Ads by Google X

رواية من نبض الوجع عشت غرامي (ج2) الفصل الثاني 2 - بقلم فاطيما يوسف

الصفحة الرئيسية

 


 رواية من نبض الوجع عشت غرامي (ج2) الفصل الثاني 2 - بقلم فاطيما يوسف



انصعقت رحمة من ماقالته وقامت من مكانها وهي تشعر بالنـ.ـيران أججت في كامل جسدها فلقد أُشعِلت جذوة جنونها وغضبها بجدارة ما إن علمت بقدوم تلك الحمقاء إلي منزله وهي تهتف من بين أسنانها بغضب جم :
_ نعم .. هي البت داي ايه اللي جابها لحد اهنه يامتر ! داي هتوبقى ليلة مش معدية النهاردة.
حاول ماهر تهدئتها من نوبة الغضب الشديد التى اعترتها وداخله بات يؤمن أن تلك الليلة لن تمر مرور الكرام وأن رحمة ستجعل ذاك اليوم دمـ.ـارا :
_ ممكن تهدى شوية في ايه يستدعي غضبك دي كلاته !
كانت تجول في الغرفة كالإعصار وداخله بركان لو انفـ.ـجر الآن لأضاع الأخضر واليابس من ذاك المكان ثم هدرت به بحدة من بين أسنانها التى تجزها بغضب عارم :
_ والله يا أستاذ ! هي وصلت بيها البجاحة إنها تاجي لحد اهنه !
وأكملت وقد اظلمت عينيها ولمعت ببريق مخيف وهسهست بنبرة خطيرة قاسية :
_ الظاهر إن المتر معشش في دماغ أخت المرحومة وجاية بقى تتحداني اهنه ومفكرة اني مهعرفش بمجيتها اهنه البت داي ،
ثم انتوت النزول للأسفل كي تهدر بكرامة تلك الدخيلة عليهم وتلقى على مسامعها عبارات قبيحة لاذعة تليق بمجيئها إلى منزله ولكن لحقها وجذبها من يدها واستند على الباب يمنعها من النزول هادرا بها بحدة لجنونها في عدم التصرف السليم لتلك الأمور :
_ وه رايحة فين يامجنونة انتِ ، مخيفاش البت داي تشوفك اهنه وانتِ عارفة إن عادتنا وتقاليدنا متسمحش بإكده ، اهدي وأني هتصرف معاها وهشوف جاية ليه ، ميوبقاش تصرفك أهوج اكده ؟
نزعت يدها بحدة من قبضته الممسكة لها بشدة ثم هدرت به بنفس غضبها بنبرة استنكارية:
_ بقى تصرفي أني أهوج ! طب عديني بقى أنزل للبت داي يا اما تطلقني حالا ياماهر .
أنهت كلماتها اللاذعة ثم أولته ظهرها وربعت ساعديها بغضب وهي تهز قدمها أرضاً والشر يتطاير من مقلتيها ،
أشعلت جذوة جنونه وغضبه مرة اخري بكلماتها المستفزة، ثم طوق خصرها من الخلف بقوه آلمتها وهتف يهمس بغيره مجنونه وتملك في اذنها :
_ طلاق ايه يامخبولة انتِ هو إحنا لسة اتجوَزنا لما هنتطلق ، اوعاكي تُنطقي الكلمة داي تاني .
سيره الطلاق دي تنسيها خالص لاني مش هطلقك يا رحمة طول ما انا فيا نفس ، انتي بتاعتي اني وملكي اني.
ثم لف جسدها بسرعة لتواجهه وهو يحاول تهدئتها من نوبة الغضب بنبرة أكثر هدوءا :
_ ممكن تهدي أعصابك دي شوية وخليكي اهنه هنزل أشوفها جاية ليه وعايزة ايه ،
واسترسل بنبرة حازمة :
_ وبعدين لازم تثقي فيا شوية وفي نفسك قبل مني ، هي هتاكلني يعني .
اتسعت مقلتيها بذهول ثم حدجته بريبة وبنبرة صوت عالية :
_ أنا واثقة في نفسي كويس قوووي وأظن انت اكتر واحد عارف اكده ولو سمحت متستفزنيش بكلامك دي يامتر .
استفزته بنبرة صوتها العالية ثم قبض علي ذراعيها بقبضتيه الفولاذيه يعتصرهما وهو يهزها صارخاً بها بأمر نظراً لأنه يكره الصوت العالي وخاصة عندما تكون امرأته :
_ صوتك ميعلاش يارحمة أصل ورب الكون لا هتشوفي وش عمرك ماشفتيه ومش عايز كل مشكلة تقابلنا صوتك يعلى عليا ، احترمي إني جوزك مش عيل صغير قدامك علشان تعلى صوتك عليه وتشوحي بإيديكي قدامه واظبطي لسانك وطريقة كلامك .
ارتعبت من حدته معها وغضبه الشديد وطريقته ككل وأحست بالإهانة معه ثم هدأت من نبرتها الغاضبة وقررت مغادرته :
_ تمام أني ماشية وسايباك مع الهانم تعمل مابدالك ولا هزعق ولا هعلي صوتي ولا هتكلم معاك تاني من الأساس طالما دي كل اللي هامم الباشا .
وعقبت وهي تنظر تجاه الباب طالبة منه :
_ لو سمحت قول لأم محمد تدخلها الصالون بعيد عن الباب والسلم .
أخرج تنهيدة حارة وهو يمسح على شعره بضيق من عنادها وتيبس رأسها ثم هدأ من نبرته وحاول تهدئتها:
_ ممكن نهدى بقى ، واستني اهنه هشوفها عايزة ايه وهاجي لك طوالي .
هتفت بتصميم دون أن تنظر إليه :
_ له مهستناش ثانية اهنه ، ولو سمحت هملني لحالي وملكش صالح بيا نهائي.
_ إزاي أهملك لحالك ! اظبطي يا رحمة حالك هو حالي .. جملة استنكارية نطقها ماهر بدهشة من ردها عليه وعقب عليها وهو يمسكها من كتفها يحاول بث الطمائنية في قلبها :
_ تمام يارحمة بس للمرة المليون بطلب منك شوية ثقة إن لو فيه ألف ست حواليا ميملاش عيني من الألف دول إلا انتِ ، بس بردو دي مايمنعش اني أتعامل مع كل الناس بطريقة لبقة وداي اعتبريها من ضمن الناس العاديين ، وخلي في بالك انها بالنسبة لي زي أختي الصغيرة.
رفعت يده من على أكتافها ثم تحدثت وكأنها لم تسمع شيئا:
_ اعمل اللي انت عايزه ، بس من فضلك عايزة أمشي دلوك لأني اتأخرت .
تيقن أن محاولاته لم تجدي نفعا معها ثم أطبق على شفتيه بضيق وقرر أن يفعل لها ماتريد كي ينهى تلك المقابلة ،
ثم خرج من الغرفة واستدعى هانم وطلب منها أن تفعل ما تريده وبالفعل نفذت ما أمره بها ،
فور أن تيقنت دلوفها الى غرفة الاستقبال خرجت من الغرفة سريعاً وتبعها كي يوصلها للخارج وهو يعلم تماماً أنها لن تمرر ذاك الموضوع على خير فهي عنيدة للغاية ،
أوصلها للخارج وهي تركض بخطوات سريعة وهو لم يتعافى بعد من مرضه وجسده مازال مهزوزا ولكنه حاول اللحاق بها وقبل أن تغادر أمسكها من ذراعها قائلاً لها بحنو فهو لم يريدها أن تخرج من منزله حزينة:
_ نورتي بيتك ومُطرحك اللي هتاجيه عن قريب يارحمتى .
