رواية كرسي لا يتسع لسلطانك الفصل الحادي عشر 11- بقلم مريم غريب
الفصل الحادي عشر _ كنتِ نقطة ضعفي _ :
كانت ترتعش من رأسها إلى أخمص قدميها.. في وضع مزري.. لا تستطيع حراكًا حيث جلست على حافة الفراش.. إنها في دهشة !
كيف تمكنت من الوقوف و السير من سطح اليخت حتى هنا ؟
بعد أن فرغ من سرد ماضيهما عليها.. ماضيهما الصادم.. لم تتحمل ما قاله.. و لم تتقبّل ما أدّعى إنها فعلته.. لم تنبس ببنت شفة.. ما إن صمت و قد أفاض لها بكل شيء حرفيًا.. نهضت واقفة بصعوبةٍ.. رافضة بادرته لمساعدتها أو حتى مرافقتها إلى جناحهما الخاص ..
أنّى لها الاستمرار في هذا بعد الآن !؟
كيف عاشت معه ؟ .. بل كيف أحبّته كما يزعم أن ما ربط بينهما على مدار أربعة عامًا كان حبًا خالصًا ؟؟؟
إن ما سمعته كله لا يدل إلا على الرخص فعلًا كما أشار في مستهلّ حديثه.. لا عجب أن يراها الناس رخيصة و قد فرّطت بشرفها بهذه السهولة ..
رباه !
لقد فعلت ذلك.. هي.. الفتاة النقيّة.. المحافظة.. كيف تمكن من إقناعها ؟
كيف تمكن من الإيقاع بها ؟ .. كيف سلّمته نفسها طواعيةً ؟ .. ألف سؤال لا تملك له إجابةً مقنعة !!!
مرض شقيقتها ليس عذرًا من وجهة نظرها.. حالتها المادية الصعبة.. لتقل فقرها لم يكن عذرًا.. ما من شيء قد يجبرها على ممارسة العهر بورقة عرفية لا قيمة لها أمام المجتمع.. بل إنها دليلٌ دامغ على فجورها و إنحطاط أخلاقها ..
سحّت دموع “سمر” بغزارة فوق خدّيها و هي تتخيّل على ضوء كلماته.. حالة أخيها يوم عرف بتوّرطها مع رجل أعمال شاب.. ابن أكبر عائلات البلدة “عثمان البحيري”.. لحظة صدمته فيها.. الزواج العرفي الذي أنزلها من نظره حتى اليوم ..
كيف غفلت عن كل هذا ؟
شقيقها “فادي”.. إنه لم يعد على سجيّته التي عهدتها طوال عمره بها.. “فادي” المرح.. المليئ بالحيوية و الفكاهة.. الطموح المتحلّي بالآمال.. لقد دمرته !!
أجل.. لقد كسرته بفعلتها.. كل شيء سيئ صار لعائلتها هي من تسبّب به.. و الحادث المروّع الذي أصابه حتمًا من وراء جريرتها ..
لم تتحمل “سمر” تدفق أفكارها المعذّبة.. هبّت واقفة في مكانها.. تتلفت حولها بيأسٍ حتى وقعت عيناها على منفضة سجائر كرستالية.. هرعت إليها و انتشلتها من فوق الطاولة الصغيرة.. لتطيح بها تجاه لوح المرايا المقابل للفراش تمامًا و هي تصرخ من أعماقها ..
لم تمر ثوانٍ إلا و ظهر “عثمان”.. جاء من الشرفة مباشرةً و هو يهتف بنزقٍ قلق :
-سمـر !
في إيـه ؟ إيـه إللي حصـل ؟؟؟
استدارت نحوه مشعثة الرأس.. حمراء العينين كقطة متوّحشة تتأهب لنزالٍ شرس.. و بالفعل.. ما إن صار قريبًا منها حتى انقضت عليه ..
أخذت تلطم صدره بكفّيها صارخة :
-انت.. انت السبب
انت عملت فيا إيــه ؟ .. انت دمرت حياتي.. لأ.. أنا عمري ما حبيتك
انت كداب و أنا عمري ما حبيتك.. عشان كده نسيتك.. نسيتك.. نسيتك ..
