Ads by Google X

رواية أو أشد قسوة الفصل الاول 1 - بقلم سارة مجدي

الصفحة الرئيسية

  رواية أو أشد قسوة كاملة بقلم سارة مجدي عبر مدونة دليل الروايات

 رواية أو أشد قسوة الفصل الاول 1



مقدمه:
بخطوات ثابته وهيبه لا يستطيع أحد أن يخطئها يدلف إلى مقر شركته يقف الجميع أحتراماً له ولكن هو لا يلتفت يوماً وينظر لأحد … تلاحقه العيون .. منها من يعشقه و منها من يراه قدوه و مثل و منها من يحسده و يتمنى أن يكون مكانه
لكن هو لا يهتم لكل ذلك هو يعلم جيداً بما داخل قلوبهم و يعلم من يحبه حقًا ومن يتعامل معه بشكل عادي أو كونه صاحب الشركة وهم موظفين ويعلم أيضاً من يكره لكنه أبداً لم يُظهر إهتمام بأحد
دلف إلى مكتبه و خلفه السكرتيره الخاصه به و بين يديها دفترها الصغير خلع الجاكيت و علقه فى مكانه و جلس على الكرسي الخاص به و هو يقول:
– ألغى أي مواعيد النهارده و بلغي رؤساء الأقسام أن فى إجتماع طارىء الساعة 2.
سجلت ما قاله و هي تقول
– أوامر حضرتك.
أنهت كتابة ما قاله و رفعت عيونها إليه و قالت:
– أي أوامر تانيه؟
دون أن ينظر إليها قال
– أتصلي بدكتور عبدالله وحوليلي المكالمه
أومأت بنعم و قالت و هي تغادر
– حالاً يا فندم
دقائق و رن هاتف المكتب ليرفع السماعه ليصله صوت عبدالله و هو يقول
– مالك يا أدهم؟
– عايزه دلوقتي يا عبدالله … دلوقتي حالاً أبعتهولي
أجابه سريعاً و بصوت يحمل الكثير من العصبيه ليقول عبدالله بهدوء
– حاضر يا أدهم هبعتهولك حالاً بس أنا قولتلك ده مش حل
– خلاص يا عبدالله أما أشوفك نبقى نتكلم
قطع حديث الدكتور عبدالله وتحدث بعصبيه و بيده الأخرى يضرب على المكتب فما يشعر به الأن لا ينبئ بخير أبداً .. لكن غروره وكبريائه يرفض تماماً السماح له بأظهار ضعفه الإنساني المتمثل في الخوف لأحد .. أغلق الهاتف وأراح رأسه إلى ظهر الكرسي لكن يده تلقائياً تحركت لمكان المشكلة وظلت هناك كأنه يتمسك به إلا يتركه ويذهب … مرت نصف ساعه و هو رافض تماماً أن يدلف أي شخص إليه حتى يصل مرسال الدكتور عبدالله
و بالفعل طرقات على الباب جعلته يقف سريعاً حين دلفت رجاء و بين يديها كيس صغير خطفه أدهم من يدها و أشار لها بالمغادره و عاد يجلس خلف مكتبه وهو يفتح العلبه و يأخذ منها قرص صغير وضعه فى فمه و أراح رأسه إلى الخلف و أغمض عينيه
يحاول أن يصبح بخير … فما يعانيه لا يستطيع أن يتشاركة مع أحد سوا طبيبه الخاص
الفصل الأول
عائد من عمله مع أول خيوط النهار كعادته كل يوم لكن ذلك اليوم يختلف عن باقي الأيام قبل أن يدخل من بوابة بيته سمع همسه رقيقة بأسمه .. ليلتفت يبحث عن صاحبة الصوت ليجدها زيزي جميلة الحارة وسيدة قلبه .. تقف خلف بوابة بيتها ولا يظهر منها سوا نصف وجهها وتشير له أن يقترب تحرك عائدًا إليها حتى وصل أمام بيتها ووقف أمامها وعلى شفتيه إبتسامة صغيرة قائلًاً
-أمريني ياست زيزي
بعيونها دارت على جميع أرجاء الحاره ثم قالت
-عايزة شغل يا سي بيبرس .. أبويا تعبان أوي وعلاجه كل يوم بيزيد والمعاش بتاعه مش مكفي أي حاجة
أخفض رأسه وعينيه تدور في محجرها وكأنها تبحث عن شيء تتابعه هي بعيونها والقلق والترقب واضح على ملامحها
ظل صامت لعدة دقائق ثم قال بحرج دون أن ينظر لها
-هو أنتِ عارفة أنا بشتغل أيه؟
حركت رأسها بمعنى نعم وقالت بصوت مرتعش
-شغال بادي جارد في كبارية
شعر بالخجل ولا يعلم السبب هل لإنها نطقتها بلسانها؟ هل أكتشف أن عمله شيء مخجل الأن؟
ظل رأسه منحني ولم يستطع أن ينظر إليها لتكمل كلماتها التي جعلته يشعر بحقارته أكثر
-أنا مش هبيع شرفي ولا همشي في الحرام بس أنا ممكن أشتغل رقاصة وأنت تاخدني من هنا وترجعني وتبقى مسؤل عني وعن أماني وأن محدش يقرب مني ولا يضايقني … ها قولت أيه؟!
رفع رأسه ونظر إلى وجهها البريء وملامحها التي وشمت على قلبه منذ سنوات لكنها كانت بعيدة بعد السماء عن الأرض هي إبنة الأستاذ حليم مدرس اللغة العربية حاصلة على دبلوم التجارة وهو بيبرس اليتيم الذي لم يتلقى تعليمًا يومًا منذ صغره عمل في كل شيء محرم ولولا بنيان جسده القوي وخشونته وقلبه الذي دفن مع والديه ورهبه أهل الحارة منه لكان طرد منها منذ سنوات
والأن المسافات تتقلص وتريد أن تعمل راقصه في “الكبارية” ولن يكون هناك فرق بينهم … يعلم إنها سوف تقوم بهذا العمل من خلف والدها ولن يعلم أهل الحارة بذلك لكن يكفي أنه هو يعلم .. أبتسم وقال بعد ثواني
-خلاص هكلم مدير الكبارية النهاردة بالليل وبكرة زي دلوقتي أستنيني هنا علشان تعرفي الرد
وضع يده داخل جيب بنطاله وأخرج بعض الأوراق المالية ومد يده بهم في إتجاهها وقال
-خلي دول معاكي علشان دوا الأستاذ حليم
ظلت تنظر إلى المال وشعرت بالخجل من أخذهم ليفهم ما تفكر به فقال
-دول دين أبقى سديهم لما تشتغلي
بيد مرتعشة وعيون ممتلئه بالدموع مدت يدها تمسك المال ليقول برفق
-متتكسفيش يا ست زيزي ربك كريم
وغادر دون كلمة أخرى منه أو منها … ظلت تتابعه بعيونها والدموع تسيل فوق وجنتها .. لا تعلم كيف توصف شعورها هل كانت تنتظر منه أن يرفض ما قالته ويصرخ في وجهها وينهرها؟ أم أنها سعيدة أنه وافق على مساعدتها؟
ظلت واقفة في مكانها الأفكار تعصف بعقلها بين أمواجه العاتية التي ترفض ما فكرت فيه و بين يأسها من إيجاد حل آخر توفر به دخل سريع يسد حاجتها وحاجات والدها
خرجت من أفكارها على صوت رجال الحارة العائدين من المسجد بعد أدائهم لصلاة الفجر لتغلق البوابه وصعدت ركضًا إلى الأعلى تخبىء المال في ملابسها
~~~~~~~~~~~~
فى بيت بسيط و بالتحديد داخل غرفة صغيرة تملئها أشعه الشمس العابرة من تلك الشرفه الكبيره المفتوحه تقف أمام طاولة الزينة فتاة رقيقة ترتدي ملابسها وهي تبتسم بسعاده فأخيراً وجددت الوظيفه المناسبه إنها حقاً تعبت من العمل فى محلات الملابس … أو المصانع وهي الحاصلة على شهادة جامعية تؤهلها للعمل في أكبر الشركات لكن اليوم تحقق الحلم بعد أن وجدت بالصدفه إعلان مؤسسة الخشاب للهندسة تطلب موظفين حديثي التخرج وياللهول أن تطلب مؤسسة كبيرة كمؤسسة الخشاب حديثي التخرج
وهي لن تُضيع تلك الفرصة أبداً مهما تطلب الأمر .. تأكدت من هيئتها أمام المرآة ثم غادرت غرفتها لتجد والدها يجلس في مكانه المعتاد جوار الشرفه وبين يده الجريدة التي لا تعلم من أين يأتي بها في هذا العصر الإلكتروني بجدارة بجاورة طاولة صغيره فوقها كوب من الشاي وخلفه مباشرة راديو قديم ينبعث منه أنغام مميزة لأغنيه قديمة أقتربت منه بهدوء وأنحنت تقبل رأسة وهي تقول
-صباح الخير يا سي بابا
-صباح النور يا روح قلب بابا
أجابها وهو يغلق الجريدة ويضعها فوق المنضدة .. ونظر إليها بنظرة تقيمية وقال
-الشياكة والحلاوة دي كلها رايحه فين؟
جلست على ذراع الكرسي وقالت بهمس
-عندي مقابلة شغل في مؤسسة الخشاب .. بس متقولش حاجة لماما علشان متتعشمش وترجع تزعل وضغطها يعلى لو محصلش نصيب
ليبتسم والدها وهو يعود يقرأ الجريدة من جديد ولكن قلبه يدعوا لها بالتوفيق
لتظل تتأمله لعدة ثواني ثم توجهت إلى المطبخ لتقول والدتها بلوم
-على طول تقعدي تتودودي مع أبوكي وأنا لأ
لتقترب سليمة منها تضمها وهي تبتسم بمرح وقالت بشقاوة
-أنتِ الخير والبركة يا طمطم بس يعني أنا بحب كلام بابا كده راجل خبرة ومُثقف لكن أنتِ الحنيه والطيبه والحضن الحنين
لتبتسم فاطمة وهي تقول لها بعد أن ضربت كتفها برفق
-بكاشه
لتقترب سليمة تقبل كتف والدتها ثم يدها وقالت
-همشي بقى دعواتك يا طمطم
وغادرت سريعًا تلحقها دعوات والدتها بالتوفيق والنجاح … لكن بداخل العيون هناك الكثير من الأشياء الحزينه التي تؤلم القلوب وتخبئها بداخلها
…………….
وصلت إلى مقر مؤسسة الخشاب وظلت واقفه أمامها تنظر إليها بانبهار هامسة لنفسها
-يارب يجعلي نصيب بالشغل فيكي يا مؤسسة الخشاب
وبخطوات ثابته توجهت في أتجاه حلمها ورغم أن قلبها يرتعش إلا أن خطواتها ثابته وواثقه .. حين صعدت إلى المكان الذي سيتم فيه المقابلة وجدت الكثير من الفتايات تجلس هناك ولكن ما أشعرها بالرهبه المركات التي يرتدونها والملابس الكاشفه .. وورد لذهنها سؤال مُلح .. هل لها فرصة مع هؤلاء الفتايات؟ لكنها جلست على ذلك الكرسي الشاغر بصمت لتأتي موظفة وأعطتها ورقة وقالت بأمر
-أكتبي بيناتك
سجلت بيناتها وجلست تنتظر دورها وقلبها كطبول الحرب والتوتر يكاد يقتلها
………………..
تتابع دخول الفتايات إلى المقابلة وكلما مر بعض الوقت كان يزداد بداخلها شعور الغربه والرفض
أنها لا تقارن بجانب ما تراه أمامها .. وما يصل إلى سمعها من حديث .. ف هناك من هي خريجة الجامعة الأمريكية ومن حصلت على الكثير من الكورسات التعليمية وتستطيع التحدث بأكثر من أربع لغات غير العربية
وهناك من معها شهادات خبرة من أكبر الشركات .. فأين هي وسط كل هذا
تنهدت وهي تبتسم بسخرية وعقلها يردد ” هتروح فين يا صعلوك بين الملوك”
لكنها ظلت متمسكه بالفرصة رغم كل شيء … مر الوقت وقلبها لم يتوقف لحظة عن الدعاء ولديها ثقة بالله تجعلها تحلم وتتوقع تحقيق الحلم
حان دورها لتأخذ نفس عميق وبخطوات واثقة رغم أرتعاش جسدها سارت في إتجاه المكتب طرقت الباب برفق وفتحته بهدوء وجلست أمام الرجل الذي يجلس خلف المكتب بوقار وحمدت الله أنه لم يرفع عينيه عن الأوراق التي أمامه
لكنه رفعها لتبتسم بخجل حين لاحظت نظرة الإندهاش والصدمة الواضحه في عينيه
لتشعر أن الأمر قد أنتهى أن هيئتها بالنسبه له مرفوضة … فستان واسع وخمار يناسب وجه خالي من الزينة … مؤكد لن يقبلوا بها
أختفت إبتسامتها وشعرت باليأس يتغلل إلى قلبها لكن لمع الأمل من جديد حين قال بهدوء:
-ال cv بتاعك مفيهوش شهادات خبرة أول مرة تشتغلي؟
هزت رأسها بلا وقالت بصوت هادىء:
-أشتغلت كتير لكن في وظايف مكنش ممكن أخد منها شهادات خبرة.
إجابتها أثارت فضوله ليقول ب أستفهام:
-يعني إيه؟
شبكت يدها ببعضهم وقالت بهدوء وصراحة من بدء ” ما هي كده كده بايظة”:
-أشتغلت بياعه في محل عاملة في مصنع ودول بعد ما بنشيب الشغل ما بيكونش فيه شهادة خبرة.
أومأ الرجل بنعم مع إبتسامة جانبية ثم قال
-ليه عايزة تشتغلي في مؤسسة الخشاب؟
لتلمع عيونها وهي تجيب:
-الشغل في مؤسسة كبيرة زي مؤسسة الخشاب فرصة حقيقية لأي حد عايز يبني مستقبل ويحقق ذاته ويبدء من مكان له أساس وخبرة … من الآخر الشغل هنا شرف أتمنى إني أحظى بيه.
أومأ بنعم والإبتسامة أصبحت واضحه على وجهه … سألها ببعض المكر:
-لو مديرك عصبي وخلقه ضيق هتتصرفي إزاي معاه
ظلت صامته لعدة ثواني ثم قالت بهدوء:
-هقوم بعملي على أكمل وجه ومش هقصر فيه وهحاول أني مكنش سبب في تأخير العمل أو تعطيله أو فشله … وهتحمل عصبيته طالما في حدود العمل لكن مؤكد لن أقبل الإهانة
أومأ بنعم وظل صامت لعدة لحظات ثم قال باندهاش
-أسمك سليمة … أسم غريب معناه أيه؟
إبتسمت بسعادة وهي تجيب بحماس:
-معناه الناجية، الخالصة، السالمة من العيوب والآفات وصالحة الضمير، الخالية من المرض.
ضحك بصوت عالي لتشعر بالخجل لكن حين هدأت ضحكاته قال بصدق أستشعرته:
-جميل .. الإسم لايق عليكِ جدًا
توردت وجنتيها بخجل … رفع سماعة الهاتف وطلب حضور شخص ما وحين دلفت الموظفة قال لها بهدوء:
-الآنسة سليمة أتعينت في الوظيفة لو لسه في بنات برة مشيهم وبعدين فهميها الشغل
كانت تنظر إليه باندهاش وصدمه ليقول لها بابتسامة:
-أنا مدير صعب والغلطة عندي ملهاش عذر لكن أنا واثق فيكي
كانت تشعر أنها في حلم هي تجلس الأن أمام أدهم الخشاب مدير مؤسسة الخشاب يخبرها أنها قُبلت في الوظيفة وأنه يثق بها
وفي هذا الوقت كان أدهم يتفحصها بدقة .. تفاصيل وجهها عيونها الناعسة بلونها الرمادي وجهها الخالي من مساحيق التجميل لكنه براق وخالي من العيوب .. ملابسها المحتشمة والأهم أفكارها وطريقة حديثها وإعتزازها بنفسها كل هذا يجعلها مؤهله لتصبح السكرتيرة الخاصة به
أشارت الموظفة لسليمة أن ترافقها لتقف سليمة وهي تنظر إلى أدهم بخجل طبيعي وقالت بصوت يرتعش من السعادة:
-ان شاء الله أكون أد ثقة حضرتك وأد المسؤلية
ليومأ بنعم وهو يقول
-أنا متأكد إنك هتبذلي أقصى مجهود
لتسير مع الموظفة التي أشارت لها على أحد المكاتب وقالت
-أقعدي هنا على ما أمشي باقي البنات وأرجعلك علشان أفهمك الشغل
أومأت سليمة بنعم وجلست خلف المكتب وعلى وجهها إبتسامة واسعه بالسعادة والرضا وظلت تحمد الله على التوفيق وتدعوه أن يعينها على المسؤلية
عادت الموظفة إلى الغرفة وهي تقول ببشاشه
-أنا أسمي رجاء كنت سكرتيرة مستر أدهم لمدة ٣ سنين لكن هتجوز وهسافر مع جوزي وعلشان كده هسيب الشغل هنا
-مبارك وربنا يتمم ليكِ على خير جوازه العمر ان شاء الله
أبتسمت رجاء وهي تؤمن خلفها ومباشرة بدأت في شرح طبيعة الوظيفة ومتطلباتها
~~~~~~~~
لم تتوقف عن البكاء منذ حديثها مع بيبرس صباح اليوم وكل دقيقه وأخرى تنظر من النافذة وكأنها تنتظر خروجه من بيته حتى تخبره أنها قد عادت إلى رشدها ولن تقوم بذلك الجنون
لكن عقلها يعود من جديد ويذكرها بكل ما ورائها من مسؤليات وهموم .. والعملية التي يتوجب أن يخضع لها والدها في أقرب وقت
تمسح دموعها بظهر يدها وبنفس اليد تتحسس المال الذي أعطاه لها بيبرس تشعر به يحرق جسدها وكأن به نار … نار حارقه كتلك النار الذي كان يصفها لها والدها وهي صغيرة حتى يرهبها ويجعلها تلتزم في صلاتها لتعود الدموع من جديد تغرق وجهها ولكن تلك المرة لطمت خديها وهي تقول
-هتعملي أيه في نفسك يا بنت الأستاذ حليم .. هتعري جسمك للناس .. هتقفي ترقصي وتهزي جسمك للرجاله فاضل أيه .. فاضل تبيعي شرفك وتتنقلي من حضن راجل للتاني.
ليأتي في تلك اللحظة دور شيطانها الذي بدء يوسوس لها وتخرج كلماته على لسانها
-بس أنتِ مش هتعملي كده .. في بدل رقص مش هتبين لحمي .. وكمان بيبرس هيحميني وأكيد مش هيقبل يبقى قرني يعني ويخليني أروح مع الزباين اه .. وبعدين يعني هو أنا لقيت شغلانه تانيه وقولت لأ والشغلانه دي بالليل وأبويا نايم ومش بيحتاج مني حاجة وأهو أقوله أني أشتغلت في أي مستشفى وأخترت الشِفت بتاع بالليل علشان أقدر أخلي بالي منه بالنهار
المبررات لم تنتهي وشيطان نفسها لم يتوقف عن تجميل الصورة أمام عيونها وذكّرها أيضًا بذلك الدواء الخاص بوالدها الذي يجب شرائه الأن لتأخذ العبائه من فوق المشجب وأرتدتها سريعًا وتوجهت إلى غرفة والدها الذي أصيب من عام بجلطة دماغيه تركت أثرها على كامل جسدة ولم يعد يستطيع الحركة
ربتت على ذراعه وهي تقول
-أروح أجيب الدوا إللي خلص وهرجع على طول
غادرت البيت متوجهه إلى الصيدلية لتقابل في طريقها حنان جارتها وزميلتها من أيام المدرسة وقفت أمامها وهي تقول
-أنتِ مش بتسألي عليا ليه يا بت يا حنان
-عارفه إني مقصرة معاكي بس يا أختي مسحولة في الجهاز وعلي عايزنا نتجوز آخر الشهر ومش ملاحقه
أجابتها وهي تحرك يديها في جميع الإتجاهات وصوت الأسوار التي تملىء ذراعيها يسمعه القاصي والداني لتبتسم زيزي رغم الألم التي تشعر به في أعماق روحها وقالت بصدق رغم كل شيء
-ربنا يعينك وألف ألف مبروك يا حنون
ثم ربتت على يدها وهي تقول
-معلش بقى عايزة الحق أجيب الدوا لأبويا وأرجع له علشان سيباه لوحده
لتقول حنان بلهجه ساخرة
-ربنا يشفيه يا حبيبتي ويرزقك بواحد زي علي كده يستتك ويهنيكي
إبتسمت زيزي إبتسامة صغيرة ثم تركتها وغادرت دون أن تعلق على حديثها وما تقصد من خلفه لقد جاء اليوم الذي تتعامل فيه معها الفتايات على كونها أقل منهم بعدما كان الجميع يلتف حولها ويتمنى رضاها والأن ينظر إليها على كونها عانس وتحتاج لرجل يعطف على حالها ويتزوجها يرحمها مما هي فيه
بلعت تلك الغصه التي تؤلم حلقها وأشترت الدواء لوالدها وبعض الأغراض وعادت إلى البيت وبداخلها إصرار على العمل ولم يعد هناك مجال للتراجع
~~~~~~~~~~
إنتهى يومها الأول بالعمل وكم كانت سعيدة وتعمل بنشاط وإنطلاق
خاصة وأن رجاء لم تترك أمر لم تخبرها عنه ولم تبخل عليها ب كل أسرار الشركة التي تفيدها في عملها ويجعلها مميزة فيه
كان أدهم يتابعها طوال اليوم بصمت ودون أن يقترب منها أو يوجه لها أي أوامر
أقتربت منها رجاء وهي تقول
-خلصنا شغل يا سليمة يلا بقى علشان نروح بكرة آخر يوم ليا معاكي هنا وبعد كده أنتِ المسؤلة يا حلوه
لتشعر بالتوتر وقالت ببعض المزاح:
-العدو أمامنا والبحر من خلفنا
لتقترب منها رجاء وقالت بهمس رغم إبتسامتها الواسعة
-لو مستر أدهم سمعك وأنتِ بتقولي العدو دي هيعملك تمثال على باب الشركة
لتقف وهي تأخذ حقيبتها وقالت بخوف مصطنع
-وعلى إيه الطيب أحسن
وغادرا سويًا دون أن يلاحظوا ذلك الذي يقف خلف الباب وأستمع لكل ما حدث وعلى وجهه إبتسامة شريرة
~~~~~~~~~~~
فتح عينيه بتثاقل لأول مرة منذ سنوات لم يكن نومه مريح ولم يستطع النوم بعمق كلماتها وصوتها هيئتها كل هذا يؤلم قلبه العاشق .. الذي لم يضعف يومًا إلا من أجلها كان اليوم ألمه أشد .. حتى أنه جعل جسده وكل خليه فيه تتألم بشده .. كيف وافق على طلبها .. كان عليه أن يصفعها على وجهها البريء ويصرخ بها رافضًا وإذا كان أصابها الجنون أو مس من شيطان نفسها فتعود لعقلها
لكنه وافق .. وكأنه كان يريد أن يسقطها في وحل الخطيئة حتى يستطيع أن يكون جوارها وتقتصر المسافة بينهم
لقد سول له شيطانه سقوطها ويده تمتد لتمسك بها وكأنه بطل مغوار غفر ذنبها الكبير وتقبلها على عيبها وهي بعيون كسيرة تشكره على كرمه وشهامته ورجولته
التي ستسقط عنه مع كل مره يراها تتمايل في ذلك الملهى
أعتدل جالسًا وهو يفكر ببعض العقل هل يذهب إليها يطلب يدها للزواج ويمنعها من العمل؟ أم أنها سترفضه وتجرح كبريائه؟
نفخ الهواء من صدره بضيق وغادر السرير ببعض العصبية … فتح نافذة غرفته التي تطل على بيتها وظل ينظر إلى البيت وكأنه ينظر إليها وهمس بلوعه
-ليه يا زيزي؟ ليه فكرتي كده؟ وأيه الصح أشغلك ولا أرفض؟ أمنعك من الطريق ده؟ ولا أمسك إيدك وأمشيه معاكي؟
في تلك اللحظة قطع تفكيره صوت أحد شباب الحارة وهو يتحدث لصديقه
-أنا عايز أخطب زيزي بس أمي مش راضيه علشان أبوها يعني .. عارف لو أبوها يموت كنت أتجوزتها وخبتها عن كل الناس .. أصل البت زيزي دي عاملة زي لهطة القشطة
شعر بالغضب يتصاعد ورغبة قوية في ضرب ذلك الشاب الذي لم يتبين ملامحه
وعقله يصور له تعليقات الرجال في الملهى الليلي وهم ينظرون إلى جسدها الممتلىء لكن بتناسق ويلتهمونه بعيونهم .. ويعلقون عليها بكلمات أكثر جرئه من كلمات ذلك الشاب مؤكد لن يحتمل .. وسوف يقتل كل من ينظر إليها أو يتحدث عنها
أبتعد عن النافذة ليصطدم بصورته في المرآة وظل ينظر إلى نفسه عدة ثواني ثم بصق على المرآة وهو يقول
-أتفوا عليك فاكر نفسك راجل وأنت …
وترك جملته معلقه دون أن يكملها تحرك سريعًا ليرتدي ملابسه سوف يذهب إليها ويخبرها أنه لم يستطيع توفير عمل لها
سوف يرفض أن تعمل كراقصة .. حتى لو رفضت الزواج منه لن يسمح لها بالعمل
غادر البيت مقرراً التوجه إليها لكن أوقفه رنين هاتفه .. ليشعر بالإندهاش وهو يرى أسم الجوكر يتوسط شاشة هاتفه أجابه بتوجس ليصله صوت الجوكر وهو يقول مباشرة
-بيبرس الرقاصة إللي عندنا أتمرعت وفاكره نفسها بقت حاجة أنا عايز رقاصة جديدة النهاردة … فاهم يا بيبرس النهاردة
وأغلق الهاتف دون أن ينتظر لسماع رد بيبرس .. ليعيد بيبرس الهاتف إلى جيب بنطاله وعاد إلى بيته لكنه لم يصعد إلى شقته بل جلس على السلم وهو يطالع بيت زيزي بتفكير وأستسلام
~~~~~~~~~~~
في فيلا الخشاب وعلى طاولة الطعام الكبيرة … والعريقة كتاريخ تلك العائلة تجلس الجدة شُكران على رأس الطاولة بهيبتها ووقارها تنظر إلى أحفادها اللذين يجلسون حولها على ذراعها الأيمن يجلس عدنان إبن عم أدهم ويشبه كثيرًا في الشكل لكنه أكثر مرحًا .. ولأنه بطلًا في الملاكمة لديه الكثير من المعجبات ك نجوم السينما
وعلى ذراعها الأيسر تجلس ظلال أخت أدهم الصغرى وغارقة في عشق عدنان لكنه لا يلتفت لذلك العشق الواضح في عيونها رغم أنهم أصدقاء مقربين يخبرها بكل شيء ويستشيرها ويستخدمها أحيانًا في إثارة غيرة بعض البنات وهي تعلم كل ذلك لكنها وبسبب عشقها له لم تعترض يومًا .. تنتظر اليوم الذي يشعر فيه بحبها ويفهم أنه يحبها أيضًا
-مش ناوي تنزل تساعد أدهم في المؤسسة يا عدنان؟ أنت كبرت بما فيه الكفاية وخلاص بقى لازم تتحمل المسؤلية.
قالت شُكران كلماتها وهي تنظر إلى حفيدها بنظرة تفحص ليترك عدنان هاتفه حيث كان يتحدث إلى إحدى المعجبات عبر تطبيق الرسائل وقال بابتسامة واسعة
-شكلي مزعلك يا شوشو … ليه الكلام إللي يضايق ده؟
لتضع ظلال يدها أسف ذقنها تتابع ما يحدث بينهم ككل ليلة باستمتاع خاصة حين قالت شُكران بابتسامة صفراء
-حالك كله مزعلني … وشكلي هغضب عليك .. وأنت عارف كويس غضبي ممكن يوصل بيك لفين
كانت أخر كلماتها مصحوبه بإشارة الي باب القصر ليقطب عدنان حاجبية وقال بضيق حقيقي
-ليه كل شوية تهدديني إنك ممكن تطرديني من القصر والشركة ومن عيلة الخشاب كلها .. على فكرة يا نانا أنا مش بتهدد وممكن حالاً أمشي من هنا
أعتدلت ظلال تنظر إلى جدتها بقلق والخوف يطل من عينيها إن الحديث اليوم أختلف عن كل مرة .. عدنان لم يقل تلك الكلمات من قبل أنه يعلم جيدًا كيف يجعل شُكران هانم راضية عنه رغم أنه يقوم بما يريد … لكنها ظلت صامته حين أكمل هو
-وبعدين أدهم هو المسؤل عن المؤسسة والورث من يوم يومه من أيام جدي وبابا وعمي .. وفاهم في كل حاجة ومش محتاجني يعني ولا عمره طلب مني أشتغل معاه
لتقول ظلال بتوتر
-لا يا عدنان أبيه أدهم طلب منك أكتر من مرة وآخر مرة قالك فيها “أنا تعبت من كتر ما بتحايل عليك تيجي تشتغل معايا .. الشركة أنت ليك فيها زي ما أنا ليا ووقت ما تقرر تيجي تدير معايا المؤسسة هتلاقي أبوابها كلها مفتوحه ليك”
نظر لها عدنان بغضب ثم قال من بين أسنانه
-عارف يا أم العريف بس أنا مليش في شغل الإستيراد والتصدير ولا حتى شغل الهندسة ومليش دماغ حقيقي لكل ده
-أومال ليك في أيه ف البنات والمرقعه الفاضية؟
قالت شُكران بغضب وصوت عالي … ليشعر عدنان بالصدمة أنها المرة الأولى
التي تثور فيها جدته بتلك الطريقة إذًا فعليه مهادنتها ولملمة الأمر
غادر مقعده وأقترب من مقعد جدته وجلس على إحدى ركبتيه يقبل يدها وهو يقول
-إيه إللي مزعلك مني كده بس يا شوشو أنا عملت إيه؟
لتربت شُكران على وجنته برفق وهي تقول بحزن
-عايزة أطمن عليكم يا عدنان .. العمر بقى ورايا مش قدامي .. خايفة كل واحد منكم ماشي في طريق لوحده .. والحمل تقيل على أدهم وبقالوا فترة متغير وقلبي بيقولي أن فيه حاجة
لتشعر ظلال بالخوف وهي تقول
-مالوا آبيه يا نناه؟
ليرفع عدنان عيونه لها وقال ليطمئنها
-أدهم كويس يا ظلال متقلقيش حمل الشغل تقيل عليه والمسؤلية كمان علشان كده أنا هنزل معاه الشركة من بكرة المهم أن شوشو حبيبتي تبقى راضيه عني
لتبتسم شُكران رغم الحزن الساكن بعيونها والخوف الكامن بقلبها
~~~~~~~~~~~~~~~
في إحدى شوارع القاهرة كان يسير والليل يغلف الكون بهدوئه وجمالة بين يديه سجارته المحشوه ويده الأخرى تمسك الجاكت الخاص به فوق كتفه
رغم ظلام ذلك الطريق إلا أنه كان يعرف الطريق جيدًا ويعلم إلى أين يذهب
وعند أحد مفترق الطرق ظهرت تلك الفتاة التي ترتدي ما يكشف جمال جسدها تقترب منه وهي تقول بدلال
-أتأخرت عليا أوي يا ثمورتي
-ثمورتك؟!
رددها خلفها بتقزز لتقول بدلال أكبر وهي تداعب ذقنه
-ثمورتي دلع ثامر
ليبعد يدها عن وجهه وقال بأمر:
-طيب يلا يا أختي قال ثمورتي قال
لتضحك بدلال وهي تسير جواره ذراعها يحاوط خصره وذراعه يستريح فوق كتفيها حتى وصلوا إلى مدخل بنايه قديم صعدوا درجات السلالم حتى الدور الأخير وبالتحديد تلك الغرفة الصغيرة فوق سطوح البنايه … غرفة صغيرة لا يوجد بها سوى سرير واحد صغير يكفي لقضاء ليلتهم وفعل ما يريدون … وفقط
حين أنتهى منها غادر السرير يرتدي ملابسه لتقف خلفه تلمس ظهره بأطراف أصابعها وهي تقول
-هشوفك تاني أمتى يا ثامر بيه
لينظر إليها بطرف عينه وقال بخبث
-من أمتى بتسألي الأسئلة دي؟ ومن أمتى أنا بجاوبك على أي سؤال؟
لوت فمها بضيق وعادت تتمدد على السرير من جديد وهي تقول
-أنت هتمشي بجد يعني خلاص كده؟
لن يجيبها وأكمل إرتداء ملابسه وحذائه ووضع بعض المال على الوسادة جوار رأسها وغادر الغرفة تشيعه نظراتها الحزينة
أنها تحبه لكن هو لا يراها إلا مجرد جسد .. يعبث معها قليلًا ويرحل
يأتي وقتما يشاء ويغادر وقتما يشاء وليس لها حق الإعتراض أو الرفض ليس خوفًا منه ولكن قلبها المتعلق به هو من يجبرها على قبول كل هذا الذل
مدت يدها تمسك الأوراق المالية وهمست بصوت متهدج
-هو ده قيمتي عنده ساعه في السر وشوية فلوس
وكان هو يسير في الطرقات المظلمة يشعر بالإختناق كل مرة يلتقي بها رغم شوقه لجسدها إلا أن ضميره يظل يعذبه
~~~~~~~~~~
أخذته خطواته لذلك القصر الكبير وبالتحديد أمام تلك اللوحة المعدنية التي كتب عليها بحروف ذهبيه ” ال الخشاب”
ظل يتأملها دون ملامح واضحه حتى أنتبه لصوت حركة من خلفه وشخص يقول حين فتحت البوابة
-حمدالله على السلامة يا أدهم بيه

google-playkhamsatmostaqltradent