نظرت إليه بملامة ولم ترد على وداعه لها مما جعله يستشيط من عنادها ثم حاول ظبط حالته النفسية جراء ماحدث أما هي تحركت من أمامه بغضب جم ولم تعير كلامه أدنى اهتمام كل مايدور في خلدها أنها أُجبِرت الآن على تركه وحده مع تلك الدخيلة عليهم والتي تأكل الأفكار في عقلها الآن بنهم وتود أن تفتك بهما معاً ،
ظل واقفاً إلى أن غادرت بسيارتها ثم دلف الى الداخل كي يعرف ماذا تريد تلك الشمس ؟
خطى إليها بأقدام ثابتة وما إن رأته حتى تعجبت لهيئته المذرية وهو أيضاً تعجب لهيئتها المذرية فقد كان تحت عيناها مغميا بالسواد ووجهها يبدو عليه الانطفاء فحقا شعر بالقلق عليها وانتابه شعور بالخزي من أنه طردها من جميع المواقع فمهما كانت العشرة لاتهون في نظره وهي قد رُبَّت على يديه ،
فاقترب منها متسائلاً بنبرة قلقة حقا :
_ مالك ياشمس ايه اللي مخلي وشك باهت ونزلتي النص اكده ليه ؟
تنهيدة حارة خرجت من جوفها حتى وصل زفيرها الحـ.ـارق إليه وبات يجزم أنه يوجد خطب ما جعلها هكذا بتلك الحالة ،
ثم اقتربت منه وأخبرته بنبرة منكسرة جادة :
_ قبل أي حاجة ليا عتاب عندك ياللي كنت أبيه ماهر في يوم من الأيام وكنت بمثابة أخ كبير وعمرك ماشفت مني الا كل خير ،
انحرج بشدة من عتابها وتعرق وجهه كثيراً فهي محقة في كل ما قالت ولن تكذب في حرف واحد ثم أكملت هي بنفس النبرة المنكسرة وهي تسأله بنبرة تحمل بين طياتها الملامة :
_ ليه عاملتني بالطريقة دي لما جت لك المكتب وسمحت لمدام رحمة انها تتعامل معايا بالطريقة دي ؟
واسترسلت وقد التمعت الدموع في عينيها:
_ منكرش اني اتكلمت معاها بطريقة ناشفة شوية لكن مش لدرجة انها تخليك تعمل لي بلوك وتطردني من مكتبك ،
وتابعت حديثها وقد انقلبت عيناها الملتمعة بالدموع إلى أخرى دامعة بغزارة فأعطته ظهرها وهي تحاول كتم شهقاتها :
_ عمري ماكنت أتخيل منك انت بالذات كدة ؟
لقد تقـ.ـطع قلبه لأجلها فهو يكن لها شعوراً من المحبة الأخوية ولكنها مع سفرها وابتعادها سنواتها الأخيرة وخاصة بعدما حدث من أختها معه إلا أنه مازال ممتنا لمواقفها في الوقوف بجانبه وقت أزمته بل في ذُرو أزمته كانت بجانبه كالملاك بطيبة قلبها ،
ثم حاول ظبط انفعالاته على نفسه جراء حزنها ذلك وعلل قائلاً بأسف :
_ معلش يا شمس اللي مريت بيه مع أختك مكانش شوية وانتِ أدري الناس هي عيملت فيا ايه ، كنتِ بتقعدي ويانا بالأسبوع وبتشوفي إزاي كانت متمردة وكأنها بني أدمة تانية غير اللي حبيتها واتجوَزتها ،
وأكمل شارحاً بنبرة تقطر ندما على حظرها :
_ وزي مانتِ جيتي وشفتي بنفسك إني كتبت كتابي على الإنسانة اللي وقفت جاري وخرجتني من محنتي بعد ماكنت قافل باب الستات بأقفال وجنازير واتحولت من التجربة المريرة اللي عشتها لإنسان مش انسان لاااا دي كنت عامل كيف الإنسان الآلي بالظبط ،
واستطرد شارحا بملامح ابتسمت تلقائيا وهي وهو يتحدث عن رحمته :
_ لحد ما رحمة ربنا جت لي واتعذبت شهور وياي وأني أذيتها بالكلام كَتير وهي صممت إنها تخرجني من محنتي وتخليني أرجع أشوف الحياة بمنظورها الحقيقي مرة تانية .
حاولت تجفيف دموعها ثم استدارت بوجهها إليه وحاولت تهدئة حالها من نوبة البكاء التى انتابتها فور تذكرها لحظره وكرامتها التي هدرت على يديه وتحدثت بنبرة عاتبة كما هي :
_ تمام كل اللي حكيته ، بس ده علاقته ايه بمقابلتك وطردك ليا من مكتبك بالطريقة المهينة دي وكمان تحظرني من كل مكان ؟
أخذ نفساً عميقاً يستحضر به الهدوء ثم أجابها صريحا كما اعتاد بشخصيته مع الآخرين لأنه يكره الكذب واللف والدوران في الحديث :
_ خليكي مكانها ياشمس هي دخلت المكتب لقتك قاعدة على المكتب قدام جوزها وبتتكلمي بدلع وهي مرتي وعرفت كماني إنك أخت مراتي طبيعي انها تثور وتعمل اللي عيملته دي ، طبيعي إن يكون موقفها تهجمي عليكِ ، إنت متعرِفيش في اليوم دي اتخانَـ.ـقنا كد ايه لجل مجيتك المكتب وأني من واجبي تقديرها واحترامها .
تفهمت حديثه بتمعن ولكنها لن تعطي له أي عذرا لمعاملته الجافة معها ثم اقتربت بخطواتها ونظرت بعينيه وقالت :
_ أنا محتجاك ياماهر ومحتاجة وجودك جنبي ، محتاجة ترد لي ولو جزء بسيط من وقفتي اللي وقفتها جمبك ودعمها ليك في أشد أزماتك وأنا دلوقتي جايالك في أشد أزماتي ومبقاش ليا غيرك ،
وأكملت بنبرة صادقة حزينة وقد التمعت عينيها بالدموع مرة أخرى :
_ شمس اللي كانت كلها حيوية بقت ضايعة وشريدة ، بابا مات وعمي طردني لأنه عارف اني وحيدة دلوقتي ولا أم ولا أب ولا أخ ولا أخت ، انا بقيت مرمية في الشوارع دلوقتي وملقتش غيرك أحتمي فيه ،
وتابعت وهي تنظر داخل عينيه وقد وضعته داخل صندوق اللاختيار الآتي بعاصفة لن تنتهي بعد :
_ هتقف جمبي ولا رحمة هتخليك تطردني من هنا تاني وأضيع ياماهر ؟
كان واقفاً بأعصاب مشدودة وقد برزت عروق رقبته وخاصة وهو يضغط على قبضة يديه بقوة لتطلعه إلى الأمام وأن القادم عـ.ـاصف لامحالة ومن المحتمل هـ.ـلاكه تلك المرة على يد رحمة فهي امرأة قوية للغاية ولن تمرر وقوفه معها مرور الكرام وأيضاً رجولته تحتم عليه أن يقف بجانبها وأن لا يتركها بلا مأوى وهي كما تقول أصبحت شريدة مطرودة من بيتها حصن أمانها وبالطبع سيبحث ويتأكد من صدق حديثها ،
كانت تنظر إليه بعيناي منطفئة من حزنها وهي تنتظر رده في نجاتها وداخلها متيقن من شهامة ذاك الرجل لطالما عهدته فارسا مغوارا وتعلم أنه رجل بحق ،
رمقها بنظرة استكشاف كي يعرف ما إذا كانت محقة في كلامها أم أنها كبُرت وتعلمت مكر حواء والذي إن وقعت بمكرها تحت يد صغيرته الداهية ستسقيها من المكائد أهوالاً بل إن وقعت تحت براثن غيرتها حقا ستسحـ.ـقها دون أن يرمش لها جفن فتلك هي رحمة المهدى لايقال عليها إلا المرأة الحديدية:
_ كيف عمك يطردك من بيتك هو ميعرِفش انك الوريثة الوحيدة وكمان بلغتِ سن الرشد يعني ملهوش حكم عليكِ ؟!
وأكمل استفساره وهو مازال يلقي على مسامعها كل ما يجول في خاطره :
_ كيف يعرِض نفسه للخطر وهو عارف إن أقل محامي ببلاش يجيب لك حقك في بيت أبوكي ؟
ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة وأجابته وهي تنظر أرضا من شدة خجلها:
_ أمممم.. بابا كان مديون لعمي وكاتب عليه وصولات امانه على بياض ،
ثم أرجعت خصلاتها وراء أذنها وتابعت بنفس خجلها :
_ اصللل.. بابا بعد مـ.ـوت اختي وبعدها ماما تعب وانهار ومبقاش ينزل الشغل وخسر المحلات بتاعته وبقى شرب وسهر لحد الفلوس اللي معانا كلها ما خلصت وحتى اللي في البنك وكل حاجه راحت وبقى يستلف من عمي ويمضي على الوصولات وبعدها عامل ما بقاش يسلفه لحد ما المرض اتمكن منه ،
ولما جيت لك المكتب اخر مرة كنت جاية علشان اشوف شغل هنا واستقر وأمن حياتي لنفسي واحاول بشهادتي اللي اخدتها من برة استغلها ،
بس حصل اللي حصل من رحمة ورجعت ومفيش شهر وبابا مـ.ـات ولقيت الدنيا كلها بتنهار من حواليا ،
واسترسلت حديثها وهي تحاول كتم شهقاتها لشعورها بالإذلال أمامه ولطالما عهدها أنثى مدللة أبيها ولكن هي الأيام والزمان يوم يرفعنا لأعلى عليين وعشرون تصفعنا الأزمات الى أسفل الأرذلين :
_ لا والأدهى من كده عايز يجوزني ابنه المعوق اللي لا حول ليه ولا قوة وما ينفعش ان هو يرتبط بأي إنسانة اصلا علشان خاطر اعيش خدامة تحت رجليه واشيل مسؤوليته اللي تعباهم مقابل اني اقعد في شقة معززة مكرمة ، تصور حياتي بقت عاملة ازاي في لحظه يا ماهر ؟!
عايزة اقول لك انا بتمنى الموت وان ربنا يرحمني من الذل اللي انا هعيشه لو انت موقفتش جنبي ،
مفيش غيرك جه قدامي ومفيش غيرك اضطريت اني ألجأله ،
انت طبعا تقدر تتأكد من كل كلامي بسهولة جدا وتعرف اني مش بكذب عليك .
ما زال يرمقها بنفس النظرة الاستكشافيه كي اتاكد من صدق حديثها قبل ان يسال وداخله متيقن انها لاتختلق حوارات كاذبة فهي من صغرها بريئة وليس لها في أمور المكر ثم اقترب منها وهو يطمئنها :
_ ما تقلقيش يا شمس انا مش هسيبك غير وحقك راجع لك وبيت ابوكي هيرجع لك واشوف حوار عمك ده،
بس انتِ عرفتيه ان انك جايه اهنه ؟
رمشت بأهدابها بتوتر بالغ وهتفت بمقلتين زائغتين مما ستبلغه به :
_ أمممم… عمي كان جايب المأذون علشان يجبرني اني اتجوز ابنه بالليل النهاردة ومحرم علي الخروج من البيت وكمان اجبرني اني البس الحجاب وأنا مقدرتش اتحمل اكتر من كدة واستغليت فرصة هدوء البيت وهربت الصبح بدري وجيت على هنا وزمانه قالب الدنيا عليا دلوقتي.
رفع حاجبه الأيسر ناطقاً بذهول مما أبلغته به الآن ولن يصدقه عقل :
_ معقولة كلامك دي ! هو في حد بينجبر دلوك على الجواز ؟
أمائت برأسها بتأكيد سريعاً وتمتمت بتعب :
_ والله ما كذبت في ولا حرف ياماهر عمي استغل شيكات بابا اللي ماضي بيها وحرفيا بيذلني بيها وأنا يستحيل اتجوز ابنه ده ، وكمان عمي واصل وراجل له معارف كتيير ومش هيخليني اعرف اتنفس .
_ليه هو عمك شغال ايه ؟.. جملة استفهامية نطقها ماهر وهو مازال مدهشا من حكواها وأجابته هي بجبين مقطب :
_ عمي مسك محافظ القاهرة من أربع شهور بالظبط.
اتسعت مقلتيه وهو يردد بنبرة ذهولية :
_ هو عمك اسمه حافظ الهنداوي ؟
وأكمل بنفس الاستغراب :
_ بس دي مش اسم عيلتكم ؟
حركت رأسها بموافقة ثم أكدت له :
_ لاا الهنداوي ده لقب ليه مشهور بيه من زمان لكن هو في البطاقة اسمه حافظ محمد دويدار .
اخذ نفساً عميقاً ثم زفره بهدوء مطمئناً إياها فهو قرر أن لا يتخلى عنها مهما كانت الصعاب التي سيواجهها مع تلك الرحمة:
_ تمام ، أنا هقف جمبك ومتقلقيش خالص ياشمس .
بعينين ممتنتين لشهامته سألته بتأكيد:
_ بجد ياماهر مش هتتخلي عني لحد ما اوصل لبر الأمان ؟
ابتسم بهدوء وأجابها بتأكيد:
_ طبعاً متعودتش أتخلى عن أي حد محتاج وانتِ عارفاني زين وإلا مكنتيش جيتي حداي اهنه.
باغتته بسؤال آخر جعله رجع لعالم الوجع الذي ضـ.ـرب بعقله آلاف التخيلات:
_ طب ورحمة هتعمل ايه لما تعرف بمشكلتي وبمجي هنا ؟
وليا كمان رجاء عندك مش عايزاه تعرف اللي عمي عايز يعمله فيا ولا تعرف إني ضعيفة وحد بيذلني .
مسح على شعره بقلق وداخله يردد:
_ يا الله على ما انت آتٍ إليه ايها الماهر ، إنها لأيام صعاب قادمة سوف تعـ.ـصف بقلبك وعشقك لتلك الرحمة ،
يشجعني عقلي أن لا أتخلى عن تلك الشمس ويراوضني قلبي بأن كيف لي أن أواجه عاصفة الهوى مع نفحات رحمتي العاتية ؟
رجع لرشده قبل أن تنتابه نوبات من الجنون في التفكير لما هو قادم ثم هتف بنبرة مطمئنة :
_ متقلقيش محدش هيعرف أي كلام من اللي قلتيه ،
وتابع بتحذير أشبه للرجاء :
_ بس كمان عايز أنبهك ابعدي عن سكة رحمة نهائي ولو حوصل موقف حاولي يوبقى ثباتك الانفعالي هادي ورزين لأبعد الحدود لأن رحمة هتعتبرك خصم وانتِ متعرفيش رحمة هتعمل كيف مع أخصامها ، واعرفي انك في الدنيا داي علشان تاخدي حقك تتحمَلي أي شئ وتأكدي إن بعد التعب هتاجي الراحة وأني مهسبكيش قبل ما أقدف وياكي وأخليكي توصلي لبر الأمان ،
واسترسل حديثه بنبرة رجل عاشق لامرأة اقتلعت جيوش التمرد داخله وأعلنت أسلحـ.ـتها المـ.ـدمرة لكيان بأكمله وهو مازال يؤكد عليها :
_ بس خلي بالك اني راجل عاشق لمرته والعاشق ميقبلش جرح حبيبه ولا الإهانة ليها واصل ، يعني مقابل حمايتي ليكِ ووقوفي جمبك يستحيل بل من رابع المستحيلات إن رحمة توبقى حـ.ـرب أخسرها وعلشان اكده لازم تتحملي اي رد فعل علشان رحمة مش سهلة خالص .
اشتـ.ـعل داخلها بنـ.ـار الغيرة فهي قد أتت وتيقن داخلها أن تنال من قلبه وتجعله يذوب غراماً بها وأن تلك المعضلة التي وضعها بها عمها ماهي إلا مركب نجاة كي تنعم بالقرب من ذاك الماهر وحتى معرفتها بخطبته من تلك الرحمة ليست حاجزاً صعب هدمه فهي بجانبها تبدوا كعارضات الأزياء بسبب جسدها المتناسق وبشرتها الشقراء وجمالها الذي يجمع بين ملامح الغرب وأصالة الشرق ،
ولكن الآن بكلامه عن قوة تلك الرحمة جعل القوة الكامنة التى أعدتها داخلها لمجابهتها هشة ضعيفة وداخلها صار متيقنا ان مهمتها صعبة وبالتحديد وهي ترى عشقها واضحا كوضوح الشمس في كبد النهار في عيناي وكلمات ذاك الماهر ثم أخذت نفساً عميقاً وتحدثت بنبرة مستكينة كي لا تفقد من الحيل التي في جوربها مرة واحدة فطريقها طويل ولابد أن تكون على أهُبَّة الاستعداد دائما كي تأخذ الحيطة والحذر وتستطيع صد الهجمات الآتية من غريمتها التي أقهرتها قبل ذاك من مقابلة واحدة :
_ أنا مش جاية أبوظ حياتك ولا أعمل لك مشاكل وصدقني هتلاقيني زي نسمة الهوا مش هعمل لك مشاكل ولا هفتعل أي حوارات مع مدام رحمة أبدا ،
وأكملت وقد تبدلت نبرتها المستكينة إلى أخرى حزينة وهي تومئ رأسها للأسفل وعلامات الوجع ارتسمتها ببراعة على وجهها :
_ ربنا يكمل لك على خير ويتمم جوازكم في القريب العاجل.
شملها بنظرة ذهولية من نبرتها الحزينة وكلماتها التي تظهر فيها وجعا لن يستطيع تحديد وفهم معناه ولكن الأمر برمته لا يهم فالأهم هو الانتهاء من تلك المشكلة في أقرب الأوقات كي يستريح مع تلك الرحمة العنيدة وكي يشحن طاقة قوة كبيرة يجابه بها جيوش عناد وغضب وكبرياء رحمته ،
ثم أشار إلى غرفة جانبية قائلاً لها :
_ الأوضة دي هتباتي فيها النهاردة لحد ما أكلم إدارة الكومباوند تشوف لك شقة جمبي هنا علطول مؤقتا .
شكرته بامتنان :
_ بجد مش عارفة أشكرك إزاي ياماهر ،
ثم اقتربت منه وفعلت فعلتها التي كانت معتادة عليها معه دائماً وهو زوج أختها وحينها كانت طفلة صغيرة ووضعت قبلة على وجنته سريعا ولكن بشفاه تنطق رغبة ولكونه رجل شعر بها :
_ مرسي جداً ياماهر مش عارفة أشكرك إزاي على وقفتك دي معايا.
تصلب جسده قليلاً وفورا أبعدها عنه برفق وهو يتخيل رحمته تنطر له في ذاك الوضع فلأول مرة يشعر رجل الجليد وخط المحاكم ومتصلب المشاعر بالخوف من أحدهم ولم تكن إلا تلك قصيرة القامة التى لا تكاد تصل إلى منتصفه ، فعلى الفور قام بتحذيرها :
_ ممكن اللي حصل ده ميتكررش تاني ولا معايا ولا مع راجل غيري ، أولا لأننا هنا في الصعيد وغير مقبول الانفتاح بتاعك دي خالص اهنه ، وثانيا مش هقبل أي نوع من الحركات داي تاني مراعاة لمشاعر مراتي ولخوفي من ربنا طبعا وده الأهم ،
واسترسل تحذيره وهو يشملها بنبرة متفحصة من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها:
_ وبعدين انتِ خلاص كبرتي ياشمس ومبقتيش الطفلة الصغيرة اللي كنت بحملها على رجلي وألاعبها انتِ دلوك بقيتي بنوتة كبيرة وعاقلة ولازم تخلي بالك من تصرفاتك زين وياي مهما حوصل .
عبثت ملامحها بحزن من تحذيراته ثم تمتمت بموافقة وهي تنظر إليه بمقلتي تشـ.ـتعل غيرة عليه :
_ حاضر ولو عايزني أقول لك يا أبيه زي زمان معنديش مانع أهم حاجة متضايقش .
هز رأسه بإيمائة خفيفة وهو يردد برجاء:
_ ياريت ، اتفضلي ادخلي استريحي ،
ثم أخرج الفيزا من جيبه :
_ اتفضلي الفيزا داي خليها وياكي اشتري الهدوم اللي محتجاها وأي حاجة نقصاكي ،
بس ياريت بعد اكده تشتري هدوم مقفولة ومتكونش قصيرة ولا عريانة طول فترة تواجدك اهنه انتِ حافظة طبعي كويس واني الطريقة المنفتحة زيادة عن اللزوم داي مبستريحلهاش .
وافقته على طلبه وداخلها أوهمها أنه يغار عليها وتحركت من أمامه بعد أن شكرته على عطاؤه الزائد معها وعينيها تطير الفراشات منها بعد كلماته وتحذيراته الأخيرة لها ،
أما هو صعد إلى غرفته كي يستريح قليلا ويذهب ليلا إليها في منزلهم كي يراضيها .
**********************
في شقة عمران وسكون حيث كانت تجلس في تختها وتشعر بالإرهاق الشديد فمنذ عشرة أيام وهي تشعر أن حالتها لم تكن على مايرام ويبدوا أن ما خططت له قد حدث ،
دلف عمران إليها وجد وجهها شاحبا وعينيها يبدوا عليها الإرهاق الشديد فهو يتابعها منذ بضعة أيام وسألها قبل ذاك وهي تجيبه أنها بخير ولكن تلك المرة يبدوا عليها التعب الشديد وخاصة حينما رآها تجري سريعاً وهي تضع إحدى يدها على بطنها والأخرى على فمها ويبدوا عليها أن ليست بخير أبداً ،
لحقها سريعاً إلى الحمام وهو يحتضنها من الخلف وداخله حزين لأجل تعبها وهو يهمس لها بجانب أذنها :
_ مالك ياحبيبي ؟ بقالك كذا يوم متغيرة ومرهقة والتعب باين عليكِ قووي ؟
أنهت إفراغ مافي معدتها ثم استندت على حافة الحوض وهي تشعر بالإنهاك الشديد ثم أجابته بصوت خفيض وكأن الكلمات لن تستطيع الخروج من فمها من شدة تعبها :
_ متقلقش علي ياعمران أني زينة شوية برد في معدتي بس .
فتح عمران صنبور المياة ثم بدأ بسكب المياه في يديه وبدأ يغسل لها وجهها بحنو وهو يخشى عليها كطفلة صغيرة بين يد أبيها وحاميها ثم أمسك مكبس الشعر ولملم خصلاتها المبعثرة على وجهها وجذب المنشفة وبدأ بتجفيف وجهها ثم جذبها إلى أحضانه وهو يربت على ظهرها هامسا بجانب اذنها برفق كي يداعبها وينسيها ألمها :
_ تعرِفي شكلك يجنن وانتِ تعبانة اكده وأني ضعيف قدام الجمال دي كلاته ياسكوني ومهتحملش .
ابتسمت بوهن وشعرت بأن جسدها يهتز رغبة من همس عمران الذي لم ينفض أبداً عن بثه بها في جميع حالاتها ثم أبعدته برفق عن أحضانها وهي تردد له بنبرة متعبة :
_ وه ياعمران مهتبطلش طريقتك داي واصل مش شايفني تعبانة وشكلي مبهدل وحتى ريحتي من الترجيع بقت وحشة .
باغتها بغمزته المعتادة ثم دفن يداه خلف رأسها قائلاً بعشق صادق :
_ ومهما طال بينا الزمن مهبطلش أغازل حبيبي ، ومين قال إنك وحشة ومبهدلة ،
ثم سحبها معه ووقف أمام المرآة وهو يشاور بإبهامه على وجنتيها المحمرتان من أثر غثيانها :
_ بذمتك القمر إللي خدوده كيف الفراولة دي ، وعيونه يدوبوا يوبقى متبهدل ؟
ابتسمت له بعشق لتدليله الدائم لها ثم احتضنت وجنتاه بكفاي يديها وهي تسأله بنبرة تحمل بين طياتها الكثير من الأسباب:
_ لساتك هتحبني ياعمران كيف أول مرة سكون وقعت بين يدك وعشقي مكبل في قلبك زي أول مرة ؟
احتضنها من خصرها وأجابها برجل عاشق لأنثاه التي اختصر بها نساء العالم أجمل وأصبحت هي بهن جميعهن :
_ وه وهو عشق الراجل لمرته هيقل ياسكون !
دي عشق بيدخل القلوب وبعد اكده يقفل بيبانه كلاتها ويقف حارس على بوابتهم اكده يصد أي شي ياجي يعكر صفو حبيبه ويوجع قلبه ، عشقك ياسكون ملهش وصف ولا وقت محدد ولا زمان ولا مكان واحد أخر نفس لعمران هيفضل وياكي وعمره مايبَعِد أبداً ده انتِ بداية قلب وعشق العمران ومفيش غيرك نهايته لحد أخر نفس فيه .
ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة من كلماته التى خدرت حواسها وأشـ.ـعلت رغبتها به داخلها وصارت غير قادرة على مجابهته وأن تردد مثلما قال فهي تلميذ فاشل في مدرسة عشق العمران ثم هتفت بهمس رقيق يشبهها :
_ وه ياعشق السنين الكلام الجميل دي كلاته ليا أني وحدي ، انت متعرِفش كلامك دي بيحسسني بايه ؟
داعب أرنبة أنفها وهو مستمتع بالقرب منها والحديث معها متسائلاً بنبرة رجولية :
_ بإيه ياحبيبي اتكلَمي عايز أسمعك كَتير ؟
ابتسمت بمحبة لكونه أنساها تعبها بمعاملته الرقيقة لها لتقول بعيناي يملؤها الشعور بالراحة والفخر لكون ذاك العاشق رجلها :
_ بيحسسني اني مالكة كل الحب اللي في الدنيا بحالها واني مفيش ست زيي عنديها راجل بيحبها وهيعشقها زيك وان سنيني اللي فضلت أدعي ربنا بقربك مني وانك تحس بحبي ليك مضاعتش هدر وان لو كان طال بيا الانتظار وأني هستناك أكتر من اكده كنت هستنى العمر كله يا عشق سكون .
تنهد قليلا بأنفاس متسارعة من رغبته بها التى يحاول كبتها فهو يحبذ حديثهما ذاك بل ويذوب في بحور عينيها العاشقتين له ثم
تحدث بما يجول بخاطره وأراد اخبارها به :
_ تعرِفي ان قبل ماأشوفك ومن قبلها بسنين كمان مكانش عندي أي رغبة لأي ست ولا كان ليا نفس أتجوز وأكون بيت وعيلة واللي في سني ولادهم قربوا يبقوا طولهم ، مكانش عندي أي ولاء للجواز والاستقرار وكان عندي دايما شعور بالفتور ناحية أي علاقة راجل ببنت شافها جميلة ، وحتى الحاجة زينب كانَت دايما تجيب لي صور بنات أو تخليني أشوفهم اجباري اكده لكن تعرِفي مفيش بنت منهم شفتها جميلة رغم جمالهم ومفيش بت منيهم حركت لي ساكن رغم إن امي منقياهم بجمال يخلي أي راجل يبصم بالعشرة ،
وأكمل وهو يزيح خصلة شاردة علي عينيها وتحجبها عن النظر فيهما بعمق ويضعها خلف أذنها :
_ معاكي الأمر اختلف أول ماوقعتي وجريت عليكِ ولقيتك بتنطُقي اسمي بيخرج بهمس من بين شفايفك حسيت بقلبي بيرجف بين ضلوعي ومن وقتها وأني بقيت أسير عيون السكون ، أسير اسم السكون ، أسير ملامح السكون ، من وقتها حلفت ماأكون غير ويا السكون ومفيش غيرها ألف ست ولقتني رجعت لك تاني وأني كلي شوق للقاكي وأخترع أي أسباب علشان أتكلم وياكي .
ابتسمت بعشق وسألته :
_ طب فاكر أول كلمة قلتها لك ايه وقتها ؟
حرك رأسه بموافقة ثم أسند جبهته بجبهتها مرددا بصوت عاشق :
_ وه كيف مفتكِرش ، قلتي لي وقتها !
تعمق في النظر بوله داخل عيناها وأكمل بتذكرتها بما قالته في لقائهما الأول :
اوعاك تلمسني ياعمران سكون ميلمسهاش غير محرم أبدا ، ومن وقتها عمران سلم قلبه بين يدك قبل مايهملك ويمشي .
ضحكت بصوت رقيق وتذكرت ذاك اليوم فهي لم تنساه من الأساس ثم تحدثت بعيناي لامعة بذكريات ستظل محفورة في ذاكرتها :
_ ياه ياعمران عدى ياجي سنتين على مقابلتنا داي وكانهم ساعتين ، عارف وقتها مفرقش وياي دـ.ـمي اللي سايح ولا وقعتي قدام الخلق خالص ، كل اللي كان فارق لي اني شفتك قدامي وحسيت إن فيه كائن اسمه سكون في الدنيا .
تبسم ضاحكاً هو الآخر من قولها ثم ردد :
_ وأني وقتها كنت مذهول من نظرتك ولا همسك باسمي وقعدت أكلم نفسي ورجلي شكل ماتكون اتسمرت في المكان ومعايزاش تتحرك ، وكله كوم ولما فقتي ونطقتي اسمي تاني حسيت ساعتها انك علمتي في قلبي وبعدها مشيت ورجعت ومشيت ورجعت ومقدرتش أفوتك تاني غير وانتِ نصيبي وقسمتي الحلوة .
داعبت الفراشات عيناها فور تذكرهم للقاهم الجميل يوما من الأيام ، ثم همست بكلمتها التي أودت بصبر عمران أمامها وجعلته سحبها داخل أحضانه كي يتنعم بقربها :
_ انت حبيبي اللي هشعقه لحد آخر نفس فيا ومعايزاش حاجة من الدنيا واصل غير ضمتك ليا وحبك الكبير ياعمراني .
سحقها داخل أحضانه المتشبسة بها ثم همس بجانب أذنها
_ طلبتيها ونولتيها واني ماصدقت ياقلب عمرانك وقولي لمعدتك وبردها اركني على جنب دلوك علشان عندي رحلة مع حبيبي.
ضحكت بدلال أثاره كثيراً ثم أخرجها من أحضانه وسحبها من يدها إلى جنتهم التي يودون الجلوس بها طيلة عمرهم دون أن يعكر صفو مزاجهم هموم الحياة ،
ولكن هل ستتركنا الحياة ننعم بلحظات سعادة أبدية ام ستكمل علينا بالمكتوب وهو عند علام الغيوب ؟
فلنرى ماذا سيصل رجل عاشق مع امرأة متيمة بغرامه برحلتنا القصيرة تلك ؟
***********************
في منزل آدم المنسي وبالتحديد في الساعة السادسة مساء تجلس تلك المكة أمام إحدى لوحاتها في حديقة منزلهم وشمس الغروب أمام عينيها وعندما تجلس بين الزهور والورود وهي وردة في أوسطهم وتشاهد غروب الشمس تشعر بسحر لا يوصف يأخذك إلى عالم آخر من الجمال والهدوء، تبدأ السماء بتغيير ألوانها من الزرقة الفاتحة إلى الأحمر اللامع، وتتألق الشمس بأشعتها الذهبية وتغرب ببطء خلف خط الأفق بينما تتلاشى أشعة الشمس وتتلاعب بالسحب في السماء تتغير الألوان بشكل سحري و تظهر درجات مختلفة من الأحمر والبرتقالي والأصفر والبنفسجي، مما يخلق لوحة فنية تبهر العيون وتدفئ القلب ومن ناحية أخرى تظهر الانعكاسات الساحرة لأشعة الشمس على سطح الماء مما يخلق صورة آسرة تجعلك تشعر وكأنك في عالم سحري مليء بالجمال والرومانسية ،
فهي تحبذ الرسم وبالنسبة لها هوايتها المفضلة ،
كانت تنظر إلى اللوحة بعيناي تلمع بالفرحة والإبتسامة من جمالها الآخاذ بعد أن أنهتها ونالت إعجابها بطريقة لاتوصف ،
سمعت أصوات سيارة زوجها وهو يغلق بابها ففورا ألقت الستار على لوحتها كي تحجبها عن عينيه ولا يراها فهي تريد أن تجعلها مفاجأة له ،
اقترب منها آدم وحقا انبهر بجمالها فهي جسدها امتلئ بعض الشئ وأصبحت أكثر جمالاً وجاذبية عن ذي قبل فقد كانت ترتدي كنزة من اللون الأبيض بحمالات رفيعة وشعرها منفرد على ظهرها بطريقة انسيابية رائعة وتضع بعض لمسات التجميل على وجهها مما جعلها أكثر جمالاً وترتدي بنطالنا من اللون البينك ، وصل إليها واقترب منها مقبلا وجنتيها وهو يقف خلف ظهرها محتضنا إياها من الخلف ويداه تضمها لصدرها بحب شديد ،
همس بجانب أذنها بطريقة أذابتها وجعلت جميع جسدها يتأثر باقترابه منها بتلك الحميمية ناهيك عن رائحته المسكرة الحابسة لأنفاسها :
_ هلللو بيبي ، وحشتيني قووي ياموكتي .
اعتدلت بجلستها ثم نظرت بداخل عينيه مرددة وحشته باشتياق مماثل :
_ حمد لله على السلامة حبيبي ، انت كمان وحشتنا قوووي .
اندهش لصيغة الجمع في كلامها فسألها :
_ وحشتنا مين بالظبط ، هو احنا عندنا ضيوف ولا حاجة ؟
تنهدت بأنفاس رقيقة جعلته يشم أنفاسها كأنها أشهى العطور ثم أجابته وهي تشاور بيديها على لوحتها المخبأة التي مكثت فيها أكثر من أربعة أيام ترسمها :
_ قبل ما أجاوبك على سؤالي مش عايز الاول تشوف رسمتي وتقول لي رأيك فيها ؟
رفع حاجبه الأيسر ناطقاً بنبرة متحمسة :
_ أخيراً الأميرة روبانزل هتتنازل وتوريني رسمتها اللي أول مادخل تداريها عن عيوني.
مطت شفتيها للأمام بدلال أثاره كثيراً ثم طلبت منه أن يضع يداه على عينيه وان لا يفتحهما قبل أن تطلب منه فنفذ أمرها على الفور وأغمض عينيه السوداويتين ثم رفعت قطعة القماش من على لوحتها ثم قامت من مكانها ووقفت أمامه وسحبت يداه برفق من على عينيه لتقول بنبرة متمنية أن تعجبه لوحتها وان يفهم مغزاها :
_ ها قول لي رأيك في أول لوحة ليا أرسمها بالعمق دي ؟
التمعت عينيه بوميض من الفخر والسعادة لكون تلك الفراشة الرقيقة صاحبة الأنامل الذهبية رسمت كل ذاك الجمال وهو يهتف بنبرة ذهولية :
_ واو ايه الجمال ده كله ياموكتي ! ده انتِ تقعدي الرسامين المحترفين في بيوتهم على كده بقي .
تطايرت الفراشات من عينيها بسعادة من إعجابه بلوحتها وكلماته الراقية التى عبر بها عن رأيه ثم جذبته من يده وأوقفته أمام اللوحة وهي تسأله :
_ حبيبي منحرمش ، طب قول لي مفهمتش حاجة منها ؟
تعمق النظر في لوحتها كي يستشف منها ماذا تقصد ؟ ولكن لم يسعفه عقله أن يصل إلى ماتريد ثم عبث بوجهه وتحدث وهو يحك أسفل ذقنه :
_ بصراحة مش عارف ، بس فهمت إن دي لوحة لأم شايلة بنتها وضماها لصدرها بسعادة ونظراتها بتقول انها بتحبها قوووي وملبساها زيها بالظبط وده يدل على أنها نفسها تبقى لوحة مكتملة من الجمال لمامتها.
ابتسمت لفهمه ولكنه لم يصل إليه مغزى ماتريده ثم أخذت نفساً عميقاً وسحبت يداه ووضعتها على بطنها ونظرت داخل عيناه وهمست برقة وهي تفـ.ـجر له مفاجأتها :
_ يوبقى انت مفهمتش معنى لوحتى ،
وأكمل هو وهي تراه ينظر إلى موضع يدها ليده باندهاش والآن أتى بباله مقصدها ولكن لم يصدق حدسه ثم تحدث بنبرة استفسارية بلسان يهتف ببطئ :
_ انتِ عايزة توصل لي باللوحة دي إن في بيبي جاي لنا في الطريق ؟
يارب يكون اللي فهمته ده صح ؟
ابتسمت ابتسامتها المشرقة التى تنير الكون بأكمله في عينيه ثم أومأت برأسها للأمام وسعادة الكون بأكمله تداعب أسفل معدتها وهي تكشف الستار عن مفاجأتها التي جعلتها طار من السعادة والبهجة من خبرها ذاك :
_ أنا حامل في بداية الشهر التالت .
نظر إليها نظرة مطولة وعينيها مصوبة أسهم نظراتها العاشقة المغلفة بالذهول على بطنها الذي يحمل جنينه وهو يتأكد من كلامها وكأن عقله في تيهة من الأمر ولم يستوعب مفاجأتها له إلى الآن :
_ انتِ بتتكلمي بجد يامكة ؟ اوعي تكوني بتهزري هزعل بجد .
أكدت له وهي تحرك يداه على بطنها بحنو :
_ وه ! ومن ميتى مكة هتكذب عليك ياآدم ؟
وبعدين المواضيع داي فيها كذب وحوارات ؟
أنا حامل في بداية الشهر التالت فعلاً ،
ثم تركت يداه وجلبت الحقيبة الخاصة بأدوات الرسم وكانت قد وضعت فيها اختبار حملها الذي فعلته لنفسها ثم وجهته أمام عيناه وهي تؤكد له :
_ اها وآدي اختبار الحمل كماني علشان تتوكد من كلامي .
حملق في الاختبار بعيناي تملؤها السعادة ثم على حين غرة جذبها من يدها ورفعها أرضاً وصار يدور بها في المكان برفق والدنيا بوسعها لاتكاد تسعه من السعادة لخبرها الذي نزل على قلبه رطبه في يوم شديد الحرارة ،
ثم أنزلها أرضاً برفق وهو يبارك لها ويقبلها من وجنتها وجانب شفتيها وأخيراً جبهتها :
_ مبروك ياحبيبتي ، متتصوريش أنا سعيد بالخبر ده قد إيه ، كنت مستني من ربنا يبعت لنا رابط صغير جميل يحمل اسمي واسمك ويملى علينا البيت فرحة وسعادة ويكون منك انتِ ياموكتي .
احتضنت وجنتاي ذاك الراقي الذي لم يؤذيها يوماً من الأيام لا بالكلام ولا الأفعال ودوما حريص على أن يجعلها سعيدة وأن لا تحزن أبدا ويفعل كل مابوسعه أن يرضيها وحقا هي تعيش معه زوجة مصون ترضي ربها فيه وتراعيه كما أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم:
_ اول ماعرفت مصدقتش نفسي ومكنتش أعرِف إن إحساس اني هبقى مامي في يوم من الايام حلو قوووي اكده ، مكنتش اعرِف اني هتعلق بيها أو بيه من أول ماعرفت بوجوده في بطني ، وبقيت من وقتها بعد الايام علشان ياجي للدنيا بسلامة .
جذبها من يدها وأجلسها برفق على الأريكة الموجودة في الحديقة ليقول بأمر لايقبل النقاش:
_ من دلوقتي تستريحي وهنجيب ست تقعد وياكي هنا علطول تشوف طلباتك عايزك تستريحي ومتتعبيش نفسك خالص عايز ابني أو بنتي يكونوا مستريحين وأمهم كمان تكون مستريحة .
اندهشت لأمره وسألته :
_ وه عايزني اقعد سبع شهور اكده من غير حركة !
واسترسلت وهي تصطنع الاستنكار:
_ داي حتى ماما دايما تقول لي الحركة بركة .
حرك رأسه رافضاً لم تقول وهتف بتصميم:
_ متحاوليش انتِ بتتعبي في البيت لوحدك ومش بتخلي الست تيجي تنضف غير يومين في الأسبوع وطول الأسبوع مبتستريحيش بس دلوقتي الأمر فرق انتِ بقيتي حامل ولازم تستريحي على قد ما تقدري ولا مفر من اللي بقوله اسمعي الكلام بقي .
تنهدت بسعادة لخوفه عليها ثم احتضنت كفاي يداه بين يديها وهمهمت برقة :
_ كد اكده هتحبني وتخاف علي من نسمة الهوا الطاير ؟
شدد من احتضان يدها وردد بنفس همسها :
_ وانتِ متتحبيش ! ده انتِ دوختيني وجننتيني ونستيني اسمي ونفسي وشغلي وكل حاجة علشان خاطرك ، انتِ أثبتي لي إن كل شئ يهون مقابل راحة البال وان مفيش حاجة تسوى في الدنيا اني اعيش مرتاح وراضي ربي وعلشان كدة لازم اخاف عليكِ لازم أخاف من اي حاجة تمسك أو تأذيكي .
وظل يغدق عليها كلمات المحبين في جو من الهدوء والألفة والمودة والرحمة والسكينة لطالما شملتهم عناية الله الراجين رضاؤه دوما وفي الأخير أهداها خاطرته بعد أن فاجأته بذاك الخبر السعيد ،
ما بها تلك العينان كي أقف أمامها وأتوه كعابر سبيل لأمر الله مستسلمُ !
فداخلهما مدينة وأنا جيشها وسيوف جنودي العظيمة امام بريقتيها تُهزَمُ ،
فأنا معها أصبحت شاعراً تتنافس الكلمات والحروف على قلبي من معجم المشاعر أعظمُ ،
فتلك المدينة وه‍ؤلاء الحروف وهذي الجنود بسيوفها تخر تحت أقدامها بغرامٍ متيمُ .
#خاطرة_آدم_المنسي
#بغرامها_متيم
#الجزء_الثاني
#من_نبض_الوجع_عشت_غرامي
***********************
في مكتب المحاماة التابع لجاسر المهدي وبالتحديد في الساعة الثامنة مساء يجلس في انتظار عمران ومها ولكن أمامه تلك القضية يعمل عليها ،
ولم يفت وقتاً طويلاً حتى أرسل له عمران رسالة أنهم على قرب الوصول ،
بعد عدة دقائق كانت مها تمشي بجانب عمران بملامح وجه مخـ.ـطوف وقلب يدق دقات متتالية تدل على توترها الشديد من المرحلة الجديدة كلياً التي ستدخل عليها في حياتها فلأول مرة تخرج من بيتها للعمل ، تتعرف على أناس جديدة وتتعامل معهم وقتا طويلا ، لأول مرة تجرب احساس المسؤولية وأنها مهتمة بأمر ما غير اشغال المنزل ورعايته من كافة النواحي ،
راي عمران توترها البائن على معالم وجهها فطمئنها مبتسماً كي يشجعها على قرارها بالعمل وأن هذا هو القرار السليم :
_ مالك يابنتي وشك مخطوف اكده ليه ؟ انتِ ولا اللي داخل لجنة امتحان .
ابتلعت ريقها بصعوبة وبررت توترها :
_ لا مش على اكده بس انت عارف اني كان أخري من بيتي لبيت ماما للسوق بس ، وإني أول مرة أخرج للشغل وحاجة لاأفقه فيها شئ وكمان مع ناس معرفهمش.
رمقها بنظرة هادئة كي يستودعها الهدوء هي الأخرى ثم هتف بما يجعلها تهدأ من توترها:
_ إن شاء الله هتتعودي على روتين الشغل بسرعة ومش هتحسي بتعب وشفتي المثل اللي هيقول حب ماتعمل حتى تعمل ما تحب طبقيه كل يوم وأنتِ هتتعوَدي ، وكمان جاسر كويس جداً مش قفل ولا من النوع اللي بيتنك على اللي شغالين وياه ومعاملته زينة ومهتحسيش بأنك شغالة عِنديه .
أخذت نفساً عميقاً تستحضر به هدوئها النفسي وتهدئ به ملامحها المتلونة بألوان الطيف ،
دلفوا إليه واستقبلتهم منة الله بابتسامتها البشوشة لأن السكرتارية قد غادرت المكتب منذ خمسة أيام لزواجها ،
فاضطرت “منة الله” أن تقوم بعملها إلى أن تأتي أخرى مكانها ،
ما إن رأت مها منة الله حتى شعرت بالارتياح الشديد فوجهها مريح للغاية ناهيك عن براءتها في الحديث وابتسامتها البشوشة التى تبعث في النفس السكينة فحقا صدق قول الله “سيماهم على وجوههم ”
صافحتها مها ولكن منة لم تمد يدها نظراً لظروفها فاندهشت قليلاً ولكن فسرت ذلك على انها لاتصافح أحدهم ثم تركتهم ودلفت تخبر جاسر ،
اندهش عمران هو الآخر فأرجعت يدها بعد أن شعرت بالخجل قليلاً ولكن عمران لم يأبه للأمر وأشار ناحية الباب كي تدلف بعد أن فتحت منة لهم الباب وأبلغت جاسر فهي قد حفظت المكتب عن ظهر قلب ،
ما إن دلفوا ورآها جاسر حتى سقط قلبه بين يديه ، أيعقل أن يرى رجلاً امرأة ويقع صريع هواها من أول نظرة ! أيعقل أن يصدق عقلا ان ذاك الجاسر وقف متصنماً أمام هيئتها الخاطـ.ـفة للأنفاس ناهيك عن رائحة الياسمين التى تشع من ملابسها فقط !
فكانت ترتدي كنزة من اللون الأسود تصل إلى منتصف فخذها وبنطالا فضفاضا من الجينز بلون الثلج من يراه يظنه جيبة وحجاباً باللون النيلي ملفوفا بطريقة عصرية وتضع نظارتها الشمسية على رأسها ووجهها خالياً من أي مستحضرات التجميل إلا الكحل الذي زين عسليتها الواسعتين ،
اندهشت هي الأخرى من نظراته المتصنمة عليها ونظرت إلى عمران كأنها تستفسر منه عن هؤلاء البشر الغريبيبن من وجهة نظرها ولكنه اتكأ بأهدابه كي يطمئنها ثم تحمحم وهو يمد يداه إلى جاسر :
_أممم .. كيفك يامتر ؟
أفاق ذاك الجاسر سريعاً من نظرته الهائمة وهدأ من أعصابه الثائرة في تواجدها ثم مد يده مرددا سلامه :
_ الله يسلمك يابن عمي ، زين الحمدلله ،
واسترسل حديثه بنبرة حانية وهو يوجه أنظاره مرة اخري إلى الجالسة أمامه تفرك أصابع يدها بتوتر :
_ نورتي مكتبنا يا أم الزين .
نال استحسانها نداؤه لها بذاك اللقب وشعرت بالارتياح قليلا من أول كلمة منه وُجِّهت لها ثم ردت سلامه بنبرة صوت جادة وخفيضة :
_ منور بأصحابه يامتر ، شكراً لذوقك.
مجرد كلمات بسيطة نطقتها بنبرتها الرقيقة ونظرتها لعينيه بذاك الأدب جعله ود أن يعرض عليها زواجه منها في الحال ولكن أمسك أعصابه وتحدث بنبرة جادة كي لايخيفها منه :
_ إن شاء الله هتوبقى السكرتارية الخاصة بمكتبي أنا ومنة الله هنعلمك كل حاجة ومش عايزك تشوفي الشغلانة صعبة ، له هي أسهل مما تتخيلي كل الموضوع محتاج منك تنظيم دقيق وانك تدوني كل حاجة مهمة .
قاطعه عمران متسائلاً بفضول :
_ بخصوص منة الله داي هي عنديها مشكلة ولا حاجة ! أصل مها بتمد يدها تسلم عليها عملت كأنها مشيفاش ؟
تحمحم جاسر قليلاً وشرح له حالة منة الله باختصار :
_ أممم.. هي مقصداش تعمل اكده ، أصلها حالتها مختلفة شوية ، هي كفيفة لكن إنسانة راقية جداً.
اتسعت مقلتاي مها بشدة مما استمعت إليه فهي قد ظنت بها السوء ،
رأى جاسر ملامحها الحزينة ففسر ذلك على انها تأثرت بعدم سلامها وليس لحالتها واعتذر لها نيابة عنها :
_ معلَش يامدام مها عندي اني دي بس منة حد جميل قووي وهترتاحي في الشغل معها وبإذن الله المكتب بيكم انتوا الاتنين هيوبقى تمام.
حركت رأسها رافضة لفهمه وما توصل إليه ثم صححت مفهومه :
_ له يامتر أني مزعلناش منيها واصل أني اتأثرت بس بحالتها حبيبتي ، ربنا ينور لها بصرها يارب .
ابتسم جاسر لتفهمها أولا وأنها أخيراً تدخلت معهم في الحوار وسمع صوتها الناعم وكان في أذنه كسيمفونية أعذب الألحان ،
وظلا يتحدثان عن أمور العمل ومواعيد المكتب وبعض الأشياء الأساسية التي ستفعلها بكل أدب ،
ثم قامت من مكانها مستئذنة للمغادرة هي وعمران على أن تأتي للمكتب من أول غد في الساعة الثانية مساء ،
وفور خروجها ظل ينظر على أثرها بنظرة حزينة فقد أحب تواجدها وحديثها وكل شئ ثم أخرج هاتفه ينظر إلى صورتها التي حفظها وهو يردد :
_ صورتك اللي كنت بقول فيها أشعار ولا حاجة جنب حقيقتك ونبرة صوتك اللي يتحكى فيهم مواويل .
ثم أغلق الهاتف وأسند رأسه على مكتبه ولكن وجد طيفها جال بخياله ولم يتركه هو الآخر مما جعله ردد مرة أخرى:
_ داي باين الأيام الجاية هتوبقى رواااق عليك يابن المهدي .
*******************
في مكان ما يجلس ذاك الرجل الكهل ذو الستين عاماً على مكتبه كما الملك الذي يجلس على كرسي العرش وبيده سيجاره الفرنسي الباهظ الثمن يردد بنبرة آمرة لذاك الواقف الذي يرتعب أمامه :
_ عملت اللي طلبته منك ياشوقي والمركز جهز ونقلت الحالات في سرية تامة ولا انت كبرت وخرفت .
أجابه ذاك الرجل سريعا وهو يتلعثم خوفا فهو يخشاه بشدة :
_ والله ياباشا عملت كل حاجة زي ما سعاتك أمرتني بالظبط وهتروح تلاقي كل حاجة تمام .
نفث الآخر دخان سيجاره الغزير هاتفا بنبرة تحذيرية :
_ تأمن على الكهربا كويس وتأمن على المحولات لو فصلت في ثانية إلا ثانية تكون شغالة ، لأن لو جهاز واحد وقف أو جري له حاجة مش هيكفيني عمرك كله وانت حر بقي .
كان ذاك الرجل يقف يرتعد أمامه فهو يخشاه بشدة من جبروته المعروف لدى الجميع ومن بطشه الذي لو نال أحدهم لسحـ.ـقه دون أن يرف له جفن :
_ والله ياباشا أنا مشغل اتنين مخصوص لا ومتخصصين كمان في الصيانة جمب المحولات دي وعامل بديل كمان علشان لو واحدة فيهم عطلت متقلقش سعاتك .
أشار له ذاك المتجبر أن يرحل من أمامه دون أن يرف له جفنا فهرول الآخر من أمامه وهو يتنفس الصعداء ،
ثم أمسك الهاتف وهو يعيد تشغيل الفيديو الذي صفع فيه ابنه بنظرات يملؤها الشر والتوعد وأتى برقم أحدهم :
_ أيوه يابني البت اللي بعت لك صورتها دي تجيبها لي فورا في خلال تلت ايام أكتر من كدة هشيعك لعزرائيل .
أنهى مكالمته وأغلق الهاتف فورا ثم استند على كرسيه برأسه وهو ينتشي دخان سيجاره باستمتاع ثم أشغل تلك الغنوة التي يعشقها لكوكب الشرق وكأنه لم يقل أو يفعل شيئاً الآن وهو يردد معها بسلطان :
_
يا فؤادي، يا فؤادي لا تسل أين الهوى
كان صرحاً من خيالٍ فهوى
يا فؤادي، يا فؤادي لا تسل أين الهوى
كان صرحاً من خيالٍ فهوى
إسقني واشرب على أطـلاله
واروِى عني طالما الدمع روى
إسقني واشرب على أطـلاله
واروِى عني طالما الدمع روى
كيف ذاك الحب أمسى خبراً
وحديثا من أحاديث الجـوى
لست أنساك وقـد أغريتنـي
بفمٍ عـذب المنـاداة رقيـق
لست أنساك وقـد أغريتنـي
بفمٍ عـذب المنـاداة رقيـق
لست أنساك وقـد أغريتنـي
بفمٍ عـذب المنـاداة رقيـق
ويـدٍ تمتـد نحـوي
كـيـدٍ من خلال الموج مدّت لغريق
وبريقٍ يظمـأ السـاري لـه
أين في عينيك ذيّاك البـريق
يا حبيباً زرت يومـاً أيكـه
طائر الشـوق أغنـي ألمـي
يا حبيباً زرت يومـاً أيكـه
طائر الشـوق أغنـي ألمـي
يا حبيباً زرت يومـاً أيكـه
طائر الشـوق أغنـي ألمـي
لك إبطـاء المـذل المنعـم
وتجنـي القـادر المحتكـم
وحنيني لك يكوي أضلعـي


google-playkhamsatmostaqltradent