Ads by Google X

رواية هواها محرم الفصل الثامن و العشرون 28 - بقلم آية العربي

الصفحة الرئيسية

    

رواية هواها محرم الفصل الثامن و العشرون 28 - بقلم آية العربي

بسم الله ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
وَلَقَدْ نَعْلَمُ أنّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُون فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبِكَ وكُن مِنَ السَاجِدِينْ واِعْبُد رَبَّكَ حَتّى يَأْتِيَكَ اليَقِينْ .
اللهم إنا نستودعك أهل غزة وكل فلسطين ، اللهم
كن لهم عونا اللهم إنا لا نملك لغزة وفلسطين إلا الدعاء
الفصل الثامن والعشرون من ( هواها محرمٌ )
( ثري العشق والقسوة 2)
أحيانًا يحدث حدثًا جللًا يغير حياتك
يقلب موازينك جميعها رأسًا على عقب ، تكتشف من بعده أن سبيلك كان وعرًا ومخاوفك كانت وهمًا ومصائبك كانت عبثًا أمام ما يحدث من حولك .
تستنتج مما حدث أنك كنت أقل البشر ضررًا وأن يد العون كانت دومًا أمامك ولكن عيناك اتخذت من الاختباء حججًا
لتتذكر وتؤمن دومًا بأنه مهما تضخمت المآسي وبلغت القلوب حناجرها ستجبر .
ولتعلم أن كلما اشتدت ظلمة الليل اقترب بزوغ الفجر .
بقلم آية العربي
❈-❈-❈
كانت بينهما حرب نظرات تراها خديجة بوضوح لذا لم تسعد وسط مباركات والدتها وشقيقها بل ابتسمت مجاملة لهما ثم نظرت نحو والدها وزوجها وتحدثت بنبرة حزينة مترجية :
– بابا ، خالد كفاية بقى .
تمسكت نسرين بكفيها تدعمها وهي تعلم أن ابنتها على وشك الفصح عما بها ، حديث ابنتها الآن هو الأنسب لذا تركتها تكمل مسترسلة :
– أنا مش قادرة افرح بأي حاجة حواليا طول ما إنتوا مختلفين كدة ، فرحتي دايمًا ناقصة حتى بخبر حملي اللي المفروض يكون أسعد خبر بالنسبالي بس فيه حاجة جوايا بتمنعني افرح وهي أكيد بسبب اختلافكو مع بعض دايمًا .
حدقت بزوجها وتحدثت بنبرة لينة تحمل عتابًا استهدف قلبه :
– خالد لازم تعرف إنك لما تشتري خاطر بابا كإنك اشتريت خاطري ولما تقلل منه كإنك قللت مني أنا .
تنفس بهجت بقوة لتتضخم رئتيه تباهيًا بابنته وفرحةً بحديثها لتتابع بنفس نبرتها وعيونها تتلألأ بالغيوم التي يبغضها :
– بابا أحن راجل في الدنيا كلها اديله فرصة يعرفك عن نفسه ، بلاش الحرب اللي بينكم دي لإنها بجد بتتعبني أنا ، حاول تفهمه ، إنت فرحت جدًا بحملي ونفسك في طفل تخيل لو حد جه وأخد منك ابنك اللي إنت بتحبه جدًا من دلوقتي مابالك بإحساس بابا بقى اللي أنا ومازن كل حاجة في حياته ؟ ، حاول تحط نفسك مكانه شوية وتخلى بقى عن العند ده .
لم تؤثر عليه نظرة بهجت بمثقال ذرة ولم تؤلمه نظرات نسرين ولم يهتز داخليًا لأي شخص كما تفعل به هي ، يتزعزع ثباته حينما يلمح دموعها ، يكون على حافة الجنون ويريد الفتك بمن تسبب بهم والآن هو المتسبب أو بهجت وعليه ألا يتعرض له كي لا تحزن أكثر لذا فالينتقم من نفسه ويدعس على طاقته التي تراوده الآن كي لا يتحول .
تلاحظ حالته وتعلم أنه على وشك الانفجار وحينما كاد أن ينهض ويسحبها ويغادر وكأنها استشفت ذلك فأسرعت تنظر لوالدها بنظرة مشابهة تحمل حبًا وحنانًا ولكن من نوعٍ خاص به وحده ، نظرة مختلفة عن نظرة حبيبها حينما قالت :
– وحضرتك يا بابا ليه مش قادر تتقبل خالد في حياتنا ؟ ، خالد بقى جوزي يا بابا وهو بيحاول يعمل أي حاجة تفرحني .
تروى وهذا ليس من عاداته أبدًا ولكنه سكن ليسمع حديثها عنه وهدأت طاقته قليلًا يستمع إليها وهي تخبر بهجت الذي يتعمق فيها عنه حيث تابعت تشرح بيديها وكفيها المضمومتان :
– مش حضرتك كنت دايمًا تقولي إن ربنا لما بيحب إنسان وبيبقى حابب يصلح حاله بيقربه من الناس الكويسين ، حضرتك اللي كنت بتقولنا إن القرى الظالمة قبل ما ربنا بيعاقبها بيخرج منها القوم الصالحين واللي في قلوبهم مثقال ذرة من إيمان ؟ ، كلام حضرتك ليا هو اللي خلاني أكمل يا بابا ، ليه جاي دلوقتي وعايزني اتعامل بعكس ما علمتنا ؟ ، مش حضرتك اللي كنت دايمًا بتشجعنا على نشر الإسلام من خلال شخصياتنا وتعاملنا مع الناس ؟
انسحب بعقله من مجلسه لسنوات عدة وهو يتذكر تعاليمه لهما ودروسه التي تناساها بعاطفته الأبوية ولكن لم تنساها ابنته ، كان يقصد آنذاك الناس البعيدة ، الناس التي يمكنهما مقابلتها مرةً واحدة ، كان يقصد ذلك بشكلٍ عام ولكن لم يخطر على عقله أن يأتي شخصًا مختلفًا مئة وثمانون درجة عنهم ليصبح زوج ابنته ، صعب عليه تقبل ذلك ، يخشى عليها هي ، يخشى أن يجهدها ، يخشى أن يؤلمها ، يخشى أن يبعدها عن دينها ، لما لا أحد يفهم عليه ؟
مازن يفهم عليه ، وزوجته تفهم عليه ، لذا تنظر له بعاطفية ولكنها تركت ابنتها تكمل عله يطمئن .
أما خالد فلأول مرة يشعر أنه حالة ، يشعر أنه تجربة وليس حبيبًا أو زوجًا ، يريدها أن تتحدث عن مشاعرها نحوه وليس عن كونه حالة فهذا الحديث يحرقه ، يتألم وهو يراها تشرح طريقة التعامل معه كأنه كغيره من البشر بالنسبة لها ، هذا ليس ما يود سماعه هي مميزة بل فريدة من نوعها في عينيه وقلبه ويريد أن تبادله نفس المشاعر .
لتسرع في النظر إليه كأنها شعرت به وبأفكاره ونسرين تربت على يدها تشجعها بصمتٍ لذا تنهدت بعمق وعادت تتعمق في والدها وتتابع :
– خالد بيحبني ، بيعاملني بطريقة مميزة ، مش بيحب يشوف دموعي ، خالد بطل يشرب يا بابا ، وبدأ يصلي ، بيتغير ، صدقني يا بابا بيتغير .
كانت تقنع والدها وتقنع نفسها وتبث في عقل زوجها هذا الأمر جيدًا لتبرهن له أن تغييره هذا أكثر ما تريده ، تنفست بعمق ثم نطقت بثبات مؤكدة :
– أنا بحب خالد يا بابا ، بحب جوزي جدًا وبزعل لما بحس إنه بيتعامل بغربة وسطنا ، المفروض نبقى إحنا عيلته مش زي ما حضرتك قلت من شوية ، أصلًا العيلة اللي اتولد فيها دي مش عيلته الحقيقية ، عيلته الحقيقية هي إحنا يا بابا ، لو سمحت حلوا الخلاف اللي بينكوا ده علشان أنا بتعب وبزعل جدًا لما بشوفكوا كدة وبحس إن طاقتي بتنفذ .
صمتٌ أصاب بهجت لثوانٍ يفكر ويحدق بها ليحن قلبه لنظرتها فورًا ثم التفت ينظر نحو ماركو التي تبدلت نظرة البرود فيه لنظرة غير مفهومة ولن يفهمها أحدًا هنا لذا عاد لابنته يبرر بهدوء قائلًا باستفاضة :
– يابنتي أنا مش رافض كل اللي بتقوليه ده ، وصدقيني عايز اديله فرصة ونفسي يقرب مننا ويبقى أحسن واحد في الدنيا بس هو بيكابر ، بيتعمد يستفزني ، وأنا بصراحة مش قادر أنسى إنه خطفك وعمل خطة علشان يتجوزك .
تحدثت نسرين بعد صمتٍ تنظر لزوجها بعتاب :
– خلاص بقى يا بهجت ماتضيعوش فرحة البنت بحملها ، يالا قوم باركلها .
نهض بهجت على الفور بعدما رق قلبه لابنته ولحفيده المنتظر ليذهب نحوها ودونًا عن ماركو أوقفها يعانقها ويدخلها بين ضلوعه في عناقٍ أبوي اشتاقت له ثم تمسك برأسها يقبلها بحبٍ وعاد يربت على ظهرها مرددًا بنبرة راضية :
– مبروك يا قرة عين أبوكي ، أنا متأكد أنك هتبقي أروع أم .
انتعش قلبها ، بالرغم من توقعها لعقابٍ بسبب هذا العناق ولكن ليكن فهي سعيدة جدًا بعناق والدها الذي ابتعد وتقدم من خالد وبادر بمد يده له قائلًا بملامح منفرجة يجاهد ليتناسى ويتسامح :
– مبروك يا ابني .
ثانية ، اثنتان ، ثلاثة حتى نهض ماركو ومد يده سريعًا يردف على عجلةٍ :
– شكرًا .
سحب يده ثم نظر نحو خديجة وتحدث بنبرة ونظرة تعلمهما :
– هيا خديجة لنغادر .
حسنًا هذه المرة لن تطيعه بل نظرت له نظرة متسلطة وتحدثت بنبرة آمرة كأنها تعاقب طفلها يبدو أن عناق والدها أعطاها طاقة جديدة :
– خالد سلم على بابا كويس واحضنه .
باغتها بنظرة مشككة قاطبًا جبينه ، هل ما سمعه صحيحًا ؟ ولكن جاء استنكار بهجت وهو يردد ليؤكد له أنها صادقة فيما قالته :
– مالوش لزوم يا بنتي حضن إيه بس .
لتؤكد نسرين على حديث ابنتها بابتسامة خفية بينما مازن لم يستطع إخفاء ضحكته :
– خديجة معاها حق يا بهجت ، يالا سلموا على بعض بالأحضان علشان نتأكد إنكوا اتصافيتوا .
تحمحم بهجت ينظر لنسرين بعتاب بينما تحدثت خديجة بنفس نبرتها الصارمة :
– خالد يالا بقى علشان خاطري .
طالعها بتعجب كيف سيعانق هذا الرجل ليردف دون تجمل :
– اهضنه إزاي بس يا خديجة ؟ ، ينفأ أهضن نسرين مكانه .
– عيب يابني مايصحش كدة اسمها أم مازن .
خرجت تلك الجملة من بهجت بحماقية لنطقه لاسم زوجته مجردًا وكذلك لرغبته في عناق زوجته لتردف نسرين بحنانٍ وهي تنهض :
– ومالو مهو غلاوته من غلاوة مازن .
كادت أن تتحرك نحوه لتعانقه ليبادر بهجت في التقرب منه ثم عانقه عناقًا يكاد يلامسه وربت على ظهره مردفًا بامتغاض :
– يالا بسيطة .
ابتعد بهجت ينظر إلى ابنته برضا بعدما بادر هو يتساءل :
– خلاص كدة ؟ .
ابتسمت لوالدها ابتسامة واسعة أشعلت في قلب ماركو النيران خاصةً أنها تجاهلته لتنظر نحو مازن الذي قال ممازحًا :
– إيه يا عم خالد مالك ده حضن أبويا ده أمـــــــــان .
تبعها وهو ينهض ويتجه نحو والده يفتح ذراعيه قائلًا :
– أحضنك أنا يا بابا .
ضم والده الذي بادله بعناقٍ قوي لتبتسمان خديجة ونسرين عليهما بينما وقف خالد يتابعهم بتعجب ، من هؤلاء ؟ .
للحظة شعر بوحدته ، بحرمانه من العائلة والأمان والحب .
قرصت نسرين يد خديجة وأشارت نحوه بخفوت لتنهض خديجة وتتجه نحوه فوجدته شاردًا ينظر نحو بهجت ومازن فما كان منها إلا أن ألقت بنفسها داخله .
عانقته بجرأة لأول مرة أمامهم ولكنها تعبر عن حبها له ولم تعد تخشى شيء ، تعبر عن دعمها وعن وجودها دومًا معه ، عن أُنسها لتنزع منه شعور الوحدة ، تلف ذراعيها حوله ليتجمد متفاجئًا من عناقها لثوانٍ قبل أن يتذكر ويعود لعالمه الجديد .
إنها له ، ملكه وحده ، هي كل عائلته لذا لف يديه حولها يعانقها بتملك ، بقوة ، بكيْد ، يثبت شيئًا لنفسه أولًا ثم لهم لن يسمح بمَ حدث اليوم أن يحدث مجددًا ليهاجمه وحشًا يدعى الخوف لذا شدد من عناقه ثم انحنى فجأة يقبلها بشكلٍ صدمها قبل أن يصدمهم وجعلهم يلفون وجوههم بحرجٍ شديد .
تحرك مازن مغادرًا على الفور بينما تحمحم بهجت يردف وهو يتحرك من مكانه نسبةً لحرجه من تصرف هذا العابث وليبرر تجهمه الذي قابلهما به :
– اعمللنا تحلية ولا حاجة يا نسرين ، الواحد حاسس إنه مخنوق لإنه ماراحش الشغل النهاردة .
تحدثت نسرين بتوتر وهي تتحرك كذلك :
– حاضر حالًا .
غادرت نسرين إلى المطبخ وكانت خديجة قد ابتعدت عن ماركو الذي لم يحل وثاق ذراعه من حول خصرها وهو يطالع بهجت بانتصار كأنه أحرز هدفًا :
– وليه ماروهتش الشغل النهاردة يا همايا ؟
تحمحم بهجت يردف دون النظر لهما بل يلتفت بوجهه عبثًا :
– أبدًا النهاردة ذكرى ٦ أكتوبر وأجازة رسمية .
أومأ ماركو ولف نظره يطالع خديجة التي ودت لو تنشق للأرض وتبتلعها بعدما وضعها في موقفٍ لا تتمناه لأعز أحبابها .
❈-❈-❈
تجلس باكية بكاءً شديدًا ليس على اليوم فقط بل على عمرها بالكامل .
نادمة حزينة وحيدة ويلازمها ثقل دائم يشعرها بأنها منبوذة .
تخلت عنه وتركته مجبرة وباتت تراقبه من خلف الأسوار حتى شب وكبر والآن تزوج وبات رجلًا يعتمد عليه وربما بعد عدة أشهر سيصبح أبًا وهي ما زالت تعيش ذكريات لا تسمن ولا تغني من جوع انتقامها .
تمنت أن تعانقه ، تمنت أن تتلمس صدغه الحي بدلًا من لمستها لصدغه من خلف شاشة صلبة .
منذ أن علمت بزفافه وأسرعت مهللة تهاتف صقر وترجوه أن تراه ولكنه اشترى خاطر عمر ونفسيته لذا بث لها الفرح مرئيًا عبر شاشتها لتراه وتتحسر على ما آلت إليه الأمور برغم سعادتها ويقينها أن ما أصابه كان خير تدبير .
تدعو على سمير العدلي عند كل مرة تبتلع لعابها ، تمنت أن تنتقم منه بيديها ، أن تعتصر رقبته حتى الموت ، تمنت أن تشفي غليلها ولكنها اكتشفت من خلال عملها معه أنها لا تمتلك تلك القوة ، هي أضعف من قتل أحدهم حتى لو كان أحدهم هذا دمرها تدميرًا وذاقت بسببه الويلات .
ها هي تجلس أمام شاشتها تعيد مرارًا وتكرارًا تشغيل زفافه بعدما سجلته كما أخبرها مهندس الإلكترونيات الذي أرسله صقر لها .
مندمجة بل فاقدة الإحساس بكل من حولها وتصب كامل تركيزها على تفاصيله ، فرحته ، عيونه اللامعة ، وسعادته بعروسه و ــــــــ تلك السيدة التي تعانقه بقوة لينحني يقبل يداها ، هي نفس السيدة التي كانت سببًا في نجاته .
هي أمه التي يعترف بها ، يحبها ، يعانقها بصدق وهي تبكي بين ضلوعه بدموع الفرحة والسعادة ، إذًا فهي أيضًا تحبه ، وربمَا تحبه أكثر منها .
لا ، لا أحد يحبه أكثر منها ، لا أحد يعلم ما مرت به حتى يلقي أحكامًا .
نهضت تقترب من الشاشة بعدما ثبتت صورته والتصقت بالشاشة تقبل وجهه وتبكي ، تعتصر عيناها بنحيب وتقبله وتردف بصوتٍ مختنق :
– سامحني يا عمر ، نفسي أبوسك يابني ، نفسي أحضنك ، نفسي تسامحني قبل ما أموت .
ظلت تنتحب وتلصق وجهها في الشاشة التي تظهر ملامحه حتى أخرجها نداء والدتها من حالتها تلك لتبتعد قليلًا متنبهة للصوت المتكرر فعادت والدتها تنادي بسعالٍ مختنق :
– يا سوسن .
تنهدت تنهيدة قوية ثم تحركت نحو الغرفة التي تنام بها والدتها لترى ماذا تريد ولكن الحنين داخلها بات يتآكلها لرؤيته ، تستهوي عناقه بشدة .
❈-❈-❈
وكأنها تخاطره ، ليضع الله في عقله التفكير فيها في نفس الوقت .
حتى وهو يجلس مسترخيًا على ظهر اليخت وتجاوره مايا ترتدي قبعتها الكبيرة وملابس السباحة وتجلس مسترخية أمام المسبح مستمتعة بالأجواء بل مستجمة بصمت ليأخذه هذا الصمت إلى والدته .
يفكر بها منذ أن علم ، بل يفكر بها منذ أن نمى عوده وأدرك يتمه ولكنه كان واقعًا بين مريّن أحيةٌ هي أم ميتة والآن هي حيةٌ ترزق ، بل كانت طوال سنينه تراقبه من بعيد ، يحاول استيعاب فعلتها ليعود مستنكرًا .
لقد وُصم مجتمعيًا بأنه ابن ملجأ ولولا رحمة الله به وتدبير أمره بشكلٍ يعجز عن وصفه لما وقع في طريق السيدة آسيا التي لا تفكر بنظرة سطحية بل ترى معادن الناس وتحكم .
وبالرغم من عدم أصالة معدنه إلا أنه كان كالألماس الساطع نبت من بين جبال قاسية صلدة .
ليعود إلى نفس النقطة التي تؤرقه منذ أن علم بهويته ، هل والدته تلك ظالمة أم مظلومة .
أما عن ذلك الأب فظلمه بيّن كرؤية نور الشمس في وضح النهار .
التفتت مايا تطالعه حينما طال صمته لتجده يرتدي نظارته وينظر للأفق بشرود لتدرك بحدسها العاشق فيما يفكر لذا أسرعت تقفز من مقعدها وتلف له متسائلة بنبرة طفولية مشاغبة عالية :
– عمر قوم ننزل البيسين .
انتفض من علو نبرتها ليلتفت لها يجدها ناضرة ومزدهرة تشق الابتسامة على ثغره دون أن يدري لذا ابتسم يطالعها بعيون العشق قائلًا :
– يابنتي ماتطلعيش مرة واحدة كدة هتقطعي خلفي بدري .
ضحكت حتى سطعت لآلئها وتحدثت بحب وهي تميل بوجهها بدلال :
– مهو إنت سرحان ماعرفش في إيه ومش واخد بالك مني .
تحدث مستنكرًا وهو يعتدل ليقابلها محدقًا في ملامحها بشغفٍ وعطش :
– يا ظالمة ، أنا اللي مش واخد بالي منك بردو ولا إنتِ اللي نافشة ريشك دلوقتى وساعة الجد كتكوت مبلول .
– عاااا عمر بطّل قلة أدب .
قالتها وهي تخفي وجهها بكفيها ليذهل متسائلًا وهو يضرب كفًا بكف :
– لا حول ولا قوة إلابالله ، هي فين يا بنتي قلة الأدب دي ؟ ، أنا اضحك عليا في البضاعة دي .
أزاحت كفيها وتقدمت منه بوجهها فقط وباتت تسبل بأهدابها بغيظ قائلة بدلال :
– البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل .
تفاجأ من ردها ليردف بفخر وحب وابتسامة لونت حياته :
– لا حلوة ، عجبتني ، تعالي بقى لما أكافئك .
قهقهت وهي تنهض لتسرع مبتعدة عنه بصرخة أنثوية مجلجلة قبل أن تقفز في المسبح ولم يفكر لحظة قبل أن يتبعها ويقفز خلفها لتعاود الصراخ ولكنه لحق بها يكتم صرخاتها الضاحكة بقبلته القابضة وحبه الفائض وقلبه الذي يرقص معانقًا قلبها في حفلة عشقٍ ذات مذاقٍ خاص .
❈-❈-❈
في طريق العودة يقود بصمت وعيناه منكبة على الطريق ، يستعيد كلماتها وحديثها مع والدها ، يركز في كل ما قالته ليظل يردد على عقله أنه كان بالنسبة لها مجرد حالة .
ليست عادته ، حتى أنها حدثته ولم يجبها لذا مدت يدها تتحسس كفه القابض على مقبض السرعات وتكرر سؤالها بترقب وتعجب :
– خالد مالك ؟ .
أبعد يده وتحدث وهو يتمسك بالمقود قائلًا بنبرة جامدة صدرت منه لا إراديًا :
– لا شيء .
قطبت جبينها متعجبة ثم اعتدلت تتنهد وتنتظر حتى يصلا من المؤكد هو ما زال حزينًا من استقبال والدها أو ربما بسبب عناقه لها فهي باتت تعلمه جيدًا .
وصلا بعد وقتٍ وصف السيارة ليترجل وتترجل هي أيضًا لذا التفتت تطالعه فوجدته يقف ينتظرها دون النظر إليها وما إن جاورته حتى تحرك معها نحو الداخل ليتركها في تعجبها من حالته .
دقائق ووصلا إلى الغرفة ليدلف يخلع ثيابه ويلقيها عبثًا لذا تنهدت ولم تحتمل فعاودت سؤالها بترقب وهي تقف على بعد خطواتٍ منه :
– خالد ممكن تقولي مالك ؟ ، وشك مقلوب ليه كدة ، إنت لسة زعلان من بابا ؟
سألتها بقلقٍ وحزن تجلى فوق ملامحها ليزفر بضيق ويلف وجهه للجهة المقابلة ولا يعلم هل يخرج مافي جبعته أم يظل على كتمانه حتى لا تتأذى نفسيًا أو تحزن وهي في حالتها هذه ولينفجر هو ؟
ولكنها اقتربت منه حتى وقفت أمامه تحدق في عينيه وتحاول استكشاف ما به بعينيها اللتان تضعفانه ، نظراتها وملامحها اللتان تحطمان ثباته وتزعزعان أرضه الجامدة .
من قال أنها تشبه أربعين بشرية ؟ ، هي تشبه الورود ، تشبه الفراشات ، تشبه فقاعات السعادة ، تشبه كل شيء جميل عادا البشر ، هي ملاكه الآمن وليست بشرًا ، لقد عانى من البشر ، يريدها هي فقط لذا نبش الخوف مقبرته الساكنة في قلبه وتحدث متسائلًا :
– خديجة هل أنا بالنسبة لكِ فقط حالة ؟ .
قطبت جبينها متعجبة ثم تساءلت باستغراب :
– يعني إيه ؟
رفع يده يتحسس ملامحها حتى تدل لمسته على حنانه الخاص بها فلا تحزن ليتابع بنبرة مهتزة من أثر الخوف والشك :
– أخشى أن أكون بالنسبة لكِ حالة تودين إصلاحها لتفوزي في اختباركِ أمام والدكِ فقط ، ليفرح قلبه بكِ فقط ، لتنتصرين في معركة الإسلام فقط وليحترق قلبي أنا ، هذا ما فهمته من حديثكِ هناك .
باغتته بنظرة صادمة ، لقد فسر حديثها بشكلٍ لم يصله عقلها أبدًا لذا هزت رأسها بالسلب تجيبه على الفور بصدقٍ :
– لاااااء طبعًا ، لو زي مابتقول كدة مش هتجوزك ، مش هسلمك نفسي أبدًا بعد اللي حصل منك ، إنت ناسي عمايلك لما خطفتني ؟ ، بس أنا حبيتك فعلًا وماعرفتش يعني إيه حب غير معاك إنت .
يتعمق فيها ليتأكد أو ربما ليأخد من فمها كلماتٍ يلقيها على نيران قلبه فتخمد وهي تتابع موضحة :
– طبعًا بتمنى إنك تتغير وتلتزم ومش هتخلى عن الهدف ده لكن أنا حبيتك وده السبب اللي خلاني أتجوزك .
وجدته محدقًا بها وكأنه متعطشًا لسماع المزيد لذا أرادت أن تعبر عن مشاعرها مسبقًا ، عادت بذاكرتها إلى ماقبل زواجهما واسترسلت موضحة بعيون لامعة ترسل له عشقًا هو بحاجته :
– أنا عمري ما سهرت أفكر في حد أو قدر حد يشغل عقلي غيرك ، روحي دايمًا بتحن ليك أنت ، عيني بتحب تشوفك في كل مكان حواليا ، بحب أسمع صوتك دايمًا ، بحب ضحكتك وهزارك ولهجتك وبحب غيرتك عليا وبحب الطفل اللي جواك واللي بيحسسني إنه محتاج لي دايمًا .
كانت تشرح بعينيها ثم رفعت إحدى يديها تتلمس صدغه ليرتعش جسده كليًا تحت لمستها فتنهدت بعمق وتابعت بتأثرٍ حتى باتت دموعها تسبق كلماتها التي أطفأت نيرانه ليحل محلها الدفء الذي غمر قلبه :
– أنا لما قلت كدة كنت حابة أوصل رسالة لبابا وهي إنك تستحق حبي وثقتي وإنك هتكون الزوج اللي هو كان بيتمناه ليا طول عمره .
لانت كل ذرة فيه وارتخت عروق وجهه ليتنهد بارتياح من كلماتها التي ود سماعها .
بدأت يديه تلتف حولها وتسحبها أكثر إليه منحنيًا عليها يعانقها ويغمض عيناه باستمتاع ليعطيها الشعور الذي ترغبه ويصبح طفلًا بحاجتها .
تبادله بحبٍ وابتسامة رضا دامت لثوانٍ ثم تذكرت فعلته لتبتعد عنه وتدفعه بيديها فطالعها متعجبًا ليجدها تباغته بنظرة عتاب وتتساءل بتوبيخ :
– أيوة من حق ، ينفع اللي عملته قدامهم ده ؟ ، يصح كدة يعني ؟
هز منكبيه بجرأة وتحدث بعنجهية تخفي ألمًا لا يعلم سببه :
– أنتِ وطني ، وجدت والدكِ يعانق ابنه بقوة وتعامل معي كأني ثوبًا متسخًا لذا أثبت له أن ابنته تحب عناقي وتعشق قبلاتي ، هل أنا مخطئ ؟
نطق الأخيرة بنظرة طفلٍ برئ فرأفت لحاله ولانت نظرتها وتحدثت بنبرة حنونة :
– بس كدة فيها إحراج ليهم وليا ، وبعدين بابا مش قصده كدة بس لإنك مابدلتوش الحضن ، يعني الغلط عندك على فكرة .
عاد يهز منكبيه ومد يده يسحبها إليه لتستقر في حضنه مجددًا وقال ويديه تسبح فوق أماكنه المفضلة :
– ولمَ أبادله من الأساس أنا اشمئز من عناق الرجال ، أنا أعشق عناق الجسد الطري الشهي الخاص بي .
ابتسمت عليه ولانت حيث بدأ يقبلها ويتلذذ بقبلاته بعد كلماتها التي لامست جزءًا دفينًا داخله ليعود وحمها يهاجم استمتاعهما لذا عادت تدفعه بيدها مبتعدة عنه فتعجب ينظر لها ليجد ملامحها مستنفرة ولكن عيناها تخفي توترًا ليتساءل وهو يشم نفسه بشك :
– ماذا خديجة ؟ ، أقسم أن رائحتي تراقص الجيوب الأنفية .
– خالد يظهر إن دي أعراض الوحم .
نطقتها بأسفٍ مصحوبًا بالحزن الذي يخفي ضحكة على هيئته وصدمته كأنه لم يستوعب ليردف بعدها :
– بدأت لعنتي ، هذا أقسى عقاب خديجة ، يجب أن نغير هذا الوحم حالًا .
كان يتحدث بجدية وهو يعبر بيديه لتنفلت منها ضحكة لا إرادية قائلة باستنكار :
– نغيره إزاااااي ماينفعش ، اصبر بس لما نروح للدكتورة بكرة ونسألها .
تبدلت ملامحه إلى التذمر والضيق ليتساءل بترقب محاولًا إيجاد حلً :
– حسنًا هل اذهب وأغتسل ؟ ، يمكنني الاغتسال خمسة عشر مرة ولكن لا يمكنني تجنبك ، سأنفجر خديجة وستنفجر الغرفة .
نظرت له ثم تلاعبت على أوتار فرحته بالحمل وتحدثت بنعومة وهي تقترب مجددًا ويداها تتلاعب بأزراره الأولى وعيناها تسبح في فلك عينيه :
– مهو مش هينفع يا خلودي غير لما نروح للدكتورة ونسألها علشان كدة ممكن فيه خطورة على البيبي ، يعني إنت تدخل تاخد شاور بارد وتيجي ننزل نعمل العشا سوا وانسى الموضوع ده مؤقتًا .
تعمق فيها لثوانٍ يفكر ، يستطيع بكل سهولة أخذ ما يريده ويستطيع إغراقها في نهر مشاعر يجلي به وحمها الملعون هذا ولكنه يخشى إصابتها بسوءٍ أو إصابة الجنين لذا زفر زفرةً حادةً خرجت من جسده كاملًا وعبرت عن حالته ثم ابتعد عنها خطوة للخلف وتحدث وهو يرفع يديه ويشد خصلاته بقوة :
– ستبتعدين عني مسافة مترين يا خديجة ، وإياكِ أن تسلطي عيناكِ نحوي أو تحاولي لمسي ، وهذا للغد فقط لنرى ماذا سيفعل بي ابني الغالي بعد .
عضت على شفتيها تكتم ضحكتها ثم أومأت له بالموافقة ليزفر مجددًا بضيق ثم تحرك متأفأفًا نحو الحمام ليأخذ حمامًا باردًا يخفض به حرارة جسده .
❈-❈-❈
جمع حسن عائلته بعد عودة يوسف من عمله ليناقش موضوع أميرة معهم وبالأخص زوجته حيث يعلم جيدًا هو ويوسف أن إقناعها ليس بالهين أبدًا ، لقد ظن أن اجتماع ابنه بابنة اخيه مجددًا يعد ضربًا من ضروب المستحيل ولكن حقًا القدر فاجئه .
جلست مشيرة متأهبة بعدما ناداها بينما حنان تحدثت بفضولٍ غلبها وهي تقابل والدها :
– يالا يا بابا قول عايزنا في إيه ؟
تنهد حسن يعزز رئتيه استعدادًا للحدث والحديث ونظر نحو ابنه ثم التفت يطالع زوجته قائلًا :
– يوسف رفع دعوة طلاق لأميرة بنت أخويا .
تجمدت مشيرة لثوانٍ توزع نظراتها بين زوجها وابنها مطرق الرأس ثم تحدثت بصدمة واستنكار مفاجئ :
– نعم ؟ ، يعني إيه الكلام ده ؟ ، وإنت مالك ومالها أصلًا ؟
كان سؤالًا موجهًا ليوسف الذي يجلس ينتظر حديث والده كما أخبره احترامًا له ليعاود حسن الحديث قائلًا بتروٍ :
– اهدي يا أم يوسف ، اهدي وافهمي ، البني آدم اللي كانت متجوزاه ده اتحبس وعلى ذمة قضية دلوقتي ويوسف حكالي كل حاجة والبنت اتظلمت كتير وهو لازم يساعدها ويخلصها .
نهضت من مقعدها بعدما تملك منها الغضب وتحدثت وهي تتوجه بنظرها نحو ابنها :
– من قلة المحامين في البلد ؟ ، مالقتش إلا إنت توكلك ؟ ، ولا هي بتلف وبتدور على حاجة معينة ؟ ، مش هيحصل يا يوسف .
– هيحصل يا أمي .
نطقها بثبات وعينيه تحدق بوالدته ليتنفس حسن وينظر نحو حنان التي تلجمت بالسكوت تراقب ما يحدث حيث نظرت شهيرة لابنها بصدمة وتحدثت مستنكرة :
– يعني إيه هيحصل يا يوسف ؟ ، إنت بتهزر صح ؟ ، عايز تطلق بنت عمك وترجعلها بعد كل اللي حصل معانا منهم ؟ ، يوسف إنت عايز تجنني صح ؟ ، عايز تدمر حياتك بعد النجاح اللي وصلتله ؟
نهض هو الآخر يردف بألمٍ دفنه لسنوات لتهز كلمات والدته رواسب الماضيه داخله :
– هدمر حياتي علشان هتجوز الوحيدة اللي حبيتها ؟ وبعدين مين قالك إن حياتي طبيعية ؟ إنتِ شايفاها عاملة إزاي ؟
تحدثت باستفاضة تبصق الكلمات وهي تلوح بيدها وأعصابها مشدودة :
– شيفاك محامي كبير وشاطر جدًا وألف واحدة تتمناك مش واحدة شوفنا من أهلها كتير أوي وكمان مطلقة .
لم يحتمل ما تتفوه به والدته عليها لذا اعتصر عينيه للحظات ثم نظر لها وتحدث يعبر عما به :
– إنتِ ليه مش قادرة تحسي بوجعي ؟ ، أنا مش هعرف أكون مع حد غيرها ، أميرة حب حياتي ، ليه مش قادرة تستوعبي إن سعادتي معاها ؟ ، أنا من وقت ما هي اتجوزت لحد اللحظة دي وأنا مش طبيعي ، محدش فيكوا هيحس باللي جوايا ولا هشتكي ولا هقول بس هتمسك بالفرصة دي كويس جدًا .
تقدم منها حتى بات أمامها وتابع بثباتٍ موضحًا :
– ما تطلبيش مني بعد ما بقى فيه أمل إننا نجتمع مع بعض تاني أبعد عنها ، مش هيحصل يا ماما ، مش هبعد عنها وهفضل وراها لحد ما تطلق وتخلص عدتها وتقبل بيا ، ولعلمك هي لا طلبت اترافع لها ولا طلب مني أي مساعدة ، هي حاليًا مدمرة فلو سمحتي ماتجيش إنتِ كمان عليها بكلامك ده ، افتكري أميرة كانت بالنسبالك إيه زمان .
نظر لها نظرة أخيرة ثم تركهم وتحرك يغادر من المنزل بأكمله لتنهار شهيرة وترتد على المقعد ناظرةً لزوجها تستغيثه قائلة بيأس وإحباط :
– هتسيبه يا حسن ؟ ، هتسيبه يعمل اللي بيقول عليه ده ؟
نهضت حنان مسرعة تربت على كتفها وتُهدئها بينما تحدث حسن يومئ بتأكيد :
– أيوة هسيبه يا شهيرة ، وإنتِ كمان لازم تسبيه يعمل اللي نفسه فيه وكفاية ضغط عليه لحد كدة ، ابنك مش صغير ولازم نقف معاه لإن اللي جاي مش سهل .
مسحت على وجهها بقلة حيلة وحزن وقد سبحت بأفكارها فيمَا يمكن حدوثه خاصة من انتصار بينما نهضت حنان تسرع نحو المطبخ لتناولها كأس مياه .
❈-❈-❈
في الفيلا المجاورة
تجلس انتصار برفقة ابنها ياسين الذي أغلق لتوه مع شخصًا أوصاه بالبحث عن شقيقته وجلس يتآكل بغيظ واضح فسألته وهي تضع ساقًا فوق الأخرى :
– ها عرفت حاجة عنها ؟
– لاء ، كإن الأرض انشقت وبلعتها ، هموت واعرف راحت فين دي .
نطقها وهو يرتد على مقعده بتجهم فزفرت بضيق لتتابع بشرود وهي تنظر للا شيء :
– أكيد فيه حد ساعدها ، والحد ده نفسه هو اللي سلم عاطف .
– سيبك من عاطف دلوقتي هو كدة كدة كان رايح ورا الشمس بعد اللي عمله ، أنا عايز أعرف مكانها بأي طريقة ، أكيد ال**** يوسف هو اللي ساعدها .
قالها والغضب يتآكله لتزفر تطالعه بضيق وتردف :
– ياسين أنا مش ناقصة مشاكل ، ابعد عن اللي اسمه يوسف ده وركز بس مع أختك واعرفلنا مكانها وخلاص .
– هيحصل ، وساعتها ورحمة أمي ماهعتقها .
طالعته بصدمة تنطق بتوبيخ :
– ورحمة امك إيه أنت بتفوّل عليا .
انتبه لما قاله من بين غضبه ليزفر باختناق ثم نهض يلوح بيده في سخط قائلًا قبل أن يغادر :
– فايقة ورايقة .
لوت شفتيها بتبرم ثم نظرت له إلى أن غادر وجلست تفكر في ما يحدث حولها ثم تذكرت شهيرة أكثر البشر كرهًا بالنسبة لها لتبتسم بخبث وتشفي فهي على يقين بمدى رفضها لعلاقة ابنها يوسف بأميرة ولن تقبل بذلك أبدًا .
❈-❈-❈
في اليوم التالي
يجلس بهجت يتابع قناته الإخبارية لتأتي نسرين حاملة صينية بها فنجانين من القهوة ووضعتها على الطاولة ثم اتجهت تجاوره وامتدت يداها تأخذ فنجان القهوة تناوله له بابتسامة قائلة :
– اتفضل يا حبيبي .
لف لها يبتسم ثم تناولها منها قائلًا بحب :
– من يد مانعدمها .
تنهدت وتناولت فنجانها ترتشف وتتابع معه القناة الإخبارية ليظهر فجأة خبر عاجل يقلب الموازين .
مجموعة ضخمة من الشباب الملثمين يهبطون من الجو على طائرات بدائية ويقتحمون أسلاك شائكة ويكبرون ويهللون و يأسرون بعض الأسرى ليجحظ بهجت وبالتبعية زوجته حتى أن القهوة توقفت في حلقها من ذهول ما يعرض .
عملية انتفاضية نتجت من ضغطٍ لسنوات وكبتٍ وذلٍ وقهرٍ ، سجنٌ كبير وأسلاك وأشواك وجدران حاوطتهم من كل مكان .
معاملة غير آدمية واحتلال وقتل وتجويع وقطع موارد الحياة ليطفح الكيل أخيرًا ويدبرون انتفاضة على عدوهم الغاصب الداني الظالم تسمى ب ( طوفان الأقصى ) .
خرج بهجت من صدمته وهو ينهض ويضع فنجان القهوة ثم بدأ يكبر ويردد :
– ينصر دينكم ، الله أكبر الله أكبر .
وقفت نسرين أيضًا ذاهلة تطالعه لتجده يلتفت لها ويعانقها بسعادة وقوة وهو يردد مكبرًا بسعادة شاعرًا أن خطوة تحرير الأقصى باتت على شفى حفرة .
ابتعدت نسرين تطالعه بعيون لامعة وتسأل بتمني مستفسرة :
– معقول يا بهجت اللي بيحصل ده ؟
– قدامك أهو يا نسرين ، ربنا ينصرهم ، ربنا ينصرهم .
عاد ينظر للشاشة التي تعرض تفاصيل هامة عن هذه العملية التي ستبدأ لتكون محط أنظار العالم .
❈-❈-❈
في تلك اللحظة كانت نارة تستند على سريرها تتابع نفس الأخبار على هاتفها بذهول ودهشة وسعادة ، القلب ينتفض فرحًا لمجرد تخيلها بتحرير فلسطين ، ما إن خرج صقر من حمامه حتى نهضت تتجه له قائلة بنبرة تصل نسبة حماسها عنان السماء :
– صقر شوف ، اتفرج على الشباب عملوا إيه ، دخلوا الأراضي المحتلة وقدروا يعبروا الفاصل ويأسروا أسرى ؟
تناول منها الهاتف ووقف يتابع ما يعرض بدقة لتتغير ملامحه بعد عدة دقائق وهو يتحدث بغموض :
– ربنا يستر .
تساءلت بقلقٍ وخوفٍ حينما بدأت تستشف مقصده :
– فيه إيه يا صقر ؟
نظر لها وتنفس بقوة يتذكر أوضاعًا معينة شهدها خلال عمله مع المافيا ليقول دون مراوغة :
– اسـ.رائيل أكيد مش هتسكت .
نهش قلبها القلق وتساءلت بخوف وهي تدرك ذلك :
– أكيد مش هيسكتوا وهيردوا بطريقة عنيفة ، بس يمكن تكون دي بداية التحرير يا صقر ؟ ، الشعب ده شاف كتير أوي واتظلم واتخان حتى منه فيه ، وبعدين وعد ربنا حق والقرآن ذكر إننا هننتصر عليهم .
ألقى الهاتف على الفراش ثم تنهد ووقف يطالعها بعمق قائلًا بملامحه الجادة وثباته المعهود :
– اتمنى ده يحصل بس اسـ.رائيل مش بلد ، دي منظومة صهيونية وليها أفرع في العالم كله واللي يعاديهم بيدمروه وبيتهموه بالإرهـ.اب ومعاداة السـ.امية ، منظومة بتحاول على مدار سنين تشوه صورة الإسلام ، الرد اللي هيحصل مش هيكون عنيف بس ده هيكون دمـ.ار لإن اللي حصل ده بالنسبالهم إهانة مدوية وصدمة مستحيل كانوا يتوقعوها ، ربنا يعديها على خير .
هي تعلم هذه المعلومات جيدًا وتعلم مدى قدرتهم في الأرض كما ذكر الله تعالى ولكنها تؤمن بانتصار الحق وبزوغ الفجر مهما طالت الظلمة لذا ابتلعت لعابها وتحدث بتمني وشرود :
– فعلا ربنا يستر يا صقر .
❈-❈-❈
جاءته رسالة بريدية فأصدر حاسوبه صوتًا لذا أسرع ينهض من فراشه ويتجه نحو مكتبه ليرى الراسل .
كان نفس الشخص الذي يحادثه دومًا حيث أرسل له رسالة عاجلة محتواها :
( لم حاجتك كلها وأهرب حالًا ، البوليس جاي ياخدك ، فيه محامي قدم فيك بلاغ بتهمة ازدراء الأديان ، اخلص علشان مافيش وقت ) .
قرأ الرسالة بجحوظ ودب الرعب في أوصاله كاملة ليتوقف عقله عن التفكير للحظات قبل أن يحاول مهاتفة ذلك الشاب الذي ما إن فتح الخط حتى أجاب طه مرتعبًا شاعرًا أن قلبه يتهاوى أرضًا :
– أهرب أروح فين ؟ ، وعرفت إزاي ؟ ، إنت متأكد ؟
تحدث الطرف الآخر ببرود ولا مبالاة :
– هتفضل تضيع وقت في الكلام ؟ ، أخرج بس من عندك وهبعتلك ابلكيشن مكان تروح عليه لحد ما نشوف هنعمل ايه .
أومأ بصدمة وأغلق المكالمة ثم نهض وبدأ يجمع أغراضه بسرعةً عالية وبعبثية في حقيبة سفر .
بعد عدة دقائق نزل الدرج بخطواتٍ مبعثرة ويلتفت حوله كاللصوص فلم يجد أحدًا كالعادة لذا أسرع يفتح باب الفيلا ويغادر إلى وجهته دون رجعة .
❈-❈-❈
تتمدد على سرير الكشف بينما تقوم الطبيبة بفحصها بعدما أكدت لها الحمل ويجاورها ماركو يقف مهتزًا من شدة حماسه حتى أنه نطق متسائلًا بعبثية :
– هل هو صبي أيتها الطبيبة ؟.
طالعته الطبيبة بتعجب وأجابته بنفس لغته :
– مازال عمره خمسة أسابيع كيف سأعرف نوعه الآن ؟
نظرت له خديجة بلوم وحرج ليتحسس رأسها ثم عاد يردف بعدما أغاظته إجابة الطبيبة :
– أنا أعرف نوعه جيدًا .
هزت الطبيبة رأسها بتعجب منه خاصةً وأنه غربي ويفكر بعقلية بعض أهالي أقصى قرى الصعيد لذا تنهدت وأنهت الفحص مبتسمة لخديجة قائلة وهي تنزع محارم ورقية وتناولها لها :
– الحمل تمام جدًا بس فيه شوية تعليمات مهمة لازم نمشي عليها بمَ إن ده أول حمل ليكي .
التقط ماركو منها المحارم بدلًا عن خديجة لتبتعد الطبيبة عن طريقه وتتجه لمكتبها بينما هو مد يده يجفف السائل من فوق معدتها تحت أنظارها الخجولة وعينيها المحبة لأفعاله .
انتهى وساعدها لتنهض واتجها نحو المكتب يجلسان حيث شبكت الطبيبة كفيها وطالعتهما قائلة بعملية وهدوء :
– طبعًا الأسابيع الأولى هيظهر أعراض كتير عليكي وأكيد إنتِ حسيتي بيها .
– نعم أيتها الطبيبة إنها تشمئز مني ، دوني وصفة طبية لتجنب هذا الأمر .
نطقها ماركو باستفاضة فنظرت له الطبيبة وتحدثت بجدية :
– لا يوجد وصفة لتجنب أعراض الوحم ، عليك أن تتحمل تغير هرموناتها إلى أن تلد وتعود لطبيعتها .
كاد أن يتحدث ولكن سبقه سؤال خديجة مستفسرة :
– يعني الموضوع ده هيفضل معايا طول الحمل ؟
أجابها هو بدلًا عن الطبيبة قائلًا بتأكيد :
– لا حبيبتي اطمئني سأجد حلًا لهذا الوحم .
ابتسمت الطبيبة عليه ثم زفرت وتحدثت ساخرة بملامح جادة :
– لو لقيت حل عرفهولي علشان اتعامل بيه مع الحالات بتاعتي .
تنهدت ثم عادت تدون الوصفة وتابعت بترقب :
– المرحلة الأولى دي هي أهم مرحلة لتثبيت الحمل علشان كدة لازم تلتزموا بالتعليمات .
رفعت عيناها تطالعه من أسفل نظارتها وتابعت بعيون تطلق اتهامًا خاصةً بعدما استشفت القليل عن شخصيته :
– والأهم إن مايحصلش علاقة بينكوا خالص الفترة دي .
– مــــــــــــــاذا !
نطقها بعلو مستنكرًا بدون أي خجل لتسرع خديجة تباغته بنظرة حادة ناطقة :
– خـــــالد ، ماينفعش كدة .
زفر بضيق ونطق بتجهم وضجر :
– إنها تبعدني عنكِ رسميًا يا خديجة ؟ ، ألا تسمعيها .
شعرت كأن دلوًا من الثلج انسكب فوقها وباتت في موقف حرج تباغته بنظرات عتابٍ وحزن لتقول الطبيبة بجدية وبلغته :
– لست أنا يا سيد ، إنه الحمل إذا كنت تريد الحفاظ عليه فيجب أن تضحي بشيء .
مسح على وجهه يستدعي الصبر ثم فكر قليلًا ، لم يضحِ بشيء مقابل حصوله على شيء آخر ؟ ، لِم يجب أن يسرقوا جزءًا هامًا من سعادته ؟ ، ولكن لأجل صغيره عليه أن يفعلها ، لفترة مؤقتة فقط لذا عاد ينظر نحو الطبيبة وتساءل :
– ومتى سينتهي هذا الوضع ؟
أجابته بثباتٍ وعملية :
– في الزيارة الجاية هنفحص المدام وأبلغك .
– ومتى الزيارة القادمة ؟
– بعد أسبوعين .
جحظ ينظر نحو خديجة لا يصدق أنه سيتجنبها مجبرًا لأسبوعين بينما هي نهضت تشكر الطبيبة وتلتقط منها الوصفة قائلة بحرجٍ :
– شكرًا لحضرتك ، عن إذنك .
التفتت له لتجده مازال في صدمته وصراعًا بين عقله ومشاعره لذا نطقت بنبرة غاضبة :
– يالا يا خالد .
نهض منتفضًا يتبعها بصمتٍ حتى غادرا المكان واتجها إلى سيارتهما يستقلاها .
تكتفت خديجة تطالعه بضيقٍ واضحٍ وقالت دون تجمل :
– ماينفعش أبدًا أسلوبك ده ، إنت خلتني قاعدة في نص هدومي .
طالعها بتعجب ونظر لملابسها فوجدها كاملة حيث لم يفهم مقصدها ثم تحدث وهو ما زال في صدمته وقال بنبرة حزينة :
– ألم تستوعبي ما قالته يا خديجة ؟ ، كيف سأبتعد عنكِ أسبوعين .
زفرت بقوة ثم حلت تكتفها وضمت أصابعها توضح له قائلة :
– يا خالد افهم ، أنا مش هبعد عنك طبعًا ، إحنا زي ما إحنا بس ما عادا العلاقة .
– وهذا أسوء ما في الأمر خديجة ، هذه لعنة بحد ذاتها .
قالها متأفأفًا بضجر وهو يقود بتجهم لتتعجب منه وتكاد أن تبتسم لولا التزامها بملامح الجدية أمامه .
❈-❈-❈
دخل مكتبه واتجه نحو خزنته التي يفتحها نادرًا ولكنه يحتاج إلى أوراق الوكالة وأوراق خاصة يجهزها لعقد شراكة بينه وبين صقر فهذا ما يخطط له منذ أن علم عنه ويتحمس كثيرًا لعقد هذه الشراكة بأسرع وقت .
فتح الخزنة وعبث بها ليخرج الأوراق ولكنه تفاجأ بنقص مبلغًا ماليًا ليس قليلًا لذا كان اختفائه ملحوظ .
بات يفتش بعبث ليتأكد من عدم وجوده وحينما تأكد صرخ بجحوظ وغضب :
– يا ولاد ال **** ، وديني مانا سايبكم ،هي حصلت تسرقوني .
تحرك خطوتين بتأهب قاصدًا الخارج ليوبخ زوجته ولكنه توقف مكانه فجأة ثم التفت ينظر نحو ركنٍ ما كان قد زرع به كاميرا لا يعلم عن وجودها أفراد أسرته .
اتجه عائدًا إلى مكتبه وفتح حاسوبه يعبث به ليرى من قام بفتح خزنته وسرقته والشك يراوده في شخصين ، زوجته أولًا ثم ابنه ثانيًا متجنبًا تمامًا التفكير أو الشك في ابنته التي ما إن فتح الحاسوب وعبث بالتسجيلات وجلس يتفحصها سريعًا حتى جحظت عيناه وارتد على مقعده حينما وجدها هي السارقة .
ردد اسمها بصوتٍ هامس وصدمة وهو يبتلع لعابه :
– إيمان ؟
ظل يتابعها وهي تفتح خزنته وتنتشل النقود منها وتتحرك منسحبة بتوترٍ بعدما أعادت كل شيء كما كان .
شُلت أطرافه لثوانٍ يتعجب ولسان عقله يردد لماذا ؟ ، لماذا سرقته وهو الذي لم يحرمها من شيءٍ على الإطلاق ، لما طعنته وهو الذي كان يتباهى بها أمام الجميع .
بعد دقائق مسح على وجهه ونهض والغضب أعماه متجهًا نحو غرفتها باندفاع أهوج .
اقتحمها ودلف فلم يجدها لذا بات يبحث عن نقوده في كل مكان ويلقي بكل ما تطاله يده أرضًا حتى وجد حاسوبها يرتكز على مكتبها فاتجه إليه وقرر فتحه ولسوء حظها ولعدم مراقبتهما لها وإعطاءها كامل حريتها وتفريطه في دلالها لم تكن تضع عليه رقمًا مشفرًا لذا ما إن فتحه حتى ظهرت أمامه البرامج فبات يتصفح واحدًا تلو الآخر حتى وصل إلى ملف فتحه ليصعق مما يراه .
صورها مع أيمن ومكالماتها المرئية معه التي كانت تحتفظ بها .
تحركت يده تشغل واحدًا تلو الآخر وعيناه لا تصدق ما يُعرض أمامه .
ابنته المصونة التي عززها بثقته تلوث شرفه وتسرق أمواله وتستغفله بل وجعلت منه أضحوكة وسط الناس .
لم يتحرك بل جلس متجمدًا يفكر وعقله يعبث به ويهيئ له كل المساوئ ، من المؤكد أنها سرقت أمواله لتعطيها لهذا الحقير الذي يظهر في الفيديو .
كانت تستغفله وتنظر في عينيه بكل براءة وتوهمه أنها متفوقة ومجتهدة وملتزمة وهو صدقها ووثق بها .
– بابا ؟
نادته إيمان وهي تدلف الغرفة بعدما عادت من الخارج تطالعه برعبٍ قفز من عينيها التي تسلطت على الحاسوب وما يعرض به فباتت تتقدم كأن أحدهم يسحبها دون إرادة منها وتردف بتلعثم وأنفاسٍ ضيقة :
– بابا أنا هفهمك .
وقفت يطالعها بغضبٍ أبدل لون عيناه ليقتتمان فجأة وتبرز عروق جبينه من شده غضبه وقد حضرت شياطينه فلم يجد نفسه إلا وهو يهجم عليها ويقبض على رقبتها بيده القاسية فجعلها تجحظ وتحاول نزع يده من رقبتها ولكنه كان مشدوهًا متأهبًا لدرجة عالية لم ترهُ هكذا من قبل .
رفعها عن مستوى الأرض فباتت تحاول الاستنجاد وتحرك قدميها بعبث ولكنه لم يتهاون حتى وهي تتحدث بصوتٍ يكاد يُسمع بل تحرك بها يلقيها على الفراش ويعلوها مستمرًا في خنقها ويردد بملامح قاتمة متحولة :
– أنا تستغفليني يا بنت ال **** ، تسرقي فلوسي وتتسرمحي بيها مع حتة عيل **** ؟ ، ليــــــــــــــه ، عملتي كدة ليـــــــــــــــه ؟ .
باتت تتحرك بوهن وهي تشعر بأنفاسها تتلاشى بعدما شحبت الدماء من وجهها وهي تنطق بمَ لا يسمع ولكنه لم يحرك ساكنًا ولم يراه شحوبها بل ظل يقبض بقسوة على عنقها ويتحدث بكلماتٍ قاسية نبعت من صدمته بها لتتوقف فجأة عن الحركة ولم تعد تقاوم وهو مازال كما هو إلى أن دلفت زوجته بعدما أتت على صراخه وما إن رأته هكذا حتى ركضت نحوه لتبعده ولكن جسد ابنتها الساكن ووجهها الباهت جعلها تطلق صرخة مدوية شقت أرجاء المكان ناطقة باسمها ليبدأ يستوعب ما حوله لذا حل وثاق يده من حول رقبتها ولكنها لم تهتز أو تتنفس بل جاحظة وفاقدة لكل معالم الحياة .

 

google-playkhamsatmostaqltradent