Ads by Google X

رواية للقلب أخطاء لا تغتفر الفصل الثالث 3 - بقلم اية العربي

الصفحة الرئيسية

  

رواية للقلب أخطاء لا تغتفر الفصل الثالث 3 - بقلم اية العربي



كنّا نلتقى ،، وآرى حبكِ في العيون مرة بعد مرة يرتقى
كنّا نبتسم ،،، وتدغدغ ضحكتك مشاعرى وحيرتي تنقسم
كنّا نفترق ،،، وأحن للعودة إليكِ وأشتاق واحترق
كُنت أنا السئ والجبان وكنتِ وستظلي ملاكي ريتان
بقلم آية العربي
❈-❈-❈
ولجت ريتان مع كارى خارج حدود الجامعة ،،، قلبها يقفز قفزاً من شدة سعادتها … ملامحها تبدلت من الحزن إلى السعادة … أنفاسها تخرج على شكل أوتاراً موسيقية ..
نظرت لكارى وأردفت بعــ.يون لامعة وحالمية:
– انا حــ.اسة أنى بحلم يا كارى … شفته واتكلمت معاه وجابلي حقى من أخوه … كل ده في يوم واحد ؟ … انتِ متخيلة ؟ … يؤمر أخوه يعتذرلي ؟ … قولتلك حمزة ده مش غيرهم تماماً .
طالعتها كارى وزفرت بحزن لم ترد إحباطها ولكن عليها أن تحاول سحبها لأرض الواقع قبل أن تحلق في فضاءٍ ملئ بالنيازك المدمرة .
أردفت بتروى:
– يا ريتان … يمكن دى طريقة تعامله مع الكل … مش انتِ بتقولي إنه مختلف عن باباه وفريد … حاولى متتعشميش أوى بأي حاجة منه علشان متتوجعيش … ومتنسيش إن يمكن بيتعامل كدة لأنه بيقدر والدك يا ريتان .
نظرت لكارى بتمعن وشردت وهى تسير بجوارها … معها حق … عليها أن تتريث وتتمهل قليلاً … فأين هو وأين هي ؟ … ولكن نظــ.رته ! … إعطاؤها لرقمه الخــ.اص ؟ … نبرته الحنونة معها ! … هل تبالغ في كل هذا ؟
زفرت بقوة وأردفت بنبرة تبدلت للحزن قائلة:
– يمكن كلامك صح … بس غصب عنى يا كارى … أعمل إيه في قلبي بس … حبيته وانا شبه متأكدة إنه مش ليا … وبرغم كدة حبيته … أنا غبية صح ؟
نظرت لها كارى برأفة وأردفت بود:
– لاء مش غبية يا ريتان … محدش ليه على قلبه سلطان … بس حكمى عقلك شوية … وصدقيني إنتِ قيمتك غالية أوى … يعنى لو هو بيحبك واللى إنتِ شوفتيه منه النهاردة ده حب يبقى هو اللى لازم يعافر ويتحدى الصعب ويوصلك .
اقتنعت ريتان بحديث صديقتها وأومأت بتفهم والقليل من الراحة تردف:
– إنتِ صح يا كارى … لازم أعرف قيمة نفسي كويس أوى علشان اللى قدامى يعرفها .
ابتسمت كارى وزفرت بإرتياح وأكملتا طريقهما سوياً تدردشان في أمورٍ عدة .
❈-❈-❈
عودة للجامعة
تجلس ميادة تطالعه بغضب وتردف معنفة:
– يعنى إيه الموضوع أتحل يا فريد ؟ … مش إنت قولت لازم تترفد ؟.. دى ضربتك بالقلم قدام الجامعة كلها .
نكس رأسه قليلاً ثم أردف بتردد:
-أيوة يا ميادة بس متنسيش بردو إنى وقعتها قدامهم كلهم … يعنى مكنش يصح بردو ؟
طالعته بقوة وغضب وأردفت تلوح يميناً ويساراً:
– لاااا دانت اتبدلت واحد تانى … فيه إيه يا فريد … ولا هو حمزة ماسك عليك حاجة وأنا معرفش ؟
رفع نظره يطالعها بضيق مردفاً بحدة ومكر:
– قصدك إيه بكلامك ده يا ميادة ؟ … كل مافي الأمر أن حمزة قالي اتهاون شوية وأعدى الموضوع علشان الإمتحانات قربت وإنها يعنى هتحن علينا في الأجوبة وكدة .
ضحكت ساخرة تميل عليه وتردف بتهكم:
– وأنت صدقت يا بيبي !… ريتان هتحن علينا ؟ … دى حتى صحبتها مبتعبرهاش في الإمتحانات .
غمزها بطرف عــ.ينه يحاول إقناعها مردفاً :
– لاء مهو حمزة له تأثيره بردو … متقلقيش صدقيني هنخرج من الحكاية دي بمصلحة حلوة .
وقفت منتفضة تردف بحدة:
– لاء يا حبيبي … أنا مش هتعامل مع البنت دى أبداً … والمرة دي هعديها لأنى اخدت حقي منها بوقعتها قدام الجامعة كلها زي ما عملت معايا إنما القلم اللى ضــ.ربتهولك ده أنا ملياش دعوة بيه … إنت اتنازلت إنت حر … أنا ماشية .
خطت تسير فوقف يتبعها مردفاً بتروى:
– ميادة استنى بس يا حبيبتى هقولك .
لحقها يمــ.سك يــ.دها فالتفتت تطالعه بحدة وتردف بتعــ.صب:
-أوعى يا فريد أنا مش طيقاك .
تحدث بهدوء ليــ.متص غضــ.بها:
– يا حبيبتى إهدى واسمعيني … تعالى بس نركب وهاخدك أجبلك هدية حلوة أصالحك بيها … قولتى إيه ؟
زفرت بقوة ثم طالعته بعيون زائغة فتابع بترقب وهو على يقين أنها أقتنعت:
– يالا بقى يا مودا … سيبك منها دى مهما طلعت ولا نزلت هتفضل بنت السواق يعنى متحطيش راسك براسها .
قلبت عيناها وأردفت بنبرة مدللة _
أوكى يا فريد … هاجى معاك بس بردو لسة مخصماك .
إبستم وأردف بحب:
– أنا هصالحك يا مودا يالا بينا .
