Ads by Google X

رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل الثاني عشر 12 - بقلم فاطيما يوسف

الصفحة الرئيسية

 رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل الثاني عشر 12 - بقلم فاطيما يوسف

انطلق عمران وصديقه محمد عائدين إلى بلدهم وهو يشعر أن شمس اليوم مختلفة عن كل صباح ، يشعر بطاقته التي فارقت جسده منذ سنوات ليست بكثيرة قد عادت ، شعور الفتور وفقدان لذة الحياة فارق جسده وكأنه عاد بن العشرين من جديد ،

ابتسامته وهو يتخيل سكون بين يداه زينت محياه ولكنه حزن على سنين عمره التي مضت وهو يشعر ذاك الإحساس المميت بأنه ليس كباقي الرجال ، فاق من شروده على صوت صديقه الذي يربت على ظهره وهو يردد بسعادة:

_ مبروك عليك شفاك ياعم عمران عجل بقي بجوازك من الدكتورة وهات لنا دستة عيال يقرفونا زي ابوهم ماكان قارفنا في عيشتنا ومنغصها علينا .

اتسعت مقلتي عمران بذهول مصطنع من كلامه وهتف باستنكار:

_ وه كيف الكلام ده يابو عمو دول هيبقوا ولاد عمران سلطان المهدي اللي لازم الكل يضرب لهم تعظيم سلام أول ماياجو الدنيا وينوروها .

قوس محمد فمه بسخرية يصحبها الدعابة والمرح قائلا:

_ أها المعرة الكدابة هتشتِغل أها ، الله يرحم كنت من حبة ساعات متعرِفش هتتجوَز ازاي عاد ودلوك بتتمعظم علينا بولادك كماني اللي لسه مجوش الدِنيا .

ضحك عمران بشدة على دعابة صديقه ثم ربت محمد على ظهره هاتفا بمحبة :

_ الحمدلله ياصاحبي ربنا نجاك من المكيدة داي ومحكمش عليك بقهر الرجال ، وداي دعوة الحاجة زينب اللي مصحباك في الداخلة والخارجة .

تنفس عمران بعمق وكأنه يريد تعبئة أكبر قدر ممكن من الهواء الذي استشعر نقائه الآن بين رئتيه وأردف بحمد :

_ الحمدلله اللى بيبعت لنا ناس طيبين زي الشيخ صابر المداح راجل من أهل الله ، راجل بركة صوح ، بس اللي مزعِلني إنه مرَضيش ياخد ربع جنيه حتى ، ده غير إنه ضايفنا وكل وشرب .

وافقه محمد على كلامه ولكنه هتف بتنبيه :

_ متنساش إنه من أهل الله زي ماقلت ربنا اصطفاه من عباده علشان ينفع الناس وعلشان اكده مبياخدش فلوس علشان ميتحطش تحت بند الدجال وعارف كماني مبيبقلش هدايا من حد واصل ولا حتى زيارات محبة هو بيعمل اكده لوجه الله تعالى.

هز عمران رأسه بموافقة وهو يقود سيارته قائلا:

_ فعلاً عنديك حق الشيخ قلبه طيب وربنا يرزقه الخير كلياته والله ما يكفيه دعاوي يامحمد ، 

واسترسل حديثه باعتراض:

_ بس معندوش حق أنه ميقولش مين اللي عيمل فيا اكده كان لازم يعرِفه لنا علشان ناخدوا حذرنا منيه .

اجابه محمد باستحسان:

_ وه ماهو قال لنا علامات ومنيها اتوكدنا انها زفتة الطين اللي متتسماش وجد أرملة عمك .

تأوه عمران وهو ينظر أمامه بنظرات الشر :

_ آآآآه يا محمد عايز دلوك أمسكها من زمارة رقبتها وأخلِص عليها ومخليش فيها حتة سليمة بنت الكلاب داي ، كانت عايزة الخلق تتمقلت على وأوطى راس بوي في الارض علشان أخضع لها وأكون طوع أمرها بس ربنا رد كيدها في نحرها ومن النهاردة هوريها النجوم في عز الضهر الجزمة بت الجزم داي بتاعت الاسحار والعملات. 

وأثناء حديثهما رن هاتف عمران فطلب من محمد ان يرى من المتصل فأجابه بأنه أبيه ، 

فتح محمد الخط وضغط السماعة الخارجية ثم تحدث عمران :

_ كيفك ياحاج سلطان ، اتوحشتك يا ابوي .

اجابه سلطان وهو مضطجع على الأريكة :

_ أنا بخير ياولدي ،واني كمان اتوحشتك قووي ، هترجع ميته من مشوارك  علشان عايزك في موضوع مِهِم ؟

أجابه عمران :

_ اني جاي اهه يابوي مسافة الطريق علي العصر اكده إن شاء الله هتلاقيني قدامك .

سأله سلطان:

_ ومشوار ايه ياولدي اللي انت ادليت له مصر على فجأة اكده ؟

_ لما اجي هقول لك كل حاجة ياحاج سلم لي على الحاجة زينب عقبال ما اجي ، معايزش حاجة مني قبل ما اجي ؟

أودعه سلطان السلامة :

_ لا معايزش غير رجوعك بالسلامة ياولدي ، يالا في رعاية الله .
أغلق محمد الهاتف ثم سأل عمران :

_ انت صوح هتحكي لأبوك وللحاجة زينب البت داي عيملت فيك ايه ؟

نظر إليه عمران واجابه بتأكيد :

_ أمال مهحكيش ده أني هعمل لها ليلة ولا ألف ليلة وليلة ، وهخليهم يدوسوا عليها بالجزم بس نوصلوا بالسلامة الاول.

أما في قنا كان الحاج سلطان جالساً مع صديقه إسماعيل ويتحدثون في ذاك الموضوع ، فأشاد سلطان بقلق :

_  اني مقلق من الموضوع ياحاج اسماعيل واللي زود قلقي لما قلت لي رد فعل مرتك وانت كنت قايل لي انك ليك تأثير عليها وهتخليها تأثر على أختها واهه أول ماسمعت كان هاين عليها تطبق في زمارة رقابتك. 

طمأنه اسماعيل :

_ له متخافش زينب مش شَديدة زي أختها هتزعل شوي وبعدين هتلين هي هتحبك وهتزعل شوي وهتاخد على الحوار وهتتعود والزعلان مسيرَه يروق .

_ بس أني قلقان من رد فعل العيال وخاصة عمران داي بيحب أمه ومتعلق بيها وخايف يقويها على وقتها البيت هيخرب .

قطب اسماعيل جبينه بانزعاج: 

_ يعني ايه ياحاج بعد ماخلصناه الكلام ده وقفلنا عليه ووعدت البنية هترجع في كلامك تاني ، جرى إيه ده إنت الحاج سلطان بردك وليك كلمة ، 

واستطرد حديثه وهو يربت على فخذه :

_ توكل على الله ومتقلقش وربنا هيساهل الموضوع وهيبارك الجوازة ، ده انت بتعمل خير ياجدع وبتتستر على ولية ، ويابخت من يستر الولايا .

مر الوقت سريعاً وعاد عمران الى منزله وقف مكانه وهو ينظر إلى حديقته التى شهدت مرار أيامه بابتسامة وراحة بادية على معالم وجهه ، 

دلف الى الداخل بعدما اصطف سيارته وجد ابيه ووالدته وأخواته البنات وكلهم مجتمعون وكأنهم في انتظاره ، 

ألقى تحية الإسلام عليهم ثم احتضن والدته وهو يقبلها من رأسها كعادته وسلم على أخواته وقبل يداي أبيه فهو يحترمهم ويعتز بهم بشدة ، 

وبعد السلام واطمئنان بعضهم البعض تحمحم سلطان وبدأ بانطلاق قنبلته :

_ اني عايز اتحدت وياكو في موضوع مهم وعايزكم تسمعوني للآخر من غير ماتقاطعوني .

أذنوا لهم جميعاً في صوت واحد :

_ اتفضل يابوي .

أخذ نفسا عميقا وزفره بهدوء وأكمل:

_ انتو عارفين عمكم الله يرحمه بقاله سنتين ميت وفات مرته عيلة صغيرة لسه يدوب جابت التلاتين وطبعاً طلعت بت اصول ومرضتش تسيب بيت جوزها حتى بعد ماستلمت ورثها وأرضها وانتو عارفين زين اني عرضت عليها اشتري الأرض والبيت وهي اتمنعت وقالت مهتبيعش حاجة ، واني بصراحة اكده خايف تتجوز ومالنا وحالنا اللي تعبت فيه اني وأخوي يروح للغريب فعرض عليا سماعيل اني يعني ...   اتجوزها واني ممانعتش .

انطلقت أفواههم جميعاً بذهول وهم مصدومون :

_  تتجوَزها !
وتابع عمران بعصبية وهو يرى صدمة والدته التى ألجمت لسانها:

_ تتجوَزها كيف يابوي ؟

تحمحم سلطان كي يستدعي الهدوء داخله وامتثل الصرامة امامهم وأجابه :

_ أممم هتجوزها كيف الخلق مابتتجوز ، هو أني بعمل حاجة عيب ولا حرام يعني.

هنا تحدثت حبيبة متسائلة بانزعاج:

_ وأمي يابوي الحاجة الكمل مراعيتش شعورها وهتجيب لها ضرة على أخر الزمن !

