Ads by Google X

رواية هواها محرم الفصل السادس و الثلاثون 36 - بقلم آية العربي

الصفحة الرئيسية

      

رواية هواها محرم الفصل السادس و الثلاثون 36 - بقلم آية العربي

بسم الله ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
وَلَقَدْ نَعْلَمُ أنّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُون فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبِكَ وكُن مِنَ السَاجِدِينْ واِعْبُد رَبَّكَ حَتّى يَأْتِيَكَ اليَقِينْ .
اللهم إنا نستودعك أهل غزة وكل فلسطين ، اللهم
كن لهم عونا اللهم إنا لا نملك لغزة وفلسطين إلا الدعاء
الفصل الأخير والخاتمة من ( هواها محرمٌ )
( ثري العشق والقسوة 2)
❈-❈-❈
الصُحبة الجيدة تستطيع أن تنتشلك من وسط دائرة الحزن التي حاوطتك ، تمتلك المقدرة لتصنع بينك وبين الألم عازلًا فتتكفل بنفقات علاج روحك من السأم والوحدة ، سخية في عطاء الألفة ، شجاعة تشاركك في مواجهة المحنة ، الصحبة الجيدة هي خير مايمكن أن يحصل عليه الإنسان
( بقلم آية العربي ).
تجلس على مقعد خشبي في الحديقة وتجاورها لبنى التي نهش الكبر ملامحها الجميلة وتوزع الشيب في خصلاتها فباتت أكثر وقارًا تحمل ملامح بشوشة وابتسامة تشبه الورود التي تحيطها من كل جهة .
كانت تنظر إلى الأطفال من حولها ، جيلًا بعد جيلٍ ترعاهم وتربيهم ويتركونها ويرحلون عنها ولا يرحلون منها ، لقد كانوا مصدر سعادتها في الحياة ، استثمرت فيهم دنياها وياله من استثمار أثمر بحصادٍ وفير من الخير في حياتها .
تنهيدة قوية خرجت من جوف منيرة انتبهت لها لبنى لذا التفتت تطالعها وتساءلت بابتسامة هادئة :
– مالك يا منيرة ؟ ، بتفكري في إيه ؟
حدقت بها الأخرى وتحدثت بنبرة استشارية ثاقبة :
– أنا خلاص يا ست لبنى نويت اشترى المكان اللي قولتي عليه وهفتحه مركز تأهيل لكل اللي أهاليهم بيقسوا عليهم ، الشباب اللي بسبب الأهل ممكن ييأسوا من رحمة ربنا ويمشوا في سكة الإلحاد ، والشباب اللي ممكن يفكر في الانتحار ، الشباب اللي زي ابني وبنتي اللي أهاليهم دمروا حياتهم ، هفتح المركز وأسميه باسم ولادي ويكون صدقة جارية على روحهم ونعالج ونسمع أي شب ونحلله مشكلته ونعرفه يعمل إيه علشان مايحصلش معاه زي ما حصل مع أولادي ، أنا من زمان بفكر وسألت يوسف والإجراءات إن شاء الله تكون ميسرة بس هي مسألة الورث اللي كانت مأزمة شوية وأهي قربت تتحل وهنفتح المركز في أسرع وقت ، وكمان عمر ليه حق لازم ياخده .
كانت تستمع لحديثها بسعادة وتومئ لها بتشجيع إلا إن آخر جملة جعلتها تصدر تنهيدة هادئة وتعبر عما تشعر به قائلة بثقة :
– بس عمر مش هياخد حاجة يا منيرة ، مش هيقبل أبدًا ، الأفضل تعرضي عليه فكرة المشروع لإن دي حاجة هتفرحه جدًا ، إنما فلوس وحقوق والكلام ده أبدًا مش هيقبل .
– أيوة بس والدة عمر قالتلـــــــ .
– أنا والدة عمر وأنا اللي أعرفه يا منيرة مش هي .
نطقتها لبنى باندفاع أمومي حينما كادت منيرة أن تحدثها عن سوسن ، سوسن لم تربِه ، لم تزرع فيه القيم والمبادئ ، لم تؤهله لاستقبال الحياة وتجاوز مطباتها ، سوسن فقط كانت تراقبه من بعيد .
أومأت منيرة بتفهم وتحدثت بنبرة لينة :
– تمام يا ست لبنى ، والحقيقة يازين ما ربيتي ، عمر راجل وجدع وربنا يكتر من أمثاله .
ابتسمت لبنى بفخر لمدح منيرة ابنها وتحدثت بتأكيد :
– ابني عمر جوهرة نادرة ، ويستاهل كل خير .
❈-❈-❈
الخيار الأفضل لك في الحياة هو أن تحظى بإيمان جيد وأم حكيمة وزوجة محبة وصديق وفي ، أما عن زوجة مشاغبة تصرخ حين تفرح وترقص حين تصرخ فهذا قرار لم يتخذه العقل بل صدر عن محكمة التهور الخاصة بها .
فمنذ أن أخبرتهما الطبيبة بحملها وقد أطلقت صرخة عفوية جعلت الاندهاش يزور كلًا من ملامح عمر والطبيبة .
حتى بعد أن غادرا المشفى و هما في طريق العودة ها هي تدندن بمرح وسعادة وتتحدث بتعثر من فرط حماسها ، بينما هو يجلس ويتردد على عقله سؤالًا واحدًا فقط ، هل هذه المجنونة ستصبح أمًا لأطفاله ؟ ، على ما يبدو أنه هو وأطفاله سيصبحون أولياء أمرٍ لها .
أشارت فجأة نحو إحدى المحلات الشهيرة التي تتوسط البلد قائلة بحماس :
– عمر استنى أنا عايزة شاورما .
نظر لها بتعجب ثم نظر نحو المحل السوري المخصص لبيع شطائر الشاورما الشهية وعاد إليها يتساءل وقطرات الحب تسقط من عينيه :
– نفسك فيها ؟
أومأت له مبتسمة ليقول بتنهيدة مطيعة وهو يصف جانبًا :
– حاضر ، هو الوحم اشتغل ولا إيه ؟
– أيوا طبعًا يا عمر اشتغل إيش عرفك إنت ، يالا روح هات لي الشاورما وتعالى .
ترجل من السيارة طواعية واتجه يعبر الطريق ليبتاع لها ما تريده بينما هي تجلس تتلمس معدتها وتتحدث مع نطفتها بحماس وطفولية كأنه من طلب الطعام قائلة :
– خلاص بقى يا لومي اصبر شوية بابي راح يجيب أهو .
❈-❈-❈
كل الأشياء التي لا نريد أن نفكر بها هي الوحيدة التي تبقى عالقة في الذهن .
استيقظت تئن ألمًا ، تبحث بحواسها عنه ، أمجددًا أخلف وعده لها وحل وثاقه ؟ ، أين ذهب يا ترى ؟
لم تستدل على رائحته ولم تستشعر طيفه من حولها لذا فتحت عينيها تنظر في محيط غرفتها ، جسدها يؤلمها ولكنها تحاول الاعتدال لتبحث عنه .
ومجددًا بصعوبة بالغة استطاعت رفع جسدها قليلًا لذا باتت تتنفس بعبث وعاد الحزن يقتحم ملامحها دون إذنٍ ، لم تعد تود أن يزورها ، لم تعد ترغب في وجوده حولها ولكنه يأتي عنوةً فيزيد من عبوسها .
تريد أن تصلي ، تريد أن تعزز صلتها بربها ولكن كيف تفعلها وهي عاجزة ويعد هذا أول وأهم أسباب ضيقها واختناقها .
ولكن نبتت بذرة أمل داخلها منذ أن رأته يصلي أمس ، بذرة ارتوت بتأديته لأركان الصلاة دون مساعدة ، بذرة نبت برعمها ورأى النور حينما استشعرت هدوءه ورزانته الجديدة كليًا على شخصيته ، برعم تفتّح لتخرج منه زهرة بديعة حينما احتضنها ووعدها بألا يحل وثاقه أبدًا .
دومًا وثقت بوعوده حتى الكاذبة ، دومًا رأته صادقًا ، ربما هذه الثقة مصدرها نظراته ، فهو حينما وعدها كان صادقًا حتى ولو أغوته نفسه بعد ذلك .
طرقات على الباب أجفلتها لتئن وتتحدث بثقل :
– ادخل .
فتح الباب وظهر منه يحمل بين يديه صينية طعام ، زارتها الصدمة من حضوره وخاصةً من استئذانه قبل أن يلج إليها ، هل خالد يطرق الأبواب المغلقة ؟
نظر لها بابتسامة مزيلة للآلام لذا فما أن لمحته عينيها حتى فرت أوجاعها هاربة لتبادله بابتسامة هادئة وهو يتقدم منها حتى وضع الصينية على الكومود واقترب منها يعدل من وسادتها ووضعيتها فبات قريبًا جدًا تلفح أنفاسه رقبتها فأسرعت تغمض عينيها لتنتشل حواسها أنفاسه الدافئة التي تحمل سلاحًا ضد حزنها وعبوس وجهها لتتبدل ملامحها في الحال ويتفشى التورد بها فعادت شهية كما يريدها دومًا .
لم يتجاهل هذه المرة صرخات مشاعره التي طالبته بتقبيلها لذا ما إن ابتعد إنشًا ورآها مغمضة العينين سابحة في نهر عشقه حتى ابتسم واقترب يقطف كرزتيها بشفتيه المشتاقة ، لم تبصر ولكنها تفاجأت لذا تلقائيًا ارتفعت يدها لتدفعه برفق ولكن خانتها يدها كباقي حواسها وبدلًا من دفعه قبضت على قميصه تعتصره وكأنها تخبره ألا يبتعد أبدًا .
نسي تعقله الذي هب على عقله فجأة وأصبح لحوحًا لذا جلس أمامها وامتدت يده يحتضن وجهها مستمرًا في تقبيلها بالحد الذي يسمح له بالعبور إلى مدينة الشغف .
ابتعد ولم يبتعد ، ابتعد فقط ليخبرها بهمسٍ أمام شفتيها وهو هائمًا في مشاعره :
– وهشتيني أوي يا خديجة ، أوئي تبئدي أني تاني .
يشبه الجوكر ، يستطيع استبدال أوراق مشاعرها من الحزن إلى السعادة في وقتٍ قياسي وبأقل الإمكانيات لديه ، وتستطيع هي هدم قلاع ثباته وهدوءه بلمسة بريئة منها .
تنهيدة قوية خرجت من جوفها وقالت بخجلٍ سيطر على نبرتها :
– إنت كمان وحشتني يا خالد .
تحامل على نفسه بصعوبة ، مؤخرًا بات يتعمق في تفكيره أكثر لذا ابتعد فحالتها والمكان والزمان لايسمحون بتهور حواسه لذا عبأ صدره بنفسٍ قويٍ ثم مد يده يتناول الصينية ويضعها على ساقه ليبدأ في أخذ الحساء بالملعقة ويمده إليها قائلًا :
– طيب يالا كُلي ألشان تاخدي أدويتك .
التقطت منه الحساء بهدوء وحرج فهي ليست معتادة منه على هذه المعاملة لذا تحمحمت ونظرت حولها ثم استقرت عليه وأردفت بنبرة هادئة مترقبة :
– أنا نفسي أصلي يا خالد ، حاسة إن قلبي فاضي .
أومأ لها وهو يعاود ملئ الملعقة ثم تحدث حينما عاد يطعمها :
– تمام يا خديجة خلصي الأكل وهساءدك تتوضي وتصلي.
نظرت له بعمق وبدأت تفتح فمها طواعية كلما مد لها الطعام ، تطالعه مثبتة عينيها عليه وعقلها يردد هل هذا هو خالد الذي كان يعبث ويلهو حينما تذكر أمامه تأدية الصلاة ؟ ، هل هذا خالد صاحب النظرات المشتتة مابال عينيه تحمل أطنانًا من السكينة هكذا ؟ ، هل هذا التغيير هو ماكانت تتمناه منذ أن دلف حياتها ؟ ، سترى .
بعد دقائق انتهى من إطعامها ونهض يتجه نحو مقعد خشبي التقطه وتحرك متجهًا إلى الحمام يضعه داخله ثم عاد إليها يردف وهو على مقربة منها :
– يالا يا شهية .
تساءلت بعينيها ولكنه لم يمهلها التفكير حيث انحنى يحملها بين يديه فتعلقت به بصمتٍ بينما هو تابع بنبرة حنونة :
– هنتوضا سوا وبئدين هصلي بيكِ ، إيه رأيك بقى ؟
انفجرت في عينيها لآلئ السعادة فأعطتها بريقًا خاصًا وأومأت له بسحرٍ جعلها ساكنة وتحرك بها نحو الحمام حتى دلفا ثم أجلسها على المقعد الذي وضعه أمام الحوض ثم بدأ يساعدها على الوضوء وكم شعرت بالامتنان له إلى أن انتهى فاعتدل يتوضأ تحت نظراتها لما يفعله ، تفاصيل أكدت لها صدق توبته .
عاد يحملها واتجه بها نحو السرير يمددها عليه ثم اتجه ينتشل من خزانتها إسدالًا وعاد يساعدها في ارتدائه بهدوء حتى انتهى واتجه يحضر سجادة الصلاة ويفردها أرضًا بالقرب منها ثم التفت يسألها بترقب :
– نبدأ ؟
تهيأت في جلستها وأومأت له تستعد ليعتدل ويضم كفيه على بعضهما ثم رفعهما عاليًا على جانبي رأسه وهو يقول بصوتٍ رخيم :
– الله أكبر .
❈-❈-❈
استيقظت تشعر برائحة جديدة تدغدغ حواسها ، ربما رائحة الدفء والسكينة أو خليطًا عطريًا من المحبة والألفة والراحة ولكنها في كنفه الآن يحتويها .
تأملت ملامحه الساكنة ، ينام ويحتويها ويبدو على ملامحه الاستمتاع ، من المؤكد يحلم حلمًا سعيدًا ولهذا فإن جنود الحزن يقتحمون سكينتها بعد ما حدث أمس ، كانت تتمنى أن يمر الأمر مرور الكرام ، بل تمنت أن تعطيه جرعات مضاعفة من المشاعر وترتشف منه إكسير الحياة الذي سيعيد إليها رونق سعادتها معه ولكن هاجمها وحش الماضي ببراثنه الفتاكة فجعلها تعود خطواتٍ هادرة للخلف .
حركت يدها نحوه تتلمس صدغه وذقنه المشذبة بلمسات خفيفة تسربت إليه كنسمات صيفٍ منعشة جعلته يقبض عليها ويقبلها قبل أن يبصر ويراها لذا ابتسمت برقة أذابت قشور نومه وتحدثت بلطفٍ بَعثره :
– صباح الخير يا حبيبي .
– صباح الورد والياسمين والفل والجوري وكل الورود يا أميرتي .
نطقها بهيام جعلها تتخبط بين أرجوحتي الخجل والتعجب ، لقد ظنت أنه سيبدي حزنه على ليلة أمس لذا ابتلعت لعابها وتساءلت بترقب :
– يوسف إنت مش زعلان مني ؟
اتسعت نظرته المصوبة نحوها وتحدث بتفاجؤ ظاهري ليؤكد لها صدق حديثه :
– زعلان منك ؟ ، أنا أقدر أزعل منك يا غالي ؟ ، دا أنا مش مصدق أصلًا إني صحيت وإنك قدامي وكنتِ نايمة في حضني ، حاسس إني بحلم وخايف أفوق .
امتلك الفؤاد للمرة التي لم تعد تحصيها ، امتلك صميم الفؤاد وثنايا الروح بتفهمه وحبه لذا التمعت عينيها وتحدثت بحبٍ فائض كشلال يصب في بحيرة العشق :
– أنا بحبك أوي يا يوسف ، أوعى تزعل مني ، غصب عني امبارح مــــــــــ.
قاطعها واضعًا كفه على فمها ليمنعها من استرسال ما تود قوله وقال بنبرة ثاقبة وعيون محذرة من وسط طوفان عشقه :
– كدة بجد ممكن أزعل منك ، إنتِ مش محتاجة تشرحي أي حاجة ، الموضوع كله كان تهور مني ، أنا اللي آسف بس من قوة مشاعري ناحيتك اتصرفت بالطريقة دي ، حقك عليا .
أسرعت تلقي بجسدها في حضنه مجددًا ، تبيت بياتًا موسميًا لتحصد محصول الدفء كله ، كم تتمنى ألا تعود للصقيع مجددًا ، كم تتمنى أن تسكن نجمة المشاعر التي يتحدث عنها وألا يغادراها أبدًا .
يسحبها أكثر إلى كنفه بذراعيه حتى يؤكد لنفسه وعقله وقلبه أنها هنا ، أميرته التي حرم منها لسنوات ولكن ليس بعد الآن ، انحنى يطبع قبلة متلهفة على عنقها ثم همس بنبرة عاشق تجرع العشق وارتوى :
– يالا قومي علشان ننزل نلف شوية وافرجك على زيورخ ، بيقولوا جميلة جدًا .
ابتلعت لعابها فهو يتلاعب على أوتار مشاعرها بكل رقة ويعزف لحنًا جديدًا لم تستشعره من قبل لذا أومأت بهدوء وعينيها مغلقة وهمست بسحرٍ :
– تمام .
❈-❈-❈
دلفا الفيلا وأسرعت مايا تركض نحو آسيا التي لمحتها للتو لتبادلها العناق فورًا وتصرخ الأولى قائلة بنبرة تتعثر منها السعادة في أزقة فرحتها :
– مامي أنا حامل يا مامي ، حامل وهتبقي أحلى تيتة في الدنيا .
شهقة سعادة صدرت عن آسيا التي بادلتها العناق وباتت تردد المباركات والتهاني لتبتعد مايا تطالعها بابتسامة رائعة وهي تنظر نحو عمر الذي تقدم منها فتعلقت بيدها وقالت بعيون لامعة وترجٍ :
– كلمي نارو تيجي يا ماما ومحدش يقولها ، عايزة أعرفها بنفسي ، وتجيب نيللي علشان وحشتني جدًا .
أومأت آسيا وتركت يدها ثم أشارت نحو عمر لتعانقه فاقترب منها يبادلها العناق اللطيف فربتت على ظهره تبارك له قائلة بنبرة تحمل أطنانًا من السعادة :
– ألف مبروك يا عمر ، مبروك يا حبيبي .
– الله يبارك فيكي يا آسيا هانم .
نطقها بنبرة هادئة ولكنها لم تخفِ سعادة قلبه وكيانه ووجدانه ، كل ما به ينطق الفرحة بقاموسٍ مختلف ، قلبه يضخها وعقله يفكر بها وروحه تهفو إليها ودماؤه تتورد بها ، فرحته بخبر حمل مايا فاقت كل أحزانه على مر السنوات فباتت كأنها لم تكن يومًا .
– عمر الحقني البيبي بيتحرك .
نطقتها مايا وهي تضع كفها على معدتها تتحس بطنها ليبتعد عمر عن آسيا قليلًا ويطالعها بتعجب تجلى على ملامحه للحظات بينما ابتسمت آسيا ونطقت موضحة لابنتها الطفلة :
– مايا حبيبتي بيتحرك إيه بس انتِ لسة في الأسابيع الأولى .
هزت رأسها بلا وأردفت بثقة وهي تنظر نحو عمر :
– لا أنا متأكدة إنه بيتحرك حتى تعالى شوف يا عمر .
تحرك عمر نحوها حتى أصبح أمامها لا يفصل بينهما شيئًا فتمسكت بكفه تضعها على معدتها قائلة بتأكيد :
– أهو اسمع .
مال عمر برأسه عليها قليلًا يستشعر الحركة المذكورة من قبل هذه المجنونة ثم ابتسم وأبعد يده عنها واعتدل يقول بتهكم وسخرية :
– لا يا روحي دي مش حركة البيبي دي ساندوشات الشاورما اللي أكلتيها واحنا راجعين ، قلتلك كفاية واحد انتِ مش واخدة على كدة .
شعرت مايا بتقلصات تهاجمها فجأة لتنكمش ملامحها وتضع يدها على معدتها قائلة بألمٍ طفيف :
– آه بطني ، تصدق باين معاك حق يا عمر ، بس إنت السبب كنت منعتني .
ذهل من حديثها وتحدث بثبات وهو يضع يديه في جيبيه :
– تمام أول وآخر مرة تاكلي شاورما .
توترت نظرتها ونظرت نحو آسيا تستنجد بها ولكنها ابتسمت وأخفت وجهها عنها لتتحمحم مايا وتقول وهي تتحرك للأعلى :
– على فكرة بقى دي طلبات البيبي مش طلباتي ، أنا طالعة أغير هدومي .
تركتهما وأسرعت تركض نحو الأعلى بينما هو نظر نحو آسيا يشتكيها بصمت والأخرى تخفي تبسمها من ابنتها المدللة ، مدللة دلالً أفسدها وجعلها لا تميز بين التخمة وحركة جنين لم يتجاوز الأسبوع الخامس بعد .
❈-❈-❈
بعد عدة أيام
انتهى الطبيب من فحص خديجة وقام بنزع الجبيرتين بعدما تأكد أنها لم تعد بحاجتهما.
كان يقف معه خالد يتابع مايحدث ويستمع إلى ما يقوله الطبيب بانتباه وتمعن ، يجاوره بهجت الذي يسأله بعض الأسئلة عن صحتها ومتى ستعود لممارسة حياتها بشكلٍ طبيعي .
جمع الطبيب أغراضه وتحرك من الغرفة ليتبعه كلاهما يسألاه فتحدث موجهًا حديثه لهما :
– تبدأ من دلوقتي تمارس حياتها بشكل طبيعي بس على مراحل ، وطبعًا مع ممارسة العلاج الطبيعي ومساعدتكم هتبقى تمام ، وحمدالله على سلامتها .
كاد أن يكمل خطاه فأوقفه بهجت بسؤاله قائلًا بتوتر :
– وبالنسبة للحمل يا دكتور ؟
توقف الطبيب وأخذ نفسًا قويًا ثم تحدث بمهنية :
– الأفضل تتابع مع دكتور نسا هيفيدك أكتر ، بس مبدئيًا وكنتيجة عامة هي كويسة جدًا .
أومأ له بهجت وتبعه للأسفل بينما وقف خالد يتنفس بقوة ويعبئ رئتيه بالأوكسجين ، لقد اشترى منزلًا صغيرًا بالجزء النظيف من أمواله ، ذلك الجزء الذي عمل به مع صقر في السيارات ، وينتظرها أن تضيئه بطلتها ، اشتراه وزرع حديقته لأجلها ولكنه لن يدخله إلا معها ، حتى أنه عمل على أن يكون قريبًا من منزل عائلتها حتى تفرح ، كل مايمكنه إسعادها سيفعله يكفيه أن تزهر حياته ببستان وجودها .
التفت يعود إليها ليجدها تنهض بتمهل وحذر وتخطو نحو الحمام لذا تحرك نحوها بهدوء وتساءل مترقبًا وهو يحاول إسنادها بوضع يده أسفل ظهرها :
– آيزة تعملي إيه ؟
تحدثت بنبرة مجهدة هادئة وهي تتمسك بيده الأخرى وتكمل خطاها :
– عايزة اتوضا .
كان يعلم ذلك لذا أكمل معها السير حتى دلفا الحمام وبالفعل توضأت وهو حولها يساعدها إن احتاجت ثم خرجا ووقفت تطالعه قائلة بترجٍ :
– هينفع أصلي ركعتين شكر لله وأنا واقفة ؟
حاوط وجهها بكفيه يحدق بها بنظرات محبٍ هائمة ثم خشي سقوطها فهي مازالت في أول مرحلة لذا تحدث بتأنٍ :
– خليها المرة دي ألى الكرسي خديجة .
زفرت بيأس ولكنها أومأت خشية السقوط وبالفعل أحضر لها المقعد وجلست تتنفس بقوة ثم بدأت في تأدية صلاتها تحت نظراته المتفحصة .
انتهت والتفتت تطالعه لتجده يقف يتكتف ويستند على الحائط يتأملها لذا ابتسمت وأطرقت رأسها فتقدم منها ثم اتكأ على ركبيته يقابلها ومد يده يرفع رأسها لتنظر في عينيه فظل يتأملها لبرهة من الزمن ، وجهها كشمسٍ أشرقت فأنارت ظلمة سنواته ، عينيها نجمتان ساطعتان في سماء حياته ، وفمها ثمرة محرمة على الخلق سواه وهذا يشعره بالتميز والانفراد والنعيم لذا لم يدم انتظاره لتناول ثمرته فارتفع قليلًا ومال عليها يقطف ثمرته ويغمض عينيه ، يستمتع بالمذاق الذي اشتاق له حد الثمالة ، يستمتع بنعومتها وملمسها ولذتها المسكرة ، يخبرها دون إهدار للأحرف أنها أغلى وأثمن ما يملك ، يبوح لها بحبٍ عظيم يسكن روحه دون أن يتفوة ببنت شفة ، بنات شفاهه كلهن تقبلنها باستمتاع مع هذا العابث شقي الأفعال .
ابتعد إنشًا يلتقط نفسًا ويبتسم ، يبتسم بتباهٍ واستماع ، كأنه كان يراهن عقله الماكر على طعهما الأصلي ، عقله يخبره أنها لم تستعِد شهيتها كالسابق وهو يؤكد له أنها باتت لذيذة أكثر ، ناضجة أكثر ، شهية أكثر ، وفاز العابث لاغيًا أي تعقل في حضرتها .
فتح عينيه يطالعها ليجدها ملاكًا نائمًا ، ليس نومًا حرفيًا ولكن كان خليطًا من الخجل والحب والمتعة ، لذا ناداها هامسًا بنبرة راقية محبة :
– خديجة ؟ .
أبصرت تطالعه لتجد أن يديها قابضتين على قميصه كأنها تخشى ابتعاده لذا حلت وثاق قبضتيها بهدوء وتحمحمت تقول بتوتر :
– خالد بلاش هنا لو سمحت ممكن ماما أو بابا يدخلوا في أي وقت .
– هما متأودين مني ألى كدة ماتقلقيش .
قالها ونهض يعتدل ويغمز لها بطرف عينيه فزفرت تهز رأسها بيأس من عبثه ، حتى وإن التزم وأصبح يخطو على الصراط سيظل عابثًا يعشق اللهو معها .
تحدث ليشغلها عن توترها قائلًا بترقب :
– إيه رأيك نطلأ مشوار أنا وإنتِ ؟
رفعت عينيها تطالعه فوجد فيهما السعادة والقبول قبل أن تنطق بحماس :
– يـــــــــاريت بجد .
– يالا بينا .
قالها وتحرك نحو خزانتها يحضر لها ملابس مناسبة ثم عاد وساعدها على ارتدائها وما هي إلا دقائق معدودة حتى انتهيا ونهضت تخطو معه نحو الخارج لأول مرة منذ أن عادت للمنزل .
كان يتمسك بكفها وكانت تتحرك بصعوبة لذا فأنفاسها متعبة ومع ذلك تتحامل حتى وصلت للدرج فسألها بترقب :
– تحبي أشيلك ؟
هزت رأسها بلا فهي تريد التعافي في أسرع وقت ، لم تعد تطيق الانتظار حتى تتعافى وتعود حياتهما إلى طبيعتها ، بدأت تنزل الدرج وهو معها وأنفاسها تتعالى وبالفعل نجحت في نزول عدة درجات وقبل أن تصل للمنتصف انحنى خالد يحملها فجأة بين يديه ويردف :
– كفاية أليكي كدة .
التقطت نفسًا قويًا شاعرة أنها كانت تركض منذ ساعات لذا تعلقت به تبتسم له ليكمل نزوله بها حتى وصل أمام بهجت الذي وقف يطالعهما بترقب وتساءل :
– انتوا طالعين ولا إيه ؟
لم يحل خالد وثاقه من حولها بل تحدث وهو يحملها بثباتٍ :
– أيوة هنطلع أنا وخديجة نشم شوية هوا .
جاءت نسرين من مطبخها على صوته تنظر لخديجة بسعادة أمٍ متلهفة لرؤية ابنتها تخطو في كل مكان تبصره لذا قالت :
– هتطلعوا عادي يا خالد ؟
– أيوة يا نسرين الدكتور سمح لخديجة تخرج مع حد .
هكذا أجابها بهجت بهدوء لتشير نحو المطبخ قائلة بملامح مستبشرة :
– طيب اتغدوا الأول واطلعوا أنا قربت أخلص خالص .
نظرت خديجة إلى خالد تنتظر قراره فأردف الآخر بعفوية :
– هنتغدا برا يا هماتي ، بس أبقى إنيلي نصيبي هاكله بليل ، تسلم إيدك مقدمًا .
تحرك بزوجته وتركهما يبتسمان عليه وبهجت ينظر لملامح ابنته المتوردة ، منذ أن جاءت إلى البيت ورافقها خالد وهي أصبحت أكثر حيوية تسعى للشفاء على عكس حالتها في المشفى عندما طلبت منه الانفصال ، كانت منطفأة كليلةٍ حزينة بكى فيها القمر ، أدرك بهجت أن هذان الاثنان هما ترياق الحياة لبعضهما ، أدرك منذ تلك الحادثة أن سعادة كلٍ منهما ارتبطت بالآخر تحت ستار الالتزام والرضا .
أجلسها خالد في السيارة والتفت يستقل مكانه ليبدأ في القيادة ويبتعدان إلى مكانٍ خالٍ يبوح لها بمَ يخفيه داخله منذ أن غابت عنه لأيام .
❈-❈-❈
في سويسرا
لم تمر الأيام السابقة هباءً عليهما بل استغلها يوسف بحرفية عالية كما يستغل المهندس المساحات الصغيرة ، لم يترك دقيقة إلا وغمرها حنانًا ودلالًا ، لم يترك مكانًا إلا وبث فيه حبه بالكلمات والأفعال ، لم يترك حدثًا إلا واعترف بمدى عشقه لأميرته التي لم تعد تتذكر ما سبق ، استخدم ممحاة عشقه ليمحو كل خطوطها حظها السوداء فعادت صفحتها بيضاء ناصعة تستعد لاستقبال أبيات شعره وغزله في التعبير عن مدى حبه لها .
كان كريمًا ببذخ فلم يترك شيئًا تشتهيه أو لم تشتهِهْ إلا وأحضره لها ، يهديها وردة مع كل وجبة ، ويهديها قبلة بعد كل رشفة ماء ، تجدد حبه بين صفحات قلبها فباتت تتقلب في سعادة على ضفاف حنانه .
عادا لتوهما من نزهة رائعة في الطبيعة ، عادا يضحكان وصوت ضحكاتهما يصدح في الغرفة ، لم تعد تعرف معنى العبوس أبدًا .
التفت يحاوط وجهها ويتعمق فيها ثم طبع قبلة خفيفة على شفتيها وابتعد يزفر بقوة ليسكت جوع قلبه وعويل جسده قائلًا بترقب :
– يالا ادخلي غيري وأنا هطلب عصير فريش نشربه .
تحرك خطوة قاصدًا الهاتف فمدت يدها تتمسك بيده تمنعه من إكمال سيره فالتفت يطالعا قاطبًا جبينه بملامح متساءلة فلم تجبه ، لم تحرك شفتيها حتى بل حدقت به بنظرات استطاع ترجمتها بسهولة كأنه لم يدرس طوال حياته سوى هذه اللغة ، تخبره أنها تريده ولم تعد تحتمل أن تبتعد عنه بالقدر الذي يجعلها ملتصقة به وبينهما عازلًا من الخوف ، تخبره أنه بأفعاله هدم هذا العازل فلم يعد له وجود ، حطم قلاع خوفها وشيد قلاع الأمن والأمان على روحها فباتت تريده بكل حواسها .
لم يعد يتذكر ما كان يريد فعله ، لا مشروبًا طازجًا ولا طعامًا ولا سلامًا ولا كلامًا ، فقط كل ما يراه الآن ويسمعه هو نداؤها عليه مع أنها لم تنبس بحرف واحد .
اقترب منها حد تلاحم الأنفس وتحدث بنبرة تقفز بسعادة :
– اللي عيونك بتقوله ده حقيقي ؟
أسرعت تومئ له ثم دفنت وجهها في تجاويف عنقه فتنفس ساحبًا كل الأوكسجين الموجود من حولهما ليستعملاه في القُبل وليكن لديهما المخزون الكافي لذلك .
مثلما أعتادت منه على الكرم والبذخ ها هو يلقيها في بحرٍ السُكْر اللذيذ فلم تعد تشعر بشيء من حولها وتولى عنها زمام الأمور فبات يسبح بها ويعاود الغطس حتى أصبحا يشبهان ثنائيًا سعيدًا من الدلافين يتغزلان ببعضهما .
ليحقق هذا المحامي الشجاع أقصى أمنياته ، انتصر هو وحبه ولم يعد يريد سواها بجانبه دومًا ، الآن فقط يمكنه التربع على عرش الراحة والسكينة بعدما باتت زوجته قولًا وفعلًا ، قدمت له السعادة على كفوف جنتها المُسكرة فلم يكتفِ منها ولكنه اكتفى بها .
❈-❈-❈
جاء بها أمام النيل كما طلبت ، أرادت أن ترى الحياة والناس من حولها ، تتطلع أمامها بصمتٍ ويجاورها بصمتٍ مماثل ، وذراعه يلتف حول ظهرها بحماية .
كسرت حاجز الصمت بحديثها حيث قالت وهي تنظر للمراكب العائمة في قلب النهر :
– أنا عايزة أبدأ معاك من جديد يا خالد ، خلينا نفترض إننا اتقابلنا حالًا صدفة ونبدأ صفحة جديدة في كتاب جديد ، ننسى أنا وإنت كل اللي مرينا بيه .
أعطته الفرصة للبوح بمَ يختلج صدره لذا هز رأسه مستنكرًا حديثها وتحدث وهو يلقي بنظره للبعيد مثلها :
– لاء يا خديجة ، مش آيز أبدأ مئاكي من جديد ، أنا فئلًا بدأت معاكي هياة تانية خالص من وقت مادخلتي هياتي .
وجد صعوبة في شرح ما يود قوله بلغتها لذا تابع بلغته بعد تنهيدة قوية :
– كنت أعتقد أن تغييري بدأ بعد حادثتكِ ولكن كلا ، الآن أدركت أنني حينما اخترت شريكة حياة مثلك لم أكن حينها ماركو موراكو المعروف بفوضويته ، أنا تم استبدالي دون أن أدري بشخصٍ أحب فتاة ملتزمة مثلك ومن ديانة مختلفة ، لا أعلم كيف حدث ذلك ولكن من المؤكد أن الله رأى مالا يمكنني رؤيته ، أنا لم تكن حياتي مرفهة أبدًا يا خديجة بل كانت مظلمة ضالة تبعث في القلب الكره والغضب ، كنت أبغض هذه الحياة لذا كنت أتبع صقر لأنه مثلي يكرهها ، دومًا أردت التمرد على كل شيء ، وصل بي الأمر أنني كنت أتعمد اختيار الرياضات الخطرة لعل الموت يلتهمني ومع ذلك لم أفكر بالانتحار لأنه سيكون انتصارًا لميشيل .
تلمست الألم القاطن داخل أعماقه فمدت يدها تحتضن كفه فرفعه إلى فمه يلثم كفها ثم احتضنه داخل صدره وتابع بنبرة اعتيادية تخفي ألمًا مكنونـًا داخله :
– أنتِ ورؤيتكِ وهالة إيمانك كنتن بوابة عبوري لحياة رغبت بتجربتها ربما كانت أفضل لي ، حينما لمحت في عينيكِ الحب لي كنت كالثور الهائج من فرط السعادة ، نعم كنت مستعدًا لأدوس كل من يقف في طريقي للوصول إليكِ ، وهذا ما حدث بيني وبين بهجت الذي كان ينظر لي فأرى في عينيه ميشيل لذا كنت أكرهه ، كان يريد إبعادك عني بأي شكلٍ وكأنني شيء متسخ يخشى تدنسيك منه ، لم أحتمل نظراته فكنت أفعل ما أفعله حتى أغضبه فليس من حق بشري أن يأخذك مني ، ليس بعدما وجدتك .
التعمت عينيها وهي تستمع لاعترافه ولم تعد ترى شيئًا بل تسمع فقط كلماته ومعاناته وهو يسترسل :
– أحببت حياتكِ والتزامكِ وقوانينكِ ، أحببت حجابكِ وملابسكِ وصلاتكِ ، كل شيء متعلق بكِ أحببته ولم أرغب في تغييره قط بل على العكس كلما تخيلت أنكِ ترتدين كما تفعل فتيات عالمي كانت النيران تشتعل في قلبي وصوتًا ما في داخلي يصرخ بالرفض والاستنكار فأنتِ أفضل ما رأت عيني على الإطلاق ، تعلق قلبي بكِ للدرجة التي لم يتعلق بأمي حينما كنت طفلًا ، تعلقت بصلاتكِ وتلاوتكِ للقرآن ودعاءكِ وكنت أتساءل دومًا كيف تفعلين هذا دون ملل أو كلل .
التقط نفسًا قويًا ثم تابع وهو يلتفت ويحدق بها ويشرح مستفيضًا بصدق :
– تلك الحادثة لم تكن نقطة تحول بل كانت آخر محطة لوصولي يا خديجة ، شعوري بفقدانكِ لا يمكن وصفه بالكلمات ، صدقيني لو لم أكن مررت بكل المحطات التي تعلمتها منكِ منذ أن دخلتِ إلى حياتي لكنت انتكست وعدت لأوحش مما كنت عليه ، أنتِ كنتِ ومازلت وستكونين دومًا ملاذي الآمن يا خديجة ، أنا الآن قلبي سليم بفضلكِ ، لم أعد أحمل كرهًا تجاه والدكِ لأنه أعطاني الأمل والثقة في لحظة ضعفٍ كنت أفقدهما ، أنتم أصبحتم عائلتي يا خديجة .
أسرعت تلقي بنفسها داخله ، وتلقي بلومها عرض النهر ، يكفيه حزنًا مر على قلبه ويكفيه شعورًا بالنفور فهي قط لم تنفر منه لحظة ، وهذا ما قالته بالقرب من أذنه :
– وإنت كل حاجة ليا يا خالد ، حياتي من غيرك ملهاش أي طعم وده عرفته أول ما صحيت من الغيبوبة مافتكرتش غيرك وماكنتش حابة أشوف غيرك ، إنت أغلى حاجة عندي ومش مهم أبدًا الخساير اللي خسرناها مادام إنت وصلت بالسلامة ، ربنا هيعوضنا بالأحسن إن شاء الله أنا متأكدة .
بادلها بالعمق الذي جعل قلبه يستريح بعد المعاناة ، بادلها بأملٍ جديد ولد بداخله أنهما معًا سيسلكان طريقًا جديدًا مفعمًا بالأمل والإيمان .
ابتعد ينظر لها فوجد الدموع عالقة في مقلتيها لذا مد أطراف أنامله يجففها ويبتسم لها قائلًا بمشاكسة وبحروف منكسرة :
– يئني هنروه بيتنا الجديد أمتى ألشان نلهق نجيب بيبي جديد قبل ما أفقد قدراتي ، صهتي بقت في النازل بسببك ، أمال أشيلك كل شوية وانتِ مبسوطة بدل ما تقوليلي كفاية أليك كدة يا هبيبي ، هتئملي فيا إيه تاني إنتِ وأبوكي .
ابتسمت بملامح مندهشة وتحدثت بخجل مصاحب بدلال افتقده :
– خالد بس بقى .
تنهد تنهيدة الراحة وتحدث وهو ينظر حوله حتى استقر عندها :
– طب إيه رأيك نروّه ؟ ، بصراهة أكل نسرين هيبقى أهلى من أي أكل هنشتريه .
أومأت مؤكدة على كلامه فنهض ووقف أمامها ينوي حملها فرفعت يدها معترضة تردف بنبرة مرحة وجريئة جديدة عليها ولكنها سكنت خمائل قلبه :
– لاء خليك أنا همشي ، وفر صحتك هنحتاجها .
❈-❈-❈
فرحت كثيرًا بزيارة آسيا لها حيث يمكنها الخروج مع زوجها لقضاء وقتًا ممتعًا وترك الصغيرة في رعاية آسيا كما أخبرتها بذلك .
أسرعت نحو غرفتها لتهاتفه وتخبره بهذا العرض المغري وبالفعل طلبت رقمه ففتح وهو يجلس خلف مكتبه يتابع أعماله ليتحدث بنبرة هادئة يفيض منها الحب :
– جميلتي ، عاملة إيه إنتِ ونيللي .
شعرت بالغيرة والحب معًا وتحدثت بدلالٍ يليق بها :
– بخير يا قلبي ، ها لسة قدامك كتير ؟
نظر في ساعة يده ثم في الأوراق أمامه وأردف :
– لاء ساعة بالكتير وهكون عندك ، في حاجة ولا إيه ؟
ابتسمت بسعادة وحماس وتحدثت :
– أيوة ، عملالك مفاجأة .
شرد لثوانٍ ثم تذكر تلك المرة حينما تركت صغيرته مع آسيا لذا أردف معترضًا باندفاع أبوي :
– لا يا نارة نيللي مش هتنام في مكان تاني لو سمحتِ .
تجهمت ملامحها بعد السعادة وتحدثت بغيظ واستفاضة :
– على فكرة بقى إنت مقصر في حقوقي جدًا وده بسبب برنسيس نيللي ، أنا مش فاهمة بجد تصرفك ده ، أولًا هي مع ماما وماما فاهمة جدًا تتعامل معاها إزاي يعني مافيش سبب لرفضك ده خصوصًا إن ده حصل مرة واحدة لإنك كنت واحشني وإنت عارف إني رافضة مبدأ المربية ده زيك بالضبط بس أحيانًا بكون حابة أنفرد بيك شوية لوحدنا ، إيه مشكلتك يا صقر ممكن تفهمني ؟ ، هو إنت مابقتش تحبني زي الأول ؟
نطقت الأخيرة بتقويسة شفتيها وعبوس كالأطفال فهي تعلم قوة عشقه لها ولكنها تتعجب من ردود أفعاله حينما يتعلق الأمر بالصغيرة ، استشعر حزنها لذا ترك ما بيده وتحدث بنبرة جدد بها عشقه ولكنه بدأها بالمشاكسة :
– أيوة مابقتش أحبك زي الأول ، أحبك ليه زي الأول ما خلاص أخدت منك اللي أنا عايزه وجيبتي لي قطعة منك .
صمت يترقب ردها ولكنها لم تجبه لذا تابع بصدق :
– مستحيل حبي ليكي يقل طبعًا ، ولو قلتيها تاني هزعل بجد ، كل مافي الأمر إني اتعلقت بنيللي جدًا لإنها نسخة منك في كل شيء ، حتى في حبها ليا ، وبصراحة ببقى واقف قدامكم انتوا الاتنين محتار مش عارف أرضي مين فيكم ، وبالنسبة لبيات نيللي عند مامتك أنا فعلًا مش بحبه ، لا نارة ولا نيللي هسمح إنهم يناموا في مكان تاني غير حضني .
عاد يصمت لتتحدث ولكنها تنهدت بقوة فتابع بنبرة حنونة كأنه يراها أمامه :
– امسحي الدمعة اللي على الخد دي واعرفي إن ليها عقاب ، ويالا قوليلي إيه هي المفاجأة .
بالفعل كان هناك دمعة معلقة على خدها سقطت دون إرادة منها لذا مدت يدها تجففها وتبتسم لعلمه بها وأدركت أن حبه لها لم يقل مثقال ذرة لذا قالت موضحة :
– ماما هنا وهي اللي قالتلي أسيب معاها نيللي وأكلمك نطلع نتعشى برا أنا وأنت ، فيها حاجة دي ؟
فكر قليلًا ثم تحدث بخبث معهود :
– خروجة بس ، يعني مافيش سهرة خاصة زي المرة اللي فاتت ؟ ، وأنا اللي سقف طموحي وصل لحتة تانية ، عامةً موافق طبعًا بس بلغي آسيا هانم تنورنا كام يوم علشان تشبع من نيللي وأشبع أنا كمان منك .
برغم سعادتها التي لا توصف إلا إنها علقت على كلمته الأخيرة قائلة بتجهم كاذب :
– تشبع مني ؟
ضحك عليها فقد أدرك تعليقها قبل أن ترده لذا قال من بين ضحكاته :
– يعني شبع مؤقت ، بجد الله يكون في عون اللي متجوز اتنين ، بتغيري من نيللي يا نارة .
– أيوة لما الموضوع يتعلق بيك هغير ، وبكرة إن شاء الله لما ربنا يرزقنا بأخ لنيللي واتعلق بيه أكتر منك هنشوف هتبقى عامل إزاي .
نهشت الغيرة جدران قلبه حينما تخيل أنها تنشغل بغيره عنه لذا قال بنبرة متملكة وواثقة قبل أن يغلق :
– تؤ ، مش هيحصل ، يالا سلام لحد ما أشوفك .
❈-❈-❈
بعد حوالي شهر
تعافت خديجة كثيرًا خاصةً بعدما خضعت للعلاج الطبيعي لذا انتقلت أمس إلى المنزل الجديد الذي أعجبها كثيرًا ، فبرغم صغره وبساطة فرشه إلا أنه رقيق يمتاز بالرقي والدفء خاصةً حديقته المزهرة التي أنعشتها .
قبل مجيئهما ذهبا سويًا لطبيبة نسائية والتي أقرت بأنها تعافت وتستطيع ممارسة حياتها بشكلٍ طبيعي وأيضًا يستطيع رحمها الحمل مجددًا دون أي مشاكل .
ها هي تقف مع والدتها في المطبخ الخاص بها تجهز الطعام قبل مجيء خالد من عمله بعدما تغيب عنه فترة كبيرة نسبةً لمراعاته لها .
التفتت لها نسرين بعدما أطفأت الموقد ونظرت لها لتجدها شاردة فحدثتها بترقب :
– خديجة ، سرحانة في إيه ؟
ابتسمت لها خديجة وهي تبادلها النظرات ثم تحدثت موضحة :
– عايزة أعمل حاجة لخالد تفرحه ، يعني أكيد بعد كل ده يستاهل مكافأة حتى لو صغيرة ، إيه رأيك يا ماما ؟ ، تفتكري ممكن إيه اللي يفرحه؟
كانت تفكر بالفعل وسألت والدتها تستشيرها ولكن الأخيرة التفتت تقلب الطعام وتحدثت بخبثٍ متعمد :
– ماعرفش يا ديچا ، إنتِ أكثر واحدة عارفة إيه اللي ممكن يفرح خالد ، فكري كويس وشوفي أكثر حاجة بيحبها إيه واعمليها .
تنهدت بقوة فمهما ادعت التفكير هي تعلم جيدًا أكثر الأشياء التي ستسعده لذا توترت نبرتها وهي تردف :
– تمام يا ماما ، على العموم هو قرب ييجي .
أومأت نسرين وقالت وهي تغسل يديها وتجففهما :
– تمام والأكل كمان خلص ، أنا هروح بقى علشان مازن وبابا كمان على وصول ، ولو احتجتي حاجة كلميني .
اتجهت تعانقها وتقبلها ثم ابتعدت تنظر لها بامتنان مردفة :
– شكرًا يا ماما .
– مافيش بين الأم وبنتها شكر ، ويالا استعدي علشان تستقبليه .
قالتها نسرين واتجهت تلتقط حقيبتها وتخطو نحو الخارج مغادرة واتجهت خديجة نحو غرفتها المقابلة لتستعد لاستقباله .
❈-❈-❈
أحب صقر كثيرًا فكرة زوجته حينما اقترحت عليه عمل عزومة عامة تجمع الأحبة على طاولة واحدة فبدأ يجهز لها من الآن .
طلب من منظمي حفلات أن يتولوا أمر تلك المهمة وتولى هو أمر طباعة بطاقات الدعوة التي كتب عليها
( يتشرف السيد محمد عبدالله و زوجته السيدة نارة بدعوة سيادتكم لحفل عشاء يقام في فيلته على شرف البرنسيسة نيللي ابنتهما المدللة ، الحفل سيكون يوم الخميس القادم الساعة الثامنة مساءً ، بحضوركم يعم الفرح والسرور )
❈-❈-❈
عاد خالد من عمله إلى مسكنه الجديد ، تغمره السعادة ويتولى الحماس قيادة جسده إلى حبيبته حيث منذ أن وطأت قدماه للداخل وأنفه تلتقط روائح متداخلة لا يستطيع تمييز إحداها .
تحشرج صوته وهو ينادي عليها بترقب :
– خديجة ؟
نادته من غرفتهما ليتجه على الفور نحوها بخطواتٍ مبعثرة ، فتح الباب ودلف ليتفاجأ بحوريته تقف تستقبله بهيئة لا تشبه أي شيء رأته عيناه مسبقًا ، هيئة مهلكة للب عقله مدمرة ثباته ومزلزة لقلبه ومبعثرة لكيانه فكم تمنى أن يراها على هذا النحو منذ أن أصبحت ملكه .
ها هي البدلة التي اقتناها لها آنذاك حينما أخبرته أنها لا تجيد الرقص وكم عبس وحزن لهذا ولكنه تناساها حقًا بل لم يعد لها مكانًا في حسبانه ، لتأتي الآن هذه المشاكسة العابثة وتقف أمامه مرتدية إياها بكل ثقة وثبات ؟ ، أتختبر صبره وقوة تحمله ؟ ، ألا تعلم أنها تعافت للتو من أثر حادثٍ حطمها ؟ ، ألم تشبع من الحطام تلك العابثة التي تتلاعب على أوتار مكنوناته فتحركها بفوضوية .
– ما هذا ؟
نطقها وهو يتقدم منها بتهمل شديد فأسرعت تتحدث بتوتر وهي ترى الرغبة تنفجر في عينيه كانفجار الألعاب النارية :
– خالد استنى أنا لبستها بس لسة مش بعرف أرقص .
كان قد وصل إليها ورفع يديه يتحسس تفاصيل جسدها المهلكة لعقله وأردف متحشرجًا بصوتٍ يطالب بها حد الصراخ :
– أظن أن وقوفكِ هكذا أشد خطرًا من التمايل بها ، ماذا تفعلين بي ؟
تعلقت عينيه على شفتيها وهي تحركهما وتبرر قائلة :
– لم أفعل شـــــــــــ .
قطع حديثها بقبلة هجومية بعدما انفجرت الدماء داخله كالبركان فبات يستبيح تقبيل كل ما تطوله شفتيه ويديه وأصبحت عاجزة أمام سطوة عشقه فسلمته زمام الأمور واستنشقت منه المتعة فقط .
ألقت عليه تعويذة جعلته متلبسًا بعشقها ومتيمًا برائحتها وتائهًا بين منحنايتها ومصابًا بالجنون أمام شفتيها .
اشتاق لها حد الجنون وها هو يسعى ليطفئ نيران اشتياقه فتركته يأخذ مكافأته بكل رضا بل وبسعادة تمادت حتى عبرت الفضاء .
❈-❈-❈
جاء يوم الخميس وبدأ المدعوون في الحضور
تم تجهيز طاولة بطول الحديقة الخلفية لفيلا صقر طاولة معدة برقي تحمل كل ما لذ وطاب ، لم يبخل في تحضير أي شيء .
لم يمر الكثير من الوقت حتى اكتمل الجمع فوقف صقر ينظر للجميع عن يمينه وعن يساره براحة وسكينة .
رؤية الجميع تشعره بالمسؤولية وكم كان أمينًا لها .
عن يمينه تجلس زوجته نارة تجاورها آسيا ثم عمر ومايا ثم أميرة ويوسف ثم حسن وزوجته مشيرة وابنتهما حنان ثم منيرة والسيدة لبنى وسوسن
وعن يسارة يجلس خالد وخديجة ثم بهجت ونسرين ومازن ثم سامح وزوجته زينب وطفليهما ثم شقيقته نهى وزوجها محمود وطفليهما أيضًا .
وقف يتنفس بارتياح لسعادة الجميع ثم رغب في قول شيء لأول مرة يشعر أنه يريد البوح به لذا تحدث بشموخه وثباته ونبرته الواثقة :
– نورتوني كلهم ، كان نفسي من زمان جدًا نجتمع مع بعض زي دلوقتي بس أن تأتي متأخرًا خيرٌ من ألا تأتي أبدًا ، المهم إن كلنا اتجمعنا مع بعض والأهم إن كلنا بخير ومبسوطين ، طبعًا الحياة مش سهلة وكل واحد فينا مر بمطبات كتير جدًا في حياته بس بردو كل واحد فينا أخد نصيبه الحلو من الدنيا ، كل واحد فينا ربنا رزقه بنصه التاني اللي بيه هيقدر يتخطى أي صعب .
التفت ينظر نحو زوجته بعيون متلألئة واسترسل بحب :
– أنا مثلًا كان فضل ربنا عليا عظيم لما رزقني بزوجتي نارة ، الإنسانة اللي بسببها أنا بينكوا ومحاط بحبكم بعد ماكنت ضايع .
امتدت يدها تقبض على كفه المستند على الطاولة تشكره بلمستها وبلمعة عينيها فابتسم لها ثم التفت لرفيق دربه خالد أو ماركو سابقًا وتحدث بنبرة ذات مغزى تحمل في طياتها مرحًا :
– ومش هاكل حق صاحب عمري وأخويا العابث اللي كان معين ليا في رحلتي ، كانت رحلة مهببة اه بس هو كان ومازال جدع أوي .
تلك المرة قبضت خديجة على كف خالد الذي ابتسم وشرد في كلمات صقر يستعيد لحظاتهما سويًا حتى أنه لم يلحظ لمعة عينيه ندمًا حينما تذكر ما كان يفعله إلا أنّ يدِ خديجة كانت خير داعم له بجانب همسها بالقرب منه بنبرة خافتة تخبره أنها بجانبه دومًا .
التفت صقر ينظر نحو عمر ورفع يده يشير إليه وتابع بتحية حادة :
– عمر أخويا ، وسامح ونهى ويوسف وطبعًا آسيا هانم .
قالها وهو يوزع نظراته بينهم ويشكرهم على ما فعلوه معه ثم مال يلتقط الصغيرة من والدتها ويحملها بين يديه ويهديها قبلة وابتسامة ومناغشة ثم عاد ينظر للجميع وتابع :
– الحفلة دي عملتها على شرف أميرتي الغالية نيللي ، ولإن ماعرفناش نعملها سبوع قلت نتجمع كلنا هنا ومش هتكون آخر مرة ، هنتجمع كل سنة إن شاء الله في عيد ميلاد أميرتي ، نورتوني حقيقي وشكرًا على قبول الدعوة .
جلس بعدها وأجلس الصغيرة على قدمه وبدأ العمال في تقديم الطعام للجميع وبدأوا يتبادلون أطراف الحديث وتوزعت بينهم القهقهات على ذكرياتهم السعيدة فقط ، إلا أن يوسف نظر إلى أميرة التي تملكها التوتر ولكنه أمسك بيدها ليبث فيها الطمأنينة وتحدث بترقب بين الحضور :
– أحم ، ممكن أشاركم خبر حلو ؟
أكدوا جميعهم على قوله بترقب ليتنهد محفزًا نفسه ثم قال بنبرة حملت بين طياتها السعادة :
– أميرة حامل .
تهالت عليه المباركات من الجميع وكم سعدت مشيرة بهذا الخبر الذي تسمعه لأول مرة مثلها مثل حسن والبقية ولكنها أكثر من سعيدة فأخيرًا سترى أطفال يوسف .
واستمر العشاء بين أجواء من السعادة والاستمتاع والحكايات التي جعلت الابتسامات لا تفارق وجوه الجميع .
❈-❈-❈
بعد ثلاثة أشهر
يقف في الحمام يلتصق بها ويتمسكان باختبار الحمل الذي أجرته لتوها ، ينتظران النتيجة بنبضات صاخبة كادت أن تخترق ضلوع صدرِ كلٍ منهما .
لتظهر شرطة حمراء فشعرت خديجة كما لو أن قلبها على وشك التوقف من فرط حركته بينما خالد كان يلمح اللون الوردي الخافت الذي بدأ في الظهور في الشرطة الثانية معلنًا عن وجود جنين ينمو في أحشائها عوضًا جميلًا ودليلًا على فضل الله عليهما لذا صرخ بصوتٍ نثر باقات السعادة في المكان من حوله وهو يقول :
– هــــــــــامـل يا خديجة هـــــامل ، هنجيب مؤمن .
تمت بحمد الله

google-playkhamsatmostaqltradent