش تعب ولا حاجة المهم يكونوا معايا.
تطلع وائل إليها بامتنان جعلها تخفض عينيها باحراج ثم انسحبت بهدوء ودلفت للداخل.
______________
مرت الأيام وجواد يتعامل معها بجفاء وهي لا تعلم سبب ذلك
حاولت ان تعرف منه السبب لكنه لم يخبرها بل يتجاهل حديثها دائمًا
اصبحت العلاقة بينهم شد وجذب وفي النهاية يأخذها بالليل بين ذراعه عندما يتأكد من نومها
يعلم جيدًا بأنه يضغط عليها لكن لابد من ذلك حتى تنتهي مهمته.
وفي يوم عاد في المساء فيجدها مستلقية في الأريكة واثار الدموع على اهدابها
تقدم منها ينظر إليها بتعاطف وكم أراد في تلك اللحظة أن يأخذها داخل أحضانه ويعتذر لها عن كل كلمة نطق بها
لكن عليه أن يظل على طريقته معها
دلف المرحاض كي يبدل ملابسه ثم خرج بعد قليل
تقدم منها ليوقظها
_ توليب قومي نامي على سريرك.
ردت توليب دون ان فتحت عينيها
_ أنا مليش سرير عشان أنام عليه لو سمحت سيبني.
تنهد بتعب ثم عاد حديثه
_ بجولك ارچعي سريرك متعصبنيش.
لم تستطيع توليب التحمل أكثر من ذلك فنهضت لتقف قبالته وتغمغم باحتدام
_ وإن اتعصبت هتعمل ايه اكتر من اللي بتعمله.
حبس وحبستني تتعصب على الفاضي والمليان واتعصبت بتنام كل ليلة وبتديني ضهرك وعملت فاضل بتخليني آكل زي الكلاب لوحدي في الأوضة ومانعني أخرج منها ايه تاني معملتوش.
آلمه قلبه لحديثها ونظرات العتاب التي ترمقه بها وتحدث بقوة
_ بلاش حديت كتير ملوش عازة وارچعي سريرك.
كفى لن تقبل ذلك التحكم بعد الآن فصاحت به
_ مش هنام على السرير ده لأني مش جارية عندك تشيلها من هنا تحطها هنا ومتتكلمش ولا تعارض، أنا خلاص جبت أخري ومبقتش قادرة اتحمل، كل مرة اقول غصب عنه مضغوط والتمسلك ألف عذر بس لحد هنا وخلاص جبت أخري، الاوضة دي مش هبات فيها تاني حتى لو اضطريت إني اسيب القصر كله وأنام على الطريق بس مش هبات فيها وانا شايفة شمس في كل ركن عيني بتيجي عليه
جذبت ازدال الصلاة وقالت بتعند
_ انا هنام في اوضة ياسمين ومش هدخل الاوضة دي تاني
جذبها جواد من ذراعها وتحدث بانفعال
_ انتي فاكرة نفسك رايحة فين.
جذبت ذراعها من يده وردت بتعند
_ قولتلك مش هقعد في الاوضة دي ثانية واحدة بعد النهاردة.
انفعل جواد أكثر وغمغم بتحذير
_ متعنديش جصادي وخلي الليلة دي تعدي على خير.
صاحت به توليب بوجع
_ وانا مصرة على رأيي مش هفضل في الاوضة دي مهما عملت.
لانت ملامحه حين رأى بعينيها نظرات وجع آلمته ثم جذبها إليه وقد اندهشت من تحوله وخاصة عندما وجدته يهمس بجوار اذنها
_ حجك عليا.
أجفلت حينما وجدت همسه يتحول إلى قبلات لم تقبلها او تتجاوب معها
قربها إليه أكثر وهو يحيط خصرها بتملك وقد ضايقه عدم تجاوبها معه ما جعل قبلاته تزداد حدة
وضعت يدها على صدره تمنعه لكن كان مغيبًا لا يريد سوى اشباع رغبته
_ جواد انت بتعمل ايه سيبني
لم يبالي وظل يواصل تقبيله الحاد ثم حملها بالإجبار ووضعها على الفراش
_ جواد اوعى تعمل كدة.
لاحظت لوهلة نظرة آسف في عينيه سرعان ما محاها وعاد إليهم الجموح وهو يغمغم بصوت حاول جعله حادًا
_ اني چوزك واعمل اللي رايده وانتي عليكي طاعتي وبس.
حاولت الفرار لكنه لم يترك لها فرصة وانقض عليها بشراسة لم تراها به من قبل.
اخذها بقوة وعنف جعلها تبكي ودموعها تنزف بغزارة على وجنتيها
وكان لرؤية دموعها مفعول السحر عليه فمد أنامله يمحي دموعها لكنها اشاحت بوجهها بعيدًا عن يده
تابع ما يفعله لكن برقة ولطف بعد أن
انتهى جواد ثم ابتعد عنها ليستلقى بجوارها ويوليها ظهره كي لا يرى فضاحة فعلته.
كان شديد القسوة معها لكن سيأتي الوقت الذي يعتذر به عن كل افعاله.
الأهم أن يعلم الجميع بأنها لا تشكل نقطة ضعف بالنسبة إليه.
أما هي لم تجف دموعها وظلت تذرفها حتى آذن الفجر
تسللت من جواره ودلفت المرحاض كي تغتسل وتصلي فرضها ثم قامت بتبديل ملابسها وحملت يزن وخرجت به من الغرفة
وما إن أغلقت الباب حتى فتح جواد عينيه ونظر إلى الباب بوجوم
أخذ هاتفه واتصل بأحد رجاله المكلف بحراسة القصر وقال بأمر
_ سيبها تخرچ من الجصر بس خليك معها بالعربية ومتسبهاش لحد الجطر ما يطلع.
اغلق الهاتف ووضعه على المنضدة ثم نهض ليقف في شرفته وينظر إليها وهو يراها تستقل السيارة وتنطلق مبتعده عن القصر وعن قلبه الذي يطالبه بمنعها
لكن عليه تركها حتى تنتهي مهمته.
أما توليب لم تكف عن البكاء وقد شعرت بأنها تركت قلبها معه
هل ظنت بأنها ستستطيع البعاد عن دائرته؟
واهمة إن ظنت ذلك
اخذت تنظر ليزن الذي مازال نائمًا لا يدري شيئاً مما يحدث حوله
شعرت بأنها اخطأت لتخليها عنه لكن عليه أن يشعر بالفقد كي لا يعيد ما فعله.
لم تنسى ما حدث وتلك القسوة المهينة لكرامتها
ضمت يزن لحضنها أكثر وكأنها تشكوا إليه ما فعله والده بها.
______________
لم يحاول مراد فرض مشاعره عليها وتركها حتى تكون مستعدة لذلك
كانت مستلقية بجواره وخصلاتها تفترش الوسادة بتملك
مد يده ليتلمس ملمسه الناعم وعينيه تحتويها بحب
الآن فقط يستطيع أن يقولها صريحة
يعشقها حد الجنون.
فتحت نور عينيها لتتفاجئ به ووجهه مقابل لوجهها وعيناه تنظر لعينيها بنظرات عشق باتت واضحة
وهي أيضًا لا تنكر أنها اصبحت عاشقة لذلك المراد ولما لا وكل شيء يفعله يعلوا من قيمته بقلبها
بادلته الابتسام بأخرى يغلفها الخجل
فقال مراد بحب
_ صباح الخير
اهتزت نظراتها عندما شعرت بعينيه تخترق عينيها وردت بحياء
_ صباح النور.
اجفلت عندما وجدت أنامله تملس على وجنتها التي اصتبغت باللون الأحمر القاني وتمتم بخفوت
_ تعرفي إنك بتبقي جميلة أوي لما بتخجلي.
اخفضت عينيها بإحراج فيتابع هو
_ بتبقي زي الملايكة.
لا تعرف لما تذكرت سلمى في ذلك الوقت خاصة مما جعلها تسأله
_ ممكن أسألك سؤال وتجاوبني بصراحة؟
أومأ لها لعلمه بما تود سؤاله
_ مش ناوي ترجع سلمى؟ هي بجد وحشتني أوي.