وعلى خطاها تحدثت رحمة :

_ ماتتجوز ولا تروح مطرح ماهي عايزة هي وأرضها مالنا إحنا ومال أرضها يابوي مكانش حتة فدان ملهش لازمة ، مش محتاجينه اللي هيجيب لنا الهم والغم والنكد وتزعل امي وتقهرها بعد العمر داي كِله .

ضـ.ـرب سلطان عصاه أرضاً بغضب وهدر بهم جميعا:

_ اني مش باخد رأيكم جوازي من وجد الخميس الجاي واني قلت أعرِفكم بس أما رأيكم ملهش عازة بالنسبة لي ،

ألقى قنـ.ـابل كلماته وقام من مكانه وكاد أن يغادرهم ولكنه استمع إلى صوت زينب يردد :

_ طلاقي منيك قبل جوازك منها يا سلطان.

كتموا جميعاً شهقاتهم بيداهم من كلمة والداتهم التى القتها ولم يتوقعوها ، 

استدار سلطان بجسده وذهب إلى مكانها ومال بنصف جسده عليها وسألها  وهو يشير بأصبعه تجاه أذنه ونظرات الشر تنبعث من عينيه :

_ قلتي ايه يازينت سمعيني كويس اصل السمع عندي بعافية شوي .

توترت زينب من نظراته لاا بل ارتعبت ولم تقدر على التفوه ببنت شفه وهو أمامها فهي ضعيفة الشخصية في حضرته ، إلا أن عمران قام من مكانه ووقف بجانبها وامسكها من يداها وضغط عليهم بحنو كي تتقوى به وتعلم مساندته لها في اي قرار تأخذه ، 

فرددت بصوت يتلجلج:

_ زي ماسمعت ياسلطان انى مش على أخر الزمن هتجيب لي ضرة وايه كمان من بت قد بناتي اكده ظلم ليا ولعشرة العمر مابينا .

نفض جلبابه بحدة وغادر من امامهم وهو يهتف بتصميم :

_ واني طلاق مهطلقش لو انطبقت السما على الارض يازينب .

بات الجو كله مشاحنة وانطلقت دموع زينب وعويلها وأصبحت تنظر إلى جدران منزلها التى بنتهم بحب وراعتهم بإخلاص طيلة حياتها ورأت المستقبل الآتي دمـ.ـاراً لقلوب الجميع وهي أولهم ، وكما انها تعلم أن سلطان لم ولن يتراجع عن قراره مهما حدث ولم ولن يطلقها ، 

وأبنائها يجلسون تحت قدماها يهدئونها وهي في عالم أخر 

       ************************

مر يومان على تلك الأحداث ومنزل سلطان كله حزن شديد بسبب ماحدث ولم يلبث عمران أن يفرح بشفاؤه حتى أحزنهم والده ، 

يجلس في الاسطبل الخاص به يفكر كيف تكون تلك الملعونة من عائلتهم والأدهى من ذلك زوجة أبيهم ، 

شعر بالحنين تجاه سكون وقرر أن يحادث والدتها ويستئذنها أن يخرجوا سويا كي يتحدث معها فيما يؤرقه فهو على ثقة أنه سيرتاح في الحديث معها بشدة ،

وبالفعل قام بمهاتفتها وردت عليه بود :

_ ازيك ياعمران عامل ايه ياولدي ؟

أجابها بحنو:

_ الحمدلله ياخالة كيفك انتي اتوحشتكم والله .

_ إحنا بخير ونعمة يا حبيبي ، ايه من يوم ماكتبت الكتاب محدش شافك ، ان شا الله تكون بخير.

_ أنا زين ياخالة بس كان عندي شغل كتير متعَطَل فانشغلت فيه اعذريني ، 

بقول لك ايه ياخالة بستئذنك هاخد سكون ونخرج شوي هفرِجها على شوية موبيليا اكده لشُقتنا علشان تختار هي .

امائت به بموافقة:

_ ومالو ياولدي هي مرتك ومحدش هيخاف عليها قدك ، بس ابقي هاتها وتعالى اشرب الشاي وياي ، اني حبيت قعدتك ياولدي .

وافقها على طلبها قائلا:

_ والله إنتي اللي مينشبعش منك ياخالة ، من عيني حاضر.

_ منحرمش منك أبدا ياحبيبي ، ابقي سلم لي على الحاجة زينب والحاج سلطان.

