Ads by Google X

رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل العاشر 10 - بقلم فاطيما يوسف

الصفحة الرئيسية

 رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل العاشر 10 - بقلم فاطيما يوسف


حبيباتي عايزة اقول لكم إن البارت ده بالذات كتبته بإحساس ومشاعر وتعمق كبيييير أوووي ، وأنا براجع البارت وبصححه استغربتني كنت بكتبه إزاي بالدقة دي فياريت متبخلوش على فاطيما اللي بتسعدكم وملتزمة معاكم في النزول بالتفاعل ، هسيبكم مع البارت قراءة ممتعة ياحبابيي 🥰 😍 

درست في الدنيا على يد الظروف أربع مواد 
الحب , الأصحاب ,الأقارب , والزمن عندما يدور 
الحب :
يعطي للغريب بلاد ليست بلاده ،والعاشق الذي يطغى قلبه على عقله يصبح رماد ،
الصاحب :
الذي بينك وبينه ملح وزاد ،أخلِص له لَكِنْ كُنْ حذِر حتى لاتُباع يوماً بالمزاد ،
القريب :
أعطه حقوقه واحفظ خط الابتعاد فكن بعيداً تصبح في عينه نجماً أصيلاً كالجواد ،
أما الزمن عندما يدور :
إن كان ضدك وعَلَت عليك أرخصُ العباد  لا تحزن وترتدي السواد ،
عِش يومك ، واجعل الأمس مات ،
"إرتقي بنفسك فأخلاقنا أصعب الجهاد .

وفجأة وبعد أن أنهى كلماته المتيمة بها أبعدها عن أحضانه بحدة وهو ينظر لها نظرة غريبة جعلتها ارتعبت من طريقته وشعرت بالمهانة من حركته ورددت باندهاش :

_ مالك ياعمران ! ايه اللي عميلته ده ؟

فرك عيناه بحدة ثم نظر إليها بعينين قاتمتين ومن يراهم يبدو عليهما أنها تخرج نيــ.ران منهم :

_ مالي في ايه اني تمام اهه ، إنتي إللي مالك بتتكلمي معاي بطريقة صعبة إكده ليه ؟

فتحت فاهها بدهشة من طريقته المتغيرة من رمشة عين وانتباهتها:

_ إنت مش عارف عميلت ايه !

وأكملت عتابها :

_ إنت زقتني من حضنك بطريقة مهينة ومن غير سبب لااا وكمان بتسألني وكانك متعرِفش حاجة ، ممكن أعرف إيه سر التغير المفاجئ ده وعيونك بتطق شرار إكده ليه ؟

فرك جبهته بتعب بان على معالم وجهه ثم حمل هاتفه واستأذن منها معللا:
_ معَلش أني تعبان شوي هستأذنك هروح وهبقي أكَلَمِك .

وقفت مصدومة من رد فعله التي تغيرت في لحظة واحدة وعلامات وجهه وطريقته ونبرته التي تبدلت كليا واقتربت منه ورددت بقلق :

_ تعبان كيف يعني ! إنت كنت واقف ميه ميه دلوك ايه اللي حوصل فجأة إكده !

ثم أدارت جسدها وأعطته ظهرها وهتفت ودمع العين يلتمع داخل عيناها:

_ هو اني طلعت فيا حاجة مش عاجباك أو عميلت حاجة زعلتك مني عاد ، قولي إحنا لية في البداية ياعمران .

كان واقفاً متصنما يسمع عتابها وقلبه يتقطع داخله ، أحس بأن قدماه تسمرت مكانها ولم يقدر على الحراك وان لسانه ابتـ.لع ولم يعد قادراً على النطق ، لحظات من العجز يشعر بها وهو واقف مكانه ومتعحب من حاله ، قوَّي حاله واقترب خطوة واحدة ولامس أكتافها من الخلف وهو يردد باختصار:

_ لااا لااا مش إكده ، 

واسترسل كلماته وهو يحمل هاتفه من على المنضدة منتويا المغادرة :

_ عن اذنك همشي دلوك وهبقى اكلَمك.

انصعق داخلها من تحوله من النقيض الي النقيض وخروجه بتلك بالطريقة المهينة لها ، شعرت بأنها في عالم أخر لم يستطيع حدسها أن يصدقه ، لقد تركها عمران في أول نصف ساعة من كتب كتابهم ، تركها باكية متعجبة مندهشة ، تركها تضرب بعقلها آلاف الأسباب كي تعذره بها ولم تجد له عذراً واحداً غير أنها لم تعجبه ولم يسترح لعناقها ، بل والأدهى طريقته المهينة التى تعامل بها معها فقد أزاحها وكأنها رثاًّ

ارتمت مكانها على الأريكة ودفنت وجهها بين يداها وداخلها يتحسر ألما ويحدثها غرابة :

_ كيف لك أن تفعل بي هكذا عمراني ؟
هل شعرت بالاختناق حين اقتربتني أم شعوراً بالنفور مني بين يداي ؟!
هل عطري وأنفاسي أشعرتك بالغثيان كي تبتعد عني وترميني كالخرقة البالية التي تشمئز منها الأعين أم ماذا عمراني ؟!

كنت بين يداك في لحظة أشعر من فرط سعادتي التي وصلت عنان السماء وعلى حين غرة القيتني إلي سابع الأرض دون رأفة بحالي العاشق لك ،

ألم تعجبك سكون عمران أم ماذا وجدت في قربها ؟

آلاف من التساؤلات والتخيلات كل ذلك والدموع تنهمر بين يداها تسقط كالأمطار من فرحتها التي دفنت وقتها ، 

دلفت إليها مكة فوالدتها قد دلفت إلي غرفتها كي تنام من شدة إرهاقها عقب مغادرة عمران وأختها الكبرى غادرت هي وأبنائها إلى منزلها ، اندهشت مكة من شهقاتها المتعالية وهرولت إليها وارتمت تحت قدماها ونزعت يدها من على وجهها وهتفت بذهول :

_ مالك ياحبيبتي بتبكي ليه ياقلب أختك ، هو عمران لحق يتخانَق وياكي ويخليكي مموتة حالك إكده ؟

لم تجيبها سكون وهي تتفحم بكاءً ومكة تنظر إليها بهلع من منظرها ، جذبتها إلى أحضانها وهي تربت على ظهرها بحنو وتحاول تهدئتها :

_ بس ياحبيبتي بس ياغالية ، اهدي بس واحكي لي حوصل إيه يمكن إنتي مكبِرة الموضوع عاد ، احكي لي ياداكتورة وهدي أعصابك شوي .

