رواية لا يليق بك إلا العشق الفصل الرابع و الاربعون 44 - بقلم سماح نجيب
نسيت هى تماماً ذلك الأمر ، فهى أتقنت دورها بدقة بالغة ، حتى نسيت هويتها الحقيقية ، وصار لديها إقتناع تام بأنها هى ” إيلين النعمانى ” حب طفولة ذاك الرجل الوسيم والجذاب ، والذى إستطاع تشتيت إنتباهها عن مهمتها الأساسية ، بأن جعل قلبها يخفق خفقات شاذة عن قواعدها الباردة ، فهى أخذت من المال الكثير من أجل تأدية ذلك الدور ، ولم يكن يعنيها بالبداية سوى أن تنهى مهمتها على أكمل وجه ، وتأخذ ما تبقى لها من النقود ، فهى عملت مع ديفيد من قبل ، بل إنها هى من كانت تستطيع تسهيل أمور عمله بصقلية نظراً لجمالها وفتنتها
ولكن تهدم منطقها بتلك الأيام التى قضتها برفقة راسل بصفتها صديقة طفولته وحبه الأول ، وباتت تصدق أنها هى حقاً إيلين وشعرت بما يمكن أن تشعر به إيلين الحقيقية ، من عودتها للإسكندرية وتجد حبها الأول قد نسيها تماماً بل أنه صار عاشقاً لأنثى غيرها
رمقت ديفيد وقالت بفتور :
– وإيه اللى هيخلى إيلين النعمانى الحقيقية ترجع من روسيا دلوقتى ، ياريت متبوظش المهمة بجنانك ده
ربت على خدها عدة مرات متتالية ، كأنه يصفعها بخفة وقال بثغر ملتوى:
– مبوظش المهمة ! هو أنتى حبتيه ولا إيه يا قطة
أزاحت يده عن وجهها ، وردت قائلة بضيق :
– بطل جنان حب إيه وبتاع إيه
حاولت أن تزوغ بعينيها عن مرمى بصره ، ولكن فشلت بذلك فى النهاية ، إذ عاد يقبض على ذقنها بإحكام وهو يقول بإبتسامة بشعة :
– شكلك فعلاً حبتيه بس اللى متعرفهوش يا حلوة أنه بيحب أختى وهيموت عليها ، وهى كمان بتحبه، الصراحة هى كل اللى يعرفها لازم يحبها ، ليها سحر على كل اللى حواليا ، لدرجة أنها لما سابتنى ورجعت لجوزها ، رجعت لفكرة الانتقام تانى ، بعد ما كنت أكتفيت بوجودها معايا ، مقابل أن أسيب جوزها وأهله فى حالهم ، بس هو اللى دماغه ناشفة ، ومقدرش على بعدها وأخدها غصب عن الكل ، ومفيش واحد يعمل كده إلا إذا كان بيحب وبيعشق
غلت الدماء بعروقها ، فردت قائلة بغيرة وإستياء :
– وفيها إيه أختك زيادة عنى دا أنا حتى أجمل وأحلى منها ، فيها إيه يعنى علشان راسل يحبها كده وهيموت عليها بالرغم من اللى بتعمله فيه
أجابها بتفاخر :
– ما قولتلك ليها سحر خاص ، زى عطر الياسمين ، اللى بمجرد ريحته ما تنتشر فى المكان بيعمل حالة من السعادة والهدوء
رفعت حاجبيها بدهشة من إشادته بشقيقته ، فلو كانت لا تعلم خير العلم أن حياء شقيقته ، لكانت أيقنت أنها فتاة وقع هو صريع غرامها منذ أن رآها
ضمت ذراعيها وهى تقول بغرابة :
– يا سلام ! دا اللى يسمعك بتتكلم كده يقول كأنها واحدة وقعت فى حبها مش واحد بيتكلم عن أخته
عبس بوجهها ورفع شفته العليا وقال :
– هو حرام إن أحب أختى ، مش كفاية أتحرمت من بابا وماما واخواتى ومفضليش حد غيرها
ردت قائلة بسخرية :
– وهو اللى يحب أخته يبقى عايز يخرب بيتها وكمان يخلى جوزها يتجوز عليها وينكد عليها عيشتها حب إيه ده اللى بتتكلم عليه يا ديفيد
كسا الحنين صوته على الرغم من عبوس وجهه ، وطفق يقول بحنان :
– أنتى أصلاً متعرفيش حياء كانت إيه بالنسبة لبابا وماما من ساعة ما أتولدت ، هم كانوا طايرين من السعادة ، لأنها كانت البنت الوحيدة ، وكمان متعرفيش أنا كنت بحب بابا وماما قد إيه ، علشان كده لما عرفت أنها عايشة ، كأن جزء من روحى وأدميتى رجعوا ليا تانى ، وقولت أنها من ريحتهم وهتقدر تعوضنى إحساس إن عشت من غير أهلى ، وأنا مش عايز أخرب بيتها ولا حاجة أنا بس عايز أشفى غليلى من عيلة النعمانى بس مش هموت حد فيهم ، هو بس هحاول أخربلهم شغلهم ، يعنى لو فى صفقات أضيعها عليهم ، لو فى أى مشاريع جديدة ليهم أحاول أمنعها
وضعت شعرها خلف أذنها وهى تقول بريبة :
– طب ما كان عمك أدريانو موجود هو وبنته ، وهم برضوا أهلك ، ليه بتقول أنك عشت محروم من أهلك
عاد ينظر للأسلحة النارية مرة أخرى وهو يقول كأن الأمر لا يعنيه :
– مش هنكر أن عمى أدريانو هو اللى أخد باله منى بس ده كله علشان مصلحته فى الاخر ، علشان يلاقى وريث لزعامة المافيا بعد منه
عقدت حاجبيها وتساءلت :
– طب عمك متجوزش ليه تانى بعد مراته وخلف وريث له بدل ما تبقى أنت وريثه ، حاجة غريبة يعنى أن واحد زيه ومفكرش يعمل كده ، أكيد فى سر فى الموضوع
حمحم ديفيد يحاول أن يجلى صوته ، أو أن حنجرته بها شئ عالق يريد إزالته ليستطيع أن يتكلم ، فهتف بها بما يشبه الأمر:
– متسأليش فى اللى ملكيش فيه وخليكى فى حالك وتنفذى اللى بقولك عليه وبس يا حبيبتى علشان مزعلش منك وزعلى وحش
رفعت وجهها وردت قائلة بهدوء:
– أوامرك ، عايز منى إيه تانى ؟ عايزنى أعمل إيه الخطوة الجاية ؟
أقترب من منضدة أخرى تراص عليها زجاجات الخمر ، فسكب بكأسه مشروب النبيذ الأحمر المفضل لديه ولدى عمه ، بل أن أدريانو يملك مصنع لصنع ذلك النبيذ الفاخر
دفع السائل بجوفه دفعة واحدة ، ثم عاد ينظر لها قائلاً:
– خليكى ماشية على الخطة اللى رسمتهالك ، لا تزودى ولا تجودى من عندك وأحسنلك تشيلى فكرة حبك لراسل دى من دماغك ماشى ، علشان الحب لما بيدخل فى موضوع ، مبيبقاش فى عقل نفكر بيه فهمتينى يا حبيبتى ، أن بس خايف عليكى
عندما عاد يسكب النبيذ فى كأسه مرة أخرى ،أخذته هى تلك المرة ، فحركت السائل داخل الكأس وهى تبتسم وتقول بخبث:
– أنت مش عايز تنتقم من العيلة دى وكمان عايز أختك تفضل معاك خلاص خلينى أنا أخد راسل وتبقى واحدة قصاد واحدة وبكده هبعده عن حياء ، وهى مش هتستحمل أنه يتجوز عليها وهتلاقيها راجعة تعيطلك وتقولك خلاص مش عيزاه
قهقه ديفيد بصوت مسموع ، مما أثار تعجبها فرد قائلاً بثقة :
– هو أنتى مفكرة أن حياء هتسيبهولك كده بسهولة أو أنها خلاص هتشوفه بيتجوز عليها وتسكت ، يبقى لسه معرفتهاش ، أنا بالرغم من المدة القصيرة اللى كانت موجودة فيها معايا قدرت أعرف جوزها إيه بالنسبة لها وزى ما قالتهالى مرة أنه راسل بالنسبة ليها زى الهواء اللى بتتنفسه
ألقت الكأس من يدها على الأرضية الرخامية ، فتحطم شر تحطيم ، وسال النبيذ الأحمر على الأرض ، أشبه ببقعة الدماء الكبيرة ، فهى لا تريد سماع أى كلمة أخرى منه ، خاصة وأنه محق بشأن حياء من كونها لن تتركها تنعم بالحصول على راسل ، حتى وإن قالتها مرة من منطلق غيظها ، بأنها ستتركه لها ، ولكن حالة العداء والتحدى الذى أعلنتها حياء عليها ، جعلتها تدرك أنها لم تكن تعنى ما تقصده ، خاصة وأنها الآن بدأت الأمر بحرمانها من أن تقترب من الصغيرة والتى تعلم هى أنها مفتاح قلب أبيها
عندما أصاب ديفيد السأم منها ومما فعلته ، عاد ثانية يشدد أوامره بأن تقلع عن التفكير فى الحب أو محاولتها أخذ دور أخر لم يكن ينتوى أن يتركها تأديه :
– مش هقولهالك تانى لأن قربت ازهق من كتر التكرار ، قولتلك أن مهمتك تنحصر فى أنك تجبيلى أخبار عن اللى ساكنين في قصر النعمانى ، وكل صغيرة وكبيرة تعرفيها يكون عندى علم بيها فاهمة ، لأن أول ما مهمتك تخلص أنتى هتختفى من حياتهم زى ما دخلتى ، وأنتى أكتر واحدة عارفة عملنا إيه علشان تقدرى تدخلى البيت
فهو فعل المستحيل من أجل أن تلج ذلك القصر ، معتمداً على أن إيلين الحقيقية ، أنقطعت أواصر العلاقة بينها و بين العائلة بالإسكندرية ، منذ أن سافرت لروسيا ، نتاج زحام الحياة ، وأنها لم تعود لموطنها منذ أن كانت بالسابعة من عمرها تقريباً ، فكل الأوراق بحوزتها تثبت أنها هى “إيلين النعمانى ” فالأمر كلفه الكثير من التفكير والجهد
بعد خروجها أخذ مفتاح سيارته وخرج من الشقة ، كان بنيته العودة لمنزل عمه ، ولكنه أنحرف بمسار السيارة و قادها حتى وصل لوجهته ، التى حاول مراراً أن ينفض عن عقله أمر الذهاب إليها ، فظل قابعاً بسيارته وقت لا بأس به ، ينتظر خروجها بالشرفة ، أو رؤيتها بالشارع
فأطلق نهدة عميقة وهو يتمتم بهمس :
– أنتى فين يا ملاكى ؟
ما كاد يختم عبارته ، حتى رآها تخرج للشرفة وأقتربت من القفص المعدنى الموضوع به عصفوران صغيران ، فظلت تضحك وهى تداعبهما كأنهما صديقيها ، بل وأنها تتحدث معهما كأنهما سيجيبان على ما تقوله
أنه لضرب من الجنون بل من المستحيل ، أن ذلك العشق الذى حاول تحريمه على شقيقته ، وجد نفسه غارقاً به
ولمن ؟
لفتاة مسلمة ومحجبة ، لم تكن من عقيدته ولا ديانته ، ولا يمكن أن يلتقيا طريقهما سوياً ، ولكن منذ أن رآها أول مرة صدفة وهى تطعم العصافير بالشرفة ، وهو طار صوابه لرؤيتها ، وكلما حاول إقناع نفسه بأنه يتوهم هذا الحب ، وأنه لابد من أن يقلع عن التفكير بالأمر ، يجد نفسه كل ليلة يأتى لهنا حتى يراها صدفة ، فهو حتى لا يعرف من تكون سوى أن أسمها ” ياسمين ” ، كأنه أراد أن يجعل كل شئ خاص بها مجهول بالنسبة له ، حتى لا يزداد تعلقه بها
فكيف حدث كل هذا ؟
ظل يسأل نفسه بإلحاح ، فهو لم يترك معصية إلا وفعلها ، فهو عابث وفاسق وماجن ، لم يرى رادع له ، سوى بعض النصائح من شقيقته حياء ، ولكن أن ينبض قلبه لفتاة مثلها ، وهو يتبع ديانة أخرى غير ديانتها ، و يعلم أنه من المحال إجتماعهما سوياً ، لهو بالأمر العجيب ، بل سيكون وقعه أشد غرابة إذا سمعه أحد يقول أنه وقع بعشق فتاة مسلمة يجهل من تكون ؟ أو أنه هو من أراد جعل الأمر مجهولاً له ، فربما يستطيع قمع ذلك الحب ، قبل أن يتمكن منه أكثر ، ويجد أنه من المحال الإقلاع عنه
فعندما كان يشيد بأخلاق حياء كانت صورة تلك الفتاة ترافقها فهما تشبهان بعضهما البعض من حيث البراءة وإرتداء الثياب المحتشمة والحجاب الذى يزيد من بهاء وجهيهما ، ومن حيث تأثيرهما على الوجدان ، ولكن لم يكن سيصرح بأن من خصها بأنها تشبه عطر الياسمين هى تلك الفتاة ، وستكون هى ذنب أخر يضاف لقائمة ذنوبه التى لاحصر لها ، ولكنها ما أجمله من ذنب ! أن تكون تلك الفتاة هى ذنبه الذى لن يغفر له أبداً
_____________
زرعت غرفتها ذهاباً وإياباً وهى تفكر فى وضعها الحالى ، فولا شك فيه أن ربما راسل سيأتى لغرفتها الآن ، فميس عادت مع زوجها ، وأنتهت الجلسة ، وهو قد أخبرها بشأن مبيته لديها الليلة ، ولكن كان عرضه أشبه بعرض السلطان ، الذى يخبر إحدى جواريه بأنها ستكون الليلة من نصيبه ، فعندما تقنع عقلها بمسايرته بمطلبه حتى تنتهى تلك الليلة ، يعود عقلها وكبرياءها يصفها بالسخافة بأنها سترضخ له بالأخير ، وربما سيمارس عليها إحدى خدعه وبعد أن تبدى موافقتها له ، سيتركها مثلما فعل قبل ذلك عدة مرات ، فهو صار متمكناً من أن يصل بها لأقصى درجات الأحلام والأمنيات ، ويتركها تسقط ببئر اليأس بالأخير