و ظلّت تكرر آخر كلماتها حتى انهارت بين ذراعيه من شدة البكاء.. بينما يطوّق خصرها بشدة سامحًا لها بتفريغ شحنتها من الضغط و الغضب.. غضب و إن لم يفهمه.. و إن استنكره.. لكنه أبدًا لن يعترضه ..
هذا أقل ما بامكانه أن يقدمه لزوجته في الوقت الراهن.. لعل كل هذا كان مقدرًا أن يحدث قبل أربعة عشر سنة.. لعله تأخر.. لكنه حدث اليوم.. ليجعلها تمر به ..
مرةً واحدة.. فقط لمرة …
**
“أنا عملت فيك إيه عشان تخلّيني مذلولة بالشكل ده؟” ..
حدق “رامز” بشاشة هاتفه يقرأ نص الرسالة المبعوثة من صديقته الحميمة السابقة.. دلف إلى الشقة عندما أرسلت برسالة أخرى :
“أنا بحبك يا رامز ليه بتعمل فيا كده ؟ رد عليا بليز!”
تأفف بسأمٍ و هو يضع رقمها على قائمة الحظر لكي لا يتلقّى منها أيّ تواصلٍ قد يزعجه.. فهو بحاجة للتفرّغ التام خلال الساعات المقبلة ..
أغلق “رامز” من خلفه باب الشقة بالمفتاح.. وضعه بمكانٍ خفي عن الأنظار.. ثم توجه بكيس العلاج نحو غرفة النوم الرئيسية ..
دفع باب الغرفة الموارب و دخل موجهًا عيناه نحو السرير.. تسمّر بمكانه لوهلةٍ حين وجد مكانها فارغًا.. لم تكن حيث تركها ..
سقط الكيس من يده.. ليندفع صوب الحمام الملحق بالغرفة مستطلعًا …
-شمـس ! .. ناداها بصوتٍ حاد و هو ينقر مرتين على الباب
لم ينتظر لحظة أخرى و اقتحم الحمام ..
فراغ.. ذات الفراغ نفسه ..
أطلق “رامز” سلسلة من السِباب و هو يستدير مهرولًا إلى خارج الغرفة.. راح يفتّش غرفة غرفة.. لكنه لا يجدها.. ما من أثر لها ..
أين ذهبت ؟
باب الشقة كان موصدًا بحق الله.. حتى إن النوافذ مسيّجة.. و الشرفة لا يمكنها التفكير بالفرار من خلالها بأيّ شكل.. إنه الطابق التاسع.. مستحيل ..
نبتت حبّات العرق على جبينه.. أثناء تجواله المجنون بأرجاء الشقة.. يكاد يفقد عقله ..
ثم فجأة توقف الزمن للحظة.. عندما مرّ بالمطبخ المفتوح و تعثّر بها.. هوى قلبه بين قدميه و هو يرى جسدها المسجى تحت قدميه تمامًا بلا حراك ..
انسحبت الدماء من وجهه في الحال و هو يصيح بأسمها :
-شـمــــس !!!
جثى على ركبتيه بجوارها ممسكًا بها.. رفع جزعها ضامًا إيّاها إلى صدره.. تراخيها و شحوبها أثارا جنونه و هو يلطم خدّيها هادرًا من بين أنفاسه :
-شمــس.. ردي عليا
حبيبتي.. انتي سامعاني ؟ .. شمس !!
استجابت لندائه ببطءٍ شديد مُحرّكة عينيها من وراء أجفانها المسدلة ..
زفر “رامز” بقوة حين أصدرت أنينًا خافتًا و بدأت تفتح عيناها بتثاقلٍ.. شدد ذراعيه حولها أكثر و هو يتمتم لاهثًا من شدة القلق :
-حرام عليكي.. وقعتي قلبي
حصل إيه يا شمس ؟ قوليلي يا حبيبتي مالك ؟؟
أخذ الألم ينبض في رأسها جرّاء السقطة المباغتة.. تأوهت بضعفٍ و هي تقول بصعوبة و بصوت بالكاد سمعه :
-كنت عطشانة.. قمت أجيب مايّة
مش فاكرة حصل إيه.. قبل ما أدخل المطبخ !
يتنهد “رامز” بجماع جسده قائلًا دون أن يتوقف عن احتضانها :
-آه يا شمس.. آه منك.. انتي زي الطفلة الصغيرة بالظبط
ماتتسابيش لوحدك أبدًا ..
ثم سألها باهتمامٍ و هو يخفض بصره لينظر بوجهها الباهت :
-انتي أكلتي حاجة إنهاردة ؟
تلقّت سؤاله في صمتٍ بادئ الأمر.. تذكرت نهارها و كيف كانت متوترة بسببه و بسبب أمها كفايةً.. إلى الحد الذي أفقدها شهيتها لأيّ نوع من أنواع الطعام ..
هزت “شمس” رأسها أن لا ردًا على سؤاله ..
فزم شفتيه بامتعاضٍ منها و تمتم بخشونة :
-شكلك هاتتعبيني بقى لما نعيش مع بعض.. هاجري وراكي باللقمة
بس و ماله.. أنا مش ورايا غيرك أصلًا ..
ثم قام فجأة و في نفس اللحظة تشعر بذراعه ملفوفة تحت ركبتيها و هو يرفعها معه بسهولةٍ.. هكذا حملها و كأنها لا تزن شيء.. عائدًا بها إلى الغرفة ..
أراحها هناك فوق السرير.. و مال صوبها للحظات و هو يقبض على فكها يقلّب وجهها يمنة و يسرة.. لأعلى و أسفل متفحصًا أيّ جروح أو إصابات.. انتصب في وقفته عندما أطمئن عليها ..
أشرف عليها من علوٍ و هو يقول باقتضاب :
-الأكل وصل قبل ما أنزل.. هاروح أسخنه بس و راجع لك
تاكلي و تاخدي العلاج.. و بعدين نحل إللي بينا على رواقة !
**
النهار كان ليمضي كأفضل ما يكون.. لولا إصرارها على معرفة تاريخهما معًا.. كانت كالحلم و كل شيء كان مثاليًا.. حتى إنه كاد ينسى حادثتها و قصة فقدانها للذاكرة ..
لقد كانت حبيبته “سمر” معه.. بين ذراعيه كما عهدها دائمًا.. تتجاوب مع لمساته.. تنتشي بغزله و تتوق إليه كله.. لم تكن كامرأة قد نسيت رجلها.. بل إنها تعرفه.. تحفظه كاسمها ..
فماذا حدث ؟
أفسدت كل شيء بعنادها.. أجبرته على ذكر سيئاته معها.. إنها سخرية القدر ..
أن تنسى كل ما بينهما من حب و فضل.. لتأخذ عليه فترة معيّنة كفيلة بتخريب حياتهما.. و كأنها نسيت أن تعاقبه وقتها.. و كأن القدر نفسه أرجأ عقابه إلى هذا الوقت تحديدًا ..
و لكن هل سيسمح لها ؟
حتمًا لا.. لا يمكنها أن تعيد الكرّة.. لا يمكنه تركها تحت أيّ ظرف من الظروف ..
-هاتفضلي ساكتة كتير ؟ .. تساءل “عثمان” و هو يتابع قيادة يخته الفخم
يشق به الأمواج بأناقة نادرة على تلك المياه الفيروزية ..
كان قد أجبر “سمر” على الجلوس بقمرة القيادة معه.. حين صممت على العودة.. لم يعارضها.. انتظرها حتى أخذت حمامًا سريعًا و ارتدت ملابسها.. دخل من بعدها ليغتسل بسرعة.. ثم أخذها و صعدا معًا إلى هنا ..
مرّت دقائق عديدة.. لم تحاول تبادل كلمة واحدة معه خلالها.. آثرت الصمت التام حتى عندما طرح عليها السؤال الأخير.. شاردة في اللا شيء و قد تعمّدت تجاهله ..
نفخ “عثمان” بنفاذ صبر و غمغم بغلظةٍ :
-أوكي.. خليكي كده.. براحتك
بس انتي إللي هاتتعبي لوحدك يا سمر.. أنا مقرر إن حياتي هاتستمر زي ما كانت
حتى لو على حسابك انتي !!