حاولت سكون أن تهدأ من شهقاتها المرتفعة وتحدثت من بينها بكلمات منقطعة:

_ كان واقف قصادي عنيه هتلمع بالحب وكلامه بينقط عشق ومحبة ليا ،قال لي كلام خلاني تهت ودبت فيه اكتر ماني دايبة وعاشقة ، رسم لي نجوم في السما وأحلام مليانة هنا وبيت مستنيني أنوره ،رفعني فوق فوق السحاب وفجأة نزلني لسابع أرض ، حسيت كأني حاجة متسواش في نظره .

اندهشت مكة من كلامها وتسائلت بحيرة:

_ مفهماش حاجة واصل ! يعني عمل إيه ياسكون لده كله ؟

مسحت دموعها بكف يداها الصغيرتين وأجابتها وهي تومئ رأسها للأسفل بخجل :

_ كنت في حضنه يامكة ، الحضن الحلال اللي ياما حلمت بيه ولما حسيت بدفاه واحتوائه وحنانه فجأة رماني وبعدني عنيه كأني حاجة عفشة ، شفتي زي الطفل البردان اللي متدفي في حضن أمه وحنانها وفجأة طلعته من حضنها ورمته كيف هيحس وقتها ، أهو داي نفس احساسي .

اتسعت عيناها حيرة أكثر وهي تحاول أن تستعيب كلمات أختها وأكملت تساؤلها :

_ طيب مسألتيهوش ايه اللي خلاه يعمل إكده ياسكون ؟

غمغمت سكون بوجع امتلأ قلبها وجسدها بأكمله:

_ سألته قال لي تعبان شوي ، ولمسته كانت باردة وكأن كان بيتكهرب لما مسني وفجأة سابني ومشي واني دموعي على خدي ، شاف دموعي وقهرتي منه ومسألنيش ومطبطبش علي ، مقاليش معلش ياحبيبي ولا خفف عني ، هرب من الأول وسابني لوجعي يمو تني .

احتضنت مكة وجه سكون بين يداها وحاولت تهدأتها :

_ طيب التمس لأخيك المسلم سبعين عذراً فإن لم تجد له عذرا قل لعل له عذراً وأنا لا أعرفه ، يعني هو كان كويس هتلاقيه حس بصداع جاله فجأة وخلاه مش متحكَم في أعصابه وقال يمشي احسن أو حاجة تانية تعبته ومحبش يشغلك وياه، 

ثم فرصتها من وجنتها بخفة وأكملت تهدئتها :

_ هو أني اللي هدافع لك عن عمران حب السنين إياك ! ولا ايه عاد ياداكتورة ،داي عمران اللي ياما فوقتك من نومك علشان بتنطقي وبتحلمي بيه ، ولا لما كنت أدخل عليكي والاقيكي ماسكة صورته وتايهة معاها وناسية حالك والدنيا باللي فيها ، ولما أجي أكلمك بيبقي هاين عليكي تمسكي في خناقي بسببه ،اطمَني ياقمر انتي وافرحي بكتب كتابك ياعروسة ومتسيبيش حاجة تنغص عليكي عشتك .

حاولت سكون أن تصدق الأسباب التي أدلت بها أختها وهدأت من حالها ، 
أما مكة جذبتها من يداها تدعوها إلي صلاة ركعتين قبل أن تنام وتدعوا إلي الله أن يهدي قلبها ويقلل من روعها ، استجابت لها سكون فهي بحاجة إلي قربها من ربها ومناجاته كي يجعلها تنسي ذكرى مريرة كتلك ،

أحياناً تواجهنا مواقف يصعب على العقل تصديقها واستيعابها وننكرها بكل الطرق ونكاد نجزم انها لن تحدث مرة ثانية من شدتها ولكن المواقف تعاد من نفس الأشخاص حتي نعتادها وفي كل مرة الوجع يقل حتى نجزم انها اصبحت جزءا لا يتجزأ من واقعنا .

***********************

في نفس الليلة وبالتحديد في الساعة الحادية عشرة مساء ، كانت تلك الليلة شديدة البرودة حيث كانت الأمطار تتساقط والسماء تبرق لكن كان قلب ذاك العمران مولعا مما حدث ولم يشعر ببرودة الجو ولا بالأمطار الساقطة فوق رأسه حتي ابتل رأسه وهبط خصلات شعره الغزيرة على رأسه بفعل الأمطار وبيده دخان سيجارته ينفثه بشراهة واحدة تلو الأخرى ،

وصل إليه صديقه محمد وهو يرتعد بردا وبيده مظلته التي تحميه من الأمطار والأخرى يضعها في جيبه ، وجد صديقه يجلس في البهو الخارجي لحديقة منزلهم والأمطار تتساقط عليه من كل صوب وحدب ، 

تحدث بذهول بشفاه مرتعشة:
_ هو إنت ايه مبتحسش يا اخي ! كيف قاعد اكده منيك للمطر والبرد ده من غير أي حاجة للدرجة دي حبها دفاك ودبلتها اللي مزينة يدك خلتك مدريانش ، 

ثم تابع سخريته بتساؤل:

_ ياترى ايه الموضوع الهام والضروري اللي خلاك تصمم اني أجي لك في الليلة البرد داي ؟

أشار إليه عمران أن يجلس بجانبه ، ولكنه صعق مرددا برفض قاطع:

_ وه كانك اتجنيت ياعمران بيه ! بقي عايزنا نقعدوا في الطل ده ونتحدتوا ولا ايه !

وعهد الله افوتك وأروح لأمي اللي عاملة لنا راكية تدفي العفريت وحاطة براد الشاي عليها وقومتني من الدفا جارها يا هادم اللذات انت ومفرق الجماعات ، 

وتابع بتهديد :

_ والله لو ماعملت راكية كيفها و سويت لنا عليها براد شاي لاهفوتك وأمشي منقصاش مرض هي وأقعد جارك اهنه وأني في عيانين في رقبتي .