ولكن هى من بدأت هذا الأمر معه من البداية ، ولكن لم يكن بتلك الطريقة التى تؤذى المشاعر وليدة اللحظة العاطفية بينهما
فحكت ذقنها وقالت بتفكير :
– طب أعمل ايه أنا دلوقتى
لم يدم تفكيرها طويلاً ، إذ وجدت باب غرفتها يفتح ويلج منه راسل بثياب تشبه تلك الثياب التى يمكن أن يرتديها وهو يتنزه أو يتسكع على الشاطئ ، والتى أقتصرت على سروال قصير يصل لركبتيه وقميص خفيف قام بثنى أكمامه أعلى مرفقيه ، وترك الأزرار الأولى مفتوحة ، ربما بشكل سافر وزائد عن اللزوم ، فهو ربما لم يغلق سوى زران أو ثلاثة فقط من قميصه
فتحت فمها بدهشة وعيناها تقيمه من رأسه لأخمص قدميه ، فهل رآه أحد وهو يسير هكذا بالمنزل ، فهو كاشفاً عن عضلات صدره الصلب ، كأنه لاعباً من لاعبى المصارعة
فقالت وعيناها مازالت تتفرس به :
– أنت ماشى ليه كده فاتح قميصك بالمنظر ده وهو فى حد شافك وأنت كده
أراد زيادة دهشتها أكثر ، ففتح ما تبقى من أزرار قميصه وهو يقول بعدم إكتراث:
– تقريباً كل اللى فى البيت ناموا وأنتى مش غريبة يا روحى علشان تشوفينى كده ، أنتى مراتى ولا تكونيش نسيتى الموضوع ده
رمقته وهى تقول بإبتسامة سخيفة :
– راسل يا حبيبى أنتى جايب البرود بتاعك ده منين
وضع يديه بجيبى سرواله ورد قائلاً بإبتسامة أشد سخافة:
–من عند بتاع البرود يا أم دم خفيف تحبى أجبلك شوية
خطت بخطواتها تجاهه ورفعت سبابتها تمررها على وجنته وهى تقول بمشاغبة:
– كفاية أنت عليا يا حبيبى برودك مكفى وزيادة شوية كمان
أخرج يديه من جيبه وطوقها بهما ليقربها منه أكثر ، فأراد زيادة توترها الذى بدا جلياً على وجهها الذى إصطبغ بحمرة قانية ، كأن تلك هى المرة الأولى التى يضمها بها ، وهذا ما يجعله مفتون بها ، فكل وصال بينهما كأنه الأول
مرر أنفاسه على وجهها وهو يقول بصوت خافت :
– حابب نقضى وقتنا على البحر ، الجو النهاردة جميل ، وتخيلى أنا وأنتى والقمر والبحر ، أظن مفيش أحلى من كده رومانسية
تلاحما حاجبيها قائلة بتساؤل وغرابة:
– نروح البحر دلوقتى ؟
سارت أنامله من منبت شعرها حتى وصلت لأطرافه وهو يقول بحالة أقرب للإنتشاء :
– أيوة علشان أنا مسافر بكرة آخر النهار إن شاء الله وعايز أخر حاجة أكون فاكرها هو الوقت اللى قضيته معاكى
أجفلت قليلاً بعد سماعها بشأن سفره ، فهى ليس لديها علم بهذا الأمر ، فرفعت وجهها تنظر له بتمعن متسائلة :
– مسافر! مسافر فين ؟ وليه أنا معرفش أنك مسافر إلا دلوقتى
أرادت أن تنسل من بين ذراعيه وتهرب من حصاره لها ، إلا أنه أحبط محاولاتها بالإبتعاد فأجابها بهدوء:
– مسافر علشان عندى مؤتمر طبى مهم
– مؤتمر طبى ! إزاى وأنت موقوف عن العمل
قالت حياء عبارتها وأنتظرته يجيبها على ما سألته إياه
فإبتسم لها إبتسامة ذات مغزى وهو يقول بجدية :
– ماهو ده أحد فوايد إسم النعمانى واللى ممكن يعمله ، خلاص قرار وقوفى عن مزاولة مهنتى أتلغى والمستشفى كمان رجعت ، أنا بس اللى مش حابب حاجة تشغلنى عنك يا روحى
ختم حديثه بهجومه المفاجئ لعناقها ، فهو أصبح لديه قدرة عجيبة على تغيير دفة الحديث ومسار الأمر بينهما ، وتلك النزهة التى أقترحها عليها منذ دقائق ، جعلها تعلن موافقتها بدون تردد أو إعتراض
أخذها من يدها وخرج من الغرفة وهبطا الدرج ، فوجدته يتركها وذهب لجلب سلة طعام وسجادة صغيرة ، وعاد إليها ثانية ، فهى تسير معه كالمنومة مغناطيسياً لا تفعل شئ سوى ما يخبرها به ، فطمأنها أنهما سينعمان بخلوة خاصة بهما على الشاطئ الخاص خلف القصر ، ولا يمكن أن يتلصص أحد عليهما بذلك الوقت ، فهو شدد أوامره لرجال أبيه ، بعدم الإقتراب من المكان الذى سيقضيان به وقتهما
– إحنا كده وصلنا صح ؟
قالتها حياء وأحست بإرتياح شديد عندما بلغا الشاطئ وأخذا يسيران معاً فوق الرمال ، فالليل رائع البهاء والجمال ، وأمواج البحر العاتية تندفع نحو الشاطئ لتغمره بزبدها الأبيض ، وبدت أشبه بشرائط فضية على إمتداد الرمال والصخور الصغيرة التى غرقت فى ضوء القمر الساطع
أجابها راسل وهو يحرك رأسه بالإيجاب :
– أيوة خلاص وصلنا إيه رأيك فى المكان
بسطا السجادة الصغيرة وسلة الطعام ، وجلست حياء على الطرف مقابل له ، أحست أنها أشبه بزهرة تفتحت وإزدادت نضجاً وجمالاً، فمعه هو لا تعلم سر ذلك الشعور الذى يسيطر على حواسها كافة بأنها أجمل النساء ، فربما ذلك عائد لإطراءه الدائم لها ولجمالها حتى وإن كانت لم تكن بفتنة وجمال نساء أخريات ، كتلك التي تسمى خطيبته الآن
عندما أحست بأن مزاجها سيتعكر صفوه لتذكرها إيلين ، ردت قائلة بإلحاح :
– جميل أوى لدرجة أن عايزة أعوم دلوقتى بس …
تذكرت أنها لم تجلب معها ثوب للسباحة ، فوجدته يخرج أحدهما من حقيبة جلبها مع سلة الطعام ، فناوله لها وهو يقول بمكر:
– أكيد هيبقى تحفة عليكى وأنتى عارفة ذوقى
أخذت منه الحقيبة ونظرت بداخلها فوجدت ثوب سباحة باللون الوردى ، وأشار إليها بأن تذهب لإرتداءه بذلك المكان الذى يشبه المقصورة ، والذى تم بناءه من أجل من يرتاد الشاطئ ، لأخذ حريته بتبديل ثيابه
ولجت حياء لداخل المقصورة ، وجدتها كإحدى غرف القصر ، من حيث الأثاث والمفروشات الفاخرة ، فراسل يبدو عليه أنه لم يغفل عن شئ لقضاء ليلته برفقتها
انتهت من إرتداء ثوب السباحة وخرجت إليه ، فنهض من مكانه و أمسكها من يدها ثم أنطلقا معاً إلى البحر ، حيث يلهوان ويسبحان فى الماء البارد حتى أبتعدا قليلاً عن الشاطئ وسط السكون الشامل الذى يملأ جنبات الليل، لاتسمع شئ سوى أنفاسهما ، وهما يحاولان إلتقاطها ، بعد جولة من السباحة ، فتركته يحملها بين ذراعيه ووضعت يديها حول عنقه وهو يدور بها فى الماء ، فتعالت أصوات ضحكتها وتجلت سعادتها على وجهها ، كأنها نسيت كل شئ فجأة ، وعادت مرة أخرى من غير هموم وعادت الزوجة العاشقة لزوجها الطبيب الوسيم ، فبعد إنتهاء لهوهما خرجا من البحر ووصلا لمكان جلوسهما
أخرجت الطعام الموجود بالسلة وظلت تلتهمه بشراهة ، فقالت وفمها مملوء :
– لاء بجد دا أحلى يوم فى عمرى
أزاح خصلة رطبة من شعرها عن جبهتها وهو يقول بدهاء :
– النهاردة بس اللى أحلى يوم فى عمرك
حركت رأسها نافية وهى تقول بحب :
– لاء الصراحة كل يوم عدى عليا وأنا مراتك كان أحلى يوم فى عمرى ، ما عدا طبعاً الأيام اللى من ساعة ما جيت هنا القصر وأنت عمال تحرق فى دمى
وجدتها فرصة سانحة للتحدث معه بشأن فض تلك الزيجة ، التى لن تتركه يكمل بها سواء كان ذلك بموافقته أو رفضه ، ولكنها فضلت اللين حتى لا يتشدد برأيه
فناشدته بصوتها الناعم وهى مستطردة :
– راسل أرجوك بلاش الجوازة دى أنا مش هستحمل أنك تتجوز عليا
حدق بوجهها قائلاً بتحدى :
– مش عيزانى أتجوز عليكى تقوليلى كل اللى أنتى مخبياه عنى وتحكيلى كل اللى حصل بالتفصيل من ساعة ما حبيتى تمثلى عليا أنك خلاص مش عايزة تعيشى معايا
فهو يخيرها بين أمرين ، إما زواجه أو إن تخبره بما تخفيه عنه ، ولكنها أرادت كسب المزيد من الوقت إذ قالت برجاء :
– طب أجل موضوع الجواز ده شوية بس وساعتها هقولك على كل حاجة
حرك رأسه بعنف رافضاً مطلبها ، فحول بصره عنها وهو يقول كمالك زمام الأمور:
– مش هستنى يا حياء ولحد بقى ما تقررى تقولى اللى عندك هتجوز إيلين ومتخافيش هعدل بينكم أنتى ٣ أيام وهى ٣ أيام واليوم السابع هريح دماغى منكم أنتوا الاتنين ، ماهو لازم برضه أخد أجازة
فاضت عيناها بالدموع وقفزت على قدميها لتنطلق تعدو نحو البحر ثانية ، يدفعها شعور التعاسة الذى غمر قلبها ، هناك فى البحر سوف تدفن ألامها ويأسها من إقناع راسل بالتخلى عن تلك الزيجة ، ولكن كان متيقظاً تماماً حتى أنه حدس ما كان يدور فى ذهنها فمد يده وامسك كاحلها فسقطت على الرمال منبطحة على وجهها ، طرحها على ظهرها ، ليتسنى له النظر في وجهها بتمعن ، ولكن شعرت بالنفور منه فجأة ، وأرادت الفرار من حصاره ، فرفعت ساقها وضربته بمنتصف معدته ، فتأوه وأرخى يده عنها
تتابعت أنفاسها وهى تقول بشماتة :
– أحسن تستاهل ، عايز تتجوز عليا يا خاين
بلمح البصر نهضت وفرت هاربة تجاه المقصورة ، فركض خلفها وهو يتوعدها أشد الوعيد على فعلتها:
– صبرك عليا يا حياء إما وريتك جنانك ده
وصلت للمقصورة وولجت للداخل ، وكادت تغلق بابها ، فوجدته يضع يده بشق الباب ، فظلت تدفعه بكل ما أوتيت من قوة
فصرخ بها بحنق :
– أفتحى الباب يا حياء أحسن ليلتك مش هتعدى النهاردة
لم تستمع لقوله ، بل أقتربت بفمها من ظاهر يده وقضمته بغيظ ، فكأنها أيقظت قوة وحش ثائر ، إذ ركل راسل الباب بقدمه وكاد يحطمه
ففرت هى هاربة لأقصى طرف بالمقصورة ، فهتف بها من بين أسنانه :
– إيه اللى عملتيه ده كله والجنان بتاعك ده
– هو أنت لسه شوفت جنان صبرك عليا
قالتها وهى تلتفت يميناً ويساراً وكلما وجدت شئ بجوارها تقذفه به ، فغضبها وإستياءها وصل لذروته ولم تعد تدرى ما تفعل ، ولكن مع إلتقاطها لإحدى المزهريات ،كان قابضاً على يدها بين كفه يكاد يسحق عظامها
فصاحت به بشعور قوى بالألم :
– إيدى هتتكسر سيب إيدى
أفلت يدها ولكن قبض على مؤخرة عنقها ، فقال من بين أسنانه بغيظ:
– أنتى هتتعاقبى على كل اللى عملتيه ده يا روحى
أدناها منه ، حتى صارت ملتصقة به، فبدأ وصالها وهى تحاربه بكل ما لديها من قوة ، ولكن إستطاع السيطرة على لبط قدميها ولكن يديها محررتان تدفعه بهما كيفما تشاء ، ولكن كأنها تحاول إزاحة أو زعزعة جبل من مكانه ، فوجدت أن الأنسب والأسلم لها حتى لا ينتهى الأمر بالمزيد من إيذاءها ، أن تهدأ وتكف عن دفاعها المستميت
فصارت بين يديه كقطعة من الثلج ، أو تمثال من الشمع لا حياة به ، تنظر له كأنها تراه من مكان بعيد يحاول أن يقضى وقتاً ممتعاً مع شبح يشبهها كثيراً
– حياء بلاش طريقتك دى فاهمة
صرخ بوجهها وهو يراها بين يديه أشبه بالجثة ، تتركه يفعل ما يفعله ولا تبدى رفضاً أو قبولاً ، كأنها صارت دمية فجأة
ردت قائلة بصوت بارد خافت ، كأن لم يعد لديها القدرة على الكلام :
– مش أنت عايز كده أنا قدامك أهو أعمل اللى أنت عايزه يا راسل ، ومش همنعك ده حقك بس متطلبش منى أن أكون حابة اللى بيحصل ده ، فكمل اللى عايز تعمله
أغمضت عينيها وسالت دموعها على جانبى وجهها ، فبأسوء مواقفهما سوياً لم يحدث بينهما شئ كهذا ، أن يأخذها عنوة فارضاً هيمنته دون مراعاة مشاعرها كأنثى لا تريد سوى الحنان والدفء والعطاء المتبادل بالعلاقة الزوجية القائمة بينها وبين زوجها
مد يده ورفع تلك القلادة الموضوعة حول عنقها ، فهو لم يراها من قبل ، فالقلادة تحمل صورته وصورة صغيرته ، فتحت هى عينيها عندما شعرت بسكونه ، فوجدته يحدق بالقلادة
سحبتها من بين يده وقبضت عليها بكفها وهى تقول بقهر :
– سيبلى صورة حبيبى اللى مفكرش مرة أنه يأذى مشاعرى بالشكل ده
إستطاعت لمس مشاعره بهمسها المقهور ، فأدنى بوجهه منها هامساً بإحدى أذنيها :
– حبيبك لسه هنا وأنتى اللى مصرة تضيعه وتخسريه
أراد الإبتعاد عنها ، ولكن أبدى إعتذاره بقبلة وضعها على جبينها ، قبل أن يتركها بصورة نهائية ، ترك مكانه ووقف أمام النافذة الصغيرة يحاول إلتقاط أنفاسه ، يفكر فيما حدث بينهما منذ لحظات ، فهو فى حياته بأسرها لم يرغم أنثى على أن تتقبل وجوده بحياتها ، بل كان دائماً ما يحكم سيطرته على مشاعره حتى وإن ثارت للود كما حدث له منذ قليل ، رفع أصابعه يتحسس تلك الخدوش التى أحدثتها أظافرها على صدره وهى تحاول أنه يجعله يطلق سراحها
فكيف وصلا إلى هذا الحال ؟
يريدها وهى ترفضه ، يقدم على وصالها وهى تحاربه ، صارت حياتهما سوياً محصورة بين إقدام من جانبه وإحجام من جانبها ، فلما معها تتهدم كل معاييره ، فلو كانت أنثى غيرها ، لم يكن سيشكل ذلك فارقاً معه ، فأى سحر تملكه وسلطته عليه حتى تجعله وهو الذى كان يطلق عليه الجميع ” البارد ذو المشاعر المتبلدة ” بأن يتلهف لقربها بل يشعر أحياناً بأن حنينه إليها سيقتله بوقت من الأوقات
شعر بدفء فجأة وهو يراها تقف خلفه وتلف ذراعيها حوله وتضع رأسها على ظهره ، فسمع نشيج صوتها وهى تقول بصوت متحشرج :
– أنا أسفة على كل حاجة وجعتك ، عارفة أن عمايلك دى من يأسك من تصرفاتى معاك بس أه لو تعرف أنا بحبك قد ايه يا حبيبى وبخاف عليك
تواقة هى لأن تبكى على صدره ، فالضغط أصبح لا يطاق ، مشتتة بين واجبها وعشقها ، فلو أخلت بأحدهما سيتهدم الأخر ، ولكنها تلتمس له العذر على أفعاله اليائسة حد الموت من أفعالها
إستدار إليها فتركها تفعل ما تفعله دون محاولة منه أن يصدها أو أن يمارس معها ألاعيبه الباردة ، فسالت دموعها على صدره وهى واضعة رأسها موضع قلبه الخافق برتابة ، وبعد إكتفاءها من البكاء وربته عليها ليجعلها تهدأ ، أخذت يده تقبل باطنها بعشق جارف ، ومررتها على وجنتها ، تتلمس منه الحنان والعطف
فها هى تعود من جديد ، تلقى بشباكها وما عليه سوى إبتلاع الطُعم كالعادة ، كأنه حقاً يمتلك ذاكرة تشبه ذاكرة السمك ، التى وإن فر هارباً من شباك الصيد ، ينسى الأمر سريعاً ويعود لما كان عليه ، ويلقى بنفسه بالهلاك
ولكن أن يُهلك هكذا وينغمسا سوياً بأنهر من الحب والغرام ، لهو هلاك وعذاب محبب للنفس العاشقة ، فما كان من أمرها منذ دقائق من محاربة وقتال ونفور ، صار الأمر كأنه عزف نغمة هادئة تأسر الحواس ، ليلة ملحمية أخرى تضاف لمصاف ليالى الغرام خاصتهما ، ليلة أمتزج بها البحر والقمر والعشق بعروقهما ، وليلة أسر بها الفارس المغوار صبيته الحسناء
____________
ضمت ساقيها ولفت ذراعيها حولهما ،وهى تنظر لصديقتها بتيه كأنها أصابها الخرس فجأة ، فعودتها للمنزل بعد غياب دام عدة أيام ، لم يكن والدها يمررها لها بتلك السهولة ، خاصة وأنه بعد غيابها ذهب لقسم الشرطة وأبلغ عن فقدان نجلته الكبرى بعد خروجها من المنزل ، فعندما رآها أمام باب الشقة ، لم تكن قدميه تسعفه بالوقوف ، إذا إرتجفتا فجأة كأنهما رخويتان ، فأسرعت هى وزوجته بإسناده قبل أن يسقط أرضاً ، وبعد مرور تلك اللحظة الصادمة برؤيته لها ثانية ، أمعن بها النظر جيداً ، فتلك ليست ثيابها ، ويبدو عليها كأنها كانت بنزهة وعادت لتوها ، وكان ذلك أدعى بأن يوسوس له الشيطان ، من كون أن إبنته ربما فرت من المنزل بإرادتها الحرة ، وربما فرت أيضاً من أجل شاب كان يريد إغواءها
بدأ الحديث معها بلين فى البداية ، وسرعان ما أنهال عليها ضرباً حتى كادت تعود لتلك الحالة الصحية المزرية التى كانت عليها عندما تم إنقاذها ، فمن أنقذها من يده بصعوبة هى زوجة أبيها ، فأمر بحبسها داخل غرفتها لحين إفشاءها بإسم من حرضها على الهرب مثلما وضع بإعتقاده
سحبت صديقها يدها لتحاول جذب إنتباهها وتطرد عنها تلك الحالة من الشرود فهتفت بها بلطف :
– سهى أتكلمى بقى وقولى إيه اللى حصل بقالى ربع ساعة قاعدة ومنطقتيش بكلمة
شهقت سهى ببكاء وهى تقول بحزن :
– عيزانى أقول إيه ؟ ليه محدش مصدقنى أن كنت فعلاً مخطوفة وفى واحد أنقذنى ، والله العظيم هى دى الحقيقة أنا معملتش حاجة غلط زى ما بابا مفكر والله ما عملت حاجة غلط
جذبتها صديقتها وطوقتها بذراعيها وقالت فى محاولة منها لتخفف شعورها بالألم النفسى :
– حبيبتى أنا والله مصدقاكى بس إحكيلى على اللى حصل بالظبط