إستقلا أثنانهما سيارة فريد وانطلق هو حيث محل مجوهرات عائلته ليبتاع لها هدية فاخرة كعادته إن حزنت او ادعت الحزن .
❈-❈-❈
مساءاً في منزل كارى
تجلس تُدرس في غرفتها بتمعن .
طرقات على بابها أنبهتها فسمحت للطارق بالدخول .
فتحت والدتها مقبض الباب وتطلعت عليها تردف بحنو:
– كارى يا حبيبتى … تعالى بابا عايزك .
ترقبت وتسائلت بإحترام:
– خير يا ماما حصل حاجة؟
أردفت والدتها بهدوء:
– تعالى بس يا حبيبتى وأنتِ هتعرفي .
أغلقت كتبها ووقفت تخطى خلف والدتها حيث صالة المنزل .
وجدت والدها وشقيقها يجلسان يتناقشان في أمرٍ ما .
ألقت السلام وجلست بينهما بترقب فطالعها والدها بحنو مردفاً:
– دلوقتى يا بنتى محمد أبن عمتك طالب أيــ.دك منى … بالنسبالي هو شاب كويس وتحت عيــ.ني في المدرسة ومدرس ممتاز بعيداً بقى عن إنه إبن أختى … بس أكيد رأيك هو الأساس … فشوفي يا بنتى وفكرى كويس وأنا معاكى .
لا تعلم لما إنقبض قلبها ونظرت لهما بتوتر ثم أردفت:
– أيوة يا بابا بس حضرتك عارف إنى داخلة على أمتحانات وكدة !
أردف شقيقها حسن بهدوء:
– هو فعلاً بابا مكانش هيكلمك دلوقتى يا كارى بس أنا قولتله يعرض عليكي الموضوع تفكرى لأن محمد لو إنتِ قبلتى هيعمل خطوبة بعد الإمتحانات علطول قبل ما يسافر … لأن جاله إعارة في السعودية وهيسافر قريب … علشان كدة فكرى وبلغي بابا هتعملي إيه ؟
أومأت تردف بهدوء _
حاضر يا بابا … مع إن الموضوع بالنسبالي محسوم … أنا بعتبر أولاد عماتى وأعمامى زى إخواتى وبعدين حضرتك عارف إن جواز القرايب أوقات بيعمل مشاكل بين العيلة … ومحمد شاب محترم وكويس جداً بس بالنسبالي هو زيه زي حسن .
أومأ والدها وأردف بترقب:
– يعنى مش موافقة ؟
نظرت لوالدها بصمت فعلم أنها رافضة لذلك أومأ وتابع:
– تمام يا كاريمان … بس بردو فكرى يا بنتى … وأنا مش هرد عليه غير بعد يومين تكونى أخدتى قرارك الأخير .
اومأت ووقفت تردف برتابة _
تمام يا بابا عن أذنكوا … هدخل أكمل مذاكرة
❈-❈-❈
بعد مرور يومان
تعجب فيهما حمزة من أمره ومن عقله الذى إحتله التفكير بها … لقد رآى في عيــ.ناها نظرة الحب له …
يعلم جميع النظرات من حوله سواء كانت طمع أو إعجاب ولكنه يتجاهل جميعها إلا نظرتها التى إحتلت عقله ليومان … لمعة عيــ.ناها تكشف أمرها .
يقنع نفسه أنه لا يكن لها أي مشاعر فهو مؤمن بالتكافؤ الإجتماعى الذى زرعه بداخله والده.
ولكنه أحب نظرتها الصادقة له … حوله من النفاق ما يجعله يسعد لإستقبال هذه المشاعر الصادقة منها بترحاب …
أحب الحالة الخاصة التى أنبعثت منها تجاهه .
حسناً ليس في استطاعته أن يعيطها حباً أو يبادلها ما تريده ولكن لن يمانع من إستقبال ما تظهره عيناها .
يجلس خلف مكتبه يلف الهاتف بين يــ.ده بترقب … يحاول إيجاد حُجة مناسبة ليهاتفها ولكن الأمر مجهد بالنسبة له وغير منطقي … لما سيهاتفها وبأي هدف ؟… لذلك إستسلم وترك لها أخد تلك الخطوة .
رن هاتف مكتبه ليخرجه من شروده فرفعه وأجاب _
أيوة يا بابا اتفضل ؟
أردف سالم بجمود كعادته _
حمزة تعالى لي على المكتب فيه شوية عقود لازم نتناقش فيها أنا وانت
أغلق مع والده ووقف يتجه إلى مكتبه بترقب ليرى ماذا هناك وليشغل عقله عنها قليلاً … فقصتهما أشبه بالمستحيل .
❈-❈-❈
في منزل حمدى الفولى
تجلس ريتان في غرفتها تتمعن في كتبها حيث أن الإمتحانات على الأبواب وهى كالعادة لابد أن تحصل على إمتياز .
دلفت عليها بسمة تطالعها بســ.خرية كعادتها مردفة _:
-أنا مش فاهمة آخرة كل ده إيه ؟ … يابنتى هى شهادة وخلاص مفكرة نفسك هتتعينى وزيرة ؟
تنهدت ريتان ونظرت لشقيقتها التى تصغرها بأربعة أعوام قائلة بهدوء:
-بسمة أنا فعلاً عايزة أركز تماماً ومش مستعدة أبداً لأي جدال معاكى … لو سمحتِ روحى على أوضتك وسبيني أذاكر .
قلّبت عيناها بضجر وربعت ذر اعيها تردف بفظاظة وعناد:
-أنا أقف في المكان اللى يعجبنى … مش انتِ اللى هتقوليلي أعمل إيه ومعملش إيه .
تأفأفت ريتان وأردفت بهدوء نسبي:
-روحى يا بسمة ذاكرى … كفاية إستهتار لحد كدة … إنتِ في ثانوية عامة يعنى بجد لازم تكونى واكلة الكتب أكل دلوقتى .
ضحكت بسمة ساخرة وأردفت بلا مبالاه:
-ليه يعنى أحــ.رق د مى وأعــ.صابي وفي الاخر اللى ليهم واســ.طة هما اللى ينجحوا ويعلوا وأنا لاء … علشان إحنا بنات الطبقة الفقيرة محدش هيعملنا قيمة .
وقفت ريتان بعد أن إستفزها حديث شقيقتها وإتجهت تقف امامها مردفة بضيق:
-متقوليش كدة يا بسمة … لكل مجتهدٍ نصيب … إحنا بنعمل اللى علينا وخلى عندك ثقة في ربنا … طب ما أنا أهو قدامك الحمد لله دايماً بجيب إمتياز والكل عارف إنى متفوقة في دراستى ومحدش يقدر ينكر مجهودى .
نظرت لها بسمة وأردفت ساخرة وهى تشير على عقلها:
-ريتان إنتِ مصدقة نفسك ؟ … فوقى بقى من الوهم ده … متفوقة جداً بس أول ما تتخرجى هتقعدى في البيت وشهادتك هتترمي في الدرج … إنما أولاد الأغنيا هما اللى هيتعينوا في أحسن الاماكن كمان … هو ده النظام اللى ماشي في الدنيا كلها .
طالعتها ريتان بضيق … هى ليست بحاجة إلى جرعة الإحباط هذه الأن … لا لن تستمع اليها … زفرت وأردفت وهى تدفعها للخارج:
-لاء إنتِ فعلاً تخرجى وتسبيني … كلامك بجد يخــ.نق .
أخرجتها وأغلقت الباب واتجهت تكمل مذاكرتها بعد أن عكر حديث بسمة صفوها .
بينما إتجهت بسمة لوالدتها جميلة كالعادة لتشكو إليها أفعال إبنتها معها مدعية الإستعطاف الذى تستقبله جميلة بمواساة لهذه المدللة .
أما ريتان فقد أغلقت كتابها وجلست لتهدئ أفكارها بعد أن أغضبها هذا الحديث الهادم لأحلامها
ها هو يعود حمزة ويــ.حتل عقلها بملامحه ولطفه معها … تنهدت بعمق ثم أردفت هامــ.سة تحدث نفسها :
-هو فعلاً كلام بسمة صحيح وانا عايشة في زمن الاحلام ؟ … ولا فعلاً انا صح وممكن اللى بتمناه يتحقق ؟… ممكن تكون بتحبنى فعلاً يا حمزة وتتحدى الكل علشانى ؟
زفرت بقوة واتجهت تلتقط هاتفها وتظهر صورته التى إحتفظت بها من على صفحته الشخصية عبر حساب الفيسبوك الخاص به .
تطالعها بعيون لامعة وتنهيدة معذبة وهي تتمنى أن تتحقق أقوى أماني قلبها البرئ الذى لم تدنسه الأيام بعد …
أغلقت الهاتف واتجهت لتتوضأ وتؤدى فرضها لتدعى ساجدة دعوتها الدائمة بأن يجعله الله من نصيبها ..
❈-❈-❈
بعد مرور يومان في منزل سناء ليلاً
حيث تجلس في غرفتها بعد أن ناما صغاريها تفكر في الماضي والحاضر .
كيف تجد مخرجاً من هذا الحصار الجبرى الذي يضغط على روحها … كيف تستطيع الخلاص هى وصغيريها من هذا العقد الذى أجهدها واستنذف طاقتها وقدرتها على التحمل ؟
لن تسامح والدها أبداً على تلك الز يجة لذلك فإن اللجوء إليه مستحيل … بالأساس لن يدعمها وسيخذلها كعادته ولكن كيف الخلاص ؟
رفعت رأسها الى الأعلى تطلب بصدرٍ منقبض ورجاء خفي داعية _
يااارب ياااارب قوينى يارب … تعبت ومبقتش قادرة أتحمل … إنتِ عالم بحالى ياااارب .
تنهدت وكادت أن تتمدد لتغفو ولكن رن هاتفها فتعجبت من المتصل وتناولته تنظر لشاشته التى اضاءت برقمٍ غير مسجل .
تعالت وتيرة أنفــ.اسها لا تعلم لما وقررت أن لا تجيب ولكن لا تعلم متى سبقها إصبعها وفتحت الخط تستمع بترقب فأردف أحدهم _
الو ؟ .. مدام منصور السوهاجى معايا ؟
أردفت بصوت خافت وتوتر _
مين معايا؟
أردف الآخر بأسف:
-انا اسف بس جوز حضرتك عمل حــ.ادثة بالعربية وهو حالياً في مستشفي **** .
استقبلت الخبر بصدمة وتجمد جــ.سدها حتى أن الهاتف ظل معلقاً على أذنها ولكن لا إرادياً لم تستطع إيجاد الحزن داخلها … تبحث عنه كمن تبحث عن إبرة في كومة قش دون جدوى .
بعد أن إستوعبت الأمر نظرت للهاتف وجدته مغلقاً يبدو أن الطرف الآخر أدرك صدمتها وأغلق .
وقفت بخطى متخبطة تتجه لخزانتها وتسحب منها إحدى الغيارات وأبدلتها بتوتر ونزلت للأسفل تنادى على المساعدة التى إستيقظت من نومها بتعجب متسائلة _
خير يا ست سناء فيه حاجة ؟
أردفت سناء بتيه _
خدى بالك من الأولاد … انا لازم أخرج حالاً .
أوقفتها المساعدة متسائلة بقلق _
هتخرجى فين دلوقتى بس يا ست سناء ؟ … هو حصل حاجة ؟
أردفت بتشتت وتيه:
-منصور … منصور عمل حادثة وكلمونى من المستشفي … انا لازم أروح … كلمى حمزة يجيلي ضرورى .
أخبرتها بعنوان المشفي وغادرت في سيارتها التى لم تقودها منذ زمن بل يقودها السائق ولكن الأمر الآن لا يحتمل الإنتظار … تقود بيدٍ مرتعشة إلى العنوان المنشود … الصمت يعم المكان ولكن الضوضاء داخلها مزعجة … تداهمها الأفكار بشدة .
هاتفت المساعدة حمزة الذى إستيقظ مفزوعاً يجيب بترقب _
ألو ؟
أردفت السيدة _
أيوة يا حمزة بيه … سناء هانم قالتلي أكلم حضرتك تلحقها على مستشفى *** لأن منصور بيه عمل حــ.ادثة وأخدوه على هناك .
وقف حمزة مسرعاً وأغلق الهاتف وأبدل ملابــ.سه ونزل على الفور يستقل سيارته ويلحق بشقيقته الكبرى حيث المشفي دون إيقاظ أحد .
❈-❈-❈
وصلت سناء أمام المشفى .
صفت السيارة بإهمال وترجلت تخطى للداخل .
سألت عنه واستدلت على غرف العمليات فأسرعت تسير في الردهة الطويلة التى لم تنتهى لتكف من توترها وتسارع نبضاتها .
وقفت أمام الباب الفاصل عندما لاحظت خروج إحدى الممرضات فأوقفتها تردف بجــ.سد مرتعش متسائلة:
– لو سمحتِ أنا زوجة منصور السوهاجى … هو فين دلوقتى ؟
طالعتها الممرضة بتعجب وشفقة وأردفت بترقب:
– اتفضلي أعقدى هنا والدكتور هيخرج يطمنك … هو جوة في العمليات .
غادرت الممرضة وتركتها تطالع أثرها بصدمة … ما زال عقلها لا يستوعب فكرة إصابته وربما موته … لقد رأت منه ما جعلها تظنه خالداً مخلداً في هذه الدنيا بسبب قسوته وظلمه معها ومع أطفاله .
نظرت للمقاعد المعدنية وخطت تجلس عليها لتضم قبضة يدها اليمنى وتضعها على فمها بتوتر منتظرة خروج أحدهم .
❈-❈-❈
بعد عدة ساعات
تجلس سناء مجاورة لحمزة الذى أتى إليها يحــ.تويها بحنو .
تستــ.كين بين ذرا عيه بهدوء بعدما شعرت بالآمان قليلاً في وجوده … ولكن يبقى عقلها يفكر بخوف في ماذا يخبئ لها القدر .
طالعها بعمق ثم اردف مطمئناً:
-خير إن شاء الله يا سناء متقلقيش .
نظرت له بهدوء ظاهرى عكس بعثرتها الداخلية … أين القلق وأين الحزن … أين ذهبت تلك المشاعر ؟ … داخلها مشتت … ستجن حتماً … المفترض انه ز وچها وأب توأمها إذاً ما هذا البرود ؟… فلتحزن قليلاً يا قلبي ولتنسى قســ.وته الآن .
خرج الطبيب من غرفة العمليات بملامح حزينة فوقف حمزة ووقفت سناء تستند عليه ثم تساءل حمزة بترقب قائلاً:
-خير يا دكتور منصور عامل ايه ؟
تنهد الطبيب وأردف بحزن ظاهر:
-البقاء لله .
صُعق حمزة ووضع باطن كفهِ على فمه بينما هى حضرت دموعها وتكونت في مقلتيها … يبدو أنها أتت الآن لتساعدها … سقطت العبرات من عيــ.نيها وبدأت تتوالى وتنظر لحمزة لتسأله وتتأكد مردفة بصدمة وعدم إستيعاب:
– مات ؟… مات يا حمزة ؟… منصور مااات ؟
احتــ.ضنها شقيقها بقوة ظناً منه أنها ستقع ولكنها تتأكد من أن عذابها أنتهى حقاً … أحقاً إستجاب الله لها اليوم وخلصها من ظلم هذا الرجل … ولكن دعاء اليوم كان ككل ليلة … يا إلهى ماذا إن كانت تتوهم وهو لم يمت ؟ … وماذا عن توأمها ؟… ماذا ستقول لهما ؟
أردف الطبيب حينما رآى حالتها:
– إحنا عملنا اللى علينا وحاولنا نسعفه بس الحــ.ادثة كانت قوية على الدماغ … أنا آسف البقاء لله .
تركهما وغادر ووقف حمزة يحتــ.ويها بصدمة بينما هى تنتحب شاعرة بحالة عجيبة حقاً … لا تعلم أتسعد بخلاصها أم تحزن على يُتم توأمها .
❈-❈-❈
في اليوم التالى
في العاصمة الفرنسية باريس
يجلس ناصف مع مها في إحدى المطاعم يتناولان وجبتهما سوياً فهما صديقان مقربان حيث تعرفا على بعضهما في تلك البلد .
إبتسمت مها وأردفت بترقب:
-من أول بكرة هتاكل لوحدك يا ناصف … أنا هنزل مصر خلاص .
تأفأف ناصف وأردف بضجر:
-مش عارف إنتِ متحمسة للنزول ليه ؟ … فيها إيه يعنى حلو هناك عايزة تنزلى علشانه ؟
زفرت قائلة _
ولا أي حاجة … ده بابا وماما هما اللى مصممين إنى أنزل بما إنى خلصت دراستى … إنما أنا فعلاً عايزة أعيش هنا علطول وأحقق أحلامى كلها هنا .
أومأ مؤيداً يردف _
ومين يكره العيشة هنا … حرية بدون تعقيد ولا قيود … بس أوكى انزلى وحاولى تقنعيهم وإرجعى تاني .
شردت تفكر في حديث والدها قائلة:
– بابي وعدنى إنه هيكتبلي جزء كبير من الأسهم بأسمى وأنا اللى هديرها بنفسي … وقال إنى أقدر أحقق أحلامى زي ما أنا عايزة … كمان في مشروع عريس لقطة … وإنت عارفنى بحب الراجل المصرى ..
ضحك ناصف وأردف بتعجب:
– ههههههه … غريبة … مش كتير بيفكروا زيك كدة … ما أنا مصرى وقدامك أهو لسة عاذب لحد دلوقتى
إبتسمت بخبث وأردفت:
– إنت مصرى بس أطباعك إتحولت … بقت أوربية يا ناصف … أنما الراجل المصرى عامةً تحدى بالنسبالي … صعب تعرف هو عاوز إيه وبيفكر إزاي … وأنا بحب التحديات جداً … يعنى تقدر تقول إن الوضع بالنسبالى زى صفقة ولازم أخدها … علشان كدة هستقر هناك الفترة دي وأحقق أحلامى ويمكن مع الوقت أرجع أنا وهو فرنسا ،،، ياعالم …
فكر قليلاً ثم طالعها يردف متسائلاً :
– ولو مقدرتيش تكسبي الصفقة دى ؟ … هترجعى على هنا لوحدك تانى ؟
ضحكت بغرور وأردفت بتأكيد:
– نسيت إنى مها أبو الدهب يا ناصف ولا ايه ؟ … إحتمال إنى أخسر مش موجود أصلاً .
أومأ بصمت وبدأ يتناول وجبته وهى كذلك ولكن رن هاتفه فتحمحم وترك طعامه وتناول هاتفه ليجيب فوجده رقم مصري فتعجب ونظر لمها قائلاً _
اتصال من مصر !.
فتح الخط وأردف بترقب وهى تطالعه _
ألو ؟
أردف الطرف الآخر _
أستاذ ناصف أنا الأستاذ منعم محامى الأستاذ منصور أخو حضرتك .
تعجب ناصف من هذا الإتصال وأردف وهو ينظر لمها التى تميل برأسها:
– خير يا أستاذ منعم ؟
أردف الآخر بتوتر:
– البقاء لله الأستاذ منصور إتوفى … ياريت حضرتك تنزل مصر في أقرب وقت .
صُدم ناصف وأنزل الهاتف ببطء وهو يطالع مها التى تعجبت وتسائلت بقلق _
خير يا ناصف في إيه ؟
صمت لثوانى ثم أردف بنبرة متحشرجة حزينة _
أخويا منصور مات .
شهقت وطالعته بصدمة لثوانى
ثم مدت يــ.دها ووضعتها على كفه تردف بمواساه _
البقاء لله يا ناصف … هتعمل ايه ؟
تنهد بعمق وشرد لثوانى ثم قال وهو يطالعها _
هنزل مصر معاكى .
❈-❈-❈
في منزل حمدى
تقف جميلة بملابس رسمية سوداء تردف لزوجها _
يعنى هنروح بيت سناء هانم يا حمدى ولا العزا عند سالم بيه ؟
أردف حمدى بهدوء _
لاء يا جميلة العزا في بيت سناء هانم … هى مقبلتش تروح عند سالم بيه .
تنهدت جميلة بحزن وتساءلت:
-هي لسة زعلانة معاه يا حمدى ؟
أومأ يردف بحزن:
– لسة يا جميلة … مع إنه أبوها مهما كان وكان وقتها رايد مصلحتها … وبعدين هى إتجــ.وزت وخلفت واللى عرفته إن جــ.وزها ده كان بيحبها .
أردفت جميلة بشفقة:
– يا عالم يا حمدى جواها إيه بس سناء هانم طيبة وبنت حلال ومتواضعة … أكيد زعلها ده مش من فراغ …
أومأ يردف بتعجل:
– يالا بس يا جميلة علشان منتأخرش على العزا .
أومأت جميلة وأردفت بصوت عالي _
ريتااان … يالا يا بنتى هنتأخر .
خرجت ريتان من غرفتها ترتدى ملابس سوداء أيضاً وحجاب أسود واتجهت إليهما تردف بهدوء _
أنا خلصت يا ماما … يالا نمشي .
أومأت لها وخطوا ثلاثتهم للخارج .
❈-❈-❈
في مطار القاهرة ولجا ناصف ومها للخارج يسحبان حقائبهما…
التفتت تنظر إليه مردفة بترقب:
– بابي باعتلى العربية … إنت هتروح على الفندق ؟
تنهد يومئ مردفاً وهو يدخن سيجارته _
أيوة هروح أسيب شنطتى في الفندق وبعدين هطلع على فيلا منصور .
أومأت له وودعته وإتجهت تستقل السيارة التى أرسلها لها والدها وغادر السائق بينما إستقل ناصف سيارة أجرة وغادر إلى الفندق .
❈-❈-❈
بعد ساعة في فيلا منصور
تجمع الرجال في حديقة الفيلا لواجب العزاء بينما النساء تجلسن في الداخل تواسين سناء .
جاء حمدى وزوجته وإبنته ريتان ودخلوا من بوابة الفيلا فرآهم حمزة الذى وقف وأخذته قــ.دماه إليهم بعد أن رآها .
توقف أمامهم فمد حمدى يــ.ده إليه يردف بود وإحترام _
البقاء لله يا حمزة بيه ..
أومأ حمزة قائلاً برتابة وهو يبادله السلام _
البقاء والدوام لله يا عم حمدى .
إلتفت إلى جميلة وأردف بود _
ازيك يا خالة جميلة ؟ … اتفضلوا جوة .
أومأت له تردف بحنو:
– الله يسلمك يا إبنى تسلم والبقاء لله
أومأ لها بهدوء بينما هي سحبت ريتان التى تطالعه بعيون لامعة وصمت وبادلها هو بنظرة متفحصة قبل أن تختفي مع والدتها داخل المنزل بينما إتجه حمدى معه لمعــ.شر الرجال .
دلفتا الفيلاً واتجهت على الفور جميلة إلى سناء الجالسة في منتصف البهو وسلمت عليها وقامت بتعزيتها
اتجهت ريتان ايضاً لتسلم ولكن بادرت سناء بعنــ.اقها بحنو واجلــ.ستها مجاورة لها .
تحبها كثيراً منذ أن تركت منزل والدها وقررت العصــ.يان ورفض هذا المنصور وقد اتجهت لمنزل حمدى تظن أنها تحتمى بيه وظلت عنده ليومين أقامتهما في غرفة ريتان بعد أن قام سالم بتعنيفها ..
ولكن يبقى تجبره سائداً حيث أنه تركها هناك وبعد أن عادت مطمئنة ظناً منها أنه إقتنع فاجأها بحضور المأذون والشهود وإتمام الزو اج رغماً عنها … حاولت صفية التخفيف من على عاتقها بأنها تستطيع تغيير هذا الرجل … ولكن أيا صفية هل إستطعتى أنتِ تغيير هذا سالم قاسي القلب ؟ …
من بعدها وقد أصبحت سناء مقربة من ريتان وبرغم فارق السن بينهما إلا أن هذا لا يمنع تكوين صداقتهما .
بعد دقائق مالت سناء على ريتان قليلاً وأردفت بهــ.مس _
ريتان ممكن لو سمحتِ تطلعى تشوفي سليم وتقى ؟
أومأت ريتان ووقفت تتجه لوالدتها ثم إستأذنت منها وصعدت للأعلى لتطمئن على التوأم .
بعد قليل دخل ناصف الفيلا ينظر للوجوه التى إلتفتت إليه … دلف بينهم بملامح حزينة .
إتجه يتبادل السلام مع سالم الجواد وأولاده ووقف يستقبل عزاء أخيه .
لم يكن بداخل أي فرد من الموجودين مشاعر حزن حقيقية … كان السائد هو إدعاء الحزن … وهذا يرجع لقسوة منصور وظلمه لأهل بيته أولاً وللأقل شأنًا منه ثانياً … نعلم أن الطيبون يرحلون سريعاً ولكن الله بحكمته إذا أراد أن يقضي أمراً فإنه يقول له كن فيكون ولتنتهى رحلة هذا الز وج القاسي هنا …
بعد ساعات قليلة أنتهى العزاء وغادر الجميع إلا العائلة وأُسرة حمدى الذى أمره سالم بالانتظار حتى يوصله .
إتجه ناصف إلى داخل الفيلا ليرى توأم شقيقه … رأته سناء التى تجلس مجاورة لزوجة أبيها وإبنة عمها وجميلة .
إتجه يمد يده مردفاً بهدوء _
أزيك يا سناء … البقاء لله .
أومأت له بملامح مجهدة تردف بترحاب _
الحمد لله يا ناصف … جيت امتى ؟
أردف بتنهيدة وهو يبحث بعيناه _
وصلت من كام ساعة وجيت على برا … سليم وتقى فين ؟
أشارت له بهدوء _
فوق في أوضتهم … تعالى وانا أخدك عندهم .
أومأ بصمت وصعد برفقتها … يعلم أنها عانت كثيراً مع شقيقه المتوفي … يعلم أنه كان يعــ.نفها ودائماً كان ينصحه بأن لا يفعل ولكن يبقى سوء تربية أبويهما لهما هو المسيطر على أطباع شقيقه … يعلم أنهما لم يجدا حياة هادئة هنا لذلك قرر ناصف ترك عائلته وممتلكاتها والسفر خارجاً إلى فرنسا كي يعيش بعيداً عن التوتر النفسي الذى عانا منه في صغرهما .
في الأعلى كانت ريتان تجلس مع الصغار تقرأ لهما قصة كرتونية ويستمعان إليها بإنتباه .
فتح الباب وولجت سناء وخلفها ناصف ولكنها توقفت تردف بأسف عندما لاحظت تصنم ريتان _
ريتان انا أسفة أنا نسيت إنك هنا ..
وقفت ريتان بخجل من وسط الصغيرين البالغيْن من العمر ٤ سنوات وأردفت قائلة بتروى _
لاء أبداً مافيش حاجه أنا كنت بقرأ قصص كرتون لسليم وتقى … أتفضلوا وأنا همشي لأنى إتأخرت أكيد ماما بتستنانى .
تعلقا فيها الصغار وأردفت تقى بطفولة _
لا متمشيش كمللنا القصة بليييز .
نظرت سناء لتوأمها وكذلك ناصف الذى يتابع بتمعن ثم أردفت _
سيبي مس ريتان تروّح دلوقتى يا تقى لأنها اتأخرت وتعالى سلمى على عمو ناصف … يالا يا سليم .
خطى ناصف إليهما ودنى يقــ.بلهما واندمجا معه التوأم بينما تقدمت سناء من ريتان وأردفت _
شكراً يا ريتا … وأسفة أخرتك … عمو حمدى راح يوصل بابا وطنط حياة تحت … أنا هقول لحمزة يوصلكم .
نبض قلبها بعــ.نف فرحاً من ما سمعته ولكنها أردفت بهدوء ظاهرى وعيــ.ون لامعة _
مافيش أي شكر … عن إذنكوا .
غادرت واستأذنت سناء من ناصف ونزلت معها بينما هو تابعها بعــ.ينه إلى أن رحلت ثم جلس يتحدث مع توأم شقيقه .
نزلتا للأسفل ووقفت جميلة تستعد للمغادرة بعد أن ودعت سناء التى خرجت معهما إلى الحديقة تنادى على حمزة الذى كان يقف مع مراد وفريد شقيقيه وأردفت _
حمزة ! … ممكن لو سمحت توصل طنط جميلة وريتان ؟
لا يعلم ما تلك الفرحة التى أصابته بينما ضحك فريد بخبث ساخراً من أفعال شقيقته
أتطلب من أخيها أن يوصل أسرة سائقهم ؟
أما حمزة فتفكيره الآن مختلف يشعر بالراحة تتــ.وغله لا يعلم سببها لذلك أردف بهدوء _
تمام اتفضلوا .
شكرتها جميلة واتجهتا إلى سيارة حمزة الذى إلتفت ينظر لفريد مردفاً:
– فريد ابقى وصل ماما وشيرين على الفيلا .
أما مراد فقد حُرم من القيادة بسبب سرعته الزائدة لذلك سحب والده سيارته منه .
صعدتا السيارة واستقل هو مكانه وقاد بهما إلى منزلهما .
في الطريق تحدثت جميلة مردفة بحنو:
-متشكرين يا إبنى تعبناك معانا … أنا قولت لسناء هانم مالوش لزوم كنا وقفنا أي تاكسي .
تحمحم حمزة ونظر في المرآة الأمامية فالتقت عيــ.ناه بعــ.ين ريتان التى تسارعت نبضاتها كأنها تركض أميال دون توقف ولفت نظرها سريعاً عنه بينما هو أردف متلعثماً _
لا أبداً يا خالة جميلة حضرتك زى والدتى … وبعدين الوقت اتأخر وصعب تلاقي مواصلة دلوقتى
إبتسمت جميلة لكلامه وأسلوبه قائلة _
تسلم يابنى ربنا يعزك .
بينما ريتان كانت تبنى قصورها الهاوية بعد كل كلمة يقولها معتقدة أنها تقترب رويداً رويداً من تحقيق حلمها .
قاد بصمت ثم أردف بترقب بعد أن حسه عقله على طرح سؤال قائلاً _
إيه يا ريتان … جاهزة للإمتحانات ؟ … أنا مراهن فريد عليكي .
قالها بنبرة مازحة ولكن بداخله كان يود سماع صوتها الذى لم يسمعه قط .
تسارعت نبضاتها مجدداً بعد أن هدأت لتوها …
أردفت بحماس ونبرة ناعمة وواثقة _
أطمن أكيد زى كل مرة إن شاء الله .
سحب شهيقاً قوياً وأومأ يردف بثقة لا يعلم من أين حصل عليها:
– أنا متأكد من ده .
أكمل قيادته إلى أن أوصلهما أمام منزلهما وانتظر حتى أن صعدتا وغادر بعدها متعجباً من تلك الحالة التى أصابته بعد أن تشبع قليلاً من رؤيتها ولكن ما زال ينكر ويؤكد لنفسه أن حالته تلك ليس حباً أنما اعجاباً بشخصيتها الغريبة وشموخها الظاهر للجميع .
❈-❈-❈
بعد يومين في فيلا شوقي أبو الدهب .
تنزل مها من أعلى الدرج ترتدى خفاً ذو كعب عالياً وتخطى بغرور متجهة إلى والديها حيث وقف شوقي يستقبلها مردفاً بفخر :
-صباح الورد يا قلب بابي … تعالى يا حبيبتى علشان تفتطرى .
إتجهت تقبل وجنته وأبتسمت له تردف بتعالى:
-بتضحك عليا يا بابي ؟ … فين الحفلة اللى وعدتنى بيها أول ما أنزل ؟
كاد أن يجيبها ولكن تحدثت سعاد بغرور:
-بابي أجلها يا مها علشان حالة الوفاة اللى حصلت عند سالم الجواد … بس أنا شايفة إن مالوش لزوم أبداً … أنا مش شايفة أصلاً حد زعلان على موت منصور … محدش كان بيطيقه أصلاً .
جلست مها على مقعدها تتناول التوست ثم أردفت بجمود:
-بس فلوسه كانت مغطية على أي عيوب فيه … وأكيد سناء من بعده هتعيش في مستوى أجتماعى ممتاز … يعنى المفروض تدعيله .
أردف شوقي وهو يرتشف قهوته:
-فعلاً معاكى حق يا مها … والأكيد إن ناصف هيستلم الشركة بعده … بس محدش عارف بقى الصفقات المشبوهة اللى كانت بتم نظامها إيه بعد موته .
تعجبت مها وتسائلت:
-معقوول ؟ … هو كان ليه في كدة يا بابي ؟ .
ضحك شوقي ساخراً وأردف ببرود:
-ده هو اللى اخترع كدة … منصور شغله مع ناس خطر وأكيد لو ليهم عنده بضاعة مش هيسكتوا ..
أردفت بترقب:
-أيوة يا بابي بس ناصف مالوش في الشغل ده … مش هيوافق
اردف شوقي بلا مبالاه
– مش عارف … بس هو عارف كويس الناس دي تقدر تعمل إيه … لو فعلاً فيه صفقات لسة متمتش يبقى مافيش مفر غير إنه يقبل يكمل اللى منصور بدأهُ … بس ياريت يبقى ذكى زي أخوه وميكشفش نفسه .
أومأت تتناول طعامها بشرود بينما إسترسل شوقي بترقب:
-المهم دلوقتى سيبك من كل الكلام ده وركزى مع حمزة الجواد … أنا عايز حمزة أبن سالم يكون هو جــ.وز بنتى الوحيدة علشان أبقى مطمن عليها .
تعجبت من حديث والدها وأردفت:
-يا سلام ؟ … اشمعنا يعنى يا بابي ؟ … فيه إيه مميز يعنى حمزة ده … أفرض إنى مش هحبه ولا هطيقه ؟
أردفت سعاد بتعالى ساخرة _
فلوسه هتغطى على عيوبه … مش ده كلامك يا مها ؟ … وبعدين حمزة شاب من النوع الهادى والملتزم … بس هو بردو إبن سالم الجواد … يعنى أكيد وارث منه أطباع … وأظن مش هيلاقي لا أجمل ولا أحسن منك يرتبط بيها .
نظرت لهما باستنكار وأردفت ساخرة _
ده عريس لقطة بقى … طيب خليني أشوفه وأقيمه بنفسي .
نظر شوقي إليها يردف بثقة :
– هتشوفيه يا ماهى … هتشوفيه وهتحبيه جداً … أصله كاريزما وشكله جذاب ومن النوع المفضل عندك .
ضحكت على حديث والدها تردف بتعالى:
– سيبك من إبن سالم يا بابي وقولي أخبار الأسهم إيه ؟… أنا متحمسة أبدأ المشاريع اللى بخططلها من فترة ..
أومأ شوقى يردف بتروى:
– قريب يا حبيبة بابي … بس حاليا ركزى مع حمزة … وأسمعى هقولك إيه .
صب نظره عليها وتطلعت هى عليه بتركيز فتابع:
-إنتِ بنتى الوحيدة يا مها … صحيح أنا بحبك جداً وبعملك كل اللى إنتِ عايزاه أنا ومامتك بس لازم بردو أدور على مصلحتك ومستقبلك … وحاولى تتنازلى شوية عن أفكار الغرب اللى أثرت عليكي دي … حمزة راجل مصري صعيدي … فهمانى ؟ .
نظرت له سعاد بحدة وأردفت:
– إيه الكلام ده يا شوقي … إنت عايزها تتخلى عن كيانها وأحلامها علشان خاطر إبن صاحبك ؟.. لاء طبعاً مها لازم تثبت نفسها وتتباهى بإنها مها أبو الدهب .
نظر شوقي لسعاد بحنق وأردف:
– هدى اللعب يا سوسو شوية … البنت محتاجة نصيحة تمشي عليها مش كدة … أنا مش بقول تتنازل عن أحلامها … أنا بقول إن فيه أولويات في حياتها .
ردت مها وأردفت بتعالى:
– وأنا أولوياتى هو إسمى يا بابي … إسمى ومكانتى هما اللى هيخلوا الكل يعملى ألف حساب .
طالعتها سعاد بفخر بينما نظر لها شوقي بالقليل من القلق
❈-❈-❈
في شركة السوهاجى
يجلس ناصف خلف مكتب شقيقه وأمامه المحامى الخاص به يتحدث بترقب قائلاً _
مينفعش حضرتك تسافر وتسيب كل ده ؟ … حضرتك لازم تنفذ وصية منصور بيه وتتولى منصبه … سفرك حالياً يعنى إنهيار الشركة اللى هو ووالدك عاشوا عمرهم يبنوها .
أردف ناصف بحدة _
أنا مش هعرف أمشّى الشغل زى منصور ولا عايز أفضل هنا … إنت ليه مش قادر تفهم ؟ … شوف حد يتعين ويدير الشركة مكانى … أنا أسست حياتى برا وصعب اكمل هنا .
أردف المحامى بهدوء محاولاً إقناعه _
يا ناصف بيه أخوك الله يرحمه ليه أعداء كتير وأولاده محتاجين لك ده غير إن مش معقول هتسيب أسهم بالملايين في إيدين ناس غريبة ..
زفر ناصف بضيق وصمت لدقائق يفكر ثم أردف بتساؤل وقلق _
والشغل اياه ؟ … إيه أخباره … أنا مش عايز رجلي تيجي مع الجماعة دول خالص .
أومأ المحامى يردف بإطمئنان كاذب _
إطمن يا ناصف بيه … من حسن الحظ إن منصور بيه مخلص معاهم قبل وفاته .
تنهد بإرتياح ثم أشار للمحامى قائلاً _
اطلع إنت وانا هفكر وابلغك قرارى الاخير .
غادر المحامى وترك ناصف يفكر في ما سيفعله وكيف سيتحمل المكوث مجدداً في مِصر … عليه إن يهدأ ويفكر بتأنى … الأمر ليس هين والبقاء هنا ليس سهلاً أبداً ولكن ليفكر قليلاً في شركة عائلته وتوأم شقيقه
❈-❈-❈
بعد أسبوع في فيلا سالم يجلس على مائدة الإفطار يتناول فطوره مع أُسرته ثم أردف بترقب وجمود :
-الكل يعمل حسابه إننا النهاردة هنعمل زيارة لشوقي علشان رجوع بنته مها من فرنسا … كانت المفروض الزيارة دى تتم من أسبوع فات بس أجلتها بسبب وفاة منصور … أجهزوا كلكوا على الساعة ٧ هنمشي .
تحمحم حمزة ونظر لوالده يردف بإحترام:
-بعد أذنك يا بابا إعفيني أنا من الزيارة دي … أنا عندى شغل كتير جداً النهاردة في الشركة … ويمكن أسهر لوقت متأخر .
وقف سالم على حاله يطالعه بجمود ويردف بنبرة صارمة دالة على عدم قبوله أي عذر:
-وأنا المدير العام وبقولك الشغل يتأجل … ولازم إنت بالذات تكون موجود … فاهم ؟
نظر حمزة للجميع بصمت وحزن داخلى على معاملة والده القاسية والتقليل من شأنه دائماً إن حاول أخذ قرار …
وقف حمزة ولأول مرة يعترض قائلاً:
-يا بابا لو سمحت متضغطش عليا … أنا مش حابب الزيارة دى … ولو جيت مش هكون مرتاح .
طالعه سالم بعمق وقد فهم أنه بدأ يفيض فتنهد وأردف بمكر ودهاء:
-أسمعنى يا حمزة … علشان تبقى راجل أعمال ناجح لازم تعرف تساير أمورك كويس … شوقي ابو الدهب ليه أسمه وأنا مخلتهوش شريك ليا بالساهل … وأنا كل ما أملك ليك ولأخواتك من بعدى … فلو مش هتقدر تحافظ على اللى بنيته وتكبره بذكائك يبقى الأفضل تتنحى على جنب وأخواتك يقوموا بدورك .
أسرعت والدته تردف بقلق وهى تطالع إبنها بترجى من فهمها مغزى حديث زوجها:
-أسمع كلام باباك يا حمزة هو عايز مصلحتك … وبعدين يا حبيبي دى زيارة بسيطة وتعارف مش أكتر … لو ليا خاطرعندك ؟
زفر يشعر بالإختناق وأردف:
– أفهم بس لزمته إيه وجودى يا ماما ؟ … أعتذرولهم نيابة عنى … حضورى مالوش أي داعي .
أردف سالم بمكر:
– فكر في مصلحة العيلة يا حمزة … إنت ذكى وفاهم كويس إن وجودك مهم معانا … إنت مش أنانى … فكر في مصلحة الكل .
نظر لوالده بقوة وفهم عليه جيداً … استسلم كعادته لحديثه وغلبته نظرة والدته فتنهد يردف بقبول:
-تمام … تمام يا بابا اللى تشوفه ..
أتجه سالم ووضع كفه على كتفه يطالعه بعيون حادة مردفاً بمغزى أمام أولاده جميعهم _
المستوى الإجتماعى اللى إنت عايش فيه هو اللى بيخلى الكل يعملك ألف حساب … الضعيف والفقير محدش بيتعامل معاهم … الناس بتحب تكسب رضا القوى دايماً لأن وراه مصالحهم … أوعى تخلى عواطفك تغلبك … وقتها صدقنى هتقع وكل اللى بنيته هينهار فوق راسك … فكر كويس في كلامى يا حمزة وهتلاقي إن معايا حق .
ربت عدة مرات على كتفه وابتعد بعدها يتجه للخارج ووقف مراد يتبعه بصمت وحزن على حالة شقيقه المشتت بينما وقفت والدته تتجه اليه مردفة بحنو _
متزعلش باباك يا حمزة … أنت عارف انه بيحبك جداً وعايز مصلحتك يا حبيبي … ولا أنت بتفكر في حاجة تانية ؟
شرد قليلاً يفكر في هذه الحياة الصارمة التى لا يستطيع أن يختار فيها ما يريده كوناً لأنه الإبن الأكبر المطيع .
عادت صفية تسأله بقلق وحنو:
– حمزة ؟ … طمنى يا حبيبى ؟
دنى يقــ.بل كفها بحنو ثم اعتدل وأردف بهدوء _
متقلقيش يا ماما أنا كويس … عن اذنك .
التفت يغادر وأستعد فريد للذهاب إلى الجامعة حيث بدأت الامتحانات .
خرج حمزة وجد حمدى بدأ ينطلق بسيارة والده خارج حدود القصر فأتت أبنته على مخيلته واندمجت صورتها مع حديث والده عن العواطف والطبقات الإجتماعية فتنهد واستقل سيارته وغادر إلى وجهته بعقلٍ شارد .
 

google-playkhamsatmostaqltradent