التوى فم عمران بغضب وقام من مكانه ودخلا الإثنان الاستراحة وقام عمران بجذب المنقد ورص الأخشاب بجانب بعضها مع مراعاة التهوية وقام بسكب قطرات بسيطة من البنزين ثم أشعل لهيب الأخشاب وامتلأ الدفء في المكان وشعر صديقه براحة اغتالت جسده وبدأت عضلاته المتخشبة من شدة البرد تلين ، ثم قام بمساعدته ووضع الماء والشاي والسكر في ذاك البراد المخصص لذاك المنقد ، 

جلس عمران بجانبه وأخرج علبة السجائر وكاد أن يقوم بإشعالها إلا انه خطفها من يداه وهو يردد بسخط :

_ مكفاكش اعقاب السجاير اللي مالية الجنينة برة داي وعمال تحر.ق في صدرك وتضر نفسك ، ناسي انك عريس وداخل علي جواز اياك ولازم تحافظ على صحتك ولا ايه عاد !

ألقى سيجارته ودهسها تحت قدماه ، اندهش صديقه من تصرفه ومنظره ثم ربت على ظهره مرددا بحنو مغلف بالقلق:

_ مالك ياصاحبي حالتك حالة اكده ليه ، ده إنت النهاردة يوم مميز بالنسبة لك طمني عنيك شكلك ميطمنش خالص .

أخذ عمران نفساً عميقاً ثم نطق بنبرة متعبة :

_ قلت لك مهتوفقش والدنيا مش هتظبط وياي طمنتني وقلت لي كلها خرافات وجمد قلبك وأديني أهه جمدت قلبي وحوصل اللي حوصل.

اعتدل محمد بجلسته ووجه كامل أنظاره إليه وتساءل متعجباً:

_ يعني ايه مش فاهم حاجة ، احكي لي بالظبط ياعمران ايه اللي جرى ؟

قلب عمران عينيه بإرهاق من شدة التفكير وتحدث بما يجيش في صدره من آلام :

_ كنت وياها زي اي اتنين طبيعين مكتوب كتابهم وقربت منيها وكنت طاير في السما وفجأة حالي اتبدل واتغير لقتني حاسس بدوخة غريبة وجسمي من جوة بيتنفض وقبل ما أحس بالنار اللي قادت في جسمي زقتها بعـ.نف لدرجة وجعتها ،

واسترسل وجعه وهو يدارى عيناه من صديقه خشية أن لايرى الضعف فيهما :

_ هتقول عني ايه دلوك وأني اتعاملت معاها بمنتهى قلة الذوق والقسوة !
داي من قبل ماأمشي وأفوتها فكرتني إني قرفان منيها وإنها فيها حاجة غريبة خلتني عميلت فيها اكده ، أنا حيران ومخنوق من حالتي اللي مفهمش ليها سبب داي ، ولا حتي عند الأطبا ، اني سيبتها ودموعها مغرقة وشها ومقدرتش أطيب خاطرها .

انزعج صديقه من حكواه وحزن لأجله كثيرا ولا يعرف ماذا يقول له ولا يوجد عنده تفسير لأي شئ ولكنه حاول أن يجعله يهدأ وألقى على مسامعه عبارات الاطمئنان التى دوما يلقيها عليه ثم أكمل :

_ إنت تكلمها دلوك وتحاول تبين لها إنك كنت تعبان وحسيت بالتعب ده فجأة وانك مشيت علشان متقلقهاش ، ودلوك حالا مينفعش تستني للصبح تفتكر إنها مش في دماغك ولا الحاجات اللي بتاجي في دماغ الحريم داي عاد .

استند بجزعيه علي ركبتيه وكور إحدى يداه وضمها في الأخرى ثم تحدث بوجع :

_ طيب هقول لها المرة دي إني تعبان وهصالحها المرة الجاية لو اتكررت هيحصُل ايه ! ده فاضل شهر واحد ونتجوز ياصاحبي وتبقي معاي علطول وأني زي ماني حاسس إني متربط ومتكتف ومقادرش والنهاردة اتوكدت مليون المية.

نظر إليه صديقه بحزن وأردف بصوت يملؤه التعجب :

_ تكونش مسحور ياعمران وحد عميلك عمل خلاك بالشكل ده ؟

رفع رأسه وأجابه باندهاش :

_ وه كلام إيه اللي بتقوله ده ياداكتور !
عيب عليك تصدق في الخرافات داي كله كلام فاضي .

حرك محمد رأسه برفض وردد بتصميم:

_ له مش خرافات عاد ياصاحبي السحر مذكور في القرآن ومش إنت أول واحد يجرى له إكده ، 

وكاد أن يكمل إقناعه إلا أن عمران هدر به باستنكار :

_ وه خلاص خليته جرى لي واتأكدت اني اتسحرت بحق وحقاني .

أشار محمد بيديه كعلامة لتأكيد كلامه :

_ وليه لا إنت هتيجي أحسن من سيدنا النبي عليه السلام ، ماهو سُحر هو كمان .

حرك عمران رأسه برفض مرددا :

_ له داي أحاديث ضعيفة مهصدقهاش ومتحاولش تقنعني أني مبصدقش الحوارات داي ، هو على أخر الزمن أني عمران أروح لدجالين ومشعوذين علشان أشوف مالي ؟!

هز محمد رأسه نافياً لكلامه وأردف بنصح :

_ له مهنروحش لدجالين استغفر الله العظيم ولا هنعتب لهم عتبة الناس داي ، 

أنا بقول أني والدتي تعرف شيخ زين قووي بيعالج بالقرآن واسميه صابر المداح راجل بيعرف ربنا والناس بتاجي له من كل مكان لجل ماربنا يشفيهم على يده ، وكماني ولا بياخد فلوس ولا أي شي بيعالج اكده لله .

قلب عمران الموضوع في رأسه ثم هتف بشرود :

_ وأني مين اللي هيعمل إكده يامحمد أني مليش عدوات مع أي حد ولا حتي أمي ليها عدوات مع أي مخلوق انت عارف ست طيبة وملهاش في مكر الحريم ولا عمرها زعلت حد وجيران النجع كلياتهم بيحبوها يبقي مين بقي اللي له مُصلحة يعمل فيا اكده .

_له فيه ياعمران ... جملة واثقة نطقها محمد بتأكيد وأردف بإبانة :

_ ليه متكونش اللي ماتتسمي مرت عمك اللي ناطة لك كل شوية ومنغصة عليك عيشتك ، مرة فاضية وحطاك في دماغها وهددتك كذا مرة .