أبتعدت سهى عنها قليلاً ، وبدأت بسرد القصة كاملة منذ بداية خطفها حتى تلك اللحظة التى تعيشها ، فتعبير وجه صديقتها المصدوم ، لم يكن بأقل من صدمة أبيها وزوجته ، عندما قصت لهما ما حدث لها ، فظن أبيها أنها تسرد له قصة أحد الأفلام الأجنبية المغرمة هى بمشاهدتها
فختمت حديثها :
– مش مصدقانى أنت كمان صح وشك بيقول كده ، هتعملى زى بابا وتفتكرى أن بحكيلك قصة فيلم أكشن
هزت صديقتها رأسها بعنف ، لتنفض عنها تلك الحالة من البلاهة والبلادة التى تلبستها فجأة ، فقالت وهى تحاول أن تبتسم:
– لا أبداً والله مصدقاكى بس دى حكاية ولا فى الخيال وكمان اللى أنقذك هو الشاب اللى كسرتيله إزاز عربيته وكمان حكتيلى أنك قابلتيه فى مستشفى وشتمتيه ، باين عليه شهم
– دا قليل الذوق وكمان مدمن مخدرات
قالتها سهى بإمتعاض وهى تتذكر أخر مرة رأته بها ، عندما قام بجعلها تترك منزله بحالة أشبه بالطرد ، كأنه كان يعتنى بقطة شريدة وسأم منها فقام بطردها ، كأنه نسى فجأة لما أتى بها لبيته
وضعت صديقتها يدها على فمها وهى تردد بصدمة :
– مدمن مخدرات ، يالهوى ، سهى أوعى يكون عمل فيكى حاجة قوليلى أنا صاحبتك وأختك وحبيبتك
تركت سهى الفراش وهى تتمت بغيظ :
– معملش حاجة والله العظيم أنا زى الفل
سأمت من تكرار هذا الكلام ، ولكنها تلتمس لهم العذر ، فأى أحد ربما سيتهمها بتأليف تلك القصة ، خاصة بعد عودتها بسيارة فارهة وثياب أنيقة
سمعا صوت طرق على الباب ، فقالت سهى وهى تنظر من النافذة :
– أدخل
أنفتح الباب وظنت أن القادم زوجة أبيها ، ولكنها كانت مخطئة بظنها ، إذ سمعت صوت والدها يهتف بها بخشونة :
– سهى تعالى عمك وإبنه جم من البلد برا وعايزين يشوفوكى
أجفلت سهى من قول أبيها ، فدارت على عقبيها ونظرت له بعينان متسعتان ، تخشى أن ينفذ أبيها تهديده السابق ،من أن يجعلها تترك دراستها بل والأدهى من ذلك وأمر ، هو تخطيطه لزواجها من إبن عمها
فتهدل ذراعيها بجانبها وقالت بريبة وشك :
– وهو عمى وإبنه ايه اللى جابهم دلوقتى يا بابا ، خير مش عوايدهم يعنى يزرونا إحنا مش بنشوف حد منهم إلا كل سنة مرة
ربما يجب عليه أن يكن أكثر حكمة بهذا الوقت ، خاصة أن إبنته ليست بمفردها ولكن صديقتها تجلس معها ، فرد قائلاً بهدوء :
– وفيها إيه يعنى لما اخويا وابنى ييجوا يزورونى إلبسى هدومك وحصلينى على برا
خرج والدها وأغلق الباب خلفها ، فحدقت بصديقتها ، بل ولطمت خديها أيضاً وهى تقول بخوف :
– شوفتى ، أكيد عمى وإبنه جايين علشان حاجة ، مصيبة ليكون بابا ناوى ينفذ تهديده ويخلينى أتجوز أبن عمى ومكملش دراستى بعد اللى حصل ، أعمل ايه ردى عليا أعمل إيه
وقفت صديقتها أمامها وأحتضنتها تحاول أن تهدأ من روعها ، ولكن كأن فيضان أكتسح عينيها ، فظلت تبكى حتى جاءتها زوجة أبيها لتحثها على الخروج ، فبعد رحيل صديقتها أرتدت ثياب ملائمة وخرجت من الغرفة حتى وصلت لغرفة المعيشة
ألقت عليهم التحية وجلست بجانب زوجة أبيها ، التى مدت يدها وربتت على ساقها كدعم لها ، رفعت سهى رأسها بعد قضاءها لحظات تنظر بالأرض ، فنظرت بداية لعمها الذى يكبر أبيها بعدة أعوام يشبهه بالملامح ولكن كان والدها مليح الوجه عنه ، وإبن عمها الذى ألقى عليها نظرة خاطفة وعاد ينظر لأبيه ، لا تنكر أنه شاب جيد من حيث تكوينه الجسدى وملامح وجهه ، وحصولة على شهادة بكالوريوس الزراعة ، وجاء ذلك طبقاً لرغبة والده ليرعى فيما بعد تلك الأراضى الموروثة لهما من جدها الراحل
وضع عمها كوب المشروب من يده ونظر لأبيها وهو يقول بإبتسامة بشوشة :
– سهى كبرت وأحلوت بقت عروسة ما شاء الله عليها وإحنا جينا أنا وأبنى علشان نفكرك بوعدنا القديم من أن سهى تتجوز إبنى ، فقولت إيه يا أخويا ومهرها عندى وأتقلهالك بالدهب
صعقت سهى مما سمعته من عمها ، فردت بسرعة :
– جواز إيه أنا لسه بتعلم حتى لسه مدخلتش الجامعة
رد إبن عمها وهو يقول بهدوء:
– أنا مش هحرمك من التعليم هتكملى تعليمك عادى وتدخلى الكلية اللى تعجبك متقلقيش من الموضوع ده
فعن أى قلق يتحدث هو ، فهى تشعر بالرعب والذعر ، نظرت لأبيها تستعطفه بنظراتها من أن يقول شيئاً ويحول بين ذلك الأمر ، ولكن يبدو عليه أنه لن يهب لنجدتها ، بل أيقنت أنه هو من أراد إتمام تلك الزيجة بالمقام الأول ، فكانت الطامة الكبرى عندما سمعت عمها يحثهم على قراءة الفاتحة ، على أن يعود للبلدة ويجلب باقى العائلة من أجل إتمام الأمر بصورة فعلية
تركت مكانها وفرت هاربة لغرفتها ، فعلل أبيها فعلتها بأنها تشعر بالخجل كباقى الفتيات بموقف كهذا ، ولكن العريس المنتظر لم يكن يظن أن ما قاله عمه هو الحقيقة ، فبالأمر شئ مبهم ولابد له من معرفته ، ولكن تفكيره لم يكن يشغله عن إقراره بحقيقة أن إبنة عمة وعروسة المنتظرة صارت فتاة يافعة كالورود الندية ، وستكون زهرة صغيرة تزين منزله
____________
لم يكن ينقصه سوى نصب الفخ لزوج والدته بإحكام ، فهو لا يريد أن يتورط بالأمر أمام الشرطة ، ولكن عليه أن يتحلى بالذكاء والدهاء حتى ينتهى من الأمر برمته ، فلم يكن أسهل من أن يأمر رجاله بالتخلص منه ، ولكن ذلك لن يكون كافياً لإطفاء تلك النيران التى نشبت بصدره منذ أن كان صغيراً ، ويراه يفعل به تلك الافاعيل التى لا تمت بصلة لإنسان يتحلى بالأدمية والإنسانية ، فهو كأنه كان بيده كأداة لتفريغ كل أهواءه المقززة والقذرة ، ولم يكن يكفيه أن الله أحل له بأن يكون له زوجة ، ويحيا حياة طبيعية ، ولكن أراد ممارسة الرزائل المحرمة مع طفل لم يكن تخطى من عمره سوى سنوات قليلة ، ولم يكن يعى بالبداية ما مغزى تلك الأفعال المشينة والواقعة عليه من زوج والدته
فكلما أغمض عينيه يمر بعقله إحدى المشاهد المقززة ، ومازال يتذكر إبتسامته البشعة وهو بين يديه لاحول له ولا قوة سوى بكاءه ، فهو حتى كان يحرمه حق الصراخ للتعبير عن رفضه لما يحدث ، إذا كان يكمم فمه ، حتى تنتهى إحدى نوبات إعتداءه المتكرر
أنتفض عمرو صارخاً فجأة ، كأنه مازال يشعر بطعم عبراته النازفة عندما كان يبكى :
– أااااااااااااااه
أنفتح باب غرفته وولجت والدته بخطوات مهرولة ، لتعلم سبب صراخه ، فأقتربت من فراشه الجالس عليه ، وجلست بجانبه وحاولت أن تضمه إليها وهى تقول بقلق:
– مالك يا حبيبى فى إيه بتصرخ ليه كده أنت لسه بتجيلك الكوابيس دى
دفعها عنه بجفاء وترك الفراش ، فدمعت عيناه وهو يصرخ بها :
– أطلعى برا وسبينى يلااااااا، مش عايز أشوف حد
إمتعضت والدته من سلوكه السئ والجاف معها ، ولم يقتصر الأمر على تلك المرة فقط ، ولكن منذ أن بلغ أشده ، والعلاقة بينهما صارت ضحلة ، وتقتصر على سؤالها عنه بسؤال عابر ليرد هو بإقتضاب
تركت الفراش الجالسة عليه ، وعقدت ذراعيها وهى تقول بإستياء :
– أنت مش ناوى تغير أسلوبك وطريقتك دى يا عمرو أنتى ناسى أن أنا أمك
إبتسم عمرو قائلاً بسخرية :
– أمى ! ومن أمتى كنتى ليا أم زى باقى الأمهات ، كان كل اللى فى دماغك بس إزاى ترضى الراجل القذر اللى أنتى متجوزاه لدرجة أنك نسيتى أن عندك إبن
إحتقن وجهها بدماء الغضب وتساءلت :
– قصدك إيه بكلامك ده يا عمرو ؟ وليه مصر على أن يكون فى خلاف بينك وبين جوزى ، دا كله علشان اللى رباك جوز أمك مش باباك
– قصدك اللى ربانى الشيطان دا حتى الشيطان يقوله يا عمى
قال عمرو بصوت حثيث مرعب ، كأنه يهمس بأذنها فى إحدى كوابيسها
فأشاحت بوجهها عنه وقالت :
– هترجع لأفكارك الغريبة وتفكيرك العجيب ده تانى يا عمرو فعلاً كان لازم تروح لدكتور نفسى
أطاح بمزهرية كانت موضوعة قريباً منه ، فصاح بغضب :
– هو اللى كان لازم يروح لدكتور نفسى جوزك اللى نفسيته مريضة وإنسان بشع بمعنى الكلمة ، عمل معايا كل شئ تتخيله ، أقولك على حاجة كمان ، كان دايما يجبرنى أن أنا أتفرج عليكم وأنتوا مع بعض فى أوضة نومكم ، أنا أتربيت على القرف فاهمة يعنى إيه
لم يكن زوج والدته يكتفى بأفعاله المشينة معه ، بل كثيراً من الأحيان كان يجعله يشاهد كل ما يدور بينه وبين والدته بأوقاتهما الخاصة ، ويجعله يرى كيف أن أمه كانت تستجيب لأهواءه المريضة ورغباته السادية ، فتلك الصورة النقية التى كان يحتفظ بها لوالدته تحطمت مع رؤيته المتكررة لخضوعها وخنوعها وحبها لأساليب زوجها السادية والشاذة
فروحه صارت خراب ودمار ، وعقله منذ صغره بات معبأ ومملوء بأبشع المشاهد وأقذرها ، كأن لم يعد ينعق بخراب روحه سوى غربان سود تنذره بأن حياته ستظل ظلام دامس ، ولن يستطيع إنقاذ نفسه التى غرقت بالأوحال
شعرت بتدفق العرق على وجهها ، من تخيلها فقط رؤيته لها بتلك المواضع المخلة حتى وإن كانت برفقة زوجها ، فجف حلقها وقالت بصوت مبحوح :
– عمرو أنت بتقول إيه
التوى ثغره لعلمه بأنها ستحاول نفى ما قاله ، فلم يعد لديه مزيد من الطاقة لمجادلتها فأنهى الحوار بينهما وهو يقول بإرهاق :
– مبقولش يا ماما روحى نامى وأرتاحى
رفع يده يشير لها بالخروج من الغرفة ، فلم تنتظر دقيقة أخرى إذ خرجت مهرولة ، فأغمض عينيه كأنها يعتصرها ، وكز على أنيابه طاحناً إياهما ببعضهما البعض ، فهو متيقن من أنها ستذهب لزوجها وتخبره بما قاله وسينجح فى جعلها أن تتيقن من أن ما قاله ولدها ماهو إلا حديث من وحى خياله ، وأنه لابد له من الذهاب لطبيب نفسى للتخلص من تلك الأوهام
ولكن تلك المرة لن تكون كسابقيها ، فهو الآن بملعبه وعلى أرضه ، فأخذ هاتفه وتحدث مع أحد رجاله ، وأمره بأن ينفذ ما أخبره به بدقة ، فبعد أن أنهى مكالمته ، إبتسم بشر وربما تلك هى المرة الأولى التى تكون إبتسامة شر بمحلها
____________
تدور بالمطبخ كالفراشة وهى تعمل على تحضير قدح القهوة الخاص به ، فهى صارت تعلم بأى وقت يحب إحتساء قهوته اللذيذة ذو الرائحة النفاذة والتى يبدو عليه أنه مدمناً عليها ، لم تكن ذات خبرة واسعة فى أعمال وشئون المطبخ ، ولكن يظل إعدادها للقهوة سراً خاص بها ، فبعد فروغها من صب القهوة بالفنجان ، وضعته على صينية فضية ووضعت كوب الماء ومزهرية صغيرة بها ورود صغيرة ، كنوع من التناسق وبعث الراحة بنفس راسل ، فهو كان غائباً عن المنزل بالأيام الماضية ، ولكن ها هو قد عاد ثانية ، جاعلاً كل عصب بها وخلية تهتف بإشتياقها إليه
أثناء خروجها من المطبخ ، قابلت وفاء والتى يبدو عليها أنها جاءت للمطبخ من أجل أمر ما ، فألقت عليها التحية بتهذيب كعادتها مع أهل البيت:
– أهلا يا طنط وفاء
ردت وفاء بإبتسامة هادئة:
– أهلا بيكى يا حبيبتى ، قهوة مين دى
رفعت إيلين الصينية قليلاً ، كأنها تدعوها لأن تلقى نظرة على ما أعدته ، فقالت بصوت خافت :
– دى القهوة بتاعة راسل اللى بيحب يشربها ، عملتهاله بنفسى
أماءت وفاء برأسها ، وتركتها ودلفت للمطبخ ، بينما صعدت هى الدرج لتصل لغرفة راسل ، فهى تعلم بشأن أنه حالياً بغرفته ، وصلت أمام الغرفة وأدارت المقبض بدون أن تطرق الباب ، أرادت أن تفاجئه بمجيئها ، ولكن تجمدت بمكانها وهى ترى ذلك المشهد الغرامى والحميمى بين راسل وزوجته حياء
إذ كان ممدداً على الفراش واضعاً رأسه على ساق حياء وهى تستند بظهرها للسرير ، وتميل برأسها إليه ويبدو أنهما منهمكان بحديثهما وهو يتخلل خصيلاتها الناعمة بأصابعه ، وهى تداعب وجهه ولحيته وتضحك وتبتسم بدلال ، بل لم يقتصر الأمر على ذلك إذ سمعته يهتف بزوجته بجنون العاشق :
– وحشتينى أوى
لتجيبه حياء بدفء صوتها الناعم :
– أنت أكتر يا روح قلبي
ظلت هى تتابع المشهد والحديث الغرامى بينهما ، فوجدتهما بصدد إكمال ليلتهما كأى زوجان عاشقان ، خاصة بعد أن انفلت عقالهما سوياً وصار العناق بينهما محموم ، يتحدث كل منهما بلوعة عشقه للأخر ، كأنهما مصابان بالهذيان الناتج عن الإصابة بحمى شديدة
ولكن ما كادت ترى راسل يقترب من زوجته ، حتى سقطت الصينية من يدها تحدث صوت جلبة قوية أنتبها عليها العاشقان ، فبسرعة البرق أبتعد راسل عن حياء ، التى تركت مكانها وهى تعمل على ترتيب شعرها المشعث
فصاحت بها بغضب :
– إيه ده مش فى حاجة إسمها إستئذان إزاى تدخلى علينا كده
أجابتها ببرود :
– مكنتش أعرف أنك هنا معاه يا حياء
وضعت حياء شعرها خلف أذنيها وهى تقول ببرود مماثل :
– وأديكى عرفتى أتفضلى بقى أخرجى لأن الصراحة مش عايزة مزاجي يتعكر وعلشان جوزى واحشنى بعد الكام يوم اللى كان مسافرهم
أقتربت منه ووضعت ذراعيها حوله ورأسها على صدره ، كأنها تريد أن تجعلها تعى حقيقة الوضع بينهما ، فهى ستظل آسرته بحبال عشقها وودها ، حتى وإن كانت تأمل هى فى الحصول عليه ، وهو حلم مستحيل المنال
حولت بصرها عن وجه حياء ونظرت إليه ، وجدته يرمق زوجته بعينان متألقتان بوهج عاطفى ، من شأنه أن يجعل حياء تبلغ ذروة سعادتها ، بأن رجل مثله يهيم بها عشقاً ، وكأن كل ما حدث منها سابقاً قد غفره لها بلمح البصر ولم يعد يتذكر منه شيئاً ، فهى تكاد تصاب بالجنون لتحصل على إجابة واحدة لذلك السؤال الذى ضج بعقلها ،وهو ماذا تملك حياء عن باقى النساء لتجعل رجل مثله مغرماً بها حد النخاغ ؟ بل لم يقتصر الأمر عليه فقط ، فشقيقها أيضاً يشيد بها وبأخلاقها ، ولم تنسى تحذيره لها بأن لا تمسها بسوء وإلا سيقتلها على الفور
تمايلت قليلاً بخصرها وهى واضعة كفيها على جانبيه وقالت :
– ماهو كمان خطيبى وواحشنى أنا كمان
تركت حياء راسل وخطت تجاهها ، فأدنت بوجهها منها وهى تقول بصوت منخفض:
– خطيب مين يا حبيبتى ، أنتى صدقتى نفسك ولا إيه أصحى لنفسك أحسن مش هيحصلك طيب ، ومتبقيش زى إبليس كده هادمة لذات ومفرقة جماعات
فتحت فمها لتهم بالرد عليها ، فقطع رنين هاتف حياء عليها الفرصة ، إذ إقتربت حياء من الهاتف الموضوع على الكومود ، فوجدت إسم شقيقها ديفيد ، فخرجت للشرفة لتعلم ماذا يريد منها بهذا الوقت ؟ كأن تلك الليلة لن تنتهى ويتركوها تنعم بإشتياق وحنين زوجها لها
رآتها تلج للشرفة ، فنظرت لراسل مطولاً حتى أثارت دهشته ، فنظر إليها متسائلاً:
– مالك بتبصيلى أوى كده ليه يا إيلين
قالت وهى تبتسم بسخرية :
– أصل شيفاك أنت وحياء رجعتوا لبعض
أطالت النظر بفتحه قميصه ، فكأنه أنتبه على تحديقها به ، فعمل على إغلاق أزراره التى سبق وعملت يد حياء على حلها بنوبة عناقهما
لم يتاح له الوقت الكافى للرد على قولها ، إذ خرجت حياء من الشرفة ، فبعودتها خرجت إيلين من الغرفة حتى لا تتشاجران ثانية ، ولكن كأنها أشعلت النيران بقلبها ، تلتهم عقلها وقلبها وكل منطق سليم يمكن أن يمنحها التفكير فى رعونة تصرفاتها التى حذرها منها ديفيد سابقاً
وقفت حياء أمام راسل وهى تبحث عن حجة مناسبة لتحصل على موافقته للذهاب لمنزل أدريانو ، فمن الراجح أنه سيرفض خروجها وذهابها ، إلا أنها لم تجد ضرر من المحاولة
فإبتسمت بوجهه ورفعت يديها ووضعتها على صدره؛ لتجلب عطفه ، فقالت بعد أن أزدردت لعابها :
– حبيبى لازم أروح بين عمى أدريانو علشان بنته بيرى تعبانة أوى ومحتاجة تشوفنى فممكن أروح يومين وأرجع تانى
تجمدت يده التى كانت تمسد على رأسها ، فرمقها بنظرة شك ، إلا أنه لم يخيب رجاءها به فقال باسماً وهو يجيب مطلبها :
– ماشى يا روحى موافق أنك تروحيلها
إزدادت إبتسامتها إتساعاً وبغمرة سعادتها قبلته على وجنته عدة مرات ، ولكن كفت عما تفعله عندما سمعته مستطرداً بنبرة صوت مبهمة :
– بس مش هتروحى لوحدك ياروحى رجلى على رجلك يا حياء حتى كمان أشوف أهل مراتى وأتعرف على نسايبى وأكيد أنا وأخوكى هنبقى أصحاب أوى
__________
يتبع…
•تابع الفصل التالي "رواية لا يليق بك إلا العشق" اضغط على اسم الرواية