Ads by Google X

رواية أو أشد قسوة الفصل السابع عشر 17 - بقلم سارة مجدي

الصفحة الرئيسية

   

 رواية أو أشد قسوة الفصل السابع عشر 17 - بقلم سارة مجدي



وصل أدهم الي المستشفى ومباشرة الي غرفة طبيب يريد ان يتحدث معه بشكل مفصل ودقيق الان ذهنه صافي ويستطيع ترتيب أفكاره لما في صالح عدنا .. بل بما في صالح العائلة ككل
ف حديثة مع سليمة ربت على قلبة … مده بالقوة والثبات … اعطاه القوة التي تجعله قادر على فعل المستحيل

 
جلس أمام الطبيب الذي بدء يشرح بعض الأمور ببعض التفصيل كالموانع والمسموح به في التعامل مع مريض HIV والذي كان يعرفها تقريبًا أدهم … فخلال طريق العودة كان يستمع لفديوهات طبيبة تشرح كل شيء يخص مرضHIV
وبعد حديث مطول بالتفصيل في كل نقطة قال الطبيب بإقرار:
-وجود أستاذ عدنان هنا هيخلي الموضوع يتعرف زي ما قولتلك قبل كده .. ف قدام حضرتك حل من اتنين .. لو فيه قدرة مادية نصنع ليه غرفة رعاية كاملة والممرضة اللي كانت معايا تتابع حالته أربعة وعشرين ساعة في الأربعة وعشرين ساعة وانا اتابع حالته يوميًا … او الحل التاني انك تسفرة برة وأكيد حضرتك تقدر توفر ليه طيارة طبية خاصة وانا برجح الحل الثاني لأكثر مم سبب … الأول الإمكانيات اللي ممكن تتوفر ليه بره مؤكد أكثر بكتير من اللي نقدر نوفره ونقدمه ليه هنا … كمان علشان السرية وان الخبر مينتشرش
كان أدهم يستمع له ويفكر في الحلول المقترحة أيهم أفضل … كان له اسباب اخرى يفكر بها … ف إذا بقى بالبيت ستعلم جدته وأخته بالأمر وهم الاهم بالنسبة له من اي أحد أخر
وإذا جعله يسافر الي الخارج ستكثر الأسئلة لكن ذلك أقل وطئة عليهم من معرفتهم بحقيقة الأمر
أخذ نفس عميق ونظر الي الطبيب وقال
-جهز كل الإجراءات علشان سفره … وانا هتولى أمر الطيارة ولو ينفع حضرتك ترافقه للخارج ابقا شاكر جدًا وباللي أنت تحدده طبعًا وسفرك وإقامتك على حسابنا
أبتسم الطبيب وهو يقول:
-متقلقش يا أدهم بيه … خلال ٢٤ ساعة كل جاحة هتكون جاهزة
خرج أدهم من غرفة الطبيب وعاود الإتصال بعبدالله الذي أجابه بصوت ناعس:
-ايوة يا أدهم
بصوت جاد قال:
-انا في طريقي ليك … انزلي
واغلق الهاتف ليشعر عبدالله بالقلق والاندهاش … وظل ينظر الي الهاتف لتقول لبنى بقلق:
-في ايه يا عبدالله؟
-أدهم جاي وعايزني انزله .. صوته قلقني اوي
نظر لها وقبل جبينها وهو يقول بابتسامة صغيرة:
-ارجعي كملي نومك .. وانا هنزل اشوفه عايز ايه … وربنا يستر
أومأت بنعم وعادت تضع رأسها على الوسادة وأغمضت عينيها مستسلمة لنوم هانىء بعد جوله حب وعودة عبدالله التي تعشقه لها من جديد
~~~~~~
وقف يستند على سيارته ينتظر صديقه الذي اقلقه ولا يتسطيع تخمين ما حدث والذي زاد من قلقه أكثر انه لا يجيب على الهاتف
لكنه بعد عدة دقائق اعتدل حين أقتربت سيارة أدهم منه وترجل منها بجسده الرياضي .. وهيبه لم تقل يومًا هيبه سببها وقار أدهم وملامحه الرجولية … وفوق كل هذا لدية جاذبية لا ينكرها أحد … لكنه الان يبدوا مهمومًا متهدل الأكتاف وكأنه يحمل فوق كتفيه جبل ضخم
حين وقف أمام عبدالله قال بشكل مباشر:
-عدنان عمل حادثه وعايز اسفره بره
ليعتدل عبدالله وهو يقول بصدمة:
-حادثه وتسفرة بره! هي حالته خطيرة للدرجة دي؟!
أخذ أدهم نفس عميق والتفت ينظر الي الجهة الأخرى وقال بصوت واهن:
-لا الحادثة بسيطة الحمدلله شوية كسور على جروح لكن المشكلة مش هنا … المشكلة أن عدنان مريض HIV وأنت فاهم طبعًا ده معناه ايه … علشان كده عايز اسفره بره

ليشهق عبدالله واتسعت عينيه بصدمه … وخيم الصمت على الصديقين لعده لحظات … ظل خلالهم أدهم يعطي لصديقه ظهره لكن عبدالله فهم الان ما يمر به صديقه … شعر بالشفقة عليه لكن هذا ليس وقتها … ليقترب منه ووضع يده فوق كتف أدهم وضغط عليه ببعض القوة كنوع من الدعم وقال:
-تمام يا أدهم انا هرتب كل حاجة .. قولي بس هو فين دلوقتي وكل حاجة هتكون جاهزة في اقرب وقت
لينظر له أدهم بحزن شديد وقال برجاء:
-مش عايز حد يعرف يا عبدالله .. حتى ظلال وشُكران … مينفعش حد يعرف الموضوع ده … إمبراطورية الخشاب هتنهار وتنتهي يا عبدالله محدش عرف الموضوع ده غير انت وسليمة إنتوا اكتر اتنين انا بثق فيكم
ليربت على كتفه من جديد وقال بتفهم رغم ان هناك الكثير من الكلام الذي يريد ان يقوله تعليقًا على ثقته في سليمة السريعة والقوية
-فاهم يا أدهم متقلقش
ليومأ بنعم وتحرك في إتجاه سيارته وهو يقول:
-هبعتلك عنوان المستشفى واسم الدكتور علشان ترتبوا كل حاجة
صعد الي السيارة ليقترب منه عبدالله وهو يقول مستفهمًا:
-رايح فين؟
رفع عينيه لصديقة وقال بإرهاق واضح:
-على القصر عايز أمهد الموضوع لجدتي وظلال وأشوف كذبه مناسبة لموضوع سفره ده
أومأ عبدالله بنعم ليتحرك أدهم مغادرًا ليظل عبدالله واقف لعدة لحظات في مكانه يشعر بالهم … ليهمس بدعاء
-الله يعينك يا صاحبي
ثم صعد الي شقته التفكير يفتك به .. كيف حدث هذا؟ صحيح عدنان له الكثير من المغامرات النسائية لكن ليس لهذه الدرجة التي تجعله يصاب بهذا المرض
دلف الي غرفته وعقله شارد بين الكثير من الأفكار
حتى انه لم ينتبه لان لبنى تجلس على السرير تنظر اليه بقلق
جلس على الاريكة بإنهاك … والسؤال الاهم يدور في رأسه … إذا كان هذا حاله حين علم بالآمر فما حال أدهم؟ كيف استقبل الخبر؟ وكيف سيكون حاله وهو يكذب على جدته وأخته؟


شعرت لبني بالخوف الشديد بسبب حالته تلك غادرت السرير وأقترب لتجلس جواره وهي تسأل بحذر:
-فيه ايه يا عبدالله؟ مالك؟ أدهم كويس؟
نظر لها لعدة لحظات بصمت ثم قال:
-عدنان ابن عمه عمل حادثة وحالته خطيرة وهيحتاج يسافر بره علشان كده أدهم محتاج مساعدتي في الإجراءات
-لا حول ولا قوة الا بالله … ربنا يشفيه
اعتدل ليواجهها بكامل جسده … ومد يده يمسك يدها وهو يقول باعتذار:
-انا اسف يا لبني بس انا لازم انزل أدهم لوحده ومحتاجني جدا …و
وضعت يدها على فمه وقال بلوم:
-مش محتاج تعتذر ولا تبرر … يا عبدالله انا قولتلك انا مش عايزاك تفضل قاعد جمبي لا انا بس عايزاك تقسم وقتك وقت لشغلك ووقت ليا ولولادك ووقت حتى لنفسك … وبعدين دلوقتي صاحبك الوحيد في مشكلة طبعًا لازم تكون جمبه وتسانده
ليقبل يدها برقه لتكمل كلماتها وهي تساعده على الوقوف:
-قوم خد دش على ما اجهز لك الهدوم
ليومأ بنعم وتحرك الي الحمام لتفتح الخزانة واخرجت ملابسه ووضعتها على السرير ثم توجهت الي المطبخ تعد له إفطار خفيف فهي تعلم جيدًا انه لم يهتم بتناول اي شيء طوال انشغاله مع صديقه
~~~~~~~~~~
عادت شُكران الي وعيها لكنها مازلت غير قادرة على التحدث او الحركة … لذلك لم يستطع مراد ترك ظلال بمفردها وظل معها بالقصر
كانت هي تجلس أرضًا جوار جدتها


ويجلس هو على الأريكة المقابلة يقاوم النعاس بشق الانفس لكن في النهاية أستسلم للنوم لتبتسم ظلال وهي تتوجه الي غرفة جدتها وعادت من جديد وهي تمسك بين ذراعيها شرشف خفيف وضعته فوقه لكنه لم يشعر بها فقد كان يومة شديد الإرهاق ف أستسلم لسلطان النوم سريعًا
عادت تجلس جوار جدتها بعد ان عدلت الغطاء فوق قدميها أراحت رأسها على قدم جدتها وأغمضت عينيها واستسلمت هي أيضًا لسلطان النوم
دلف أدهم من باب القصر ليصدم بما راه لكنه ظل واقف في مكانه يحاول تحليل الآمر لكن عقلة لم يكن في حالة جيدة ليستوعب اي شيء
أقترب من اخته وجدته وجلس على إحدى ركبتيه وهو يهمس:
-ظلال … ظلال
فتحت عينيها بتثاقل وحين اتضح وجه أدهم لها قالت بلهفه:
-عدنان كويس؟!
أومأ بنعم … ثم قال باستفهام:
-هو مراد بيعمل ايه هنا؟!
اعتدلت في جلستها وقصت عليه كل ما حدث ليقول بقلق وهو ينظر الي جدته:
-طيب متصلتيش ليه كنا نقلناها المستشفى
-متقلقش يا أدهم انا كنت متابع مع دكتور صديقي وهو طمنا
كان هذا صوت مراد الذي أستيقظ منذ بداية حديث ظلال وأدهم
ليعتدل أدهم ينظر إليه وقال بإمتنان رغم عدم استساغته للموقف:
-شكرًا يا مراد على وقفتك مع ظلال وانك مسبتهاش لوحدها
ابعد الشرشف عنه واعتدل واقفًا وهو يقول:
-همشي انا بقا ولو احتجتم حاجة انا موجود وفي الخدمة
وقف أدهم ليحيه وجدد شكره من جديد ليغادر مراد القصر ليعود أدهم الي ظلال وساعدها في إدخال جدتهم الي غرفتها
وحين غادروها واغلق الباب وقف أمام ظلال وقال بهدوء قدر إستطاعته:
-عدنان محتاج يسافر بره … علشان الكسر اللي في دراعه ميأثرش عليه وعلى لعب الملاكمة
لتمسك يده وهي تقول بتوسل:
-عدنان هيبقا كويس يا آبيه مش كده … أنت مش بتكذب عليا صح؟!
ليضمها الي صدره بحنان وهو يقول:
-متقلقيش يا حبيبتي كل حاجة هتبقى كويسة صدقيني
لكن بداخله يدعوا الله ان يسترها معه … وان يمر كل شيء بخير … ف هو يشعر انه لم يعد لديه طاقة لتحمل اي شيء اخر
~~~~~~~~~~~
هناك في وسط ذلك الظلام الدامس يشعر بأنه مقيد وكأنه مكبل الذراعين والساقين … لكن بطريقة تجعل كل طرف من أطرافه في إتجاه … وجسده معلق في الهواء .. لا يرى اي شيء … لكنه يشعر بالخوف .. يشعر بالرهبه وهناك إحساس اخر لا يستطيع وصفة الان لكنه يضغى على اي شعور أخر
كان يحاول استبيان اين هو وماذا يحدث معه؟ ومن فعل به هذا؟


حاول استجماع قوته حتى يحرر نفسه من تلك القيود لكن حين حاول التحرك سمع صوت قوي له صدى يهز القلوب يحمل الكثير من الغضب يقول بأمر:
-أثبت مكانك
توقف عن الحركة لكن رغمًا عنه أرتعش جسده بقوة … رهبه وخوفًا … ليعود الصوت من جديد يقول بصوته القوي صاحب الصدى:
-كنت فاكر إنك هتعيش حياتك بالطول والعرض وتستحل ما حرمه الله … تستحل أجساد حرمت عليك الا بالحق ناسي ان ربنا شايفك ومطلع عليك وعلى أعمالك … وان كل ده هيعدي من غير عقاب
انحدرت دموع عدنان وهو يقول بحزن شديد وأسف:
-عارف اني غلطان … عارف اني زاني … عارف اني استحليت المتع المحرمة وشيطاني غواني وضحك عليا ونفسي الامارة بالسوء سهلتلي الحرام
خيم الصمت الموحش على المكان ليزداد خوف عدنان وارتجاف جسده … لتصدر تلك السلاسل صوت عالي … ليعود الصوت من جديد هادرًا:
-أثبت مكانك
ليعود الصمت يغلف كل شيء ويسبب الرهبه في القلوب … ليقول الصوت من جديد في نفس اللحظة التي اشتعلت تلك السلاسل التي تكبل ذراعيه وساقية والنيران تتصاعد حتى كادت ان تصل الي جسد عدنان
-يا ترى أنت مستعد للحظة نزولك القبر والملايكة تسألك
ليهز عدنان رأسه بلا عده مرات والخوف يسيطر عليه بشدة خوف من احتراقه بالنار وخوف من الله وحسابه … ليعود الصوت من جديد وهو يقول:
-من ربك؟ … ما هو دينك؟ من هو نبيك؟
ليصرخ عدنان بصوت عالي والنار تطول جسده تلتهمه جزء جزء … ليعود الصوت من جديد وهو يقول:
-من ربك؟ … ما هو دينك؟ من هو نبيك؟
ليصرخ عدنان بصوت عالي والنار تلتهمه بالكامل وصدى الصوت المخيف يتردد في أذنه
-من ربك؟ … ما هو دينك؟ من هو نبيك؟
في وسط كل هذا كان جسده الموصول بالأجهزة ينتفض بقوة وكأن اصيب بمس كهربائي يسير في جسده بقوة كبيرة … ليركض الطبيب الي غرفة الرعاية يحاول السيطرة على تلك الحالة الغريبة الغير مفهومة وبعد معاناه أستطاع تهدئه الوضع قليلًا
لكن عدنان كان مازال يعاني … مستوى الأكسجين يقل … وجسده مازال ينتفض حتى لو بدرجة أقل … ويديه في حاله تشنج كان الطبيب يحاول فتح عينيه لكنه يغلقهم بقوة شديدة … وقبل ان يبتعد الطبيب حتى يحضر قناع الاكسجين فتح عدنان عينيه على اتساعهما وهو يقول بصوت عالي:
-ربي الله … ديني الإسلام … محمد بن عبدالله رسولي
ليبتعد الطبيب برهبه الي الخلف وظل عدنان لدقيقة كاملة يردد تلك الكلمات
حين استعاد الطبيب ثباته مما كان يحدث إقترب من عدنان وقال في محاولة لتهدئته
-اهدى يا عدنان اهدى انت لسه عايش … ربنا كتبلك عمر جديد .. اهدى
لينظر له عدنان وعينيه تمتلىء بالدموع وهى يقول بصوت متهدج
-لسة عايش … عمر جديد … لسة عايش
ليخرج الطبيب من الخزانة الجانبية حقنه مهدئة … وحقن بها عدنان وهو يقول له:
-اهدى … كل حاجة هتبقى كويسة
لتبدء انفاس عدنان في الهدوء تدريجي وجفنيه في التثاقل حتى عاد الهدوء من جديد داخل غرفه الرعاية ليتنهد الطبيب ببعض الراحة
وتحرك بإتجاه الباب لكن قبل ان يخرج نظر مرة أخرى تجاه عدنان ثم خرج وهو يقرر الاتصال بأدهم ليخبره بكل ما حدث
فجسده مازال ينتفض بصدمة وخوف فما حدث بالداخل يثير الرهبه في النفس والخوف


يقف فوق ذلك الجسد الذي سقط أرضًا منذ لحظات فاقدًا للحياة بعد تلك الرصاصة التي إخترقت قلبة دون خطأ
ينظر اليه بتشفي ورأسه الساقطة بين قدمية بلا حول ولا قوة بعد غرور وتكبر وتلك النظرات التي كان ينظر بها لكل من هم أقل منه وكأنه خلق من طينة مختلفة غير باقي البشر … أبتسم بتشفي ف ها هو لقد تخلص الان من الباشا ودور الجوكر هو القادم
أخذ نفس عميق وهو يتذكر حديثة من الجساس
-أسمعني يا صلاح انا عايز منك خدمة
إقترب صلاح من سرير بيبرس وقال بصدق وهو يضرب بيده على عنقه:
-أنت عارف ان رقبتي ليك سدادة يا بيبرس … وفي ظهرك
ليغمض بيبرس عينيه لثوان ثم حاول الاعتدال ليساعده صلاح وهو يقول بلوم:
-الجرح لسه حي يا بيبرس
-مفيش وقت أفكر في خدش صغير زي ده .. وفيه حياة واحدة بريئة كل ذنبها انها وثقت في ندل زي
قاطعة بيبرس وهو يقول بألم … ليجلس صلاح على طرف السرير وقال باهتمام:
-وانا معاك وسداد يا بيبرس … قولي المطلوب ايه
غامت عين بيبرس لعدة لحظات بحزن ثم تحولت لغضب عاصف وهو يقول:
-الجوكر لعب معايا وعمل الدنيئة … طلع واطي وشمال .. ماشي في طريق الحرام كل اللي ممكن تتخيله حتى انه بيبيع نفسه لليدفع ثمن متعته … ودلوقتي عايز يدمر بنت غلبانه ظروفها صعبه و العوز والحاجة رموها في طريقي وبدل ما اساعدها شوفتلها شغل مكسبة سريع عند كلب زي الجوكر ميعرفش الرحمة … اشتغلت رقاصة وبسببها الصالة زبائنها زادت لكن هو طمع في فلوس الشمال … والرجالة اللي ريلت عليها وعايزة تدوق من جرة العسل .. ولما وقفتله قرر يقتلني ويخلص عليا بمساعدة الباشا علشان يستفرد بيها ويبعها لليدفع اكثر

وعند دكر الباشا كانت مصاحبة لكلماته غمزة فهمها صلاح دون الحاجة لتفسير … فمن يعمل في مجالهم يعرف جيدًا من هو الباشا … وما يستطيع القيام به .. ومدى نفوذه وقوته
لكن رغم كل شيء كان يستمع الي كلماته ونار حارقة تشتعل داخل صدرة … يتخيل أخته .. او ابنه عمه … او اي فتاة من معارفه في هذا الوضع .. شعر بقبضه يده المضمومة تكاد تتهشم ليقول من بين أسنانه
-خطتك اية؟
-أسمعني كويس
وها هو نفذ اول خطوة في الخطة … اصطاد الباشا وهو يغادر إحدى البيوت المشبوهه وبرصاصة واحدة من سلاح يخص رجل من رجال الباشا إخترقت قلبك دون رحمة … وسقط جثة هامدة … نظر الي صلاح الذي يقف في إحدى الحارات المظلمة يبتسم بسعادة … ليتحرك بيبرس في اتجاهه وهو يقول:
-خلينا ننفذ الخطوة الثانية … قبل خبر خروجي من المستشفى ما يوصل للجوكر
~~~~~~~~~~
جلست سليمة جوار والديها يشاهدوا التلفاز بعد تناول العشاء .. لكنها كانت في مكان اخر … لا تعي لما يعرض امامها .. او الي الحوار الدائر بين والديها … نظرت الي والدها نظرة خاطفة ثم نظرة تشبهها لوالدتها وقالت فجأة:
-انا داخله أنام
لينظر والديها اليها باندهاش وقال والدها بتعجب:
-مالك يا سليمة بقالك فترة متغيرة … حالك مش عاجبني يا بنت فاطمة
لتنظر اليه بخجل وقبل ان تقول اي شيء قالت والدتها وهي تربت على ظهرها بحنان:
-مالك يا بنتي؟ .. ايه اللي قالب حالك كده؟ .. ومخليكي ديما سرحانه وكأنك في وادي تاني


اخفضت سليمة رأسها بخجل وحيرة .. بداخلها الكثير والكثير التي تريد ان تخبر به والديها … لكن كيف تقوله؟ انها لا تستطيع توقع ردود أفعالهم لكنها قالت بصدق:
-الحقيقة في كذا موضوع عايزة اتكلم فيهم معاكم … بس كمان مش عارفه هو صح أتكلم دلوقتي ولا لازم استنى شوية
تنهدت بهم ثم رفعت عيونها الي والدها وقالت برجاء:
-حضرتك بتثق فيا ولا لا؟!
ليربت والدها على يدها وهو يقول بصدق:
-بثق فيكي ثقتي في نفسي يا سليمة
ربتت والدتها على يدها الأخرى كأنها تقول “وأنا أيضًا” لتبتسم سليمة إبتسامة صغيرة وهي تقول بتوسل:
-ممكن بس تدوني شوية وقت وانا لوحدي هاجي واقولكم على كل حاجة
أومأ والدها بنعم رغم ذلك الإحساس الداخلي الذي يخبره ان هناك أمر كبير يحدث مع أبنته … يشعر ان هناك ما يجب فعله من أجلها … وكأن هناك خطر ما يحيط بها هو لا يراه لكن يشعر به بقلبة
إتسعت ابتسامتها ووقفت حتى تقبل رأسه وبداخلها تعتذر منه عن صمتها .. عن إخفاء كل ما تمر به عنه … وفعلت المثل مع والدتها وقالت بصوت منخفض:
-تصبحوا على خير
ليردوا لها تحيه المساء بصوت هامس وكل منهم ينظر الي الاخر بقلق وحديث صامت ينصت له كلا القلبين ويفهمه يدل على خوف كبير مشترك على وحيدتهم لكن لينتظروا بعض الوقت عل الأمور تكون بخير …
توجهت سليمة الي غرفتها بخطوات ثقيلة … لكنها ظلت واقفة هناك لعده دقائق تمظر لهم بحزن وإحساس بالذنب لكن ما جعلها تتحجر في مكانها حين سمعت والدتها تقول:
-هو ميعرفش الساكن ده هيجي أمتى؟
-أنتِ عارفه بواب عمارتنا حشري اوي وبيدخل في كل حاجة وعامل نفسة فاهم في كل حاجة … لكن مع الساكن ده بالتحديد شكلة كده مش عارف ياخد منه لا حق ولا باطل
لتضحك فاطمة ببعض المرح وقالت بشماته واضحة:
-تصدق فرحانة فيه .. بس برده هيجي أمتى ده نفسي اعرف مين ده اللي قدر يقتع إحسان ببيع الشقة … يمكن نقدر نقنعه يبيع لينا الشقة علشان خاطر سليمة
لم يعلق على كلماتها فعقله سارح في حال أبنته
اما هي فتنهدت بعد ان استمعت لحديثهم “ثامر” لقد اشتاقت له ذلك العابث مقطب الجبين وقح النظرات … رغم كل هذا الا انها اشتاقت له فهو جزء لا يتجزء من أدهم لذلك هي حقًا تحبه
دخلت الي غرفتها وهي تنتظر الغد بشوق ولهفة … وسؤال هام يدور في رأسها … هل سيحضر الي الشركة غدًا؟ لكنها أبتسم وهي تقول لنفسها:

-حتى لو مش هيجي ممكن اتصل بيه أساله هو مجاش ليه؟ أو اسئله عن اي حاجة في الشغل وأسمع صوته

خرجت من أفكارها على صوت وصول رسالة على إحدى تطبيقات الدردشة لتمسك هاتفها بلهفه واتسعت ابتسامتها وهي ترى أسمه امامها
فتحت الرسالة بسرعة ولهفه لتجدها رساله صوتيه زادت دقات قلبها ها هي ستستمع لصوته
“السلام عليكم … سليمة انا مش هقدر اجي المؤسسة بكرة … عايز أخلص موضوع سفر عدنان .. وجدتي كمان تعبت جدًا علشان قلقها عليه … ومحتاج انام شوية الصداع هيفرتك دماغي وحاسس اني هفقد اعصابي … الغي كل مواعيدي وأجلي اي شغل … المهم خلي بالك من نفسك ولو احتجتي اي حاجة كلميني وحتى لو محتاجتيش كلميني برده … تصبحي على خير”
ظلت تستمع لصوته مرارًا وتكرارًا .. وابتسامة سعادة ترتسم على وجهها وعينيها يخرجان الكثير من القلوب الحمراء خاصة مع كلماته ” خلي بالك من نفسك ولو احتجتي حاجة كلميني وحتى لو محتاجتيش كلميني برده” وظلت على هذه الحالة عده لحظات حتى انتبهت ان عليها الرد على تلك الرسالة
لكنها لن تستطيع تسجيل رسالته صوتيه سوف تخجل وأيضًا هي في الآساس لا تجد صوتها فقد هرب منها من كثرة السعادة التي تشعر بها اللن
نظرت الي هاتفها وأعادت التسجيل من جديد ثم كتبت
“وعليكم السلام … مفيش مشكلة خالص يا باشمهندس انا هلغي كل المواعيد … ربنا يعينك ويقويك ويشفي أستاذ عدنان وجدة حضرتك .. وخلي بالك من نفسك كان الله في عونك”
ضغطت على سهم الإرسال ثم أغمضت عينيها بخجل لكنها فتحتهم على اتساعهم حين سمعت صوت وصول رسالة جديدة
وكانت رسالة صوتيه أيضًا فتحتها سريعًا ليصلها صوته الغاضب وهو يقول :
“باشمهندس وحضرتك في جملة واحدة … ماشي يا سليمة حسابك معايا بعدين”
لتضحك بمرح وسعادة وهي تضم الهاتف الي صدرها ثم رفعته الي فمها تقبلة عدة مرات
والقت بنفسها فوق السرير واغمضت عينيها وهي تقول:
-هو النهار أتأخر ليه؟
~~~~~~~~~
بداخل تلك السيارة الصغيرة التي تتسع لأجسادهم الضخمة بصعوبة يتجهون الي تنفيذ الجزء الثاني من الخطة
القضاء على رأس الافعى … لكن هناك شيء واحد ناقص وعليه ان ينهيه أيضًا
أخذ هاتف صلاح الملقى امامه على تابلوه السيارة واتصل بها … عليه ان ينهي الامر ويلهيهم بشيء أكبر من مجرد قضية قتل … فضيحة مدوية تأتي بالجميع وتسقط كل الأقنعة
اتصل برقمها ووضع الهاتف على اذنه ينتظر ردها … لكنها تأخرت ف اتصل مرة أخرى وقبل ان ينقطع الإتصال أجابته بصوت لاهث
-السلام عليكم … ايوة يا بيبرس
-أنتِ كنتِ نايمة ولا إيه؟
سألها ببعض القلق لتجيبه بعد تنهيده بسيطة:
-لا كنت بصلي
ليحل الصمت عليهم عده لحظات … يشعر فيها هو بقدسية تلك الكلمة “كنت بصلي” وارتجف جسدة وكأنه يشعر بالبرد …. الصلاه تلك الكلمة الذي لم ينطقها لسانه يومًا … ذلك الفعل الذي لم يقوم به ولو لمرة واحده … لتكمل هي ببراءة غافلة تمامًا عن ما يشعر به
-زمان مكنتش بفوت فرض يا بيبرس بس شيطاني غلبني وبعدني عن ربنا .. خلاني استسهل الحرام وأدور على حل بين ايدين البشر مهما كان حرام ويغضب ربنا .. ورب البشر هو القادر على كل شيء … رجعتله يا بيبرس رجعتله ومتأكدة من رحمته ومغفرته وانه أكيد هيتقبلني ويغفرلي ومش ناوية أبعد تاني يا بيبرس مش هبعد ابدًا


تجمعت الدموع في عينيه … وانحشر صوته في حلقه غير قادر على الكلام … لتكمل هي كلماتها التي تلمس قلبه وكأنها عصى سحرية… تذيب ذلك الجليد الذي يغلف قلبه منذ سنوات … وتلك القسوة التي تسبب بها الحرام … وقشرة الذنوب التي تمنع دخول النور الي قلبه
-ولو تعرف حسيت بأيه وانا بتوضى وبصلي كأني بتسلخ من جلدي القديم … بطهر الجسم اللي لوثته نظرات الناس في الحرام وانا بتمايل قدامهم علشان يدفعوا الثمن ناسية النار اللي هتحرق الجسم ده يوم القيامة … فضلت اعيط واعيط وانا بدعيلة من قلبي انه يغفر لي كل اللي فات ويسترني دنيا وآخره
انحدرت دمعه وحيده من عينيه وكادت ان تلحقها أخرى واخرى لكنه حاول التماسك قدر الامكان … اجلاء صوته وقال بحشرجة:
-ربنا يتقبل منك يا ست زيزي
وصمت للحظة ثم قال ببعض التوتر:
-اسمعيني كويس
صمتت تستمع لكلماته ثم قالت بتوتر وخوف:
-حاضر هعمل كده حالًا… بس
-بس ايه؟!
سأل ليحثها على إكمال كلماتها لتكمل بصوت قلق:
-أنت هترجعلي مش كدة … مش هخسرك يا بيبرس مش هتأذي نفسك
ظل صامت لثوان ثم قال بإبتسامه صغيرة:
-انا كل حاجة هعملها النهاردة علشان خاطرك يا زيزي … علشان متخسريش نفسك ولا تقعي تاني في الغلط … ومتبعديش تاني عن ربنا … ومتخسريش الطُهر اللي أنتِ فيه … اوعي تبطلي صلاه مهما حصل اوعي تبعدي عن الطريق الصح تاني ابدا مهما حصل … اوعديني
-أوعدك
قالتها بصوت مرتعش باكي ليغلق الهاتف بعد أن أكد عليها تنفيذ ما طلبه منها
في هذا الوقت كان صلاح يستمع لكلماته ويرى تعابير وجهه المتألمة … ليقول بإبتسامه صغيرة محاولًا إخراجه من تلك الحالة:
-عشت وشوفتك بتحب يا بيبرس
ليبتسم بيبرس بسخرية وهو يقول بتأكيد:
-طلع مفيش حد كبير على الحب ومفيش حد قلبه في أيده… سبحان مقلب القلوب كيفما يشاء
-طول عمرك بذرتك نظيفة وطاهرة با بيبرس … شبه بذرتي لكن الظروف الصعبة واحنا طلعنا أضعف بكتير مما كان متخيلين فاكرين نفسنا أشطر من الشيطان وقادرين نغلبه
قال صلاح بإقرار وكأنه في جلسة أعتراف ليومأ بيبرس بنعم ليكمل صلاح كلماته
-لما نخلص مهمتنا النهاردة … وعد همشي عدل … هتوب واتجوز وأعيش حياة نظيفة بعيد عن كل الهم ده لو هشتغل كناس ولا حتى بواب عمارة او حتى بياع سريح المهم شغلانه حلال
تنهد بيبرس بتثاقل وهو يقول:

-نرجع بس بالسلامة
لينظر له صلاح ببعض القلق … لكن الإصرار هو ما كان يرتسم داخل عيونهم فقد قررا انهاء الآمر ولن يتراجعوا ابدا
~~~~~~~~~
وصلوا أمام الملهى الليلي وفي آكثر الأماكن ظلمة اوقفوا السيارة … ينتظرون اللحظة المناسبة لتنفيذ مخطتهم مع وصول شخص ما يحمل شيء مهم لهم لن تكتمل خطتهم دونها … ان بيبرس ينوي تفجير قنبلة كبيرة …. سوف تلتهم كل شيء هو لن ينتقم له فقط سوف ينتقم لكل من طغى عليهم الجوكر او ظلهم او سلب منهم شرفهم مستغل ظروفهم الصعبة واحتياجاتهم للمال والعمل
نظر الي صلاح الذي يظهر الحماس على ملامحه غير عابىء بحياته او مهتم إذا كان الأمر سينتهي وقد كتب لهم عمر جديد او تنتهي حياته في تلك الليلة وكل هذا من آجل شيء لا يخصه ولا يمسه هو فقط يدعم صديقه يسانده بكل إخلاص
شيء جديد يكتشفه في نفسه وفي من حوله ان له صديق حقيقي يسير معه للموت دون خوف
والفضل من جديد يعود لزيزي
~~~~~~~~~
وصل عبدالله الي المستشفى ومباشرة سأل عن الطبيب الذي أرسل أدهم أسمه له طرق على باب المكتب ودلف وهو يقول:
-دكتور مختار؟!
-ايوة يا فندم مين حضرتك؟!
رفع الطبيب رأسه عن الكتاب الذي بين يديه واجابه بهدوء ليدخل عبدالله واغلق الباب خلفة وهو يفول بعملية شديدة:
-انا دكتور عبدالله السعيد من طرف أدهم الخشاب … وجاي علشان انسق معاك كل حاجة تخص عدنان وسفرة
ليقف الطبيب يرحب به وبدء يخبره بكل ما قام به ليقول عبدالله:
-تمام هتأكد من تجهيز الطيارة على ما تتواصل مع المستشفى وتأكد الحجز معاهم انا كلمتهم واتفقت على كل حاجة لكن لازم تكلمهم علشان لو فيه اي شيء محتاج يكون متوفر وقت وصول عدنان
واعطاه ورقة صغيرة مكتوب بعا تفاصيل المستشفى وطرق التواصل ليومأ الطيب بنعم وبدء في التنفيذ
ليخرج عبدالله هاتفه واتصل بأدهم الذي انهى صلاته للتو بعد ان أخذ حمام دافىء عله يهدء من ذلك الالم الذي يآن في جميع انحاء جسده
-ايوة يا عبدالله
استمع لكلمات عبدالله المتسائلة عن موضوع الطائرة الطبية التي ستنقل عدنان الي الخارج ثم قال:
-متقلقش أنا إتصلت باللي هيخلص الموضوع واديته رقمك علشان يتواصل معاك …. وانا هنام ساعتين بس وهجيلك
صمت مرة اخرى ثم قال:
-تمام ان شاء الله خير … انا عرفت ظلال انه محتاج عملية خطيرة في دراعه علشان يقدر يكمل لعب الملاكمة … وشُكران سكرها عالي جدًا ونايمة ربنا يستر لما تصحى وتعوف
استمع من جديد لكلمات عبدالله ثم قال:
-تليفوني مفتوح لو فيه اي حاجة كلمني عبدالله … انا زي ما قولتلك هنام ساعتين وهتلاقيني عندك وعارف انك قدها وقدود
أغلق الهاتف وتوجه الي السرير واغمض عينيه يحاول ان ينام لكن هيهات ف الأفكار تعصف به من كل الاتجاهات لكنه ظل ممدد جسده على السرير مغمض العينين عله يحصل على بعض الراحة
وعند عبدالله نظر الي الطبيب الذي كان منهمك في شيء ما … فقال حتى ينبه لانتائه
-عملت ايه؟
-تمام بعت الميل وتم الرد وكل شيء جاهز … الطيارة تبقا جاهزة نتحرك على طول
كل هذا كان يقوله وهو ينظر لبعض الأوراق ثم رفع عينيه وهو يقول:
-انا بس هروح البيت لمدة ساعه اجيب حاجاتي وأرجع انا كلمت أمي وهي جهزت كل حاجة هروح اجبهم وأرجع
ليقترب عبدالله من المكتب وقال بتوضيح
– انا مش عايزك تسيب المستشفى خالص مش عايز حد يدخل لعدنان غيرك مش عايزين اي مجازفة .. قولي عنوانك فين وانا هروح اجبهم
ليقف الطبيب ودار حول المكتب وهو يقول:
-تمام مفيش مشكلة بس أكد لها ان حاله المريض اللي انا مسؤل عنه حرجة جدًا واني مش قادر اسيبه هي عارفه بس أكد لها الكلام علشان تبقى مطمنه
أومأ عبدالله بنعم وغادر بعد ان أخبره بالعنوان وبعد نصف ساعة عاد ومعه الحقيبه الخاصة بالطبيب
بعد ثلاث ساعات كان الجميع في المطار وانتهت كل الإجراءات وها هو سرير عدنان يدخل الطائرة استعدادًا للسفر … ليوقف أدهم الطبيب وقال له برجاء وتوسل:
-أرجوك خلي بالك منه … هنبقا انا وعبدالله على تواصل يومي معاك .. ومؤكد هنيجي زيارات كمان ولو أحتجت اي حاجة اتصل فورًا
أومأ الطبيب بنعم وقال لأدهم بعملية شديدة:
-متقلقش يا أدهم بيه .. كل شيء هيكون كويس واصلا حالته مش خطر … احنا كل الحكاية علشان الناس والإشاعات اللي ممكن تطلع او الخبر ممكن يتسرب كمان المستشفى دي متخصصه في الأمراض المناعية يعني استاذ عدنان هيكون هناك في ايد أمينة
وتركهم وتوجه الي الطائرة لينغلق بابها وبدأت في التحرك استعدادًا للأقلاع
ليربت عبدالله على كتف أدهم ببعض الدعم وقال بمواساه:
-ان شاء الله خير .. متقلقش هيقوم ويبقا زي الفل
لينظر له أدهم بنظرة غائمة وقال بألم:
-لو على شوية الكسور ف أكيد هيبقا كويس … لكن اللي أنا وأنت وهو عارفينه فهو عمره ما هيبقى زي الفل
أومأ عبدالله بنعم لكنه ربت على كتفه من جديد وهو يقول بإقرار:
-كل حاجة ليها حل يا أدهم وفيه وسائل كتير ممكن تخليه يعيش حياته بشكل طبيعي زيه زي اي حد
نظر إليه لعده لحظات ثم أومأ بنعم و تحرك ليتوجه الي السيارة … يتذكر كلمات شُكران حين علمت بالآمر صوتها الضعيف وجهها الشاحب والدموع التي تلمع داخل عيونها
-قولي الحقيقة يا أدهم انا هستحمل بس متخبيش عليا حفيدي ماله
ليجثوا على ركبتيه امامها وامسك بيدها يقبلها عده مرات وهو يقول بصدق خاصة وهو ينظر في عيونها حتى ترى صدقه ويرتاح قلبها:
-والله هو كويس … بس أنتِ عارفة الملاكمة عنده ايه وعلشان اما يخف ان شاء الله يقدر يرجع يلعب من غير مشاكل ولا علاج طبيعي … ولا لقدر الله ميقدرش يلعب تاني قررت اسفره علشان يهتموا بيه ويرجع زي الفل
ظلت صامته تحدق في عينيه ثم قالت بقلب أم يتألم:
-يعني هو كويس
-والله كويس متقلقيش … والدكتور معاه وانا هخلص حاجات مينفعش تتأجل وهسافرله على طول
عاد من أفكاره يشعر ان العالم بكل ما فيه من اتساع يضيق به ويراه كنفق ضيق مظلم وهو بداخله يشعر بالاختناق
نظر حوله ليجد ان خيوط النهار بدأت تبدت ظلمة الليل صحيح مازال الوقت باكرًا لكنه قرر الذهاب الي الشركة … هو غير قادر على مواجهه جدته وأخته والأسئلة التي لا تتوقف حتى دون ان ينطقون بكلمة واحدة
وصل الي الشركة فلم يكن هناك أحد غيره والآمن … الذين شعروا بالاندهاش من حضوره باكرا لكن لم يعلق اي منهم ولو بحرف
وصل الي مكتبه وحين دخله اغلق الباب خلفه وظل واقف في مكانه عده لحظات ثم توجه الي الأريكة بجسد منك وتمدد عليها واضعًا ذراعه على عينيه وخلال لحظات غط في نوم عميق
~~~~~~~~~
وصلت الي الشركة في معادها كلها حماس وشغف للعمل … صوته العصبي في اخر رساله له .. وهو يتوعدها
“باشمهندس وحضرتك في جملة واحدة … ماشي يا سليمة حسابك معايا بعدين”
جعل الابتسامة ترتسم على ملامحها منذ البارحة … تشعر أن الحياة مختلفة وبها شيء ما يلمس روحها
وضعت حقيبتها على المكتب وبدأت في عمل روتينها اليومي في تنظيف مكتبها وترتيب الاوراق وتعطير المكتب حتى تشعر بالراحة وهي تعمل ما تحب
… لكن اليوم تريد ان تفعل المثل في مكتبة … صحيح هي كانت تعطرة يوميًا حتى انه في أول مرة تقوم بهذا قال لها برقه لمست قلبها:
-وجودك في الشركة فرق حتى في جوها وريحتها … المكتب بقا مكان مريح للأعصاب وكاننا في الجنة
لتبتسم لتلك الذكرى … وبحماس توجهت الي مكتبه فتحت الباب ودلفت مباشرة الي المكتب ترتب الأوراق … وتضع الملفات على جوانب المكتب والاقلام في مكانها … عدلت من وضع الجهاز اللوحي والهواتف ومن وضع الكرسي … وأمسكت المعطر وقبل ان تفعل اي شيء شهقت بصدمه حين وقعت عينيها على جسده الممدد على الأريكة غارق في النوم … أقتربت بهدوء منه تتأمله رغم ان ذراعه يخفي عينيه الا ان الإرهاق واضح عليه خاصه مع نومه هنا بتلك الطريقة …. شعرت بالشفقة على ما يمر به وكل ما يعانيه رفعت يدها تود لو تستطيع ان تمسح على رأسه بحنان … او تربت عى كتفه بدعم … أو تضمه الي صدرها يختبىء بين ضلوعها بعيدًا عن كل ما يؤلمه ويرهق قلبه وروحه لكن يدها ظلت معلقه في الهواء … انتبهت ان الشمس تاكد تصل الي جسده وقد تقلقه … ف بهدوء شديد توجهت الي النافذة واغلقت الستائر … ثم اشعلت مكيف الهواء لكن على درجة منخفضة … وغادرت المكتب بحذر حتى لا يستيقظ ويأخذ ما يحتاجة من الراحة
~~~~~~~~~~
بعد اكثر من ساعة فتح عينيه بتثاقل ورفع ذراعه عن عينيه يحاول أدارك أين هو
ليتذكر انه بالمكتب … اعتدل جالسًا يفرك جبينه ليشعر بنسمة هواء خفيفة تأتي له من المكيف … ليشعر بالاندهاش .. هو يتذكر جيدًا انه لم يكن قادر على فعل اي شيء فقط تمدد على الأريكة ولم يدرك اي شيءٍ اخر
ظل ينظر الي المكيف والستائر وابتسم بسعادة مؤكد سليمة هي من فعلت هذا … اغلقت الستائر وأشعلت المكيف حتى يرتاح في نومة … ان وجودها في حياته يجعل كل شيء مريح ومميز
توجه الي الحمام الصغير الموجود في مكتبه غسل وجه حتى يستعيد نشاطة واعاد ترتيب خصلات شعره وملابسه
وعاد يجلس خلف مكتبه بعد ان فتح الستائر … رفع سماعة الهاتف وطلبها ان تحضر له
لكنها وقبل ان تدلف اليه اتصلت بالكافتيريا وطلبت له بعض الشطائر وكوب من العصير
ودخلت اليه وهي تحمل بين يدها الاغراض ليبتسم بسعادة لا يستطيع وصفها … ذلك الاهتمام منها بالتحديد يلمس قلبه وروحه
وضعت ما بين يديها امامه وهي تقول:
-أكيد حضرتك مأكلتش حاجة .. علشان كده جبت لحضرتك السندوتشات دي والعصير … علشان يديلك الطاقة ونشاط
كان ينظر لها بهدوء ولكن من داخله سعيد … وحين أنتهت من كلماتها قال لها من بين أسنانه:
-اتنين حضرتك في جملة واحدة يا سليمة .. على العموم هعديهالك
قال أخر كلماته وهو يمد يده يأخذ أحد الشطائر وبدء في تناولها وأكمل قائلًا:
-علشان اهتمامك بيا بس مش هعاقبك على كل حضرتك والرسمية في الكلام … وبجد .. انا متشكر اوي يا سليمة .. مش بس علشان السندوتشات .. علشان الستارة والتكيف وانك سمعتيني … شكرًا على وجودك في حياتي اللي مهون عليا كل اللي انا فيه
شعرت بالخجل من كلماته ولم تستطع الرد او قول اي شيء
لم يرد أن يخجلها أكثر وظل يتناول الشطائر بصمت حتى استعادت قدرتها على الحديث وقالت بصوت مرتعش:
-تحب حضرتك اظبط المواعيد ولا زي ما قولتلي امبارح
-لا الغي كله … انا فعلا مش قادر اتعامل مع اي حد هتيلي بس الاوراق اللي عايزة توقيع … وظبطي اجتماع مع المهندسين علشان اشوف اخر تطورات المشاريع مش عايز احل حاجة او يبقا فيه ان تقصير لاني يمكن اسافر لعدنان
قال كلماته وهو يتناول كوب العصير … لتقول ببعض الشرود فقط شعرت بوغزة مؤلمة في قلبها مع ذكره لكلمة سفر:
-حاضر
أخذت الاغراض وغادرت المكتب وبعد لحظات دخل موظف المطبخ بكوب قهوة قد طلبتها له حتى يستعيد نشاطة بالكامل
~~~~~~~~~~
بعد مرور ثلاث أيام كان يقف امام الطبيب يستمع لما يقوله بصدمة … ما هذا الذي يهزي به ذلك الطبيب … كيف يخبره بكل هذا البرود انه على وشك خساره اخيه .. ماذ عليه ان يفعل او يقول الان
-لله الأمر من قبل ومن بعد … إنا لله وإنا اليه راجعون

يتبع….


google-playkhamsatmostaqltradent