اتسعت مقلتي عمران بذهول وردد بدهشة :

_ وجد ! معقولة تكون البت داي ! والله لو هي لاهيُبقي أخر يوم في عمرها ، 

وتابع دهشته باستفسار:

_ طيب هو صابر المداح ده هيقول لنا مين بالظبط لو طلعت فعلاً مسحور ؟

أجابه محمد نافيا :

_ له مهيقولش بس هيدينا علامات منيها نعرفوا مين عمل إكده ، 

إيه رايك أخد لك معاد عنديه وأروح وياك ولعله خير ياصاحبي.

استند عمران برأسه على الأريكة وهتف بدعاء وهو ينظر إلي السماء:

_ يارب ياصاحبي وميطلعش وهم في الاخر واللي اني فيه ده هيعذبني طول عمري .

طمأنه صديقه وهو يربت على فخذيه:

_ إن شاء الله ياصاحبي هتتحل وهتبقي عال العال ، إحنا جربنا كل حاجة إلا داي عمرنا مافكِرنا فيها ، 

واستطرد حديثه وهو يقوم من مكانه منتويا المغادرة:
_ اني هروح دلوك وهسيبك تكلمها وهبقي أتصل بيك أبلغك بالمعاد .

فور أن غادر محمد هاتفها عمران واحس من نبرة صوتها أنها كانت تبكي كثيراً ،
ظل يعتذر لها كثيراً عما بدر منه وجلسا يحدثها اكثر من ساعة ويعترف لها أنه يحبها بل يعشقها كثيراً وأنها حبه الأول وبدونها حياته لا معنى لها حتى هدأت روحها واستكانت واتبعت طريقته المحببة إلى قلبها في الحديث وشعرت بمدى صدقه وأنه لم يكذب عليها وقضيا تلك الليلة في سعادة كل منهم يعشق الآخر بطريقته 

_____________________________

أتى الصباح وسطعت شمس النهار تعلن عن ميلاد يوم جديد وأصوات العصافير تزقزق في كل مكان ورائحة الأزهار تنشر عطرها وتعطينا أكسيدا وفيرا نتنفسه ويعبأ داخل صدورنا فيشعرنا بالأمل والتفاؤل ، 

استيقظت رحمة من نومها وأدت فرضها ثم هبطت إلى الأسفل وتناولت الفطور مع عائلتها المحببة إلى قلبها ثم انشغلت بأعمال المنزل التى لم تنتهي وبعد أن انتهت صنعت لنفسها كوبا من الشاي بالنعناع وذهبت بملف قضية الي الحديقة تراجعه كثيراً كي تستطيع حل اللغز ، فداخلها يسعد كثيراً وهي في حضرة ملف قضية وكأنه الأكسير المسؤل عن السعادة داخلها ، 

وأثناء ارتشافها لمشروبها المفضل دلف إليهم ابن عمها يمشي بخطوات بطيئة كي لا تشعر به وخاصة أنها مندمجة بشدة مع ذاك الملف، 

اقترب منها ثم اختطف الإناء من على فمها فجأة ، كانت قد وصلت إلى منتصفة وهو يردد بدعابة على ذهولها من حركته :

_ هشرب مكانك علشان أجرى وراكي ههه .

ضحكت بشدة على دعابته وهتفت وهي ترفع حاجبها باستنكار مصطنع:

_ وه إنت ياحضرة المحامي اللي بقي ليك شنة ورنة تصدق الخرافات داي ، لااااا ده إنت باين انك هيست منك خالص ياخوي.

كان مندمجا معها ومستمعا إلى خفتها بابتسامة عريضة على وجهه وفور أن نعتته بأخيها انزعج داخله وحزن وقرر الآن الاعتراف لها وردد وهو يتحمحم :

_ ياستي عادي أدينا بنهزِر شوي ، 
اممم بقول لك ايه أني عايز أعترف لك بسر النهاردة واتكلَم وياكي في موضوع مهم عندك وقت تسمعيني ولا ايه ؟

أشارت على حالها بابتسامة أظهرت أسنانها البيضاء وأردفت بإبانة :

_ والله إنت ابن حلال ياواد عمى ، اني كمان عايزة اتحدت وياك في موضوع مهم بالنسبة لي اوووي وحابة آخد رأيك فيه .

ضم حاجبيه بعبس وردد :

_ حاجة ايه دي المهمة أووي اكده ، احكي إنت الاول يللا واني سامعك .

هزت رأسها برفض:

_ له احكي إنت الاول علشان اني موضوعي طويل .

_طويل طويل ،اني اطول أسمع بت عمي وهي بتحاكيني ... جملة اطرئية نطقها ذاك العاشق وأكمل بتعجل :

_ يالا احكي عاد واني سامعك ياحضرة الباش محامية .

ابتسمت بإعجاب على نعته لها وهتفت بسعادة:

_ كلمة باش محامية داي بتدخل قلبي وبتمزكني على الاخر ياواد عمي .

أشار بأصبعه علي عيناه وهو يهتف بحنو :

_ من عيون واد عمك يقولها لك علطول ياأجمل باش محامية وأحلاهم كماني، يالا اتكلَمي وأني سامعك .

توترت قبل بداية الحديث وشعرت بالخجل مما أوحى له انها تشعر به وتريده كما يشعر هو ، ثم أمهل قلبه الذي يدق الصبر وعيناه الانتظار و جعل أذناه صاغية في حضرة سماعها ، هي فقط من يود سماع صوتها المحبب إلي قلبه ، 

هي فقط من بين نساء العالم من أحبها منذ طفولتها وخبأ عشقه لها بين ثنايا قلبه وروحه ، 

هي فقط من يريد أن يحظى به وبالنسبة له يكون قد ملك سعادة العالم بأكمله ، 

أما هي بدأت حديثها باستفسار:

_ بقول لك ياجاسر ؛ ايه رأيك في الاستاذ ماهر ؟

اندهش لتساؤلها وأصيب قلبه بالخذلان ولكن هدأ من بِدئ ثورة قلبه وأجابه متسائلاً بتعجب :

_ رأيي فيه من ناحية ايه بالظبط ؟

ابتلعت أنفاسها بصعوبة من شدة توترها وأردفت بتوضيح :

_ يعني من ناحية ظروفه الشخصية وطباعه إنت أقرب واحد ليه في المكتب وكمان دراعه اليَمين يعني .

اندلعت النيـ.ران وتأججت داخل صدره ولأول مرة يتحدث معها بتلك النبرة الجافة:

_ وإنتي مالك بتسألي عن ظروفه ليه يابت عمي ، مالك ومال شخصيته وطباعه إنتي ؟!

