رواية مزيج العشق الفصل التاسع و الثلاثون 39 - بقلم نورهان محسن
الفصل التاسع و الثلاثون (حبها الثمين) مزيج العشق
كان عشقه بركانًا كامنًا في نقطة بعيدة ، مختبئًا بين ثنايا قلبها ، دون إدراك منها اندلعت الحمم بداخلها لتذيب الثلج الذي غلف قلبها ، حيث أنها كانت علي شفير الهلاك حتى أحاطت بها حرارة عشقه الناري ، ليعيد لها حياتها ويضخ الدماء في وتينها مرة أخرى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صباحا في منزل مالك البارون
وقف مالك أمام التسريحة ، ناظرًا في المرآة ، وهو يمشط شعره بينما يدندن أغنية بروقان بصوته العذب : يا جميل يا اللي هنا ما بقينا لوحدنا يا جميل يا جميل
تسللت يسر إلى الحجرة بخفة ، ووقفت وراءه ، وهي تضع كلتا يديها علي خصرها ، قائلة في غضب مصطنع : بتغني لمين وانت غزالتك رايقة كدا يا سي مالك؟
ضحك مالك بمرح ، وهو ينظر إليها من خلال المرآة ، وقال بغمزة : هو انا عندي غيرك انت يا جميل في حياتي
ضيقت يسر عينيها ، ثم أدارت جسده في مواجهتها ، قائلة برقة مفرطة : هممم انا كمان بقول كدا
رفعت يدها وبدأت تصلح ربطة عنقه ، و أردفت بدلال ، وهي ناظرة إليه بعيون متسعة ببراءة : ميكي حبيبي
علق مالك نظراته في السقف ، وقال بارتياب : طالما فيها ميكي و علي الصبح كدا .. يبقي وراها حاجة استرها من عندك يارب
وكزته يسر برفق في كتفه ، وقالت بعتاب ، بينما تقوس شفتيها للأسفل : اخس عليك يا مالك
قبل مالك خدها بحب. ثم أشار إليه بإصبعه ، وهو ينذرها : بهزر معاكي يا قلبي أأمريني .. بس بسرعة انا متأخر علي الشغل وابنك عنده حضانه
تنحنحت يسر قائلة بصوت منخفض : أحم كنت عايزاك تجيبلي حاجة معاك وانت راجع من الشغل
نظر مالك في المرآة ، وهو يعدل ملابسه ، رافعًا حاجبيه ، ليقول بملل : حاجة ايه دي ما تتكلمي علي طول يا يسر بلاش مقدماتك الطويلة دي
فركت يسر فروة شعرها بتوتر خفيف ، ثم إستجمعت شجاعتها ، ونطقت بسرعة : انا عايزة رنجة
التفت مالك إليها بسرعة ، وعيناه جحظت بصدمة ، وهتف بدون وعي و إستنكار : نعم يا اختي عيدي تاني كدا
إنتفضت يسر من صراخه عليها ، قائلة في ذعر ، بينما تجمع قبضتيها معا علي صدرها : خضتيتي ما براحة بقولك عايزة رنجة .. ايه جريمة دي
تشدق صدغ مالك بسخرية ، ثم سألها بصوت لاذع : من امتي وانتي بتاكلي الحاجات دي يا هانم
رفعت يسر كتفها ، وقالت دون أن تهتم باستهزائه بها : نفسي راحتلها .. مفيهاش حاجة لو جربتها .. ريحتها مش بتفارق مناخيري من كام يوم
ابتسم مالك بإيماءة صغيرة ، وقال بشك مليء بالفرح : الله الله انتي بتتوحمي يا سوسو
فتحت فاهها بصدمة ، وتفوهت ببلاهة : ها .. بلاش سخافة يا مالك .. وحم ايه دلوقتي
أمسكها مالك من كتفيها ، وهو يردد مجددا بحماس : لا انتي بتتوحمي انا متأكد
أسدلت يسر عينيها للأسفل ، وظلت تحسب الأمر في ذهنها لبعض الوقت ، تتخبط أفكارها دون أن تصل إلى أي شيء ، ثم نظرت إليه وقالت بحيرة : تصدق مش عارفه بس حاليا ضروري تجيبهالي و انت جاي
قال مالك بسرعة ، وهو يمشي بها إلى خزانة الملابس : ماشي هجيبلك اللي انتي عايزاه بس تعالي البسي عشان نروح للدكتور
توقفت يُسر ، وإستدارت إليه بكامل جسدها ، قائلة بدهشة من إلحاحه : مالك يا حبيبي انت اتجننت دكتور ايه .. انت وراك شغل و انا عايزة اروح لكارمن عشان اخد منها الكتاب
برزت عيناه ، وقال بلهفة ، وهو يربط الأشياء معًا في ذهنه : اهو الكتاب دا اكبر دليل ان كلامي مظبوط .. انتي بقالك فترة زنانه ومتغيرة عماله تزني علي البت تجيبهولك بقالك اسبوعين ومش طايقه نفسك ولا طايقاني
أشارت يسر إلى نفسها بغباء وقالت : معقولة انا بقيت كدا بجد
تنهد مالك بسأم من اعتراضاتها الكثيرة ، وقال بسرعة : مش وقته الكلام دا يلا البسي خلينا ننزل بسرعة يا حبيبتي
ربَّتت يُسر على ذراعه ، وقالت بتريث : اهدا يا قلبي واسمعني ياسين مستنيك عشان تاخده الحضانه لما ترجعه من الحضانه نوديه عند ماما و نروح للدكتور بليل في الروقان
قلب هذا الكلام في رأسه ، ثم أومأ إليها بالموافقة ، وقال بتحذير : خلاص موافق بس بشرط تاخدي بالك من نفسك و ماتنزليش .. اتصلي حالا بكارمن خليها تجيب الكتاب علي الشركة و انا هعدي اخده منها
قبلته يسر على خده بلطف ، وقالت بإبتسامة متسعة مظهرة أسنانها البيضاء : حبيب قلبي انت حاضر
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في قصر البارون
داخل جناح ادهم
رن الهاتف الخلوي فوق السرير ، بينما كارمن كانت تقف أمام المرآة وهي تعدل مكياجها ، ليقطع رنين الهاتف إندماجها فذهبت إليه لالتقاطه ، وتنهدت بقلة حيلة عندما وجدت اسم يسّر مضاءً على الشاشة.
ألقت نظرة خاطفة على الحمام الذي دخله أدهم للتو ، ثم أجابت بهدوء : الو
هتفت يسر بمرح ، بينما تقف وراء النافذة تنظر إلى زوجها ، وهو يسير نحو سيارته وفي يده ياسين : صباح القشطة يا قلبي
ابتسمت كارمن ، وقالت بنبرة رقيقة : صباح الورد يا ياسو عاملة ايه
يسر بتنهيدة عميقة : فل الحمدلله و انتي طمنيني عليكي
جلست كارمن أمام الطاولة تمشط شعرها ناظرة إلى المرأة ، وقالت بلطف : يارب دايما انا تمام والله
همهمت يسر بتساءل : فينك كدا
كارمن بعدم إكتراث : ابدا لبست و نزلين علي الشركة
عقدت يسر حاجبيها قائلة بإستفهام : نزلين انتي و مين
لوت كارمن شفتيها ، وأجابت بسخرية : انا و ادهم يا تايهة
توجهت يسر نحو المطبخ لإعداد كوب قهوة ، بينما تسألها بعدم إستيعاب : هو رجع امتي مش المفروض مسافر
قامت كارمن من مكانها تتحرك في أرجاء الغرفة ، وقالت : لا رجع امبارح بليل
تمتمت يسر بإستغراب : غريبة مالك ماقلش انه جه يعني
كارمن بتنهيدة من كثرة اسئلتها : عشان مالك مايعرفش .. محدش عارف اصلا
ثم أضافت بإبتسامة خبيثة : بقولك ايه ماتقوليش حاجة و خليه يتفاجئ به قدامه في الشركة
ضحكت يسر أيضا بطريقة شريرة ، وأعجبت بتلك الفكرة حيث ستستطيع الانتقام منه لاستهزائه بها منذ قليل : ماشي يا سوسة مش هقول حاجة بس لو عرفتي تصوري الحدث دا ابقي ابعتيهولي
ثم أردفت بسرعة : بس اسمعي صحيح مالك هيعدي عليكي عشان ياخد منك الكتاب خديه معاكي اوعي ماتنسيش
قلبت كارمن عينها للجهة الأخري ، قائلة بملل واضح : يادي الكتاب يا ست الزنانه ماشي عايزة حاجة تانية لازم اقفل متأخرة ارحميني من رغيك شوية
قهقهت يسر بصخب ، وبدأت تصدق حديث مالك عن أسلوبها مؤخرًا : لا يا حضرت المهمه هانم روحي والقلب دعيلك و ابقي كلميني بليل
قالت كارمن بضحكة عالية : اوك يلا باي
يسر بإبتسامة مشرقة : مع السلامة
التفتت كارمن إلى زوجها بعد انتهاء مكالمتها ، وتشمله بإلقاء نظرة فاحصة من الرأس إلى أخمص القدمين ، قائلة بإعجاب صريح بجسده المعضل داخل بدلته الرسمية الأنيقة : قلبي لا ماقدرش علي الشياكة الفتاكة دي كلها
ابتسم أدهم بلطف علي تغزلها الرقيق به ، وهو يقترب منها قائلاً بصوت رخيم هادئ ، وهو يقبل جبهتها : كلي ليكي يا روحي .. يلا بينا ننزل نشوفهم بيعملو ايه تحت!!
أشارت كارمن بيدها إليه ، وقالت على الفور : حاضر بس لحظة واحدة حبيبي
انتهت من الحصول على الكتاب ، ووضعته في حقيبتها قبل أن تنسى ، ثم أخذت معطف زوجها ومعطفها وسلمته خاصته ، وبعد ذلك تأبطت ذراعه ونزلوا معًا إلى الطابق السفلي.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد قليل في الأسفل
دخل أدهم وكارمن غرفة الطعام حيث كان الجميع جالسين في أماكنهم بهدوء.
كانت أول من رأتهم هي ملك التي كانت تطعم كلبها الصغير بلطف ، لذا ركضت إلى أدهم قائلة بنبرة طفولية سعيدة : بابا
حملها أدهم من الأرض ، وهو ينظر إلى الجميع ، وقال معتذرًا : سامحوني يا جماعة بس السكر دي وحشاني جدا
ضمها بين يديه ، وهو يقبل خدها بشوق لرائحتها اللطيفة ، قائلا بابتسامة عريضة علي شفتيه : يا حبيبة بابا .. انا وحشتك قد ايه
همهمت ملك بكلمات غير مرتبة ، وهي فتحت يديها على مصراعيها وقبلته على خده بلطف ، لكن ملامحها عبست فجأة.
تساءل ادهم بعدم إدراك : هي مالها كشرت كدا ليه!!
قالت كارمن بضحكة ، مداعبة خد ابنتها بلطف ، ثم قرصت أنفها برفق ، وهي تبتسم إليها بحنان ، لتقول بشقاوة : ذقنك يا بابا طويلة شوكتها
ضحك ادهم ، وهو يومئ بتفاهم ، قائلا بحنو : معلش يا روحي عشانك انتي بس يا ام عيون تجنن هخفها
واصل حديثه بصوت منخفض بالقرب من أذن كارمن : وعشان عيون امك كمان
ابتسمت كارمن بخجل ثم أومأت برأسها ، وهي تبتعد عنه متجهة نحو طاولة الطعام.
أنزل أدهم الصغيرة إلى الأرض ، لتجري خلف كلبها الصغير ، وقد نست ما حدث منذ دقيقة ، ثم هتف ادهم بمرح : يا صباح الفل علي الحلوين
قالت ليلي بفرح لرؤيته أمامها ، وهو يبدو سعيدا : صباح الورد يا حبيبي حمدلله علي سلامتك
بينما ابتسمت مريم بإتساع ، وهي تصافحه بمحبة : نورت بيتك يا بني وحشتنا والله
بعد أن رد على تحياتها بأدب وود ، ذهب أدهم إلى ليلي واحتضنها بشوق كبير ، ثم انحنى وقبّل يدها ثم جبهتها ، قائلاً بابتسامة جذابة : وحشني حضنك جدا يا ست الكل طمنيني صحتك عاملة ايه؟؟
جلست كارمن أمام كرسي والدتها من الجانب الآخر للطاولة ، قائلة بابتسامة رقيقة مشرقة ، وعيناها تشعان بالسرور : صباحك هنا يا مامتي
قالت مريم بحبور : صباح الورد يا نن عين امك
كانت والدتها سعيدة للغاية بتألق عينيها ، وابتسامتها التي تذبلت على شفتيها منذ سفر أدهم ، وحتى وجبة الإفطار لم تتناولها معهم منذ فترة طويلة ، وكانت تذهب مباشرة إلى الشركة أثناء غياب زوجها.
دخلت نادين الغرفة برشاقة في ذلك الوقت ، لكنها توقفت فجأة عندما رأته أمام عيناها يصافح والدته.
تضاربت الأفكار في ذهنها بحيرة ، متي وصل من سفره ، ثم إرتسمت ابتسامة خبيثة على شفتيها ، وهي ترى ابتسامة كارمن السعيدة ، و سرعان ما اندفعت إليه بسرعة ، متظاهرة باللهفة : حبيبي ادهم
تفاجأ أدهم بمن إرتمت عليه وعانقته ، ثم تمسكت برقبته ، وقبلت خديه ، وهي تردد بدلال أنثوي مقصود : وحشتني موت .. حمدلله علي سلامتك يا روحي
اشتعلت عينا كارمن بلهيب أزرق ناريّا كاد أن يحرق نادين في ظهرها.
أما بالنسبة له ، فلم يشعر بأي شعور يذكر عندما اقتربت منه نادين بهذه الطريقة ، وكأنها لا شيء على الإطلاق ، على عكس كارمن التي بلمسة بسيطة منها جعلته يشعر بتيار كهربائي في جميع أنحاء جسده ، ثم تمتم ببرود : الله يسلمك يا نادين
أنزل ذراعيها اللتين تلتف حول رقبته مثل الحية التي تلتف حول فريستها ، وهو يتنهد مما فعلته ، فهذا الأمر الآن بالطبع سيسبب له مشاكل مع كارمن ، بالتأكيد ستغضب منه الآن.
نظر إلى كارمن التي كانت جالسة تشاهد هذا العرض المسرحي الساخر أمامها دون أي رد فعل يظهر علي ملامحها المقتضبة.
اختفت الابتسامة المشرقة عن شفتيها ، وقد أقتحن وجهها بشدة حيث نجحت تلك المرأة البغيضة حرق أعصابها عندما اقتربت منه ، ولكن كيف لها أن تمنعها ، وهي زوجته في النهاية أيضًا.
جلس أدهم بهدوء بجانبها دون ان ينبس ببنت شفة.
تساءلت ليلي في محاولة لفت انتباه كارمن ، عندما رأت نظراتها النارية إلى نادين : انت رجعت امتي يا ادهم محدش من الخدم شافك و الا كانو بلغوني علي طول
بدأ أدهم بشرب قهوته بعد أن سكبتها كارمن في فنجانه ، ثم قال بعدم إكتراث : جيت بليل يا امي و محبتش ازعج حد طلعت علي جناحي فورا
نطقت ليلى بصوت خفيض ماكر ، وألقت نظرة سريعة على مريم التي فهمت عليها سريعا : قول كدا بقي انك ما صدقت وصلت و روحت طيران علي الناس اللي وحشوك
غصت كارمن أثناء شرب العصير من تلميحات والدته الجريئة ، لكنها سرعان ما ابتسمت بمكر أنثوي ، لأن الكرة أتت إليها ، ولابد من أن تسجل هدفا ذهبيا الآن.
اقتربت كارمن منه بجرأة ، وهي تميل عليه ، ثم وضعت كفها الناعم على خده ، ومسحت آثار قبلات تلك الحرباء بتعمد واضح ، ثم رفعت يدها الأخرى إلى صدره متظاهرة بتعديل رابطة عنقه.
حدقت كارمن في عينيه بإشتياق ، قائلة بنعومة مفرطة يتخللها الغنج : لا يا ماما بالعكس ماتظلميهوش .. انا اللي مسكت فيه امبارح اول ما لاقيته قدامي .. كان وحشني اوي اوي ماقدرتش اقوم من حضنه طول الليل
اختتمت جملتها بقبلة صغيرة بجوار فكه أمام كل الجالسين.
برزت عينا أدهم إلى الأمام ، وهو يحدق فيها بصدمة حقيقية ، لأنه توقع منها كل شيء بعد حركة نادين ، باستثناء هذه التصرفات الجريئة منها أمامهم ، لكنه ابتسم بدهاء من مكرها الذي أسعده وأرضاه كثيرًا ، وهي علمت بذلك جراء عيناه التي إلتمعت بشغف نحوها.
قالت ليلي بابتسامة متلاعبة ، وقد أحببت ما فعلته كارمن : ربنا يسعدكم يا حبيبتي
بينما كانت نادين تجلس بابتسامة سطحية على شفتيها ، تختبئ وراءها قدرًا هائلاً من الكراهية والحقد لكارمن ، التي انتصرت عليها للمرة المائة ، وبدلاً من مكايدتها ، كانت هي التي أغضبتها كثيرًا.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد بضع دقائق ، أمام قصر البارون
ركبت السيارة بجانب زوجها حيث كان جالسًا أمام عجلة القيادة ، وفقالت برقة : ادهم ممكن تستني ماتطلعش دقيقة بس
أنهت كلماتها ، ثم عبثت قليلاً في حقيبة يدها ، وأخرجت منها شيئًا تحت عيون أدهم الذي يناظرها بحيرة
همست كارمن بنبرة خجولة بعض الشئ ، بينما تعلو شفتيها إبتسامة رائعة : اتفضل
أخذ من يدها الصندوق الملفوف بأناقة ، وحدق فيها بذهول ، وسأل باهتمام : فيها ايه العلبة دي يا حبيبي
هزت كارمن كتفيها ، وأجابت ببساطة : افتحها وانت تعرف
بدأ أدهم بفك الرابط من علي الصندوق ، ثم أزال المغلف ورماه إلى جانبه بإهمال ، لتتسع عينيه بدهشة ، حيث رأى مجموعة مصاحف قرآنية داخل الصندوق ، ثم استمع إلى صوت كارمن اللطيف قائلة : كنت بفكر طول فترة سفرك في هدية اقدمهالك لما ترجعلي بالسلامة
ثم ألتقطت احدي المصاحف من الصندوق ، ووضعته امام زجاج السيارة من الداخل ، قائلة بمحبة : مافيش افضل من كلمات الله عشان تحفظك من كل مكروه في اي مكان تروحو
في نظره ، كانت هذه بالفعل أعظم هدية نالها في حياته ، لأنها كانت كلمات الله الحافظ ، كما أنه شعر بمقدار المشاعر العميقة التي تكنها كارمن في قلبها له ، لقد كانت هدية معبرة جدًا و تأثر بها بقوة.
قال أدهم بابتسامة ، وعيناه تشعان لها بالحب والتقدير : ربنا يخليكي ويحفظك انتي ليا يا قلبي و كفاية عندي اني اشوفك قدامي دي احلي هدية في الدنيا
همست كارمن بصوت خجول : ربنا مايحرمنيش منك حبيبي .. باقي المصاحف هنحطهم في المكتب عندك
ثم أدارت رأسها إلى الوراء ، ونظرت إلى السيارات المتوقفة في الخلف من خلال الزجاج المظلم للسيارة ، وتمتمت مازحة : طب يلا اتفضل اتحرك .. احنا بقالنا كتير واقفين كدا الحراس هيفهمونا غلط
ضحك أدهم بصوت عال على مزحتها الطريفة ، ثم سرعان ما سيطر على قهقهته ، وهمس بابتسامة جذابة على شفتيه ، بينما يقترب منها بمكر واضعا يده علي قمة المقعد خلف رأسها : مش متحرك ويفهمو اللي يفهمو مايهمنيش
إلتصقت كارمن في باب السيارة ، قائلة بإرتباك مختلطًا بخجل مما ينوي فعله : ادهم مش وقت رخامة بقي لو سمحت
رفع أدهم حاجبيه ، وابتسامة لا تزال على شفتيه ، متمتما : لما تقوليلي الاول انك مابقتيش زعلانه مني
ابتسمت كارمن بهدوء ، وقالت بنبرة متلاعبة أيضًا ، بعد أن تأكدت قليلاً من أنه لن يكون متهورًا : لا لما اتأكد انك بقيت تفهمني ومش هتسيبني تاني لوحدي وتخلع
مال أدهم نحوها قليلاً ، وقبل خدها بحب ، ليهمس بجانب أذنها : اوعدك وغلاوتك عندي عمري ما هخلع ابدا
رفعت بصرها محدقة فيه ، متسائلة ببراءة : والمرة الجاية هتاخدني معاك وانت مسافر
لثم ادهم جبينها بعمق ، قائلا بنفس الصوت الخافت : مش هسافر بعد كدا غير وانتي معايا ..
ثم قرص وجنتيها المشتعلة بأحمر قاني بخفة متسائلاً : ها لسه زعلانه
أخذت نفسًا عميقًا قبل أن تجيب عليه ، بينما تصاعدت الحرارة في وجنتاها ، ممَ جعلها تشعر بالدفء والإسترخاء : من خوفي عليك كنت زعلانه منك
ثم أردفت بنبرة صادقة : ادهم انت نعمة ربنا عوضني بها عن كل حاجة اتحرمت منها في الدنيا و بحبك اوي
إلتمعت عينا أدهم من السعادة التي جعلت ابتسامة كارمن العاشقة تتسع أكثر ، قائلاً بهيام في عينيها : وانا بعشقك يا عمري كله
جميل أن تكون شيء ثمين لدى شخص يخاف فقدانك يومًا.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد حوالي ساعتين في شركة "البارون ديزين"
في مكتب كارمن
جالسة أمام الكمبيوتر تقوم ببعض الأعمال ، قاطعها دلوف مالك بعد أن طرق الباب.
مالك بصوت مرح : صباح النشاط علي مديرتنا
تركت شاشة الحاسوب ناظرة إليه ، وردت بابتسامة على تحية الصباح : صباح الورد يا مالك
جلس مالك امامها قائلا بإهتمام : ايه الاخبار معاكي بالشغل
أومأت برأسها قائلة بهدوء : كله تمام انت لسه واصل
همهم مالك ، وقال بلا مبالاة : ايوه عديت علي الشركة التانية خلصت شوية حاجات وجيت علي هنا ..
ثم أردف ، وهو يستعد للنهوض : اذا احتاجتي مني حاجة انا علي مكتبي
أوقفته كارمن ، وهي تعبث في حقيبة يدها وقالت على الفور : ماشي .. استني قبل ما انسي
أخرجت الكتاب من حقيبتها ، وقالت بمزح : خد و قول لمراتك ترحمني شوية من الزن
أمسك مالك الكتاب منها ، وبدأ يفحص غلافه ، وهو يتمتم : ماظنش انها هتبطل دي يدوب بتسخن
رفعت كارمن حاجبيها بدهشة وقالت بتساءل : ازاي يعني؟
نظر مالك إليها محاولا كبح ضحكته ، وقال على مضض : الهانم طالبة مني اجيبلها رنجة
اتسعت عيناها ، وقالت بإيماءة صغيرة من رأسها : انت بتهزر صح
قال مالك بضحكة خافتة : والله بجد شكلها بتتوحم
تمتمت كارمن بغيظ : ازاي البت دي ماتقوليش
اجاب مالك ، وهو يستقيم في جلسته : احنا هنروح بليل للدكتور واذا الخبر صحيح ان شاء الله هتقولك بنفسها
دخل أدهم المكتب فجأة بهدوء ، وهو يغمز بعينيه إلى كارمن التي فهمت معنى تلك الإيماءة ، ثم سعلت بعد أن أفلتت منها ضحكة صغيرة حتى لا ينكشف أمرها أمامه.
وأجابت علي مالك بنبرة عادية ، وهي تكتم ابتسامتها بصعوبة : خلاص ماشي احم
هبط أدهم بكف يده على كتف مالك الجالس ، ويولي ظهره نحو باب المكتب ، ثم صاح في غضب أجاد تصنعه : انت قاعد تكركر هنا يا استاذ وسايب شغلك
اتنفض مالك من على كرسيه ، وخفق قلبه بقوة من تلك المفاجأة ، قائلا بدهشة مستنكرًا : بسم الله اللهم احفظنا .. انت طلعت منين يا اخي
انفجرت كارمن ضاحكة من التعابير المفاجئة على وجهه ، والتي كانت مضحكة للغاية.
نظر أدهم إلى كارمن ، وهو يشير بيده إلى مالك ، وقال بتهكم ساخر : والله عال شايفه الاستقبال بيبقي عامل ازاي منه
هزت كارمن رأسها مؤيدة لزوجها في حديثه ، وقالت بتسلية : دلوقتي عرفت يسر جابته منين اكيد اتعدت منه
صاح عليهم مالك بسخط : حيلك حيلك انت و هي هتتمسخرو عليا انا و مراتي كدا كتير
قالت كارمن بينما تمط شفتيها للخارج متصنعة الحزن ، وتسبل عيونها : لا خلاص كفاية عليك اللي هتعملو فيك يسر
عبست ملامح مالك قائلا بحسرة : ربنا معايا
ثم قال موجها حديثه لأدهم : قولي صحيح انت رجعت امتي يا شبح
وضع أدهم يديه في جيوبه ، وقال بفظاظة وغرور : بعدين هبقي اقولك انزل شوف المخازن دلوقتي .. عايز مراتي في كلمتين لوحدنا
جز مالك علي أسنانه من لهجته المتعجرفة ، وقال بقهر : بتوزعني كدا عيني عينك
أومأ ادهم ببرود : اكيد
غمز مالك بخبث ، وقال بإبتسامة : ماشي يا ابو الادهيم
زم أدهم شفتيه وشد علي قبضته بحنق من استفزاز مالك له ، ثم تحرك قاصدا أن يلقنه درسًا عنيفًا ، لكن فر مالك من أمامه في غمضة عين للخارج.
أدار أدهم رأسه ونظر إلى كارمن ، التي كانت تغطي فمها براحة يدها لإسكات ضحكها عن زوجها الغاضب ، الذي يبدو لطيفًا جدًا هكذا.
تقدم ادهم منها بإبتسامة جانبيه ، وسأل بينما هو واقف امامها مباشرة : بتخبي ضحكتك ليه يا شقية؟
ردت كارمن بضحكة خافته بعد أن خفضت يدها ، وإستندت علي حافة المكتب خلفها : قلقانه لا تمسك فيا .. مين هينجيني منك وقتها؟
نظر أدهم حوله ، حيث كان جدار الغرفة مصنوعًا من الزجاج ، ممَ يجعل الواقف من الخارج يرى الداخل بوضوح ، وقال بتنهيدة : لا اطمني انتي هنا في امان
تنهدت كارمن براحة ، وقالت بإبتسامة رائعة : طب كويس انك قولتلي
مال أدهم بجسده عليها قليلاً ، وهو يمسك خصرها بين يديه ، وقال بينما كانت عيناه تتألقان بنظرة خبيثة : بس مش عايزك تاخدي كلامي بالثقة دي انا ممكن اتهور بعد الابتسامة اللي تجنن دي
جحظت عيناها فى رعب ، وهي تحاول الافلات منه بإحراج ، لكي لا يراهما أحد في هذا الوضع الحميمي ، فقالت مبتعدة عنه قليلاً : لا وعلي ايه .. نلبس الوش الخشب ونتكلم في الشغل احسن
نظر أدهم إليها بنصف عين ، قائلا بهدوء : شطورة يلا هاتي لابتوبك وتعالي اشتغلي عندي بالمكتب
جعدت كارمن حاجبيها ، وهي تضع يديها على خصرها ، وقالت بعبوس لطيف : اشمعنا بقي
ضاق أدهم عينيه وهو يتظاهر بالتفكير ، ثم أجاب : عشان تشتغلي وأنتي قدامك منظر جميل وتقدري تخرجي كل الابداع الفني
أردف بجدية : وفي موضوع مهم كمان عايز نتكلم فيه قبل ما نرجع البيت
حركت كارمن رأسها بإيماءة صغيرة ، وقالت برقة : حاضر اسبقني و انا هاجي وراك
ادهم بتحذير : بس ماتتأخريش
قالت كارمن بينما تعبث في حاسوبها : ماشي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد قليل
غادرت كارمن مكتبها ، وسارت في طريقها إلى مكتب أدهم لتتفاجأ بأن أدهم ، يقف مع مها السكرتيرة في الممر ، ومعهما رانيا عارضة الأزياء.
زمت كارمن شفتيها مستاءة من تلك الفتاة التي لا ترتاح لها ، ولا لنظراتها الجريئة إلى أدهم ، وأيضا غاضبة مما تسببت فيه هي ويوسف إلى نسمة من ألم و خذلان ، لكن اللوم لا يقع عليها وحدها كان هو أيضًا سببًا رئيسيًا لهذا الوجع لتلك المسكينة ، أنهما نفوس خبيثة حقًا.
سارت بهدوء ووقفت خلفهم ، لتقول بصوت رقيق للغاية : ادهم حبيبي اسفه لو قطعت كلامكم
التفت ادهم اليها قائلا بإبتسامة حنونة تخصها وحدها : لا ابدا حبيبتي لحظة واحدة
ثم عاد يردف بجدية ، منهيا حديثه مع رانيا التي كانت تثرثر ، لبضع دقائق دون جدوى : الموضوع دا تقدري تكلمي فيه الفريق المنظم للديفليه يا رانيا وحاليا عن اذنك لان عندنا شغل كتير
اضاف بتساءل يوجه حديثه إلي سكرتيرته الخاصة : مها في ورق محتاج امضتي غير اللي بعتيهم الصبح
مها بنبرة عملية : لا يا فندم
ادهم بهدوء : تمام .. تعالي يا كارمن
سارت كارمن معه ، وشبكت يدها في يده يكملون طريقهما إلى مكتبه ، وعندما دلفت خلفه مغلقة الباب خلفها ، تمتمت بشئ وصل إلى مسامع أدهم : البنت دي مش طبيعية بجد
ادهم بإستفهام : بنت مين !!
تقدمت كارمن من المكتب الذي جلس خلفه أدهم ، لتتسلق حافة المكتب أمامه ، وتجلس عليه بشكل مريح قائلة بسخرية : الانسة رانيا
رفع ادهم حاجبه بتعجب وقال بدهشة : مالها بس عملتلك ايه
زمجرته كارمن بنبرة حادة : وهي تقدر تعملي حاجة كنت قرقشتها بسناني
ابتسم أدهم لأسلوبها اللطيف ، وكلماتها الغاضبة وهو يقرص أنفها ، وقال مازحا : يا واد يا شرس انت
وجهت وجهها بعيدًا عن متناول يده ، وقالت في انزعاج : ادهم بطل الحركة دي .. يسر كانت بتعملها في ابنها لحد الواد ما مناخيره بقت قد البرتقالة بسببها .. وبعدين هبقي اقولك هي عملت ايه
قام بشبك أصابعه بين أصابعها النحيلة ، قائلاً بجدية : ماشي ركزي هنا معايا عشان عايزاك في موضوع
نظرت إليه كارمن بتمعن وقالت بفضول : خير موضوع ايه دا؟
قال أدهم في صوته الرخيم ، وعيناه لم تترك عينيها : عارف ان نادين بحركاتها المستفزة بقت تضايقك كتير
أسدلت كارمن عينيها ، وقد ألمتها معدتها من سيرة تلك المخلوقة ، حيث ظنت أنه سيدافع عما فعلته نادين في الصباح ، لكنها تحدثت بهدوء : دا العادي مش جديد عليها يا ادهم وانا بقيت متعودة
رفع أدهم ذقنها بأصابعه ، لتنظر في عينيه ملاحظا هو نظراتها الحزينة ، ليردد مجددًا : كارمن هي وجودها فعلا بيضايقك ماتنكريش .. انا وهي اصلا علاقتنا ميته من سنين والمفروض انها تنتهي لان مالهاش معني وانا حاليا عايز اطلاقها و...
بترت كارمن جملته ، قائلة برفض وهي تهز رأسها : لا .. لو هتطلقها يا ادهم يبقي عشان انت عايز كدا لكن ماتعملش كدا عشاني
رفع ادهم حاجبيه ، قائلا بعدم تصديق : يعني هي وجودها في حياتنا مش مزعلك
تنهدت كارمن بضيق ، وقالت بنبرة حزينة : انا مش ملاك طبعا زعلانة وهموت من القهر والغيظ .. ان وحدة غيري علي ذمتك ولما بتقرب منك ببقي عايزة اخنقها .. بس بلاش تطلقها بسببي انا وانت قولت مالهاش حد غيرك هتروح فين وتعيش ازاي
أومأ أدهم برأسه وقد تفاهم كلامها ، قائلا بابتسامة صغيرة : خلاص فهمتك انا هشوف الموضوع دا قريب واخلص منه بطريقتي وصدقيني مش هظلمها يعني هتاخد حقوقها بالكامل ومبلغ كويس تعيش منه.
إلتمعت عينيها بالدموع تأثيرا بحديثه ، وقالت بنظرة عاشقة ، بينما كلتا يديها وضعتها علي وجهه : مفيش حد في طيبتك و رجولتك يا ادهم وبجد بحسد نفسي اني معاك و انا فعلا بموت فيك و هعيش ليك طول عمري
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد مرور عدة ايام
في شركة البارون ديزين
نزلت من المصعد ، وسارت بخطوات هادئة في الممر بعد انتهاء الاجتماع ، ثم توقفت عندما رأت الساعي يمر بجانبها ، لتنطق بنبرة منهكة : عم ممدوح لو سمحت تعملي النسكافيه بتاعي وتجيبو علي مكتبي
قال ممدوح بتهذيب : تأمري يا استاذة نسمة
أهدته ابتسامة لطيفة ، ثم توجهت مباشرة إلى مكتبها.
دخلت المكتب ، وهي تفحص بعناية الأوراق الممسكة بها بين يديها ، لذلك لم تلاحظ من كان يجلس على الكرسي أمام المكتب بهدوء صامت.
رفعت نسمة بصرها ، ونظرت إليه بتفاجئ من جلسته هكذا ، وللحظة شعرت بالتوتر ، لكنها سرعان ما وضعت الاوراق على المكتب ، وقالت بنبرة رسمية ، وهي تتخذ موقفًا دفاعيًا حيث كانت ذراعيها متشابكتان تحت صدرها : ايوه يا استاذ يوسف في حاجة تبع الشغل
تحدثت ببرود وبلا مبالاة ، وهي تتساءل محتارة في سرها ، أين ذهب شعور الإعجاب والإستلطاف الذي كانت تشعر به تجاهه من قبل؟
أثارت لهجتها الجليدية دهشة واستياء يوسف كثيرا.
صحيح أنها كانت تتجنبه منذ شهور ، لكنه ظن أنها فترة ستمضي وستعود إلى طبيعتها معه ، خاصة عندما علم من صديقه المقرب أن رانيا اقتربت منه فقط لأنه كان قريبًا من صاحب الشركة لا أكثر ، و كانت تطمح في أن تقترب منه من خلاله ، لكن منذ زواج أدهم وهي إبتعدت عن يوسف ، لإعتقادها أنه وسيلة بطيئة للوصول إلى مبتغاها ، وهو كان في تلك الحكاية مثل الأحمق الذي انجرف بسحرها وفقد خطيبته.
ظل يوسف محدقًا فيها بنفس الصمت ، بينما كانت الأخرى ترمقه بعيون باردة قوية.
أين ذهبت ابتسامة نسمة الرقيقة الآن ؟
هل هو بالفعل قد أذي شعورها لهذه الدرجة ؟
تنهد في سره يفكر ما فائدة الندم الأن ، عليه أن يحاول إسترجعها وألا يقف مكتوف الأيدي هكذا؟
نطق يوسف بتعجب : انتي ليه بتتكلمي معايا بالاسلوب دا يا نسمة؟
هتفت نسمة بتصحيح ولهجة جدية للغاية : استاذة نسمة لو سمحت .. ثانيا انا بتكلم بكل ادب مع حضرتك
حاول السيطرة على أعصابه التي بدأت تهتز من أسلوبها الصارم معه ، وقال بتوتر طفيف : انا قصدي ليه الرسمية دي كلها .. احنا كنا اصدقاء قبل مايكون بينا ارتباط وخطوبة
ابتسمت نسمة ابتسامة لم تصل لعينيها ، وقالت بسخرية : انت قولتها كنا مافيش حاجة بتمشي لوراء .. حاليا احنا مجرد زمايل وبس
هدر يوسف بإنفعال ، بعدما تمكنت من خروج غضبه الكامن بسبب تهكمها الزائد معه : يا نسمة اسمعيني شوية بلاش طريقتك الزفت دي
صاحت نسمة بصوت عال ايضا : لو سمحت لو عندك حاجة خاصة بالشغل قولها لو مش...
قطع مشاجرتهما دخول ممدوح بعد أن طلب الإذن بكل احترام : القهوة يا استاذة نسمة
نسمة بهدوء مفتعل ، بينما صدرها يعلو ويهبط جراء تنفسها السريع : شكرا يا عم ممدوح
وضع ممدوح القهوة فوق سطح المكتب ، ثم نظر إليهم غير مدرك لحرب النظرات بينهم لبعضهم البعض ، قائلا بابتسامة بشوشة : تأمروني بحاجة يا استاذ يوسف اجيبهالكم هنا
اجابت نسمة بهدوء لاذع : تسلم يا عم ممدوح .. الاستاذ يوسف هيروح لمكتبه لأن عنده شغل كتير
ثم جلست خلف مكتبها ، وقالت بهدوء أشد ، وهي تنظر إلى الأوراق أمامها : بعد اذنك يا استاذ يوسف ورايا انا كمان شغل عايزة اخلصه
شعر يوسف بإحراج شديد ، وإقتحن وجهه بقوة من طردها له بالذوق أمام ساعي الشركة ، ثم اتجه للخارج بخطوات غاضبة دون أن ينطق بكلمة.
قالت نسمة بتهذيب : اتفضل انت يا عم ممدوح اذا احتجت حاجة من البوفيه هبلغك
بعد أن أصبحت وحيدة في الغرفة شبكت يديها ، وأرحت مرفقيها على المكتب ، وأسدلت رأسها بإرهاق بينهما ، وهي تغلق عينيها بقوة ، وتضاربت الأفكار في عقلها ، ولكن رغم أي شيء لم تندم أبدًا على معاملته بهذه الطريقة الجافة.
ماذا ينتظر منها بعد أن استهزأ بها ولم يحترمها ، وأهان كرامتها بفعلته.
كما أنه سقط عن أنظارها ، وانتهى الأمر لهذا الحد.
لكن هل ينتهي الأمر حقًا عند هذه النقطة ، أم ستقلب الأقدار التالية كل شيء رأسًا على عقب ، من يدري؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نهاية الفصل التاسع والثلاثون
•تابع الفصل التالي "رواية مزيج العشق" اضغط على اسم الرواية