في هذه اللحظة لم تستطع تجاهله أكثر.. حوّلت بصرها إليه.. و سألته مباشرةً :
-قصدك إيه ؟
يتشنّج جسمه تمامًا و هو يترك لوحة التحكّم الذكية الآن.. ليستدير بجسده في مواجهتها كليًا.. يمشي خطوتين تجاهها و يميل صوبها حتى صار وجهه أمام وجهها بالضبط.. ثم يقول بصوت حاد يحاكي نظرات عينيه :
-قصدي إني لآخر لحظة بعمل واجبي.. و عشان محدش يفكر يلومني في تصرفاتي معاكي.. أخر محطة في صبري يا سمر.. علاجك.. هاوديكي تتعالجي
و هاصبر عليكي شوية كمان.. لكن و عزة الله.. إن ما اتعدلتي.. و ساعدتي نفسك و ساعدتيني عشان تخرجي بسرعة من المحنة دي.. مش هاتلاقي رصيد ليكي عندي من الأعذار.
اختلج فمها بتوتر لثانيتين.. قبل أن تقول محاولة إخفاء خوفها من كلماته :
-فعلًا !
انت بتهددني ؟ هاتعمل إيه يعني ؟؟
انبلجت ابتسامة جانبية على ثغره.. و قال بخبث شيطاني :
-لأ.. أنا مش هقولك.. بس انتي ممكن تسألي على عثمان البحيري
ممكن تقلّبي في تاريخي إللي انتي كنتي جزء منه.. و ساعتها جايز تفهمي أنا أقدر أعمل إيه !
ابتلعت ريقها بصعوبة دون أن ترمش و لمرة واحدة و هي تتواصل معه بالعين.. لوهلة أحسّت بأن نظراته قد تحرقها.. و لكن هاتفه أنقذها الآن ..
الآن تمامًا عندما دق بصخبٍ جعله يرتد بعيدًا عنها.. يلتفت ليلتقطه من الطاولة المثبتة أسفل لوحة القيادة.. يطلق نهدة سريعة قبل أن يرد بصوته الفاتر :
-آلو.. أفندم يا صالح !
-انت فين يا عثمان أنا قالب الدنيا عليك بقالي 3 ساعات !؟؟
عبس “عثمان” و هو يقول بحذرٍ حاد :
-أنا طلعت باليخت و سمر معايا.. انت عارف مافيش سجنل في المسافة إللي بقف فيها
في إيه يا صالح ؟
-في هنا مشكلة حضرتك.. مرات أبوك هنا في القصر !!
باغته الخبر.. و تفاقم غضبه بلحظة و هو يهتف باستنكارٍ :
-هي مين دي إللي في القصر ؟ مين سمح لها تدخل ؟
شمس كسّرت كلامي و دخلتها صح ؟؟؟
-اختك الجديدة إللي أنا لسا ماشوفتهاش مش موجودة في القصر يا عثمان
و أمها واقفة برا مبهدلة الدنيا و عايزة تطلب البوليس.. أنا مش عارف أتصرف إزاي !!
تدفق الأدرينالين بشرايينه بأقصى سرعة.. تحوّل إلى لوحة القيادة و هو يوزع تركيزه على العدو بسرعة زائدة و في نفس الوقت إلقاء أوامره على ابن عمه :
-أسمعني كويس.. الست دي ماتعتّبش البيت.. دخّلها و قعدها في حتة المهم ماتحطش رجليها جوا البيت نفسه.. سامعني ؟
أنا جاي في الطريق.. ربع ساعة بالظبط و هكون عندك !!!
**
و حقًا.. كما لو أنه ضبط الساعة على الفترة التي حددها لكي يصل إلى المنزل.. أوفى “عثمان” بكلمته ..
اقتحم بوابات قصره بسيارته الفارهة.. صطفها بإهمالٍ وسط الباحة تاركًا زوجته ورائه.. كان يعرف وجهته جيدًا.. فور أن صار داخل القصر و لمح ابن عمه يجالس امرأة بالحديقة الرئيسية.. امرأة لم يرى منها سوى ظهرها المتشنّج ..
جذ الخطى نحوهما و كل ذرة من جسده تتحفّز للفتك بتلك الزائرة غير المرغوب بها.. كلّما مرّت صورة أمه على خاطره.. لحظات انهيارها.. حزنها.. بكائها.. لقد أقدمت فعلًا على الانتحار بسبب تلك المرأة !!!!
-عثمان !
قامت “رحمة” من مكانها فور أن هتف “صالح” باسم ابن عمه.. استدارت لتواجهه.. و للحظة مطوّلة ارتسم رعب فطري على محيّاها.. إذ بدا “عثمان البحيري” و كأنه نسخة مطابقة لأبيه.. بل إنها من أول نظرة ذعرت.. ذعرت حرفيًا و هي تراه مقبلًا عليها بهذا الوجه الغاضب ..
و كأنه “يحيى البحيري”.. بُعث من جديد.. حتى صار قريبًا جدًا.. و ها هو يقف قبالتها مباشرةً محافظًا على مسافة جيدة بينهما.. أدركت بأنه ليس هو ..
إنه يشبهه كثيرًا.. جدًا.. و لكنه ليس هو.. ذاك الأخير أكثر طولًا.. أضخم حجمًا.. وسيم و جذّاب.. و لكن والده كان أشدّ منه وسامة.. كانت وسامته الخدّاعة ملائكية.. نادرة …
-مين حضرتك ؟ .. سألها “عثمان” بترفعٍ هو أهله
النموذج النسائي الذي يراه أمامه رغم اعتياده رؤية أشباهه.. لكنها استفزته.. زوجة أبيه.. بل أرملته.. إنها صغيرة.. حسناء لعينة.. طاغية الأنوثة و الفتنة.. أنوثة تخوّلها نيل أيّ هدف قد تسعى إليه.. و فتنة تؤهلها للإيقاع بأعتى الرجال قوة و مقامًا رفيعًا ..
ماذا لو رأته أمه ؟
بالتأكيد لن يسمح بأيّ لقاء قد يحدث بينهما و لو مصادفة ..
ارتعشت “رحمة” غضبًا تمكن “عثمان” من استشفافه.. و سمعها تقول بخشونة :
-أنا رحمة جابر مرات يحيى البحيري.. و شمس البحيري تبقى بنتي
أنا جاية عايزة بنتي يابن يحيى.. مش هامشي من هنا إلا لما تجيب لي بنتي.. و إلا أقسم بالله ما هاتعدي على خير.. لو شمس جرالها حاجة
أنا هادمر العيلة دي نفر نفر.. حتى لو بيعت كل إللي حيلتي.. بنتي بيكوا كلكلوا يا عيلة البحيري !!!
لا يستطيع “عثمان” إلا أن يطلق ضحكة ساخطة.. ساخرة.. ضحكته التي جلجلت بأذنيها و كأنها سكبت بنزين فوق النار ..
كانت لتنفجر فيه بأيّ لحظة.. بينما يكفّ “عثمان” عن الضحك فجأة و هو يطالعها بنظراته القاتمة.. نظرات لم تربك “رحمة” و لو ذرة.. إنما أثارت قلق “صالح” الذي حاول أن يتدخل ليجمّده “عثمان” بإشارة من يده ..
في نفس الوقت يمضي قائلًا بصوت كالفحيح :
-شمس البحيري إللي بتتكلمي عنها.. تبقى أختي.. دمي
انتي بقى و لا تسوي شيء في نظري.. كنتي مرات أبويا.. بس دلوقتي في عدم وجوده
مالكيش لازمة.. إكرامًا لشمس.. هاعمل نفسي ماسمعتش إللي قولتيه
و هاديكي مهلة 3 دقايق.. 3 دقايق بالعدد يادوب تخفي من وشي دلوقتي حالًا و تخرجي برا بيتي.. و إلا أنا إللي هاخليكي تندمي على مجرد تفكيرك في دخول البيت ده !
تهديده لم يرهبها.. و لم تعبأ به.. شيء واحد كان يستنزف شجاعتها من الداخل بمرور الدقائق و الثوانِ.. لم تعد قادرة على كتمانه أكثر ..
لسعت الدموع عينيها و هي تنفجر فيه فجأة :
-بنتي هاتضيع بسببك.. لو مالحقتهاش.. لو شمس جرالها حاجة بسبب صاحبك الصايع الواطي.. و الله ما هاسيبك.. انت بالذات هانتقم منك أشد انتقام !!!
قطب “عثمان” حاجبيه تدريجيًا و هو يستمع إليها ..
أخته.. صديقه !!
ما الذي تقصده تلك المرأة بحق الله !؟؟
-انتي بتقولي إيه ؟ مين صاحبي ده إللي تقصديه و إيه علاقته بشمس ؟؟؟
فرت دمعة من عينها و هي تخبره بصوت يختلج انفعالًا :
-رامـز الأميـر.. خطف شمس
خطف بنتي مني.. و انت السبب !!!
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية كرسي لا يتسع لسلطانك) اسم الرواية