رأت حدته معها وأصيب جسدها بقشعريرة الرهبة من نظراته القاتمة التي تراها لأول مرة ثم تحدثت بتوضيح أكثر ولسانها يتلألأ :

_ بصراحة إكده هو طلب يتجوزني ووو... 

كادت أن تكمل حديثها إلا أنه اعترضه وملامح وجهه امتعضت وتحولت من بين لحظة وأخرى الى صدمة تليها وجع يليها إحساس بالفقدان وكل ذاك في لحظات لااا في ثواني وملامح وجهه تتبدل مع بعضها ، ونطق لسانه معبراً عن حاله بصدمة :

_ عايز ايه! عايز يتجوزك يابت عمي ؟!

اندهشت من تحوله المفاجئ لها ومن نظراته وفي الآخر سؤاله الذي جعلها نطقت بذهول هي الأخرى :

_ وفيها إيه داي ياواد عمي هو أني مش بت زي كل البنات اياك ولا ايه ، ولا اني فيا حاجة شينة لاسمح الله تخليك تتغير اكده وياي ووشك يُنطق الف كلمة وكلمة !

لم يعير لكلامها أدنى اهتمام أو بالأحرى هو لم يسمعه من الأساس وهتف بنفس حدته :

_ من ميتة يابت عمي وهو طالبك للجواز ده إنتي بقى لك تلت شهور بتشتغلي عنديه يدوب ، ممكن أعرف فيه مشاعر مابينكم خليتكم بنيتوا القرار ده ؟

سألها بسؤال إجابته ستكون كالخـ.نجر المطـ.عون في قلبه العاشق لها ، سألها كي يَطمئن ويُطَمئن حاله أنها لم تفكر به ولم يعجبها ذاك البارد المتبلد المشاعر ، وسمع بأذناه إجابتها التي شطرت قلبه نصفين :

_ يعني حاجة شكل إكده بس لسه مش متوكدة من مشاعره ولا قادرة أتوكد من مشاعري بردك إذا كانت إعجاب ولا ارتياح ولا حتي حب .

ود لو يصـ.رخ في وجهها أن تصمت ولن تجيبه ، ود أن يفتح رأسه ويضعه بين يداه ويمحيها من ذاكرته ، 
ود أن يـ.شق صدره ويقـ.تلع قلبه ويقـ.طع الشريان النابض بعشقها ، ولا أنه يسمع حيرتها في أنها شعرت بغيره وتمنته ، في أنها احتارت في رجل غيره أو جال بخاطرها من الأساس ، 

لااااا ياعشق السنين لا يامجرى دمي منذ طفولتي ! 
رأت حالته التي تنم على غضبه وحيرته،

بالله لقد شعرت بوجـ.عه ينطقه وجهه دون أن يتحدث وسألته بحيرة :

_ مالك ياجاسر جرى لك إيه ياخوي شكلك متضايق اكده ليه ؟

ضـ.رب على المنضدة بحدة بالغة وقام من مكانه وتحدث وهو يستند بكلتا يداه عليها ووجهه قريب من وجهها بنبرة معترضة :

_ اخوي .. اخوي .. اني مش أخوكي ولا عمري كنت أخوكي يارحمة ، أني جاسر ولد عمك ده شئ والأخوة شئ تاني .

ارتعـ.بت من حدته وقلبت عينيها بخـ.وف من مظهره الغاضب ونبرته الجديدة كلياً عليها وتحدثت بحيرة :

__ وه هو فيه ايه عاد حوصل ؟

ومالك عامل اكده ليه اني عمرى ماشفتك بحالتك داي في عمري كله ؟!

ادار وجهه للخلف كي لاترى ضعفه أكثر من ذلك وهو يردد بنبرة مخذولة :

_ كل ده ومتعرفيش يابت عمي ! ده أني حالي واضح للأعمي إلا إنتي .

_ حالك ! كيف يعني ... جملة استفهامية نطقتها رحمة وعقب هو عليها باعتراف لها عما يجيش في صدره :

_ حالي اني عاشقك يابت عمي من وإنتي عيلة بضفاير لسه مخلصة الابتدائية ،

حبك بيجرى في دمي من سنين كنت فيهم وياكي زي ضلك اللي مهيفارقكيش ، 

عشت سنين أحابي عليكي وأكون جارك وسندك في كل شي يخصك علشان تحسي إنك حاجة كبيرة ومهمة أوووي في حياتي، لااااا علشان تحسي إنك كل حياتي وبردو مدرياناش ، 
وحاجات وحاجات كَتييير عايزة لها مووايل تتحكى فيهم عن أيامي ولياليا اللي عشتها اتمناكي ولما ياجي اليوم اللي اعترف لك فيه بحبي ليكي ألاقي منك وجيعة تقـ.طم ضهري يابت عمي .

كانت تستمع إليه ودموع عيناها تنهمر بغزارة على وجهها ، لم تتخيل يوما أن جاسر الذي كان بمثابة أخيها الأكبر يكن لها ذاك الشعور وتلك المشاعر بتلك الدرجة ، 

يالك من قدر واثق الخطا قلبي عشق رجل لايعرف العشق وقلبه عشق امرأة لاتعشقه وتراه أخاً، ما هذا يا الله ! 

ثم أكمل بنفس الوجع عندما رأى الذهول والحزن من دموع عيناها :

_ كيف موصلكيش احساسي بيكي يابت عمي قد اكده كنت متداري ؟

أجابته بلوم :

_ ليه مقلتليش يابن عمي ، ليه استنيت السنين داي كلها وجاي دلوك تلومني على حاجة مليش ذنب فيها ؟

واجهها وهو يثبت عيناه العاشقتان داخل عيناها:

_ حال العاشق بيبان من كل تصرفاته وكنت فاكرك حاسة بيا وبقلبي وبشعوري ناحيتك .

حركت يداها بتعجب ورددت:

_ مانت عارف أني من صغري وياك وأنت كمان وإحساس الحب اللي بتتكلم عنيه محستهوش غير إنك اخوي .

ضغط على شفتيه بعـ.نف ولم يعد يقدر على التحكم في حاله وهتف :

_ أمال حستيه إزاي مع ماهر وهو أصلا ميعرفش يحب ؟

غـ.لـى الـد.م في عروقها ونسيت حال ذاك المتألم أمامها وتسائلت :

_ كيف مايعرفش يحب مش بني ادم ده وعنديه إحساس وقلب ود م إزاي مايحبش ؟

توالت الصفعات على قلبه المسكين منها ،لم يهمها وجعه منها ولم يهمها كسرة قلبه بسببها ولكن كل ما يشغل بالها هو ذهولها عن ذاك الماهر ووجد لسانه ينطق :

_ للدرجة دي لحقتي تحبيه ولحقتي تعلقي قلبك بيه في تلت شهور بسس !

شفتي منيه ايه خلاكي اتعلقتي بيه إكده ؟

نظرت للأسفل بسبب حماقتها وخذلانها له وعدم اهتمامها لأمر قلبه ، 

لم تعرف بما تجيبه ولكنها مثله ونفس موقفه هو يعشقها دون أن يعلمها بذاك وهي تعشق ذاك الماهر دون أن تشعر بأي مشاعر يكنها لها ، إذا ماذنبها في تخبئته عنها كل تلك السنين !؟

لما ينظر إليها نظرة الاتهام تلك وهي لم تكن تعرف ؟

ثم سألته بدفاع عن حالها :

_ انت بتلومني على حاجة معرِفهاش منك ولا عمرك لمحت لي حتي بيها وبتتهمني على حاجة مليش يد فيها ليه ياواد عمي ؟

كنت المفروض اضرب الودع مثلاً وانجم عن حبك ليا ولا ايه ؟!

ربع ساعديه أمام صدره وهتف:

_ له ، خلاص ننسي اللي فات وأديكي عرفتي وأنا أولى بيكي من اي حد .

تشعب الغضب برأسها وتكاثر وهاجمتها نوبات من الذهول والحيرة وهدرت به لأول مرة:

_  ننسى ايه ياواد عمي ، هو قلبي ده حاجة مهملة اكده في وجهة نظرك ملهوش حق ولا اعتبار ؟

ولا أمر القلوب أصلا بإيدينا نبدل شخص مكان شخص بالسهولة داي عاد ؟

ولا هو اؤمر يطاع وينسي ويمهد نفسه لحاجة عمره ماكان يتخيلها ولا حتى اتمهدت له قبل اكده ، ولا هي بيعة وشروة وخلاص ؟

حزن داخله كثير وانـ.شق ذاك النابض بين ضلوعه وأصبح ينـ.زف جرحاً وألما وهتف :

_ بتسمي عشقي ليكي بيعة وشروة يارحمة ؟
قد اكده طلعت رخيص عندك ؟

كادت أن تجيبه بنفي وهي تحرك راسها ولكنه أشار إليها بيديها أن تصمت وأكمل هو :

_ عارفة أني اتأخرت ليه ؟
اتأخرت علشان اكون حاجة تليق بيكي وتفتخري بيا يابت عمي ، 
اتأخرت علشان اجي لك كبير وحاجة تفرح قلبك وتخليكي طايرة من السعادة ، 

كنت جاي لك النهاردة علشان أقول لك اني خلصت إجراءات مكتبي اللي هفتحه واطلب منك تسيبي ماهر ونبدأوا رحلتنا مع بعض ، ننجح مع بعض ونكبر مع بعض ونبني مكتبنا طوبة طوبة مع بعض ،

وأكمل بنبرة ولهة مغلفة بالعشق الجارف :

_ كنت جاي اقول لك إني عاشقك وباني لك في قلبي قصور سكنتها ضحكتك وملامحك وحزنك وفرحك وكل حاجة حلوة أو وحشة تخصك وعملت لك جدران قلبي حيطان تـبقى قصر عشقك يابت عمي ،

ياترى يابت عمي فات الأوان ولا لسه ؟

أنهى اعترافه المكتوم في قلبه وياليته لم يكتم وانتظر منها حكم الإفراج عن سنين العشق والتعويض عنهما ، ولكنه انتظر وانتظر وهو ينظر إليها بعيناي راجية ووجدها لاتنطق وليس لقلبه شفاعة عندها ولا لعشقه مأوى لديها ، أصيب بالخذلان اللامتناهي وتحطمت جدران قصرها بين ثنايا قلبه وأصبح مهشما ،

ثم قام من مكانه وهتف بحزن شديد :

_ خلاص يابت عمي جوابك بان من عنوانك بس أحب أعرِفِك ان طريق عشقك واعر أوووي وأوعر من طريق عشقي ليكي بكَتيير وياريت متندميش ولا على قلبك اللي لسه بادئ ينبض لساته قلب خضار ، ولا على عمرك اللي هتضيعيه مع إنسان ميعرفش الحب ولا عمره دق له باب ولا هيدق ، أينعم راجل محترم وعمر الغلط مايعرِف طريقَه لكن راجل عملي فوق ماخيالك يصوِر لك ، هنيالك شقاء قلبك يابت عمي وربنا يوفِقك .

أنهى كلمات وجعه وصار بين طرقات الحديقة مجروحا تسوقه دمـ.اء قلبه الموجوع ، كل خطوة يخطوها كأنه يمشي على الأشواك ولم يجبر قلبه ، شعوران مختلفان إحداهما السعادة الغامرة لقلبه قبل أن يتحدث معها وتسبقه خطوات الفرحة ، والآخر شعور التضاد وهو الحزن الشديد لقلبه بعد أن تحدث معها وتسبقه خطوات الحزن ، 

ولكن هاهي الحياة تلقي صفعاتها المكبلة بالأشواك لدي الجميع .

       **"*"*******************
في منزل مجدي زوج مها كانت جالسة مع أبنائها تلاعبهم فهي تعشقهم بشدة وهم لها بمثابة الحياة والروح والكيان ، 

تقوم بجميع واجباتها كأم لديهم بكل حب وحنان دون شكوى أو كلل أو ملل ،
تعشق رائحتهم وتواجدهم معها في المكان واقترابهم منها ، هي أم بدرجة امتياز والجميع يشيد لها بذلك من هيئة أبنائها التوأم ذو السبعة أعوام ، تحدث أحد الأطفال لأمه بتلقائية:

_ عارفة ياماما مازن صاحبي باباه بيوديه كل الدروس وبياجي ياخده كمان منيها ، وبيقول لي كمان أنه بيوديه تدريب للكورة في النادي وبيحكي لي كتييير عن المدرب اللي بيدربهم وعارفة ياماما المدرب قال له إنه هيوديه نادي المحترفين علشان هو بيلعب حلو، 

وتابع الصغير حكواه وهو ينظر إلى والدته بتمني :

_ هو ليه بابا مش بيقعد معانا ولا بيوديني الدرس ولا التدريب زي بابا مازن ، هو أني وحش اني وأخوي ياماما وبابا مش بيحبنا .

دب القلق في صدرها مع تنهيدة حارة خرجت من ثغرها مع انفطار قلبها وكأنه يريد أن يصرخ ألما من ذاك المتحجر ثم جذبتهم لأحضانها وهي تربت على ظهرهم بحنو وهي تردد بنفي:

_ له ياحبايبي باباكم بيحبكم قووي وميقدرش يستغنى عنيكم ، هو بس بيشتِغل كَتييير علشان يوِفر لكم عيشة زينة وأظن اهه مش حارمكم من حاجة واصل ياحبابيي.

تفهما الصغيران كلامها بعقل الأطفال الذي لم يعرف الخبث يوماً وردد الآخر :

_ تعرِفي ياماما إن عمي عامر حنين قووي علينا وبياجي علطول يطَمَن علينا ويلعب ويانا أني بحس أنه بيحبنا اكتر من بابا .

فور أن نطق اسمه أمامها علت أصوات ذاك النابض بين ضلوعها وتناوبت غُرَفُه عليها وتبادلا الدقات بعنف شديد ، فولداها محقين بكل شعور وإحساس لدي أبيهم التارك لهم ولم يعيرهم أدنى اعتبار ، لقد ملت من المطالبة بحقها معه وشعرت الآن بمدى الخزي لأجل أولادها فهم يشعرون بالأبوة تجاه رجل ثاني ، 

دقت الذكريات تلج في عقلها كالمطارق من ذاك العامر الذي تتمناه سرا ولم تنساه يوما ، 

ومن أين لها أن تنسى ومن يُنسيها ؟ 
لقد تعبت وطفح الكيل وقررت أن تواجه ذاك المتبلد المشاعر الذي تعيش معه ، 

قضت ساعاتها المحببة من المرح واللهو مع أبنائها ثم أدخلتهم غرفتهم كي يستعدو للنوم فقد تأخر الوقت ، 

بعد مرور وقت قصير شعرت بالصداع يداهم عقلها فقامت وصنعت فنجانا من القهوة وتناولت حبة للصداع معتادة على أخذه ولم تنزعه من حقيبتها الخاصة أي وقت ثم جلست تنتظر زوجها والذي دوماً يتأخر في مجيئه وتكون قد غلبها النوم ولكنها صممت تلك المرة على انتظاره ، 

مرت ساعات ليست بالقليلة الي أن دقت الساعة الثانية صباحاً بعد منتصف الليل وجدته دالفا بإرهاق بين على جسده ، 

ألقى مفاتيحه بإهمال ثم لاحظ وجودها في المكان فردد مندهشا:

_ مها ! إيه اللي مصحيكي لحد دلوك عاد ، ايه في مصيبة حوصلت ولا ايه ؟

تأففت في جلستها ثم استندت بجزعيها على ركبتيها ووطأت قليلاً وأردفت وهي تشعر منه بالخيبة:

_ الناس بتدخل تلاقي مراتاتها مستنياها وسهرانين مخصوص علشانهم بيفرحوا وبيحسو إن ليهم قيمة عند ستاتهم وأول شي بيقولوه في الحاجات داي شكر وكلمة حلوة ، 

وتابعت كلماتها وهي تشير بامتعاض:

_ مش يقولوا في مصيبة حوصلت ! مهتتغيرش يامجدي مهتتغيرش واصل لحد مانموت .

انزعج الآخر من ثرثرتها كما ينعتها دوماً ثم تحدث باستنكار وهو يضرب كفا بكف :

_ وه ياصباح ياعليم يافتاح ياكريم ، هو إنتي عاكرة تخانقي دبان وشك عمال على بطال يابت الناس ولا ايه ؟

حركت رأسها بغل وأجابته بموافقة :

_ ايه ... 

اتسعت عيناه واردف:

_ طيب ليه اكده إنتي معرفاش الساعة كام هو داي وقت خناق ونقار ونكد ؟

قامت من مكانها ووقفت أمامه وهي تردد بقلة صبر من بروده :

_ اني زهقت ،لاا مش بس اكده طهقت منك ومن برودك معاي ومن حياتي اللي بتنتهي وسط حيطان البيت ده وأني لحالي يامجدي ، 

وتابعت حديثها وهي تطبق على ملابسها من أمام صدرها :

_ مبقتش طايقة نفسي ياناس  ولا حتى خلجاتي داي ، وإنت ولا انت اهنه ومش بس اني دول عيالك كمان مهيحسوش إن ليهم أب بيحبهم وبيخاف عليهم وبيتمنى قعدتهم وشوفتهم وحضنهم ، 

واستطردت باستفسار وهي تقترب منه :

_ إلا قول لي يامجدي هو إنت مبتشتاقِش لحضن ولادك زي أي أب !
ولا بتشتاق لريحتهم وقعدتهم وكلامهم !
ولا بتحس احساس الأبوة ناحيتهم وتهتم لأمورهم ومشاكلهم وتعليمهم ،

إنت أصلاً عارف هما شكلهم ايه دلوك وتعرف تفرق بينهم ولا لسه بتلخبط ما بينهم زي زمان ؟

احتدم غضبا من طريقتها وتحرك من أمامها وهو يردد بنبرة استيائية :
_ أبو الجواز على الخلفة على الحريم  ، ده إنتي راضعة النكد وشبيتي وهتشيبي عليه يابو إنتي.

لم تعير صراخه ولا استيائه أدنى اهتمام وجرت ورائه ودلفت الى غرفته التي ينام بها دائماً ويتركها وأغلقت الباب خلفها كي لا يسمع صوتهما أبنائهم وهدرت به بروح منهكة:

_  هو انت ايه انت مش بني ادم زينا من لحم ود.م ! معندكش شعور أبوة ولا شعور بمرتك ولا شعور ألفة بالناس اللي عايشين وياك !

أني خلاص جبت أخرى منك ومن البرود اللي أنت فيه ومن الخنقة اهنه وسط حيطان البيت ده.

اعتلى صوته عليها واشتعلت عيناه غضبا وهدر بها :

_ متغلطيش ياحرمة إنتي والزمي حدك واتعلَمي الأدب وانتي بتتكلَمي مع جوزك ابو ولادك وإلا لو ناقصة رباية هعرِف أربيكي على كيفي اهه.

كأنه هواء يتحدث بالنسبة لها ولم تهتز لغضبه وصوته العالي شعرة واحدة ورددت بنبرة مماثلة يملؤها السخرية:

_ وه ! هو خدوهم بالصوت قبل مايغلبوكم ولا إيه ، وحق جلالة الله يامجدي لو مارعيت ربنا فينا وشفت بيتك ومرتك وولادك محتاجين ايه لا هـ.هد المعبد على اللي فيه ، اني خلاص الصبر زهق من صبري .

خرج من الغرفة وأمسكها من كتفيها وهدر بها وهو يهزها بعنف :

_ أه وهتعملي ايه بقي ياست مها هانم ؟

_هطلب الطلاق وهاخد ولادي وهسيب لك البيت.... جملة تأكيدية نطقتها تلك المها بنفاذ صبر ، سمعها واخترقت أذناه ورد عليها:

_ واني مش هطلق وأعلي مافي خيلك اركبيه وهتعيشي في البيت ده كيف الكرسي وكيف ماني عايز .

نزعت يداها من قبضته ورفعت رأسها ونطقت جملتها التي جعلت النيـ.ران تشب في صدره :

_ يبقي هخلعك وشوف بقي لما الصعيدي تخلعه مرة ايه اللي هيتقال عنيه .

اشتعلت عيناه بغضب من قوتها وكلمتها التى القتها علي مسامعه وجعلت غضبه واصل عنان السماء وعلى حين غرة هبط على وجهها بصفعة جعلتها ارتمت على الكرسي الخلفي ورائها من شدتها وتليها صفعات متوالية حتى شعر بالإنهاك فتركها وغادر المكان وهي تبكي الما ودموعا.

       **"*"*******************

مرت الأوقات على أبطالنا مابين مجبور ومتألم ومابين سعيد وحزين ومابين متمني واخر لايبالي ،

تجلس وجد وهي تمسك هاتفها تناشد إحداهن :

_ طلعتي بوق على الفاضي وخلتيني أتغر بردك على الفاضي وإنتي ولا ليكي في الطور ولا الطحين .

اجابتها الأخرى بثقة :

_ له اني عمايل يدي متنزلش الارض واصل وانتي اللي معرفتيش تنفذي كويس يابت امبارح.

هزت الأخري رجليها بغضب وأجابتها وهي تاكل أظافرها بين أسنانها بغضب:

_ سيبك بقي من القنعرة الكذابة داي وغيري الصنف علشان ترجعي لعهدك تاني ، ويالا من غير سلام .

أغلقت تلك الوجد هاتفها ثم جلست تفكر كثيرا وكثيرا وقررت أن تفعل محاولة جالت بخاطرها لو كانت تلك السيدة صادقة فلتصدق حدسها وتفعل فعلتها تلك ومن الممكن أن تؤتي بثمارها ، وما جعلها تطمئن كثيرا رؤيتها لعمران من شرفتها ليلة كتب كتابه وهو غاضباً وعلامات الغضب على وجهه ظاهرة للأعمي ،
وبعد تفكير دام لأكثر من ساعة ورتبت ماذا تفعل وأنجزت خطتها أمسكت هاتفها وبدأت تنفيذ مانتوت عليه وضغطت على زر الاتصال وانتظرت الرد وإذا به يأتيها ، 

وتحدثت وهي تغير نبرة صوتها بمهارة :

_ اهلا وسهلا ، كيفك ياداكتورة.

اندهشت سكون من تلك النبرة التي لم تسمعها من قبل ثم ردت سلامها وأكملت:

_  اهلا بيكي ، مين حضرتك ؟

قامت وجد من مكانها وتهادت في خطواتها وأجابتها :

_ أني واحدة اكده متعرفيهاش بس اعتبريني فاعل خير  وركزي وياي في اللي هقوله لك ولولا إنك بت حلال مكنش ربنا بعتني ليكي .

قوست سكون فمها باندهاش من تلك الهاتفة لها ثم رددت :

_ إنتي عايزة ايه ياست إنتي أني مفهماش حاجة واصل.

ابتسمت تلك الوجد بخبث ثم أردفت :

_ جوزك اللي انكتب كتابك عليه مبيحبكيش واصل واخدك رهان بينه وبين حد مضايقه .

انفعلت سكون من كلامها ثم هتفت بحدة :

_ إنتي اتجننتي ياست إنتي ولا ايه ، مش عايزه منك خير واصل ومتكلمنيش تاني .

أنهت كلماتها وقبل أن تغلق الهاتف منعتها تلك الشمطاء مرددة :

_ طيب تحبي أثبت لك كمان وأقول لك إنه نفر منيكي يوم كتب كتابكم وسابك في اهم يوم بينكم ، داي حتى كمان مكملش نص ساعة وياكي وسابك وطفش علشان مطايقش وجودك وياه في مكان واحد .

شعرت سكون بأن الكون يدور حولها وأنها ستفقد وعيها من شدة الصدمة ، ضاق تنفسها من هول ماستمعت إليه حتى شعرت بالاختـ.ناق الشديد وكأن الهواء انعدم من المكان وعيناها متسعتان على وسعييهما ويداها ترتعش ونطق لسانها وهو يرتعش :

_ ان.ت.ي ب.ت.ق.ل.ي ايه يابني أدمة إنتي ؟

شعرت تلك الوجد بالانتصار فور ان تخيلت حالتها التي عرفتها من نبرة صوتها وأكملت طرقها على الحديد وهو ساخن :

_ طبعاً مش مصدقاني وليكي حق متصدقنيش ، طيب احلفي اكده إنه مش اللي قلته صح وحقيقي ، أو أني هعرف منين الكلام داي كلياته ياداكتورة ، افهمي كلامي زين ودوريه في دماغك قووي واخر حاجة كماني أحب أعرِفها لك من باب الخير ان عمران مليهش في الجواز ونافر صنف الستات بحالهم .

ألقت قنا.بلها وأغلقت الهاتف وهي تشعر بانتصار وضحكتها الخبيثة رجت أرجاء المكان بسعادة غامرة لأنها تيقنت من فراق الزوجان قبل بدايتهما وها هي أولى الصفعات التى ألقتها رياح العباد للعباد ليس فيها من الرحمة شئ فهي قات.لة ، مد.مرة ، انتقامها يؤثر مدى العمر على صاحبها وهي فقط مجرد كلمات ولكنها في الواقع ممي.تات 


  •تابع الفصل التالي "رواية من نبض الوجع عشت غرامي" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent