Ads by Google X

رواية هواها محرم الفصل الخامس و الثلاثون 35 - بقلم آية العربي

الصفحة الرئيسية

      

رواية هواها محرم الفصل الخامس  و الثلاثون 35 - بقلم آية العربي


بسم الله ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
وَلَقَدْ نَعْلَمُ أنّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُون فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبِكَ وكُن مِنَ السَاجِدِينْ واِعْبُد رَبَّكَ حَتّى يَأْتِيَكَ اليَقِينْ .
اللهم إنا نستودعك أهل غزة وكل فلسطين ، اللهم
كن لهم عونا اللهم إنا لا نملك لغزة وفلسطين إلا الدعاء
الفصل الخامس و الثلاثين من ( هواها محرمٌ )
( ثري العشق والقسوة 2)
للحب وجعًا خاصًا وألقًا خاصًا
الحب معجزات…
قادر جدًا فيجعلنا نبرق سعادة في ساعات.
قاهر فعلًا…
حين يترك الورد يذبل حزنًا في الباقات
كم حزنّا على حب ظنناه مستحيلًا
وكم ضحكنا لأجل حبٍ ظنناه جميلًا
ويبقى أجمل حب في العالم هو الحب المستمر
رغمًا عني، رغمًا عنكِ، رغمًا عن الجميع ورغمًا عن المستحيل
بقلم فيروزة
❈-❈-❈
لكلٍ منا طريقته في التعبير عن مشاعره
ولكلٍ منا طريقته في إخفاء مشاعره
الأمر فقط يحتاج إلى القليل من الوقت، القليل جدًا.
ولكن كأن الوقت قد توقف هنا بعد نطقه بموافقته على طلبها
آلام حادثتها وخذلانها لا تضاهي آلام موافقته أبدًا .
نعم قالتها ليتحدث ، ليخبرها بمراحل تغييره ، ليخبرها بمدى حبه ويتعهد ألا يتركها ، نعم قالتها برغم أن والديها أخبراها بتغييره ولكنها أرادت أن تسمعه هو ، تسمعها وهي تنظر في عينيه هو ، رفضت مقابلته منذ أيام حتى ترى مدى لهفته واشتياقه لها وللتأكد من وعوده ولكنه بسهولة وافق على طلبها .
ظلت نظراتها مصوبة عليه وكذلك هو حتى أنه لمح الرفض في عينيها لذا تنهد بقوة ونهض يخفي عينيه عنها ويقول بملامح حزينة :
– أنا دلوقتي كل اللي يهمني هي راهتك ، مش هتئبك تاني خديجة ، مش هستنزف طاقتك تاني زي ما كنت بأمِل .
وهكذا هو يخبرها بتغييره دون أن يحكي ، هذه هي طريقته في التعبير عن تغييره ، طريقة جديدة تليق بالتحور الذي حدث معه .
أومأت له عدة مرات ولم تستطع تخبئة دموعها التي توزعت حولها لتقول بنبرة جاهدت لتخرج طبيعية :
– تمام .
لم تكن طبيعية أبدًا ، كانت تحمل من الألم حد الصراخ ومن الحزن حد الاحتراق لذا التفت يطالعها وود لو خطا نحوها خطوة واحدة وعناقها ولتذهب خطته للجحيم ولكنه زفر بقوة وتحرك يغادر الغرفة وتركها تتخبط بين توسنامي كلماته .
❈-❈-❈
كان يقود عائدًا إلى الفيلا بعدما انتهى من نشر جزءًا مما لديه ، شاردًا يفكر وعيناه منكبة على الطريق ، ماذا إن وصلوا إليه ؟
لا تهمه حياته خاصةً وأن ما يفعله هو واجبًا دينيًا ولكن ماذا عن زوجته وحبيبته ؟ ، ماذا إن تعرضوا لها بسوء ؟
اعتصر عينيه لا يحتمل مجرد التفكير في هذا الأمر لذا عاد يبصر ويزفر بحدة ليلاحظ سيارة تتبعه .
دقق بعينيه في المرآة ليرى هوية من خلفه ولكن الطريق مظلمٌ بعض الشيء وكذلك السيارة التي تتبعه وتضيء له أنوارها ليتوقف سوداء اللون .
تعالت وتيرة أنفاسه وشعر بالتوتر الكلي لذا زاد من سرعته لكي يصل إلى مكانٍ مؤهولًا ظنًا منه أنهم وصلوا إليه .
لم تكد تمر ثوانٍ حتى وجد هاتفه يرن وحينما وجده صقر أجاب متلهفًا :
– أيوة يا صقر .
– أقف يا عمر على جنب أنا اللي وراك .
تنفس الصعداء وبالفعل توقف جانبًا ليترجل صقر ويتجه إليه بعدما ترجل هو الآخر والتفت يطالعه متسائلًا حيث قال الأول وهو يشير برأسه :
– تعالى معايا .
تعجب عمر وتساءل بترقب :
– آجي معاك فين ؟ ، والعربية ؟
التفت صقر يعود لسيارته وهو يردف بثبات :
– اقفل العربية وسيبها يا عمر وتعالى معايا .
زفر عمر بقوة وأدرك أن صقر يعلم ما يقوم به لذا مد يده ينتشل الحاسوب من الداخل ثم انتشل مفاتيح السيارة واعتدل يوصدها وتحرك ليذهب معه .
❈-❈-❈
انتظر إلى أن ناموا جميعم وقرر التسلل إليها عبر الشرفة ، يحمد ربه أن شرفته تلتصق بشرفتها وهذا كان من كرم والدته الفائض .
ابتسم ساخرًا على حاله وما وصل إليه فبات يشبه اللصوص حيث وقف في شرفته وناداها بنبرة هادئة :
– أميرة ، ميرو ؟
كانت تقرأ كتابًا حينما استمعت لهمسه لذا ابتسمت وأغلقته تضعه يمينها ثم نهضت تخطو نحو الشرفة وفتحتها ودلفت لتجده يميل برأسه حتى كاد أن يسقط لذا شهقت وأسرعت نحوه ترفع رأسه عنها قائلة بلهفة وحب :
– حاسب يا يوسف ممكن بعد الشر تقع .
تأملها بمنامتها وخصلاتها الطويلة الملتوية البنية ولون عينيها الساحرتين وشفتيها المكتنزتين ليتنهد مطولًا ثم تساءل بلوعة حبٍ تستهدف قلبه :
– امتى بقى ، هفضل بعيد عنك كدة كتير ، ومشيرة هانم كمان حكمها ده قاسي أوي ، هي مش واخدة بالها إنك مراتي ولا إيه ؟
ابتسمت عليه واستندت على السياج تطالعه قائلة بتروٍ كاذب :
– خلاص يا حبيبي اصبر ، كلها كام يوم ونسافر وساعتها مش هيبقى فيه أي أحكام قاسية .
ضيق عينيه بنظرة توعد قائلًا وهو يرفع سبابته :
– انتِ السبب ، أول ما ماما قالت دون تاتش وافقتي علطول ، حسابك معايا لما نسافر بس .
ابتسمت بخجل وتحدثت موضحة بنبرة عاشقة :
– مهو أنا مكانش ينفع أبدًا اعترض يا يوسف ، كنت قلقانة لـ ماما مشيرة تفهمني غلط .
انفرجت ملامحه وانشرح قلبه وهو يتساءل بشكٍ :
– يعني إنتِ بتفكري في اللي أنا بفكر فيه دلوقتي ؟
أطرقت رأسها بخجل وحدثته بنبرة معاتبة :
– يوسف بس بقى .
– طب ابعدي .
رفعت رأسها تطالعه بتعجب لتجحظ حينما وجدته ينوي القفز لشرفتها لذا حاولت منعه بيديها قائلة :
– يوسف بتعمل إيه ، استنى بس .
لم يمهلها فرصة حيث بالفعل تمسك بالجدار الفاصل بين الشرفتين وقفز إليها لتجده أمامها يطالعها بنظراتٍ ثعلبية والبسمة على محياه لذا ابتعدت خطوة للخلف ورفعت سبابتها تحذره :
– اللي عملته ده ماينفعش ، يقولوا علينا إيه دلوقتي ؟ ، اتنين مراهقين ! ، طالما واقفنا على شرط ماما مشيرة يبقى نلتزم بيه للآخر .
لم يبالِ بتحذيرها بل اقترب منها وهي تبتعد للخلف وهو يطالب بنبرة مترجية متلهفة :
– بوسة واحدة بس وهمشي .
عضت على شفتيها وكأنها بذلك تمنعه وهزت رأسها بلا وتوردت وجنتيها خجلًا بينما هو مستمرًا في قربه حتى توقفت بفعل الحائط وبات أمامها لا يفصل بينهما شيئًا لذا تسمرت عينيه على شفتيها يقول بنبرة متحشرجة ورغبة تقبيلها تحتل عقله خاصة وأنها تقضمهما تمنعًا :
– حرام عليكِ كدة ، لازقة فيا ومش عارف اقرب منك ، اعمل إيه تاني غير الجواز علشان أبوسك يا شيخة بقى .
كادت أن تستسلم للغرق في طوفان عشقه ولكنهما جحظا حينما تعالت الطرقات على باب غرفتها وتبعها نداء مشيرة قائلة بشكٍ :
– أميرة إنتِ كويسة ؟ ، سمعت حاجة وقعت عندك .
نظرا لبعضهما لثوانٍ ثم تحرك يوسف للداخل واتجه ليفتح لوالدته لتلحق به أميرة وتتمسك بذراعه قائلة بترجٍ وخجل هامسة :
– لا يا يوسف علشان خاطري بلاش ترد ، هتقول عني إيه؟
ربت على ذراعها لتهدأ وقال بهدوء وثقة :
– ماتقلقيش تعالي بس .
تركته وركضت نحو الحمام تختبيء داخله وكأنها المتطفلة بينما هو اتجه يفتح لوالدته التي تفاجأت به لذا تساءلت وعينيها تبحث عن أميرة :
– يوسف ؟ ، بتعمل إيه هنا ؟ وفين أميرة ؟
أشار لها أن تدخل ففعلت وعينيها مستمرة في البحث لتجده يقول لها بنبرة جادة :
– شوفيلك حل يا ماما مع الهانم ، أول ماشافتني نطيت من البلكونة جريت تستخبى في الحمام كإني حرامي ، دا كان ناقص تصرخ وتفضحني ، أجيب مين تاني يشهد على جوازنا علشان تصدق إنها مراتي حلالي ؟
تعمد التلاعب بالكلمات حتى يوضح الأمر لوالدته التي تفهمت حديثه جيدًا ولكنها تفكر بشكلٍ مختلف لذا قالت موضحة :
– يا حبيبي ماكلنا عارفين إنها مراتك بس إنت كمان عارف كويس إن أميرة مافرحتش وكنا حابين نفرحها ولو بحاجة بسيطة كدة نعملهالها ، وبعدين لازم تلبس فستان فرح حتى لو مش هنعمل حفلة بس هتلبسه وتسافر بيه معاك ، كلها كان يوم وابقى اعمل اللي إنت عايزه ، اللي يخليك تصبر السنين دي كلها مش قادر تستنى كام يوم ؟
تحمحم وأطرق رأسه قائلًا بنبرة ممازحة بعدما تفهم منطق والدته لذا قال يلقي باللوم على من في الداخل متعمدًا :
– المشكلة مش عندي يا ماما ، هي السبب ، حضرتك نادي عليها وقوللها تداري جمالها ده شوية انا تعبت .
ابتسمت مشيرة بينما خرجت أميرة من الحمام تطالعه بغيظ وتحدثت موضحة بعدما استمعت لحديثهما الذي أربكها :
– على فكرة يا ماما مشيرة أنا كنت قاعدة بقرأ كتاب عادي هو اللي نده لي ونط عندي .
– بنت ، عيب كدة إزاي تطلعي أسرارنا برا ؟
قالها يوسف بعيون تحذيرية كاذبة لتلتفت له مشيرة قائلة بخبثٍ وهي تدفعه نحو الباب :
– طب يالا يا حبيبي من غير مطرود على أوضتك واصبر شوية .
خرج مرغمًا يتأفأف بضجر لتغلق والدته الباب ثم التفتت تنظر إلى أميرة الجميلة ولهذا فهي تعذر ابنها في حبه ولهفته لذا قالت موضحة :
– طبعًا إنتِ فاهمة أنا عملت كدة ليه ، أنا كل اللي نفسي فيه أفرح بيكوا ، طبعًا مش هينفع نعمل حفلة لكن ده مش هيمنعني أفرح بيكوا وأفرحك بأبسط الطرق ، ماتزعليش مني انتِ غالية عندي ومعزتك في قلبي زي حنان بالضبط .
تمسكت أميرة بكفيها وتحدثت متلهفة :
– لا أبدًا يا ماما مشيرة ماقدرش أزعل منك ، بالعكس أنا فاهمة جدًا وجهة نظرك ومبسوطة جدًا إنك بتحاولي تفرحيني .
ابتسمت لها مشيرة وعانقتها بحبٍ لثوانٍ ثم ابتعدت تقول وهي تنوي الذهاب :
– يالا تصبحي على خير .
– وحضرتك من أهل الخير .
غادرت مشيرة وتنفست أميرة بسكينة من حديثها ثم ابتسمت واتجهت لتكمل قراءة قصتها ولكنها سمعته ينادي مجددًا من شرفته قائلًا بهمس :
– أميرة ، بت يا ميرو .
اتجهت تقف أمام الباب وتطالعه لتجده يغمز لها لذا ابتسمت وأغلقت الباب ثم أرسلت له قبلة على أطراف أصابعها ثم أغلقت الستائر ودلفت تكمل قصتها وبداخلها تتراقص الابتسامات لعلمها بمدى غيظه الآن .
❈-❈-❈
يجلسان في السيارة في مكانٍ ما ويستمع عمر إلى حديث صقر الذي ينصحه قائلًا :
– بدون نقاش يا عمر ، مالكش دعوة بعد كدة باللي هيتنشر ، الموضوع مش سهل ولا هين زي ما انت مفكر ، اللعب مع المنظومة دي يعني موت .
زفر عمر وتحدث بإيماءة :
– عارف طبعًا ، أنا فاهم كويس إنهم مش مجرد عصابة بس دي أمانة في رقبتي ولازم أنشر كل حاجة معايا وكل دليل يفوق الشباب المغيب الجاهل اللي بيتبعهم ده ، ده حتى العلم حرفوه وللأسف بيقنعوهم بمنطق العقل والرؤية ، بيصدقوا أوي الأشياء المادية الملموسة مع إنهم عمرهم ماشافوا لا فضاء ولا كواكب ولا سطح قمر ومع ذلك بيصدقوهم هما وبيكذبوا القرآن ، إنت متخيل ؟
تنهد صقر مطولًا ثم تحدث موضحًا :
– متخيل يا عمر ، متخيل ومستوعب لإني كنت وسط العالم ده ، المهم دلوقتي ابعد عن السكة دي وسيب النشر عليا ، ماينفعش أبدًا تعرّض نفسك واللي حواليك للخطر .
