Ads by Google X

رواية كرسي لا يتسع لسلطانك الفصل العاشر 10 - بقلم مريم غريب

الصفحة الرئيسية

   

رواية كرسي لا يتسع لسلطانك الفصل العاشر 10 -  بقلم مريم غريب

 الفصل العاشر _ عشق يفوق احتمالي 2 _ :
اندهشت “سمر” عندما صعدت مع زوجها على سطح اليخت.. لتجد طاولة بيضاوية حملت أشهى أصناف المأكولات البحرية.. ليس هذا فحسب ..
تضاعفت دهشتها حين تلفتت حولها و رأت اليابسة و قد اختفت.. ليس هناك سوى البحر.. البحر بموجه الأزرق الزبدي …
-اقعدي يا بيبي !
انتبهت لصوته.. نظرت إليه فإذا به يشد لها المقعد لتجلس.. تقدّمت خطوتين و جلست و هي ترفع حاشية الروب الحريري قليلًا حتى لا تتعثّر به ..
تأكد “عثمان” من جلوسها بشكلٍ جيد.. ثم مضى ليجلس فوق مقعده قبالتها تمامًا ..
لم تفارق الابتسامة وجهه منذ نالها للمرة الثانية _ طبقًا لذاكرتها حديثة العهد به _ و لم يكف عن النظر إليها.. كان مفتونًا بجمالها الفطري.. جذّابة و جميلة دون أيّ مجهود.. حتى و هي لا ترتدي سوى روب مغلق بإحكامٍ.. و شعرها متوسط الطول ينساب حول وجهها بعشوائية زادتها جاذبية ..
مد “عثمان” يده عبر الطاولة ليمسك بيدها المسندة إلى الحافة الزجاجية ..
حدقت مضطربة إلى قبضته التي ضمّت يدها بقوة.. ثم رفعت وجهها لتنظر في وجهه.. الآن تتجرأ لتنظر إلى عينيه مباشرةً بعد الذي صار بينهما ..
و رغمًا عنها تتأثر به.. بوجهه الوسيم.. بشخصيته المعقّدة المثيرة للاهتمام.. و بحقيقة إنها منذ دقائق قليلة كانت بين ذراعيه.. مسلوبة الإرادة.. منساقة وراء رغبتها المفاجئة به و التي شعر بها على الفور و بفضلها بددت شيئًا من قسوته عليها ..
هذه المرة أخذها بقوة.. مدفوعًا بغيرته.. بقلقه من إنه قد يخسرها بأيّ شكل.. إلا إن ما حدث بينهما أكد له بأنها ما زالت هناك.. حبيبته “سمر”.. زوجته.. إنها تختبئ منه فقط تحت ركام الذكريات ..
لكنه لم يعد خائفًا.. سوف تعود.. هو بنفسه سيعيدها.. و قريبًا جدًا …
-بحبك !
تلقّت الكلمة التي خرجت من فاهه بهذا الصوت الرجولي الواثق مجفلة.. سحبت نفسًا مرتعشًا.. و طردته قائلة بصوتٍ متقطّع :
-مش ممكن تبرد كده ؟
رفع حاجبه كأنما لم يتوقع كلماتها.. و ابتسم و هو يخفض بصره عرضيًا لينظر إلى جزعه العاري.. لم يكن يرتدي سوى سروال بيجامته.. حاله لم يكن أقل فوضوية منها …
-خايفة عليا ؟ .. سألها برقة
تنحنحت و هي تجيل عينيها في كل اتجاه بعيدًا عنه و قالت :
-الجو برد.. عشان كده بقول يعني !
ثم حوّلت مجرى الحديث فورًا :
-هو احنا فين ؟ و الأكل ده جه هنا إزاي !؟
بقي “عثمان” ممسكًا بيدها و هو يرد على تساؤلاتها :
-احنا بعيد عن رصيف الإسكندرية بـ 3 ميل بحري.. يعني نص ساعة كده لو حبينا نرجع في أي وقت
الأكل ده الكابتن جابه و هو جاي من قبل ما نوصل انا و انتي.
ذعرت “سمر” في الحال و هي تقول بتشنجٍ واضح :
-كابتن.. احنا مش لوحدنا هنا و أنا قاعدة بالمنظر ده ؟؟
حلّ نوع من الغضب محل الابتسامة على وجه “عثمان” و هو يقول بحدة :
-إهدي.. كابتن إيه إللي هاسمح لك تخرجي بالمنظر ده في وجوده ؟
الراجل جابنا لحد هنا بتعليمات مني و بعدين أخد الـBoat الاحتياطي و رجع لوحده.. لمعلوماتك الجديدة أنا بعرف أطلع باليخت من و أنا عندي 14 سنة.. لكن إنهاردة بالذات كنت مشغول بحاجة واحدة بس و ماحبتش ألتفت لأي شيء تاني
كنت مشغول بيكي انتي يا سمر.
صمتت و لم تعقّب على كلماته الأخيرة تحديدًا.. ترك يدها الآن متنهدًا بعمق.. مسح على وجهه بتعبٍ واضح.. تعب معنوي على وجه الخصوص.. ثم قال بصوتٍ مكتوم :
-أنا تعبت يا سمر.. تعبتيني.. لحد إمتى هانعيش بالشكل ده ؟
احنا مرّينا بأزمات كتير في حياتنا.. بس عمري ما فكرت إنك هاتيجي في يوم و تنسيني
ممكن أبان رجعي بالتفكير ده.. لكن حتى لو الافتراض ده صح.. أنا مش مصدق إنك نسيتي كل إللي بينا.. سمر.. إستحالة تنسيني.. أنا كنت أقرب حد ليكي أقرب حتى من نفسك.. و انتي.. انتي حبيبتي.. لأ.. أنا رافض إللي بيحصل ده.. رفضه و عمري ما هقبله.. سمّيني بقى رجعي مجنون.. أنا مش هاتعامل معاكي كأني واحد غريب عنك
أنا جوزك.. في بينا ولاد.. و حب يا سمر.. قبل كل شيء في حب !!
أصغت إليه مبلبلة الفكر.. تشعر بالدموع تلسع عينيها مُهددة بالهطول.. شهقت فجأة مشيحة بوجهها تجاه البحر.. كتفاها يرتفعان و ينخفضان لعنف تنفسها.. مهما حاولت فإن محاولاتها تذهب سُدى.. و لا تتذكر أيّ شيء ..
تفر من عينها دمعة يائسة.. تسارع بنزحها بظاهر يدها.. ثم تقول بصوتٍ مرتعش و هي لا تزال مولية بصرها إلى البحر :
-أنا محتاجة أعرف.. الفترة إللي اتمسحت من عقلي
إللي انت ظهرت فيها في حياتي تحديدًا.. احكيلي اتعرفنا إزاي.. حبينا بعض إزاي ..
و نظرت إليه في هذه اللحظة من خلال دموعها.. و قالت بنبرة إتهامية :
-و اتجوزنا إزاي !؟؟
كان ثابتًا في مواجهتها.. لم تختلج عضلةً واحدة بجسده.. باستثناء شعره الذي أخذ الهواء المنعش يعبث فيه جيئة رواحًا ..
أخذ “عثمان” نفسًا عميقًا.. و قال بصوته العميق و هو يومئ لها :
-حاضر يا سمر.. هاحكيلك.. هاقولك كل إللي محتاجة تعرفيه
بس قبل ما أتكلم.. لازم تعرفي إن كل إللي حصل في بداية علاقتنا على أد ما كان صعب و رخيص في نظر أي حد وقتها
إلا إنه كان نقطة تحول في حياتي.. أنا كنت ماسح أوبشن الارتباط و الجواز من حياتي.. ما بالك الحب ؟
أنا حبيتك يا سمر.. و بكررها لك للمرة الألف.. أقسم بالله.. لو ماكنتش حبيتك.. ماكنتش شيّلتك اسمي.. ماكنتيش هاتبقي قاعدة قدامي إنهاردة و انتي مراتي على سنة الله و رسوله.. ماكنتيش جبيتلي أغلى الناس.. يحيى و فريدة.. ولادنا.
ترفع “سمر” ذقنها و تنظر إليه بقوة أكثر.. و تعيد طلبها ثانيةً بلهجة هادئة :
-أحكيلي !
**
لقرابة الساعة ..
بقيت “مايا” تحدق بنص رسالة “نبيل” على “واتساب” الخاص بها.. و الصورة المرفقة به.. لقد بعث لها فعليًا بصورة لثوب نسائي فاضح ..
و الأدهى.. تلك المعلومات الجنسية عن نفسه.. لقد أبدى فسوقًا لم تره طوال حياتها.. حتى إنها ظنّت منذ وقت طويل بأنها فقدت حيائها.. لا.. لم تفقده كليةً ..
ذاك الماجن.. الفاسق.. إنه جاد تمامًا.. إن هلاكها حتمًا على يديه ..
ارتعدت “مايا” بعنفٍ.. عندما دق الهاتف في يدها معلنًا اتصالًا من “نبيل”..
قامت من أمام مرآتها محررة شعرها من المنشفة الندية.. أسرعت لتقف قرب نافذتها.. تمارس عملية الشهيق و الزفير بانتظام لبرهة قبل أن تتلقّى اتصاله ..
و فور أن ضمنت سيطرتها على أعصابها التي دمّرها بتصرفاته.. ردت عليه بشجاعة :
-أفنـدم !!
انبعث صوتها أجشًا لعوبًا على الفور :
-بقالك ساعة بتبحلقي في الماسدج.. قلت أتصل بيكي يمكن أسمع حاجة
إيه.. مافيش أي كومنت ؟
رفعت “مايا” كفها البارد لتلمس خدّها الملتهب بشدة جرّاء ما يسببه لها من خجل شديد.. لكن رغم من هذا حرصت أن يخرج صوتها صلبًا ثابتًا :
-على فكرة يا نبيل.. انت سافل و منحط !
جلجلت ضحكته على الطرف الآخر.. ضحكة مؤذية للمشاعر.. تماسكت لأقصى حد بينما يقول باسلوبه العابث :
-مايا أنا بحاول أوصل لمعاييرك مش أكتر.. انتي مضايقة من جرأتي ؟
غريبة.. مع إنك وصلتي ليا جرأتك بمنتهى البساطة.. و انا حبيتها.
مايا بصبر : هي إيه دي إللي حبيتها ؟
-جرأتك.. انتي بالجرأة دي هاتوفري علينا حاجات كتير أوي.
-فعلًا ؟
زي إيه مثلًا !؟
-لأ ده سؤال يطول شرحه.. بصي أنا عايز أشوفك.. تعالي نخرج سوا الليلة دي.
ردت بعدائية شديدة :
-مش هاخرج معاك في أي مكان !
-إيه سبب الرفض ده يا مايا ؟
يعني معقول خايفة مني ؟
-أنا مابخافش يا نبيل.
مهما حاولت إظهار القوة أمامه.. فإنها موقنة بداخلها كم هي ضعيفة ..
سمعته يصدر تنهيدة سريعة.. قبل أن يقول بهدوء :
-اسمعي يا مايا.. أنا مش بغصبك على حاجة.. و لو كنتي بيّنتي لي أي رفض أو صد و أنا بحاول معاكي صدقيني ماكنتش قرّبت منك.. لكن انتي بالعكس
بتفتحي ماسدجاتي.. بتردي عليا لما بكلمك.. كل دي ردود منك بتقبل تصرفاتي حتى لو مش بتقوليها ..
كادت ترد عليه لتنفي مزاعمه التي تقرّ بصحتها فر قرارة نفسها.. إلا إنه قاطعها بحزمٍ :
-مايا.. انتي خلاص بقيتي مرتبطة بيا Anyway
و ماتقدريش تنكري إن في كيميا بيني و بينك.. حتى لو بتتظاهري إنك مش طايقاني.. أنا عارف إللي جواكي.
دوى خفقان قلبها في أذنيها و هي تسأله باستخفافٍ متكلّف :
-كمان عارف إللي جوايا.. طيب ما تقول كده و تعرّفني إيه إللي جوايا ؟
بانت الابتسامة بصوته و هو يرد عليها :
-هقولك.. بس لما أشوفك
قابليني الليلة دي يا مايا و مش هاتندمي.. و ماتقلقيش مش هاخدك في حتة كده و لا كده
لسا شوية على المرحلة دي.. هانروح مكان لطيف نتعشّى و نتكلم على راحتنا.. مش هحاول أضايقك و لو حبيتي تمشي في أي لحظة هاقوم و أوصلك لحد البيت
ها قولتي إيه ؟
ازدردت ريقها بتوتر.. مجرد مكالمة تعبث بها و بأعصابها هكذا.. فماذا لو إلتقيا !؟؟
برغم ذلك.. لم تفكر طويلًا.. و خرج منها فمها الرد الذي صدمها في نفس اللحظة :
-موافقة !
ران الصمت لبرهة ندمت خلالها على تسرعها.. ثم جاء صوته منفرجًا واعدًا :
-حلو
هاكون عندك الساعة 8 بالظبط.. استني مكالمة مني
باي مؤقت يا مايا.
و أغلق معها ..
لتظل هي بلا حراكٍ لدقائق.. واقعة تحت تاثير كلماته.. و الحوار بينهما يتردد مرارًا و تكرارًا بأذنيها …
**
يخرج “رامز الأمير” من متجر الصيدلة حاملًا كيسًا كبيرًا من العلاج ..
عاد إلى سيارته متأففًا من هاتف “شمس” الذي لم ينفك عنه الاتصالات.. كلها واردة من رقم والدتها.. ضاق “رامز” ذرعًا بالمرأة التي لا تظهر إلا لكي تنغص عليه حياته ..
غمره حقد شديد عليها.. فعقد النيّة مدفوعًا بغضبه.. أمسك بهاتف “شمس” المُلقى بالكرسي المجوار له حيث كانت تجلس من قبل ..
فتح الخط ليصطدم بصياح “رحمة” العصبي فورًا :
-شمـس.. أطلعيلي حالًا يا شمس
الحراسة إللي على باب القصر دي مش هاتمنعني عنك.. قسمًا بالله لو ماطلعتيش في ظرف خمس دقايق هاتشوفي تصرف من أمك عمرك ما تتخيّليه.. و أخوكي إللي فرحانة بيه ده هاوديه في ستين داهية.. انتي سامعـة ؟؟؟
إلتوى ثغر “رامز” بابتسامة تهكمية أثناء سماعه لوعيد “رحمة”.. و لم يقاوم الاغراء ما إن صمتت عن الكلام.. باغتها في الحال :
-أهلًا.. إزيك يا حماتي ؟
من زمان ماسمعتش صوتك ..
اتسعت ابتسامته أكثر حين أطالت في صمتها.. ليأتي صوتها يكنف رجفة رغم صلابته :
-انت.. انت بترد على موبايل بنتي ليه ؟
فين شمس ؟ إدهالي حالًا !!
ضحك بانطلاقٍ و قال بتشفٍ واضح :
-هي مش جنبي دلوقتي.. بس بعد شوية مش هاتكون جنبي بس
هاتكون في حضني !
اتسعت ابتسامته بشدة و هو يستمع إلى الذعر في صوت “رحمة” الذي انفجر بغتةً :
-انت عارف لو لمستها ؟ لو قرّبت منها ..
مش هايكفّيني عمرك.. بنتي فيـن أنطـق ؟
خدتها فيـن و عملت فيها إيــه ؟؟؟؟
انحسرت ابتسامة “رامز” تدريجيًا و هو يرد عليها بغضبٍ بارد :
-انتي عارفة إن دي أحلى مكالمة عملتها من سنين ؟
صوتك إللي بينقّط رعب ده غسلني من جوا يا.. حماتي.. أنا عمري ما نسيت لك إنك خدتي شمس و بعدتيها عني.. و مع كده أنا هاطلع أحسن منك.. مش هابعدها عنك
بس بردو مش هارجعهالك إلا زي ما وعدتها.. إنهاردة دخلتي على بنتك.. بموجب عقد الجواز إللي معايا و إللي هي ماضية عليه.. جوازنا قانوني مية في المية
أوعدك أول ما أتأكد إن شمس حامل.. هاسيبها ترجع لك.. مش هاحرمك منها زي ما كنتي عايزة تعملي معايا يا.. حماتي !
و لم ينتظر ليسمع ثورتها التي اندلعت بمجرد أن أبعد الهاتف عن أذنه ..
لم يسمع ما قالته و لم يرغب.. أغلق الخط بوجهها.. ثم أغلق الهاتف تمامًا و أدار محرك سيارته ..
أنطلق عائدًا أدراجه إليها.. إلى زوجته لكي يحسم أمره معها بالضبط كما أراد !
 

google-playkhamsatmostaqltradent