Ads by Google X

رواية من نبض الوجع عشت غرامي (ج2) الفصل الثامن 8 - بقلم فاطيما يوسف

الصفحة الرئيسية

  


 رواية من نبض الوجع عشت غرامي (ج2) الفصل الثامن 8 - بقلم فاطيما يوسف


 
بارت أهو بالرغم من اني لسه في اجازه وما رجعتش من السفر لاني ضغطت نفسي وكتبته عايزه بقى ريفيوهات وتفاعل وما رضيتش انزله على المدونة لايك وتعليق وريفيو من كل اللي بيقرأ عايزة أشوف ناس جديدة اسيبكم بقى مع البارت قراءة ممتعة حبيباتي 🥰 🥰
أمام المشفى ليلاً وبالتحديد في الساعة الحادية عشر قرب منتصف الليل استعدت فريدة للخروج من المشفى فقد أنهت عملها وسهرتها في المشفى ثم خرجت أمام الباب وأخرجت مفاتيح سيارتها التي اشترتها بالتقسيط حديثا كي تتحرك للجانب الآخر التى تركن به سيارتها ،
وعلى نفس الجانب كانت سيارة سوداء مفخمة تقف بجانب سيارتها وعلى أهبة الاستعداد فقال أحدهم :
ــ تقريباً هي دي اللي عليها العين يالا أجهزوا بسرعة علشان مش عايزين شوشرة ولا من شاف ولا من دري .
كان فارس يعد حاله هو الآخر لمغادرة المشفى في نفس التوقيت ولكنه كان في سيارته ممسكاً بهاتفه يرد على أحد أصدقائه ولم يراه الواقفين بتلك السيارة نظراً لأن سيارته هو الآخر مفخمة ،
تحركت صوب سيارتها فلمحها فارس وتلقائيا نظر إليها وظلت أنظاره مثبتة عليها ، ثم على حين غرة لمح هؤلاء الأشخاص يقتربون منها ومن ثم كـ.ـتم أحدهم أنفاسها كي لايعلو صوتها والأخر قام برش ذاك الرذاذ وفي لمح البصر غابت عن الوعي وحملوها السيارة وكل ذلك في غصون ثواني ،
كاد أن يجن من ما رأته عيناه وعقله يكاد يكون متوقف ولكنه فكر سريعاً إن نزل من السيارة ستختفي ولا يستطيع الوصول إليها فأدار محرك سيارته على الفور ،
أما هؤلاء الخاطفين لها انطلقو بالسيارة وهي بداخلها والانتصار يزين ملامحهم فقد تمت مهمتهم بنجاح دون أي عواقب فهم يراقبوها منذ ثلاثة أيام وسألوا عنها وعن مواعيد عملها وكل شئ يخصها ويخص عائلتها وذاك التوقيت والمكان الذي تركن به سيارتها منجرف قليلا عن المارة والوقت أصبح قرب منتصف الليل ،
أما هو جن جنونه ما إن رأى ذاك الموقف امامه فكر كثيراً حتي يستطيع إخراجها من سيارة هؤلاء وهو يحاول اتباعهم ولكن ما لفت انتباهه أرقام تلك السيارة وعلم لمن تكون فضـ.ـرب الجنون بعقله من أفعال أبيه التي حتما ستصيبه بالانهيار وبسرعة بديهة خالف الطريق فهو قد حفظ ذاك المكان ثم قابلهم من شارع جانبي ومن ثم اعترض طريقهم ووقف بعرض الطريق وقبل أن يستوعبوا الأمر أخرج سلاحه وقام بإطلاق الرصاص النفاذ في اطارات السيارة بطريقة متدرب ماهر مما جعل ه‍ؤلاء الأشخاص يطلقون رصاصهم فعلى صوته هاتفاً بتهديد :
ــ انا عارف مين باعتكم اهدو أنا فارس عماد الالفي واكيد سيد اللي متفق معاكم وخلو بالكم متعملوش شوشرة إحنا هنا في الصعيد وأهلها لو طلعوا هتتبهدلوا سيبوا البنت منك ليه يا اما مش هيحصل كويس .
مازالو يطلقون الرصاص حتى أصيب ذاك الفارس بطلقة في كتفه الأيسر وهو يحاول تفاديهم ولكن رئيسهم هاتف سيد المتفق معهم كي يستفهم منه وهو يأمرهم :
ــ اصبروا متضربوش نار أمنوا نفسكم كويس ،
ثم أتاه الرد وفورا أبلغ سيد :
ــ بقولك ياباشا فيه واحد بيقول إن اسمه فارس عماد الألفي فجأة اعترض طريقنا وضـ.ـرب رصاص على العربية فاضطرينا نتعامل معاه وجت له رصاصة في كتفه بس الغريب بيقول انه عارفك وأننا جايين تبعك هو انت كنت مكلف حد بالمهمة دي غيرنا ولا ايه علشان هو مصمم ياخد البنت
شعر سيد بالذعر مما استمع إليه الآن لاااا بل شعر انه على حافة الهلاك على يد عماد الألفي مما سيفعله به ثم انطلق لسانه وهو يسب ذاك الرجل :
ــ الله يلعـ.ـنك يا بن ال… إنت ضـ.ـربت نـ.ـار على فارس ابن عماد بيه ياغبي يامتخلف .
اصيب الرجل هو الآخر بالذعر ثم علل بنبرة ترتعد من الخوف :
ــ والله ماكنت أعرف إنه يخص عماد بيه إحنا اتعاملنا على أساس إنه حد بيهاجمنا وخاصة إنه اعترض الطريق واول ماسمعت الإسم كلمتك علطول وكمان متقلقش الطلقة جت في دراعه .
جز “سيد ” علي أسنانه غاضباً ثم أمرهم:
ــ ارمي البنت من العربية وسيب المكان فوراً وهو هيسيبكم مش هيجي ناحيتكم هو عايز البنت بس وتعالولي فوراً.
ابتلع الرجل ريقه بصعوبة والخوف سرى في عروقه وهو يتخيل نفسه الآن فريسة الذئب الكبير وما سيفعله به ثم قال بأسنان تصتك :
ــ طب اوديه المستشفي علشان الطلقة اللي جت في دراعه.
هدر به سيد بصوت عالٍ :
ــ سيبه يابني أدم إنت وتعالى هو جمب المستشفى وهيعرف يتصرف وانجز قبل ماحد ياخد باله .
أنهى أمره وأغلقت الهاتف في وجهه ثم ظل يفكر يخبر سيده عماد ام لا ولكن فارس سيحكي لأبيه عن ماحدث له وظل يشاور عقله كثيراً ،
أما عند فارس وفريدة فقد فر هؤلاء الأوغاد هاربين بعد ان قذفوا فريدة أرضا فانطلق إليها وكان قد ربط ذراعه كي يكتم الدـ.ـماء التي تسيل من ذراعه ،
ثم تحامل على نفسه وحملها بين ذراعيه وأدخلها سيارته وهي تائهة بسبب ذاك المخدر ثم رجع وأغلق سيارتها وأخذ حقيبتها ومفاتيحها ثم ركب سيارته وانطلق بسيارته إلى شقته كي لا يثير الإنتباه لهم فهو يخاف عليها من الموقف ككل ومن القيل والقال ،
وصل إلى شقته ثم هبط من سيارته وحملها إلى الأعلى،
دلف الى بهو الصالة الواسع بفراشه الوثير ثم وضعها برفق على الأريكة وحاول افاقتها ولكنها مازالت غائبة عن الوعي ويبدو أن ذاك المخدر سيأخذ وقتا طويلا تركها في الأمان ثم فكر سريعاً في رد فعل أهلها فأخرج هاتفها من حقيبتها وجذب أصبع يدها فقد رآها وهي تفتحه قبل ذاك ، تبسم وجهه وشعر بالانتصار حينما فتح أمامه ثم أتى برقم والدها وفتح الواتساب وقام بتدوين الرسالة وحاول أن يتحدث بلغة الصعيد بقدر الإمكان :
ــ أني هاخد نبطشية كمان النهاردة علشان في حالة طوارئ في المستشفي متقلقش علي ومتبعتليش لاني داخلة العمليات دلوك ومهعرفش أرد عليك وهقفل الموبايل.
لم يمر غصون ثواني حتى أرسل إليها والدها رسالة داعياً لها :
ــ ماشي ياداكتورة ربنا يعينك يابتي .
تفاعل على رسالة أبيها ثم أغلق الهاتف وهو يتنفس براحة ثم بدأ بجلب أدواته الطبية كي ينتشل الرصاصة من كتفه فهو جراح ماهر ويرث دهاء أبيه في الجراحة ثم تحامل على حاله وانتشلها من كتفه وما ساعده انها كانت في كتفه الأيسر ،
بعد مدة مايقرب من أكثر من ساعتين كان جالسا بجانبها غافيا من أثر المخدر الذي وضعه على كتفه ، بدأت تتملل في نومتها على الأريكة وفي غصون دقائق كانت تتأوه وهي تشعر بالدوار وتدلك جبينها أما هو فاق على تأوهاتها ثم آفاق الاثنين وكلاهما يمسح على شعره فقد نزع عنها حجابها كي تسطيع التنفس وعيناي كلاهما التقت في عيناي الآخر فنظرتها له تعني الذهول من الموقف ولم تدرك إلى الآن أنها منزوعة الحجاب ، أما هو تسهم إليها وهو ينظر إلى جمالها برغبة ويبتلع ريقه بصعوبة فقد كان تأوهها رقيقاً جعله يتعمق النظر إليها ويود أن يحذبها بين يداه الآن ،
أما هي سألته بلسان ثقيل وما زال الدوار يتملك منها :
ــ أني ايه اللي جابني اهنه ،
ثم شهقت وهي ترى خصلاتها هبطت على عينيها فمسحت على رأسها بتعجب وأكملت وهي تهدر به وعيناها تجول المكان تبحث عن حجابها :
ــ إنت عملت ايه ياسافل فين حجابي ياللي ايدك عايزة تتقطع قبل ما تمد يدك وتكشف ستري .
لم يشعر بالضيق من سبابها له بل ابتسم بتسلية لشراستها وتمردها وسألها متأدبا :
ــ تصدقي أنا دكتور وليا برستيجي ومحدش في الدنيا قدر يتكلم معايا بالطريقة دي غيرك بس ممكن نتفاهم بالراحة يادكتورة .
ما إن ناداها بلقب دكتورة حتى شعرت بالراحة غزت في جسدها وأحست بالأمان ثم تبدلت من نبرتها الشرسة إلى نبرة أكثر هدوءا وهي تسأله :
ــ ممكن أعرف حوصل ايه وايه اللي جابني اهنه ؟
ثم تذكرت أمر هؤلاء الرجال الذين قامو برش ذاك المخدر عليها وهي تهتف بذعر :
ــ وه ! افتكرت أنا كان في ناس رشو عليا مخدر وبعدين لقتني اهنه انت جبتني إزاي وليه ولا تكون انت اللي أجرتهم عليا علشان تخطفني .
ضحك بشدة لأول مرة في شبابه منذ أن فارقته أمه على طريقتها التي تتحدث بها وذعرها ثم تحدث من بين ضحكاته بنبرة سعيدة :
ــ تصدقي انك مسلية موووت وطريقتك في الكلام حلوة قوووي من زمان مضحكتش قووي كدة لااااا ده من سنين ملهاش عدد يادكتورة.
سُرَّ قلبها لسعادته بل وخطفتها ملامح وجهه المبتسمة ودق ذاك النابض بين أضلعها ولم تعرف مالسبب وراء كل تلك الدقات ،
تسهمت نظراتها أمامه وعينيها سكنت عيناه وكالعادة ما إن استقرت عينيها داخل عينيه تشعر بذاك السحر الغريب العجيب الذي يجذبها لإطالة النظر بهما ، تتسهم وتدخل في تيهة المشاعر وتخبط الإحساس بالاحتياج داخلها بشعور غريب لم يوصف بعد وكأن عيناه أكبر لص تحت قبة السماء ،
أما هو سكتت ضحكاته عندما رأى نظرتها المتسهمة تلك ولم يفسر معناها بعد فدق قلبه هو الآخر وللعجب أنه نفس شعورها معه هو نفس ما يشعر به هو الآخر ،
ثم حدثتها عيناه:
أتعلمين ما العجز يا حبيبتي؟ العجز أن أرى هذه العيون الجميلة ولا أستطيع تقبيلها.
وأجابته عيناها وهي تشعر بغرابة المشاعر داخلها :
ــ عندما أنظر إلى عينيك تأخذني إلى عالمٍ آخر عالمٍ من الخيال لا كلام يحاكيه ولا اقتباس ينصفه .
ظل تائها في لون عينيها البنيتين وشعر فيهما بالدفئ والاحتواء والحنان شعر فيهم بأنهم يجذبانه لها دون إرادة منه أو مقاومة ثم اقترب بخطواته منها وهمس أمام عينيها:
ــ عيونك فيهم دفا غريب قووي محستش بيه من زمان ، هما إزاي جمال قوووي كدة بالرغم من إن لونهم منتشر .
ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة من كلماته التي خدرتها وغير أنها مازالت تشعر بالدوار من أثر المخدر ثم تمتمت بخفوت بكلمات غير مرتبة لانها لم تستطيع لملمة اعصابها المشتتة بعد وقد ضـ.ـرب الخوف صدرها من سحر اقترابه ولم تستطيع السيطرة على حالها حينئذ :
ــ هو انت بتبص لي اكده ليه اوعي تكون جايبني اهنه علشان تضحك على عقلي وتقول داي بنت خام وهعرف الفها بكلمة ونظرة وابتسامة .
مازال يشعر بالاختلاف والجمال في حديثهم فهي تختلف اختلافاً كليا عن كل الحسناوات الذي قابلهن في حياته ، لا تشبه عيناها أي عيون ، ولا حديثها سمعته أذناه قبل ذلك بل فريد ، ساحر ، مملوء بالعزة التي تليق بكِ فريدة زمانك ، ما أجمل هاتين العينين البحريتين اللتين أهلكتا قلبي لشدة جمالهما!
ثم تحدث بحنو كي يطمئنها :
ــ يعني لو عايز أضحك عليكي زي ما بتقولي هستني ساعتين لما تفوقي من الغيبوبة اللي كنتي فيها مثلاً ؟
مانا كنت ممكن أعمل اللي أنا عايزه وانتِ غايبة عن وعيك ولا من شاف ولا من دري ،
ثم سألها باندهاش :
ــ هو انتِ ليه مصممة اني شهواني للدرجة دي أو اني ممكن أستغل ضعف ست قدامي وأجبرها على علاقة مش حباها وغصب عنها وحتى لو قدرت أسحبها بكلامي وأستغل ضعف مشاعرها مش هعملها أنا ماما الله يرحمها علمتني إن ابقي راقي ومستغلش قلوب الناس ولا ضعفها ولا أعمل حاجة تغضب ربنا أبدا ، علمتني قيم مش موجودة دلوقتي عند اغلب الشباب ، وانتِ بجد لما تعرفيني هتعرفي اني لا يمكن أعمل حاجة فيكي تخليكي تخافي مني أبداً.
كانت تستمع إليه باندهاش فهو في شخصيته تلك راقياً إلى أبعد الحدود فكيف لتلك الشخصية أن تفعل ما فعله بها ؟!
أيعقل أن ذاك الانفصام يحول الشخص مائة وثمانون درجة !
لاحظ اندهشها من تسهم عينيها وفمها المفتوح ببلاهة ثم سألها:
ــ انتِ مالك مسهمة كدة ليه يابنتي هو أنا بقول حاجات غريبة ولا ايه بالظبط ؟
حمحمت بتوتر ثم خرجت من حالة الذهول وسألته :
ــ طب أني جيت اهنه إزاي سألتك السؤال دي ميت مرة ومجاوبتنيش ؟
التفت بوجهه للناحية الأخرى ثم مسح على شعره وهو يشعر بالاشمئزاز من أفعال أبيه التي حتما ستجعله يود الفتك به ثم نظر إليها مجيبا إياها:
ــ والله انا كنت جوه عربيتي بالصدفة وقت مرواحي و شفت من بعيد تلت رجالة رشوا عليكِ المخدر ومشيوا بالعربية وفي لحظة لفيت لهم من الطريق التاني واتعاملت معاهم ،
ثم وجه أنظاره إلي ذراعه الملفوف مكملا شرحه لها :
ــ اضطريت اني أضـ.ـرب نـ.ـار عليهم علشان اعمل لهم دوشة فخافوا ورموكي من العربية بس زي مانتِ شايفة كدة اخدت طلقة في دراعي وشلتك جبتك على هنا عشان ما كانش ينفع ادخل بيكي المستشفى واعمل لك شوشرة وفتحت موبايلك بالبصمة وبعت رسالة لوالدك ان إنتي عندك حالة طوارئ في المستشفي ومش هتيجي الا بكره علشان ميقلقش عليكي .
ــ شلتني ! شلتني إزاي يعني ؟ جملة استفهامية نطقتها فريدة وهي تود أن تختـ.ـنقه بين يدها وأكملت باستنكار:
ــ آااه دي انت انت خدت على اكده عاد واستحليت الحوار دي بقي وبتقول دي هبلة ومش هيفرق لها .
عاد لنوبة ضحكاته مرة أخرى ثم هدأ وهو يرى تذمرها مرددا بصوت مصطنع لائم :
ــ يعني هو ده اللي انت فهمتيه وركزتي فيه ومهمكيش اني اخدت طلقة في دراعي عشان خاطرك واني أنقذتك من اللي كانوا هيخطفوكِ ويحسروا قلب ابوكي عليكي ويعملوا فيكي البدع ده آخرة المعروف يادكتورة.
هزت راسها باستنكار واهتز فكها ساخرا:
ــ دكتورة مين هو انت خليت فيها دكتورة أنا بقيت حاسة إني عرضة بين ايدين الباشا يعمل اللي على كيفه وقت ما يحتاج.
امتعضت ملامح وجهه وهو يتسائل :
ــ تقصدي ايه بكلامك ده هو أنا أذيتك في حاجة قبل كدة علشان تقولي كدة ولا انت بتلوميني علشان أنقذتك ولا كنت اسيبهم يخدوكي علشان مشلكيش ولا كنت دخلتك المستشفي وأنا شايلك بردو ودراعي بينزف وساعتها بقي مش هنخلص وكل من هب ودب هيجيب سيرتك ولا انا وانتِ هنعرف نبرر واحنا داخلين على نص الليل وفي الصعيد كمان .
تدراكت خطأها في خلط شخصياته الاثنان الذي يحياهم ولامت حالها ثم اعتذرت له :
ــ اني متأسفة يادكتور بس اللي حصل لي دي ميصدقهوش عقل ، اني ليه حد يخطفني اصلا في حاجة اني مش فاهماها .
تلون وجهه بالحمرة من تذكره لما فعله أبيه ولم يعرف بما يجيبها ولكنه حاول تهدئة حاله وأجابها بإنكار وكأنه لم يعرف شيئا:
ــ مش عارف هما مين ولا كانو عايزين ايه منك وبعدين كل اللي كنت مركز فيه إزاي أنقذك منهم .
ضمت شفتيها بامتعاض من ما حدث لها ثم رددت بحزن :
ــ مش عارفة اني بالذات ليه بيحصل معاي اكده مع إني ماشية جمب الحيط ومش بعمل مشاكل مع حد وكافية خيري شري .
اقترب منها ثم تحدث بهدوء وهو يجذب حجابها وناولها إياه مما جعلها تندهش من حركته تلك وشعرت برجفة في جسدها شعر بها هو الآخر من هزة يدها وهي تتناول منه الحجاب مما جعله هو الآخر اهتز جسده وهو يتأثر بحالتها تلك :
ــ البسي حجابك الاول علشان شعرك الأحمر ده ميخلنيش أعمل حاجة مش عايز اتهور وأعملها ده أولا ، ثانياً بقي يادكتورة لازم تعرفي إن اقدار الله كلها خير ودايما ربنا هتلاقي ساتر اللي قريب منه قوووي ومهما كانت حجم المشكلة أو البلاء ربنا بيبعت معاه صبر وجبر هيخلوا الإنسان من حلاوة عطايا ربنا وهِبَته لينا بالخير كله هينسونا هموم الدنيا واللي جري لنا فحطي دايما في بالك إن ربنا بيجعل دايما مخرج للي بيتقيه .
كانت تستمع إليه بقلب بدأ ينبض شعوراً غريباً عنها لم تجربه من قبل ولكنه شعوراً لذيذا هائلاً أحبته وأحبت الإحساس به وتمنته الآن أن يدوم ثم لململت خصلاتها المبعثرة وثبتتها بدبوس الشعر ثم لفت حجابها وأحكمته على رأسها وهتفت بامتنان ووجهها يصحبه البسمة :
ــ كلامك مريح قوووي وجميل وعامل كيف البلسم وريحني قوووي ،
ثم هتفت وهي تبدل نبرتها الهادئة المبتسمة الي أخرى شرسة جعلتها اندهش من تغير علامات وجهها مابين لحظة وأخرى :
ــ طب ممكن بقي لما يوحصل لي حاجة تاني متجيش ناحية حجابي وتكشف ستري علشان داي حاجة بتخـ.ـنقني قووي وبتخليني قرفانة من نفسي يافارس .
دق قلبها لسماعه اسمه من بين شفاها بدون لقب دكتور ثم حرك رأسه للأمام بموافقة:
ــ حاضر يادكتورة مش هتتكرر تاني بس لما خلعته عنك علشان أثر المخدر ونفسك يضيق بس إن شاء الله مش هيحصل حاجة تاني .
بعد أن أنهى طمئنته لها قام من مكانه ودلف إلى المطبخ وقام بصنع كوبان من القهوة كي يفيقا من أثر المخدر ،
ظلا يتحدثان كثيراً هو يفتح مواضيع عدة يتعرف بها على شخصيتها وظروفها وهي تسأله عن علاقته بأمه وحياته قبل ذلك وبالتقريب عرف كلاهما كل شئ عن حياة الآخر فهو قد حكى لها عن حياته المستقرة الآمنة ولم يذكر شيئا عن حياته المريرة التى عاشها وهي كانت خير منصت له واليوم بل وتلك الساعة بالتحديد ولد قلب الدكتورة فريدة على يد فارس الألفي بالحب الذي كبل مشاعرها الآن تجاهه ،
مر كثيرا من الوقت وهم لم يملوا بعد من حديثهم مع بعضهم حتى أشرق الصباح وأعلنت الشمس عن طلوع يوم جديد يحمل بين طياته الكثير من أقدار الله لعباده فحملت حالها وغادرت المكان وتركت ذاك العاشق الثاني الذي يشعر بنفس مشاعرها تجاهه فقد نبض القلب المظلم وبالغرام أصبح بها متيم .
في منزل عماد الألفي حيث أتى إليه سيد وهو يرتعب من الخوف مما سيبلغه به ولكنه مضطر والمضطر يركب الصعاب وهو ونصيبه ،
دلف إليه وبالطبع أخذ موعداً معه فكان يجلس على أريكته وهو يرتدي الروب الخاص به من قماش الستان اللامع عاري الصدر تحته إلا ذاك السروال الذي يصل لركبتيه وأمامه مشروب الكحول الذي يحتسيه ثم تحدث وهو يرتشف بتمزج من الكوب :
ــ ها ياسيد جبتو البت الدكتورة اللي قلت لكم عليها ؟
زاغت عيناي ذاك السيد ثم تهته بخوف:
ــ ها …اصلللــ … ،
ــ ماتخلص ياسيد هو أنا فاضي لك .
جملة اعتراضية نطقها عماد بحدة ارعبت ذاك الواقف الذي نطق على الفور :
ــ اصل الشباب حصل معاهم مشكلة بعد ما جابو البنت ودخلوها العربية وكل حاجة كانت ماشية تمام لحد فجأة طلع لهم فارس بيه ابن حضرتك في وشهم وضـ.ـرب عليهم نار وتقريباً عرفهم من العربية بتاعتك ياباشا بس كان ،كان ،
ابتلع ريقه برهبة ولم يستطيع الإكمال فهدر به عماد وهو يلقي بالكوب الزجاجي على المنضدة بحدة مما جعله يتهشم علي الفور مما دب الرعب في صدر سيد كثيراً :
ــ أه وبعدين يابوز الفقر انت مانا عارف أنا مشغل معايا بهايم يغرقوا في شبر ماية .
ارتعش جسد سيد من عيني عماد الحمراء من الغضب ثم ابتلع ريقه بصعوبة بالغة وأكمل في دفعة واحدة وطبق الحكمة وقوع البلاء افضل من انتظاره :
ــ وفارس بيه أخد طلقة في دراعه .
اتسعت مقلتاي عماد ثم قذف المنضدة بما عليها فهو في غضبه غشيم للغاية ثم خطى الى سيد الذي وقف يتشهد الآن ومن رعبه أفلتت المياه من بين ركبتيه من هلعه ثم أمسكه من تلابيب قميصه يهزه بعـ.ـنف :
ــ يانهار أبوكم مش فايت بقى تضـ.ـربوا ابني طلقة !
هات لي الجحوشة دول هنا علشان هبعتهم لعشماوي ،
وأكمل متسائلاً بنبرة حادة :
ــ وبعدين جرى له حاجة وعمل ايه مع البنت ؟
أجابه بصوت يكاد يخرج من حلقه غصباً وهو يطمئنه كي ينجى من براثنه :
ــ متقلقش ياباشا أنا سيبت واحد فيهم يطمن عليه من غير ما ياخد باله بس في حاجة غريبة هوريها لك ياباشا .
تركه عماد وإشارات وجهه تدل على الاستفسار ثم أخرج سيد الهاتف من جيبه وفتحه أمامه وأتى بذاك الفيديو ووضعه أمام عيناي عماد الذي شاهده باندهاش من أفعال ابنه الغير مفهومة لديه ثم سأله بعد أن شاهد الفيديو مرة ثانية :
ــ هو وداها فين بعد اللي حصل وعمل ايه ؟
أجابه سريعاً:
ــ وداها عنده البيت ياباشا وفضلت موجودة معاه لحد الساعة ٥ الصبح وبعدين الراجل شافه وهو بيوصلها لعربيتها هي ماشية قدام وهو ماشي وراها ولافف دراعه بشاش وكان كويس .
ضم عماد شفتيه بامتعاض من تصرفات ابنه التي تستدعي ذهوله فمنذ متى وهو يحنو علي جنس حواء ؟
منذ متى وهو ينظر إليهم بتلك النظرة العاشقة المتمنية ؟
ومِن مَن ؟ من ابنة بواب !
ثم أتى برقم فارس وهاتفه وما إن آتاه الرد حتى تحدث اليه بنبرة باردة :
ــ والله أنا مستغربك جدا يا فارس ، يعني واحدة ضـ.ـربتك وهزقتك ومرمطت بكرامة أهلك الأرض وجيت اجيبها لك تحت رجلي علشان اعلمها الأدب علشان اتجرأت على أسيادها بنت البواب وفي الاخر تعرض حياتك علشانها للخطر ؟
اهتز فكه بسخرية من تفكير أبيه ثم تحدث بنفس النبرة الباردة :
ــ والله ياباشا اختياراتي سواء مدمرة حياتي أو مظبطاها أنا حر فيها ملكش اختيار في حاجة زي دي طالما دي حريتي الشخصية.
ابتسم ببرود اعتاد عليه مع ولده هاتفاً بنبرة ساخرة :
ــ بس متوصلش لبنت بواب ارتقي شوية في اختياراتك وخليك ناصح ولو مرة واحدة في حياتك وسيبك من قلبك الخرع ده لو منبهر بيها خدها لفة أو لفتين أو عشرة لحد ماتتكيف وبعدين طوحها بطول دراعك بس متنزلش للمستوى اللي شفته منك في الفيديو لما الرجالة رموها ولا نظرة الخوف والرعب اللي كانت في عينيك عليها يافارس يا ألفي .
جز فارس على أسنانه بغضب ثم هتف بتوعد لأبيه:
ــ طب من الاخر كدة ياباشا ملكش دعوة بيا ولا بيها ولا تتدخل في اي حاجة تخصني احنا اتفقنا على كدة قبل ماتجيبني هنا اجباري ولا ناسي تهديدك ليا ، المرة دي بقي انا اللي ههدد لو قربت من فريدة بالذات هكشف المستور وبعدها هخلص من حياتي خالص والساعة اللي كنت جايبها لي هدية وأنا جاي هنا وهي اللي عرفتك كل حاجة عن اللي حصل ولـ.ـعت فيها وخلصت منها أنا خلاص كشفت كل الاعيبك وحوارتك .
قهقه عماد من تحذيرات ابنه ثم هدأت ضحكاته ليقول بنبرة جليدية :
ــــ بتهدد ابوك اللي وصلك للعز والمركز اللي انت فيه ده كله يافارس علشان بنت البواب والله واكتشفت دلوقتي اني ربيتك تربية ناقصة يابن عبير .
ــ إنت مربتنيش ياعماد يا ألفي وعبير دي هي صاحبة أي حاجة حلوة لسة فاضلة فيا أما انت مسبتليش غير المرار العلقم اللي افتكره لك واللي انت شربته لي بالكوم من وانا طفل صغير ولسه مكمل … تلك الكلمات التي خرجت من فم الفارس بمرارة يشعر بها أي إنسان يسمعه مما زاد عماد حقداً على عبير ليعقب على كلماته بغل وغيظ :
ــ والله لو اطول أعمل في عبير اكتر من اللي عملته لا هعمل فيها علشان ربت عيل خرع فاشل زيك ومش هيعرف يحافظ على امبراطورية عماد الألفي يا نوغة عبير .
هدر به فارس بغيظ :
ــ متجيبش سيرة ماما على لسانك تاني يا عماد يا ألفي لو لسه باقي على حياتي وحياتك انت كمان ، علشان معملش حاجة تخليك تندم أو متلحقش تندم أصلا ،
ثم أكمل تحذيراته لأبيه قبل أن يغلق الهاتف في وجهه :
ــ أه اخر حاجة حابب أعرفها لك علشان متتهورش وتتغشم زي عوايدك لو قربت من فريدة بالذات أو صابها اي أذى هي أو أهلها لههد المعبد عليك وعليا وعلى الدنيا بحالها فريدة خط احـ.ـمر وانت عارف الخطوط الحمراء الدموية بالنسبة لي بتمثل ايه وأظنك جربت قبل كدة لما عيونك دمعت من الخوف فبلاش نوجع بعض وكل واحد يخليه في منطقته يلعب على كيفه وزي ماهو عايز .
انهي كلماته وأغلق الهاتف في وجهه مما أثار غضبه فقذف الهاتف هو الآخر في الحائط وهو يشعر بالجنون ثم جلس على الأريكة وأشغل الموسيقى ومن ثم المطربة المفضلة لديه ألا وهي كوكب الشرق أم كلثوم وتبدلت حالة الجنون الي الرواق وهو يدندن معها ، تبدلت الحالة من النقيض إلي النقيض تماماً في جزء من الثانية ثم احتسى مشروب الكحول مرة ثانية وهو يجلس على الكرسي الهزاز منسجماً بهدوء من يرى ذاك الشائب ينخدع فيه انخداعا كليا .
*********************
في فيلا آدم المنسي حيث بدأ ذاك البث المباشر وهو يطرب فيه بأنشودة للعفاسي بصوت عذب جميييل وما إن اندمج في الأنشودة قرأت عينيه بعض التعليقات التي أثرت في نفسه وجعلته حزن كثيراً وبدأ حماسه يقل روايدا رويداً وبالرغم من أن أكثر التعليقات معجبة وبشدة للأنشودة بصوته إلا أن التعليقات السلبية هبطت من عزيمته ثم أغلق البث وبدأ بفرز التعليقات والتي كانت أغلبها :
ــ جرى ايه يانجم فينك وحشتنا ووحشتنا أغانيك الرومانسية اللي كانت بتطلعنا العالي سيبك من جو المشيخة ده احنا مش في الجامع ،
وقرأ تعليقاً آخر :
ــ Oh No بقي آدم المنسي النجم اللي كانت البنات هتتجنن عليه وبتطلع له على المسرح تحضنه وتبوسه وترقص معاه يدفن نفسه وموهبته بالحيا كدة علشان مجرد حتة بنت صعيدية فلاحة وهو كان بيترمى تحت رجليه ملكات جمال !
لااا لااا يانجم عود لعهدك ومجدك يانجم وقول وسمعهم وغني ومتعهم .
وتعليقا آخر :
ــ ايه بجد الحاجات المقرفة اللي بتحصل دي يعني انت ضحيت بنجوميتك ومجدك وشهرتك علشان شخص في اي وقت لو حصل اي حاجة ينساك ويسيبك بس بعد مايكون خسرك كل حاجة حلوة في حياتك وفي الاخر هيقولك محدش طلب منك تضحي ووقتها هتكون خسرت نفسك وجمهورك الكبير اللي قعدت سنين تبنيه .
ظل يقرأ المزيد والمزيد وهو يشعر بالتحطم من تلك التعليقات وأحس بأن أنفاسه ضاقت ذرعاً فأغلق الهاتف ورماه أرضاً حتى انكسـ.ـرت شاشته ومن ثمَّ كانت مكة تهبط الأدراج بخطوات متمهلة ورأت ما فعله فاندهشت واسرعت خطواتها إليه وهي تجذب الهاتف وتقلب فيه بيدها ثم ضمت شفتيها بحزن عليه فخطت إليه ووجهت شاشة الهاتف أمام عيناه وهي تسأله باندهاش :
ــ طب ممكن افهم ايه اللي حوصل علشان ترميه وتكسره بالشكل دي واصل ؟
شعر بالاختناق من استفسارها فقد أثرت التعليقات السلبية عليه بشدة وجعلته الآن غير متزن فكرياً ثم أجابها بخفوت وهو يوجه أنظاره ناحية الحديقة بعيدا عن عينيها :
ــ مفيش مخنوق شوية بس .
استشفت حزنه من وأنه بالتأكيد مملوء بالهم وأنه على غير عادته الطبيعية ثم اقتربت منه وبدأت تدلك رقبته من الخلف بحنو كي تجعل جسده يشعر بالاسترخاء:
ــ طب ممكن نهدى ونستغفر ربنا الاول ونستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ودقيقة ذكر اكده علشان نطمن قلبنا ونعرف نتكلم بهدوء لان وقتها الشيطان هيكون انطرد .
أخذ نفساً عميقاً وهو يمسح وجهه بيديه ولم يفعل ماقالته لينطق برجاء لها :
ــ معلش يا مكة سيبيني لوحدي شوية مش قادر اتكلم في أي حاجة ولا فيا طاقة اني أفتح اي حوار وكمان مش عايز وانا متعصب ومخنوق نتناقش اصبري لما أهدى شوية علشان أتكلم بأعصاب هادية ولا أنا اضايقك ولا انتي تزعلي مني في اي كلام أقوله لك .
تنهدت بحزن عميق من هيئته التي أوجعت قلبها ثم رددت بطاعة وقد التمع الدمع في عينيها لحالته تلك وطريقته التي لأول مرة يتعامل بها معها:
ــ حاضر يا آدم هسيبك لوحدك .
أنهت كلماتها وحملت مصحفها في يدها وخرجت إلى الحديقة كي تقرا وردها اليومي أما هو هاتف هند أخته فور خروجها وبعد السلام والتحية طلب منها أن تقرأ التعليقات التي دُونت له على بثه وبالفعل قامت بقرائتها وبعد أن أنهت معظمها سألته بتعجب :
ــ طب إيه بقي اللي في التعليقات مضايقك قوووي كدة ممكن افهم ؟
أجابها بضيق :
ــ يعني مشفتيش طريقة الناس عاملة ازاي وكلامهم اللي زي السم ؟
تفهمت وجعه جيدا ثم تحدثت باستجواد :
ــ أه شفت الناس الكتيرة قوووي اللي بتشكر في محتواك وتعليقاتهم مليانة قلوب على القائك للأنشودة وانك أبهرتهم في لونك الجديد.
تنفس بصوت عالي وصل إليها ثم قال بحيرة :
ــ طب والتعليقات التانية ما أخدتيش بالك منها ولا قصدتي تعمي عينك عنها ؟
أجابته بثقة:
ــ ياسيدي هو الناس ليها عندك ايه يعني علشان تشغل بالك برأيهم ولا بكلامهم وتعليقاتهم السخيفة ؟
بص على الحلو الكتيير قووي اللي مالي التعليقات وسيبك من الناس اللي لا هتودي ومبتجيبش من وراها إلا الهم فكأنك مشفتهمش وتنكد على نفسك وطالما الآراء الكتيرة عجبهم اللون ده يبقى نكمل ومنشغلش بالنا بالمحطمين وبعدين ياسيدي طالما مستريح وحابب اللي بتعمله يبقي طظ والف طظ فيهم ولا كأننا شفناهم قدامنا ولا كلامهم يفرق لنا يادومة ، وبصراحة بقي إنت أنشدت الكلمات حلوة قوووي وأنت عارف إن العفاسي شيخي المفضل علشان كدة هطلب منك كتييير حاجات حلوة للعفاسي بصوتك .
استطاعت شقيقته تهدئته ببراعة فائقة وهو يشعر بالاقتناع فهتف بقلب مطمئن :
ــ من زمان قووي وانتي بتبسطي الأمور وبتحليها بكلامك وتقلبي الوحش اللي ماليها لحاجة حلوة تطمن القلوب يا هنودة .
ابتسمت شقيقته ورددت بقلب مملوء بالحنان بنبرة تصحبها الدعابة:
ــ روق يانجم النجوم الناس مبتتفقش على حد وحتى على نفسهم فكبر الجي يافنان .
قهقه ادم على دعابتها ثم شكرها بامتنان :
ــ حبيبة اخوها منحرمش منك هقفل انا بقي علشان شديت مع موكة هروح اروق عليها .
انهي حديثه معها ثم ألقى هاتفه وخرج إلى الحديقة وجد مكة تقرأ القرآن بتمعن وقلب مطمئن فاقترب منها واحتضنها من ظهرها وقبلها من جبينها هاتفاً بجانب أذنها بحنو:
ــ حبيبي اللي زعلته حقك عليا.
أغلقت المصحف الشريف وقبلته ثم وضعته علي المنضدة الموجودة أمامها وتحدثت إليه بنبرة ملامة وقد رأت التعليقات علي البث المباشر وعرفت سبب ضيقته :
ــ لا اني مخاصماك وقلبي زعلان منك قوووي .
جذب يدها بين كفاي يداه وهو يقبلها :
ــ طب متزعليش مني علشان إنتي عارفة مقدرش على زعلك ولا ان قلبك يكون مضايق من حاجة .
تهجمت ملامحها بامتعاض فكفاها تعب حملها الشديد عليها والذي أثر على نفسيتها بشدة وجاء هو وأكمل عليها ولم تدعى لأسفه اهتماما:
ــ ليه يا آدم لما نزلت البث وجت لك بعض التعليقات السلبية وشك قلب وزعلت قوووي اكده ؟
بجد اني اتضايقت من ضيقتك ومش بس اكده له اني زعلانة كمان بسببها مش بسبب انك قلت لي بعدي عني دلوك .
تنهد بضيق من تفكيرها ثم تحدث بنفس تهجمها :
ــ هو دي كل اللي هامك وضايقك علشان نفسك مش علشان زعلانة اني اتضايقت !
بجد أنا مصدوم فيكي دلوقتي وفي طريقة تفكيرك وحاليا حسستيني إن عقلك صغير ومبتعرفيش تحتوي زعلي ولا ضيقتي زي ما أنا بعمل معاكي .
اشتد الاحتدام بينهم وهتفت بحدة :
ــ عقلي صغير ! هو انت هتعايرني انك هتراضيني وتحتويني دي واجب عليك على فكرة انك تراعي أهل بيتك .
قام من مكانه وألقى الكرسي جانباً ثم هدر بها :
ــ لا إنتي اكيد مش طبيعية لأن طريقة كلامك مش مقبولة بالمرة وآدي المكان ليكي ياستي ولا تكلميني ولا اكلمك وخليكي بقي في نكدك ده لما تعرفي تتعاملي إزاي مع جوزك وتتعلمي انك متبقيش حادة معاه في الكلام وتغيري من أسلوبك نبقي نتكلم وقتها .
ألقى كلماته في وجهها ثم ترك لها المكان فأدمعت عينيها لما حدث بينهم ثم شعرت بالدوار يهاجمها وشعرت انها تريد التقيئ فمعدتها انقلبت بسبب حزنها وجرت ناحية الحمام وأفرغت مافي معدتها ،
استمع الى تعبها وهو يهبط الأدراج فنظر إليها من بعيد بأسى وخطى بخطواته إليها كي يقف جانبها ولكنه تذكر كلماتها اللاذعة له فغير اتجاهه وغادر المكان تاركاً إياها تنفرد بحالها ،
أما هي رأت تقدمه وتراجعه فشعرت بالألم النفسي وأنه تركها دون أن يحنو عليها كعادته فبكت بشدة بعد أن جففت وجهها وخرجت من الحمام وصعدت إلى غرفتها وارتمت على تختها وهي تبكي بأسى لشجارهم الذي لم يكن موجود من الأساس .
