Ads by Google X

رواية ضراوة ذئب "زين الحريري" الفصل الحادي والعشرون 21 - بقلم سارة الحلفاوي

الصفحة الرئيسية

    رواية ضراوة ذئب "زين الحريري" الفصل الحادي والعشرون 21 - بقلم سارة الحلفاوي 

الفصل الحادي و العشرون

إستفاقت من نومِهما الطويل على ملمس صدرُه الصلب أسفل رأسها، فنحت عيناها بـ بُطء لتصعد بـ مقلتيها نِحيته لقتُه نايم بعُمق، ضمت الغطاء لصدرها تشعر بقليل من البرودة تضرب جسدها حتى إشتدت البرودة فـ غمرت جسدها داخل أحضانُه تهمس بـ صوتِ ناعِس يرتجف:

- زين .. زين!!


مسحت على ذقنُه و هي تُناديه فـ صحي مغمغًا بصوتُه الناعس:

- إيه يا حبيبتي؟


همست و هي تحاوط خصرُه ضامة قدميها جوا قدميه هامسة بـ رجفة من شدة البرودة:

- بردانة .. أوي!

حاوطها بذراعيه يمسح بكفُه على ذراعها العاري صعودًا و هبوطًا بيحاول يدفيها، فـ دفنت نفسها داخل صدرُه أكتر، لما حَس إنها دفيت شوية قام رمى حطب جوا المدفأة و ولّـ.ـع النـ.ـار فيها، قفل الستاير اللي على النوافذ كويس و رجعلها، حاوطها بالغطا كويس و شالها بين إيديه بيقرّبها لصدرُه و قعد بيها قُدام المدفأة اللي غمرتهم بالدفء، إبتسمت دافنة وجهها في رقبتُه و همست بـ حُب:

- هتعود على الدلع ده كدا و هبوظ!!


إبتسم و أبعد خُصلاتها على وجهها و قال مُتأملًا عيناها:

- إتدلعي براحتك اليومين دول!


- اليومين دول بس!!

قالت بخضة زائفة فـ قال بإبتسامة:

- العُمر كلُه، بس عشان لما هنرجع إن شاء الله هيبقى ورايا شغل كتير و هتشوفيني في البيت صُدفة!!


حاوطت عنقُه و هي بتقول بلُطف:

- هتلاقيني بطُب عليك في الشركة!!


و قالت بغضب زائف:

- و أشوف فريدة چيبة دي اللي مش راضية تجيبها لـ بَر !!!


بصلها بدهشة و قال و هو بيميِّل ودنُه عليها مُصتنعًا عدم السمع:

- إنتِ قولتي فريدة إيه!!


- فريدة چيبة!

همست ببراءة و هي بتبصلُه، و إتسعت ضحكتها لما لقتُه بيضحك، فـ رجعت قالت بضيق:

- طب بذمتك مش الچيبة بتاعتها قُصيرة و قليلة الأدب!!


هتف ساخرًا قاصدًا إغاظتها:

- أومال لو شوفيتيها بقى و هي فاتحة اول تلت زراير من قميصها و بتميّل عليا توريني الـ .. الورق!!!


شهقة عالية خرجت منها و لم تنتبه على إنزلاق الغطاء قليلًا من فوق جسدها العالي تهتف بغضب عارم:

- إنت إزاي تسمحلها بـ كدا يا زين!!! دي قلة أدب و رُخص و آآآ!!!


سكتت لما إتفاجأت بيه نازل بـ شفايفُه على ما ظهر من أسفل الغطاء الذي إنزلق لأسفل، لتُسرع مُحكمة إياه حول جسدها و إحمرار الخجل يغزو وجهها، إرتعشت الحروف عل لسانها و مقدرتش تكوِن جُملة مُفيدة فـ ضحك ساند راسه على جنب رقبتها، إزدردت رمقها و غمغمت:

- إحنا .. هنرجع إمتى؟


- عايزة ترجعي إمتى؟

قال و هو يُقبل عُنقها قُبلة طويلة، فـ همست بخجل:

- يلا دلوقتي!


- زهقتي بالسُرعة دي!

قال و هو بيرفع وشُه ليها بيبُصلها بإستغراب، فـ همست بهدوء:

- لاء يا حبيبي مزهقتش، أنا لو عليا أفضل عايشة في المكان الحلو دة طول عُمري، بس عشان شُغلك و إنت معطَّل نفسك يعني عشان تجيبني هنا!


- متشغليش بالك بالموضوع ده!

هتف و هو محاوط كتفها، فـ سندت راسها على صدرُه وهي بتقول بهدوء:

- ماشي يا حبيبي!


صدح رنين هاتفُه في الأرجاء، فـ إبتعدت عنُه عشان يقدر قوم و يجيبُه، جابُه و رَد عليه بهدوء، و إتحولت نبرتُه الهادية لـ بُركان ثائير و هو بيهدر بعنف:

- يـعـنـي إيـــه المخزن وِلـ.ـع!!! هــو أنــا مـشـغَّـل بـهـايـم مـعـايـا!!!


 بصتلُه يُسر بقلق لحد م نطق بحدة:

- ماشي أنا جاي، على بليل كدا هبقى عندكوا! مش محتاج أقولك إنك تشوف الدنيا لحد م آجي، و كلِم عابد!!


و قفل التليفون و خبطُه على التسريحة بعُنف فـ إنتفضت يُسر و قامت بتقول بقلق:

- إيه اللي حصل؟


مسح على وشُه بعُنف و أخد نفَس عميق بيحاول يهدى، بصِلها و قال بهدوء يُعاكس نار قلبُه:

- ولا حاجه يا يُسر، بس لازم نرجع! 


أومأت يُسر مُسرعة تهتف بلهفة:

- مافيش مُشكلة يا حبيبي، هدخُل أغيّر و نروح الفندق نجيب حاجاتنا و نمشي!


أومأ لها بهدوء، فـ أسرعت للداخل لتجد فُستان خروج فضفاض مع حجابه، إغتسلت و لبستُه و خرجت كان هو لبِس، و بالفعل في ظرف نُص ساعة كانوا راحوا الفُندق و أخدوا حاجاتهم و مشيوا، ركبت العربية جنبُه و هي شايفة ملامح الغضب بادية على وشُه المتشنج، مكانتش عارفة تعمل إيه .. حطت إيديها على دراعُه و قالت بحنان:

- متقلقش .. كلُه هيبقى تمام صدقني!


لانت مِحياه و خفّ تشنُج وشُه، ليبتسم لها إبتسامة موصلتش لعينيه، و مسك تليفونُه أجرى إتصال بضرورة إحضار طائرتُه الخاصة له في ظرف ساعة، و بالفعل خرج من السيارة اللي كان مُستأجرها، مسكت إيدُه و مشيت جوا المطار معاه، إجراءاتُه خلصت فـ طلعوا طيارتُه، قعدا يُسر جنبُه بتبُص لـ رجلُه اليمين اللي بتتهز بعُنف، بصِت لملامحُه الحادة و عيناه الشاردة، لتمد يدها تضعها على قدمُه المُهتز، و سارت بأناملها على جُزء من قدمُه هامسة له برفق:

- زين .. إهدى يا حبيبي!!


بَص لـ إيديها و مسكها رفعها لشفايفُه و قبّلها بهدوء و بصلها و قال بحنان:

- متخافيش عليا أنا كويس .. تعالي!


هتف و فرد ذراعه لها فـأسرعت دافنة وجهها جوار نبضات قلبُه، تُربت على صدرُه بكفها الصفير فإبتسم و مسّد على حجابها، حتى شعر بـ كفها يسقُط من فوق موضع قلبُه فـ عِرف إنها نامت، ضمها ليه أكتر و غمّض عينيه ساند راسُه لـ ورا ومش في ذهنُه غير مين اللي عمل كدا!!


بعد مرور ما يقارب الخمس ساعات وصلت الطائره مطار القاهرة الدولي، مسح على بشرتها الناعمة و قال برفق:

- يُسر .. وصلنا يا حبيبتي!


صحيت من النوم فركت عينيها و غمغمت بنعاس:

- وصلنا؟ يلا طيب!!


قامت فـ قام معاها و مسك إيديها، خرطوا من الطيارة و ركبوا عربيتُه اللي كانت مستنياه قدام المطار بواحد من الحرَس، فـ قالُه بهدوء:

- شوفلك تاكسي و إرجع إنت .. أنا اللي هسوق!


أومأ الأخير و تركهم و ذهب، ركبت جنبُه و هو ساق العربية بسُرعة عالية إلى حدٍ ما عشان يوصّلها و يطلع على المخزن، إنقبض قلب يُسر و صاحت بهلع ماسكة في الكُرسي:

- زين .. بالراحة شوية!


- متخافيش!

قال و هو بيطمنها، مسك إيديها و عينيه على الطريق، ظهرت عربية نُص نقل في الطريق قُدامُه ضاربة نور عالي في وشُه و ماشية عكس، لما شافها مفكرش غير في حاجة واحدة .. يُسر! يُسر اللي أول ما شافتها صرّخت بإسمُه برُعب، مقدرش يتفادى العربية فـ محسِش بنفسُه غير و هو بيجذب راسها لصدرُه بيحمي راسها بدراعُه القوي عشان ميجرالهاش حاجة، العربية حاولت تتفادى وجودُه لكن إصطدمت عربية زين بطرف العربية النُص نقل فـ شالت إكصدام العربية و من شدة الإصطدام إتقلبت عربية زين مرة ورا التانية!! إلا أن إستقرت بعد ما يُقارب الخمس قلبات على الأسفلت و الطريق السريع، إستقرت مُعتدلة مُصدرة أدخنة كثيفة من الأمام، تجمهر الجميع حول العربية لا يروا سوى شاب به جروح بالغة و بأحضانُه فتاة رأسها تنـ.ـزف بشكلِ بالغ الصعوبة!!!!

• • • • •


مُمدد على فراش داخل المشفى، موصول بجسمُه أجهزة عديدة، وجهه به خدوش و جسدُه بالكامل مكـ.ـدوم بكـ.ـدمات عنـيـفة، غيبوبة دامت شهر كامل مصحيش منها!، إلا أن حرّك أناملُه حركة ضعيفة، لاحظت المُمرضة فـ صاحت بسعادة غامرة:

- يا دكتور .. الباشا حرّك إيدُه!!


هرع الطبيب داخل الغرفة و إقترب من زين مميّل عليه يردف 

بـ صوت عالي:

- زين باشا! لو سامعني إرفع صُباعك بس!!


فعل زين بصعوبة، يشعُر بكامل جسدُه و كأنه مُقيد بقسوة، فتح عيناه التي باتت تنظُر حولُه، وجوههم، إضاءات الغُرفة، أعينهُم المُتلهفة، لم يكُ يبحث سوى عن عيناها، و بصعوبة حاول تحريك لسانه اليابس، حتى نطق بـ صوتِ مُتقطع:

- فين .. هي .. فين!!


لم يفهم الطبيب في بداية الأمر، فـ هتف بدهشة:

- قصدك مين يا باشا! 


- مـ .. مراتي .. فين!!

قال بصعوبة و هو باصصلُه بعيون نصف مفتوحة جوار عيناه كـ.ـدمة زرقاء اللون و جرح جوار شفتيه، نظر الطبيب للممرضة بأسف، لتتنهد الممرضة بحُزن و لم تستطع التكلُم، فـ قال الطبيب بأسف:

- الحقيقة هي المدام يعني .. لسه في الغيبوبة، حالتها مش أحسن حاجة!!


و بعد أن كانت عيناه ليست مفتوحة بالقدر الطبيعي، فُتحت مصدوم من اللي سمعُه، و مقدرش يسيطر على نبضات قلبُه اللي تسارعت خوفًا عليها، و في لحظة كان بيشيل الغطاء من فوق جسمُه برجلُه راكـ.ـلًا إياه بعُنف، لن ينكر الألم الذي ضرب بقدمُه من شدة ضرباتُه، إستند على الكومود جواره فأوقع ما كان عليه يحاول النهوض يشعُر بتخدُر ظهره من شدة الألم، حاولوا إرجاعه عن ما ينتوي عليه ليصرخ به الطبيب:

- يا زيــن بــاشــا!! اللي بتعملُه ده غــلــط!!!! 


- إبــعــد مــن وشــي!!!!

صرخ به بعُنف ليتآوه بألم واضعًا يدُه على قلبه الذي أعتُصر فجأة!، شال من جسمُه الأجهزة اللي متوصلة بيه بحدة، و إستند على الحيطة جنبُه بيدفع الطبيب من قُدامه، خرج من الأوضة بيصرخ بصوتُه العالي.. المُنهك:

- يُـسـر!! يُسر!!


فتح أبواب الغرف بعشوائية لتركُض خلفه الممرضة ترجوه:

- زين باشا أرجوك .. أرجوك إهدى، حضرتك كدا بتإذي نفسك!!


مسك دراعها بعُنف و قال بحدة و صدرُه يعلو و يهبط:

- شاوريلي .. شاوريلي على أوضتها .. بــسُــرعــة!!!


أسرعت تشير له على الغُرفة بخوف من سلطته و الهالة اللي رغم تعبُه مختفتش من حواليه، إقتحم باب الغُرفة مستندًا على إطار الباب، أنفاسُه بقِت أبطأ لما إتفاجئ بيها نايمة زي الجُـ.ـثة اللي مافيهاش روح، وشها شاحب و أجهزة متوصّلة بجسمها تفوق الأجهزة اللي كانت متوصّلة بجسمُه، إندفع نحو جسدها و حاوط كتفيها ليرفعهما صارخًا بها بصوتٍ مُلتاع:

- يُسر .. قومي يا يُسر!! قومي و كلميني!!! 


صرخت الطبيبة بصدمة من فعلته واضعة كفيها على ذراعه بتترجاه يبعد عنها و هي بتقول:

- يا نهار إسود!!! يا باشا أبوس إيدك سيبها دي مش حِمل حاجه!!!


و بعُنف و بقوة غريبة تلبستُه دفع المُمرضة بعيد عنُه هادرًا بها بغضب:

- إخرسي و ملكيش دعوة إنتِ!!!


رجع بَص لـ يُسر حطها على السرير و حاوط وشها بيقول و عينيه لمعت بالدموع:

- يُسر .. يلا يا حبيبتي قومي!! أنا زين يا يُسر .. أنا زين قومي و كلميني!!!


- يُـــــســــر!!!!

صرّخ فيها لما مالقاش إستجابة منها، محسِش بعدها غير بحُقنة بتضرب دراعُه و سائل بيدخل لجسمُه خلَّاه يرتخي تمامًا و محسِش بعدها غير بـ موجة سودا بتبلعُه!!!


• • • • •


بعد مرور شهرين، قاعد على كُرسي جنب السرير ساند راسُه على كفيها، لابس بلطو إسود و تحتُه بلوڤر إسود، حاضن إيديها بين إيديه عينيه مغمّضة، و لم إتفتحت أظهرت إحمرار غير طبيعي و كإنه بيحاول يكتم دموعُه، بصِلها و مسح على الغطا الأزرق الطبي على شعرها، بيقول بصوت مليان حُزن:

- وحشتيني .. وحشتيني أوي، وحشني صوتك و عينيكي اللي نفسي أشوفهم، وحشني حُضنك و قُربك، وحشتني إيدك اللي كانت بتلمس وشي، موحشتكيش يا يُسر؟ تلت شهور عدوا موحشتكيش؟ للدرجة دي زعلانة مني؟ بتعاقبيني عشان سوقت بسُرعة و إنتِ مبتحبيش كدا صح؟ أنا إتعاقبت أهو .. تلت شهور كاملين متعذب و إنتِ مش معايا .. مش كفاية كدا عليا؟ تعبت يا يُسر، تعبت أوي خلاص كفابة يا حبيبتي قومي! دة أنا بقيت زي المجنون يا يُسر، بمسِك لبسك و أتكلم معاه كإني بتكلم معاكي، بحضنُه و بشِم ريحتك فيه، يرضيكي اللي وصلتلُه ده؟ أنا مش قادر أعيش .. حياتي واقفة من غيرك!! ليه القسوة دي كُلها عليا!!

دة أنا زين .. حبيبك! حتى أنا مبقتش فارق معاكِ؟


فضل ماسك إيديها لكن رجع بضهرُه لـ ورا مرجّع راسُه حاسس بغصّة في قلبُه مبتروحش! قلبُه كان هيُقف لما حَس بأناملها بتتحرك بـ بُطء شديد، إنتفض من فوق الكُرسي و بصِلها مقرّب منها بيبُص لإيديها و وشها بلهفة شديدة، لقى بالفعل إيديها بتتحرك مكانش بيتخيل! تعابير وشها إنكمشت فـ وثب من فوق الكُرسي محاوط وشها بكفيه و اللهفة ملت صوتُه و قلبُه و هو بيبُص لملامحها و بيقول:

- يُــســر!!! سامعاني!!!


مكنش بيسألها، ده كان أمر واقع لما لاقاها بتستطيب بإيماءة صغير منها، مقدرش يقاوم و إنهال على وشها بالقُبلات المُشتاقة .. سند راسُه على راسها بيتنفس بسُرعة عالية بينهج كإنه خارج من سباق الماراثون، لثّم جفنها المغمض بيرفع راسها لصدرُه، دخل الطبيب على صوت زين و إتصدم من إنها شِبه فاقت، حاول يبعد زين عنها بيقول برجاء:

- يا باشا ممكن تبعد بس نطمن عليها!


قبّل راسها بشوق و سندها تاني على السرير و بِعد عنها، يُسر بصتلُه و بصِت للدكتور اللي قال بإبتسامة هادية:

- حمدلله على سلامتك يا مدام يُسر!!


بدأت يُسر تستوعب، بصِت لـ زين و قطّبت حاجبيها و غمغمت بـ صوت مُرهَق ظهر الإستغراب فيه:

- إنت .. مين!!!!!


  •  

  •تابع الفصل التالي "رواية ضراوة ذئب" زين الحريري " اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent