رواية أو أشد قسوة الفصل الثاني عشر 12 - بقلم سارة مجدي
وصل بيبرس الي المستشفى سعيد بما قام به … في خياله لم يكن يتوقع ما حدث .. وكيف سير القدر له تلك اللحظة ليرى ما راى .. ويكون هذا سبب في إنهاء الأمر دون مماطله او عنف … او كما كان يظن ويتوقع بالقتل
… دخل الي غرفتها والابتسامة تزين وجهه .. لتنظر له باندهاش وبعض القلق .. ليغلق الباب خلفه ورفع الحقيبة أمامها وقال بسعادة:
-خلاص … اطمني الموضوع خلص … عقدك وعقدي في الشنطة دي .. وخلصنا من الكبارية .. والجوكر وترتر وكل حاجة … وكمان معايا مكافئة صغيرة من الجوكر كده علشان نبدء حياتنا بمشروع صغير على قدنا
لتبتسم بسعادة ثم أغمضت عينيها وظلت تردد براحة:
-الحمدلله … الحمدلله
وعادت تنظر اليه تسأله بتوسل:
-أنت بتتكلم جد .. يعني خلاص … الكابوس ده خلص … هرجع تاني زيزي بتاعة زمان
وضع الحقيبة أرضًا وأقترب منها وهو يقول بصدق واسف:
-ايوة خلص خلاص .. اصحي من الكابوس .. وعيشي الحياة اللي نفسك تعيشيها يا ست زيزي .
تجمعت الدموع في عينيها ليقترب منها أكثر وقال برجاء:
-سامحيني يا ست زيزي .. سامحيني علشان أقدر أسامح نفسي
-مسمحاك يا سي بيبرس .. خلينا ننسى كل اللي حصل كأنه محصلش
قالت بصوت ضعيف من آثر كتمها للبكاء .. لينحني يقبل يدها برفق .. ولم يبتعد كثيرًا عن يدها لكنه نظر لها برجاء وقال بتردد:
-ست زيزي ينفع أقولك اللي في قلبي .. ينفع اتجرء وأطلب الطلب اللي عشت عمري كله أحلم بيه
أومأت بنعم … ليقبل يدها مرة أخرى وأقترب أكثر ينظر الي عمق عينيها وقال بصدق:
-انا من يوم ما وعيت على الدنيا وفهمت يعني ايه راجل وست .. وعرفت يعني ايه قلب بيدق علشان خاطر حد … عرفت ان قلبي بيدق ليكِ أنتِ بس … وعيني مشافتش حد غيرك أنتِ بس … وحلمي إنك تكوني ليا انا بس
أخفض عينيه بخجل رجولي .. يزيد من وسامة خشونته .. فهي لم تكن تتوقع ان ذلك الجسد الضخم يحمل بداخل قلبة تلك المشاعر الرقيقة .. وانه يخاف ويخجل … لتبتسم وهي تغلق أصابعها على يده وقالت بخجل انوثي رقيق:
-انا موافقة يا سي بيبرس .. وهو ده حلمي انا كمان ومن زمان
ليشهق بصدمة .. لا يعرف هل يبتسم لكلماتها التي تسعد قلبه وتنعش روحه .. ام يحزن لغبائه كونه فكر في اسقاطها في وحل الخطىء حتى تتساوى الرؤس ويظفر بها .. والآمر أسهل من كل هذا كان عليه فقط ان يسألها الوصال
أخفض عينيه لثوان يحاول استيعاب كل ما يحدث معه كل تلك السعادة .. المشاكل التي إنتهت دون مجهود يذكر
لكنه رفع عينيه اليها وقال:
-هروح أشوف الدكتور علشان نعرف هتخرجي أمتى؟ واعملي حسابك مش هتروحي الا واحنا كاتبين الكتاب
ولم يسمح لها بالرد وخرج من الغرفة لتنحدر دموع السعادة من عيونها
أغمضت عينيها وتنهدت براحة وهي تنظر الي تلك الحقيبة التي تحمل لهم بداية جديدة وهمست:
-الحمدلله … الحمدلله
~~~~~~~~~~
بعد رحيل بيبرس ارتدى الثلاث ملابسهم سريعًا بعد ان تأكدوا من غلق الباب بالمفتاح … وحين انتهوا جلس الجوكر والباشا سويًا بعد أن امر الأول ترتر بالخروج … ولكن لا يبتعد عن باب المكتب ولا يسمح لأحد بالاقتراب
نظر الباشا الي الجوكر وقال بخوف:
-تفتكر مسح الصور؟!
ليبتسم الجوكر ابتسامه مستهزئه وهو يقول بغضب واضح:
-لو عمل كده يبقى غبي .. لاني مش هرحمه … بيبرس كتب شهادة وفاته بأيده
ليقترب الباشا من الجوكر وقال بصوت يحمل الكثير من الغضب:
-هنعمل ايه دلوقتي مع ابن(..) ده … لازم يدفع الثمن .. لا مش بس يدفع الثمن ده لازم يموت وميبقاش لا هو ولا البت زيزي إي أثر
رفع الجوكر حاجبيه وزم شفتيه وهو يردد:
-فعلا … لازم يموت
وارتسم على وجهه معالم التفكير مع ابتسامه قوية واثقة وكأنه وجد الحل أخيرًا
ليفتح الباب وقال موجهًا حديثه لترتر:
-اتصل ب (…) عايزه قدامي خلال ساعه
-أمرك يا جوكر
قالها ترتر بصوته المائع وتحرك بخطواته المتمايلة لينفذ ما أمر به وهو يهمس لنفسه
-والله الملبن خسارة في الموت
~~~~~~~~~~
ظلت تنتظره لوقت طويل … لكنه لم يعود لها .. حتى انه لم يرسل لها اي رسائل .. نظرت الي ساعتها وغادرت الإذاعة … ف لتذهب الي البيت وغدًا تفهم ماذا حدث معه؟!
لكنها عند البوابة وجدته يقف هناك … يستند الي سيارته … ومساعده يقف خلفه ويبدوا عليه التوتر
أقتربت منهم بخطواتها الواثقة حين رأها ذلك الشاب تلون وجه بخوف شديد لكنها لم تهتم لأمره واقتربت أكثر من مراد … الذي لم يشعر بها وباقترابها فقد كان سارح لتقول هي بصوت هادىء:
-مالك يا مراد؟! واقف كده ليه؟ ايه اللي حصل؟
نظر إليها طويلا ولم يقل شيء … ولاحظت نظره غريبه بعينيه لم تستطع تفسيرها … ثم أتخذ وجهه ملامح البرود وعدم المبالاة وقال:
-مدير المحطة عايز يغير أسم البرنامج … ساعة مع مراد وظلال … ايه رأيك؟
ظهرت الدهشة على ملامحها وقالت بقوة ورفض:
-لا طبعًا مينفعش .. البرنامج ده بتاعك يا مراد انا ضيفة فيه … يمكن في المستقبل يكون ليا برنامج لوحدي .. لكن الأكيد اني مش هاخد البرنامج اللي تعبت فيه لحد ما بقا البرنامج الاول إذاعيًا
وتحركت من امامه عائدة الي مبنى الإذاعة ومباشرة الي غرفة مدير المحطة غير مبالية بندائاته المتكررة … ابلغته برفضها للفكرة .. وابلغته أيضًا انها تفضل الرحيل عن سرقة مجهود شخص أخر
غادرت مكتب المدير ومباشرة الي بيتها ولم ترد على كلمات مساعد مراد الذي اخبرها ان الأخير ينتظرها في مكتبه
وداخل سيارتها كانت تشعر بالضيق .. لم يمر بضع دقائق على حديثهم ويحدث هذا الموقف … هي لا تستطيع فهم الحكمة من كل هذا … ولكن هي مقتنعه تمامًا بموقفها … إذا قرروا رحيلها فهي غير مبالية ومؤكد ستجد مكان أخر … وإذا قرروا إستمرارها فهي لديها بعض الشروط وسوف تضعها
دخل المساعد الي مكتب مراد وأخبره بما حدث … ليشعر بالاندهاش … ماذا فعلت لدى مدير المحطة؟ ولماذا رحلت فورًا؟
أمسك هاتفة ليتصل بها لكن الهاتف الداخلي للمكتب علي رنينه … ليترك هاتفه واجاب بترقب … ليصله صوت مدير المحطة يخبره برفض ظلال للاقتراح … وانها مستعدة للانسحاب من مشاركة مراد في برنامجه
أغلق الهاتف بعد ان أكد على مدير المحطة رغبته الشديدة في إستمرار ظلال معه … وابلغه انه سيتحدث معها
اغلق الهاتف وهو يشعر بالاندهاش … هذه فرصة كبيرة بالنسبة لها … وخطوة هامة في طريقها المهني … لكنها وبأخلاق الفرنسان وكبرياء عائله الخشاب الذي عرف عنها الكثير رفضت كل هذا … أمسك هاتفة ليتصل بها … لكن وجد هاتفها مغلق … شعر بالضيق لكنه سيظل خلفها ولن يتركها ابدا
~~~~~~~~~~~
حين وصلت الي البيت من يراها يجدها هادئه لا مبالية لكن من داخلها طفلة صغيرة تريد ان تبكي او تصرخ .. تضرب الأرض بقدميها باعتراض … تتشبث بالحلوى الخاصة بها وترفض بشدة تركها لغيرها
لكن للأسف هي لا تستطيع فعل اي شيء من هذا كبريائها لن يسمح لها
…. لم تدخل الي القصر .. أخذتها قدميها لمكانه المميز والخاص … والتي حلمت كثيرًا ان تجلس فيه جواره يتحدثون … ويتسامرون … يتغزل بها ويخبرها كم يحبها … لكن لم يحدث اي من هذا ولن يحدث يومًا
جلست في نفس البقعة التي يجلس فيها عدنان دائمًا … وبدأت في التفكير … في حبها لعدنان التي تتغافل عنه تمامًا حين تكون في حضره مراد …. وعملها الذي اتى اليها دون مجهود منها او بحث … مرض أدهم وتلك الحالة التي وصفها عبدالله لهم …. ما حدث اليوم كلمات مراد ونظرات عينيه … كلمات مدير محطة الإذاعة عن مدى خفة ظلها وأسلوبها المميز .. صوتها الذي وقع المستمعين في عشقه منذ اللحظة الأولى … الإعلانات التي إرتفعت في البرنامج بسببها وبقدرتها على أخد مكانة أكبر الان وان يصبح لها برنامج خاص باسمها
لكن هي لن تفعل هذا بمراد … آنه إعلامي مميز تتعلم منه كل يوم شيء جديد … هو من قدم لها تلك الفرصة الكبيرة … ومؤكد لن تطعنه في ظهره صحيح هي ستقوم بكل خطوة في طريقها العملي وستحقق طموحها لكن ليس بالغدر بمن ساعدها وفتح لها الطريق
نظرت الي هاتفها لتجد إشعارات كثيرة تدل على إتصالات مراد المتكررة … هي فعلّت تلك الخصية التي تجعل من يتصل بها يظن ان الهاتف مغلق حتى تترك له مساحة للعقل .. دون أي انفعال عاطفي غاضب كان او سعيد
أخذت نفس عميق … وهي تفكر هل أدهم بخير الآن؟ … وعدنان ما هذا السر الكبير الذي يخفيه عن الجميع؟
نعم هي تعلم انه يخفي سرًا كبير … هي أكثر من تعوفه … هناك في عمق عينيه صرخة حبيسة … تريد ان يستمع لها أحد … لكنه أغلق الأبواب حتى أمام كونهم أولاد عم .. وذات يوم كانوا اصدقاء مقربين … كانت تريد ان تخبر أدهم بما تفكر فيه لكن كيف الآن وهو بهذه الحالة
تنهدت بهم وأراحت رأسها الي الخلف بعد آن إتصلت بأخيها … حين وصلها صوته الحاني … قالت بابتسامة:
-طمني عليك يا آبيه عامل إيه؟ وهترجع أمتى لآنك واحشني جدًا
-وأنتِ كمان يا ظلال … تصدقي حاسس اني بقالي كتير بعيد عنك … حقك عليا يا حبيبتي … قصرت في حقك
إتسعت ابتسامتها مع كلماته الحانية وقالت بصدق:
-متقولش كده يا أدهم … أنت مصدر أماني .. أنت أبويا وكل ما ليا .. ديما فاردة ظهري وماشية بثقة وقوة علشان عارفة إنك موجود … ولازم تعرف اننا كلنا جمبك ومعاك … سندك زي ما أنت سندنا
ظل صامتًا متأثرًا بكلماتها التي لمست قلبه … ربتت على روحه … جعلت بداخله إحساس بالقوة … هو ليس بمفرده … وكسرت فكرة كونه لابد ان يكون قوي دائمًا … فكرة ممنوع ان تتألم .. تشتكي … أن تمرض … ممنوع عليك السقوط فهناك من سيسقط بسقوطك … وزرعت بدلًا عنها … فكرة … أنت لست بمفردك … هناك من يمسك يدك … يدعمك … أنت أنسان يضعف أحيانًا .. يسقط ويعود ليقف على قدميه من جديد .
ليقول بعد أن أخذ عده انفاس براحة وسكينة:
-أنتِ كبرتي إمتى يا بت أنتِ؟! … انا هخلص شغل بدري النهاردة وهرجع البيت عايز أقعد معاكي كتير جدًا عايز أسمعك … وأطمن عليكي.
-وانا مستنياك .. وعندي كلام كتير اوي اوي عايزة اقوله ليك وأخد رأيك في موضوع كده
أغلقت الهاتف … وقد تبدل حالها الي سعادة وراحة كمان فعلت مع أدهم أيضًا الذي أكمل عمله بنشاط وقوة ف أخته مازالت تراه بطلها وسندها رغم حالته … وسليمة تقبلت ما هو فيه دون شفقة او نفور .. ف ماذا يريد أكثر؟
~~~~~~~~~~~~
حين غادر شركة أدهم كان كل تفكيره ينصب على زوجته … كيف يبدء في إصلاح ما أفسده … أول شيء إتصل على سكرتيرة عيادته وطلب منها إلغاء كل مواعيده اليوم وغدًا والاعتذار للمرضى وقال كاذبًا انه مريض ولا يقدر على الحضور … صعد الي سيارته وتحرك بها وهو يفكر … ما هي الأشياء التي تفضلها زوجته … انه لا يتذكر أخر هدية أحضرها لها … ولا يتذكر اسم عطرها المفضل … حتى انه لا يذكر إي أنواع الزهور تحبه … تنهد بضيق من نفسه … لكنه سيحاول .. وبكل طاقته
أوقف السيارة أمام محل الزهور … وترجل من السيارة يتطلع الي كل تلك الأنواع بصده وشعر بالحيرة
أقتربت البائعة منه وهي تقول بابتسامة بشوشة:
-اهلا يا فندم أقدر أساعد حضرتك في حاجة؟!
نظر لها بحيرة .. لكنه قال بابتسامه خجولة:
-بصي انا مزعل مراتي وعايز أصالحها .. بس مش عارف أنهي نوع ورد من الأنواع الكثيرة دي ينفع
أبتسمت الفتاة برقة وتحركت في إحدى الاتجاهات وأمسكت زهرة بين يديها وهي تقول:
-الورد له لغة .. يعني مثلًا الوردة الحمرة يعني الحب والجمال وبتقول للي بتهاديها بيها أحبك من كل قلبي … والوردة البيضة بترمز للنقاء والطهر والوردة الصفرا بتقول للي بتهاديها بيها مش هتكون لحد غيري .. ولو مثلًا هاديتها وردة زرقة ده معناه الغموض والخيال … الورد لغة وعالم وعلشان تعتذر يبقا تهاديها زهور الاوركيد الأبيض هي هتقولها على كل الاعتذارات اللي جواك
نظرت اليه وقالت بأبتسامة واسعة:
-ها أجهز بوكية من الاوركيد؟!
أومأ بنعم لتبدء هي في صنعه وهو يراقب يدها المحترفة في ترتيب الزهور .. وتزينها … وحين أنتهت أقتربت منه وبين يدها بطاقة صغيرة وقلم وقالت ببعض المرح:
-اتفضل أكتب اعتذراتك هنا
أبتسم عبدالله وبداخله إحساس غريب لقد عاد مراهقًا … يبحث عن معاني الزهور حتى يهادي حبيبته … ويحاول جاهدًا كسب ودها وقلبها … أخذ من يدها البطاقة والقلم حين أشارت له على استاند في أحدى أركان المحل … ليتحرك الي هناك وبدء في التفكير … ماذا يكتب وظل هكذا لعده دقائق .. ثم أبتسم وبدء يخط على البطاقة ما شعر به وما أراد قوله
حين أنتهى أخذت الفتاة البطاقة منه وضعتها بشكل واضح وثابت في وسط الباقة
دفع لها المال وشكرها ورحل … وبدء من جديد رحله أخرى للبحث عن شوكولاته مناسبة … وسوف يشتري لها عطر على ذوقه ويتمنى ان ينال رضاها
بعد ساعة تقريبًا كان يوقف سيارته اسفل البناية … حمل الأغراض متجاهلا نظرات حارس العقار الزاهله
طرق على باب البيت عده طرقات … لم يفتح الباب بمفتاحة كمًا إعتاد … يريد ان يفاجئها .. يعلم ان جرحها كبير .. وذنبه في حقها عظيم … ويعلم ان الطريق أمامه طويل .. وليس بأشياء بسيطة كهذه سوف يمحوا سنوات من الألم والحزن … لكن عليه ان يخطوا في اتجاهها بخطوات واسعة وثابته وعليه ان يمحو كل لحظة حزن ويبدلها بلحظات حب واحتواء وتفهم … هو يدرك ان ليس اهتمامه بها وحدها هو المشكلة … عليه تحمل مسؤلية اولاده … ويرفع عن كاهلها بعض العبء يشعرها بوجد كتفه جوار كتفها
حين فتحت الباب كانت الصدمه والاندهاش واضحين على ملامحها لكن بعد ذلك تحولت ملامحها لحزن وخصام رغم تلك اللمعة التي يراها في عينيها وهي تنظر الي ما يحمله بين يديه
لم يقل شيء لكنه دخل وأغلق الباب بقدمه … ظل الموقف ثابت لعده لحظات حتى مد يده بالعلبة الموجودة في يده اليمنى وقال بتردد:
-دي شوكلاتة وبرفان … يمكن يكونوا مش النوع اللي أنتِ بتحبيه … لكن انا حاولت ومش هبطل أحاول
أخذت العلبة من يده دون تعليق … لكن من داخلها قلبها يقفز كالأطفال بسعادة … ويصرخ بمرح
وزاد ذلك الإحساس حين قرب منها باقة الزهور وهو يقول:
-انا مش هتكلم بس لو سمحتي اقرأي الكارت
وضعت العلبة على الطاولة التي بجانبها وأخذت منه الباقة بيد وبالأخرى أخدت البطاقة تقرأها بعينيها
“أصبحت كمراهق صغير أدور على محلات الزهور والشوكلاته والعطور … أبحث لكِ عن هديه مناسبة .. تلك الزهور حتى تبلغك اعتذاري .. ف لقد علمت ان الاوركيد البيضاء هي المناسبة للأعتذار … وانتظري المزيد ف انا الان اقوم بدراسة لغة الزهور وأريد أن أحدثك بها”
تجمعت الدموع في عينيها وكذلك هو ليقترب منها يضمها بقوة وهو يقول:
-هفضل أعتذر لك كل يوم … وهمشي مشاوير ومشاوير علشان أعوضك عن كل اللي التقصير اللي قصرته في حقك … حقك عليا يا لبني … انا اسف.
وانحنى يقبل يدها مرارًا وتكرارًا رفعت يدها الأخرى تريد ان تضعها فوق راسه تداعب خصلاته شعره لكنها لم تستطع ف ظلت يدها متعلقة في الهواء كان يشعر بها وبكل ما تمر به وتعانيه لذلك اعتدل يقبل راسها وهمس جوار إذنها:
-خدي حقك مني زي ما أنتِ عايزك .. لكن بلاش تحزني و لو للحظة واحدة
لتنحدر دموعها فوق وجنتيها ليقبل وجنتيها عدة قبلات حتى تزوق ملوحه دموعها ليغمض عينيه بألم
~~~~~~~~~
عاد بيبرس الي غرفة زيزي وعلى وجهه ابتسامة واسعة .. أغلق الباب خلفة وهو يقول:
-الدكتور وافق إنك تخرجي بس بشروط يعني راحة تامة ومفيش اي مجهود
لتبتسم بسعادة من إهتمامه وكلماته … وكل ما يحدث معها … لكن وكأنها كانت قد فقدت ذاكرتها والان عادت … لتشهق بصوت عالي وهي تقول بقلق:
-أبويا
التفت اليها وترك الاغراض التي كان يجمعها في الحقيبة وقال مطمئنًا:
-انا روحت امبارح بليل .. بعد ما الحاره كلها نامت اكلته واديته الدوا واهو انت رايحه له دلوقتي اطمني
رغم احساسها بالخوف من كونة دخل الي منزلها ليلًا ومؤكد بشكل يثير الشك لو لاحظه احد … لكنها أيضًا شعرت ببعض الراحة والامان جوار رجل يفكر في كل شيء يخصها … يهتم لتفاصيلها … ابتسمت له إبتسامه حلوه جعلت نبضات قلبه تتسارع ليعود لجمع الأغراض سريعًا ودون ان ينظر لها قال:
-هروح انادي الممرضة علشان تساعدك تغيري هدومك
وغادر الغرفة سريعًا لتضحك بصوت عالي لكنها شعرت ببعض الالم في جرحها لتضع يدها فوق الجرح وعادت الابتسامه من جديد ترتسم على ملامحها
~~~~~~~~~
إقترب عدنان من مكتب سليمة ووقف امامه ينظر اليها بتأمل … فتاة قصيرة .. بملابس محتشمه وجه خالي من مساحيق التجميل … انها بالفعل النوع المفضل لأدهم … هل من الممكن ان تكون هي الشريكة المناسبة لأدهم؟ … هل تستطيع الوقوف بجانبه؟ وتحمل كل ما سيحدث معه في رحله مرضه؟ مرض تلك الكلمة التي أصبحت تذبحه بلا رحمه … أنتبهت لوقوف أحدهم أمامها رفعت عينيها لتجده عدنان وقفت وهي تقول:
-تحت أمرك يا باشمهندس عدنان
أبعد عن رأسه كل الأفكار وقال بهدوء:
-انا مش جاي أمرك بحاجة يا آنسه سليمة … انا بس عندي سؤال لو تسمحي لي؟!
أومأت بنعم ليكمل كلماته:
-عرفتي إمتى حاله أدهم؟
-ايه حالة دي؟! باشمهندس أدهم مريض والمرض ده قدر واختبار من ربنا … بيبقا عايز يشوف العبد هيقول الحمدلله راضي يارب ويبدء ياخد بالأسباب ولا لأ .. ويتقرب من ربنا يشكره ويدعوه ولا لأ
قالت كلماتها وكأنها تدافع عن نفسها … ولا تتكلم عن شخص أخر … لكن كلماتها لمست داخله ذلك الوتر الذي يأن بألم مكتوم … ووجد نفسه يهمس دون صوت
-الحمدلله … راضي يارب المهم رضاك عليا
وليزداد احساسه بالاندهاش حين شعر برغبه قوية في الصلاه … الوقوف بين يد الله يتوسله ان يرحمه مما هو فيه… انتبه من افكاره حين أكملت هي كلماتها:
-واجابه سؤال حضرتك … انا لاحظت تغيره في أوقات كتير قبل ما اشوفه في العمارة … باشمهندس أدهم محترم جدًا ونظراته كلها تقدير وإحترام بيحافظ على مواعيد الصلاه .. ومش بيتطاول بالكلام .. لكن ثامر بقا
وأكملت كلماتها وكأنها قطار سريع يرفض التوقف في إي محطة:
-قليل الأدب وسافل وعينيه تندب فيها رصاصه … وتصرافته كلها وقاحة ومش بشوفه بيركعها
كان عدنان مع كل كلمه تتسع عينيه بصدمه تشابه تلك الصدمة التي ترتسم على وجه أدهم الذي يقف عند باب مكتبه فقد كاد يغادر المكتب ليجد عدنان يقف امامها فوقف يتابع ما يحدث والغيرة تلتهم قلبه
لكنه لم يكن فقط مصدوم فقد كانت هناك ابتسامة صغيرة ترتسم على شفتيه
خاصة حين قال عدنان سريعًا:
-خلاص فهمت … على العموم يا آنسة سليمة انا بعتذر بالنيابة عن أدهم على وقاحة ثامر .. ويعني
لم تدعه يكمل حديثه وقالت بفم معوج:
-وأنت اقصد حضرتك تعتذر ليه أصلًا محصلش حاجة … وبعدين انا بعرف أتعامل مع ثامر ده متقلقش … ورصيد باشمهندس أدهم الخلوق كبير الصراحة ويخليني اكبر دماغي من تصرفات ثامر ده
ليضحك أدهم على حديثها وكذلك عدنان الذي ضرب كف بكف باستسلام وقال بيأس:
-تمام … أدهم لوحده ولا فيه حد عنده
-لا يا فندم لوحده … اتفضل
ليحرك رأسه يمينًا ويسارًا باستسلام وتوجه لمكتب أدهم الذي عاد الي الداخل سريعًا حتى لا يلاحظ أحد استماعه لكل ما قيل لكن لن ينكر سعادته بما حدث … شعور الاهتمام شيء مميز خاصه حين يأتي من أقرب الناس
~~~~~~~~~
جلس عدنان لأكثر من نصف ساعة مع أدهم يتناقشون في بعض الأمور الخاصة بالعمل… ولكن أهم ما حدث في تلك الجلسة
حين قال عدنان بحذر:
-أتصل بشُكران يا أدهم … قلقانه عليك ومنتظرة مني إتصال علشان اطمنها لكن لو الاتصال جه منك أنت هيبقى أحسن
تنهد أدهم ببعض الحزن وقال بشرود:
-انا عرف اني قلبت لكم حياتكم … خوفت ظلال وخلتها تحس بعدم الأمان وشُكران وجعت قلبها من تاني بعد ما خسرت ولادها الاتنين واتحملت لوحدها تربيه أحفادها ومسؤلية العيلة ترجع تاني تشيل همي وتخاف علشان المرض الغريب اللي بقا عندي
ثم نظر الي عدنان الذي كسى وجهه الحزن وقال باندهاش:
-وأنت حسيتك فجأة كده كبرت .. ويقيت شايل المسؤلية .. بطلت سرمحة شمال ويمين .. وبنات
ليرفع حاجبية بصدمه وقال بحزن مصطنع:
-ايه يا أدهم التسيح ده فيه ايه مش كده … وبعدين انا راجل اوي واعجبك … ووقت الشدة شديد ووقت القوة قوي … اوي اوي
واخفض صوته في أخر كلماته ليضحك أدهم بصوت عالي وقال يشاركه المرح:
-الناظر في نفسك … هات يا ابني تليفونك اكلم شُكران من عليه
أعطاه الهاتف لتظهر لمحه حزن في عينيه حاول اخفاؤها سريعًا
وضع أدهم الهاتف على اذنه متوقع هجوم قوي منها وهذا بالفعل ما حدث:
-هو أنت مش قولتلي هتكلم عبدالله وتطمني … يا ابني حرام عليك انا قاعدة على أعصابي من امبارح
-حقك عليا يا جدتي … أنا أسف
قالها أدهم بهدوء وحزن لتقول هي بلهفه:
-أدهم حبيبتي … أنت كويس يا ابني … طمني عليك .. كنت فين طول الليل .. وليه مكلمتنيش من الصبح؟!
ابتسم بحزن والم وقال بصدق من جديد:
-اسف اني خوفتك عليا .. حقك عليا انا فعلًا غلطان ..وشويه وهكون واقف قدامك تعملي فيا اللي نفسك فيه … وهحكيلك على كل حاجة
أخذت انفاسها ببعض الراحة … ودعت له هو وعدنان وظلال وأغلقت الهاتف
ليمد يده بالهاتف الي عدنان وقال بمرح؛
-رحمتك من التهزيئ ومن كلام جارح كتير كنت هتسمعه
ليضحك عدنان باستهزاء وهو يقول بغرور مصطنع:
-يا ابني انا لو متهزئتش من شُكران كل يوم أخاف واحس ان فيه حاجة غلط
ليضحك أدهم من جديد بصوت عالي
غير عابيء بتلك التي تجلس في الخارج يتقافز قلبها على نغمات ضحكته … وتبتسم كالبلهاء
~~~~~~~~~
انهى كل الأعمال بشكل سريع … يريد ان يعود الي البيت … يطمئن جدته واخته … وفي الاساس حتى يطمئن نفسه بهم
رغم عدم رغبته في ترق تلك الفتاة غريبة الأطوار بالخارج … انها حقًا مميزة ولا يعلم ما هو هذا الشيء الجيد الذي قام به في حياته حتى يرزقه الله بتلك الانسانة … تدخل حياته وتهون عليه الكثير وبأقل مجهود منها
أخذ سترته وغادر مكتبه ليجدها منهمكة في العمل تسجل شيء ما على الحاسوب .. ليغلق باب مكتبه حتى يصدر صوت كي تنتبه لكنها كانت في أشد حالات التركيز .. ف أقترب منها بهدوء … ليشعر بالصدمه وهو يرى ما تبحث عنه
شعر بسعادة غامرة … إنها تهتم به .. تهتم بما يعاني تريد ان تفهم حتى تستطيع المساعدة
عاد بهدوء مرة اخرى في إتجاه مكتبه وفتح الباب من جديد .. وقال بصوت عادي قدر إمكانه:
-آنسة سليمة
لتنتفض واقفة وظهر على وجهها التوتر والقلق … كان يود ان يضحك على حالها هذا لكن كل حركة منها تزيد احساسه بالحب تجاهها
لذلك تجاهل كل شيء حتى لا يحرجها وقال بهدوء:
-انا تعبت النهاردة … لو لسه فيه مواعيد ممكن تأجليها لبكرة
بتوتر امسكت بمفكرتها تنظر اليها ثم قالت بصوت مرتعش:
-مكنش فيه غير معاد واحد مع رئيس قسم المبيعات وده سهل يتأجل طبعًا
أومأ بنعم … وتحرك خطوة ثم وقف من جديد وقال:
-أنت كمان يلا روحي كفاية شغل النهاردة
من كثره توترها وخوفها من انكشاف أمرها رغم انها اغلق الحاسوب لكنها لم تستطع الرد على كلماته ف أومأت من جديد بنعم
ليرفع يده بتحيه في الهواء وقال بابتسامه تخطف أنفاسها:
-سلام يا سليمة
وغادر من أمامها سريعًا … تنفست الصعداء حين غادر ولم يكتشف ما كانت تقوم به .. وحين جلست من جديد قطبت جبينها بحيرة وهي تسأل نفسها:
“هل قال سليمة فقط دون لقب آنسه… هل كان ثامر من يقف أمامها ولم تنتبه”
كانت تود ان تركض خلفه حتى تتأكد لكن مؤكد انه قد غادر
ظلت تفكر كثيرًا لكنها لم تستطع إيجاد تفسير .. لكنها أنتبهت ان عليها الإتصال بالطبيب .. فها هو لديها وقت فارغ وتستطيع العودة الي البيت في موعدها
حين اجابها اخبرته بما حدث … ليخبرها على عنوان إحدى المقاهي على النيل وانه خلال نصف ساعة سيكون هناك
كان يتحدث وهو يقف عند باب المطبخ يتابعها وهي تحضر الغداء صامته لكن لغة العيون تتحدث يمد يده بالأغراض لها .. تأخذها دون كلمه حتى رن هاتفة ليجيب وهو يقف جوارها وحين أغلق الهاتف … قال بتوضيح:
-دي سكرتيرة أدهم وهروح أقابلها علشان نتكلم في موضوع أدهم … ساعتين بالكثير وهرجع
لم تجيب على كلماته … ليقترب منها يقبل جبينها وأكمل:
-هكون موجود على الغدا … ومحضرلك مفاجئه
أيضًا لم تعلق على كلماته ليبتسم ابتسامه طفولية بريئة وغمز لها وغادر
لتبتسم … لن تنكر ان ما يقوم به يسعدها … لكنها لن تلين عليه ان يبذل الكثير والكثير
~~~~~~~~~
جلست أمام عبدالله الذي كان ينتظرها في إحدى المقاهي على النيل وهي تقول ببعض الضيق والسرعة:
-انا مش هقدر اتأخر .. ف لو سمحت قول اللي عايزه بسرعة
ابتسم عبدالله من أسلوبها لكنه قال بهدوء:
-انا مقدر موقفك وأكيد مش هسبب ليكي أي مشكلة وعلشان كده هندخل في الموضوع على طول
وبدء يخبرها بكل شيء كانت تشعر بالاندهاش والصدمة … وبعض من الشفقة لكنها قالت بعد ان انهى حديثه:
-بس انا عارفة ان الأمراض اللي زي دي مش بيكون ليها علاج … يعني بتحاولوا تسيطروا بس على الشخصية التانيه
شعر بالإعجاب وبعض الاندهاش من اهتمامها بحاله أدهم وطريقة علاجه وقامت بالبحث عن الامو في محاولة للفهم وبداخله زاد إحساسه بإنها تكن بعض المشاعر الخاصة أيضًا له
فقال بتوضيح:
-كلامك صح … للأسف في بعض الأمراض النفسة مش بيكون ليها علاج شافي .. هو بس بنخلي الحالة تحت السيطرة مش أكثر .. وحالة أدهم للأسف من النوع ده
ظهر الحزن على ملامحها ليكمل كلماته:
-أدهم مش محتاج شفقة .. أدهم محتاج قلوب بتحبه .. تقدر تسنده وتدعمة … محتاج كل اللي جواهم إحساس طيب نحيته ويقدروا يقفوا جمبه بقوة
ظلت صامته لعدة لحظات تفرك يديها بقوة وعينيها ثابته تتابع حركة يديها .. لكن عقلها كان يطرح عليها السؤال المهم … هل تستطيع الابتعاد عن أدهم؟ والاهم من هذا …هل هي قادرة على دعمة ومساندته؟
لتتذكر تلك اللحظة حين دخلت اليه بالأوراق بعد ما حدث ورحيل الطبيب ونظرة عينيه المترقبة لرد فعلها … وابتسامة الراحة التي ارتسمت على وجهه حين وجدها تدعمة بأسلوبها وطريقتها الخاصة … وتلك الضحكة التي خطفت قلبها وجعلته يقفز راقصًا على نغماتها المميزة
رفعت عينيها الي عبدالله وقالت بثقة:
-قولي الطريقة الصح في التعامل مع الشخصية التانية لما تظهر
ليبتسم براحه … وأخذ نفس عميق وقال:
-اسمعيني كويس
~~~~~~~~~~
يسير جوارها يدعمها في سيرها … تسير برفق تستند على ذراعه لانها تشعر بألم قوي مع كل خطوة لكنها كانت تتحمل … انها تريد العودة الي منزلها .. رؤيه والدها والاطمئنان عليه .. بداخلها شعور بالطهر تريد ان تشعر به داخل بيتها … تريد التخلص من كل آثر لتلك الكارثة التي كانت تقوم بها … الفضيحة على وجه الدقة … نظر لها بابتسامة واسعة وقال بسعادة:
-نطلع على المأذون نكتب الكتاب ونرجع الحارة وأحنا الاتنين جداد ناس غير الناس زيزي مختلفه وبيبرس جديد قولتي ايه
ابتسمت لكلماته لكنها قالت بصدق:
-يرضيك أتجوز من غير رضا أبويا وموافقته … يرضيك يتكتب كتابي واهل الحاره ميشهدوش على جوازنا ويفرحوا معانا
صمتت لثوان ثم قالت ببعض المرح:
-وبعدين في عروسة يبقا شكلها كده أصبر بس لحد ما افك السلك
هز رأسه بموافقة على حديثها … وقال باستسلام:
-معاكي حق .. غلبتيني … أوصلك البيت وعلى طول هروح للحج عرفة أطلب منه يروح معايا لأمام الجامع علشان يقنعه يبقوا معايا وانا جاي اطلب أيدك
لتشعر بخجل فطري … خجل فتاة سوف يتحقق أكبر أحلامها وأخيرًا وهو إرتباطها بمن يعشقه قلبها
تحرك بالسيارة بعد أن نفخ الهواء من صدره مصاحبًا لقوله:
-أجمد يا بيبرس أجمد … هانت خلاص
ليزداد إحساسها بالخجل … لكن يغلفه سعادة لا وصف لها
حين وصلوا الي الحي لم يوقف السيارة في مكانها بعيدًا عن الحي .. ولكنه أصر على الدخول بها الي حارتهم … ف حالة زيزي الصحية لن تتحمل سير تلك المسافة … وهناك سببًا أخر هو الان يملك قلبها لذلك لا يخشى حديث اي أحد لكن هي قلبها وقع أسفل قدميها … وهو يتقدم بالسيارة داخل الحي … نظرات من يراهم تحمل الكثير … أكثر من الاندهاش .. أو الصدمه كونها تجلس داخل سيارة بيبرس … هناك نظرة ازدراء وكأنهم يروهم في وضع مخل … او بفعل فاضح … لكنها الان تفهم … ها هو كبوسها يتحقق
الحي بأكمله مجتمع أسف بيتها والجميع يبدوا في حاله غضب …
قبل ذلك بقليل … كان كل اهل الحي يجتمعون اسفل بيت زيزي … ينتظرون نزول الرجال الذين صعدوا ليتأكدوا مما قالته حنان… عن كون بيبرس بالأعلى … شاهدته يتسلل الي الليت ليلا ولم يخرج حتى تلك اللحظة
ليغضب اصحاب الدم الحار من اهل الحي .. بسبب ذلك الفعل المشين من ابنه حارتهم وابنه أستاذ حليم المعلم الفاضل الذي تربى على يديه الكثير … لكن الرجال خرجوا من بوابة البيت يقولون بغضب:
-أحنا كسرنا الباب ومفيش حد فوق غير أستاذ حليم ونايم
لينظر الجميع الي حنان التي أقسمت إنها رأت بيبرس يدخل الي البيت متسللًا يتلفت حوله ولم يخرج حتى لحظة اخبار رجال الحارة
ليشعر الجميع بالحيرة
لكن حينها توقفت سيارة بيبرس قريبًا من الجمع اصطفوا جميعا على الجانبين بشكل يشبه الدائرة .. ينظرون لهم باندهاش ليترجل بيبرس من السيارة ودار حولها يدعم زيزي حتى ترجلت هي الاخرى ووقفوا امام أهل الحارة والجميع في حاله تحفز … خاصة بيبرس الذي شعر بالخوف عليها فجسدها ينتفض بقوة
وكانت هي في واد أخر والكابوس يرتسم أمام عينيها الان بكل تفاصيله الجميع يقفون في شكل دائري .. ونظرات الغضب تملىء عيونهم … تنتظر الان ان ترى والدها يخبرهم انه قد تبرى منها ويفعلوا بها ما يريدون … نظرت الي بيبرس هل بيده الان حجر سوف يلقيه عليها … هل اهل الحارة يحملون الان بين ايديهم ما سيرجمونها به … كانت تشعر أن الأرض تميد بها وأخر ما رأته اقتراب رجال الحي منهم والشر واضح في عيونهم … سوف تفقد وعيها الان علها لا تشعر بالرجم او تموت في سلام … لكن صوت طلقات ناريه صم أذنيها وصوت الشهقات يصل اليها وكأنه حلم بعيد وكلمه دماء دماء تتردد في أذنها وكانت هي أخر شيء تعيه مع صوت صرخات عالية ينفطر لها القلب
يتبع….
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية أو أشد قسوة) اسم الرواية