********************
في مكتب جاسر وبالتحديد في الساعة الثامنة مساء أنهى مقابلته مع موكله ثم عاد إلى مكتبه ،
ألقى السلام على مها الجالسة المنكبة على الملف الذي بيدها فرددت السلام بخفوت بنبرة حزينة :
ـ وعليكم السلام.
اندهش لنبرتها ثم عاد بخطواته إليها متسائلاً إياها بنبرة حنون:
ــ مالك يا مها صوتك متغير اكده ليه ؟
لم تريد رفع وجهها إليه فهتفت وهي تحاول الانشغال بالملف الذي بيدها :
ــ مفيش يامتر أني زينة متقلقش .
اندهش لعدم نظرتها له وبات داخله يتسائل ماذا فعلت بكِ كي لاتريني وجهك وتتحدثين معي بتلك النبرة الحزينة فسألها :
ــ هو أني ضايقتك في حاجة يامها علشان متبصليش واني هكلمك ؟
تخبط قلبها داخلها لأجل حزنه وما وصل إليه من نبرتها فهو يتعامل معها برقي وذوق لم تعهده في جنس الرجال من قبل بل إنه يحنو عليها ويخاف على حزنها كأنها كقطعة زجاج رقيقة يخشى عليها الكسر أو الخدش فهو أثبت لها أن الرجال مختلفون متنوعون ، أنساها كل ماحدث لها من مرار ، جعل قلبها ينبض بالحب الراقي الحلال لأول مرة في عمرها بأكمل ، ثم رفعت عينيها المغشيتين بالدموع وأثر الاحمرار الشديد نابع منهما فانقبض قلبه داخله لأجل حزنها الشديد البائن على ملامحها المنطفئة المملوءة بالقهر :
ــ لا والله يامتر يعلم ربي إني عمري ماشفت منك إلا كل طيب وكل رجولة اني بس اللي نفسيتي تعبانة شوية .
أنهت كلماتها ثم وأدارت وجهها بعيداً عنه وقد التمعت الدموع في عينيها ثانية فخطى تجاهها وهو يشعر بالوجع لوجعها ثم اقترب منه وكل ذرة داخله ثائرة فحبيبته حزينة بل عيناها ممتلئة بالدموع التي جعلت القابع بين أضلعه يريد اختطافها بين أحضانه كي يخفف ألمها ثم همس أمام عينيها برقة أذابتها :
ــ مش حرام العيون دي تدمع ، مالك بس يا ام الزين ؟
ما إن ناداها بأم الزين حتى شهقت في بكاء مرير جعله واقف أمامها يشعر بالعجز الآن ويود جذبها بين أحضانه كي يشعرها بالأمان الذي جافاها ثم مد يده دون أن يخشى اي شئ وأزاح يدها من على عينيها الباكية ورفع وجهها إليه حتى استقرت عينيها داخل عينيه الزيتونتين مما جعلها تهتز بإثارة من اقترابه وهو يطمئنها :
ــ له مهتحملش بكاكي ولا اني اشوفك اكده ومقادرش اضمك لقلبي واخفف عنك واوريكي إن الدنيا لسه مليانة حب واحتواء وأعرفك إن قلبك جمييل ميستاهلش إلا كل جميييل .
تطلعت بمقلتيها الحمراويتين من البكاء وهي تشعر بأنها في أكثر وقت لاحتياجه الآن فهو أتاها في عز ضعفها في عز تشتتها فأكمل هو :
ــ كفاياكي دموع وقولي لي جرى ايه خلاكي هتبكي بشدة قوووي اكده ؟
هدأت من شهقاتها ثم تمتمت بنبرة خافتة حزينة:
ــ اصل النهاردة كان عيد ميلاد زين وزيدان وكنت بجهز للاحتفال باليوم دي من قبلها بيومين وكنت أعرف اي حاجة نفسهم فيها واكتبها أول بأول واجيبها لهم ،
ثم ذرفت دموعها وهي تحاكيه عنهم مرة أخرى وهو يجلس أمامها على المكتب ويستمع إليها بإنصات شديد محبب إلى قلبه :
ــ كانوا روحي وقلبي والنفس اللي هتنفسه في أحضانهم بيكفيني وبيراضي قلبي عن أي وجع بس هما مشيوا ومبقاش ليا إلا الوجع ، مشيوا وأخدوا وياهم ضحكتي وفرحتي وحياتي وحشة من غيرهم .
ابتسم لها مرددا بحنو :
ــ ياه يا مها قد اكده كنتي أم عظيمة وبتهتمي بيهم وهتحبيهم اكتر من نفسك لدرجة ان عيونك مليانة دموع لحد دلوك على فراقهم !
مررت لسانها علي شفتيها من جفاف حلقها ثم تحدثت بعيناي تلتمع عشقاً لطفليها الراحلين:
ــ واكتر من اكده كمان أصلك متعرفش زين وزيدان دول كانو متربيين كيف ، وكانو كيف النسمة مهتحسش بوجودهم ، وكانو جمال في الشكل والأسلوب والتربية وكل حاجة حلوة كانت زين وزيدان ،
ثم أكملت وقلبها ينبض بالوجع لفقدانهم :
ــ شكل ماتكون الدنيا حالفة ماتخليني اتهنى على اي حاجة حلوة ومهتسبليش غير الوحش كلاته .
تحدث بنبرة دعابية كي يخرجها من حالة الحزن الكئيب الذي اعتراها وهو يغمز لها بعينيه :
ــ طب ما داي سهلة خالص يا ام الزين ممكن ببساطة تجيبي زين وزيدان غيرهم في تسع اشهر بس انتي حني وارضي.
فتحت فاهها ببلاهة من وقاحته ثم أدارت وجهها للناحية الأخرى وهي تشعر بالخجل الشديد من وقاحته فجذب وجهها مرة أخرى وشاكسها مزيداً :
ــ له مش وقت كسوف خالص إحنا لسه بنقول يا هادي تقومي تتداري عيونك عني وتخلي الدنيا تضلم يا أم الزين .
تطلعت لعينيه بخجل ثم تحمحمت باستفسار :
ــ اممم .. انت تقصد ايه بكلامك أصل انت غريب وطريقة كلامك دايما متلغزة يامتر ؟
غمز اليها مرة أخرى وأكمل مشاكستها بنبرة دعابية :
ــ لااا واني بقول عنك كلك فهم يا أم الزين ، هي كلمة نجيب زين وزيدان تانيبن في تسع شهور بس محتاجة استغراب واندهاش وعقل يروح ويجي ودراسة جدوى يعني وحوارات ؟
وأكمل وهو يجبرها على النظر داخل عينيه :
ــ دي حاجات ومحتاجات بتتحس ، إلا بصحيح انتِ محستهاش يابطل ؟
شهقت بشدة شهقة عالية ثم تحدثت:
ــ هاااااااا انت بتقول يامتر هي وصلت لبطل كمان ؟
ــ مالها بطل هو إنتِ اول مرة تسمعي الكلمة دي ولا ايه … كلمات مشاغبة نطقها وهو مازال مكملا بطريقته الساحرة التي حبست أنفاسها في اقترابه ووقاحته وغزله المختلف التي أول مرة تسمعه ثم قام من أمامها وقد تيقن أنه أخرجها من حالة الحزن التي اعترتها وهو يردد :
ــ طب كفاية عليكي اكده النهاردة علشان خدودك احمروا على الآخر واني خايف عليهم يولعـ.ـوا كفاية الولـ.ـعة اللي أني حاسس بيها مش هنوبقي احنا الاتنين اصل اني هخاف عليكي قووي ياحب .
ما زالت تنظر إليه ببلاهة فهو بدأ يصارحها بمشاعره بطريقة مباشرة وانتقل من تخبئتة المشاعر إلي وضحها مما جعلها تجرب احساس لن تلقاه طيلة عمرها مما جعل النابض داخلها تعلوا دقاته حتى أنه ردد قبل أن يغلق الباب بنفس المشاكسة :
ــ شفتي روقت عليكي في ثانية وخليت صوت قلبك طالع وبيسمع حتى المكتب الخشب اللي هتقعدي عليه علشان تعرفي بس إنك بطل .
انهي غزله به وأغلق الباب وتركها تتخبط بمشاعرها من تحوله المفاجئ وكلامه الهائم به الممتزج بوقاحة الغزل الذي لم تسمعه أذناها يوماً من الأيام وتبدلت لحظات الحزن الي لحظات من الهيام من كلام ذاك الجاسر لحظات جعلت قلبها يخفق داخلها ويطالبه بالمزيد والمزيد ، تريد أن تسمع منه كثيراً وتتشبع أذناها بما لم تطرب به يوما من الأيام ، تريد أسبابه الملفقة وعلاته الكثيرة والكثيرة كي يختلق احاديث معها ويدق القلب بمشاعر المحبين الذي لم يتذوقها قبل ذاك ، شعرت الآن بالهدوء بعد اللحظات التعيسة التي فكرت بها وجالت بخاطرها ثم أسندت رأسها على الكرسي وعلامات الاستمتاع بحديثه الخاص بها بدت على معالمها ثم أغمضت عينيها بانتشاء ووجهها يتبسم بحالمية وعقلها يعيد كلماته لها كثيراً فما أجمل حديث المحبين العاشقين للمتلهفين المحرومين !
حديث يشعرنا باللذة والمتعة .
*******************
في منزل ماهر الريان ليلا كان يستند على الشزلونج ومتكئا عليه باسترخاء وهو يفكر في معشوقة روحه التي قلبت حياته رأساً على عقب وهو يشعر بالإنهاك منها ومن جنونها التي تفعله به ثم جال بباله أن يهاتفها فالتقط هاتفه وقام بالاتصال عليها عبر الماسنجر وانتظر ردها وبداخله ينتوى لها ويتوعد بالويلات إن لم تجيبه ثم أجابته فور اتصاله فردد هو بنبرة صوت أجش يليق به وهو يشاكسها :
ــ جدعة ياصغنن طلعتي بتسمعي الكلام أو خفتي من اللي كنت هعمله فيكي أيهما أقرب.
ضحكت بسخرية يصحبها الدعابة من كلامه ثم رددت بثقة :
ــ ها خوف مين يامتر انت عارف وواثق إني مهخافش غير من اللي خالقني فهخاف منك انت ، ها دى بعدك إن رحمة المهدى تخاف من حد واصل .
قهقه عالياً من حديثها وثقتها بنفسها ثم قال وهو يمسك على عنادها كي يثير استفزازها :
ــ بس بقى بلاش كلمتين فاضيين دي انت اترعبتي مني امبارح من مجرد نظرة مرعبة بعد العك اللي عملتيه ونفذتي الأوامر في ثانية .
بالفعل استطاع استفزازها فهو يعشق الحديث المثير المملوء بالمشاغبة معها يشعره بأن صدره مثلج ، أما هي تحدثت بتهديد له ولم يهمها :
ــ لا هو انت متصل بيا علشان تقول الكلمتين دول وتتفرعن علي ولا ايه يامتر ؟ إذا كان اكده عادي البلوك موجود وشيل دي من دي يرتاح دي عن دي .
ازداد غضبا من كلماتها ثم هدر بها:
ــ طب قسماً عظما يابنت سلطان إن ماظبطي لسانك دي معاي وبطلتي المناطحة الند بالند دي لاهخليكي تعيطي لمي لسانك يارحمة واعرفي انك هتتحدتي ويا جوزك اللي بإذن الله لما تاجي بيته هيقص لك لسانك دي .
ضحكت بانتشاء فقد استطاعت استفزازه كما فعل ثم قالت :
ــ والله انت اللي حضرت العفريت فاستحمل بقي يامتر هو انت مفكر هتهددني وتعاملني بالطريقة داي وهسكت لاااا دي عندها .
ابتسم بتسلية لشراستها وتمردها ثم هتف بوقاحة وهو يغير مجرى الحديث :
ــ طب بقول لك ايه يارحمتي سيبك بقي من الحوارات داي ، هو انتِ رميتي قلم الروج الأحمر اللي كنتي حطاه على شفايفك اخر مرة اتقابلنا ؟
اندهشت من استفساره ولكنها أجابته بصدق :
ــ له مهرميهوش ياماهر حاجتي اني بعتز بيها جدا .
رفع حاجبه الأيسر هاتفاً باستمتاع :
ــ طب مترميهوش هاتيه معاكي ضمن حاجتك الشخصية علشان حبيته عليكي ولونه مثير وجذاب.
شهقت بخجل من تصريحاته وعقلها لم يصدق ماتفوه به ماهر الريان وهي تبعد الهاتف عن أذنها وهي تنظر إليه ببلاهة ثم تمتمت بنبرة ذهولية خافتة :
ــ اممم انت بتقول ايه هو انت ماهر اللي هتتحدت وياي ولا انت مين بالظبط .
ابتسم بتسلية من ذهولها ثم هتف مشاغبا إياها :
ــ هو انتِ مش مرتي وفرحنا كمان يومين فيها ايه لما اقول اللي يحلالي ، دي اني اقول واعمل كمان يارحمتي .
ـــ هااااااا تعمل ايه ياماهر ايه الطريقة دي انت شارب حاجة ؟
قالتها رحمة وهي ما زالت مندهشة من كلامه الوقح وعبثه معها ثم عقب هو :
ــ رحمتي افتحي الفيديو حالا عايز اكلم كلامنا صوت وصورة .

يتبع….
google-playkhamsatmostaqltradent