رواية الملعونة الفصل الرابع 4 - بقلم هنا عادل
فى الوقت ده كنت حسيت ان كل اعصابي انهارت، معقول يكون خالد وكريم اصحاب؟ معقول كريم يعرف اني كلمت خالد من وراه؟ معقول اكون ورطت نفسي ورطة مش هتخلص غير بمصيبة، ومصيبة مش هطلع منها سليمة ابدا بالعكس مصيبة ممكن اعيش بيها عمري كله، كنت فاقدة النطق بسبب تفكيري فى كل حاجة، ده كريم من غير ما اخونه ولا اعرف حد فى الدنيا غيره مطلع عيني، اومال بقى لو عرف اني كلمت خالد ايه اللى هيحصل؟ طلعني خالد من تفكيري بضحكة غريبة وهو بيقولي:
– مالك يابنتي خوفتي ليه؟
رديت عليه وانا بحاول مبينش الرعب اللى جوايا:
– ازاي يعني هيكون معاك؟ انت تعرفه منين؟ عايزة اعرف كل حاجة.
خالد:
– بسهولة كده؟! لالا ده موضوع كبير، مش هينفع فى التليفون، لما نتقابل احكيلك.
اتوترت وبرغم اني من دقايق كنت انا اللى بطلب منه اشوفه، فى اللحظة دي رجعت فى كلامي، طبعا انا اعرف منين اني لو قررت اقابله انه ميقولش لكريم على انه هيشوفني؟ ايه بقى المصيبة اللى حطيت نفسي فيها دي؟ ما انا كنت مكتومة وعايشة، اتكلم خالد وقطع سكوتي:
– متخافيش، انا اه تليفوني بيسجل المكالمات، بس اكيد يعني مش هخلي حد يسمعنا..ههههههه.
اتفزعت وقولتله:
– بتسجل؟! انت مسجل كلامنا ده؟
رد وقاللي:
– لالا متفهميش غلط، مش كلامك بالذات، انا بسجل كل المكالمات، بس متخافيش لو فعلا خلتيني اقابلك محدش خالص هيعرف انك قابلتيني.
كنت هموت من الخوف:
– ليه يا خالد كده؟ ده انا بكلمك علشان حسيت ان انت البني ادم الوحيد اللى ممكن اطمن وانا بتكلم معاه، انت بتساومني لمجرد اني اتصلت بيك؟
خالد:
– ليه بتسميها مساومة؟ انا مقولتش حاجة، انا بقولك مش هينفع افهمك حاجة فى التليفون، نتقابل واحكيلك، وموضوع المكالمات ده مفيش خوف…
قاطعته:
– بس انا مش هينفع انزل من البيت، انا مينفعش اقابلك اصلا، انا بس قولت كده لأني حسيت اني عايزة احس بنفسي لسه بقدر اخد قرارات، لكن انا ولا بنزل من البيت ولا ينفع اقابلك حد يشوفني معاك.
قاللي:
– خلاص فكري وهستنى منك رد اكيد، انا عايز اشوفك، وعندي كلام كتير جدا هيفرق معاكي لو عرفتيه.
قفلت الخط وانا دماغي بتلف، جيبت لنفسي حوار مكنتش نقصاه ابدا، لكن فى نفس الوقت هتجنن، الفضول كمان قاتلني، ابتديت ادخل على صفحة كريم وادور فى الاصدقاء عنده، بس هو للأسف قافل الاصدقاء ومش بقدر اشوف غير المشتركين بيني وبينه وبس، حتى فى اكونت خالد الاصدقاء هو خافيهم، كل الكومنتات مفيش فيها اسم كريم خالص ولا الاكونت بتاعه، دخلت على اكونت داليا مرات خالد اللى كانت هي كمان قافلة الاصدقاء، وقافلة طلبات الصداقة، دي حتى قافلة ان حد يقدر يعمل كومنت على بوستاتها غير الناس اللى عندها، مقدرتش اوصل لأي حاجة تريحني، كان ممكن اتصل بأى حد من اخواتي ولا امي اتكلم معاهم، لكن اسلوبهم وهجومهم عليا دايما هما سبب فى اني الجأ لخالد اصلا، حتى اهتمامهم بعيالي بسبب اهتمام كريم بيهم وبكل حاجة خاصة بيهم، هو بيساعدهم بكل الطرق وفى كل المواقف وعلشان كده بيردوا ده مع عيالي بغض النظر عن انهم بيحبوهم فعلا، لقيت نفسي بطلع رقم اسماء صاحبتي اللى من سنين طويلة ماليش علاقة بيها بسبب كريم برضو، معرفش ايه اللى خلاني افكر فيها بس الحقيقة هي اكتر حد فى الدنيا امين على الاسرار، مع اني بقالي كتير اوى مقاطعاها من غير سبب بس قولت هي الحل للموقف ده، هي تعرف خالد وممكن تفهم ايه الحكاية وتعرف ايه اللى ناويلي عليه؟ بس للأسف اتصدمت لما لقيت الرقم مش موجود فى الخدمة اصلا، طبيعي انا بقالي سنين معرفش عنها حاجة، حتى الصفحة بتاعتها مش عارفة الاقيها، فى الوقت ده قولت:
– محدش هيطلعك من الورطة دي غير نفسك، وقعتي نفسك قومي بقى لواحدك يا شاطرة.
طبعا كريم معرفش عنه حاجة ولا قاللي هيكون فين ولا اقدر اتصل بيه، وقاعدة لواحدي بكلم نفسي:
– ازاي وصلت للمرحلة دي؟ ازاي حتى مش لاقية حد اتكلم معاه؟
مش لاقية اي رد ارده على نفسي، ابتديت ادور فى حاجات كريم كلها، قولت:
– اكيد هلاقي حاجة اعرف بيها هو ايه حياته برة.
لكن للاسف ولا الهوا، حاجته الشخصية اللى انا متعودة على وجودها، اليوم ده فات عليا من اطول الايام اللى عيشتها مع كريم، قاعدة فى البيت بفكر المفروض اتصرف ازاي؟ اقابل خالد؟ ولا احكي لكريم؟ ولا اطنش كل اللى اتقال واتعامل وكأني لا اتكلمت ولا حصل اللى حصل ده؟ على الحال ده اليوم كله، اسأل نفسي وملاقيش اجابات، لحد ما رجع كريم متأخر من برة ولقاني قاعدة فى الانتريه قدام التليفزيون:
– انتي لسه صاحية؟
كنت سرحانة شوية فكرر سؤاله تاني:
– وقعتي على ودانك ولا ايه؟ بقولك متخمدتيش ليه؟
مش عارفة ايه اللى حصل فيا فى الوقت ده، لقيت نفسي قومت من مكاني وقربت وقفت قصاده بالظبط وقولتله بثقة اول مرة من سنين احس بيها على عكس الخوف اللى جوايا:
– اصحى براحتي وانام براحتي ده اولا، وثانيا بقى انت اللى تتخمد ومتقومش تاني من خمدتك علشان ارتاح وكل اللى انت قارفهم فى عيشتهم يرتاحوا من قرفك.
كنت بقول كده وقلبي هيطلع من مكانه من التوتر، لكن هو كان واقف فاتح عنيه على اخرها وكأنه مش مستوعب اللى بقوله، واللى اكدلي ده لما قاللي بذهول:
– هيام، هو انتي بتقولي ايه؟
رديت بمنتهى الثقة الكدابة وقولتله:
– اللى سمعته، ولا انت وقعت على ودانك؟ بقولك ايه انا مش رايقالك، عايز تتخمد انت اتخمد مش عايز يبقى نقطني بسكوتك بقى علشان دماغي وجعاني.
من غير تفكير ولا رد منه لقيته بيرفع ايديا وهينزل بيها على وشي، لكن مش عارفة الجرأة دي جاتلي منين خلتني مسكت ايديه وقولتله بتحذير:
– لو ايديك اترفعت عليا تاني هولع فى البيت باللي فيه، بيا وبعيالك وانت فيه كمان، واهي خربانة خربانة بقى.
نظرة الصدمة والذهول اللى فى عنيه اول مرة اشوفهم حرفيا، انا مش عارفة هدفي من اللى بعمله فى الوقت ده لكن رد فعلي هو اللي كان مفاجئني فعلا، لقيته سابني واتحرك من قدامي بعد ما سحب ايديه من ايديا بهدوء ودخل على الاوضة غير هدومه ونام، مشوفتش وشه تاني ولا سمعت منه كلمة تانية الليلة دي لحد ما طلع النهار، كنت صاحية لاني معرفتش انام بسبب التفكير فى خالد والحوار اللى حصل، صحي كريم واستغرب اني مش نايمة فى مكاني، دخل بص عليا لقاني قاعدة على الكنبة، بصيت ناحيته ولفيت وشي، سمعته لأول مرة بيقولي من فترة طويلة اوي:
– صباح الخير يا هيومة.
برقت ومن جوايا اتخضيت، بصيتله ولفيت وشي تاني وفهمت نفسي اني اكيد بيتهيألي، لكن اللى اكدلي اللى سمعته لما لقيته دخل قعد جنبي على حرف الكنبة وقاللي:
– انا اسف لو كنت همد ايدي عليكي امبارح، ماتزعليش مني.
قلبي كان هيخرج من صدري، هو انا اتهبلت ولا ايه؟ باين عليه من اللى بيعمله فيا اتجننت، لقيته مسك ايدي وباسها وقاللي:
– هعمل قهوة علشان افوق، اعملك معايا؟
هزيت رأسي بالموافقة انا فعلا هموت وافوق، سابني ودخل يعمل القهوة بعد ما باس ايدي مرة تانية، كنت هتجنن، ايه اللى بيعمله ده؟ معقول يكون ناويلي على مصيبة؟ اصل مش معقول يكون صوتي العالي ووقوفي فى وشه امبارح يخليه يعمل معايا كده دلوقتي! كنت من العبط متخيلة انه هيحطلي سم فى القهوة مثلا، تخاريف بقى، ماهو مش ممكن يعديلي اللي عملته ده ويتعامل بالهدوء ده من غير رد فعل، فضلت افكر ونسيت حوار خالد مؤقتا وقطع تفكيري عموما دخوله وهو شايل كوبايتين القهوة وجايب معاهم بسكوت وبيقولي:
– كلي طيب باكو البسكوت ده علشان متشربيش القهوة على الريق.
فضلت ساكته، وخدت منه البسكوت، وانا متأكدة ان اكيد فيه حاجة فى القهوة هيموتني بيها، لكن اللى خيب ظني لما داق من كوبايتين القهوة علشان يعرف بتاعته من بتاعتي، بعد ما داقهم مد ايديه بكوبايتي وقاللي:
– اهي ياستي المظبوطة، مش عارف انا ازاي بنوتة حلوة كده تشرب القهوة بأى طريقة غير السادة، هي مُرة اصلا المفروض تشربيها زيادة.
بنوتة حلوة!!!!!!!!! بصيتله وانا باخد منه الكوباية واتكلمت بحدة خوفا من اني ابقى ضعيفة قدامه من تاني فيستقوى عليا، مع اني كنت متوقعة منه ده من غير ضعف او قوة:
– مبحبش السكر الكتير، مزاج.
ضحك وقاللي:
– حبيبتي مزاجها عالي، هقوم انا اغير هدومي علشان انزل، ومتعمليش غدا انا عازمك برة، وخلي الولاد عند طنط بقى النهاردة.
هزيت رأسي بالموافقة وانا من جوايا قلبي طالع نازل زى الاسانسير، غير هدومه وجه باس راسي وايدي ونزل بعد ما قاللي:
– هعملك مفاجأة حلوة جدا، استعدي بقى ونامي شوية علشان تكوني فايقالي.
قفل الباب وراه وانا ايدي بقيت بترتعش من غير مقدمات، اعصابي سايبة وانا بفكر فى مليون احتمال، اصل مستحيل فى لحظة يتحول بالشكل ده، مصيبة سودة احسن يكون خالد قاله حاجة، لكن لاء…هو اصلا كان راجع من برة زى عوايده لكن مهداش ولا اتكتم غير لما انا هبيت فيه، وصحى من النوم بالرقة والهدوء الغريب اللى يخوف ده، ياترى ناويلي على ايه؟ ومفاجأة ايه؟ وانا بفكر رن تليفوني برسالة، فتحتها لقيت كريم باعت يقولي:
– جهزي هدوم مدلعة كده فى شنطة صغننة، هخليكي تفصلي خالص لمدرة يومين….وحشتيني، بحبك.
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية الملعونة) اسم الرواية