أغلق الهاتف معها وصعد سيارته وذهب إلى المشفى دون أن يهاتف سكون فهو يحبذ أن يجعلها مفاجأة فذاك موعد خروجها ، 

وصل إلى المشفى وهبط من سيارته ووقف مربعا ساعديه أمام صدره وانتظرها ، مر عشر دقائق ووجدها تخرج من المشفى بطلتها الجميله الهادئة ، 

فور أن خرجت سكون وخطت بضع خطوات نظرت في المكان تتفحص الطريق وجدته واقفاً ينظر إليها نظرته المحببة إلى قلبها ،

ابتسمت تلقائيا فور رؤيتها له ودق قلبها بعنف وودعت صديقتها وأسرعت خطواتها كي تصل إليه ، وصلت بخطواتها المتعجلة وتحدثت:

_ ايه المفاجأة الحلوة داي ، تصدِق ياعمران ياما حلمت باللحظة داي اني أخرج الاقيك واقف مستنيني قدام المستشفي ، وتصدِق كماني مكنتش متخيلة أنها هتُبقى حلوة اووي اكده.

أشار اليها بيداه بتمهل :

_ ياواش ياواش بالراحة علي اكده ياسكوني ، تصدِقي إنتي كمان اني مكنتش أتخيل اني ممكن أجي استني حبيبتي قدام مكان شغلها وابقي متلهف لشوفتها بالطريقه داي.

أمالت رأسها قليلاً وأردفت بابتسامة حالمة زينت وجهها الجميل:

_ بجد ياعمران أني حبيبتك ؟

اتسعت عيناه واردف مندهشا:

_ وه لسه بتسألي إذا كنتي حبيبتي ولا له !

واسترسل بعيناي عاشقة وهو يتفحصها بوله :

_ ده إنتي مش بس حبيبتي ده إنتي روح الروح ونبض العمران .

أغمضت عيناها وهي تستمتع بسحر كلماته ونست الزمان والمكان ثم فتحتهما وحركت شفتيها بدلال:

_ وانت قلب سكون من جوة وكل آمالها ،

واسترسلت باستفسار:

_ ها مقلتليش على وين رايح اكده وراك شغل في مصر تاني وجاي تودعني قبل ماتسافر ؟

حرك رأسه بنفي وأجابها مبتسماً وهو يمد يده إليها :

_ له ، جاي آخد مرتي اللي مشفتهاش من يوم كتب كتابنا ولا خرجتها نخرجوا نشموا هوا مع بعضنا ، ينفع ولا له ؟

نظرت إلى يداه الممدودة لها وخجلت أن تمد يداها له وهم في الشارع وتلفتت يمينا ويسارا خوفاً من أن يراها احدا وكأنها تفعل جريمة ، 

فعبس وجهه وتمتم بضيق مصطنع:
_ وه هفضل مادد يدي كتير ولا ايه ياسكون ، أني جوزك على فكرة لو ناسية يعني .

مدت يداها ببطئ وسكنت يد عمرانها الذي ماإن لامست يداه يدها شعرت بمشاعر متضاربة داخل جسدها الصغير فقط من مجرد لمسة يد ، اما هو أحس بالقشعريرة كالكهرباء ، شعوراً لم يزور جسده من سنوات ، 

شعرت بضغط يداه على يدها ولاحظت شروده فتحدثت وهي تتلفت يميناً ويساراً مرة أخرى:

_ هنفضل واقفين في الشارع كتييير ؟

جذبها برفق من يداها وفتح باب سيارته وأدخلها برقة وأغلق الباب ، ثم ذهب الي الناحية الأخرى وصعد سيارته واغلق الباب ونوافذ السيارة بإحكام وأول شئ قام بفعله ، 

أمسك يداها وجذبهما ناحية شفتاه وقبلهما قبلة عاشقة أشعلت النيران داخل كليهما ، 

سحبت يدها من يداه بخجل وهي تردد بخفوت:

_ مينفعش اكده ياعمران إحنا في العربية ، وكماني إحنا لسة في حكم المخطوبين .

لم يعجبه حركة سحب يداها وجذبها مرة أخري وأشبكها بين أصابع يداه بتملك وتحدث ملاما لها:

_ أني جوزك ياسكون ومتشليش يدك من يدي خالص ، وبعدين أني ماصدقت حسيت بدفاهم .

قال كلمته الأخيرة ونظراته تحولت لحزن شعرت به سكون فسألته :

_ مالك ياعمران ؟
حاسة إنك شايل هم تَقيل أووي فوق قلبك ، شاركني همك اني دلوك نصك التاني .

وكأنها بكلمتها تلك ضغطت على وجيعته وانطلق لسانه ينطق شكواه :

_ ابوي الحاج سلطان هيتجوز .

وضعت يدها تكتم شهقتها من أثر ماستمعت إليه وهي تردد بذهول:

_ يتجَوز على ماما الحاجة زينب !
ليه اكده ومن مين ؟

أجابها وهو يستند برأسه على كرسي القيادة :

  •تابع الفصل التالي "رواية من نبض الوجع عشت غرامي" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent