رواية مملكة سفيد الفصل الثالث و الاربعون 43 - بقلم رحمة نبيل
#الثالث_والاربعين
#نزهة
قبل القراءة متنسوش التصويت والتعليق على الفصل.
صلوا على نبي الرحمة.
____________________
تحركت داخل القاعة وهي تخطو بهدوء شديد لا ينتبه لها أحد الحضور وقد استحوذ وجود زمرد في منتصف الساحة جوار إيفان على حواس الجميع، عداه هو الذي كان لا يهتم لأيٍ كان داخل هذا المكان عداها هي، ابتسم بسمة صغيرة يراقبها تتلفت حولها حتى وقعت عيونها عليه، لتتفاجئ أنه يتابعها، وسرعان ما اتسعت بسمتها ترفع يدها له تلوح بها بسعادة كبيرة …
تلويحة وبسمة ذكرته قديمًا حينما كانت تتحرك داخل القاعة ولمحته لتلوح له كما لو كان رفيقًا قديمًا لها، ازدادت بسمة سالار اتساعًا وهو يرفع لها يده هذه المرة يلوح لها بحب، لتلتمع أعين تبارك بقوة من بادرته، وهو الذي لم يهتم لأحدهم يهز رأسه لها صوب أحد المقاعد جوار العريف لتستقر تبارك بالفعل وهي ترمقه وتهمس في نفسها :
” حبيبي عايز يتبخر، زي القمر وهو قاضي ”
نظر العريف جواره صوبها يقول بعدم فهم :
” هل تتحدثين معي ؟!”
نظرت تبارك صوب سالار تقول بجدية :
” أوليس رائعًا ؟؟”
والعريف الذي لم يكن هناك على قلبه احب من مدح سالار والثناء عليه، خاصة بعدما اتضح للجميع مكانته عنده :
” بلى هو أكثر من رائع، هذا ولدي ربيب يدي، أنا من اعتنيت به حتى أصبح رجلًا رائعًا يُعتمد عليه ”
نظرت له تبارك ثواني تقول ببسمة :
” أحسنت ايها العريف، لقد احسنت التربية بالفعل ”
ابتسم العريف بفخر شديد وهو يحدق بسالار الذي استقر على مقعد إيفان يقول بصوت هادئ بعض الشيء :
” اشكر الجميع للحضور و….”
صمت ولم يدرك ما يجب قوله، فهو لا يعلم من الحديث سوى تلك الخطب الحماسية التي يلقيها قبيل التحرك في أي غارة أو حرب، لذا تحدث بملل شديد :
” لندخل في صلب الموضوع، نحن هنا اليوم للحكم في أمر موت الملكة شهرزاد ”
” بل قتلها قائد سالار، الملكة لم تمت بل قُتلت غدرًا ”
كانت تلك الجملة المعترضة صادرة من صفوف المستشارين حيث أحد التابعين المخلصين للملكة شهرزاد، وهذا ما كان يتوقعه إيفان بالفعل، فبعد أعوام قضتها تلك المرأة هنا، لا يعقل ألا تبني شهرزاد العديد من الحلفاء .
تحركت عيون سالار صوب صاحب الصوت ليتشنج وجهه وهو يتحدث بصوت جامد وهو الذي لم يعتد أن يناقشه أحدهم في الجيش أو يقاطع خطبته، والأمر ليس استثناءً هنا :
” أنا لم اسمح لك بالتحدث، لذا احتفظ بكلماتك حتى اطلبها منك ”
اتسعت عين الرجل، بينما إيفان ابتسم بسمة سعيدة وقد أعجبه سالار، يدرك في هذه اللحظة أنه أحسن الاختيار بالفعل .
عاد سالار بعيونه للجميع يقول بهدوء وشبه عناد :
” نحن هنا للبث في أمر مـــــوت الملكة شهرزاد ”
ختم حديثه ينظر حوله بهدوء قبل أن يقول بكل هدوء :
” وفي هذه القضية هناك متهم واحد جاء يسلم نفسه، يعترف بكل صراحة أنه هو من ارتكب تلك الجريمة في حق الملكة، وهذا الشخص هو نفسه أميرة البلاد سمو الأميرة زمرد، وقد تخلى الملك عن مكانته كقاضي ليصبح شاهدًا جوار أخته، وترك لي الحكم بنفسي، وليشهد الله أنني سأحقق العدل ولو على رقاب جميع من بالقاعة هنا ”
ختم حديثه ينظر في أعين الجميع بقوة وكأنه يوصل لهم رسالة أن التشكيك في حكمه أمر غير مقبول البتة، وحين رأى أن رسالته وصلت واضحة تنهد يكمل حديثه :
” والآن وبعدما علم الجميع سبب وجودنا هنا، أطالب الأميرة بالتحدث بكل ما حدث معها يوم مقتل الملكة شهرزاد ”
رفعت زمرد عيونها له ومن ثم نظرت صوب إيفان الذي هز رأسه لها وهي ابتلعت ريقها تقول بصوت منخفض :
” لقد كنت في ذلك اليوم في غرفة اخي نائمة بعدما مرضت وهو أخذني ليعتني بي جواره، ومن ثم حين استيقظت ذهبت لجناحي لأجد أن لا حراس هناك …”
ومن ثم أخذت زمرد تقص على الجميع ما حدث بالتحديد ذلك اليوم مع تجنب بعض التفاصيل التي لن تكون ذات معنى إلا بعدما يقص العريف قصته وكذلك إيفان لذا اكتفت بالقول أن الملكة أساءت لها ولوالدتها وأنها أرادت بها سوءًا كما فعلت بوالدتها .
ليهب رجل آخر من حلفاء الملكة شهرزاد يصرخ معترضًا :
” من تخدعين يا فتاة ؟؟ أي استفزاز وأي عقل قد يصدق ما تتدعينه ؟؟ هل تحاولين الابتلاء على امرأة بين يدي الله ؟!”
نظر له سالار بشر كبير يتحدث بصوت حاد :
” كلمة أخرى وستقضي باقي يومك تدور حول القصر ركضًا ”
اتسعت أعين الرجل وتراجع للخلف بعدم فهم يقول :
” ماذا ؟؟”
” كما سمعت، من يقاطع حديثه أنا من سأشرف على قضاء يومه القادم ”
صمت ثم عاد بعيونه صوب زمرد يقول بجدية :
” هل لديكِ شهود على حديثك ؟؟”
صُدمت زمرد من كلماته وابتلعت ريقها وهي تنظر صوب إيفان، ومن ثم نفت برأسها تقول :
” لا لم يبصر أحد ما حدث، لكن …لكن اخي يشهد على حديثي ”
نظر سالار صوب إيفان وقال :
” قص علينا ما تعلمه بخصوص كل ذلك جلالة الملك؟”
تقدم إيفان خطوات يخفي زمرد عن الأعين خلفه وقد كانت زمرد شاكرة لذلك بالفعل، فهي لا تتحمل الأعين التي تحلق حولها، بينما إيفان بدأ الحديث بهدوء :
” الأمر بدأ منذ كنت رضيعًا حينما اختطفتني الملكة شهرزاد من والدتي الملكة آمنة ..”
ارتفعت الشهقات وعلى الاستنكار ملامح الجميع، لكن إيفان لم يهتم لكل ذلك وهو يكمل قصته بالكامل يفضح اعمال شهرزاد أمام الجميع، ولولا أن المعني بالأمر أخته، لما كان تحدث بكلمة ولكان تجاهل كل ما فعلته حتى يجتمع بها أمام الله ويقتص منها، لكن إن كان ثمن براءة أخته هو افتضاح تلك المرأة فليكن .
ختم حديثه يقول بجدية :
” والعريف يشهد على كل كلمة تحدثت بها للتو وهو آخر من تحدث مع المرأة التي ساعدت امي في الولادة، كان آخر من حدثته قبل أن تموت أو بالأحرى تُقتل على يد الملكة شهرزاد والتي خشيت أن تفتضح سرها، لتمحي بموت المرأة كل دليل قد يدينها أمام الجميع ”
واخيرًا صمت يتنفس بصوت مرتفع بينما أعين الجميع تدور حوله مصدومة من كل ما يحدث، لا أحد يصدق ما فعلته شهرزاد في حياتها، لم يتخيل أحدهم يومًا أن هذه المرأة قد يصدر منها كل هذا.
تنهد سالار يقول بصوت هادئ وهو يطرق الحديد الساخن، لا يعطي لأحدهم فرصة الاستيعاب ليهبط فوق رأسه بالضربة التالية :
” ايها العريف، قل ما عندك ”
تحرك العريف عن مقعده يتنفس بحنق ونزق وكأنه جاء مجبرًا، وفي الحقيقة هو كان كذلك، لكن لا داعي لذكر هذا أمام الجميع .
توقف أمام سالار يقول :
” ما الذي تريدون سماعه مني ؟؟”
” كل ما تعلمه عن الملكة شهرزاد، وهل ما قاله الملك إيفان صحيح، تحدث بالحقيقة التي ستُسأل أمام الله عنها، ولا تحيد بقولك عن الحق ايها العريف”
التوى ثغر العريف يجيب بهدوء :
” هذا ما ينقصني أن أحمل وزر شهادة زور لأجل …”
صمت فجأة يستوعب ما كاد ينطق به ليستغفر الله :
” استغفر الله كدت أخطأ في حق امرأة بين يدي الله”
استنكرت تبارك ما سمعت تقول بتشنج :
” يعني هي لو عايشة عادي تغلط فيها ؟؟”
أشار سالار صوب العريف يقول :
” أخبرني أيها العريف كل ما تعرفه عما قيل ”
نظر له العريف يتنهد بصوت حانق مصطنع :
” حسنًا كما قلت هذه امرأة بين يدي الله ولا استطيع التحدث عنها بسوء، لكن إن كان حديثي ضروري، إذن ليسمع الجميع ما فعلته تلك المشعوذة …”
ومن ثم لم يوفر العريف كلمة لم يتحدث بها عن شهرزاد، أخرج كل ما كان يضمره طوال هذه السنوات وكأنه لم يصدق أن أحدهم منحه إذن التحدث، وبعد ربع ساعة كاملة من الحديث عن كل ما فعلته شهرزاد طوال حياتها تحت صدمات كبيرة على وجوه الجميع .
وحينما انتهى تنهد العريف يقول بصوت جاد هادئ :
” في النهاية هذه امرأة ميتة، بين يدي الله الآن؛ لذا لا اريد أن أطيل في الحديث عنها، لها ما لها وعليها ما عليها ”
ارتفع طرف شفاة تبارك متشنجة مما سمعت لتهمس بسخرية لاذعة :
” بقاله ساعة بيقطع في فروتها وفي الاخير يقولك لها ما لها وعليها ما عليها، يا اخي والله اخلاق العريف ده ”
تنهد العريف وهو ينظر صوب زمرد التي كانت متسعة الأعين وهي تسمع الحكاية من هذا الجانب، الآن شعرت أنها على استعداد لقتل شهرزاد مرة ثانية، وإيفان ورغم معرفته كل ما قيل، لكن سماعه مرة ثانية يدفع بداخله رغبة القتل والانتقام، لكن ممن ومن فعلها رحل ؟!
دار سالار بعيونه بين الجميع ثم قال بكل هدوء وصوت جاد :
” هذه شهادة اثنين من طرف الأميرة، إن كان هناك من يمتلك بها كلمة يرد بها الحديث عن الملكة شهرزاد أو يبرأها فليتحدث الآن”
لكن أحدهم لم يتجرأ على التحدث بكلمة بعد سماعه لما حدث، كيف يتحدثون وشهادة الملك والعريف تكفلت بكل ما قد يقال، لذا تحدث سالار بكل جدية :
” العين بالعين والحرمات قصاص، فيما يخص الجريمة التي حدثت في حق المدعوة شهرزاد، فهي جريمة لا نكران لذلك، لكن تلك الجريمة تقع تحت بند القصاص، تلك المرأة لعنة الله على أمثالها تعاونت مع أعداء الله ونتج عما فعلته مئات الشهداء يوم الهجوم، ولم تكتف بذلك، بل بسببها وبسبب فسادها وقعت امرأة مسلمة منا بين يدي أعداء الله لينتهكوها مرات ومرات”
كانت يتحدث دون أن يحيد بنظراته صوب إيفان الذي يعلم أنه الآن على شفا جرف من الانفجار في المكان من شدة غضبه، لكنه رغم ذلك لم يتوقف يكمل الحديث :
” امرأة مثلها لا تقل فساد عن المنبوذين، بل تتغلب عليهم، كانت عونًا للشيطان جمعها الله به في جهنم، لذا قتل تلك المرأة لم يكن جريمة، وإلا سيصبح قتلنا أعداء الله في الحروب جريمة، فقتلها لا يختلف عن مقاتلتنا الكفار، لذا وعليه يتم تبرأه ساحة الأميرة زمرد من تهمة القتل ”
صمت يبصر ملامح الجميع المشجعة على قراره، وقد اشتعلت الأعين بالغصب ليدرك أنه حتى لو كانت شهرزاد حية لكانت ماتت على أيديهم، بينما البعض الآخر _ حلفائها _ كانوا مصدومين شاحبي الأوجه .
لم يهتم وهو يكمل :
” لكن ولأن سياسة المملكة لا تسمح لأحدهم بأخذ قصاصه دون العودة للملك وأخذ حكم منه بذلك؛ لحقن الدماء ومنع انتشار الفساد بين النفوس، فسوف يتم سحب جميع امتيازت الآنسة زمرد كأميرة لسفيد ولاسبوع، والزامها بمخدعها اجباريّا، ذلك لتتعلم كيف تتحكم في غضبها ولا تترك القيادة لشيطانها، مع دفع مبلغ ثلاثة آلاف قطعة ذهبية لخزينة الدولة الخاصة بالمحتاجين”
اشتعلت أعين زمرد، بينما إيفان ورغم تأييده وموافقته حكم سالار، إلا أنه لم يمتلك إلا أن يشتعل بغضب وهو ينظر لسالار الذي ابتسم بكل برود يكمل :
” القصاص حق، لكن إن تركنا لكل شخص حرية أخذ قصاصه ستعم الفوضى، نحن لا نسلب الحق في أخذ القصاص، لكنه لا يتم إلا بعدما يحكم الملك بالأمر ويعطي إذنًا بذلك وفقًا لقوانين المملكة، الآن وقد انتهينا ألدى أحدكم اعتراض على حديثي ؟!”
نهض أحد أعوان شهرزاد يعترض بقوة وقد تجاهل كل ما قيل يرفض هذا الحكم :
” نعم قائد سالار، أنا أرفض أن يتم مرور الأمر بهذه السهولة من قُتلت كانت ملكة لها الكثير من الأفضال على الجميع هنا، هذه جريمة قتل وأنت تهاونت في الحكم، وما قيل في حقها كان…”
تحرك سالار ينهض عن المقعد يتحرك بهدوء وخطوات قوية للخارج :
” جيد إذن، انتهينا لليوم، من يمتلك اعتراضًا يرفعه للملك، فأنا لست الملك لامتلك من الصبر ما يكفيني لسماع تبجح البعض في الدفاع عن القتلى، انتهت الجلسة يا سادة ”
ختم حديثه يتحرك بكل هيبة وقوة للخارج ولم يتجرأ أحدهم في الاعتراض بكلمة واحدة أو إيقافه بأي همسة، فالجميع يدرك أن مبادئ سالار في القصاص واضحة، ولو أن أحدهم طلب رأيه في تلك القضية بعيدًا عن منصبه كقاضي لكانت إجابته ( القصاص ) قولًا واحدًا ودون تفكير .
ابتسمت تبارك وهي تنهض تقول بفخر :
” بسم الله ماشاء الله عليك قاضي قد الدنيا والله ”
تحركت بسرعة للخارج خلف سالار وهي تريد اللحاق به، وقبل الخروج نظرت لزمرد تهمس لها :
” حمدًا لله على سلامتك عزيزتي، الحمدلله أنها مرت بسلام، لقد سبق واوصيت سالار ألا يقسو عليكِ”
رمقتها زمرد بحنق وسخرية :
” هذا وأنتِ اوصيتيه، اتسائل ما الذي كان سيحدث إن لم تفعلي ؟؟”
ضحكت تبارك بصوت منخفض وهي تتحرك تاركة الجميع يقترب من زمرد للأطمئنان عليها وهي تحركت لتلحق بزوجها العزيز .
وبالفعل زادت من خطواتها في الممرات تبحث عن أثره لتبصره يتحرك صوب الممر الخاص بغرفته، فابتسم تركض صوبه .
دخل سالار غرفته يغلق الباب خلفه بهدوء ثم تحرك ليتجهز للنزهة الخاصة به والملك، وقبل أن يخلع ثيابه سمع صوت فتح الباب تبعه صوت تبارك التي قالت ببسمة :
” كنت رائعًا !”
ابتسم سالار بسمة واسعة وهو يعطيها ظهره، ثم خلع ثيابه يجيبها بهدوء :
” شكرًا لكِ ”
توترت تبارك من مظهره وهي تقول بصوت منخفض متردد :
” إذن سأ…سأخرج واعود لك لاحقًا تكون انتهيت من ارتداء ثيابك، سيكون هذا افضل للحديث بحرية أكبر ”
ختمت حديثها وهي تفتح الباب بسرعة للهرب، لولا يد سالار التي أغلقت الباب بقوة، ثم جذبها للخلف يقول :
” أو….ربما يمكنك الاعتياد على رؤيتي بهذا الشكل، هذا سيوفر علينا وقتّا طويلًا ”
نظرت له تبارك بتوتر اكبر وهي تحاول الابتعاد للخلف :
” هذا وأنت لم تتعامل مع نساء من قبل، ماذا إن فعلت ؟؟”
رمقها سالار ثواني قبل أن ينفجر في الضحك يقول بصوت خافت من بين ضحكاته وهو يتحرك يخرج ثيابه من الخزانة :
” حسنًا، للعلم فقط، عدم تعامل الرجل مع النساء لا يعني جهله في الأمور الذكورية الفطرية كالغزل والوقاحة وغيرها من الأمور التي تستائين منها، الفرق بيني وبين الرجال الذين تعاملوا مع النساء سابقًا، أنهم اختبروا بالفعل تلك الوقاحة ويدركون ردات الفعل عليها وما يجب فعله، لكن أنا اجرب الأمر معكِ للمرة الأولى وأدرك ردة الفعل عليه للمرة الأولى، وللحق أنا يعجبني هذا ”
ختم حديثه يغمز لها ببسمة، ثم تحرك صوب مرحاضه الصغير الذي يقبع داخل الغرفة وهي ظلت في الخارج تحاول أن تستوعب ما قاله سالار، ما الذي يعنيه من تلك الكلمات .
وقبل أن تصل لحل شعرت بيد توضع على رأسها من الخلف يجذبها وسالار يجذب رأسها له، ثم قبلها بحنان شديد يهمس :
” إذن عزيزتي هل لي أن أنال منكِ وعدًا بأن تحسني التصرف في غيابي !!”
رفعت تبارك عيونها له بتعجب وقد نست للحظات أنه عاري الجذع أمامها تهمس بعدم فهم :
” غيابك ؟؟ أنت… أنت رايح فين ؟؟”
” نزهة صغيرة مع اصدقائي ”
” وأنا ؟؟”
ابتسم لها سالار بحنان يمد لها يده وهو يقول ببساطة وصوت هادئ:
” اعطني يدك ”
نظرت له تبارك ثواني وكأنها تفكر في الأمر، قبل أن تضع كفها بين كفه بكل بساطة، وهو ابتسم يجذب كفها صوب قلبه لترتجف يد تبارك تحاول جذبها بعيدًا، لكنه لن يسمح لها يقول ببسمة واسعة والحنان شديد :
” أنتِ هنا طوال الوقت، سواء كنتِ في الجوار أو بعيدة، مسكنك في القلب ثابتًا مُهجتي الغالية ”
نظرت تبارك ليدها التي تعلو قلبه، ثم تحركت صوب عيونه تشعر بالتشتت من كلماته ونظراته، حتى أنها رمشت وهي تردد بتوتر شديد :
” ما الذي يجب قوله في هذه الحالة ؟؟ كيف اجيب على كلماتك ؟!”
اتسعت بسمة سالار حتى تحولت لضحكة صاخبة وهو يميل برأسه نحوها يقبل رأسها بحنان شديد متحدثًا من بين ضحكاته بحب :
” ببسمة، تكفيني بسمتك إجابة لكل سؤال، إن شعرتي يومًا بالعجز عن الإجابة عن شيء، فقط امنحيني بسمة وسأكون أكثر من راضيًا ”
نظرت له تبارك ثواني قبل أن تبتسم له أكثر بسمة صادقة عاشقة في الحياة، وهو لم يتمكن من الرد سوى بميلة صغيرة يطبع قبله لطيفة على جبهتها مرة أخرى هامسًا بالقرب من أذنها :
” لا حرمني الله من البسمة وصاحبة البسمة ”
وهذه المرة لم تستطع الرد ببسمة وهي تمسك كفه تقول بحب :
” ولا حرمني الله منك يا قائد، اعتني بنفسك لأجلي سالار، فمالي من عائلة سواك ”
رمقها سالار ثواني يبتسم بسمة واسعة ثم ابتعد قليلًا يكمل تجهيز حقيبته مرددًا بصوت هادئ:
” صدقيني لا أعز على قلبي من أن أكون عائلتك الوحيدة، الشخص الوحيد الذي تسكنين إليه، والذي يتفرد بحبك واهتمامك عزيزتي، لكن …”
توقف يستدير لها يقول بجدية :
” لن ارتضي لكِ الوحدة واليُتم في بُعدي تبارك، أنا لا ادري بأي وقتٍ أو بأي ارضٍ اموت، حياتي تحفها المخاطر، ولن اموت بسلام وأنا اعلم أنني اتركك وحدك في هذه الحياة، لن اكون سعيدًا وأنا أدرك أنني سأسلب روحك معي واتركك شبه حية، هذا لن يسعدني تبارك، لذا …أنا أحب أن تمتلكي الكثير من الرفقة هنا ”
تحركت صوبه تبارك تقول بصوت حزين ترفض تلك الافتراضات التي يضعها من الآن:
” يا الله يا سالار ما الذي تتحدث بشأنه، لا حرمني الله منك، أنا لم استوعب بعد فكرة أنك أصبحت لي ومعي لتأتي وتتحدث بهذا الشكل ”
ضم سالار وجهها بين كفيه يقول ببسمة :
” لا تقلقي مهجتي الله خير حافظ، حتى وإن مت فلعلي ارحل شهيدًا ”
صمت ثم قال ببسمة وكأنه يمازحها :
” سأطالب بكِ في الجنة تبارك، امرأتي الوحيدة وزوجتي العزيزة ”
نزلت دموع تبارك وهي تتحرك صوبه تضمه بقوة باكية، تقول بصوت منخفض :
،” عسى الله أن يجمعنا بها سالار ..”
قبل سالار رأسها يقول بحنان :
” إن شاء الله غاليتي، والآن ما رأيك أن تساعديني في تجهيز حقيبتي للنزهة ؟؟”
ابتعدت عنه تبارك تدرك أنه يحاول صرف انتباهها عن كل ما قيل، مسحت دموعها تقول ببسمة واسعة :
” نعم، بالطبع ..”
________________
” فقط اصمتي، اصمتي برلنت فلا قِبل لي بقضاء نهاري كاملًا اسمع به مشاكلك مع صانع الأسلحة ”
نظرت برلنت والتي كانت تجلس جوار كهرمان على الأريكة، بينما زمرد تتوسط الفراش بكل كسل، مرت عيونها على زمرد من أعلى لاسفل تقول ببسمة جانبية مستفزة لكهرمان :
” أتساءل عن نوع الوقاحة التي يتمتع بها عاملي هذا القصر، أنظري ها هي مجرد فتاة عادية تتحدث مع عُلية القوم بهذا الشكل، عجبًا لوقاحة القوم ”
نظرت صوبها زمرد بشر لتكمل برلنت باستفزاز :
” لا تنظري لي هكذا حبيبتي فأنتِ ولمدة اسبوع كامل ستحتلين مكانة أدنى من مكانتي كزوجة لصانع الأسلحة في المملكة وأحد قادة الجيش المباشرين، أنتِ الآن لا شيء حقًا، أنتِ حتى لستِ بعاملة، نكرة هو أقرب وصف لكِ الآن”
ابتسمت كهرمان وهي تراقب ما يحدث وقد اشتاقت حقًا لكل تلك المناوشات التي تحدث بين الجميع هنا .
وزمرد فقط رمت برلنت بنظرة قاتلة قبل أن تنتفض عن الفراش بشكل أفزع برلنت التي أطلقت صرخة مرتعبة تركض بعيدًا عن الأريكة صوب الباب تحسبًا لاقتراب زمرد منها، أمسكت المقبض تجهز عملية الهروب إن اقتربت زمرد .
لكن زمرد فقط ابتسمت بسخرية لاذعة وهي تتحرك صوب الطاولة تمسك كوب الماء ترتشف منه بعض القطرات :
” لا تخافي عزيزتي، فالنكرة لم تجف يدها من الدماء لتلوثها بدمائك، ليس الآن على الأقل، حينما ننتهي من عقاب الجريمة الأولى، افكر في الثانية ”
تحركت برلنت صوب المقعد تهتف وهي تتنفس الصعد :
” عسى أن تقضي المتبقى من حياتك في ذلك العقاب إن كان قتلي هو نتيجة انتهائه ”
جلست جوار كهرمان تنظر لها بجدية :
” كهرمان ما الذي تشردين به ؟؟ منذ جئنا وأنتِ لم تتحدثي بكلمة واحدة ”
نظرت زمرد صوب كهرمان لتتحرك في المقعد الذي يقابلهم وهي تقول :
” في اخي بالطبع ومن غيره ؟؟”
استدارت لها كهرمان بعنف، لكن ذلك لم يهز شعرة واحدة من زمرد التي أكملت بكل بساطة وهي تشير لها :
” انظري إليها الفتاة غارقة حتى أذنيها في حب الرجل ”
اتسعت أعين كهرمان تهتف بغضب شديد :
” زمرد …”
” ماذا هل كذبت ؟!”
” فقط توقفي عن هذا الحديث السخيف ودعكِ مني واشغلي عقلك برامي السهام خاصتك ”
ابتسمت لها زمرد بسخرية :
” يا فتاة هذا اخي وهذا مستقبله، ثم دانيار لـ ‘
فجأة توقفت عن الحديث وكأنها للتو أدركت حقيقة ما، نظرت حولها وكأنه سيظهر لها في أحد أركان الغرفة دون مقدمات تقول بعدم فهم واستيعاب متأخر :
” هل لاحظ أحدكم دانيار اليوم ؟؟ لقد …أنا لم ابصره منذ الصباح، أين هو ؟!”
هزت برلنت كتفها بجهل بينما زمرد نهضت تكمل بصدمة كبيرة :
” ياالله للتو أدركت أنني لم أره منذ الصباح، انشغلت في المحاكمة ولم ابصره، ترى أين هو ؟؟ لا يعقل أنه قد يفوت محاكمتي بهذا الشكل ؟؟”
صمتت تنظر للفتيات اللواتي كن يتابعن حالتها بتعجب ثم قالت بريبة :
” أين ذهب دانيار ؟؟؟”
________________________
” تريد بعض التوت ؟؟”
ارتفعت عيون دانيار لتميم بغيظ شديد وغضب وهو يندفع صوب القضبان يضربها بعنف :
” اقسم إن لم ترحل الآن تميم سوف أخرج واعصرك عصر التوت أيها الـ ..”
قاطع تميم حديثه وهو يتناول حبة توت باستمتاع شديد :
” لا لا، انتبه للسانك، ثم كيف ستعصرني وأنت تقضي يومك خلف القضبان ؟! ”
صمت ثم أكمل بضحكة عالية :
” يا الله لا أصدق أن الملك فعلها حقًا وسجنك ”
رمقه دانيار بغيظ شديد يتذكر غضب إيفان منه بسبب أخذه زمرد للسوق وتعريضها للخطر، وبعد مشاداة كلامية وشجار بينهما انتهى به الأمر سجينًا ليومٍ كامل .
” هذا الملك الـ ..”
كظم غيظه وهو يتنفس بصوت مرتفع يحاول الهدوء، لكنه فشل ليضرب القضبان بقوة علها تساعد وايضًا فشلت، في النهاية صرخ بجنون :
” ذلك الملك المتعجرف، حتى أنه منعني حضور محاكمة زمرد ودعمها، هذا المتسلط ”
صمت يحاول التنفس بصوت مرتفع بينما صدره يعلو ويهبط بقوة.
نظر تميم حوله ثواني وكأنه يبحث عن شيء ما، ليتحدث دانيار بغيظ :
” ما الذي تبحث عنه ؟!”
” ابحث عن الملك فهو يأتي كلما ذكرته بالسوء ”
التوى وجه دانيار بغضب شديد وهو يتمتم كلمات غير مفهومة لتميم، ثم تحرك ليجلس على الفراش في أحد أركان السجن يقول بحنق :
” ارحل تميم ما الذي تفعله هنا ؟!”
جلس تميم ارضًا يستند على الجدار المقابل للقضبان وهو يقول بجدية :
” اجلس معك دانيار، لن اتركك وحدك الآن هنا، سأبقى إلى أن تنتهي مدة سجنك ونخرج سويًا”
رفع له دانيار رأسه يبتسم له بسمة امتنان هامسًا بحب اخوي :
” شكرًا لك تميم ليس لي في هذه الحياة سواك أنت ومهيار”
صمت فجأة ليستوعب شيئًا :
” مهلًا اين هو ذلك الحقير مهيار بالمناسبة ؟؟ هل تركني هنا وحدي دون أن يأتي لزيارتي ؟!”
صمت وهو يرى ملامح تميم التي انفرجت ببسمة قبل أن تتحول لضحكات صاخبة وهو يتذكر ما كان مهيار يفعله منذ ساعات قليلة وهو يحلق حول الملك لا يتركه يتنفس حتى يخرج دانيار .
كان مهيار يتحرك بسرعة في الممر وهو يقول :
” مولاي، بالله عليك هذا دانيار، من في هذا العالم يضع عقله بعقل دانيار ؟؟ حسنًا أنا أعتذر لك بالنيابة عنه، لكن فقط أخرجه ”
توقف إيفان يتأفف بصوت مرتفع وهو يهمس يمسح وجهه :
” يا الله على هذين الشقيقين، العناد والإصرار خُلق لهم”
استدار صوب مهيار يقول بجدية :
” اسمع مهيار، منذ متى تراجعت في حكم لي !!”
” لكن مولاي، اخي لم يخطأ لقد كاد يُقتل دفاعًا عن الأميرة، كيف تفعل به هذا ؟!”
رفع إيفان حاجبه يجيب بحنق شديد ونبرة شبه غاضبة :
” وشقيقك كان يعلم جيدًا ما الذي قد يحدث إن خرج بها للأسواق، لذا من البداية هذا خطأه ولا تحاول التبرير له مهيار لأن قراري لا رجعة به، ودانيار لن يخرج من السجن الآن، انس هذا ”
ختم حديثه يتحرك تاركًا مهيار ينظر له بغضب شديد، حسنًا هو يحترم الملك أكثر من أي شخص في هذه الحياة ويقدره، لكن عند دانيار يتناسى مهيار احترامه وأي شيء عدا شقيقه، كان يتابع أثر إيفان بغضب وكره شديد تمكن منه في هذه اللحظة :
” إذن عليك أن تضعني معه في السجن إلى أن تعفو عنه مولاي، يمكنك سجني أنا كذلك ”
توقف إيفان يستدير ببطء صوب مهيار، قبل أن يبتسم له ببرود :
” وهل تراني متجبرًا ظالمًا لاسجنك دون سبب ؟؟ شقيقك أخطأ وعوقب، حينما تخطأ سأضعك معه مهيار ”
ختم حديثه يتحرك مبتعدًا وكاد مهيار يلحق به، لولا يد تميم التي امسكته يقول :
” مهيار ما الذي تفعله ؟؟ دانيار لن يعجبه أن تتصرف بهذا الشكل ”
نظر له مهيار بغضب يقول مشيرًا صوب الاتجاه الذي سلكه الملك :
” لقد سجن اخي ”
” لأنه أخطأ مهيار، دانيار كان يعلم أن الأسواق زاخرة بهؤلاء القذرين واحتمالية مصادفتهم كبيرة، لذا أخطأ حينما اصطحب الأميرة لهم وهي كادت تُقتل على يدهم من قبل ”
جذب مهيار مرفقه من بين يد تميم يقول :
” وهو واجههم وحده وتعرض لجرحٍ عميق لأجل شقيقته، ألا يشفع هذا له؟؟ ”
زفر تميم يمسح وجهه بملل:
” حسنًا الأمر سيستغرق ساعات ويخرج مهيار لذا لا تصعب الأمر على نفسك بهذا الشكل، هو يجلس على الفراش في السجن بكل راحة ولا يهتم لكل ذلك”
أشار مهيار لنفسه يقول بعناد :
” أنا اهتم لكل ذلك، ولن اصمت حتى يخرجه الملك من ذلك المكان، ليس اخي وبعد كل ما فعله لأجل المملكة يوضع في مكان كان يسكنه مجرمين، وحده …”
أفاق تميم من أفكاره على صوت دانيار الذي قال :
” ما المضحك في سؤالي تميم ؟؟ أين مهيار ؟!”
نظر له تميم يقول ببسمة :
” لنقل أن مهيار في مهمة فدائية الآن لتحريرك …”
____________________
” مهيار اقسم بالذي خلقني إن لم تتوقف عن التحليق حولي لسوف أخرجن شقيقك واسجنك أنت ”
توقف مهيار أمام إيفان يقول بجدية :
” نعم افعلها، أخرج دانيار الآن رجاءً، يمكنك سجني لا بأس أنا متفرغ اليوم ”
زفر إيفان بضيق وهو يتحرك من أمامه يلوح بيديه في الهواء صارخًا بغيظ :
” ليرحمني الله من جميع ساكني هذا القصر…”
فجأة توقفت أقدامه وهو يبصرها تتقدم صوبه ليبتسم دون وعي يكمل جملته بضحكة جانبية :
” عداها …”
نظر إيفان للخلف صوب مهيار يقول :
” مهيار اذهب الآن وتجهز لأجل النزهة، سوف نخرج دانيار ليذهب معنا ”
رفع له مهيار حاجبه بشك ليرمقه إيفان ببرود وجدية جعلته يتنهد وهو يتحرك بعيدًا وقد قرر أن يصدقه الآن، بينما إيفان أبصرها تتقدم منه لتقول :
” مرحبًا مولاي .”
” مرحبًا سمو الأميرة ”
ابتسمت بسمة لم تظهر سوى في عيونها التي تظهر من خلف اللثام :
” جئت أخبرك أنني سأرحل، واشكرك على استضافتي هذه الفترة هنا في قصرك ”
رفع إيفان حاجبه يبتسم لها بسمة متعجبة وكأنها تحدثت للتو بأمر غريب :
” معذرة ؟!”
” ماذا ؟!”
ضم إيفان كفيه خلف ظهره يقول بجدية :
” ومن سيسمح لكِ بالرحيل سمو الأميرة ؟؟”
” عفوًا ؟؟”
” عفوًا أنتِ، فما لم يأت بالسلام، يُسلب بالحرب ”
ارتفع حاجب كهرمان تقول بنبرة شبه حادة :
” أتحسبني أحد غنائم حربك مولاي ؟؟”
هز إيفان رأسه بهدوء ولباقة لا تليق لا بالموقف أو الكلمات التي ينطقها :
” أثمن غنائمي سمو الأميرة ”
نظرت له كهرمان برفض للخضوع وهي تتحرك بعيدًا تأبى اكمال هذا الحوار الذي كان بلا هدف من وجهة نظرها :
” عفوًا منك، سوف اذهب لاتجهز للرحيل، شكرًا لاستقبالي هذه الفترة في قصرك مولاي ، ونصيحة جد لك غنائم أخرى فأنا لست بواحدة ”
وقبل أن ترحل أوقفها إيفان يقول بجدية وهو يستدير صوبها :
“حسنًا إليكِ ما سيحدث مولاتي، أنتِ لن تخرجي من هذا القصر الآن، ليس في الوقت الحالي على الأقل ”
” عفوًا منك وما الذي سيمنعني لفعل ذلك !!”
” لا شيء، أنا فقط أعطيت أوامر بعدم خروج أحد هذه الفترة فالحرب على الابواب ”
” وأنا لي وطن احتمي به، اشكرك على عرضك ”
ولم تكد تخطو بعيدًا عنه حتى ارتفع صوته يقول مجددًا :
” أنتِ لن تخرجي من هنا بهذه السهولة، المرة السابقة رحلتي وتعهدت حينها أنكِ لن تفعليها مجددًا، ليس بهذه السهولة كما أخبرتك، ربما ننتظر حتى يأتيني شقيقك بجيوشه ليحاصر البلاد، وحينها لن اعطيكِ له كذلك ”
كان يستخدم نفس اسلوب أرسلان، وهي استدارت له بصدمة كبيرة لا تصدق ما قاله، توقفت في سيرها تستدير له ببسمة غير مصدقة وهو لم يحيد عن موقفه أو يهتز وهي تقول بصوت شبه حاد :
” عفوًا منك ؟! ومن أخبرك أنك قادر على ردعي عن الذهاب ؟؟ أنا لست سجينة هنا مولاي، ثم لست أنا من تؤخذ بهذه الطريقة، أنا لست سبية أو غنيمة حرب، بل أنا جائزة تنالها بعدما تلفظ انفاسك في سبيلها، والآن شاهدني وأنا ارحل من قصرك وليتجرأ رجل من رجالك على الاقتراب مني ومنعي ”
ختمت حديثها بتحدي وعيون ملتمعة بالأصرار، وهو فقط ابتسم لها يراقبها تتحرك دون أن يوقفها بكلمة واحدة، وقد رأى أمامه نسخة أنثوية من أرسلان، وهذا للحق أعجبه، هو لم يكن ليأخذها بهذا الشكل على أية حال، لكنه يحب وبشدة رؤية تلك اللمعة الخطرة في عيونها تذكره بأيام كانت تبارزه ..
” لا بأس فلن يتجرأ أحد رجالي على الاقتراب منكِ على أية حال سمو الأميرة ”
رفع صوته يقول بنبرة وصلت لها مستفزة :
” ثم أنا سأحب مشاهدتك ترحلين عن قصري ومن ثم تعودين له بموكب الزفاف سمو الاميرة، في رعاية الله وحفظه ”
ختم حديثه يتحرك ببسمة ساخرة يتركها واقفة مصدومة في منتصف الممر، وحينما استدارت كان هو قد رحل لتشعر بجسدها يشتعل من الغضب :
” يا ويلي من هذا الرجل، كان أرسلان محقًا في كل ما وصفه به يصفه، ليرحمنا الله منه ….”
__________________________
بعد ساعتين من المحاكمة ..
فُتحت ابواب القصر ليخرج منها العديد من الخيول تحمل فوق ظهورها الملك وقادة المملكة والطبيب الملكي، مشهد لم يره سكان القصر منذ سنوات طويلة، فقد اعتاد الملك ورفاقه الخروج في رحلات ونزهات طويلة لأيام ومن ثم العودة، لكن كل ذلك توقف منذ عاد خطر المنبوذين يحلق حولهم .
والآن في مظهر مهيب وبمجرد أن خطى الجميع خارج عتبات القصر بدأت المنافسة المعروفة، لينطلق تميم بسرعة مهولة بحصانه وهو يطلق ضحكات صاخبة، يلحق به إيفان بسرعة كبيرة .
وسالار ابتسم بسمة واسعة ينغز حصانه برفق يطلق صيحة مرتفعة لتتسابق جميع الأحصنة بشراسة في المقدمة، بينما حصان مهيار كان يتحرك ببطء شديد وهدوء تام ومهيار فوق ظهره يتنفس بصوت مرتفع يغمض عيونه متأملًا الأشجار حوله إذ سلك الجميع الطريق الخلفي للقصر والذي يؤدي للغابات الشرقية:
” يا الله ما اجمل الطبيعة والهواء النقي. .”
فجأة شعر بعاصفة غبار تمليء رئتيه ليفتح عيونه بصدمة ينظر حوله يرى الجميع يركض بحصانه وقد نتج عن ذلك عواصف غبار أحاطت به :
” يا الله متى الخلاص من كل هذا، متفرغون لللعب والمزاح وحين أخبرهم أنني أود الزواج تعلو أصواتهم أن الحرب على الابواب ..”
التوى ثغره بحنق شديد وهو يشرد بعيدًا عنهم في المرأة الوحيدة التي جعلت يغادر منطقته الهادئة الدافئة لأجلها ..
” مرحبًا ليلا .”
رفعت ليلا عيونها بسرعة صوب باب المحل لتتسع بسمتها بقوة تقول وهي ترفع كفها دون شعور تلوح له :
” مرحبًا مهيار ”
اقترب منها مهيار وهو يردد في نفسه بصوت خافت :
” عسى ألا ينطقه من بعدك أحدٌ..”
فرك ذقنه بهدوء يقول :
” أين هو العم، لم أره منذ فترة ليست بالقصيرة ؟! ألا يأتي للمحل ؟!”
” ابي ذهب لإحضار بعض النباتات من سبز وسيعود نهاية هذا الأسبوع، إن كنت تريد منه شيئًا يمكنني مساعدتك”
ابتسم لها يميل على الطاولة التي تفصل بينهما لتتوتر هي وتتراجع بعض الشيء مبتسمة بسمة مهتزة ومازال قربه يؤثر بها أكثر مما يتخيل هو :
” فقط اشتقت له واردت إلقاء التحية عليه”
كانت كلمات عادية، لكن الطريقة التي نطقها بها ونظراته تلك لها لم تكن أبدًا بالعادية لتصدقها وهي وتحسن النية به، لكنها رغم ذلك قالت بكل بساطة :
” لا بأس هو سيعود نهاية الأسبوع كما أخبرتك؛ لذا يمكنك المجئ والقاء التحية”
ابتسم لها يدرك أنها تفهم مقصده لذا قال :
” جيد إذن سأتيه مرة ثانية نهاية الأسبوع وحتى يعود أريد الحصول على بعض النباتات اذا سمحتي لي آنستي ”
نظرت له ببسمة :
” نعم لا بأس، أي نباتات تريد !!”
أعطاها مهيار ورقة بها اسماء لبعض النباتات .
لتقول هي بتسائل وهي تتحرك لتحضر له ما يريد :
” هذه فقط ما تحتاج ؟!”
اجاب هو بكلمات بسيطة وبكل تلقائية عليها :
” في الحقيقة لا احتاج هذه النباتات بقدر ما كنت احتاج رؤيتك ”
توقفت ليلا في سيرها ولم تجرأ على الاستدارة له كي لا يبصر خجلها الواضح في ملامحها، هي فقط ابتلعت ريقها بهدوء ثم اخفضت رأسها تهرول للداخل تحت أنظاره المستمتعه وهو فقط ابتسم يتحرك داخل المحل، ثم بدأ يلتقط بعض الازهار، وحين عادت ليلا تحمل له الاعشاب المطلوبة له :
” ها نحن ذا، هذه جميع الاعشاب التي طلبتها سيدي الطبيب ”
ابتسم مهيار يقترب من الطاولة يضع عليها الزهور التي انتقاها وقد كانت من عادته أنه في بعض الأحيان يأتي لينتقي بعض الزهور لمشفاه .
” حسنًا وضعي هذه معهم رجاءً”
هزت رأسها تمسك الزهور تضمهم في عقدة واحدة تحت نظراته الشغوفة بكل ما تفعل، حتى أبصرها تضع كل النباتات والزهور في الحقيبة :
” إذن كم الحساب ؟!”
رفعت عيونها له بتعجب :
” الحساب ؟! هذا يكون بنهاية الشهر يدفعه الملك صحيح !!”
هز رأسه لها يقول بهدوء :
” قصدت الزهور فهذه استخدام شخصي وليس للمشفى ”
نظرت صوب الزهور ثواني قبل أن تبتسم له بلطف :
” لا بأس إذن، اعتبرها هدية المحل فأنت عميل مميز كما تعلم ”
” لا صدقيني أنا أصر ”
تنهدت تقول بجدية :
” سيدي الطبيب …”
قاطعها دون أن يعطيها فرصة التحدث بكلمة :
‘ أنتِ لن تفوزي بهذا فلا تبدأي ليلا ”
زفرت بغيظ تخبره السعر وهو أخرجه لها يضعه على الطاولة أمامها، ثم حمل النباتات بالكامل ومن ثم حمل باقة الزهور بيده الأخرى يمدها لها مبتسمًا :
” تفضلي ..”
نظرت ليلا للباقة بتعجب :
‘ ماذا ؟!”
” هذه لكِ ليلا، حسنًا هي ليست بجمالك، لكن لا بأس يمكنك الاحتفاظ بها تواضعًا منك ”
اتسعت أعين ليلا بصدمة كبيرة وهي تلتقط منه الزهور، وحسنًا هي اعمل بهذا المجال وتشاهد من الزهور أفضلها ومنذ نعومة أظافرها، لكن هذه الزهور في هذه اللحظة كانت اجمل زهور ابصرتها في حياتها .
وكانت بسمتها في هذه اللحظة اجمل مكافأة قد يحملها معه مهيار في رحلته المملة هذه .
أفاق من ذكريات القريبة يعود بعيونه صوب الجميع وقد ابتعدوا عنه بالكثير ليشعر أنه سيضل عن الجمع، لذا زاد من سرعة حصانه ليلحق بهم، وعند نقطة ما أبصر اقتراب حصانين منهم يحملان فوق ظهورهم أرسلان والمعتصم الذي أضحى يرافق أرسلان في كل خطواته في الآونة الأخيرة .
توقف أرسلان أمام الجميع يردد ببسمة :
” مرحبًا بكم، هل تأخرت عليكم ؟!”
ابتسم له إيفان يردد بجدية وهو ينظر لمن حوله :
” في وقتك تمامًا، هكذا تبقى اثنين فقط و….”
فجأة توقف عن الحديث يبصر اقتراب حصانين ليبتسم هو بسمة واسعة مكملًا :
” ها نحن قد اكتملنا يا رجال ”
تحركت جميع الانظار صوب القادمين ليبصروا الملك ازار وبرفقته الملك بارق يقتربان منهما، وحين توقف الجميع تحركت أنظار سالار عليهم يقول ببسمة واسعة :
” مر وقت طويل منذ اجتمعنا في نزهة، الأمر سيكون ممتعًا كثيرًا ”
ابتسم له ازار يحرك رأسه له بترحيب وبسمة حنونة، ليعلن أرسلان في هذه اللحظة وهو يقول بصوت مرتفع :
” إذن هل نتحرك ؟؟”
نظر له الجميع ومن ثم تحركوا في ثواني صوب وجهتهم للتخييم، وخلف ظهورهم يحمل البعض الاشياء اللازمة لتلك النزهة، كلٌ أتى بما يحب لقضاء وقتٍ ممتع بعيدًا عن ضوضاء القصور والجنود والمشاكل في الممالك، واخيرًا وقت مستقطع وسط أيامهم، وقت لأنفسهم …..
_____________________
” بالله عليكِ زمرد توقفي عن سحبي خلفك، ثم تبارك أنتِ ما الذي حدث لكِ؟! هل توافقين هذه المجنونة على كل شيء ؟؟”
نظرت تبارك لكهرمان بتعجب :
” كل هذا لأجل قتال ؟! هي تريد التدرب ”
” بل تريد المشاكل تبارك، زمرد تسعى للمصائب حبيبتي، الآنسة مُنعت من الخروج ورغم ذلك تهرب من الغرفة ”
زفرت زمرد بصوت مرتفع وهي تتوقف مع الفتيات في ساحة التدريب تشير حولها للمكان الهادئ :
” بالله عليكِ انظري حولك لهذا الهدوء ؟! ألا يستفزك لتملئيه بأصوات السيوف ؟؟”
رفعت لها كهرمان حاجبها بحنق وهي تدور بعيونها في ذلك الجزء المهجور من القصر :
” بالطبع سيكون هادئًا عزيزتي فأي انسان طبيعي قد يفكر بالمجئ لهذا الجانب، من أين عرفتيه ؟؟”
ابتسمت زمرد وهي تتذكر أن جميع لقائاتها بدانيار كانت في هذه الساحة :
” عرفته بالصدفة البحتة ”
” نعم تلك الصدفة التي تسير حاملة سهام خلف ظهرها ”
كانت تلك برلنت التي ختمت حديثها تغمز لهن، بينما ابتسمت كهرمان بخبث تنظر لزمرد التي التوى ثغرها بحنق .
” برلنت بالله عليكِ تجنبي اغضابي كي لا يتحول قتالي من تبارك لكِ ”
” وماذا قلت أنا الآن ؟!”
فتحت زمرد فمها تقول بغيظ شديد :
” أنتِ حقًا لا ….”
اوقفتها كهرمان بسرعة وهي تشير لها بيدها أن تصمت، لكن زمرد عاندتها برأس يابسة :
” لا تصمتيني، ألا تسمعين ما تقول تلك الـ ”
زجرتها كهرمان وهي ترهف السمع لما يحيطهم :
” اششش اصمتي زمرد، انا اسمع صوت خطوات تقترب، هناك أحد الحراس يأتي من هذه الجهة ”
ختمت حديثها تشير لمكان ما وهي تتحدث، لتتحرك جميع الأعين صوب تلك الجهة، حتى أن زمرد تحركت بهدوء ودون اهتمام لترى من يأتي :
” وما الذي سيحدث إن شاهدونا ؟! نحن لا نرتكب جريمة هنا ”
تحدثت برلنت باستفزاز تعشقه :
” نعم بالفعل لا ينقصنا جريمة أخرى ”
نظرت لها زمرد بحنق شديد :
” أنتِ يا امرأة لن تتوقفي حتى اجعل زوجك يبكيكِ صحيح ؟؟”
التوى ثغر برلنت وقبل التحدث بكلمة اقتربت تبارك خطوات وهي تضيق عيونها صوب الجهة التي يأتي منها الصوت :
” لا اعتقد أن هذا وقت مناسب للجدال، ولا أعتقد أن هذا الصوت القادم يعود للجنود كذلك ….”
تقدمت كهرمان بسرعة الجميع وهي تحاول رؤية ما يحدث، وفجأة اتسعت عيونها تهتف بصوت منخفض وهمسات شبه مسموعة وهي تجذب الفتيات خلف الجدار :
” يبدو أن أمنيتك في ملئ الساحة بأصوات السيوف ستتحقق زمرد، لكنها لن تكون سيوفنا كما أرى”
رفعت زمرد حاجبها وهي تتعجب همسها :
” لماذا تهمسين بهذا الشكل، ابتعدي لأرى من هؤلاء ؟!”
اتسعت أعين كهرمان بصدمة من لا مبالاة زمرد تحاول جذبها، لكن زمرد أبعدت يدها تتحرك صوب الخارج وهي تبحث بعيونها عن هؤلاء المتسللين الذين تتحدث عنهم كهرمان، وحينما ابصرتهن ضيقت عيونها إذ كانت المسافة بعيدة بعض الشيء بينهم، قالت تشير لأنفها :
” أنا أعرف هؤلاء القوم، هذه الرائحة القذرة مألوفة لي ”
ثواني فقط حتى صرخت بصوت شبه مرتفع وهي تقول بإدراك :
“مهلًا …هؤلاء الأوساخ قومي ؟؟”
ركضت كهرمان بسرعة تجذب زمرد بعيدًا عن مرمى البصر وهي تكتم فاهها تقول بصوت منخفض :
” يا ويلي زمرد هل أنتِ بلهاء ؟!”
حاولت زمرد الإفلات منها والتحدث، لكن كهرمان شددت قبضتها بينما تحركت تبارك لتراقب الوضع، أخرجت رأسها من خلف الجدار ببطء شديد تنظر صوب الرجال وهي تهمس بعدما وجدت أحدهم يتحرك صوبها :
” يبدو أن أحدهم انتبه لنا للتو ”
كانت تتحدث وهي تتراجع مما جعل برلنت تقول بسرعة وهي تفكر في الركض :
” إذن كل ما عليكن فعله هو حمل تلك السيوف والذهاب لقتالهم ”
نظرت لها زمرد بحنق بعدما أبعدت يد كهرمان عنها :
” وماذا عنكِ، هل ستتركينا ؟؟”
ابتسمت لهن برلنت تقول وهي ما تزال تتراجع للخلف:
” لا بالطبع، أنا سأمارس دوري كأي امرأة طبيعية في هذه الحياة ”
نظر لها الجميع بفضول، لتردد برلنت بخوف، وهي تركض بسرعة كبيرة بعيدًا عن الجميع :
” سأصرخ طلبًا للنجدة …”
ومن بعد هذه الكلمات لم تبصر واحدة منهن سوى بقايا أثر برلنت قبل الهروب، ونظرت القوم الذين حلقوا حولهم .
وصدى صوت برلنت يتردد في الفضاء حولهم من بعيد وهي تصرخ طلبًا للمساعدة، تراجعت الثلاث فتيات للخلف وهن يحدقن في الأعين التي تكاد تحرقهن..
همست كهرمان بصوت منخفض :
” أي اقتراحات !!”
اجابتها تبارك وهي تبتلع ريقها بتفكير تنظر صوب سيفها الذي وضعته جانبًا لأجل قتال زمرد، وقد كان هو نفسه سيف سالار لذا لم تفكر سوى في النجاة به :
” نركض كبرلنت ؟؟”
ابتسمت زمرد بسمة مرعبة وهي تتحرك بخطوات بطيئة للخلف تتحدث بصوت مرتفع دون أن تضطر للهمس مثلهن :
” بل نقاتل كالرجال …”
وبعد هذه الكلمة لم يبصر أحد زمرد سوى وهي تركض بسرعة كبيرة تلتقط سيفها وسيوف أخرى تلقي بها للفتيات :
” ما رأيكن مبارزة فعلية مع بعض الخنازير ؟!”
أمسكت كهرمان السيف بقبضة من حديد وهي تتخذ وضع الهجوم تتراجع خطوات للخلف كي تشملهم جميعًا بعيونها، بينما تبارك نظرت للسيف في يدها وهي تقول بصوت متذمر :
” مهلًا هذا ليس سيفي ..”
ومن ثم لم يمهلها أحد الرجال الوقت لتتحدث بكلمة ثانية إذ هبط عليها بسيفه بسرعة كبيرة ومن الخلف، لكن تبارك وفي اللحظة المناسبة استدارت بسرعة أكبر من سرعته تصد ضربته وهي تنظر السيف بصدمة لقد كاد يقسمها نصفين .
ابتسم زمرد وهي تحرك السيف بين أصابعها بمهارة :
” لا اعتقد أن القوم هنا سيمانعون تقطيعك بسيف غير سيفك .”
رفعت تبارك عيونها لهم تهمس :
” نعم رأيت هذا ……”
ومن بعد هذه الكلمة لم يسمع أحدهم سوى اصوات السيوف التي علت في المكان بأكمله لتصم الآذان….
____________________
” إذن هذا هو المكان الذي اخترته ؟!”
نظر الجميع صوب أرسلان الذي ابتسم بفخر :
” ما رأيكم ؟؟ لا اعتقد أن هناك مكان مناسب أكثر من هذا المكان ..”
هز سالار رأسه وهو يحرك عيونه في المكان الفارغ حولهم والذي كان عبارة عن واحة صغيرة تختفي بين الأشجار جوار إحدى البحيرات في الصحراء الفاصلة بين مشكى وسفيد..
وخلف أحد الجبال الذي يغطي الواحة من الأساس .
نظر الجميع لبعضهم البعض نظرات غامضة قبل أن يبتسم ازار وهو يردد :
” إذن هل نخرج ادوات النزهة للاستقرار ؟؟”
أجابه إيفان وهو يهز رأسه:
‘ نعم تجهزوا، حان وقت الصيد …”
وفي الداخل ..
في تلك الواحة التي كانت المكان الاخير لهم، كان يجلس داخل منزله الصغير يجلس وحوله بعض الرجال يكمل حديثه :
” اليوم من المفترض أن تكتمل الخطة وننتهي من كل ذلك ”
ابتسم الرجال حول بافل الذي استند بظهره للخلف وقد كان المكان حوله ضيقًا يتسع لاجسادهم بصعوبة شديدة، لكن كان هذا آخر ما تبقى لهم بعدما هُدمت جميع مخابئهم، وبالطبع الفضل يعود لذلك القذر الذي عاد من موته فقط لينغص عليه حياته .
” هل تثق بتلك المرأة بافل ؟؟ ”
تحركت أعين بافل صوب الرجل لينفخ باستهزاء :
” بالطبع لا أفعل، لكنها تسهل عليّ مهمتي، لذا لا ريب أن استخدمها حتى نتنهي ومن ثم نتخلص منها ”
ابتسم أحدهم بخبث هامسًا :
” تمامًا كما فعلت مع موري ؟!”
نظر له بافل ثواني وقد اشتد فكه بعض الشيء وصمت، فمقتل موري كان الشيء الذي لم يتفق عليه معهم، كان صادقًا حين أخبرها أنه سيخرجها فيما بعد وحينما ينتهوا، لكن أعوانه هناك كان لهم رأي آخر، ليس الأمر أنه احب موري أو شيء من هذا القبيل، لكنها كانت المرأة الوحيدة التي تبقت له هنا، وقد انتوى الزواج بها بعد كل شيء ..
أفاق من أفكاره على صوت أحد الرجال يقول :
” إذن ما الخطوة الثانية ؟؟ هل ننتظر إشارة الرجال لنتدخل ؟!”
نظر له بافل ثواني وهو يفكر في القادم، ما الذي سيفعله في القادم ؟؟ هو وضع خطة لا يدرك نهايتها، لكنه وللمرة الأولى قرر المجازفة، فقط لينتقم، لا يهمه النتيجة، هو فقط يهمه الانتقام وهذا ما سيحصل عليها بمساعدة أعوانه …
____________________
في قصر سفيد وفي إحدى الغرف النائية في مساكن الجنود ..
كان يجتمع بالرجال وهو يتلو عليهم التعليمات القادمة، نفسه الرجل الذي قتل الجنود على الحدود، كان يجلس وحوله مجموعة من الرجال الذين راودتهم النفس الإمارة بالسوء عن الحق وحادت بهم عن الطريق المستقيم، بالإضافة للباقيين من جنود الحدود الذين استسلموا لهم .
” نحن الآن سنتحرك صوب الجزء الخلفي من القصر مع بعض الثياب الخاصة بالجنود سنعطيها إياهم ومن ثم ندخلهم للمساكن هنا حتى ننفذ الـ ..”
وقبل أن يكمل كلمته فُتح باب الغرفة بسرعة كبيرة جعلت الجميع ينتفض وهو يحاول التظاهر بأنه تجمع عادي لكن كل ذلك تلاشى وهم يبصرون جسد أحد القادة الذين يتبعون سالار في الجيش يمسك بين يديه امرأة وهو يجرها للداخل وقد كمم فاهها متحدثًا:
” انظروا من كاد يشي بنا يا رجال ..”
تحركت جميع الأعين صوب تلك المرأة التي يمسك بها القائد الخاص بهم وقد على صوت أحد الرجال من بينهم :
” اشعر أنني رأيتها لهذه المرأة سابقّا ”
ابتسم القائد يجر المرأة للداخل مغلقًا الباب شاكرًا لعدم وجود أي جنود مستيقظين في السكن في هذه اللحظة .
” زوجة القائد تميم، المسكينة جائتني تبكي وجود بعض المنبوذين الوقحين في الجوار وأنهم يقاتلون باقي زوجات القادة ”
نظرت له برلنت بغضب شديد وهي تحاول الحديث، لم تكن تدري أن البلاد بها قذرين كذلك، وهذا الرجل هي كانت تراه كثيرًا، كان يسير مع سالار طوال الوقت تقريبًا .
فقد كان هو نفسه الشاب الذي كان يتدرب مع سالار تحت مرأى ومسمع من الجنود، أحد القادة ذوي الرتب الأقل من سالار، لكنه أبدًا لم يكن بالشخص الهين ..
” قيدوا تلك المرأة هنا وتحركوا صوب الجزء الخلفي واحضروا لي باقية النساء، لا أريد أن يفسد أحدهم خطتي، اريد أن يكون القصر بين قبضتي بحلول مساء هذا اليوم ……”
_____________________________
تحرك الجميع بخطوات غير مسموعة داخل تلك الواحة، سالار يتقدمهم والجميع يسير خلفه بتنظيم، الأسلحة متخفية داخل الثياب .
توقف سالار ثواني يدرس الوضع حوله ثم أشار لهم يقسمهم :
” تميم والمعتصم ودانيار من جهة الغرب، أرسلان والملك ازار والملك بارق جهة الشرق و …”
قاطع أرسلان كل ذلك الحديث وهو يهمس له بصوت معترض على كل تلك الكلمات :
” مهلًا مهلًا، لِمَ تصف الجميع بالملك وأنا ناديتني باسمي مجردًا ؟؟ ومن ثم تأمرني ؟؟ أنت تتخطى جميع حدودك ”
رمقه سالار ببسمة مستفزة :
” هذا لأنني احترم الملك بارق وكذلك خالي لعمرهم الذي يفوقني ومكانتهم العالية، لذا اناديهم بالملك، أما أنت فبالله عليك أخبرني ما الذي يضطرني لاحترامك أرسلان !!”
رفع أرسلان قبضته وهو يجر سالار من تلابيبه :
” يمكنني أن أعطيك سببًا لتفعل سالار ”
تدخل إيفان في المنتصف وهو يهمس بغضب شديد :
‘ اقسم إن لم تتوقفا عن هذه الأفعال لأكون أنا من سيعطي الجميع اسباب للبكاء حزنًا عليكما ”
نظر الاثنان باعتراض لإيفان، قبل أن يترك أرسلان تلابيب سالار هامسًا وهو يشير له :
” لم ننتهي بعد ..”
أشار له سالار وهو يحرك شفاهه دون الحديث :
“أنتظرك..”
دفعهم إيفان أمامه بحنق شديد وغضب :
” تحركوا قبل أن أفقد ما تبقى من صبري عليكم جميعًا..”
أشار له سالار وهو يكمل كلماته بغضب :
” أنت ستكون معي جهة الجنوب، لننتهي من هذا الان وسنلتقي في حجرة بافل ..”
تحرك مع إيفان وتفرق الجميع كلٌ صوب الجهة التي أخبرهم عنها سالار حسب خطته التي وضعها هو سابقًا وأخبر بها الجميع بشكل سري .
همس إيفان بصوت منخفض وهو يمسك سيفه :
” إذن يسكنون في هذه الجحور ؟! مكان مناسب لامثالهم من الخنازير”
ابتسم سالار بسخرية لاذعة :
” فقط ينقصه بعض الوحل الإضافي هنا وهناك ”
توقف فجأة في طريقه حين أبصر بعض الرجال يقفون في أحد الأركان متحدثين بجدية، ابتسم يشير لإيفان:
” أنت واحد وأنا اثنان ”
نظر له إيفان بحنق، لكنه لم يتجادل يتحرك في المكان مرددًا بجدية شديدة وهو يحرك سيفه بهدوء :
” بل ليأخذ كلٌ من تقع يده عليه ”
وفي اللحظة الثانية كان إيفان ينقض بسيفه على أحد الرجال، وقبل أن يستوعب الباقيين ما يحدث كان سيف سالار يصمتهم المتبقى من عمرهم، وقد افادهم عنصر المفاجأة ليباغتوهم بهذا الشكل .
نظر إيفان لهم وهو يدقق النظر بالرجال الذين اسقطهم ثم قال بهدوء :
” عجبًا اشعر أنني قتلت هذا الرجل من قبل ”
ابتسم له سالار يتحرك بهدوء بين الممرات وقد كان المكان كالجحر حقًا دون مبالغة :
” هذا لأن الخنازير تتشابه، مهما اختلف منشأهم وطريقتهم، يظلون في النهاية خنازير يا عزيزي ”
ابتسم له إيفان يتحرك معه، وقد بدأ سالار يصفر باستمتاع صفارته المعهودة، صفيره الذي كان أشبه بصفير الموت، يتحرك بين الممرات يبحث بعيونه عنهم .
بينما وفي الجهة الخاصة بتميم ودانيار والمعتصم، كان الثلاثة يتحركون بحرص شديد، دانيار يحمل سهامه، والمعتصم يجهز سيفه، وتميم يجر سلسلته المعدنية خلفه .
وبمجرد أن سمعوا صوتًا يأتي من أحد الغرف توقف الثلاثة ونظروا لبعضهم البعض لثواني .
همس دانيار بصوت منخفض :
” سأعد لثلاثه ومن ثم نقتحم المكان، أي شخص تبصرونه منهم تخلصوا منه لا نريد ترك واحدًا فقط منهم”
نظر له تميم ثواني وهو يهز رأسه بموافقة قبل أن يتوقف فجأة عن هز رأسه ليقول :
” مهلًا، لِمَ أنت من تلقي الأوامر هنا !!”
همس له دانيار بعناد :
” هذا لأنني القائد هنا ”
حابهه تميم وهو يزجرة بحدة :
” ومن نصبك قائد علينا، لا اذكر أنني صوتت للأمر أو أن المعتصم فعلها، صحيح يا المعتصم ؟؟”
نظر الاثنان صوب المعتصم ليتوتر وهو يعود للخلف يحاول معرفة ما يحدث :
” أنا لم ….”
وقبل أن يجيب تحدث دانيار بعناد :
” انظر تميم، القائد هنا سيكون باسبقية الالتحاق بالجيش، وانا الأقدم منك ”
ابتسم له تميم بسخرية :
” وأنا ورغم أنني انضممت للجيش بعدك إلا أنني بنفس رتبتك وهذا إن دل على شيء فيدل على أنني افوقك مهارة وخبرة ”
تحدث المعتصم وهو ينظر للخلف حيث باب الغرفة التي يقبع بها المنبوذون :
” حسنًا لا اعتقد أن هذا الوقت المناسب لمناقشة أمر الخبرات ..”
رفع تميم يده بصمته :
” انتظر أنت يا المعتصم، فأنت ما تزال بريئًا، أنا أعلم هذه النفوس جيدًا، هو يود تنصيب نفسه قائدًا علينا ليملئ ذلك النقص داخله هذا …”
قاطعه المعتصم يشير خلفهم :
” حسنًا يمكنني الانتظار، لكن لا اعتقد أنهم سيكونون بنفس تفهمي وينتظرون انتهاء حديثكم ”
نظر الاثنان له بعدم فهم فابتسم يشير خلفه :
” هناك رفقة هنا، يبدو أنهم لن يصبروا حتى نحدد من القائد هنا ”
نظر تميم خلفه وكذلك فعل دانيار، ومن ثم نظر الاثنان لبعضهم البعض ليبتسم دانيار بسمة فهمها تميم الذي قال :
” قبلت التحدي ..”
وهكذا بدأ التحدي الصامت بينهما على إعطاء شارة القيادة لمن يسقط أكبر عدد من الرجال تاركين المعتصم يحاول فهم شيء مما يحدث، لكن حين بدأ القتال تجاهل كل ذلك وهو يرفع سيفه يبتسم ويهز كتفه ببساطة :
” لا بأس ربما لاحقًا…..”
واخيرًا في الجانب الموجود به أرسلان مع ازار وبارق، كان الاول يتحدث بكل هدوء وهو يظهر للاثنين بكل هدوء يتقدمهما في السير :
” وهكذا تعرفت على هذين القذرين، وقد قللت معرفتي بهذه الامثال السيئة من مكانتي في عيني، أعني أنا ملك لي اسم ومكانة بين الجميع، تخيلوا أن اصادق سالار وإيفان ؟؟”
توقف ينظر لآزار وبارق يبحث في نظراتهم عن شفقة عليه أو ما شابه، لكن كل ما رآه هو تعجب ودهشة، فزفر يقول مبتسمًا بسخرية :
” نعم والآن هذا ما استحقه، لقد فقدت حتى حقي في الشفقة عليّ بسبب هذين الإثنين، لكن …”
توقف عن الحديث فجأة وهو يستدير لهما متحدثًا بصدمة :
” مهلًا الشفقة عليّ ؟؟ من قال أنه يمكن لأحدهم أن ينظر لي بشفقة ؟!”
احدث ازار وهو يشير لبارق :
” بارق فعل ”
فتح بارق عيونه بصدمة كبيرة وهو ينظر صوب الاثنين ثم همس لآزار :
” ازار هل تمزح مع هذا المختل !! الآن سيصدقك ”
كتم ازار ضحكته وقبل أن يتحدث أحدهم بكلمة توقف فجأة أرسلان يشير لهم بالتريث، ومن ثم أشار على أحد الأبواب المفتوحة والتي يصدر منها صوتًا صاخبًا، يتحرك بهدوء شديد صوب تلك الغرفة حتى توقف أمام الباب ودون مقدمات دفعه بقدمه بعنف شديد تسبب في سقوط أحد الرجال ارضًا بعنف عن فراشه .
رمش أرسلان طويلًا وهو يجد ثلاثة أشخاص في المكان الذي كان يبدو غرفة للنوم وقد أفزع هو نومتهم.
” أوه يبدو أنني جئت في وقت غير مناسب، هل افزعتكم في نومتكم ؟!”
نظر له الرجال بأعين متسعة وكأنهم لم يستوعبوا بعض أن كوابيسهم تقف أمامهم في في الواقع .
وارسلان ابتسم يحمل وهو يخرج سيفه :
” لكن لا بأس أنتم كذلك افزعتم قومي من قبل ولم تهتز لكم شعرة واحدة، والآن أنا لن يكفيني فقط افزاعكم ….”
_______________________
كانت المعركة في القصر على أوجها، تبارك تحاول تدارك ذلك القتال أمامهم والذي يفوقهم من كل شيء، قوة وعدد، لكن هي لم تستسلم، بل ظلت تقاتل بكل قوتها وكلمات سالار وتعليماته تتردد في أذنها.
بينما زمرد كانت في تلك اللحظة تمارس هوايتها المفضلة، ألا وهي إبادة قومها .
وكهرمان جوارها تقاتل كل من يقع في طريقها واستمر القتال لدقائق كادت كفة القوم ترجح به، لولا أن أبصرت كهرمان بعض الجنود يتقدمون منهم التنفس الصعداء وقد ظنت بهم النجاة .
” حمدًا لله يبدو أن برلنت أحضرت المساعدة ”
تحركت أعين تبارك وزمرد صوب الجنود الذين تقدموا منهم، وقبل أن تبتسم تبارك بسمة راحة أنهم نجوا شعرت بالريبة وهي ترى أعين هؤلاء الجنود التي تحدق بهن بشر ونظرات مريبة، ما كان لجنود الملك أن يرفعوا أعينهم في النساء أبدًا .
” هل هم بالفعل جنود الملك ؟؟ أشعر بالريبة من وجوههم..”
نظرت لها زمرد بعدم فهم ترى تراجع تبارك للخلف وهي تقول بريبة :
” حسنًا لا اعتقد انهم جاءوا للمساعدة ”
كانت تتحدث وهي تراهم يخرجون السيوف يبتسمون بشر واضح، بينما زمرد تشعر بعدم الفهم :
” ما الذي تقصدينـ ”
وقبل أن تكمل كلماتها كان أحد الجنود قد باغتوه وانطلق يمسكها من رقبتها يكمم فمها جاذبًا إياها بقوة صوبه هامسًا :
” يبدو أن زوجة القائد هي أكثركم فطنة هنا .”
تحركت عين زمرد بسرعة صوب ذلك الوجه تحاول الإفلات من بين يديه، لكنها فشلت .
بينما كهرمان كانت تراها للمرة الثانية، نفسها المؤامرة التي أسقطت أرسلان من قبل، هل هي تُعاد هنا في أراضي سفيد .
سمع الجميع صوت ذلك الجندي يردد بجدية وبصوت مرعب :
” الآن ستضعون سيوفكم ارضًا وإلا تخلصت منكم اجمعين ..”
نظرت كهرمان لتبارك التي كانت تتشبث بالسيف في قوة وكأنها تحتمي بها، لكن وبعد ثواني ألقت كهرمان سيفها ارضًا لئلا يتسبب عنادها في أذية زمرد .
بينما تبارك رفضت الأمر تقول :
” أنت لن تنجو بفعلتك ”
أطلق الرجل ضحكته :
” يا الله أرى نفس تجبر زوجك في عيونك، هيا اتركي السيوف ارضًا سيدتي ودعينا نسيّر الأمور بسلام ”
ابتسمت له تبارك تقول بغيظ ولا تعلم من أي مصدر استمدت قوتها تلك فهي تدرك أنها لا قبل لها بمقاتلتهم وحدها ولا حتى مع الفتيات، هم أضعف من الدخول في هذا القتال وبهذا الشكل، لكن صوت داخلها يمنعها الاستسلام، وهذا الصوت كان هو نفسه صوت سالار .
” جيد إذن أنك تعلم زوجي فهو لن يفوت لك فعلتك تلك ولا …”
وقبل أن تكمل كلمتها شعرت بمن ينقض عليها من الخلف يكمم فمها بقوة وهي تتحرك بصخب وقد اتسعت عيونها بصدمة، بينما الرجل ابتسم يقول بصوت خبيث :
” هذا إن عاد ووجدك حية …سيدتي الجميلة ”
صمت ثم حرك عيونه صوب أحد الرجال ليمسكوا بكهرمان كذلك، والتي كانت ترفض المقاومة كي لا يتأذى أحدهم، لكن حينما امسكها أحد الرجال من يدها جذبت يدها منه وصفعته بقوة محذرة إياه :
” إياك والاقتراب مني ”
نظرت صوب القائد الذي كان يراقب كل ما يحدث ببسمة واسعة :
” اسمع أيها القذر لقد ذهبت رفيقتنا لإحضار المساعدة وحينها سوف …”
قاطعها الجندي يقول :
” أوه… أولم أخبركم ؟؟ أنا هي المساعدة التي ارسلتها لأجلكم رفيقتكم ”
اتسعت أعين كهرمان تهمس بصدمة استغلها أحد الرجال لسحبها :
” برلنت ؟؟ ما الذي فعلته بها !!”
ابتسم لها بخبث :
” لا تقلقي لم أفعل بعد، لكن سيحدث، سينالها نفس ما سينالكم، ما أسعدني من شخص الان تحت قبضتي جميع النساء اللواتي يهتم بهن القادة والملوك في الأربع ممالك، هذا يوم حظي ”
ابتسمت زمرد بسمة جعلت الرجل يتعجب وهي تنظر لعيونه بشر ورغم أنه يكمم فمها إلا أنه تراجع يقول بصوت منخفض :
” خذوهن بعيدًا حتى أخبركم بما سنفعله بهن ..”
وقبل أن يتحرك الرجال بالفتيات، نزعت زمرد يد الجندي الذي يكممها وبصقت في وجه قائدهم وهي تقول مشيرة على عيونها :
” سأحضرك أيها الوسخ وحينها ….”
صممت، ثم أشارت لأفراد قومها الذين يقفون حولهم يحاولون الاختباء في الجنود :
” أسأل صغار الخنازير خلفك عما سأفعله بكم .”
ختمت حديثها تتحرك مع الرجل وهي تنظر لهم ببسمة لم تنزعها حتى اختفت عن أبصارهم، بينما تبارك تحركت وهي تبتهل لربها أن يعود سالار سريعًا، وكهرمان فقط تسير مرفوعة الرأس كلما دفعها أحدهم زجرتها بنظراتها ويبدو أنها قررت إن كانت ستسير معهم فلتفعلها بكل كبرياء …
تمتمت تبارك وهي تسير معهم في طرقات شعرت لوهلة أنها تعلمها، هي تعلم هذه الطرقات، سبق ورأتها، فجأة ضربتها ذكرى الهجوم على القصر حين أحضرها سالار ليخفيها في هذه الممرات التي تقبع أسفل القصر، شعرت بحلقها يجف وضربات قلبها تزداد، شعرت بالخوف الشديد، الخوف من القادم، وهذا لم يساعد البتة في تحسين مستوى السكر في دمها وقد شعرت أنها ستسقط في أي لحظة ارضًا ..
” أين أنت سالار ؟؟”
___________________
ينام قرير الأعين على فراشه يتقلب كل ثانية بقلق بحثًا عن الراحة، زفر بقوة منتفضًا يدفع الغطاء جانبًا وقد قرر أن ينهض ويحتسي أي شراب قد يساعده على النوم .
نهض يزفر بغضب ويفرك عيونه، ثم وضع قدمه على الأرض، يتمتم بكلمات غاضبة غير مفهومة، ثم فتح عيونه وهمّ لينهض، لكن فجأة أبصر اقدامًا تحيط به في غرفته، تعجب بافل ورفع عيونه ببطء صوب الأجساد التي تحيط به ليجد كوابيسه قد تمثلت على أرض الواقع، جميع أعداءه مجتمعين في غرفة واحدة، وهو في المنتصف.
ابتسم أرسلان الذي كان يجلس على المقعد المقابل للفراش، يهمس بصوت خافت كالفحيح :
” يبدو أن نومتك كانت سيئة ها ؟!”
أجابه إيفان ببسمة واسعة :
” ومن أين لامثاله بنيمة هانئة ؟؟”
دخل معهم سالار في الحديث وهو يقترب منه بخطوات جعلت ضربات قلب بافل تتسارع وهو يمد يده للفراش يحاول البحث عن شيء ينقذ به نفسه :
” مرحبًا بك في أحلك كوابيسك، يا سلالة الانجاس ……”
______________________
المعركة الأخيرة على وشك الانتهاء …..
فيما يخص الفصل القادم، ففي الحقيقة أنا في العادة باخد العشر ايام دول إجازة عشان بتفرغ للعبادات، وزاد إني السنة دي بشتغل طول اليوم تقريبًا، لكن وبسبب اني لغيت الفصل السابق فأنا هنزل فصل كمان قبل العيد، بمجرد ما ينتهي هينزل إن شاء الله .
وخلاص اقتربت النهاية أكثر مما تتوقعون، هي خطوات نخطوها معهم، ونصحبهم في رحلتهم الأخيرة .
فتجهزوا …..
يتبع…
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية مملكة سفيد) اسم الرواية