التزم الصمت قليلًا ثم رد بهدوء
_ أني أكتر واحد عارف سلمى زين وعارف كويس إن بعد الكلام اللي سمعته مستحيل تفضل على ذمتي ثانية واحدة
هكون صريح وأقولك إني حقيقي بعزها ولها مكانة كبيرة في قلبي وعمري في يوم ما فكرت اطلقها
بس لما الكلام ده اتقال قدامكم كلكم كان طبيعي إنها تصر على الطلاق وافتكرت انها بالطريقة دي بتحافظ على كرامتها رغم إني عمري ما سامحت حد مسها بحرف سواء بقصد أو من غير قصد.
_ بس هي غصب عنها الصدمة هي اللي خلتها تعمل كدة بس هي أكيد هدت دلوقت ولو روحتلها أكيد هترجع.
_ ومين جالك إني معملتش إكدة، أني لحجتها جبل ما تسافر وطلبت منها ترچع معاي بس هي أصرت على رفضها وسابتني وسافرت.
اندهشت نور لعدم معرفتها بهذا الأمر وسألته
_ ليه مأخدتنيش معاك كنت هقدر اقنعها بآسر.
ابتسم مراد لمدى طيبتها وقال بروية
_ لأني عارف زين إن مفيش حاچة ممكن تأثر عليها غير صدق مشاعر من ناحيتي بس هي رفضتها وعرفت وقتها إن سلمى حجيجي اتغيرت.
بكى آسر مما جعلها تنهض لتذهب وتحمله وقد كانت فرصة جيدة للهرب من نظراته
_______________
ظلت طوال الطريق تفكر به
وتبحث عن سبب لقسوته تلك الفترة
هي لم تشك بحبه لحظة واحدة لكن أيضًا حائرة ماذا فعلت حتى تستحق منه تلك المعاملة
لم تخطئ عندما أخبرته بعدم تقبلها للبقاء في تلك الغرفة
نظرت ليزن الذي مازال نائمًا
اخرجت هاتفها واتصلت بأخيها تميم وما إن أجابها حتى قالت بوجوم
_ تميم استناني في محطة القطر
_……..
_ اه ربع ساعة والقطر هيوصل.
اغلقت الهاتف وعادت لشرودها وقلبها مازال يعاتبها على تخليها عنه
لكن عليها ذلك كي تجعله يشعر بخطأه
توقف القطار وخرجت توليب لتجد تميم في استقبالها
اندهش عندما لاحظ احمرار عينيها وهم بسؤالها لكنها قالت بحزم
_ لو سمحت يا تميم مش عايزة اي اسئلة دلوقت.
وافقها تميم وقال بتعاطف
_ خلاص يا حبيبتي تعالي.
حمل عنها يزن والذي لم تستطيع تركه مع تلك العائلة وأخذته معها
وضعت سلوى الطعام على الطاولة وقالت لتوفيق الذي خرج من غرفته
_ توفيق اتصل على تميم وشوفوا راح فين، ده قالي خمس دقايق وجاي.
دلف توفيق المطبخ ليتناول كوب من الماء وقال بغيظ
_ ولما هو خرج بتحطي الأكل ليه دلوقت؟
_ اعمل ايه عمال يقول جعان واعملي الاكل لحد ما أرجع.
انفتح الباب ودلف تميم فقال توفيق
_ أهو جاه و….
توقف عن الحديث عندما وجده يحمل يزن وتوليب تدلف خلفه في وجوم.
ترك الكوب من يده وتقدم منها ليرحب بها رغم قلقه
_ توليب ايه المفاجأة الجميلة دي، حمد لله على السلامة.
رفعت توليب نقابها لتصافحه وابتسمت له رغم مرارتها
_ الله يسلمك يا بابا.
لم يحتاج لفطنه كي يعرف سبب حالتها من عينيها وصوتها
خرجت سلوى من المطبخ عندما سمعت صوتها وقالت بحبور وهي تتقدم منها لتحتضنها
_ توليب وحشتيني أوي يا حبيبتي
بادلتها توليب الاحتضان وقالت بثبوت
_ وانتي كمان يا ماما.
نظرت للباب المغلق وسألتها
_ أومال فين جوزك؟
اهتزت نظرات توليب وتمتمت بروية
_ هييجي بعدين، بعد اذنكم انا تعبانة من الطريق وعايزة ارتاح.
قال توفيق
_ طيب اتغدي معانا الاول وبعدين ارتاحي.
نظرت توليب إلى الطعام بامتعاض وقالت برفض
_ لأ مليش نفس.
همت بأخذ يزن لكن تميم رفض قائلاً
_ سيبيه خليني آكله وانتي ادخلي ارتاحي.
أومأت توليب ودلفت غرفتها فنظرت سلوى لتوفيق بشك وقالت
_ صدقت كلامي؟ بنتك جاية زعلانة.
تنهد توفيق باستياء وغمغم
_ وانتي ايه عرفك ما هي قالتلك تعبانة من الطريق مش أكتر.
_ دي بنتي وانا عرفاها أكيد زعلها.
_ ماشي يا ستي زعلانة خليها بقا ترتاح دلوقت ولما تفوق يبقى افهم منها.
لم تكف توليب عن البكاء لحظة واحدة وهي ترى تبدل حاله دون ان تعرف سبب لذلك.
حتى انه لم يتصل ليعرف اين هي او يحاول بأي طريقة الاطمئنان عليها
لم يستطيع قلب توفيق تركها دون الاطمئنان عليها وفي المساء طرق على بابها طرقات خفيفة كي لا يقلقها إذا كانت نائمة
دلف عندما سمحت له بالدخول فوجدها جالسة على الفراش وتخفي عينيها عنه
تقدم منها ليجلس بجوارها وتحدث برتابة
_ كنت عارف إني هلاقيكي صاحية وعارف كمان أنك مستحيل تنامي إلا لما تشكيلي الأول.
تهربت بعينيها منه وتمتمت بخفوت
_ صدقني يا بابا انا كويسة مفيش حاجة.
_ انا مش جاي اضغط عليكي بس جاي اطمن وده من حقي.
اخذت توليب نفس عميق كي تهدئ به روعها وقالت بصوت مهزوز
_ صدقني مفيش حاجة كل الحكاية إننا زعلنا عادي بس……
تجمعت العبرات في عينيها عندما تذكرت ما حدث ورفعت عينيها لوالدها تشكوا إليه ما ألم بها وتمتمت من بين دموعها
_ جرحني اوي يا بابا مش هقدر اسامحه.
ربت توفيق على كتفها عندما اجهشت بالبكاء وقال بحكمة
_ عادي يا تولي أي اتنين متجوزين بيحصل بينهم خلفات وخاصة بداية الزواج، وبعدين ليه تحكمي عليه من غير ما تسألي عن السبب.
هزت راسها بألم وتمتمت ببكاء
_ حاولت اعرف منه بس مش بلاقي رد غير التجاهل.
_ وده اكبر دليل إن فيه حاجة شغلاه ومش عايز يشغلك بيها، وهنا كان دورك إنك تقربي منه وتخففي حمله بحبك واهتمامك بيه مش في اول مشكلة تهربي وتسبيه وكمان من غير ما تعرفيه
مسحت دموعها وهي تنفي اتهامه
_ بس انا مهربتش منه انا هربت من المكان اللي حسيت اني بيموتني بالبطيء فيه.
رد توفيق بتفاهم
_ انا عارف إن صعب عليكي تتواجدي في مكان كانت فيه واحدة قبلك بس لو فكرتي كويس هتعرفي إن وجودكم في القصر ده مؤقت وانتي عارفة كويس إن جواد كاره ده أكتر منك وانتي دورك إنك تتحملي معاه، بنات الأصول يا توليب لازم يتحملوا مهما كانت الصعوبات اللي بتواجهم لأنها مهما طولت مش بتدوم
انتي غلطتي لما سيبتي جوزك
مع إنك كنتي قادرة تعاقبيه وانتي في مكانك.
نهض من جوارها وقال بثبوت
_ انا هروح اجبلك العشا لأن باين عليكي مكنتيش بتاكلي كويس
لم تعارضه رغم عدم رغبتها في الطعام لكنها تعرفه جيدًا لن يتركها حتى تأكل
دلفت توليب المرحاض لتغسل وجهها وقد شعرت بالغثيان ينتابها
أسرعت للحوض وأفرغت ما بداخلها حتى شعرت بالدوار من فراغ معدتها.
غسلت وجهها وقد زادت حدة الدوار لديها فاستندت على الجدار وعادت لفراشها
__________________
في القصر
جلس جواد على مكتب جده ليتجسد أمامه هيئة حسان بقوته وجبروته
فتح الباب ودلف منه خالد وعدي وكريمة واللذان استدعاهم في مكتبه.
تطلعت إليهم كريمة وهي تدلف الغرفة بسخط لم تستطيع اخفاءه مما جعله يبتسم باستخفاف وأشار لهم بالجلوس
_ اتفضلوا اجعدوا لأن الحديث هيطول حبتين.
اعترض عدي بحدة
_ بس اني معنديش وجت…
قاطعه جواد بقوة
_ جولت اجعد ومش هعيدها تاني.
أشار له خالد بالجلوس وكذلك فعلت كريمة
فتح جواد أحد الأدراج وأخرج منها فلاشة ووضعها في الجهاز الالكتروني (اللاب توب) وقام بالضغط عليه فيظهر أمامهم ذلك المقطع الذي جعلهم يتسمروا في أماكنهم.
ارتبك خالد لعلمه بما يحتويه وقال بانفعال
_ الفيديو ده متفبرك ومش حجيجي
طرق الباب ودلف آدم مما جعل خالد يسرع ليغلق الجهاز وصاح به
_ انت ازاي تدخل كدة من غير ما حد يسمحلك.
تطلع إليه آدم وهو يتقدم منه ليعيد فتح الجهاز وهو يقول بفتور
_ متخافش جوي إكدة اني اللي مصور الفيديو بنفسي واني اللي بعته لجواد.
انقبض قلب خالد وغمغم بانفعال
_ ده مش حجيجي وحتى مش قانوني ولو قدمته دلوقت مش هيعترفوا بيه.
نهض جواد ليتقدم منه حتى وقف قبالته وقال بثقة
_ لأ من الجهة دي اطمن أني مش بفكر اجدمه للشرطة ولا حاچة رغم إني لو جدمته دلوجت
وضع يده على عنق خالد وتابع
_ مفيش حاچة هتمنع إن حبل المشنجة يتلف حوالين رجبتك لأنه جتل ما سبق الإصرار والترصد
بس بما إننا أهل وآدم منا وعلينا جولنا نلم الموضوع بينا
نهض عدي الذي لم يشاهد باقي الفيديو فلم يدري ما يحدث وقال بانفعال
_ مين ده اللي مننا وعلينا بصفته ايه.
رد آدم بانفعال
_ بصفتي إني حفيد حسان الخليلي زيي زييكم
انصدمت كريمة وشحب وجهها عندما سمعت كلمته فهي كانت على علم بوجود ابن لياسمين ابنة حسان لكن لم تتخيل ان يكون هو ذلك السائق والذي إن علم بأنها من دلت حسان على مكانهم فلن يرحمها والأدهى من ذلك كشفه لجريمة ابنها
عقد خالد حاجبيه مندهشًا وسأله
_ انت بتجول ايه حسان مين اللي تبجى حفيده؟
رد جواد تلك المرة
_ ايوة ده يبجى آدم حسن الهليلي چوز عمتك ياسمين الله يرحمها.
ساد الصمت بين الجميع وكل واحد يدور بخلده آلاف الاسئلة فينهى جواد تلك الحيرة قائلاً
_ وجاه الوجت اللي تظهر فيه الحجيجة
نظر لعدي الذي اشاح بوجهه بعيدًا عنه وتابع
_ وأولهم السرجة اللي شاركت فيها انت وأخوك ورحتوا تشغلوها مع واحد نصب عليكم الآخر
ثم تقدم من خالد وقال بخزي
_ وانت اللي جتلت جدك بيدك وحاولت تسرج كل حاچة من غير ذرة ضمير.
نظر عدى لخالد بعدم استيعاب وسأله بذهول
_ قتل؟
اكد جواد بسخرية
_ ايوة جتل بعد ما مضاه على تنازل وجام خنجه بالمخده بكل برود.
دلوجت جدامه حل من التنين، يخرج من الجصر ده وميعتبش ناحيته، وهسيبلك الفلوس اللي الراچل ده سرجها منيك يا إما هجدم الفيديو ده للشرطة ومش هيهمني
وبالنسبة للورث كل واحد هياخد حجه بما يرضى الله وأولهم آدم.
أعترض خالد الذي اصبح كطير جريح وقال باحتدام
_ وهو ياخد بصفته ايه؟ إن كنت أني منعتني عن حجي.
رد جواد بنفس نهجه
_ وانت هتاخد بصفتك ايه؟ مفيش فرج لو هنتكلم بالصفة والشرع فالورث ده يتجسم على ابوي وعمي واحنا مندخلش فيه
بس عشان جدي آمني على التركة دي ولازمن يكونوا بعاد عشان ميعرفوش حجيجة ابن اخوهم اللي جتل ابوهم فكان لازمن يكون سر بينا
المحامي چاي دلوجت عشان يوثق كل حاچة ومعاه ابوي وعمي اي كلمة هتتجال هعرفهم الحجيجة واخليهم يتصرفوا معاك
رمق كريمة التي جلست بكمد تنتظر دورها فتقدم منها وهو يقول بسخط
_ وبالنسبة لعملتك انتي ومحاولة جتلك لمرتي فدي هيكون ليها حساب تاني، إنك تخرچي زي ابنك من الجصر ده بالهدوم اللي عليكي وتعيشي عند أخوكي اللي أكلتي حقه زمان دا إن جبلك عنده.
ولولا الفضيحة كنت حبستك انتي وابنك بس للأسف هعمل حساب لعمي اللي في تربته وابني اللي مهما كان واحد زي ده يبجى خاله.
نظر لعدي وتابع حديثه
_ أما بالنسبة للي كان أخ وصاحب ورمى ودنه للشيطان وبجى واحد زيه هياخد حجه ومسمحله أنه يعيش في الجصر بس عشان خاطر مرته وابنه أما سيلين هتاچي معاي المزرعة ومش هتخرج منها إلا يوم فرحها.
وآدم هكتب المصنع باسمه حجه وعوضه عن ابوه وأمه اللي اتحرم منيهم وماتوا جدام عينيه، حد عنده اعتراض؟
لم يستطيع أحد منهم التفوه بكلمة وحينها طرق الباب ودلف المحامي ومعه عامر وفايز والذي علم بدوره حقيقة آدم.
لم يرفض احدًا منهم قرار جواد وأخذ كل واحدٍ منهم نصيبه وبعد الانتهاء تقدم خالد من جواد وتحدث بتوعد
_ هخليك تندم على كل اللي عملته ده يا.. يا ابن جوز أمي.
خرج خالد وكريمة من القصر بانكسار وخزي وسيلين تنظر إليهم ببكاء لكنها تعلم بأن هذه نهاية كل ظالم.
ألقت نفسها في حضن عامر والذي بدوره احتضنها وربت على ظهرها بكلماته حانية
اما آدم الذي ظل مع جواد بمكتبه وقال بجدية
_ اني سكت ومردتش اتكلم جدامه بس اني مش عايز حاچة من مال حسان ولا يلزمني مهما حصل
أني هرچع بلدي لبيت ابويا وأرضه وده آخر كلام عندي.
اندهش جواد وتحدث بجدية
_ بس ده حجك.
تحدث آدم بصدق
_ أني حجي في حسان هو ياسمين مش رايد غيرها ولو توافج تعيش معايا في بيتي هكون اكتفيت من الدنيا ومش رايد حاچة تاني منيها
ازداد إعجاب جواد به لكنه قال بحزم
_ بس برضك حجك هيفضل باسمك زي ما هو ولو مش عايز ارباحه تجدر تعمل بيه عمل خيري يكون صدجة جارية على روح عمتي.
وافقه آدم وتابع جواد
_ طبعاً مش هينفع نعمل فرح والچو ده هنكتفي بكتب كتاب وخلاص.
اومأ له آدم بتفاهم وتحدث بصدق
_ واني راضي طالما هتكون معايا.
________________
دلفت سلوى وهي تحمل الطعام لتوليب كما طلب منها توفيق وألا تتحدث معها بشيء كي لا تضايقها
_ يلا يا حبيبتي عشان تاكلي انتي شكلك مـ أكلتيش حاجة من الصبح.
نظرت توليب لنوعية الطعام باشمئزاز وكتمت انفاسها قائلة
_ لأ ارجوكي يا ماما مليش نفس.
وضعت الطعام على الفراش أمامها وقالت بإصرار
_ مينفعش كدة لازم تاكلي حاجة على الأقل اشربي كباية اللبن دي.
تناولت الكوب لتقربه منها لكن توليب لم تتحمل رائحته وأسرعت للمرحاض وقد عاد إليها التقيء اعنف من قبله.
اغمضت سلوى عينيها باستياء وقد علمت سبب حالتها
خرجت توليب بعد قليل وقد ظهر عليها الشحوب مما أكد شك سلوى وسألتها باحتدام
_ انتي حامل؟
قالتها سلوى بحدة جعلت توليب تنتبه لحالتها.
فعادت سلوى تسألها
_ ردي عليا انتي حامل مش كدة؟
اهتزت نظراتها وشعرت بقلبها يهدر بقوة
وضعت يدها على إراديًا على جوفها وتمتمت برهبة
_ أكيد لأ.
انفعلت سلوى أكثر من ردها وقالت باحتدام
_ يعني ايه لأ وحاجة زي دي واضحة قدامي
دلف توفيق على صوتها وقال ناهرًا إياها
_ في ايه مالك ومالها؟ انا بقولك أكليها ولا اتخانقي معها؟
تطلعت اليه بامتعاض وهي تقول بحدة
_ بنتك حامل يا أستاذ؟
نظر إليها توفيق بامتعاض وقال بانفعال
_ فين المشكلة انا مش فاهم.
ردت سلوى باندفاع
_ المشكلة يا استاذ انها جاية غضبانه وهي مكملتش شهرين أومال بعد سنة هيعمل فيها ايه، ليه تربط نفسها بواحد….
قاطعتها توليب بانفعال
_ ماما لو سمحتي دي حاجة بيني وبين جوزي ومحدش غيرنا يتدخل فيها مشاكلنا بنحلها مع بعض يعني خليكي برة الموضوع ده.
لم تتحكم سلوى في اعصابها وتقدمت منها تجذبها من ذراعها وقالت بانفعال
_ انتي فاكرة نفسك عشان اتجوزتي تبقي حرة نفسك انا امك يا هانم وليا اني ادخل في حياتك لو شايفة إنك مش عارفة تمشيها
وبعدين انتي ناسية ان عندك دراسة هتروحيها ازاي وانتي حامل؟
لم يستطيع توفيق الصمت اكثر من ذلك وقال بأمر
_ هي كلمة واحدة هقولها سيبي البنت واطلعي برة.
زمت فمها بغضب وهمت بالتحدث لكنها تركتهم وخرجت من الغرفة وصفقت الباب خلفها بحدة
انتهى ثبات توليب واجهشت في البكاء فتقدم توفيق منها ليربت على كتفها وتمتم باحتواء
_ متزعليش من مامتك انتي عارفة اسلوبها.
مسحت دموعها التي تنزل بغزارة وتمتمت بخفوت
_ انا مش بعيط زعل منها انا مستغربة انه مفكرش يسأل عليا ولا يعرف انا فين زي ما يكون ما صدق وخلص مني.
رغم تأييده لأتهامها لكنه تحدث بحكمة
_ متحاوليش تفهمبني انه محسش بيكي وانتي بتقومي من جانبه ولا وانتي بتخدي ابنه وتمشي انا معرفتي بيه سطحية صحيح بس انا عارف انا جوزت بنتي لمين وواثق أنه مستحيل يسيبك تمشي من غير ما يكون مطمن عليكي
هو له حق ميسألش لأنك غلطتي لما مشيتي من غير ما تعرفيه.
كان ممكن إنك تروحي المزرعة عند أمه كان هيبقى أفضل بكتير من إنك تسحبي نفسك وتسيبي البلد ولوحدك كمان، في النقطة دى بالذات انا بلتمسله العذر.
الصبح إن شاء الله هتكلم معاه وانتي حاولي تضغطي على نفسك وتاكلي أي حاجة خفيفية كدة ونامي، متقلقيش على يزن هو مبسوط مع تميم أوي.
أومأت توليب وخرج توفيق من الغرفة فتعيد هي الكرة ما إن نظرت إلى كوب اللبن.
نكمل بكرة مع الخاتمة♥️♥️
يتبع الفصل كاملا اضغط هنا ملحوظه اكتب في جوجل "رواية التل دليل الروايات" لكي تظهر لك كاملة
•تابع الفصل التالي "رواية التل" اضغط على اسم الرواية