حاول عمر طمأنته لذا قال :
– ماتقلقش يا صقر ، اللي ربنا عايزه هيكون ، وبعدين أنا بنشر من كذا مكان بعيد، يعني صعب يحددوا مكاني الأصلي .
ابتسم صقر ساخرًا وتحدث بدهاء وخبرة :
– في النهاية كلها أماكن جوة القاهرة وتتبعك سهل بالنسبالهم ، لازم علشان تشتتهم تنشر من كذا بلد ، عربي وغربي ، علشان يحسوا إن مش واحد بس اللي بينشر ، وده صعب جدًا تعمله علشان كدة سيب الموضوع عليا .
أدرك عمر أن صقر محق ولكنه خشى أن يعرضه للمخاطر لذا قال بترقب :
– طب وهتعمل كدة ازاي ، وبعدين ده مش خطر عليك يا صقر ؟
– مافيش أي حاجة حوالينا مافيهاش خطورة ، حتى الحارس اللي إنت بتجيبه يحرسك ممكن يكون خطر عليك ، بس أنا من زمان مابقتش أخاف من الموت علشان كدة هما مش هيضروني ، وبعدين أنت مفكر إنك الوحيد اللي إيمانك قوي ولا إيه ؟ ، إحنا مطلوب مننا ناخد حذرنا كويس جدًا ونعمل اللي علينا ونتصرف بذكاء معاهم واللي بعد كدة يبقى نصيب وقدر من عند ربنا ، وكلنا بنؤمن بالقضاء والقدر ، ولا إيه ؟ .
تنهد عمر تنهيدة قوية ثم أومأ مستسلمًا وقال :
– تمام يا صقر ، اللي تشوفه .
❈-❈-❈
بعد أيام
تم السماح لخديجة بمغادرة المشفى ، وها هي نسرين تجهزها ليغادروا ، تفتقد رؤيته منذ أن تحدثت معه ، سألت عنه وأخبرتها نسرين أنه لم يغادر المشفى إلا حينما يذهب لعمله ثم يعود وينام في الغرفة المجاورة لها والتي اتخذها لنفسه ، إذًا بينهما جدارًا فقط ومع ذلك حُرمت من رؤيته .
– تمام كدة يا ديجا ؟
سألتها نسرين بترقب لترفع خديجة يدها التي تحمل المرآة وتنظر إليها ، ملامحها باهتة وعيناها حزينة ، وجهها شاحب ، الكدمات سلكت سبيل الشفاء ومازال القلب يتألم .
تنهيدة حارة خرجت من جوفها وهي تومئ لوالدتها التي ألبستها حجابها وتحدثت بعدها أبعدت المرآة تشكرها قائلة :
– شكرًا يا ماما .
– العفو يا حبيبتي .
فُتح باب الغرفة ودلف مازن الذي كان يقف مع خالد في الخارج ، دلف يبتسم لها بحب ثم نظر لوالدته وتحدث بعجالة :
– يالا يا ماما بابا مستنينا تحت .
نظرت نسرين إلى ابنها وقالت وهي تشير إلى ركنٍ ما :
– طيب يا مازن هات الكرسى المتحرك علشان تنقل عليه أختك .
اتجه نحو الكرسي المتحرك ليسحبه ولكنهم تفاجؤوا بدخول خالد إلى الغرفة متجنبًا النظر إلى عيون الجميع ثم اتجه نحو خديجة ينحني عليها واضعًا إحدى ذراعيه أسفل ركبيتها والآخر خلف ظهرها ليحملها بين يديه تحت جحوظ عينيها برغم تعلق ذراعيها برقبته وقال وهو يخطو بها نحو الخارج :
– مافيش دائي للكرسي .
ابتلعت لعابها توترًا من قربه وبات قلبها يقيم حفلًا صاخبًا سمع صوته بسهولة لتقول من بين أنفاسها الحبيسة وعيناها تسافر عبر ملامحه التي اشتاقت لها :
– خالد نزلني لو سمحت ، مازن كان هينقلني على الكرسي كدة هتهبط .
يخشى النظر لعينيها ، يعلم أنه سيضعف ، يكفيه الضعف الذي تملك منه عندما لمسها وحملها ، يكفيه أنفاسها التي تلفح رقبته ، يكفيه أنها بين يديه تحتضن قلبه وتدفء روحه بعدما احتلها الصقيع ، لذا تنهد بقوة وتحدث بمغزى وعينه مصوبة نحو الأمام :
– لما نتطلق يبقى مازن ينقلك خديجة .
أحبطها بجوابه لذا استكانت بحزن وحزنها تمثل في رأسها التي وضعته على قلبه وكأنها أرادت استنشاق نبضاته قبل الفراق ، وليت الفراق يكن فراق البُعد ، ليت البعد يفارقهما للأبد ويظلا معًا دائمًا .
❈-❈-❈
هبطت طائرتهما في العاصمة السويسرية زيورخ ، كان يحتلها شعورًا أكبر من السعادة ، خاصة وأنها مع حبيب صباها وعمرها يوسف ، ترتدي فستانها الأبيض ذا التفصيلة الراقية والتي تناسبت مع رحلتهما كما طلبت مشيرة من مصممته .
كانت تعده لها بحبٍ صادق كما لو كانت ابنتها ، خاصةً وأنها لاحظت وتأكدت من سعادة ابنها مع حب حياته .
ها هما يخطوان خارج المطار حيث تنتظرهما سيارة أجرة ستوصلهما إلى المكان الذي تم حجزه مسبقًا حيث الفندق الشهير ( بور أو لاك ) .
لم يمر الكثير من الوقت حتى توقفت السيارة أمام الفندق الرائع والمناسب لأجواء شهر العسل .
كانت الإجراءات ميسرة لذا صعدا على الفور إلى غرفتهما ليستريحا بها من أثر السفر ثم يبدأان التجول بين طبيعة سويسرا الساحرة .
دلفا وأوصلهما العامل بالحقيبتين وغادر ليسرع يوسف خلفه ويغلق الباب ثم عاد إليها يطالعها بحبٍ وابتسامة تتراقص على محياه حتى توقف أمامها يتعمق في عينيها ثم رفع كفيه يحتضن وجنتيها قائلًا :
– أخيرًا يا ميرو ، أخيرًا أنا وانتِ وبس ، أنا خايف أكون بحلم .
رفعت كفيها أيضًا تحاوط كفيه وقالت بتوترٍ جعل قلبها ينبض بعنفٍ :
– أنا كمان يا يوسف مش مصدقة ، أنا كمان خايفة أكون بحلم .
التمعت عينيها بالدموع لذا أسرع يعانقها ويضمها بدفءٍ قائلًا ويديه تعمل على ضخ شعور الحب فيها :
– لا يا قلب يوسف من هنا ورايح إنت تحلمي وكل أحلامك تتحقق علطول ، أوعي بعد كدة تعيطي أو تزعلي وأنا موجود .
تعلقت به وهي تستمع لكلماته التي أسكنت روحها ورطبت صهير قلبها لتبتعد عنه وتطالعه مطولًا بحب ثم قالت بنبرة مؤثرة سكنت خمائل قلبه :
– أنا بحبك أوي يا يوسف .
تنفس كلمتها بقوة ثم رفع رأسه عاليًا يشكر ربه بصوتٍ مسموع وعاد يحدق بها قائلًا :
– إحنا ندخل نغير دلوقتي وبعدين نتوضا ونصلي ركعتين ونطلب أكل علشان أكيد حبيبي جعان وبعد كدة بقى ــــــــــ .
صمتت فتوردت وجنتيها بالخجل والتوتر وهذا ما أراد رؤيته ، يحبها وهي متوردة هكذا لذا تنهد وتابع مشاكسًا :
– وبعد كدة ننزل نتفرج على زيورخ .
نظرت له بصدمة فلم تتوقع هذا الحديث لذا نطقت بعفوية :
– نتفرج على زيورخ ! ، دلوقتي ؟
ابتسم بفخر وتحدث يغمزها :
– أنا كنت عارف إنك مش هتقبلي .
اتجه نحو الحقيبة يحملها ثم وضعها على الفراش وبدأ يفتحها مسترسلًا بمغزى وقح :
– خلاص هنعمل حاجة تانية .
❈-❈-❈
منذ أن جاءت تلك الصغيرة المشاكسة وقد حرمتها من عناقه ، وكأنها غريمتها وليست ابنتها ، فحينما تشعر أنهما يعانقان بعضهما فقط للنوم تستيقظ باكية شاكية لينهض صقر بلهفة نحوها .
ولكن ليس بعد الآن وخاصةً بعدما انتهت فترة نفاسها ، تشتاق له بقوة، لذا فقد تهيأت وباتت في أبهى صورها لاستقباله بشغف ، اليوم موعد ثأرها منه على ما يفعله بها مع ابنته المدللة .
يفترض أن تكون هي المنشغلة بها عنه ولكن مع صقر الجارحي تنقلب الأمور رأسًا على عقب ، جاءت تلك للصغيرة لتسلب منها جزءًا من اهتمامه وتحصل على حبٍ ودلالٍ مضاعف يغمرها به .
فبات يتقلب على جمرٍ حينما تبكي ، يسرع إليها ويحملها ويهدهدها كأنها ملكته ، يعود من عمله متلهفًا لرؤيتها وبرغم أنه يوزع القبلات والأحضان بينهما إلا أن الجزء الأكبر يكون من نصيب ربة الصون والدلال نيللي .
لذا فها هي تنتظره بعدما تركت الصغيرة مع والدتها لبضع ساعاتٍ فقط ، وها هو يعود من عمله متلهفًا لرؤية زوجته وابنته الجميلة .
دلف الفيلا ومنه إلى الأعلى ينادي باسم نيللي ليتردد صداه في الأرجاء لذا عضت نارة على شفتيها بغيظ وهي تضع عطرها ونهضت تستقبله عند باب الغرفة وتطالعه مبتسمة بصمت .
توقف لثوانٍ يطالعها ، يتفحصها ، ابتسم باتساع ورفع يده يتمسك بيدها ثم لفها حول نفسها ليقول بعدها بإعجاب تلألأ في عينيه :
– أوووووه ، إيه القمر ده ؟
ابتسمت له بحب ووقفت تتعلق برقبته ونطقت بدلال تدعي العبوس :
– تؤ ، أنا علطول قمر ، ولا نسيت ؟
سحر بطلتها وهمسها ونعومتها وقال بهيام عاشق :
– ده كلام بردو ، حد ينسى شمسه وقمره اللي بينوروا نهاره وليله ؟
ابتسمت برضا وتنهدت ثم قالت وهي مازالت تستحوذ عليه وتلتصق به :
– طيب النهاردة حابة أسهر أنا وإنت سهرة حلوة زي زمان ، وحشتني أوي .
تساءل بعينيه عن عذرها فأومأت له بخجل لذا رفع يديه يحاوط وجهها ويهديها قبلة شغوفة عبرت عن مدى اشتياقه لها ولقربها ، قبلة تبعتها قبلة تبعها وابلًا من القبل ليبتعد بعد وقتٍ يزفر بقوة وتحدث وهو يستند بجبينه على خاصتها وعينيه مغمضة تأثرًا بها :
– وحشتيني أوي .
– وإنت كمان .
عاد يقبلها بنهم ويداه تسبح بحرية ومهارة على منحنياتها بعدما تملكته مشاعر فياضة حبيسة لأيامٍ وليالٍ وعقله يترجم له هدوء الأجواء هذه بنوم صغيرته .
❈-❈-❈
إن كانت كل الطرق تؤدي إلى روما فماذا عن كل مشاعري ، عن جذب حواسي ؟ ، أين تؤدي سبل قلبي وأين تصب أنهار عشقي يا أميرة .
انتهيا من تناول طعامهما وأديا ركعتا سنة الزواج ووقفا ينظران لبعضهما بصمتٍ بلغ صداه فضاء عقليهما .
اقترب منها ورفع يديه يزيح خصلة وقفت أمام عينيها وتأملها بحبٍ وتعالت نبضاته من فرط حماسه وهو يقول :
– إنتِ إزاي جميلة كدة ؟ ، إزاي بتعرفي تلغبطي كياني وقلبي وروحي كدة ؟
نظرت إلى قلبه وخجلت أن تحدق به ليعود ويرفع ذقنها بأصابعه مسترسلًا بنبرة مترجية :
– بصيلي يا أميرتي .
رفعت عينيها تقابله فتنفس يدعم قلبه ثم مال عليها ليهديها أول قبلة بينهما ، قبلة عبر بها عن حبه ومشاعره ، قبلة استكشف بها مذاق الشهد الأصلي بعد جوعٍ وعطش لذا فلم يعد يعلم سبيل الشبع بل بات ينهل من شهدها بالقدر الذي لا يمكنه التوقف .
كانت مخدرة ، تائهة في أزقة عشقه وهاربة من خوفها بقربه ، تحاول لتركض مبتعدة عن أشباح الماضى ، تجاهد وتسرع بالاختباء حتى لا تراها عيون الذكريات المفجعة ولكن سطوة مشاعره القوية جاءت معها بنتيجة عكسية لذا ما إن هاجمتها هيئة وحشٍ تبغضه حتى ابتعدت تدفعه عنها وتطالعه بعيون جاحظة وتتنفس بقوة ، قلبها يعلو ويهبط وهي تراه يطالعها بتعجب والتساؤلات تدور في رأسه عن سبب بعدها عنه .
أما هي وقفت لمدة لا تعلمها تطالعه بعيون متسعة لتقنع عقلها أن الماثل أمامها هو يوسف الحبيب الذي تمنت لقاءه وليس ذلك الوحش البغيض .
سقط من جنة مشاعره على حالتها ليحاول ترتيب أفكاره التي هجمت عليه وقد بدأ يدرك أنها تعاني ، أدرك من خلال نظراتها أنها ظنته شخصًا آخر ليتنهد بقوة ثم تحدث ليؤكد لها بصوته الرخيم :
– أميرة اهدي ، أنا يوسف ، اهدي يا حبيبتي .
أغروقت عينيها بالدموع وأطرقت رأسها تخفي وجهها بين كفيها وتبكي على ما آلت إليه الأمور ، وصل به الفجور أن يهكر عقلها بصورته البغيضة في أسعد أوقاتها؟ .
ما إن لمحها تبكي حتى أسرع إليها يعانقها ويردف بأسف وهدهدة وحبٍ طغى على مشاعره :
– اهدي يا حبيبتي أنا أسف ، أنا جنبك يا أميرة ومش هسيبك أبدًا ، اهدي خالص .
❈-❈-❈
توقفت سيارة خالد أمام فيلا بهجت ، لقد وصل أولًا بعدما أعطاه بهجت المفتاح وأخبره أن يسبقه بينما هو ومازن ينتظران نسرين إلى أن تجمع أغراضهما من المشفى ويبدو أنها ذريعة كي يظل معها بمفرده لبعض الوقت .
ترجل يتجه نحو الباب ويفتحه ثم عاد إليها وفتح بابها ليجدها ساكنة تطالعه بهدوء ثم قالت بتوتر من نظراته :
– هما هيتأخروا ؟.
– جايين ورانا .
أجابها وهو ينحني ليحملها وحملها واتجه بها نحو الداخل ومنه إلى غرفتها ، تلك الغرفة التي كانت لها ذكريات رائعة معه ، يتذكر حينما تسلل إليها وجلس على فراشها منتظرًا ظهور بهجت ليكيده ، ياله من عابث شقي .
اتجه يضعها برفقٍ شديد على السرير وحينما كاد أن يبتعد مر على وجهها بالقدر الذي جعل صدغه يلتصق بشفتيها عمدًا لذا حبس أنفاسه وأغمض عينيه ثم ابتعد يعتدل ويطالعها ليجدها متخبطة تحاول جمع شتات نفسها لتظهر أمامه ثابتة ولكن عبثًا ، هو أحق الناس بمعرفتها خاصة من جهة المشاعر ، يدرك جيدًا نقطة ضعفها الخاصة بينهما ، يدرك جيدًا ويمتلك المفتاح لقلبها ويمتلك طريقة يجعلها تعفو عنه ولكنه لن يستعملها ، ليس بعد تغييره ، سيثبت لها أنه بالفعل لم يعد ماركو بل أصبح خالد الذي كانت تريده ولنرى إن كانت ستعشقه بالقدر الذي عشقت به ماركو أم أنها تحب العبث .
اتجه نحو قدميها لينزع حذائها بنبل لتشعر بالحرج لذا تحدثت بتوتر :
– خالد لو سمحت .
لم يجبها بل نزعه بالفعل ونهض يطالعها بثباتٍ كاذب ثم تحرك نحو المقعد يجلس عليه أمامها ويتحدث :
– هستناهم لما ييجوا وبئدين أمشي .
– هتروح فين ؟
سألته بلهفة واضحة وانقباضة شعرت بها ليتنهد ويتحدث بنبرة ذات مغزى متعمد :
– هجزت في فندق كام يوم لهد ما اشتري بيت جديد .
تعجبت واقتحمت التساؤلات نظراتها ونطق لسانها بذلك بنبرة متوترة :
– والفيلا ؟
– سبتها .
لا تعلم أتفرح بهذا الخبر أم تحزن ، ولكنها تلاحظ تغييره بشكلٍ كبير ، تغييرًا كاملًا كأنه تم استبداله بنسخة منه تحمل نفس الملامح ولكنها تحمل عقلًا مختلفًا تمامًا .
تنهيدة قوية مرت على رئتيها ثم انسدلت تتمدد لتنام قليلًا أو لتهرب إلى أن تأتي عائلتها .
أغمضت عيناها أمامه ولم تنم بل تفكر وبقي هو جالسًا يطالعها ويشاركها الأفكار ، يسبحان في فلكٍ واحد وكلٍ منهما في مركبة مختلفة .
❈-❈-❈
تناولا العشاء سويًا مع آسيا وتلك الصغيرة المشاغبة التي نامت بعد عناء .
تعشقها مايا وتدللها كثيرًا لذا لم ترضَ أن تتركها إلا بعدما نامت .
اتجهت إلى غرفتها لترى عمر وتراضيه فمن المؤكد حزن منها لأنها تركته كل هذا الوقت .
وجدته مستندًا على الفراش يقرأ ورده اليومي لتتحمحم وتتجه تجلس جواره بتوتر فصدق وأغلق مصحفه يضعه جانبه ثم التفت يطالعها بنظراتٍ ضيقة يقول بمغزى :
– نيمتي نيللي ؟
أومأت له مرارًا تتساءل وهي تزم شفتيها :
– زعلان ؟
– جدًا ، بقى كدة بسهولة تنشغلي عن عمر ؟ أومال لما يجيلنا نونة هتعملي إيه ؟ .
كانت حزينة من عتابه ولكن جملته الأخيرة نبهتها لتتذكر أمرًا ما لذا نطقت شاهقة بعيون جاحظة وهي تطالعه :
– عمر ، أنا فعلًا ال Period متأخرة عندي بقالها كام يوم .
التفت يقابلها وتحدث متفاجئًا :
– نعم ؟ ، وكنتِ ناسية كمان ؟ ، بقالها كام يوم يعني .
وضعت سبابتها على عقلها تفركه ثم قالت بشكٍ :
– يعني تقريبًا ست أيام أو سبعة .
باغتها بنظرة عتاب ثم زفر يستغفر وقال بلومٍ :
– معقول يا مايا ؟ ده كلام بردو ؟ ، مش تعرفيني .
اقتربت منه وتحدثت بنبرة طفولية مدللة :
– كنت هقولك أول امبارح بس طلعت من الحمام لقيتك نمت وبعدها نسيت ، هو أنا كدة أبقى حامل ؟ .
كرر عقابه لها عن طريق ضم رأسها أسفل ذراعه ثم حررها يزفر بقلة حيلة من طفولتها ثم تحدث يومئ بعدما تفجرت نجوم السعادة في عينيه وهو يتخيل أطفاله الصغار يشبهونها :
– قولي يارب ، بكرة الصبح نروح نكشف وتعملي تحليل ونتأكد .
ابتسمت بسعادة حينما لمحت سعادته واستكانت بين جنبات صدره تتحدث بسكينة وحب :
– ياااااه يا عمر ، هيبقى عندنا بيبي صغير ، لو جه ولد هسميه عمر ولو جت بنت هسميها نارة .
قبل رأسها مبتسمًا وتحدث بتروٍ :
– ياستي لما نتأكد الأول من الحمل وبعدها بإذن الله نبقى ندور على الأسماء .
– بإذن الله يا حبيبي .
❈-❈-❈
لا تعلم متى غفت فيبدو أن التفكير أرهق عقلها ولكنها أبصرت تنظر نحو مقعده فلم تجده لذا انتفضت تبحث عنه متناسية جروحها فتألمت وصدر منها تأوهًا قويًا لتستمع بعدها إلى حركة وهمهمات .
بصعوبة بالغة رفعت جسدها لتنظر إلى مصدر الصوت ولكنها تفاجئت به يصلي ، كان يركع أمامها وصوته هذا دليل على توتره نسبةً لتألمها ولكن آلامها تخدرت وظلت تحدق به وهو يؤدي صلاته بيسر .
ابتلعت لعابها وظلت تتأمله إلا أن انتهى ونهض سريعًا نحوها يردف بلهفة وهو يتفحصها بعينيه :
– اتهركتي صح ، لازم تاخدي بالك خديجة كدة ماينفئش .
مال يعدل لها وضعية الوسادة ويعدل جسدها بروية ثم اعتدل ينظر لها ليجدها تبكي ، دموعها باتت تسقط بلا هوادة لذا زفر بقوة وجلس يجاورها حيث رق قلبه بل تهاوى من دموعها فمد يده يتمسك بكفيها وتساءل بلطفٍ :
– بتئيطي ليه يا خديجة ؟ ، فيه حاجة بتوجئك ؟
أطرقت رأسها ترفض النظر في عينيه وأومأت ليسترسل مترقبًا :
– إيه اللي واجئك ؟
رفعت رأسها تطالعه وتحدثت بوهن :
– إنت .
صمتًا توغله وأدرك أنه حان وقت العتاب لذا قال بلغته بعد ثوانٍ بنبرة معذبة تشبه عذابها وتزيد :
– لذا حينما طلبتي الانفصال عني قبلت ، وهذا هو القرار السليم خديجة ، في الطب إن لم تستطع علاج جزءًا منك فيجب أن تستأصله .
– وماذا إن كان هذا الجزء قلبك ؟
نطقت بها غير عابئة بتصريحاتها السابقة ولا بحالتها ولا بشيء بعده ، لم تعد تحتمل الألم الذي ينهش جسدها وروحها معًا ، لتريح إحداهما على الأقل لذا تابعت :
– طلبت الانفصال علشان تثبتلي إنك اتغيرت زي ما هما قالولي يا خالد ، قلت دي الحاجة الوحيدة اللي ممكن تخليك فعلًا عايز تأكدلي إني مهمة عندك ، هما حكولي عن حالتك وعن كل حاجة حصلت في تعبي بس كنت عايزة اسمع منك إنت ، أنا بمر بفترة صعبة أوي ، جسديًا ونفسيًا ، محتاجة استعيد نفسي يا خالد ، محتاجة اطمن واتجاوز اللي حصل معايا .
ظل صامتًا يستمع لها ويشعر بالندم ، كان عليه فعل الكثير من أجلها ، الكثير جدًا ، لم يرِحها كما كان يظن بل أتعبها أكثر لذا الحزن ينهشه لتتابع مستشهدة بمقولة قالها أديبًا أجنبيًا مشهورًا :
– إن ارتخت يدي لا تفلتها ، إنه ارتخاء تعب لا استغناء .
رفع رأسه يطالعها ثم لم يجد كلمات مناسبة لذا اقترب منها يضمها ، يضمها فقط ، يحتضن جسدها ليسكت صريخ قلبه ويطفئ لهيب شوقه بها ثم همس بنبرة متحشرجة ردًا على مقولتها :
– لن ترتخي يدي من حولكِ أبدًا يا خديجة ، لن أحل وثاقي من حولكِ حتى وإن استغنيتي .

 
google-playkhamsatmostaqltradent