Ads by Google X

رواية ميثاق الحرب و الغفران الفصل الثامن و الثلاثون 38 - بقلم ندى محمود

الصفحة الرئيسية

 رواية ميثاق الحرب و الغفران الفصل الثامن و الثلاثون 38 - بقلم ندى محمود 

(( ميثاق الحرب والغفران ))
_الفصل الثامن والثلاثون_

تجمدت دماء وجهها وازدردت ريقها بتوتر عندما انتبهت لنظرات عمران النارية بعد عبارتها( سليم ).. أجفلت نظرها عنهم والتزمت الصمت تمامًا بينما عمران فاستقام واقفًا محدقًا بسليم وهو يسأله:
_بتعمل إيه إهنه؟!
سار باتجاه مكتبه الخاص وجلس على مقعده وهو يجيب على عمران بعين متحدية:
_أنا الدكتور اللي هيتابع حالة المدام
التفت عمران برأسه تجاه آسيا التي كانت تتفادى النظر إليه توترًا ثم عاد ينظر لسليم يجيبه بهدوء مزيف:
_وهو مفيش دكتور غيرك في المستشفى ولا إيه
ابتسم الآخر ببرود متمتمًا:
_للأسف أنا هنا دكتور العلاج الفيزيائي في المستشفى 
استقرت في عيني عمران نظرة مميتة دامت للحظات قبل أن يرفع كفه يمسح على شعره نزولًا للحيته متأففًا بصوت قوي، وبلحظة مفاجأة انحنى للأمام وهو يضرب فوق سطح المكتب بكفيه مستندًا عليهم ويقول بلهجة مرعبة:
_شكلك إكده مبتفهمش بالحسنى يادكتور 
انتفضت آسيا فزعًا على أثر ضربته العنيفة فوق المكتب واسرعت إليه بمقدعها المتحرك تقف بجواره وترفع يدها تتشبث بذراعه هامسة برجاء:
_عـمـران عشان خاطري
التفت سليم لآسيا وعندما رأى الخوف في عيناها انزعج أكثر فعاد بعيناه لعمران وهو يجيبه باستياء واضح:
_أنا بأدي واجبي كدكتور.. هنا مش هتنقي على مزاجك مين الدكتور اللي عايزه يامعلم.. ثانيًا مالك متعصب ليه متخفش من هخطفها منك يعني
التفتت آسيا إلى سليم ترمقه بعينان متسعة وساخطة وبسرعة عادت لزوجها تراقب تعابير وجهه التي تحولت بلحظة كما توقعت، فضغطت بيدها على ذراعه محاولة امتصاص جموحه لكنه دفع يدها واندفع نحو سليم الذي استقام وهو يبتسم بسخرية، ولم يلبث حتى لينطق بكلمة واحدة حيث وجد نفسه بالأرض بعدما تعرض للكلمة مبرحة من عمران، الذي انحنى عليه وجذبه من لياقة قميصه وهو يصيح به:
_أنت چربت قبل إكده اللعب معايا يادكتور يعني دي مش أول مرة وأعتقد أنك عارف زين أنا ممكن أعمل إيه.. افتكر نصيحتي وخليك عاقل ومتهلفطش بالكلام معاي بدل ما اخليك تقعد في البيت كيف الحريم والمكتب اللي فرحان بيه ده متشوفش وشه تاني
هرولت آسيا إليه وهي تجذبه من ذراعه متوسلة إياه بقلق:
_عمران أبوس يدك كفاية يلا بينا نمشى من إهنه 
انتصب في وقفته ثم القى نظره اخيرة ملتهبة تحمل التهديد لسليم الذي مازال جالس على الأرض ويمسح بيده دماء شفتيه، فتتقابل نظراتهم النارية معًا ثم يستدير عمران وينصرف بزوجته.
استقام سليم واقفًا وهو يصر على أسنانه بغيظ ثم جلس على مقعده مجددًا دون أن يحيد بنظره عن الباب، فانتشله من أفكاره الشيطانية دخول صديقه الذي اسرع نحوه وجلس أمامه يهتف بضيق:
_كنت عارف أن مشكلة هتحصل.. قولتلك ادخل أنا بدالك ياسليم صممت على رأيك 
سليم بعصبية:
_خلاص يامحمد أنا على أخرى دلوقتي
اطال صديقه النظر إليه في عدم رضا وهو يهز رأسه بنفاذ صبر وقلة حيلة، بينما الآخر فعاد مرة أخرى يتذكر ما حدث للتو وقد تشنجت عضلات وجهه كلها...
                                     ***
كانت تختلس النظر إليه وهم داخل السيارة فتجده ساكن تمامًا لكن قسمات وجهه تقول العكس، كأن يوجد خلف ذلك الهدوء بابًا من أبواب الجحيم لو انفتح لن تجد طريق للنجاح من جموحه.
التزمت الصمت لوقت طويل وهي تراه لا يتحدث أو حتى ينظر لها متجاهلًا وجودها لسبب ليس خير بالتأكيد، تنفست بعمق وهمست تسأله بخفوت:
_هنرچع البيت 
التفت لها أخيرًا وليته لم يلتفت فقد رأت النظرة التي كانت تخشاها وجعلتها تتجمد مكانها دون حركة ثم رد بغلظة:
_رايحين لدكتور معرفة كويس هتتابعي معاه من إهنه ورايح 
ودت الرد عليه لكنها صمتت تجنبًا ذلك الوحش الكاسر واكتفت بإجابته عليها واستمرت في جلوسها الصامت كما كانت، حتى وصلا للطبيب ودخلوا وقد استغرق الفحص وجلسة العلاج وقت طويل جدًا.
بعد الانتهاء استقلوا بالسيارة مجددًا وكانت وجهته هذه المرة المنزل أخيرًا.. كلاهما ينتظران لحظة وصول المنزل لكن كل منهم لديه أسبابه الخاصة فهي أهلكت وتعبت جدًا خلال الجلسة وتحتاج للراحة أما هو فمازالت الدماء تغلي في عروقه ولن تبرد دون أن ينهي الأمر.
توقفت سيارته أمام بنايتهم ونزل هو أولًا ثم التف حول السيارة من الجهة الأخرى وأخرج مقعدها على الأرض قبل أن يفتح الباب وينحني عليها يحملها بين ذراعه ليساعدها على الوقوف والجلوس فوق مقعدها.. يفعل كل هذا دون أن ينظر لوجهها بشكل مباشر مما أدى إلى عبوسها وهي أيضًا اتبعت نفس أسلوبه في التجاهل.
فور دخولهم للمنزل اتجهت هي مباشرة نحو الغرفة ثم أغلقت الباب خلفها وشرعت في نزع ملابسها فوجدته يقتحم الغرفة ويدخل ثائرًا، هتفت بغضب:
_مش تخبط الأول
تجاهل ما قالته كأنه لم يسمع واندفع نحوها ينحنى عليها مستندًا بذراعيه على جانبي مقعدها، وجدت أن المسافة بينهم لا تحسب فمالت برأسها للخلف في توتر ملحوظ رغم أنها حاولت الثبات إلا أن تقوس أهدابه الغزيرة وعينيه السوداء الثاقبة وهو ينظر لها هكذا جعلتها تنهار تمامًا وهي لا تعرف هل خوفًا أم لوعة.
عادت لرشدها على أثر صوته المخيف وهو يغمغم منذرًا:
_أنا مش عاوز أچبرك تقطعي تواصلك مع صحبتك عشان أخوها، بس اعتبريه آخر تحذير يا آسيا مش عايز اشوفك بتخاطبي ال*** ده ولو بعينك حتى وإلا أنتي عارفة اللي هيحُصل
فتحت فمها وكانت على وشك أن تجيبه متعرضة وبانزعاج فباغتها بصرخة جعلتها ترتجف في مقعدها:
_أنا كلامي أوامر مش موضوع قابل للنقاش ولا الاعتراض.. يعني الكلمة الوحيدة اللي اسمعها هي حاضر وبس 
رغم الاضطراب المرسوم على صفحة وجهها إلا أن السخط أيضًا كان يستحوذ على جزء منها مما دفعها للرد عليه بعصبية:
_وأنا مش هنفذ أوامر مش فاهمة سببها، ده دكتور وكنت هتابع معاه طبيعي چدًا كيف أي مريض، أنا مش فاهمة أنت ليه مش طايقه إكده وكل ما تشوفه وشك بيتحول كأنك شفت عدوك 
أظلمت عينيه وصوته خرج غليظًا وخافتًا يسأله:
_يعني إيه مش هنفذ!!
خلعت رداء الخوف وارتدت القوة والشجاعة التي طالما اتصفت بها حيث هتفت بشجاعة وهي تنظر في وجهه:
_يعني فهمني إيه اللي حُصل بينكم ووقتها انفذ أوامرك
هدوء مريب احتل ملامحه فجأة وراح بأنامله يزيح خصلتها المتمردة مثلها من على عينيها ويهمس بنظرة تحسم الأمر وتنهي ذلك النقاش:
_أنا قولت اللي عندي وأنتي سمعتيني وفهمتيني زين فمش هعيده تاني، بلاش عاد تقفي قصادي الند بالند لمصلحتك ياغزالي.. مفهوم؟ 
تطلعت في عينيه تتمعن في نظراته المخيفة دون أن تجيبه فسمعته يصرخ بها بغضب:
_مفهوووم ولا لا يا آسيا 
هزت رأسها له بالموافقة منصاعة لأوامره في غيظ، بينما هو فاعتدل وانتصب واقفًا ثم ولاها ظهره واقترب من الخزانة يخرج ملابسه حتى يبدل التي يرتديها، خلال هذه اللحظات كانت هي تقترب من الفراش بالمقعد وعنادًا نابع من غضبها قررت الوقوف والمشي بمفردها هذه الخطوات المتبقية إلى الفراش، توقفت بصعوبة شديدة ورفعت قدمها المتحجرة بألم فنجحت في خطوة أول خطوة لكن عند الخطوة الثانية اختل توازنها وكادت أن تسقط لكنه أحاط بخصرها من الخلف يعيدها لتوازنها قبل أن تنهار على الأرض، التفتت له برأسها فوجدته يهتف برجولية مختلفة:
_مش هكون موچود كل مرة إكده عشان امسكك لما تنتقمي من نفسك بالشكل ده وتأذيها
آسيا بتمرد وزمجرة شديدة:
_وأنا مطلبتش منك مساعدة
عمران بخفوت مميز:
_حتى لو مطلبتيش أنتي محتچاني بس لساتك مش عاوزة تعترفي
ابتسمت له بسخرية وقالت متحدية إياه في غضب:
_لا مش محتجاك ياعمران 
هز رأسه مغلوبًا وهو يتأفف ثم انحنى وحملها بين ذراعيه واقترب من الفراش ليضعها فوقه برفق شديد، التقت نظراتهم معًا وعندما تعمق في عيني الغزال الساحرة التي أمامه وجدها تسحبه لعمقها أكثر كالمغناطيس، وكلما حاول الابتعاد سحرها يمنعه ، لم يكن حالها أفضل منه فطالما كانت تأثرها ملامحه الرجولية وكلما يقترب منها تدخل مداه الخاص وتغرق داخل عينيه وآصالته، طال تمعنهم لبعض أكثر من اللازم فشعرت بنفسها تفقد القدرة على التحكم بمشاعرها، تلقائيًا اغمضت عيناها رافضة النظر لجحيم قلبها أكثر من ذلك، لكن سرعان ما تبدل جحيمها لبرودة شديدة عندما شعرت بملمس شفتيه فوق وجنتها ثم انتقلت لجبهتها في قبلة طويلة ودافئة، انطفأ جحيمها لكن جسدها كله بات ينبض بعنف ولم تفتح عينيها إلا عندما سمعت خطواتها وهي تتجه نحو الحمام وصك سمعها صوت الباب.. فنظرت على الباب وهي تتنفس بصعوبة.
                                      ***
بمساء ذلك اليوم داخل منزل خليل صفوان تحديدًا بغرفة فريال....
فتح جلال باب الغرفة بالمفتاح ودخل ثم أغلقه خلفه بهدوء وعندما التفت سقط نظره أولًا عليها وهي نائمة فوق الفراش، فتحرك ببطء شديد نحوها وجذب المقعد ليجلس عليه بالقرب من الفراش تحديدًا بجوار رأسها، أخذ يتأملها بأسى وضيق.. فهو مهما صرخ وقال لا يزال يحبها ولن يستطيع التخلص من ذلك الحب أبدًا، لكنه لا يعد يتحمل نفورها وكرهها له، أن كانت لا تريده فهو أيضًا لن يكافح أكثر في علاقة على حافة الانهيار، حتى لو كان على حساب قلبه الممزق.
نزل بنظره حتى بطنها وتلقائيًا ارتفعت البسمة لثغره فانحني عليها بوجهه ولثم بطنها بحب يهمس محدثًا طفله بصيغة المؤنث كما يعتقد أنها فتاة:
_الظروف اللي هتاچي فيها ياحبيبة أبوكي عمري ما كنت عاوزها خصوصًا وأنا كنت بتمناكي من زمان.. بس مين عالم يمكن ربنا يچعلك سبب وأول ما تاچي تنوري كل حاچة ضلمة بنورك
سكت للحظة مفكرًا ثم لاحت ابتسامته الجميلة على شفتيه مرددًا:
_نــور
فتحت فريال عينيها ببطء عندما شعرت بشيء يزعجها في نومها، وعندما اتضحت صورته أمامها هبت جالسة هاتفة بغضب:
_بتعمل إيه.. وإيه اللي چابك ما كنت سبتني محبوسة كمان يومين تاني لغاية ما أموت
رد جلال بصوت رجولي حاد:
_أنا مكنتش حابسك ده نتيچة عنادك وتكسيرك لأوامري فقفلت عليكي عشان ترچعي لعقلك وتهدي بس شكله مفيش تغيير ومچابش نتيچة 
رمقته بإصرار وهتفت ساخطة:
_ومش هيچيب لساتني مصممة على قراري ياچلال 
صرخ بها منفعلًا بصوت مرتفع:
_وأنا قولت مش هتطلعي ولا رچلك هتعتب عتبة البيت غير بعد الولادة و....
قطع حديثه في منتصفه ذلك الألم الذي اجتاحه في صدره فرفع يده يضعها فوق يساره بألم مغمضًا عينياه، انتابها الزعر عليه وبسرعة أمسكت بيده تهتف مرتعدة:
_چلال أنت كويس 
عادت تهتف له بخوف أشد عندما وجدته مازال يغلق عيناه ويكافح الألم:
_چلال رد عليا متقلقنيش نروح المستشفى طيب 
فتح عيناه أخيرًا وأبعد يدها عنه بضيق يقول ساخرًا:
_ده على أساس أن صحتي تهمك قوي يعني
هزت رأسها بعدم اكتراث لما قاله وهبت واقفة من الفراش لتمسك بذراعه مجددًا تهمس في اهتمام تساعده على الوقوف:
_طيب قوم ريح على السرير وارتاح 
للمرة الثانية أبعد يدها عنه واستقام واقفًا بمفرده ثم اقترب من الفراش وتمدد بجسده فوقه، بينما هي فتركته وغادرت الغرفة وعادت بعد دقائق طويلة نسبيًا وهي تحمل بيدها كوب من العصير الطازج ومعه قرص من الدواء الخاص به، جلست على المقعد المجاور للفراش ومدت يده بالعصير له تهتف بحنو:
_خد العلاج واشرب العصير ده معاه عشان يسندك
حدقها بغيظ ثم التقط كوب العصير والقرص منها، ابتلع القرص أولًا ثم شرب العصير خلفه مباشرة وهو يتمتم بلهجة ازدراء:
_الدكتور قال ابعد عن التوتر والعصبية بس فين الكلام ده عاد في البيت إهنه وخصوصًا وأنا مرتي فريال هانم
لوت فمها بندم أنها تسببت في تعبه ولم تراعي مرضه، ورغم هذا تحدثت بنفس تمردها:
_أنت لو مكنتش تعاندني وهملتني اروح بيت أبويا مكنش كله ده هيحصل ولا هتتعصب إكده 
رمقها بنظرة مشتعلة واحتقن وجهه بالدماء مرة أخرى قبل أن يردف مغتاظًا:
_أنتي ناوية تچيبي أچلي يعني الليلة دي 
ردت بخفوت ولهجة اعتذار:
_خلاص هسكت أهو ومش هتكلم اهدى ومتتعصبش 
 تجول بنظره في أرجاء الغرفة فرأى حقيبة ملابسها مازالت كما هي لم تفرغها من الملابس، فقال بغضب بسيط:
_مفضتيش الشنطة لغاية دلوك ليه؟
طالعته بطرف عيناها في صمت حتى لا تتحدث وتثير جنونه مجددًا أما هو فقد استطرد بحدة:
_قومي فضيها يلا وحطي هدومك في الدولاب كيف ما كانت
اتسعت عيناها بدهشة وردت مستنكرة:
_دلوك!!! 
جلال بثبات انفعالي مستفز وهدوء تام:
_أيوة دلوك يلا قومي وخليني أشوفك وأنتي بترچعي كل حاچة لمكانها 
جزت على أسنانها مغتاظة ثم ابتسمت بتصنع يخفي النيران المشتعلة داخلها وقالت:
_ماشي ياچلال هفضيها.. عشان بس مش عاوزة ارد عليك ونتخانق من تاني وتتعصب وتتعب
بادلها نفس الابتسامة المتكلفة متمتمًا ببرود مشاعر:
_أيوة إكده چدعة، وكويس طلعتي لساتك بتفكري فيا
ألقت عليه نظرة ملتهبة قبل أن تستقيم واقفة وتتجه نحو الحقيبة لتفتحها وتبدأ بإعادة ملابسها للخزانة مرة أخرى في ضيق ملحوظ، بينما هو فكان يتابعها مبتسمًا في لوعة متنهدًا الصعداء بقلة حيلة، عندما رفعت رأسها ورأت نظراته هكذا قالت بغيظ:
_بتبص إكده ليه! 
رفعت حاجبه بلؤم ثم استقام واقفًا واقترب منها حتى وقف بجوارها وانحنى عليها يهمس في أذنها وبذراعه يحاوطها من خصرها:
_أبص براحتي كيف ما أنا عاوز يافريال 
ثم رجع برأسه للخلف مبتعد عن أذنها ليكمل ببسمة باردة:
_كملي يا أم معاذ.. كملي لساتك مطولة لغاية ما تفضي الشنطة اللي فضيتي فيها الدولاب كله دي
ثم ترك خصرها وابتعد عنها تمامًا وقال بجفاء متصنع وهو يقود خطواته نحو الحمام:
_وغيري القميص اللي لابساه ده مش حلو عليكي
التفتت برأسها جانبًا نحو المرآة تتفحص مظهرها وقميصها الوردي القصير، فلم يكن شكلها سيء بالقدر الذي وصفها به، نظرت إلى باب الحمام حيث اختفي خلفه هو ولوت فمها بقرف محاول التغاضي عن عبارته.
                                       ***
داخل منزل ابراهيم الصاوي.....
كانت إخلاص في طريقها لغرفة الجلوس لتتحدث مع زوجها لكنها سمعت صوت عفاف وهي تتحدث في الهاتف داخل المطبخ، فتحركت ببطء إليها حتى تستمع لحديثها وهي تقول بضحكة شيطانية:
_لا ياما متقلقيش بعدين أنتي فكراني هسيبها تاخد حاچة هي وعيالها، ابراهيم في يدي من زمان ومبيقدرش يرفضلي طلب من كتر حبه ليا واقدر بسهولة اخليه يكتب كل حاچة باسمي أنا وولدي
ضغطت إخلاص على قبضة يدها بقوة محاولة تمالك أعصابها حتى سمعتها تكمل بسخرية:
_إخلاص فاكرة روحها هتقدر عليا ولا هخاف منها ده أنا بصباع واحد مني ابراهيم يطلقها ويرميها في الشارع 
فاض كيلها فاندفعت لداخل المطبخ ثائرة وهي تهتف متوعدة:
_تعالي وأنا اوريك هقدر عليكي ولا لا يا ولية ياناقصة 
لم تمهلها اللحظة حتى لتجيب حيث انقضت عليها فسقطت عفاف فوق الأرض وإخلاص كانت فوقها تجذبها من شعرها وتضربها صائحة:
_ده أنا اللي هخلص عليكي واصل وارميكي برا بيتي يا*** خدتي چوزي مني وضيعتيه بشرك وكمان عاوزة تلهفي حق عيالي 
دخل ابراهيم من باب المنزل وكان في طريقه لغرفة عفاف بالأعلى لكنه توقف عندما سمع صوت صراخها داخل المطبخ فهرول مسرعًا لها، لكن تسمر مكانه عندما رأى إخلاص فوقها وهي تنتف خصلات شعرها دون رحمة فركض نحوها وأبعدها عنها صائحًا بعصبية:
_إيه اللي بتعملوه ده اتچنيتوا ولا إيه 
حاولت إخلاص التملص من قبضته وهي تصرخ به بحرقة:
_ضيعت روحك عشان دي ياريتها تستاهل.. سمعت للعقربة دي لغاية ما خلتك تقتل أاا.....
كتم ابراهيم على فمها بسرعة في عينان متسعة وهتف بنظرة مخيفة ومحذرة:
_اقفلي خشمك ده قبل ما اقطع نفسك واصل أنا مش قولتلك تنسي اللي سمعتيه ومتچبيش سيرته تاني 
كانت عفاف تنقل نظرها بينهم في ذهول وعدم استيعاب ثم سألت ابراهيم بتوتر:
_هي عرفت منين يا ابراهيم؟! 
ابراهيم بعصبية:
_مش وقته ياعفاف.. ده اللي ناقص نتكلم ونحكي في المطبخ إهنه كمان 
ثم تابع بلهجة آمرة لهم:
_يلا كل واحدة تطلع فوق على أوضتها مش عاوز اشوف خلقتكم 
أول من اندفعت للخارج ثائرة كانت إخلاص ثم لحقت بها عفاف فبقى هو بمفرده يمسح على وجهه ويتأفف بغضب...
                                     ***
داخل منزل خلود أو بالمعنى الأدق منزل سمير...
كانت تجلس فوق الفراش في غرفة نومها وهي تبكي بصمت ضامة ركبتيها لصدرها، منذ ليلة زواجهم وهو تركها ورحل وإلا الآن لم يعد، هاهو اليوم الثاني الذي تقضيه في هذا المنزل بمفردها وهو لم يهتم حتى ليسأل عنها ويطمئن عليها، تركها كمن يترك حيوان لا يريده.
عيناها بدأت تنغلق وحدها بسبب شعورها الشديد النعاس، فقد كانت تحرم نفسها النوم متألمة أن يعود ولكنه لم يعد منذ الأمس، فجأة انتفضت عندما سمعت صوت باب المنزل فوثبت واقفة من فراشها وهرولت ركضًا للخارج وهي تبتسم بفرحة أنه عاد أخيرًا، لكن ما رأته جعلها تتجمد مكانها دون حركة فاغرة شفتيها وعيناها، كأن دلو من المياه المثلج سكب فوقها ولوهلة أحست بقلبها سيتوقف من فرط صدمتها بها وهي تراه بداخل المنزل مع فتاة بين ذراعيه ويضحكان وسط كلماته المنحرفة لها وقد لاحظت أنه أيضًا ثملًا، فهتفت بصوت موجوع:
_سمير مين دي؟ 
رفعت الفتاة نظرها لسمير وهي تضحك وتقول بوقاحة:
_دي مراتك اللي قولتلي عليها مش كدا 
رد بقرف وهو يهز رأسه بالإيجاب:
_امممم للأسف
تقدمت تلك الفتاة في مياعة من خلود حتى وقفت أمامها ورفعت كفها تصافحها وهي تقول:
_ازيك أنا مريم وحفاظًا على مشاعرك وكدا اعتبريني صحبة سمير فقط
رمقتها خلود شزرًا ودفعت يدها بعيدًا عنها باشمئزاز ثم اندفعت نحو زوجها تصرخ به في غضب:
_مشي اللي چايبها معاك دي من بيتي ياسمير بالذوق
رفع نظره لمريم وقال مبتسمًا وهو يغمز لها بخبث:
_خشي ياروحي على چوا أنتي عارفة الطريق زين
اتسعت عيني خلود بصدمة وهي ترى الأخرى تتبادل معه النظرات الوقحة قبل أن تتحرك وتتجه لغرفة الجلوس، ثم سمعته بجيبها بضحكة سخرية:
_مفيش حاچة اسمها بيتك.. ده بيتي أنا واحمدي ربك إني سايبك تعيشي فيه من أساسه يعني لو رميتك في الشارع دلوك محدش هيسأل عنك ولا حتى ناسك 
لمعت عيناها بالعبرات في عدم تصديق أن من يقف أمامها هو حبيبها الذي سلمت له نفسها وخسرت كل شيء فقط من أجله، لتهتف بحرقة:
_يعني كلام علي كان صُح وأنتي مبتحبنيش وهما غصبوك عشان تتچوزني
قهقه بصوت عالي ثم رد عليها مستنكرًا سذاجتها:
_أنتي باينلك مبتفهميش واصل.. حب إيه ده أيوة اتچبرت ولولا أن أبوكي وأخوكي هددوني بالقتل مكنتش وافقت
 انهمرت دموعها الغزيرة وهي تجيبه باكية:
_ليه عملتي فيا إكده حرام عليك ده أنا كنت بحبك اكتر من روحي
سمير بكل برود وبهجة وقحة:
_كنت بتسلى معاكي وعشان أنتي غبية چيتي تقوليلي الحقني ياسمير أنا حامل وضيعتي روحك وضيعتيني.. لكن لو كنتي ذكية مكنش ده حالنا دلوك
أطرقت رأسها أيضًا وهي تبكي بقهر وألم على حالها بينما هو فتابع ضاحكًا:
_اللي چوا دي كيفك بتسلى معاها ويومين ولا حاچة وهزهق منها وهي عارفة ده زين لكن أنتي اللي كنتي غبية وللأسف ادبست فيكي
رفعت رأسها ورمقته مندهشة بعدما شبهها بتلك الساقطة التي بالداخل ودون وعي رفعت يدها وصفعته على وجنته في استياء شديد، وليتها لم تفعلها حيث رأت الشر يتطاير من عينيه بعد صفعتها وراح يصرخ بها:
_أنتي بترفعي يدك عليا أنا يا******
وبنفس اللحظة كان يصفعها على وجهها بعنف جعلها تسقط على الأرض ولم يكتفي بهذا بل جذبها من شعرها للداخل وسط صراخها وبكائها وهو يهتف متوعدًا لها دون رحمة:
_أنا هربيكي واعرفك كيف ترفعي يدك تاني عليا يا****
داخل غرفة نومها وانهال عليها بالضرب والعنف المميت وسط غير عائبًا بصراخها وتوسلاتها له أن يتركها، ولم ينقذها من بين براثينه سوى تلك الفتاة التي اقتحمت الغرفة ودخلت ثم أسرعت نحوه وهي تبعده عنها وتمسكه هاتفة:
_سمير بتعمل إيه سيبها خلاص هتموت في إيدك.. تعالي معايا برا يلا عشان خاطري تعالي 
ألقي نظرة نارية على خلود المنكمشة على نفسها في الأرض وتبكي وترتجف بعنف ثم غادر الغرفة مع فتاته وهو مستمر في نعتها بأقذر اللألفاظ....
                                       ***
داخل منزل عمران بالقاهرة ....
سمعت آسيا صوت رنين هاتفها فمدت يدها للمنضدة القريبة من الفراش والتقطته وراحت تقرأ اسم المتصل الذي كان أمها، فبقت تحدق في الشاشة لوقت مترددة حتى حسمت قرارها ورفعت الهاتف لأذنها ترد بجفاء:
_الو 
تهللت أسارير جليلة فور سماعها لصوت ابنتها فراحت تهتف بفرحة وتلهف:
_آسيا كيفك يابتي طمنيني عليكي 
أجابت عليها بجمود تام:
_كويسة الحمدلله
جليلة باهتمام شديد وقلق أمومي:
_منتظمة في علاچك وبتعملي الجلسات ولا لا؟.. وكيف رچلك دلوك اتحسنتي شوية؟
سألت أكثر من سؤال واحدفي نفس الوقت والجملة من فرط قلقها مما جعل آسيا تتأفف مغلوبة لا تدري على أي سؤال منهم تجيب لكنها بالنهاية ردت في تلقائية:
_بقيت احسن الحمدلله دلوك يام......
بترت عبارتها قبل أن تكملها عندما انتبهت أنها ستتفوه بكلمة أمي وعادت بسرعة تعدلها في قسوة وهي ترد:
_اطمني ياحچة چليلة أنا بخير 
رغم الوجع الذي ضرب بقلبها بعدما نادتها بـ " حجة جليلة " لكنه لم يمحي فرحتها بأنها تتحدث معاها لأول مرة منذ شهور وكانت على وشك أن تلفظ بكلمة أمي، وكانت على وشك أن تجيبها محاولة فتح موضوع جديد  لكن سمعت الرد المفحم من آسيا وهي تقول:
_أنا هقفل عشان تعبانة وعاوزة أنام تصبحي على خير 
عبست جليلة وردت على ابنتها بحزن:
_وانتي من أهله يابتي 
أنهت آسيا الاتصال فورًا والقت بالهاتف على الفراش بجانبها ثم انهارت في البكاء وهي تخفي وجهها بين راحتي كفيها، استمر بكائها الشديد لدقائق طويلة حتى توقفت وتمددت على الفراش تضع رأسها على الوسادة مغلقة عيناها تحاول الهرب بالنوم من واقعها لكن روحها المتألمة لم ترتاح واستمرت دموعها في ذرف الدموع الصامتة فوق الوسادة.
انتهى عمران من عمله داخل غرفته الخاص وخرج ثم قاد خطواته نحو غرفة نومه حتى يرتاح بعد إرهاق العمل، وعندما دخل وجدها نائمة في الفراش فتحرك نحو الفراش وتسطح بجوارها مغمضًا عينيه، لكن تسلل لأذنه صوت أنفاسها السريعة وشهقاتها المنخفضة التي أثبتت له أنها تبكي، ففتح عينيه دفعة واحدة واعتدل في نومه ليقترب منها خلف ظهرها ويمد يدها يمسح على شعرها بدفء هاتفًا:
_آسيا بتبكي ليه؟! 
ردت عليه بصوت متحشرج:
_مفيش 
امسك بكتفها وأدارها على ظهرها حتى تكون أمام عينيه وهو ينظر لها ويقول بجدية:
_مفيش كيف يعني أنتي مش شايفة روحك بتبكي كيف!
مالت بوجهها للجانب بعيدًا عنه ودموعها تستمر في السقوط دون توقف، حتى وجدته يمسك بذقنها ويديرها له مجددًا هاتفًا بحزم هذه المرة:
_إيه اللي حُصل.. أكيد مش بسبب المشكلة اللي حصلت الصبح
تمعنت النظر في عيناه بضعف وتذكرت عبارته لها "حتى لو مطلبتيش أنتي محتچاني بس لساتك مش عاوزة تعترفي" فازداد انهمار دموعها أكثر وسط نظراتها المُتيمة له كأنه الطوق الوحيد لديها للنجاة.
أمرها عقلها وسأل قلبها فلبت الطلب دون تفكير ورفعت نفسها قليلًا لتتمكن من معانقته والقاء نفسها بين ذراعيه ملاذها الآمن وهو تهتف ببكاء:
_أنت عندك حق أنا محتچاك ومحتاچة احس بيك دايمًا چاري ومتسبيش يدي عشان كل ما أقع تسندني وأقف على رچلي من تاني كيف ما عملت معايا لما الكل أتخلى عني وأنت الوحيد اللي فضلت چاري وقدرت أقف على رچلي من تاني وأخد حقي بسببك، محتچاك ياعمران ومش هقدر ابعد عنك ولا أعيش من غيرك.. اوعى تهملني وتسيب يدي 
بنهاية حديثها كانت البسمة العاشقة تأخذ مجراها فوق ثغره، وذراعيه التفوا حولها بتملك ليضمها لصدره أكثر ثم ينحني على شعرها يقلبها عدة قبلات متتالية هامسًا:
_متخافيش ياغزالي أنا چارك ومش هسيبك أبدًا
تشبثت به أكثر وهي تستند برأسها فوق صدره الدافيء مغلقة عيناها وتهمس بصوت مبحوح:
_من حسن حظي أنك موچود معايا وربنا عوضني بيك
اتسعت ابتسامته أكثر في غرام وأخذ يوزع قبلاته فوق شعرها وجبهتها مرة أخرى، حتى خرج صوته ماكرًا بعدما قرر أن يمنح بعض المتعة والمرح لحديثهم حتى يساعدها على الخروج من حزنها:
_أنتي قولتي كل حاچة بس لساتك مقولتيش أهم حاچة 
 ابتعدت عنه ونظرت إليه بوجه غارق في الدموع تسأل:
_إيه هي؟!
رفع أنامله وجفف دموعها وهو يبتسم بحب ثم انحنى على أذنها وهمس بلؤم:
_بحبك ياعمران
اتسعت عيناها بدهشة ورمقته بخجل شديد وتوتر ملحوظ، لكنها حاولت التصرف بالبرود حيث ضحكت بصمت وهي تهز رأسها مغلوبة وترد عليه:
_أنت لازم تستغل كل لحظة إكده لمصلحتك أصلًا.. بعدين ليه متقولش أنك أنت اللي ناسي تقول الجملة دي مش أنا 
رفع حاجبه وهو يضحك على ردها الذكي ثم هتف غامزة بثقة:
_مسيرك هتقوليها وهسمعها ياغزال.. مش هتقدري تهربي مني كتير
ضحكت ورفعت أناملها تمسح عيناها من آثار الدموع جيدًا وهي ترد عليه ساخرة:
_هنشوف يامعلم مين اللي هيقع الأول
تمدد على ظهره فوق الفراش ونام ثم فرد ذراعه له يدعوها للانضمام له والنوم بين ذراعيه هذه الليلة فرمقته مبتسمة بذكاء وقالت مازحة:
_لا بلاش احسن جاذبيتي تأثر عليك وتخليك تعترف 
ارتفعت ضحكته الرجولية على عبارتها وبحركة احترافية منه كان يجذبها ويسقطها بين ذراعيه وهو يقول بثقة:
_لازم تچربي الأول عشان تعرفي 
هزت رأسها في عدم حيلة وهي تضحك ثم أغلقت عيناها بين ذراعيه تنوي النوم وهي تشعر بملمس شفتيه فوق جبهتها يقبلها بحنو....... 
                                    ***
بصباح اليوم التالي داخل الجامعة......
توقفت حور عندما رأت بلال وهو يتجه نحوها، وبسرعة استدارت واتجهت مبتعدة تحاول الهرب منه حتى لا تتحدث معه لكنه أسرع خلفه شبه ركضًا حتى وصل واعترى طريقها ووقف أمامها يقول مبتسمًا بغيظ:
_بتهربي مني!
هزت رأسها بالنفي في برود وقالت:
_لا اهرب منك ليه!! 
تأفف بلال بخنق وهتف برجاء:
_طيب طالما مش بتهربي ممكن نقعد ونتكلم يا أنسة حور؟ 
طالت نظراتها له وهي تفكر مليًا ثم تنهدت بنفاذ صبر في الأخير واماءت له بالموافقة، سارت معه إلى مقهى الجامعة ليجلسوا على طاولة صغيرة مقابلة بعضهم وتسمعه يسألها بضيق حقيقي:
_هاا أنا سامعك إيه اللي معصبك مني للدرچة دي 
مالت بوجهها في عفوية وهي تتنفس الصعداء بدلال لكن اشتعلت نظراتها والتهب صدرها بنيران الغيرة مجددًا عندما رأت نفس الفتاة تجلس على مقربة منهم وتنظر لهم أو بالمعنى الأدق له، فرمقتها شزرًا ترسل لها تحذيرات بنظراتها ثم عادت بوجهها لبلال وهي عبارة عن جمرة من النيران المشتعلة مما جعله يضيق عيناها نستغربًا ذلك التحول المفاجيء ويسألها:
_مالك وشك قلب إكده ليه؟!
حور في سخط حقيقي:
_أنت بتحقق معايا وبتعاتبني ليه على طريقة تعاملي معاك
رفع حاجبه مستنكرًا ما تقوله ورد عليها في استفهام وانزعاج:
_قصدك إيه؟
حور بعصبية وجفاء:
_يعني أنت ملكش حق يابلال
انفعل وهتف في حدة وغضب:
_لا ليا أنتي عارفة أني متقدملك وأهلك موافقين يعني قريب هتبقي خطيبتي
استقامت واقفة وقالت في ثقة وغطرسة مميزة تليق بها:
_أنت لسا متقدمتش ولسا متخطبناش وثانيا وده الأهم اهلي موافقين بس أنا لسا مقولتش هل أنا موافقة ولا لا
هب هو الآخر واقفًا وسألها مغتاظًا:
_يعني أنتي مش موافقة؟ 
ابتسمت بخبث وقالت في تدلل:
_لما تيجي تتقدم وقتها هتعرف ردي.. ولغاية الوقت ده خليك بعيد عن أي حد أنا مش حابة اشوفك قريب منه عشان ممكن اغير رأي في لحظة يا بلال 
وانهت عبارتها وهي تلتفت برأسها للخلف وتنظر لتلك الفتاة وعندما تأكدت أنه فهم إلى من تنظر تركته وابتعدت.. فظل مكانه متجمدًا لا يستوعب ما حدث للتو ويتمتم وهو يضحك مندهشًا:
_دي بتهددني!!! 
انحنى على الطاولة والتقط هاتفه ليضعه في جيب بنطاله مكملًا وهو يضحك بصمت:
_معلش يا بلال اعذرها البنت غيرانة.. ماشي يا حور هانم لما نشوف اخرتها معاكي، أنا على آخر الزمن اتهدد وللأسف مضطر انفذ أوامر ست الحسن احسن ترفضني

                                       ***
فتحت فريال عيناها وهي تشعر بشيء ضخم يقيدها، عندما نزلت بنظرها فرأت ذراع جلال والتفتت خلفها إليه فاغرة شفتيها فوجدته يعانقها من الخلف ونائم، حاولت ابعاده عنها وهي تهزه في كتفه وتهتف بغضب:
_چلال بعد عني! 
فتح عينيه منزعجًا على أثر صوتها المرتفع وضربها له في كتفه وهو يقول بخنق:
_في إيه.. هي الناس بنصحيها بالطريقة دي!!!
ابعدته عنها وهي تقول ساخرة بغيظ:
_بعد اللي أنت عامله ده هصحيك ازاي يعني 
أدرك وضعهم كيف كان وهو يحتضنها فرفع يده يفرك عيناه ويمسح على شعره هاتفًا ببرود:
_أكيد أنا ونايم حضنتك.. متقلقيش يعني لو كنت واعي مكنتش هعملها
اتسعت عيناها وبلحظة التهب صدرها واشتعلت نيرانها فصاحت به غاضبة:
_ومتعملهاش ليه عاد.. ولا أنت بس بتتچوز عليا وتقضي الليالي في حضن العقربة دي لكن فريال لا 
حدقها مزمجرًا وصاح بها منفعلًا في عصبية:
_چرا إيه هو الخناق طب معاكي على الصبح.. ما تخلينا نصطبح كيف الناس الطبيعية
فريال ساخرة :
_كيف ماقولت الناس الطبيعية.. أنت شايفنا طبيعين!! 
هتف بلهجة استهزاء تحمل سخطه الحقيقي:
_لا عندك حق احنا مش طبيعين.. احنا ملبوسين، شوفي ليكون لسا في عمل تحت السرير تاني ولا حاچة اصل اللي أنتي بتعمليه ده شغل شياطين 

........ نهاية الفصل .........

  •تابع الفصل التالي "رواية ميثاق الحرب و الغفران" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent